المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التورقُ كما تجريهِ بعضُ المصارفِ في الوقتِ الحاضرِ



سموالأخلاق
05-03-2005, 03:57 AM
التورقُ كما تجريهِ بعضُ المصارفِ في الوقتِ الحاضرِ


الحمدُ للهِ وبعدُ ؛

خبر نشر في جريدةِ " الرياض " بتاريخِ الخميس 24 شوال 1424 هـ - العدد 12963 - السنة 39 ،وعنوانُ المقالِ :

المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي يدعو رجال الفقه والقانون والسياسة في العالم للاتفاق على تعريف محدد للإرهاب

وقد أخذ القرارُ عن الإرهابِ نصيب الأسد ، من تلك الدورةِ .

ومن ضمن القراراتِ المهمةِ للمجمعِ الفقهي الإسلامي في تلك الدورةِ ، والتي لم تكنْ بذاتِ أهميةٍ بسبب أن القرارَ الذي أخذ نصيباً كبيراً هو ما سبق والمتعلق بـ " الإرهاب " ، قرارٌ يهمُ شريحة كبيرة من الناسِ ممن لهم اهتمامٌ بالتعاملِ مع المصارفِ في مسألةِ " التورق " ، وعنوانُ القرارِ :

التورقُ كما تجريهِ بعضُ المصارفِ في الوقتِ الحاضرِ

والمقصودُ بالمصارفِ هي التي فتحت فرعاً إسلامياً داخل البنكِ الربوي ، فيدخلُ الداخل إلى البنكِ الربوي والإسلامي من بابٍ واحدٍ ، كما تصبُ اموالُ الربوي والإسلامي لذلك البنكِ في خزينةٍ واحدةٍ .

وقد انتشرت في هذه المصارفِ معاملةٌ يطلقُ عليها " التورق " ، وهي أيضاً يطلقُ عليها " التورق المصرفي " ، وفرقٌ بين " التورق " الفقهي الذي أجازه جمهورُ أهلِ العلمِ ، وبين " التورق المصرفي " الذي أشار إليه قرارُ المجمعِ الفقهي الإسلامي .

والفرقُ بين التورقِ الفقهي الجائزِ والتورقِ المصرفي أن التورقَ الفقهي يحققُ حاجةَ السيولةِ النقديةِ للمتورقِ ، وهي حاجةٌ جائزةٌ كما ذهب لذلك الأغلبية ، ولكن البنك في التورق المصرفي إنما يدخل في تيسيير عملية التورق فقط بحاجة تنمية أمواله فهو يريد أن يحقق عوائد على رأسماله وشراؤه للسلعة نقدا لكي يبيعها بالأجلِ .

إن البنكَ في عملياتِ المرابحةِ إنما يحققُ مقصداً شرعياً مقبولاً وهو التيسيرُ على العملاءِ للحصولِ على السلعِ التي لا يستطيعون دفع ثمنها نقدا ، فيشتريها ويبيعها لهم بالمرابحةِ ويحققِ أرباحاً مشروعةً من هذا التداول المفيد للسلع ، أما مقصدُ البنكِ في عملياتِ التورقِ فهو ليس التوسط الاستثماري لمساعدةِ العملاءِ في الحصولِ على السلعِ وإنما مقصدهُ الأساسي هو توفيرُ السيولةُ النقديةُ لهم وتحقيقُ المكاسبِ من خلالِ ذلك، فشتان بين هذا المقصد وذاك. عميل البنك المشتري بالمرابحة من حقه أن يبيع السلعة إذا احتاج للنقد، وهذا هو التورق الفقهي أو الفردي المشروع، أما أن يتدخل البنك ليتاجر بحاجة الناس للسيولة ويحقق عوائد له عبر آليات شكلية وهمية فهذا هو الذي يكون محل نظر .

وقد أصدر المجمعُ الفقهي الإسلامي قراراً سابقاً بجوازِ بيعِ التورقِ ونصه :

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لانبي بعده ، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه ، أما بعد :

فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الخامسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة التي بدأت يوم السبت 11 رجب 1419 هـ الموافق 31 /10 / 1998 م قد نظر في موضوع حكم بيع التورُّق .

وبعد التداول والمناقشة ، والرجوع إلى الأدلة ، والقواعد الشرعية ، وكلام العلماء في هذه المسألة قرر المجلس مايأتي :

أولاً : أن بيع التورُّق : هو شراء سلعة في حوزة البائع وملكه، بثمن مؤجل ، ثم يبيعها المشتري بنقد لغير البائع ، للحصول على النقد ( الورق ) .

ثــانــياً : أن بيع التورق هذا جائز شرعاً ، وبه قال جمهور العلماء ، لأن الأصل في البيوع الإباحة ، لقول الله تعالى : " وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا " [ البقرة : 275 ] ولم يظهر في هذا البيع رباً لاقصداً ولا صورة ، ولأن الحاجة داعية إلى ذلك لقضاء دين ، أو زواج أو غيرهما .

ثــالثــاً : جواز هذا البيع مشروط، بأن لايبيع المشتري السلعة بثمن أقل مما اشتراها به على بائعها الأول ، لا مبارشة ولا بالواسطة ، فإن فعل فقد وقعا في بيع العينة ، المحرم شرعاً ، لاشتماله على حيلة الربا فصار عقداً محرماً .

رابــعاً : إن المجلس : - وهو يقرر ذلك - يوصي المسلمين بالعمل بما شرعه الله سبحانه لعباده من القرض الحسن من طيب أموالهم ، طيبة به نفوسهم ، ابتغاء مرضاة الله ، لايتبعه منّ ولا أذى وهو من أجل أنواع الإنفاق في سبيل الله تعالى، لما فيه من التعاون والتعاطف ، والتراحم بين المسلمين ، وتفريج كرباتهم ، وسد حاجاتهم ، وإنقاذهم من الإثقال بالديون ، والوقوع في المعاملات المحرمة ، وأن النصوص الشرعية في ثواب الإقراض الحسن ، والحث عليه كثيرة لاتخفى كما يتعين على المستقرض التحلي بالوفاء ، وحسن القضاء وعدم المماطلة .

وصلى الله على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه سلم تسليماً كثيراً ، والحمد لله رب العالمين .

ثم جاء القرارُ الجديدُ من المجمعِ الفقهي الإسلامي ليس ناسخاً للقرارِ السابقِ ، وإنما تحذيراً وتنبيهاً للمصارفِ من استغلالِ هذه المعاملةِ في غيرِ وجهها الشرعي ، ونصُ القرارِ ما يلي :

القرار الثاني بشأن موضوع :

التورق كما تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه . أما بعد :

فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته السابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة ، في المدة من 19-23 / 10 / 1424 هـ الذي يوافقه 13-17 / 12 / 2003 م ، قد نظر في موضوع :

( التورق كما تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر )

وبعد الاستماع إلى الأبحاث المقدمة حول الموضوع ، والمناقشات التي دارت حوله ، تبين للمجلس أن التورق الذي تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر هو :

قيام المصرف بعمل نمطي يتم فيه ترتيب بيع سلعة ( ليست من الذهب أو الفضة ) من أسواق السلع العالمية أو غيرها ، على المستورق بثمن آجل ، على ان يلتزم المصرف - إما بشرط في العقد أو بحكم العرف والعادة - بأن ينوب عنه في بيعها على مشتر آخر بثمن حاضر ، وتسليم ثمنها للمستورق .

وبعد النظر والدراسة، قرر مجلس المجمع ما يلي :

أولاً : عدم جواز التورق الذي سبق توصيفه في التمهيد للأمور الآتية :

1 ) أن التزام البائع في عقد التورق بالوكالة في بيع السلعة لمشتر آخر أو ترتيب من يشترطها يجعلها شبيهة بالعينة الممنوعة شرعاً، سواء أكان الالتزام مشروطاً صراحة أم بحكم العرف والعادة المتبعة .

2 ) أن هذه المعاملة تؤدي في كثير من الحالات إلى الإخلال بشروط القبض الشرعي اللازم لصحة المعاملة.

3 ) أن واقع هذه المعاملة يقوم على منح تمويل نقدي بزيادة لما سمي بالمستورق فيها من المصرف في معاملات البيع والشراء التي تجري منه والتي هي صورية في معظم أحوالها، هدف البنك من اجرائها أن تعود عليه بزيادة على ما قدم من تمويل.. وهذه المعاملة غير التورق الحقيقي المعروف عند الفقهاء ، وقد سبق للمجمع في دورته الخامسة عشرة أن قال بجوازه بمعاملات حقيقية وشروط محددة بينها قراره.. وذلك لما بينهما من فروق عديدة فصلت القول فيها البحوث المقدمة.. فالتورق الحقيقي يقوم على شراء حقيقي لسلعة بثمن آجل تدخل في ملك المشتري ويقبضها قبضاً حقيقياً وتقع في ضمانه ، ثم يقوم ببيعها هو بثمن حال لحاجته إليه ، قد يتمكن من الحصول عليه وقد لا يتمكن ، والفرق بين الثمنين الآجل والحال لا يدخل في ملك المصرف الذي طرأ على المعاملة لغرض تبرير الحصول على زيادة لما قدم من تمويل لهذا الشخص بمعاملات صورية في معظم أحوالها ، وهذا لا يتوافر في المعاملة المبينة التي تجريها بعض المصارف .

ثانياً : يوصي مجلس المجمع جميع المصارف بتجنب المعاملات المحرمة، امتثالاً لأمر الله تعالى .
كما أن المجلس إذ يقدر جهود المصارف الإسلامية في إنقاذ الأمة الإسلامية من بلوى الربا ، فإنه يوصي بأن تستخدم لذلك المعاملات الحقيقية المشروعة دون اللجوء إلى معاملات صورية تؤول إلى كونها تمويلاً محضاً بزيادة ترجع إلى الممول .

وأترككم مع تفصيلِ الشيخِ محمدِ صالح المنجد لقرارِ المجمعِ الفقهي بصوتهِ لإيضاحِ ما قد يشكلُ على البعضِ

http://liveislam.com/iqa/av/jummaah001/twrog/tawarog.rm

للتحميل : حفظٌ باسم

نسألُ اللهَ أن يكونَ في هذا التنبيهِ الكفايةُ لمن كان لهُ قلبٌ .




تحيــــاتي
نــــواف