أبوتركي
11-04-2007, 09:32 PM
محمد الماضي لـ"الرياض" : خطة 2020تستهدف مضاعفة معدلات النمو والإيرادات بتطبيق مبدأ التفكير الاستراتيجي والبحث عن منتجات جديدة
خلال 30عاما حققت شركة سابك انجازات تاريخية تعد علامة مضيئة في تاريخ التنمية الصناعية السعودية ولعبت منتجاتها دورا مهما في تنمية قطاعات عريضة من الصناعات في مختلف أنحاء العام وتصنف حاليا ضمن اكبر عشر شركات بتروكيماوية عالمية وتجاوزت أرباحها الصافية خلال العام الماضي 20مليار ريال وهو رقم قياسي لم يسبق تسجيله.
انجازاتها تسابق الزمن وتعمل وفق معدلات إنتاج مستهدفة يعمل عليها أكثر من 19ألف موظف وهو عدد موظفيها حول العالم وتخطط حاليا لاحتلال المركز الثاني في قائمة اكبر الشركات العالمية المنتجة للبولي اوليفينات بحلول 2015فيما تحتل في الوقت الحالي المركز الرابع في هذا المجال كما تصنف في المركزين الثالث والسادس في إنتاج البولي اثيلين والبولي بروبلين على التوالي.
ثروتها البشرية فرس رهانها على مواصلة الانجازات وتحقيق الطموحات وهي ثروة يقودها حاليا احد مهندسيها الذي ولد في صحراء الربع الخالي ونشأ في نجران وغرست فيه الحياة في بيئة الربع الخالي صفة الشجاعة التي ساهم بها مع زملائه في اقتحام سابك أسواق ما يزيد على مائة دولة باعت فيها أكثر من 38مليون طن من منتجاتها في العام الماضي.
محمد الماضي تدرج في السلم الوظيفي منذ أن كان موظفا بمرتب شهري يبلغ ثلاثة آلاف ريال إلى أن أصبح رئيسا تنفيذيا للشركة التي تجاوزت مبيعاتها 86مليار ريال خلال 2006م .
"الرياض" التقت بالمهندس محمد الماضي في مكتبه بالرياض وكان الحوار التالي:
النتائج القياسية
* في البداية نشير إلى النتائج القياسية للشركة في العام الماضي.. ونطرح التساؤل حول الأسباب التي أدت إلى تحقيق تلك الأرباح والأرقام القياسية؟
- الأسباب متعددة، لكن أهمها موثوقية مصانع شركة سابك فكثير من المصانع تجاوزت طاقتها الإنتاجية، وهو مؤشر على مدى الأمان التشغيلي المرتفع لدينا بكل المقاييس، وحصلت أكثر مصانعنا على شهادات عالمية في السلامة الصناعية والبيئية، أيضاً عامل الأسعار فمعظم المنتجات البتروكيماوية سجلت خلال العام الماضي أفضل الأسعار في تاريخ الشركة ولا ننسى الجهود التي بذلها موظفو الشركة سواء كانوا رجال المبيعات، أو رجال المصانع، أو العاملين في الإدارة، فكل أدى دوره بالصورة المخطط لها، وتضافرت هذه العوامل لتسجيل النتائج القياسية في العام الماضي .
الخطة التوسعية
* في الجمعية الأخيرة تطرقتم إلى الخطة التوسعية القادمة للشركة.. هل يمكن إلقاء الضوء على هذه الخطة؟
- خططنا الإستراتيجية لها هدفان: الأول مواصلة النمو، والآخر تنويع المنتجات، وطموحنا أن تكون شركة سابك في عام 2020م ضعف سابك الآن ولذلك تعتزم سابك إضافة منتجات جديدة تنتج لأول مرة هي المنتجات المتخصصة، وتمثل 15- 20% من الدخل المستهدف، ولذلك لن يكون اعتمادنا في المستقبل على المنتجات الأساسية والوسطية والبوليمرات والحديد والأسمدة فقط، بل سيكون أيضاً على المنتجات المتخصصة التي ادخلناها في البداية عن طريق مشروع كيان الذي يحتوي على مجموعة متنوعة من المنتجات المتخصصة الجديدة .
وبشكل عام فإن خطة 2020تستهدف الوصول إلى أعلى معدلات النمو خلال السنوات الثلاث عشرة القادمة من خلال مبدأ التفكير الاستراتيجي لتصبح شركة سابك الشركة العالمية الرائدة في مجال البتروكيماويات .
* عندما أعلنت المملكة دخولها إلى منظمة التجارة العالمية.. تبادر إلى الذهن أن سابك ستكون أول المستفيدين، فهل استفادت سابك بالفعل من هذا الانضمام حتى الآن؟
- سابك منذ أن بدأت أعمالها ركزت على أسلوب العمل في بيئات تنافسية، فهي تعمل بطريقة تجارية ولذلك لم يكن الانضمام إلى المنظمة ذا تأثير كبير على الشركة، فكما تعرف أن التعرفة الجمركية على مجمل المنتجات البتروكيماوية ليست عالية من الأصل، وانخفضت الآن إلى نسبة 5%، وهي قريبة جداً من التعرفة الأصلية، ولذلك فالتأثير من الناحية المالية لا يذكر أما من ناحية القضايا القانونية التي تثار على سابك من المنافسين فقد اختلف الوضع.. في السابق كان المنافسون يثيرون القضايا التجارية لأي سبب مستغلين صعوبة دفاعها عن نفسها كون المملكة ليست عضواً في المنظمة.. حالياً تغير الوضع وأصبح المنافسون يدركون ذلك، ومنذ دخولنا إلى المنظمة وحتى الآن لم ترفع علينا أي قضية تجارية، وجزء من هذا الأمر يعود إلى تحوطنا ضد هذه القضايا.. من الممكن أن يكون هناك استفادة مستقبلية عندما تبرم المملكة اتفاقيات ثنائية مع الدول الأوروبية كونها ستفيدنا في إيصال جميع منتجاتنا إلى القارة الأوروبية .
المنافسة مع أرامكو
* في الآونة الأخيرة أثير موضوع المنافسة مع شركة أرامكو في مجال البتروكيماويات بعد توقيعها اتفاقية مشاركة في الصين وقيل إن سابك تفرض شروطاً قاسية للمشاركة مع أرامكو.. ما تعليقكم على ذلك؟
- سابك عندما ترغب المشاركة، تجري دراسات مستفيضة لاستقصاء المشروع من جميع جوانبه ولديها معايير استثمارية لا تختلف كثيراً مع المطبق لدى الآخرين، على سبيل المثال أن تكون قيمة الاستثمار معقولة من حيث التقنية الإنتاجية وتوفرها في الأسواق ومدى انتشارها والطلب عليها.. وتعاملنا مع أرامكو جيد، وطموحنا أن نكون معاً يداً واحدة في هذه الصناعة لأن أرامكو هي الشركة الكبيرة التي تمدنا بالمواد الخام وبدون التنسيق والتفاهم مع وزارة البترول وشركة أرامكو ستكون المواد الخام شحيحة لنا وبيننا محادثات مستمرة لتعظيم الفائدة لوطننا عبر العمل سوياً سواء في مجالات الاستثمار أو التقنية أو التسويق .
* ولكن هل يمكن أن يقود توسع أرامكو في مجال البتروكيماويات إلى التأثير على إمدادات اللقيم لشركة سابك؟
- نحن نعمل مع وزارة البترول وشركة أرامكو لتوفير إمدادات اللقيم، وسابك شركة كبرى يساهم فيها أكثر من 50ألف مساهم، ويعمل بها نحو 19ألف موظف، وهي إحدى الركائز التي يعتمد عليها الاقتصاد الوطني بعد شركة أرامكو ويجب النظر إلى شركة سابك نظرة إستراتيجية، بحيث يتم تعظيم تلاحمها مع أرامكو كما حدث بين سابك ومعادن مؤخراً في اتفاقية مشروع معادن للفوسفات الذي تبلغ تكلفته الرأسمالية 13مليار ريال بنسبة 70% لمعادن و30% لسابك، ونطمح في القريب العاجل إلى أن يظهر تحالف بين أرامكو وسابك في صناعة البتروكيماويات .
ولا يخفى على الجميع ظروف دخول أرامكو السوق الصينية مع إكسون موبيل كون هذا الأمر حدث بعد مفاوضات استمرت عشر سنوات وولد في ظروف مختلفة عن ما يحدث حالياً من مشاورات واجتماعات مستمرة، لنصل إلى تفاهم مشترك يقود إلى التعاون بين سابك وأرامكو في صناعة البتروكيماويات .
وضع سابك في الصين
* بعد صفقة أرامكو في الصين.. كيف تسير الآن محاولات شركة سابك لتوقيع اتفاقية مشاركة مع الصينيين؟
- السوق الصينية سوق كبيرة وتنمو بشكل مستمر وبنسب عالية، وسابك لديها طموح دائم أن تكون من الشركات الموجودة في السوق الصينية، وبدأنا استثمارين نتحدث بشأنهما مع الجانب الصيني، ومازالت المحادثات مستمرة.. ومشروعنا الأول له ثلاث سنوات من النقاش، أما الثاني فلم يمض على بحثه سوى سنتين وقطعنا مشواراً جيداً وهناك متطلبات متعددة من الحكومة الصينية وهي متطلبات بيئية وأحياناً تخص المواد الخام أو المناطق التي ستقام عليها المصانع لتعظيم الفائدة، ولدينا علاقات وطيدة مع شركائنا ونعمل باستمرار معهم، وهناك زيارة قريبة إلى الصين لدفع المشروع إلى الأمام بإذن الله .
* وقعت سابك قبل فترة اتفاقية مشاركة مع (بشار بتروكيميا) التركية.. هل يمكن أن نعرف تفاصيلها؟
- المشروع التركي هو مشروع صغير يتلخص في إنتاج البولي ستايرين وطاقته حوالي 40ألف طن وشريكنا فيه أحد رجال الأعمال، ونسبة مشاركة سابك في المشروع 70%، والهدف رفع طاقة المصنع، حيث تنتج سابك الستايرين المادة الخام في المملكة، وسوف يجري شحنها إلى تركيا وتحويلها إلى بولي ستايرين، وننوي مضاعفة طاقة المصنع وتسويق البولي ستايرين في تركيا والدول المجاورة، ويعزز هذا المشروع حضور الشركة في تركيا .
حقيقة وضع (سابك أوروبا)
* شركة (سابك أوروبا) الكثير من المساهمين لا يعرف حقيقة وضعها، ويعتقد أن نتائجها ضعيفة كيف تردون على ذلك؟
- شركة سابك أوروبا تغطي كامل القارة الأوروبية، وهي بمثابة الاستثمار الرئيس في أوروبا، وأكثر منتجاتها من البوليمرات وبعض المنتجات الكيميائية الأخرى، وأضفنا إليها استثمار شركة هنتسمان للبتروكيماويات المحدودة بالمملكة المتحدة، الذي يضيف إليها منتجات جديدة تتمثل في العطريات والإثيلين ومادة البولي إثيلين، وهذا سيضع سابك أوروبا في موضع قوي جداً في أوروبا بحيث نتمكن من تقديم منتجات عالية الجودة للزبائن هناك .
هذا يعني أن شركة سابك لا تشتري فقط مصانع وتقنيات، إنما هي أيضاً تبني أسواقاً جديدة، فالشركة الأوروبية كان لها آلاف الزبائن وهم الآن زبائن سابك ولله الحمد فموقع سابك في السوق الأوروبية ممتاز، يضاف إلى ذلك إمدادها بالمنتجات من المملكة مع منتجات شركة سابك أوروبا، وهذا يقوي مركزنا، بالإضافة إلى التقنية المتطورة والسوق الجديدة والعمالة الماهرة .
* وهل فعلاً دفعت سابك مبالغ كبيرة لشراء شركة سابك الأوروبية (سابك أوروبا).. البعض يقول إنها تخسر وفي الجمعية العامة أشرتم إلى أنها حققت 500مليون أرباحاً في العام الماضي، هل هذه الربحية صحيحة؟
- شركة سابك أوروبا تحقق أرباحاً منذ شرائها بمبلغ 450مليون دولار، وهو المبلغ الذي دفعته سابك، والباقي قروض تمويلية، وجميع قيمة الشراء البالغة حوالي 2200مليون يورو عبارة عن قروض تمويلية للشركة، ولو كان المركز المالي لشركة (سابك أوروبا) ضعيفاً لما أقدمت مجموعة البنوك العالمية على تمويلها.. الديون الآن على سابك أوروبا وتستطيع خدمة الديون وتستطيع دفع الديون في وقتها وفي نفس الوقت حصلنا على أرباح منها في العام الماضي، واستفدنا منها في تدريب موظفينا، ولدينا قيادات سعودية تعمل هناك، وفي المملكة استقطبنا بعضهم ليعملوا مع سابك لتحسين الإنتاجية في بعض المواقع، وجميع ما يثار حول الشركة كلام لا يمثل حقيقة الواقع .
ديوننا ليست مقلقة مقارنة بحجم شركتنا
* تتهم شركة سابك أحياناً بأنها شركة محملة بالديون.. كيف تردون على هذا الاتهام؟
- سابك شركة كبيرة، ولذلك فهي تتحمل ديوناً كثيرة، وعندما تتكلم عن شركة كبيرة بحجم سابك تقترض 33مليار ريال، فهو مبلغ لا يمثل لسابك مصدر قلق.. في السوق المصرفية يوجد معيار يطلق عليه معامل القرض على رأس المال ويصل لدى سابك إلى 40%، في الوقت الذي هناك شركات منافسة يبلغ فيها المعيار اثنين إلى واحد .
* استناداً إلى معدل توزيع الأرباح نلاحظ أن سابك شحيحة في التوزيع ولديها سيولة عالية ومع ذلك تقترض؟
- معيار توزيع الأرباح لدى سابك هو السيولة، ومنذ نشأة الشركة وتوزيعاتها حوالي 50% من الدخل الصافي بالإضافة إلى توزيعات الأسهم، وخلال عامين متتالين وهما 2004و2005م، منحت الشركة أسهماً إضافية إلى جانب توزيعات الأرباح النقدية، ومنذ نشأة الشركة توزيعاتها في حدود 50% من سيولتها، ونحن نحتاج إلى السيولة لنتمكن من مواصلة استثماراتنا التي ستجعلنا بإذن الله من الشركات القيادية العالمية، ولن يتحقق هذا الأمر إلا برأس مال قوي واقتراض، ورأس المال القوي والوضع المالي المتين ينتجان من تعاظم السيولة، فنحن نحتاج أن نقترض وفي نفس الوقت نحتاج إلى سيولتنا المتراكمة لكي نصل بشركة سابك إلى مركز مرموق نحافظ من خلاله على مواصلة ارتفاع الدخل في المستقبل .
الأرباح ليس لها علاقة بأسعار النفط
* هناك رابط دائم بين ارتفاع ربحية شركة سابك وبين ارتفاع أسعار النفط، هل هذا الربط واقعي؟
- الأرباح تتأثر بالدخل وبالتكلفة.. وتأثير البترول على التكلفة يتلخص في أنه كلما ارتفعت أسعار البترول ترتفع بالمقابل أسعار المدخلات وهي أسعار مواد اللقيم والخام .
فمثلاً النافتا والغاز الطبيعي والبيوتان والبروبان جميعها مرتبطة بالسوق العالمية، فإذا ارتفع سعر البترول أو سعر الزيت ارتفعت أسعار المدخلات، وتمثل نسبة من اللقيم الذي هو جزء من تكاليف الإنتاج، وهذا يؤثر علينا من حيث التكلفة أما من ناحية السوق فترفع التكلفة على المنافسين وعلى سابك معاً، فهذه التكلفة ارتفعت علينا كمنتجين .
وإذا كانت السوق تتحمل ارتفاع السعر، فإن الشركات تضطر أن ترفع أسعار منتجاتها البتروكيماوية لكي تعوض زيادة التكلفة وامتصاص زيادة أسعار الطاقة وإذا كانت الدورة الاقتصادية للبتروكيماويات في قمتها ويمكنها أن تستوعب الزيادة السعرية فإن الأسعار ترتفع ويرتفع الدخل .
إلا أنه في بعض الأوقات لا يستطيع المصنعون رفع الأسعار بطريقة تغطي تكلفة زيادة الطاقة، كون الآخرين لا يستطيعون تحمل الزيادة السعرية فيقع المصنعون بين مشكلتين هما ارتفاع التكاليف، وعدم القدرة على رفع الأسعار فينعكس ذلك سلباً على النتائج .
والمهم لدينا في هذا الموضوع سعر الإيثيلين، فنحن نتأثر بزيادة أو نقص أسعار الإيثيلين في السوق، فله تأثير مباشر على المنتجات البتروكيماوية وعند انخفاض سعره فإنه يؤثر أيضاً على نفس المنتجات، وأهم مادتين تأثيراً هما النافتا والإيثيلين .
في بعض الأوقات ترتفع أسعار النافثا بدون ارتفاع في أسعار البترول، والسبب أن المصافي لا تنتج نافتا كافية، فصناعتنا تتأثر بالإيثيلين وبالنافتا، والدورة الاقتصاية للمنتجات البتروكيماوية .
من الممكن في عام 2008أو 2009م كما يتوقع بعض الخبراء، ومع زيادة الطاقة الإنتاجية لمصانع البتروكيماويات، فقد يخف فيها الطلب وتتراجع الدورة الاقتصادية وهذا لا يعني أن سعر البترول سينخفض في وقتها فقد ترتفع أسعاره بسبب الظروف السياسية أو الشح في البترول، تزامناً مع الدورة الاقتصادية مما يؤثر على المُصنّعين بشكل سلبي .
وضع سوق البتروكيماويات
* الدورة الاقتصادية الحالية للبتروكيماويات ومع زيادة الاستثمارات.. كيف تسير؟
- الدورة الاقتصادية تتأثر بالاستثمار في قطاع البتروكيماويات، بمعنى أنه إذا ارتفعت الاستثمارات في الإنتاج بأعلى من الطلب، فيعني ذلك زيادة الإمدادات للسوق، وهنا يبدأ الزبائن في التحكم بالأسعار فتنخفض، كما أن زيادة الطلب على العرض تؤدي إلى ارتفاع الأسعار .
حالياً هناك توازن بين العرض والطلب، وكذا فالأسعار جيدة للمنتجين، والطلب مرتفع خاصة على الأسمدة والحديد وبعض المواد البتروكيماوية، ولكن التوقعات بازدياد العرض مع دخول طاقات جديدة من الإنتاج بحلول عام 2009م .
ولكن في الغالب تصحح السوق أوضاعها بسبب إغلاق بعض المصانع القديمة وتأخر بعض المصانع الجديدة عن جداولها الزمنية .
خلال 30عاما حققت شركة سابك انجازات تاريخية تعد علامة مضيئة في تاريخ التنمية الصناعية السعودية ولعبت منتجاتها دورا مهما في تنمية قطاعات عريضة من الصناعات في مختلف أنحاء العام وتصنف حاليا ضمن اكبر عشر شركات بتروكيماوية عالمية وتجاوزت أرباحها الصافية خلال العام الماضي 20مليار ريال وهو رقم قياسي لم يسبق تسجيله.
انجازاتها تسابق الزمن وتعمل وفق معدلات إنتاج مستهدفة يعمل عليها أكثر من 19ألف موظف وهو عدد موظفيها حول العالم وتخطط حاليا لاحتلال المركز الثاني في قائمة اكبر الشركات العالمية المنتجة للبولي اوليفينات بحلول 2015فيما تحتل في الوقت الحالي المركز الرابع في هذا المجال كما تصنف في المركزين الثالث والسادس في إنتاج البولي اثيلين والبولي بروبلين على التوالي.
ثروتها البشرية فرس رهانها على مواصلة الانجازات وتحقيق الطموحات وهي ثروة يقودها حاليا احد مهندسيها الذي ولد في صحراء الربع الخالي ونشأ في نجران وغرست فيه الحياة في بيئة الربع الخالي صفة الشجاعة التي ساهم بها مع زملائه في اقتحام سابك أسواق ما يزيد على مائة دولة باعت فيها أكثر من 38مليون طن من منتجاتها في العام الماضي.
محمد الماضي تدرج في السلم الوظيفي منذ أن كان موظفا بمرتب شهري يبلغ ثلاثة آلاف ريال إلى أن أصبح رئيسا تنفيذيا للشركة التي تجاوزت مبيعاتها 86مليار ريال خلال 2006م .
"الرياض" التقت بالمهندس محمد الماضي في مكتبه بالرياض وكان الحوار التالي:
النتائج القياسية
* في البداية نشير إلى النتائج القياسية للشركة في العام الماضي.. ونطرح التساؤل حول الأسباب التي أدت إلى تحقيق تلك الأرباح والأرقام القياسية؟
- الأسباب متعددة، لكن أهمها موثوقية مصانع شركة سابك فكثير من المصانع تجاوزت طاقتها الإنتاجية، وهو مؤشر على مدى الأمان التشغيلي المرتفع لدينا بكل المقاييس، وحصلت أكثر مصانعنا على شهادات عالمية في السلامة الصناعية والبيئية، أيضاً عامل الأسعار فمعظم المنتجات البتروكيماوية سجلت خلال العام الماضي أفضل الأسعار في تاريخ الشركة ولا ننسى الجهود التي بذلها موظفو الشركة سواء كانوا رجال المبيعات، أو رجال المصانع، أو العاملين في الإدارة، فكل أدى دوره بالصورة المخطط لها، وتضافرت هذه العوامل لتسجيل النتائج القياسية في العام الماضي .
الخطة التوسعية
* في الجمعية الأخيرة تطرقتم إلى الخطة التوسعية القادمة للشركة.. هل يمكن إلقاء الضوء على هذه الخطة؟
- خططنا الإستراتيجية لها هدفان: الأول مواصلة النمو، والآخر تنويع المنتجات، وطموحنا أن تكون شركة سابك في عام 2020م ضعف سابك الآن ولذلك تعتزم سابك إضافة منتجات جديدة تنتج لأول مرة هي المنتجات المتخصصة، وتمثل 15- 20% من الدخل المستهدف، ولذلك لن يكون اعتمادنا في المستقبل على المنتجات الأساسية والوسطية والبوليمرات والحديد والأسمدة فقط، بل سيكون أيضاً على المنتجات المتخصصة التي ادخلناها في البداية عن طريق مشروع كيان الذي يحتوي على مجموعة متنوعة من المنتجات المتخصصة الجديدة .
وبشكل عام فإن خطة 2020تستهدف الوصول إلى أعلى معدلات النمو خلال السنوات الثلاث عشرة القادمة من خلال مبدأ التفكير الاستراتيجي لتصبح شركة سابك الشركة العالمية الرائدة في مجال البتروكيماويات .
* عندما أعلنت المملكة دخولها إلى منظمة التجارة العالمية.. تبادر إلى الذهن أن سابك ستكون أول المستفيدين، فهل استفادت سابك بالفعل من هذا الانضمام حتى الآن؟
- سابك منذ أن بدأت أعمالها ركزت على أسلوب العمل في بيئات تنافسية، فهي تعمل بطريقة تجارية ولذلك لم يكن الانضمام إلى المنظمة ذا تأثير كبير على الشركة، فكما تعرف أن التعرفة الجمركية على مجمل المنتجات البتروكيماوية ليست عالية من الأصل، وانخفضت الآن إلى نسبة 5%، وهي قريبة جداً من التعرفة الأصلية، ولذلك فالتأثير من الناحية المالية لا يذكر أما من ناحية القضايا القانونية التي تثار على سابك من المنافسين فقد اختلف الوضع.. في السابق كان المنافسون يثيرون القضايا التجارية لأي سبب مستغلين صعوبة دفاعها عن نفسها كون المملكة ليست عضواً في المنظمة.. حالياً تغير الوضع وأصبح المنافسون يدركون ذلك، ومنذ دخولنا إلى المنظمة وحتى الآن لم ترفع علينا أي قضية تجارية، وجزء من هذا الأمر يعود إلى تحوطنا ضد هذه القضايا.. من الممكن أن يكون هناك استفادة مستقبلية عندما تبرم المملكة اتفاقيات ثنائية مع الدول الأوروبية كونها ستفيدنا في إيصال جميع منتجاتنا إلى القارة الأوروبية .
المنافسة مع أرامكو
* في الآونة الأخيرة أثير موضوع المنافسة مع شركة أرامكو في مجال البتروكيماويات بعد توقيعها اتفاقية مشاركة في الصين وقيل إن سابك تفرض شروطاً قاسية للمشاركة مع أرامكو.. ما تعليقكم على ذلك؟
- سابك عندما ترغب المشاركة، تجري دراسات مستفيضة لاستقصاء المشروع من جميع جوانبه ولديها معايير استثمارية لا تختلف كثيراً مع المطبق لدى الآخرين، على سبيل المثال أن تكون قيمة الاستثمار معقولة من حيث التقنية الإنتاجية وتوفرها في الأسواق ومدى انتشارها والطلب عليها.. وتعاملنا مع أرامكو جيد، وطموحنا أن نكون معاً يداً واحدة في هذه الصناعة لأن أرامكو هي الشركة الكبيرة التي تمدنا بالمواد الخام وبدون التنسيق والتفاهم مع وزارة البترول وشركة أرامكو ستكون المواد الخام شحيحة لنا وبيننا محادثات مستمرة لتعظيم الفائدة لوطننا عبر العمل سوياً سواء في مجالات الاستثمار أو التقنية أو التسويق .
* ولكن هل يمكن أن يقود توسع أرامكو في مجال البتروكيماويات إلى التأثير على إمدادات اللقيم لشركة سابك؟
- نحن نعمل مع وزارة البترول وشركة أرامكو لتوفير إمدادات اللقيم، وسابك شركة كبرى يساهم فيها أكثر من 50ألف مساهم، ويعمل بها نحو 19ألف موظف، وهي إحدى الركائز التي يعتمد عليها الاقتصاد الوطني بعد شركة أرامكو ويجب النظر إلى شركة سابك نظرة إستراتيجية، بحيث يتم تعظيم تلاحمها مع أرامكو كما حدث بين سابك ومعادن مؤخراً في اتفاقية مشروع معادن للفوسفات الذي تبلغ تكلفته الرأسمالية 13مليار ريال بنسبة 70% لمعادن و30% لسابك، ونطمح في القريب العاجل إلى أن يظهر تحالف بين أرامكو وسابك في صناعة البتروكيماويات .
ولا يخفى على الجميع ظروف دخول أرامكو السوق الصينية مع إكسون موبيل كون هذا الأمر حدث بعد مفاوضات استمرت عشر سنوات وولد في ظروف مختلفة عن ما يحدث حالياً من مشاورات واجتماعات مستمرة، لنصل إلى تفاهم مشترك يقود إلى التعاون بين سابك وأرامكو في صناعة البتروكيماويات .
وضع سابك في الصين
* بعد صفقة أرامكو في الصين.. كيف تسير الآن محاولات شركة سابك لتوقيع اتفاقية مشاركة مع الصينيين؟
- السوق الصينية سوق كبيرة وتنمو بشكل مستمر وبنسب عالية، وسابك لديها طموح دائم أن تكون من الشركات الموجودة في السوق الصينية، وبدأنا استثمارين نتحدث بشأنهما مع الجانب الصيني، ومازالت المحادثات مستمرة.. ومشروعنا الأول له ثلاث سنوات من النقاش، أما الثاني فلم يمض على بحثه سوى سنتين وقطعنا مشواراً جيداً وهناك متطلبات متعددة من الحكومة الصينية وهي متطلبات بيئية وأحياناً تخص المواد الخام أو المناطق التي ستقام عليها المصانع لتعظيم الفائدة، ولدينا علاقات وطيدة مع شركائنا ونعمل باستمرار معهم، وهناك زيارة قريبة إلى الصين لدفع المشروع إلى الأمام بإذن الله .
* وقعت سابك قبل فترة اتفاقية مشاركة مع (بشار بتروكيميا) التركية.. هل يمكن أن نعرف تفاصيلها؟
- المشروع التركي هو مشروع صغير يتلخص في إنتاج البولي ستايرين وطاقته حوالي 40ألف طن وشريكنا فيه أحد رجال الأعمال، ونسبة مشاركة سابك في المشروع 70%، والهدف رفع طاقة المصنع، حيث تنتج سابك الستايرين المادة الخام في المملكة، وسوف يجري شحنها إلى تركيا وتحويلها إلى بولي ستايرين، وننوي مضاعفة طاقة المصنع وتسويق البولي ستايرين في تركيا والدول المجاورة، ويعزز هذا المشروع حضور الشركة في تركيا .
حقيقة وضع (سابك أوروبا)
* شركة (سابك أوروبا) الكثير من المساهمين لا يعرف حقيقة وضعها، ويعتقد أن نتائجها ضعيفة كيف تردون على ذلك؟
- شركة سابك أوروبا تغطي كامل القارة الأوروبية، وهي بمثابة الاستثمار الرئيس في أوروبا، وأكثر منتجاتها من البوليمرات وبعض المنتجات الكيميائية الأخرى، وأضفنا إليها استثمار شركة هنتسمان للبتروكيماويات المحدودة بالمملكة المتحدة، الذي يضيف إليها منتجات جديدة تتمثل في العطريات والإثيلين ومادة البولي إثيلين، وهذا سيضع سابك أوروبا في موضع قوي جداً في أوروبا بحيث نتمكن من تقديم منتجات عالية الجودة للزبائن هناك .
هذا يعني أن شركة سابك لا تشتري فقط مصانع وتقنيات، إنما هي أيضاً تبني أسواقاً جديدة، فالشركة الأوروبية كان لها آلاف الزبائن وهم الآن زبائن سابك ولله الحمد فموقع سابك في السوق الأوروبية ممتاز، يضاف إلى ذلك إمدادها بالمنتجات من المملكة مع منتجات شركة سابك أوروبا، وهذا يقوي مركزنا، بالإضافة إلى التقنية المتطورة والسوق الجديدة والعمالة الماهرة .
* وهل فعلاً دفعت سابك مبالغ كبيرة لشراء شركة سابك الأوروبية (سابك أوروبا).. البعض يقول إنها تخسر وفي الجمعية العامة أشرتم إلى أنها حققت 500مليون أرباحاً في العام الماضي، هل هذه الربحية صحيحة؟
- شركة سابك أوروبا تحقق أرباحاً منذ شرائها بمبلغ 450مليون دولار، وهو المبلغ الذي دفعته سابك، والباقي قروض تمويلية، وجميع قيمة الشراء البالغة حوالي 2200مليون يورو عبارة عن قروض تمويلية للشركة، ولو كان المركز المالي لشركة (سابك أوروبا) ضعيفاً لما أقدمت مجموعة البنوك العالمية على تمويلها.. الديون الآن على سابك أوروبا وتستطيع خدمة الديون وتستطيع دفع الديون في وقتها وفي نفس الوقت حصلنا على أرباح منها في العام الماضي، واستفدنا منها في تدريب موظفينا، ولدينا قيادات سعودية تعمل هناك، وفي المملكة استقطبنا بعضهم ليعملوا مع سابك لتحسين الإنتاجية في بعض المواقع، وجميع ما يثار حول الشركة كلام لا يمثل حقيقة الواقع .
ديوننا ليست مقلقة مقارنة بحجم شركتنا
* تتهم شركة سابك أحياناً بأنها شركة محملة بالديون.. كيف تردون على هذا الاتهام؟
- سابك شركة كبيرة، ولذلك فهي تتحمل ديوناً كثيرة، وعندما تتكلم عن شركة كبيرة بحجم سابك تقترض 33مليار ريال، فهو مبلغ لا يمثل لسابك مصدر قلق.. في السوق المصرفية يوجد معيار يطلق عليه معامل القرض على رأس المال ويصل لدى سابك إلى 40%، في الوقت الذي هناك شركات منافسة يبلغ فيها المعيار اثنين إلى واحد .
* استناداً إلى معدل توزيع الأرباح نلاحظ أن سابك شحيحة في التوزيع ولديها سيولة عالية ومع ذلك تقترض؟
- معيار توزيع الأرباح لدى سابك هو السيولة، ومنذ نشأة الشركة وتوزيعاتها حوالي 50% من الدخل الصافي بالإضافة إلى توزيعات الأسهم، وخلال عامين متتالين وهما 2004و2005م، منحت الشركة أسهماً إضافية إلى جانب توزيعات الأرباح النقدية، ومنذ نشأة الشركة توزيعاتها في حدود 50% من سيولتها، ونحن نحتاج إلى السيولة لنتمكن من مواصلة استثماراتنا التي ستجعلنا بإذن الله من الشركات القيادية العالمية، ولن يتحقق هذا الأمر إلا برأس مال قوي واقتراض، ورأس المال القوي والوضع المالي المتين ينتجان من تعاظم السيولة، فنحن نحتاج أن نقترض وفي نفس الوقت نحتاج إلى سيولتنا المتراكمة لكي نصل بشركة سابك إلى مركز مرموق نحافظ من خلاله على مواصلة ارتفاع الدخل في المستقبل .
الأرباح ليس لها علاقة بأسعار النفط
* هناك رابط دائم بين ارتفاع ربحية شركة سابك وبين ارتفاع أسعار النفط، هل هذا الربط واقعي؟
- الأرباح تتأثر بالدخل وبالتكلفة.. وتأثير البترول على التكلفة يتلخص في أنه كلما ارتفعت أسعار البترول ترتفع بالمقابل أسعار المدخلات وهي أسعار مواد اللقيم والخام .
فمثلاً النافتا والغاز الطبيعي والبيوتان والبروبان جميعها مرتبطة بالسوق العالمية، فإذا ارتفع سعر البترول أو سعر الزيت ارتفعت أسعار المدخلات، وتمثل نسبة من اللقيم الذي هو جزء من تكاليف الإنتاج، وهذا يؤثر علينا من حيث التكلفة أما من ناحية السوق فترفع التكلفة على المنافسين وعلى سابك معاً، فهذه التكلفة ارتفعت علينا كمنتجين .
وإذا كانت السوق تتحمل ارتفاع السعر، فإن الشركات تضطر أن ترفع أسعار منتجاتها البتروكيماوية لكي تعوض زيادة التكلفة وامتصاص زيادة أسعار الطاقة وإذا كانت الدورة الاقتصادية للبتروكيماويات في قمتها ويمكنها أن تستوعب الزيادة السعرية فإن الأسعار ترتفع ويرتفع الدخل .
إلا أنه في بعض الأوقات لا يستطيع المصنعون رفع الأسعار بطريقة تغطي تكلفة زيادة الطاقة، كون الآخرين لا يستطيعون تحمل الزيادة السعرية فيقع المصنعون بين مشكلتين هما ارتفاع التكاليف، وعدم القدرة على رفع الأسعار فينعكس ذلك سلباً على النتائج .
والمهم لدينا في هذا الموضوع سعر الإيثيلين، فنحن نتأثر بزيادة أو نقص أسعار الإيثيلين في السوق، فله تأثير مباشر على المنتجات البتروكيماوية وعند انخفاض سعره فإنه يؤثر أيضاً على نفس المنتجات، وأهم مادتين تأثيراً هما النافتا والإيثيلين .
في بعض الأوقات ترتفع أسعار النافثا بدون ارتفاع في أسعار البترول، والسبب أن المصافي لا تنتج نافتا كافية، فصناعتنا تتأثر بالإيثيلين وبالنافتا، والدورة الاقتصاية للمنتجات البتروكيماوية .
من الممكن في عام 2008أو 2009م كما يتوقع بعض الخبراء، ومع زيادة الطاقة الإنتاجية لمصانع البتروكيماويات، فقد يخف فيها الطلب وتتراجع الدورة الاقتصادية وهذا لا يعني أن سعر البترول سينخفض في وقتها فقد ترتفع أسعاره بسبب الظروف السياسية أو الشح في البترول، تزامناً مع الدورة الاقتصادية مما يؤثر على المُصنّعين بشكل سلبي .
وضع سوق البتروكيماويات
* الدورة الاقتصادية الحالية للبتروكيماويات ومع زيادة الاستثمارات.. كيف تسير؟
- الدورة الاقتصادية تتأثر بالاستثمار في قطاع البتروكيماويات، بمعنى أنه إذا ارتفعت الاستثمارات في الإنتاج بأعلى من الطلب، فيعني ذلك زيادة الإمدادات للسوق، وهنا يبدأ الزبائن في التحكم بالأسعار فتنخفض، كما أن زيادة الطلب على العرض تؤدي إلى ارتفاع الأسعار .
حالياً هناك توازن بين العرض والطلب، وكذا فالأسعار جيدة للمنتجين، والطلب مرتفع خاصة على الأسمدة والحديد وبعض المواد البتروكيماوية، ولكن التوقعات بازدياد العرض مع دخول طاقات جديدة من الإنتاج بحلول عام 2009م .
ولكن في الغالب تصحح السوق أوضاعها بسبب إغلاق بعض المصانع القديمة وتأخر بعض المصانع الجديدة عن جداولها الزمنية .