المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جدل خليجي حول جدوي استمرار ربط العملات المحلية بالدولار الأمريكي



أبوتركي
11-04-2007, 11:43 PM
جدل خليجي حول جدوي استمرار ربط العملات المحلية بالدولار الأمريكي

بعد التراجع المستمر في أسعار الدولار والرغبة في إطلاق العملة الخليجية الموحدة

الكويت والإمارات تقودان حملة لفك الارتباط وسلطنة عمان تنسحب من العملة الموحدة
قطر والسعودية تتمسكان بربط العملة بالدولار رغم الهبوط المستمر
خبراء اقتصاديون : استمرار ربط العملات الخليجية بالدولار يؤخر اطلاق العملة الموحدة عام 2010


تقرير - أحمد عبداللطيف : مع الانخفاض المتواصل لسعر الدولار الأمريكي في مواجهة العملات الاخري خاصة اليورو والين الياباني يتجدد السؤال حول جدوي ربط العملات الخليجية بالدولار بعد الخسائر الاقتصادية التي تتكبدها الدول الخليجية من جراء هذا التراجع الذي يشهده الدولار الأمريكي.

السؤال يتجدد أيضا مع الاستعدادات الخليجية لاطلاق العملة الموحدة والمزمع اطلاقها عام 2010.. والتي أصبحت تواجه مشاكل جذرية بعد إعلان سلطنة عمان عن انسحابها من المشروع بسبب المشاكل التي تواجه دول الخليج وعلي رأسها مشكلة التضخم.

والراصد للأوضاع المالية والاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي سوف يلاحظ انه في عام 2002 اعتمدت دول الخليج الدولار الأمريكي كمثبت مشترك بين عملات دول المجلس كما تقرر أن يشهد هذا العام 2007 الاتفاق علي مسمي العملة الموحدة وفئاتها ومواصفاتها وأسلوب طرحها للتداول وآلية سعر صرفها ثم تأتي المرحلة الأخيرة في عام 2010 باطلاق العملة الموحدة والتي تهدف الي خلق بيئة مناسبة لانشاء سوق خليجية واحدة مما يسهل عملية التجارة البينية ويسرع من حركة الرساميل فيما بينهم. الأمر الذي يزيد من حجم المشاريع الانتاجية في المنطقة.

ولكن ومع استمرار تراجع أسعار الدولار بدأت عدة دول خليجية التفكير في اعادة النظر بربط عملاتها الوطنية بالدولار وعلي رأسهما الكويت والامارات العربية المتحدة حيث بدأت هذه الدول في رفع قيمة عملاتها الوطنية بسبب ارتفاع تكاليف الواردات حيث تصل قيمة الدينار الكويتي الي 3.5% مقابل الدولار.

يأتي ذلك وسط تحذيرات من صندوق النقد العربي من القيام برفع قيمة العملة من جانب واحد من دول مجلس التعاون الخليجي الأمر الذي سيتسبب في عدم الاستقرار في الاسواق المحلية ويؤخر الوحدة النقدية فيما نقل عن وزير المالية الكويتي بدر الحميضي قوله ان بلاده تدرس التخلي عن نظام ربط العملات بالدولار والسعي لربطه بسلة عملات وألمحت كذلك دولة الامارات الي امكانية رفع قيمة عملتها بشكل منفرد عن دول الخليج الاخري وهو الأمر الذي حذر منه صندوق النقد العربي.

وخلال المؤتمر السنوي لمركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية قال فريديريك سيكري مدير مؤسسة أبراج كابيتال الاماراتية أن ربط عملات الدول الخليجية بالدولار لا يسمح لهذه العملات بأن تظهر قيمتها الحقيقية في ظل الازدهار الاقتصادي الخليجي والمستوي المنخفض للدولار الأمريكي.

أما في المملكة العربية السعودية وفقا لتصريحات محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي فان ربط العملة السعودية بالدولار الأمريكي سيستمر تبعا لجدوي هذا الارتباط وأهميته في السياسة النقدية. ويري خبراء سعوديون أن ربط الريال بالدولار حقق استقرارا واضحا لأسعار الصرف وأسعار المواد والخدمات في الداخل ومع استمرار ارتفاع اسعار البترول فان هذا الربط لا يعتبر سلبيا.

في حين أن قرار فك الارتباط بالدولار يحمل الاقتصاد السعودي تكلفة عالية عبر عدم الاستقرار وفي ظل العملة الخليجية القادمة فان أي قرار. أحادي سوف تكون تكلفته محملة علي الاقتصاد السعودي فقط فضلا عن الاضرار المترتبة علي الشراكة التجارية في الولايات المتحدة الأمريكية.

ويضرب هؤلاء الاقتصاديون مثلا بانخفاض الدولار في السبعينات ثم عاود الارتفاع مرة أخري في مقابل العملات الاخري مما يعني أن الشركات السعودية التي تعمل خارج منطقة الدولار وتتضرر من انخفاضه لم تخطط لوضعها بشكل جيد عبر توفير سلة عملات تحميها من التقلبات. كما أن لارتباط الدولار علاقة أخري بالميزانية اذ يمثل النفط المصدر الاساسي لإيرادات الدولة في المملكة والذي يتم تصديره للخارج بعملة رئيسية واحدة وهي الدولار وفي نفس الوقت يري هؤلاء الخبراء أن استمرار تراجع سعر الدولار مقابل العملات الأخري له مخاطر علي اقتصاديات المملكة لعل أبرزها مشكلة التضخم المستورد الناتج عن معدلات صرف العملات الرئيسية الاخري أمام الدولار والتي تؤثر سلبيا في النشاط الاقتصادي والناتج الوطني السعودي وذلك نتيجة زيادة أسعار السلع المستوردة الاستهلاكية منها والرأسمالية والتي تدفع بعملات رئيسية أخري غير الدولار خاصة اليورو والين الياباني.

فضلا عن المطالب المستمرة للعمالة الفنية العاملة بالمملكة والتي تتقاضي رواتبها بالريال خاصة العمالة من خارج منطقة الدولار مما يقلل أجورها مقارنة بعملات بلادها الرئيسية نتيجة ارتفاع تلك العملات مقابل الريال والدولار.

وتزداد مخاوف الاقتصاديين السعوديين مع اقتراب دخول السعودية لمنظمة التجارة العالمية التي تعني تحرير التجارة ورفع القيود الجمركية والاعانات الحكومية للمنتجين المحليين مما يعزز نوعاً آخر من التضخم يعرف بالتضخم المكبوت أو المقيد.

وفي دولة الامارات العربية قال محافظ بنك الامارات المركزي سلطان ناصر السويدي أن البنوك المركزية لدول الخليج العربية سوف تعيد النظر في ربط عملاتها بالدولار وقد تتفق قريبا علي التحول الي عملة أخري أو سلة عملات علي الرغم من انها قد لا تتخذ أي خطوة قبل الاتفاق علي ذلك.

في حين يري خبراء اقتصاديون اماراتيون أن المواطنين والمقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي يعانون من التضخم المستورد الناتج عن ارتباط عملات هذه الدول بالدولار الأمريكي الذي يسجل هبوطا أمام العملات الرئيسية الاخري الامر الذي يرفع تكلفة الواردات من أوروبا واليابان ويثير جدلا اقتصاديا حول الهدف من هذا الارتباط ويتساءل هؤلاء من جدوي اصرار الدول الخليجية علي استمرار هذا الربط والتباطؤ في القيام بخطوات عملية لتنويع واضح للاحتياطات النقدية؟ في حين يؤكد خبراء آخرون أن عملية الربط أو فك الارتباط لا تتم في أيام وأن ربط العملات الخليجية بالدولار لها مميزات أيضا.

وفي الكويت يري الخبراء أن استمرار ربط العملات الخليجية بالدولار أدي الي تضرر المواطنين والمقيمين بسبب ارتفاع اسعار السلع المستوردة خاصة من أوروبا واليابان مؤكدين ان الكويت تحاول علاج ذلك باجراء ما يمكن تسميته تعويما مؤقتا للدينار ينجم عنه ارتفاع طفيف في سعر العملة الوطنية أمام الدولار.

ودعا الخبراء الي معالجة الوضع الحالي بالاتفاق علي ربط العملات الخليجية بسلة عملات عالمية وتنويع الاحتياط النقدي بشكل أفضل مؤكدين أن الارتباط الحالي بالدولار لا يحقق الوحدة الخليجية المنتظرة عام 2010 لأن هناك استحقاقات واصلاحات اقتصادية ينبغي القيام بها وهي لن تتحقق الا بالتخلص من سيطرة الدولار علي اقتصاديات الخليج.

وأكد الخبراء الكويتيون ايضا ان مخاطر ربط الدينار الكويتي بالدولار الأمريكي تضغط بشدة علي الاقتصاد الكويتي حيث تستورد الدولة نصف قيمة وارداتها باليورو والين الياباني.

أما سلطنة عمان فقد أعلنت في مطلع يناير الماضي انسحابها نهائيا من الاتحاد النقدي المنتظر بين دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2010.

وفي قطر أعلن سعادة وزير المالية السيد يوسف حسين كمال أن قطر لن تغير نظام ربط عملتها بالدولار الأمريكي.

ورغم التباين في وجهات النظر الخليجية حول جدوي استمرار ربط العملات المحلية بالدولار الامريكي فان الأمر المؤكد أن تراجع اسعار الدولار في مواجهة العملات الاخري قد أحدث انقساما داخل دول المجلس. وأثر بشدة علي اقتصاديات هذه الدول خاصة مع تنامي الصادرات الخليجية من الاسواق الاوروبية واليابانية.

والسؤال الآن هل ينجح مسؤولو دول مجلس التعاون في حل هذه المعضلة التي تواجه المضي نحو اقرار العملة الخليجية الموحدة والمنتظر اطلاقها عام 2010؟ خاصة وهناك اجماع اقتصادي علي أن استمرار ربط العملات الخليجية بالدولار الامريكي سوف يؤخر هذه الوحدة النقدية الخليجية المنتظرة. الاجابة علي السؤال سوف تكشف عنها الأيام القادمة.