المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ليس كارتيلا للغاز بعد ولكنه ميكانيزم لتنسيق الأسعار



أبوتركي
12-04-2007, 02:44 AM
ليس كارتيلا للغاز بعد ولكنه ميكانيزم لتنسيق الأسعار


موسكو

اختتمت في العاصمة القطرية الدوحة أعمال المنتدى السادس للبلدان المصدرة للغاز. ومثل روسيا في هذا المحفل وفد على مستوى عال برئاسة وزير الصناعة والطاقة فيكتور خريستينكو ورئيس شركة "غاز بروم" ألكسي ميلير. وكان اللقاء مكرسا لقضايا تنسيق استخراج وتوريد الغاز. وكانت الغاية الرئيسية للمحفل في غضون ذلك دراسة آفاق اتحاد منتجي الغاز الأساسيين في "كارتيل للغاز" على غرار "أوبك".

وأظهر اليوم الأول لأعمال المنتدى بدء العمل بنشاط على تأسيس الكارتيل للغاز. وهذا بالرغم من عدم توقيع أي وثائق بشأن تأسيس هذه المنظمة بعد. وقد أعلن وزير الصناعة والطاقة الروسي فيكتور خريستينكو في ختام جلسة منتدى البلدان المصدرة للغاز أن المشاركين فيها قرروا تشكيل فريق على مستوى عال للقيام بدراسة مسائل تحديد أسعار الغاز.

وبالرغم من أن البلدان المصدرة لم تقرر توقيع اتفاقية حول الكارتيل ولكن من الواضح تماما أن هذا الاتفاق الذي يرمي إلى الرقابة على الأسعار وتنسيق تحديدها يشكل خطوة نحو تأسيس كارتيل للغاز شبيه "بأوبك".

وستقوم البلدان المصدرة للغاز بالخطوة التالية على الطريق نحو تأسيس الكارتيل بالمناسبة في روسيا. فإن أعمال منتداهم السابع ستجري في موسكو في عام 2008. وقال فيكتور خريستينكو إن هذا القرار اتخذ بناء على مقترح الوفد الروسي. وتقوم روسيا عمليا كما أشار الوزير بدور المنسق في فريق المستوى العالي لدراسة مسائل تحديد أسعار الغاز. وهذا يعني انه تسنى لموسكو ترؤس حركة توحيد منتجي الغاز. ومن المنصف القول إن وزن روسيا السياسي يمنح الاتحاد الذي يجري تأسيسه قوة جيوسياسية ملموسة.

وأصبحت فكرة تأسيس "الكارتيل للغاز" تشكل الموضوع الرئيسي في النقاشات المتعلقة بقضايا الطاقة العالمية. وهذا خاصة بعد أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته إلى قطر في فبراير (شباط) عام 2007 أن "مدى حاجتنا إلى الكارتيل ومدى إمكانية تأسيسه يشكلان حديثا منفصلا بحد ذاته ولكن يجب أن ينسق منتجو الغاز نشاطاتهم". وحظيت هذه الفكرة في وقت لاحق بهذه الصورة أو تلك بتأييد كافة كبار البلدان الموردة للغاز التي تمتلك 70 بالمائة من احتياطيه العالمي.

ومن الواضح أن رد فعل المستهلكين وبالمرتبة الأولى الولايات المتحدة وأوروبا الغربية كان سلبيا. وطلب مجلس النواب الأمريكي في بداية أبريل (نيسان) من هذه السنة من وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس "التصدي بنشاط لتأسيس منظمة "الابتزاز" العالمية هذه التي ستشكل خطرا أساسيا طويل الأمد يهدد توريد الوقود عالميا".

وتثير مخططات منتجي الغاز لتأسيس الكارتيل قلقا كبيرا في أوروبا. ومن الممكن توضيح هذا إذ يجدر الانطلاق من أن حجوم استهلاك الغاز حسب رأي مراكز البحوث الكبرى ستتنامى في المستقبل البعيد المدى. فإن استهلاك الغاز في أوروبا قد يزداد حتى عام 2020 حسب آخر التكهنات إلى ما يقارب 640 مليار متر مكعب في السنة. ولاحت في نفس الوقت نزعة تقلص إنتاجه محليا ولذلك ستزداد تبعية أوروبا للاستيراد بشكل ملموس. وقد يصل نقص الغاز في الاتحاد الأوروبي في عام 2020 وفق التقييمات المتحفظة لشركة "Ruhrgas" انطلاقا من تحليل العقود الموقعة إلى ما يقارب 140 مليار متر مكعب.

ومع ذلك فإن رؤية خطر ارتفاع الأسعار في واقع اتحاد منتجي الغاز فقط ليست مبررة على الإطلاق. وينفي العديد من الخبراء بمن فيهم الأوروبيون وجود ترابط مباشر بين اتحاد موردي الغاز وزيادة أسعاره. أولا ـ لأن معظم إمدادات الغاز في العالم تجري وفق عقود طويلة الأمد حيث أسعاره ترتبط بأسعار النفط. وثانيا ـ لأن زيادة أسعار الغاز قد تشكل ضربة إلى البلدان المصدرة نفسها إذ سيكون من الأنفع للعديد من المستهلكين الانتقال إلى استخدام الفحم أو البدء بتطوير صناعة الطاقة الذرية.

وتحتاج روسيا التي تضمن عمليا مسيرة منتجي الغاز نحو الاتحاد إلى "الكارتيل للغاز" كوسيلة لبلورة قواعد اللعب التي تتجاوب مع مصالح لا المستهلكين فحسب بل والمنتجين على حد سواء. ونظرا لموقع البلد القيادي من ناحية احتياطي الغاز واستخراجه وتصديره فتعتبر هامة لموسكو لا منظمة شكلية بقدر إمكانية التأثير على سياسة كافة منتجي الغاز الأساسيين وفي المستقبل ـ بلدان الترانزيت. ومن الممكن من هذا المنطلق أن يكون "الكارتيل" بمختلف الصيغ ـ شكليا أو غير شكلي.

وجدير بالذكر أن إيران وفنزويلا حاولتا خلال المنتدى الأخير توريط روسيا في ألاعيب سياسية لا حاجة إليها. أما الجانب الروسي ففضل تنشيط اتصالاته مع جميع الأطراف المعنية من المنطلق العملي، وخصوصا مع الجزائر وقطر. ذلك أن تنسيق العمل مع موردي الغاز الكبيرين هذين بالذات ضروري حقا لقطاع الغاز الروسي حاليا وفي المستقبل.