السعدي999
12-04-2007, 10:48 AM
شريط مفرغ
الحمد لله العلي الكبير اللطيف الخبير يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور يقضي بالحق ويكشف المستور أنزل في كتابه المبين على نبينا الكريم ﴿ يأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم و بئس المصير ﴾ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم النشور والمصير وسلم تسليما كثيرا أم بعد :
لقد قسم الله الناس إلى ثلاثة أقسام ذكر ذلك في أول سورة البقرة إلى مؤمنين خلص وكافرين خلص ومنافقين مذبذبين بين ذلك مسلمون ظاهرا وكافرون باطنا قال الله عز وجل : ﴿ ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ﴾ ثم ذكر صفاتهم ثم قال :﴿ إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ﴾ ثم ذكر القسم الثالث ﴿ ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ﴾ عباد الله احذروا النفاق احذروا النفاق واحذروا المنافقين احذروا النفاق فإنه بئس البضاعة واحذروا المنافقين فإنهم هم العدو للمؤمنين إلى قيام الساعة إن النفاق مرض .... فتاك قاتل إنه طمس للحقائق وبث للخيانة والخداع وتلبيس للأمور إن النفاق أن يتظاهر المرء بالخير وقلبه منطو على الشر يتظاهر بالإيمان وهو كافر يتظاهر بالعفاف وهو فاجر يتظاهر بالصدق وهو كاذب يتظاهر بالوفاء وهو غادر يتظاهر بالنصح وهو ماكر يتظاهر بالصداقة وهو عدو يتظاهر بالصلاح وهو فاسد يتظاهر بالإصلاح وهو مفسد ﴿ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون الله يستهزأ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ﴾ أيها الإخوة أيها الإخوة المؤمنون أجارني الله وإياكم من النفاق وجعل إيماننا خالصا لله ظاهرا وباطنا لقد كشف الله تعالى أستار المنافقين وفضحهم وبين صفاتهم وأعمالهم ليكون المؤمن منها ومنهم على حذر وبين جزاءهم في الآخرة وأنهم في نار جهنم حتى إنه تعالى يقدم ذكرهم على ذكر الكافرين في عقابهم في النار كما في قوله تعالى : ﴿ وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مهين ﴾ وقال تعالى : ﴿ إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا ﴾ وقال الله تعالى : ﴿ ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ﴾ وقال تعالى : ﴿ ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ﴾ ولقد عقد العلامة ابن القيم - رحمه الله - أحد تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية عقد فصلا في المنافقين في كتابه مدارج السالكين في نحو عشر صفحات ننقل منه ما تيسر قال - رحمه الله - : " وقد هتك الله أستار المنافقين وكشف أسرارهم في القرآن وجلا لعباده أمورهم ليكونوا منها ومن أهلها على حذر فذكر طوائف العالم الثلاث في أول سورة البقرة فذكر في المؤمنين أربع آيات وفي الكفار آيتين وفي المنافقين ثلاثة عشر آية لكثرتهم وعموم الإبتلاء بهم وشدة فتنتهم على الإسلام وأهله فإن برية الإسلام بهم شديدة لأنهم منسوبون إليه وإلى نصرته وموالاته وهم أعداءه في الحقيقة فكم من معقل للإسلام هدموه وكم من حصن قلعوا أساسه وخربوه فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبلية ولا يزال يخرقه من شبهم سرية من بعد سرية اتفقوا على مفارقة الوحي فهم على ترك الإقتداء به مجتمعون يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولأجل ذلك اتخذوا هذا القرآن مهجورا لبسوا ثياب أهل الإيمان على قلوب أهل الزيغ والخسران فالظواهر ظواهر الأنصار والبواطن قد تحيزت إلى الكفار ألسنتهم ألسنة المسالمين وقلوبهم قلوب المحاربين رأس مالهم الخديعة والمكر وبضاعتهم الكذب والغدر لكن منهم وجهان وجه يلقى به المؤمنين ووجه ينقلب إلى إخوانه من المفسدين لهم علامات يعرفون بها مبينة في السنة والقرآن بادية لمن تدبرها من أهل بصائر الإيمان يتربصون الدوائر بأهل السنة والقرآن أوامرهم التي يأمرون بها أتباعهم متضمنة لفساد البلاد والعباد ونواهيهم عما فيه صلاحهم في المعاش والمعاد وأحدهم تلقاه بين جماعة أهل الإيمان في الصلاة والذكر والزهد و الاجتهاد وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد إن حاكمتهم إلى صريح الوحي وجدتهم عنه نافرين وإن دعوتهم إلى حكم كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - رأيتهم عنه معرضين وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا تبا لهم ما أبعدهم عن حقيقة الإيمان وما أكذب دعواهم للتحقيق والعرفان فالقوم في شأن وإتباع الرسول في شأن لقد أقسم الله تعالى في كتابه بنفسه المقدسة قسما عظيما فقال : ﴿ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ﴾ أحسن الناس أجساما وأغلظهم لسانا وألطفهم بينا وأخبثهم قلوبا وأضعفهم جنانا فهم كالخشب المسندة التي لا ثمر لها فقد خلعت من مغارسها فتساندت إلى حائطا يقيمها لن لا يطأها السالكون ﴿ وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنا يؤفكون ﴾ أسروا سرائر النفاق فأظهرها الله على صفحات الوجوه منهم وفلتات اللسان و وسهم لأجلها بسما لا يخفون بها على أهل البصائر والإيمان ولو نشاءوا لأريناكم فلعرفتهم بسماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم " انتهى ما قاله ابن القيم رحمه الله أسأل الله تعالى أن يعيذني وإياكم من النفاق وأن يجعل إيماننا صريحا خالصا للملك القهار أيها المسلمون احذروا النفاق واحذروا المنافقين لا تركبوا ركابهم لا تلهثوا وراءهم فلقد أنزل الله في ذمهم وبيان صفاتهم وأعمالهم آيات كثيرة في سور عديدة حتى أنزل فيهم سورة كاملة قال فيها : ﴿ هم العدو فاحذرهم ﴾ أنزل فيهم آيات في سورة البقرة وفي آل عمران وفي النساء وفي الأنفال وفي سورة التوبة آيات كثيرة حتى سماها بعض السلف سورة الفاضحة وفي سورة العنكبوت وفي سورة الأحزاب وفي سورة الفتح وفي سورة التحريم ففـكـر أيها المسلم فــكــر هل فيك شيء من صفاتهم وأعمالهم ؟ إن كان الجواب نعم فعيك أن تتوب إلى الله عليك أن تتوب إلى الله منه قبل أن يفجأك الموت قبل أن تلاقي ربك قبل أن يحال بينك وبين التوبة فتقول في جواب الملكين في القبر هآ هآ لا أدري إني سمعت الناس يقولون شيء فقلته قبل أن يحق عليك قول الله عز وجل : ﴿ ومن أهل المدينة مرضوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم ﴾ أيها الأخ المسلم عليك أن تكون مخلصا لله في عباداتك وفي جميع معاملاتك حتى تكون من المخلصين حتى تكون مع رسول الله - صلى الله عليه وعلى أله وسلم - بتحقيق متابعته كن صادقا مع المسلمين في محبتهم والنصح لهم وأن لا يخالف باطنك ظاهره اللهم اجعلنا لك مخلصين متبعين لرسولك ناصحين لعبادك اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد .
الحمد لله الحمد لله أحمده وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله - صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين - أما بعد أيها الإخوة المسلمون فاتقوا الله عباد الله وأصلحوا بواطنكم كما تصلحون ظواهركم إن المعول يوم القيامة على ما في القلوب كما قال الله تعالى : ﴿ إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر ﴾ وقال الله تعالى : ﴿ أفالا يعلم إذا ما بعثر في القبور وحصل ما في الصدور ﴾ طيبوا قلوبكم بالإخلاص لله عز وجل واحذروا النفاق ولا تتهاونوا به ولا تقولوا إننا مؤمنون وليس فينا نفاق قال عبد الله ابن أبي مليكة - رحمه الله - : " أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كلهم يخاف النفاق على نفسه " ثلاثون من الصحابة أدركهم عبد الله ابن أبي مليكة كلهم يخاف أن يكون منافقا من حيث لا يشعر فكر يا أخي في نفسك فكر في قلبك هل الصلوات ثقيلة عليك ؟ إن كانت الصلوات ثقيلة عليك ففيك شعبة من النفاق لقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - << أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا >> أما إذا كنت تفرح بالصلاة إذا أقبلت فاعلم أن ذلك من كمال الإيمان وهو داخل في قوله تعالى : ﴿ يا أيها الذين أمنوا اصبروا وصابرو ورابطو واتقوا الله لعلكم تفلحون ﴾ فكر في مآلك هل أنت تقول الكذب ؟ إن كنت تقول الكذب ففيك شعبة من النفاق فكر في مواعيدك لغيرك هل أنت تفي بها على الوجه الذي وعدت أو تخلفها ؟ إن كنت تخلفها ففيك شعبة من النفاق فكر في مخاصمتك لغيرك هل أنت تخاصم تطلب الحق ؟ تطلب الحق لنفسك ؟ أو أنت مخاصم تريد الباطل تريد أكل أموال الناس وهضم حقوقهم بغير حق ؟ إن كنت كذلك ففيك شعبة من النفاق قال النبي صلى عليه وعلى آله وسلم : << آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أتمن خان >> وفي لفظ : << وإذا خاصم فجر >> فكر في نفسك هل أنت تكره عباد الله المؤمنين الذين ينفذون ما أمر الله به ورسوله ويظهرون بمظهر المسلم الحق هل أنت تكره هؤلاء ؟ إن كنت كذلك ففيك شعبة من النفاق لأن المنافقين هم الذين يكرهون أهل الحق والإيمان هم الذين يقدحون فيهم هم الذين يسبونهم قال المنافقون ذات مرة : ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوننا ولا .... ألسننا ولا .... عند اللقاء يعنون بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل : ﴿ ولان سألتهم ليقلن إنما كنا نخوض ونلعب قل آ بلله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتبروا قد كفرتم بعد إيمانكم ﴾
فكر في نفسك هل أنت تكره شيئا من الحق ؟ إن كنت تكره شيئا من الحق ولو كنت تنفذه فإن فيك شعبة من النفاق أيها الإخوة المسلمون فكروا في أنفسكم فكروا في قلوبكم أنظروا هل أنتم من الذين قال الله فيهم : ﴿ إنما كان قول المؤمنون إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ﴾ واعلموا أيها الأخوة أن النفاق العملي كالكذب وإخلاف الموعد والفجور بالخصومة والخيانة في الأمانة وإن كانت لا تصل إلى حد النفاق الذي يخلد صاحبه في النار فإنها درجة قد تصل إليه فاحذروا النفاق ظاهره وباطنه وأخلصوا لله عز وجل ولا ترآو الناس في عباداتكم لا ترآوهم بالعبادة اعبدوا الله حقا سواء رآكم الناس أم لم يروكم اعبدوا الله حقا سواء سمعكم الناس أم لم يسمعوا كم فاتقوا الله أيها المؤمنون واستعيذوا بالله من النفاق ظاهره وخفيه واستعينوا بالله على إخلاص العمل لله وحده واعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة يعني في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فاجتمعوا عباد الله على سنة الله فاجتمعوا عباد الله على سنة الله واتفقوا عليها ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم وأكثروا من الصلاة والسلام على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم امتثالا لأمر الله وقياما بحق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم واحتسابا
لثواب الله فلقد قال الله تعالى : ﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ﴾ سمعا لك اللهم وطاعة اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته وإتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته الله احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي أفضل أتباع المرسلين اللهم أرضى عن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضى عنا معهم اللهم أرضى عنا معهم اللهم أرضى عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم إن نسألك في مقامنا هذا أن تذل كل من تسلط على المسلمين اللهم أذقه الذل والخزي والعار اللهم اهزم جنودهم اللهم شتت شملهم اللهم اجعل بأسهم بينهم الهم انزل فيهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين أعني بذلك الوثنيين من الهنود وأعني بذلك الصرب من النصارى المسلطين على إخواننا في ألبانيا وأسأل الله تعالى أن يصلح ذات بين المسلمين وأن يصلح أولئك القوم الذين يتحاربون فيما بينهم ويقتل بعضهم بعضا وهم من المسلمين اللهم أصلح بينهم اللهم اجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين اللهم أصلح لنا ولاة أمورنا اللهم أصلح لنا ولاة أمورنا اللهم اجعلهم حاكمين بكتابك
وسنة نبيك عادلين في أحكامهم بين عبادك يا رب العالمين مبتعدين عن كل ما فيه من الشر والفساد إنك على كل شيء قدير اللهم أصلح للمسلمين ولاتهم وأرزقهم ولاة صالحين يا رب العالمين اللهم وأصلح لولاتنا وولاة المسلمين بطانتهم اللهم أصلح لهم البطانة وأعنهم على أداء الأمانة وجعلهم ناصحين لعبادك يا رب العالمين ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكون من الخاسرين ربنا وأغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غل للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
- انتهت مادة الشريط -
لا تنسونا من صالح دعائكم
الحمد لله العلي الكبير اللطيف الخبير يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور يقضي بالحق ويكشف المستور أنزل في كتابه المبين على نبينا الكريم ﴿ يأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم و بئس المصير ﴾ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم النشور والمصير وسلم تسليما كثيرا أم بعد :
لقد قسم الله الناس إلى ثلاثة أقسام ذكر ذلك في أول سورة البقرة إلى مؤمنين خلص وكافرين خلص ومنافقين مذبذبين بين ذلك مسلمون ظاهرا وكافرون باطنا قال الله عز وجل : ﴿ ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ﴾ ثم ذكر صفاتهم ثم قال :﴿ إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ﴾ ثم ذكر القسم الثالث ﴿ ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ﴾ عباد الله احذروا النفاق احذروا النفاق واحذروا المنافقين احذروا النفاق فإنه بئس البضاعة واحذروا المنافقين فإنهم هم العدو للمؤمنين إلى قيام الساعة إن النفاق مرض .... فتاك قاتل إنه طمس للحقائق وبث للخيانة والخداع وتلبيس للأمور إن النفاق أن يتظاهر المرء بالخير وقلبه منطو على الشر يتظاهر بالإيمان وهو كافر يتظاهر بالعفاف وهو فاجر يتظاهر بالصدق وهو كاذب يتظاهر بالوفاء وهو غادر يتظاهر بالنصح وهو ماكر يتظاهر بالصداقة وهو عدو يتظاهر بالصلاح وهو فاسد يتظاهر بالإصلاح وهو مفسد ﴿ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون الله يستهزأ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ﴾ أيها الإخوة أيها الإخوة المؤمنون أجارني الله وإياكم من النفاق وجعل إيماننا خالصا لله ظاهرا وباطنا لقد كشف الله تعالى أستار المنافقين وفضحهم وبين صفاتهم وأعمالهم ليكون المؤمن منها ومنهم على حذر وبين جزاءهم في الآخرة وأنهم في نار جهنم حتى إنه تعالى يقدم ذكرهم على ذكر الكافرين في عقابهم في النار كما في قوله تعالى : ﴿ وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مهين ﴾ وقال تعالى : ﴿ إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا ﴾ وقال الله تعالى : ﴿ ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ﴾ وقال تعالى : ﴿ ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ﴾ ولقد عقد العلامة ابن القيم - رحمه الله - أحد تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية عقد فصلا في المنافقين في كتابه مدارج السالكين في نحو عشر صفحات ننقل منه ما تيسر قال - رحمه الله - : " وقد هتك الله أستار المنافقين وكشف أسرارهم في القرآن وجلا لعباده أمورهم ليكونوا منها ومن أهلها على حذر فذكر طوائف العالم الثلاث في أول سورة البقرة فذكر في المؤمنين أربع آيات وفي الكفار آيتين وفي المنافقين ثلاثة عشر آية لكثرتهم وعموم الإبتلاء بهم وشدة فتنتهم على الإسلام وأهله فإن برية الإسلام بهم شديدة لأنهم منسوبون إليه وإلى نصرته وموالاته وهم أعداءه في الحقيقة فكم من معقل للإسلام هدموه وكم من حصن قلعوا أساسه وخربوه فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبلية ولا يزال يخرقه من شبهم سرية من بعد سرية اتفقوا على مفارقة الوحي فهم على ترك الإقتداء به مجتمعون يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولأجل ذلك اتخذوا هذا القرآن مهجورا لبسوا ثياب أهل الإيمان على قلوب أهل الزيغ والخسران فالظواهر ظواهر الأنصار والبواطن قد تحيزت إلى الكفار ألسنتهم ألسنة المسالمين وقلوبهم قلوب المحاربين رأس مالهم الخديعة والمكر وبضاعتهم الكذب والغدر لكن منهم وجهان وجه يلقى به المؤمنين ووجه ينقلب إلى إخوانه من المفسدين لهم علامات يعرفون بها مبينة في السنة والقرآن بادية لمن تدبرها من أهل بصائر الإيمان يتربصون الدوائر بأهل السنة والقرآن أوامرهم التي يأمرون بها أتباعهم متضمنة لفساد البلاد والعباد ونواهيهم عما فيه صلاحهم في المعاش والمعاد وأحدهم تلقاه بين جماعة أهل الإيمان في الصلاة والذكر والزهد و الاجتهاد وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد إن حاكمتهم إلى صريح الوحي وجدتهم عنه نافرين وإن دعوتهم إلى حكم كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - رأيتهم عنه معرضين وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا تبا لهم ما أبعدهم عن حقيقة الإيمان وما أكذب دعواهم للتحقيق والعرفان فالقوم في شأن وإتباع الرسول في شأن لقد أقسم الله تعالى في كتابه بنفسه المقدسة قسما عظيما فقال : ﴿ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ﴾ أحسن الناس أجساما وأغلظهم لسانا وألطفهم بينا وأخبثهم قلوبا وأضعفهم جنانا فهم كالخشب المسندة التي لا ثمر لها فقد خلعت من مغارسها فتساندت إلى حائطا يقيمها لن لا يطأها السالكون ﴿ وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنا يؤفكون ﴾ أسروا سرائر النفاق فأظهرها الله على صفحات الوجوه منهم وفلتات اللسان و وسهم لأجلها بسما لا يخفون بها على أهل البصائر والإيمان ولو نشاءوا لأريناكم فلعرفتهم بسماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم " انتهى ما قاله ابن القيم رحمه الله أسأل الله تعالى أن يعيذني وإياكم من النفاق وأن يجعل إيماننا صريحا خالصا للملك القهار أيها المسلمون احذروا النفاق واحذروا المنافقين لا تركبوا ركابهم لا تلهثوا وراءهم فلقد أنزل الله في ذمهم وبيان صفاتهم وأعمالهم آيات كثيرة في سور عديدة حتى أنزل فيهم سورة كاملة قال فيها : ﴿ هم العدو فاحذرهم ﴾ أنزل فيهم آيات في سورة البقرة وفي آل عمران وفي النساء وفي الأنفال وفي سورة التوبة آيات كثيرة حتى سماها بعض السلف سورة الفاضحة وفي سورة العنكبوت وفي سورة الأحزاب وفي سورة الفتح وفي سورة التحريم ففـكـر أيها المسلم فــكــر هل فيك شيء من صفاتهم وأعمالهم ؟ إن كان الجواب نعم فعيك أن تتوب إلى الله عليك أن تتوب إلى الله منه قبل أن يفجأك الموت قبل أن تلاقي ربك قبل أن يحال بينك وبين التوبة فتقول في جواب الملكين في القبر هآ هآ لا أدري إني سمعت الناس يقولون شيء فقلته قبل أن يحق عليك قول الله عز وجل : ﴿ ومن أهل المدينة مرضوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم ﴾ أيها الأخ المسلم عليك أن تكون مخلصا لله في عباداتك وفي جميع معاملاتك حتى تكون من المخلصين حتى تكون مع رسول الله - صلى الله عليه وعلى أله وسلم - بتحقيق متابعته كن صادقا مع المسلمين في محبتهم والنصح لهم وأن لا يخالف باطنك ظاهره اللهم اجعلنا لك مخلصين متبعين لرسولك ناصحين لعبادك اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد .
الحمد لله الحمد لله أحمده وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله - صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين - أما بعد أيها الإخوة المسلمون فاتقوا الله عباد الله وأصلحوا بواطنكم كما تصلحون ظواهركم إن المعول يوم القيامة على ما في القلوب كما قال الله تعالى : ﴿ إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر ﴾ وقال الله تعالى : ﴿ أفالا يعلم إذا ما بعثر في القبور وحصل ما في الصدور ﴾ طيبوا قلوبكم بالإخلاص لله عز وجل واحذروا النفاق ولا تتهاونوا به ولا تقولوا إننا مؤمنون وليس فينا نفاق قال عبد الله ابن أبي مليكة - رحمه الله - : " أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كلهم يخاف النفاق على نفسه " ثلاثون من الصحابة أدركهم عبد الله ابن أبي مليكة كلهم يخاف أن يكون منافقا من حيث لا يشعر فكر يا أخي في نفسك فكر في قلبك هل الصلوات ثقيلة عليك ؟ إن كانت الصلوات ثقيلة عليك ففيك شعبة من النفاق لقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - << أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا >> أما إذا كنت تفرح بالصلاة إذا أقبلت فاعلم أن ذلك من كمال الإيمان وهو داخل في قوله تعالى : ﴿ يا أيها الذين أمنوا اصبروا وصابرو ورابطو واتقوا الله لعلكم تفلحون ﴾ فكر في مآلك هل أنت تقول الكذب ؟ إن كنت تقول الكذب ففيك شعبة من النفاق فكر في مواعيدك لغيرك هل أنت تفي بها على الوجه الذي وعدت أو تخلفها ؟ إن كنت تخلفها ففيك شعبة من النفاق فكر في مخاصمتك لغيرك هل أنت تخاصم تطلب الحق ؟ تطلب الحق لنفسك ؟ أو أنت مخاصم تريد الباطل تريد أكل أموال الناس وهضم حقوقهم بغير حق ؟ إن كنت كذلك ففيك شعبة من النفاق قال النبي صلى عليه وعلى آله وسلم : << آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أتمن خان >> وفي لفظ : << وإذا خاصم فجر >> فكر في نفسك هل أنت تكره عباد الله المؤمنين الذين ينفذون ما أمر الله به ورسوله ويظهرون بمظهر المسلم الحق هل أنت تكره هؤلاء ؟ إن كنت كذلك ففيك شعبة من النفاق لأن المنافقين هم الذين يكرهون أهل الحق والإيمان هم الذين يقدحون فيهم هم الذين يسبونهم قال المنافقون ذات مرة : ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوننا ولا .... ألسننا ولا .... عند اللقاء يعنون بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل : ﴿ ولان سألتهم ليقلن إنما كنا نخوض ونلعب قل آ بلله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتبروا قد كفرتم بعد إيمانكم ﴾
فكر في نفسك هل أنت تكره شيئا من الحق ؟ إن كنت تكره شيئا من الحق ولو كنت تنفذه فإن فيك شعبة من النفاق أيها الإخوة المسلمون فكروا في أنفسكم فكروا في قلوبكم أنظروا هل أنتم من الذين قال الله فيهم : ﴿ إنما كان قول المؤمنون إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ﴾ واعلموا أيها الأخوة أن النفاق العملي كالكذب وإخلاف الموعد والفجور بالخصومة والخيانة في الأمانة وإن كانت لا تصل إلى حد النفاق الذي يخلد صاحبه في النار فإنها درجة قد تصل إليه فاحذروا النفاق ظاهره وباطنه وأخلصوا لله عز وجل ولا ترآو الناس في عباداتكم لا ترآوهم بالعبادة اعبدوا الله حقا سواء رآكم الناس أم لم يروكم اعبدوا الله حقا سواء سمعكم الناس أم لم يسمعوا كم فاتقوا الله أيها المؤمنون واستعيذوا بالله من النفاق ظاهره وخفيه واستعينوا بالله على إخلاص العمل لله وحده واعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة يعني في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فاجتمعوا عباد الله على سنة الله فاجتمعوا عباد الله على سنة الله واتفقوا عليها ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم وأكثروا من الصلاة والسلام على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم امتثالا لأمر الله وقياما بحق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم واحتسابا
لثواب الله فلقد قال الله تعالى : ﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ﴾ سمعا لك اللهم وطاعة اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته وإتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته الله احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي أفضل أتباع المرسلين اللهم أرضى عن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضى عنا معهم اللهم أرضى عنا معهم اللهم أرضى عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم إن نسألك في مقامنا هذا أن تذل كل من تسلط على المسلمين اللهم أذقه الذل والخزي والعار اللهم اهزم جنودهم اللهم شتت شملهم اللهم اجعل بأسهم بينهم الهم انزل فيهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين أعني بذلك الوثنيين من الهنود وأعني بذلك الصرب من النصارى المسلطين على إخواننا في ألبانيا وأسأل الله تعالى أن يصلح ذات بين المسلمين وأن يصلح أولئك القوم الذين يتحاربون فيما بينهم ويقتل بعضهم بعضا وهم من المسلمين اللهم أصلح بينهم اللهم اجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين اللهم أصلح لنا ولاة أمورنا اللهم أصلح لنا ولاة أمورنا اللهم اجعلهم حاكمين بكتابك
وسنة نبيك عادلين في أحكامهم بين عبادك يا رب العالمين مبتعدين عن كل ما فيه من الشر والفساد إنك على كل شيء قدير اللهم أصلح للمسلمين ولاتهم وأرزقهم ولاة صالحين يا رب العالمين اللهم وأصلح لولاتنا وولاة المسلمين بطانتهم اللهم أصلح لهم البطانة وأعنهم على أداء الأمانة وجعلهم ناصحين لعبادك يا رب العالمين ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكون من الخاسرين ربنا وأغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غل للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
- انتهت مادة الشريط -
لا تنسونا من صالح دعائكم