المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإقبال العربي يتزايد على العقارات الأميركية باستثمار 4 مليارات دولار



أبوتركي
14-04-2007, 03:12 AM
الإقبال العربي يتزايد على العقارات الأميركية باستثمار 4 مليارات دولار

توجهات الاستثمار العربي في 2007

تعتقد بعض مصادر العقار الدولي ان الاستثمار العقاري العربي ينسحب إنسحابا منظما من الاسواق الاميركية نحو اسواق آسيا واوروبا. ولكن هذا الانطباع، الذي تبلور بعد عام 2001، بدأ يتغير جذريا في السنوات الاخيرة وخصوصا بعد ارتفاع اسعار النفط وتوجيه المزيد من الفوائض نحو استثمارات عقارية مدروسة على خلاف فوائض الطفرة السابقة التي توجهت في معظمها نحو السندات الحكومية والاسهم.
وخلافا للمتوقع فان النسبة الاكبر من الاستثمار العقاري العربي في الخارج، وفقا للاحصاءات المتاحة، تتجه في الوقت الحاضر الى الولايات المتحدة والى المناطق التي يفضلها العرب مثل ولاية كاليفورنيا. حيث تؤكد احصاءات النصف الاول من عام 2006 ان العرب استثمروا في العقارات الاميركية ما يزيد عن الاربعة مليارات دولار مقابل نصف هذا المبلغ في اوروبا، وعشرين ضعفا حجم استثماراتهم في آسيا خلال الفترة نفسها، والتي لم تزد عن 200 مليون دولار. وفي المقابل كانت المبيعات العربية من العقار الاميركي اقل منها في اوروبا حيث باع العرب ما يوازي مليار دولار من العقارات الاميركية مقابل 1.6 مليار دولار من العقارات الاوروبية. بينما احتفظ العرب بكل ممتلكاتهم الاسيوية بلا مبيعات بالمرة خلال الفترة نفسها، ربما لصغر حجمها اصلا.

من المناطق التي يزداد فيها الاقبال العربي في الوقت الحاضر ولاية كاليفورنيا خصوصا في ضواحي لوس انجليس الشمالية ومدينة سان فرانسيسكو. وفي شمال لوس انجليس، التي تشمل مناطق مثل ايغل بارك وهايلاند بارك وماونت واشنطن، يزداد الاقبال العربي على نماذج جديدة من العقار المنفصل التي يتم تصميمها هندسيا وداخليا بواسطة فنانين محليين وفقا لطلبات كل مستثمر على حدة.

ولا يتوجه معظم هذا الاستثمار العقاري المميز بالضرورة الى اقامة المستثمر في الولايات المتحدة بل للتأجير والبيع لمشترين قادمين من جنوب لوس انجليس يبحثون عن الضواحي الهادئة والمعمار المتميز ولمسات فنية في التصميم الداخلي. وهي عقارات تتميز بالعناية بالتفاصيل بداية من الزجاج الملون الى نوع السجاد والمحتويات. وهي بوجه عام عقارات اغلى ثمنا من الشقق عالية الكثافة التي اخذت تنتشر في شمال لوس انجليس لتلبية الطلب المتزايد فيها، ولكن العقارات الخاصة التي يصممها فنانون ينتمون الى مدرسة عقارية محلية تسمى «أرويو» مازالت تمثل نصف حجم العقارات في المنطقة. ويأتي اليها المشترون في افواج من جنوب الولاية ومواقع اخرى لتفقدها واختيار الاستثمارات الملائمة لهم.

وما زالت الاسعار في المنطقة جذابة من الناحية الاستثمارية نظرا لوجود شبهة العنف فيها لارتباط المنطقة بعصابات تسمى «افينيو 43» ولكن هذه المشكلة ليست قاصرة على المنطقة وتعم مناطق اخرى في كاليفورنيا ولا تعطل الانطلاق العقاري فيها. وتهدف الاستثمارات العقارية الجذابة الى خلق نوع من الثقة والفخر بين اهالي المنطقة بحيث تنعكس ايجابيا على اسلوب الحياة وتحد من انتشار العنف والجريمة. كما تنفق حكومة الولاية بسخاء على المشروعات الخدمية والبنية التحتية لرفع مستوى الامان وتأهيل الصغار لابعادهم عن الجريمة.

ويقول خبير العقار المحلي بوب تيللور الذي يدير شركة عقار تحمل اسمه وتدير نحو 500 عقار من هذا النوع كلها مؤجرة، انه عاش طوال حياته في المنطقة وانها تشهد في الشهور الاخيرة ارتفاعا ملحوظا في قيمتها نظرا لاقبال المحترفين صغار السن للمعيشة فيها. وهو يلحظ ايضا اختلاط الاجناس في المنطقة وتكاملها في وئام اجتماعي، واقبال العديد من الاثرياء من المناطق المجاورة للاقامة فيها، الامر الذي انعكس على تضاعف اسعار العقار ثلاثة مرات خلال السنوات الخمس الاخيرة. ويبلغ متوسط سعر العقار المكون من غرفتين وحمام واحد وحديقة على مساحة الف قدم حوالي نصف مليون دولار.

وهو يقر بوجود بعض افراد العصابات في المنطقة ويشير الى ان رؤساء هذه العصابات كلهم في السجن حاليا وانه يغادر مكتبه في الساعة التاسعة مساء يوميا ويشاهد العديد من هؤلاء المنتمين للعصابات ولكنهم يحيونه لانه يؤجر الشقق للعديد من اولياء امورهم كما انه يعرفهم منذ ان كانوا اطفالا في المدارس.

كما تتوجه بعض الاستثمارات العربية ايضا الى مشروع حي كامل جديد في سان فرانسيسكو اقيم على اراض ظلت عبر عقود مقرا لمحطة سكك حديدية مهجورة كانت في الماضي تخدم ميناء المدينة وقت ازدهاره قبل نصف قرن. وبقيت المنطقة شاغرة لمدة عشرين عاما وسط صراعات الحصول على تراخيص البناء اللازمة التي صدرت في نهاية التسعينات لبناء حي متكامل اسمه «ميشن باي». وتقع المنطقة جنوب مركز المدينة ويحيطها الخليج من ثلاث جهات. وهي مازالت تحت الانشاء باستثمارات مكثفة وتعد بأن تكون من ارقى احياء سان فرانسيسكو بنظام مواصلات عامة متكامل.

ولا يقتصر الاعمار في المنطقة على الاحياء السكنية بل يشمل العقار التجاري ايضا من مكاتب ومنافذ تجارية وحدائق عامة. وما يزيد من قيمة العقار في المنطقة وجود منشآت لها علاقة بتراث المدينة مثل استاد فريق «جيانتس» لكرة القدم الاميركية في شمال المنطقة ومبنى العلوم التابع لجامعة سان فرانسيسكو الذي يدخل حاليا المرحلة الثانية من بنائه. وتكتمل الصورة ببناء مستشفى متخصص في قلب الحي الجديد.

ويبلغ الاستثمار الاجمالي في هذه المنطقة حوالي اربعة مليارات دولار يوفر بعد استكماله حوالي ستة الاف وحدة سكنية منها نسبة 28 في المائة من الاسكان الشعبي الموجه الى الفئات العاملة في توفير الخدمات للمدينة. كما تضم ايضا خمسة ملايين قدم مربع من العقار التجاري المخصص للمكاتب بالاضافة الى فندق وحديقة عامة. وتشمل المنشآت ايضا ملجأ لكبار السن ومكتبة عامة هي الاولى التي تبنى في سان فرانسيسكو منذ 40 عاما، بالاضافة الى عدد من محلات السوبر ماركت والمقاهي.

وهو من الاحياء القليلة بهذا الحجم التي تنشأ من الصفر في مدينة اميركية، ويعتبر استثمارا جيدا للمدى البعيد لانه من الاحياء المستقبلية في المدينة. ويجذب حي «ميشن باي» الكثير من الاميركيين في مرحلة منتصف العمر للمعيشة الذين يبيعون عقارات كبيرة لشراء شقق صغيرة فيه. كما انه يجذب ايضا صغار المديرين والمحترفين العاملين في صناعة الكومبيوتر في المدينة. ويفضل المشترون قربه من منتصف المدينة واطلالته على الماء واستمرار التوسع والتطوير في الحي الامر الذي قد ينعكس ايجابيا على قيمة الاستثمار اكثر من اي موقع اخر في المدينة.

ويمكن الوصول الى قلب سان فرانسيسكو من حي «ميشن باي» بعد عشر دقائق فقط مشيا على الاقدام. كما تتبلور في الحي روابط بين السكان الذين يجتمعون احيانا لتقليم الاشجار او التجول بحيواناتهم الاليفة بالقرب من الخليج.

ويعود نجاح حي «ميشن باي» الى براعة شركات المعمار والتطوير العقاري في تصميم حي متكامل الخدمات ومفيد للمدينة بحيث يحصل على موافقة مجلس المدينة الذي يشتهر بمعارضته لاي مشروع عمراني جديد. كما حاز المشروع ايضا ثقة اهل المدينة الذين يشتهرون برفع القضايا لوقف المشروعات التي لا يرضون عنها. كما ان المجموعة المطورة للمشروع ذهبت الى اقصى الحدود لمراعاة المطالب الشعبية من توفير الحدائق العامة والمساحات الخضراء والحاق الاسكان الشعبي بالمشروع وتوفير المواصلات العامة.

وكان احد ملامح النجاح في بداية المشروع جذب جامعة سان فرانسيسكو التي كانت تفكر في العديد من المواقع الاخرى بتقديم الارض لها، على مساحة 43 فدانا، مجانا لكي تبني عليها مبنى العلوم. وهي هدية قيمتها 170 مليون دولار على الاقل. وكان مبنى الجامعة هو نواة بداية العمل المعماري وبداية النشاط في المجلس المحلي للموافقة على المشروع الاجمالي.

وكانت احدى الصعاب التي تم التغلب عليها الاتفاق على الارتفاع الاقصى للمباني حيث تشتهر سان فرانسيسكو بمعارضتها لناطحات السحاب. كما ان اهالي المدينة يرفضون اى ارتفاعات تحجب عنهم رؤية البحر من اي موقع فيها. وتم الاتفاق في النهاية على ارتفاع اقصى لا يزيد عن 160 قدما تلتزم به كل عقارات المنطقة.

الى هنا ويبدو المشروع «مضمونا» من حيث النجاح العقاري في المستقبل للمستثمرين فيه. ولكن على المستثمرين الجدد ان يأخذوا في الاعتبار ان المدينة تعرضت لهزة عنيفة انعكست سلبيا على العقار خلال العقد الاخير وهو ما عرف وقتها باسم «فقاعة الدوت كوم» التي بدأت في عام 2000. وحتى الان يشكك بعض مراقبي العقار المحليين في امكانية تطوير خمسة ملايين قدم مربع من العقار التجاري في وقت لا يوجد فيه طلب كاف في المنطقة على العقار التجاري من ناحية، وتتجه فيه العقارات الاميركية بوجه عام الى مرحلة انخفاض بسبب الدورة الاقتصادية الحالية وافلاس احدى شركات التمويل العقاري الكبرى.

ولكن القائمين على المشروع يوضحون ان هذا المشروع موجه للمدى البعيد وان الانجاز تم حتى الان في انشاء مساحة محدودة لا تزيد عن 600 الف قدم مربع نظرا لتراجع الطلب. وهم يعتقدون ان ملء المساحات الشاغرة الاخرى سوف يستغرق ما بين 20 و30 عاما اخرى. وهم يعقدون امالهم على مضى جامعة سان فرانسيسكو على تطوير مبناها الذي يعتبر بمثابة الحافز الاساسي للاستثمار في المنطقة. كما يعتبر وجود مقاول رئيسي لتطوير المنطقة بأسرها من العوامل الايجابية الاخرى لانه يخطط للمشروع الكبير بتكامل لا يمكن تنفيذه بوجود عدد كبير من المطورين الصغار.

وتأمل المدينة ان يكون مشروع «ميشن باي» الذي يعد اكبر مشروعات العقار المدنية الاميركية في الوقت الحاضر مثالا للمدن الاخرى وعامل جذب عمراني لسان فرانسيسكو التي تحاول ان تنهض من كبوتها.

وحتى الآن يتحسس الاستثمار العربي وجوده في المدن الاميركية على نطاق محسوب وبنسب صغيرة لا يضطر معها للاعلان عن هويته حتى يتجنب هبات الرأي العام السلبية ضد العرب التي ظهرت بوضوح في عملية تملك موانئ دبي لموانئ اميركية بالصدفة عبر تملكها لشركة «بي أند او» البحرية البريطانية والتي اسفرت عن رفض اميركي شعبي للصفقة رغم محاولات البيت الابيض لتوضيح ان دبي مستثمر عقاري عالمي مسؤول وان مثل هذا الاستثمار مفيد وليس مضرا للمصالح الاميركية. وتلجأ الاستثمارات العربية احيانا الى اخفاء هويتها عن طريق التملك عبر شركات ووكالات اميركية تجنبا لمتاعب مماثلة.