ROSE
17-04-2007, 01:19 AM
دراسة ل 'بوز ألن هاملتون' تنصحها بتعديل الهيكل التنظيمي ووضع استراتجيات إحداث القيمة
الشركات القابضة الخليجية تعمل بصورة غير منظمة.. وانتهازية
17/04/2007 كتب المحرر الاقتصادي:
أجرت الشركة الاستشارية العالمية في مجال الإدارة بوز ألن هاملتون أخيرا دراسة تناولت المعضلة التي تواجهها الشركات القابضة في بلدان مجلس التعاون الخليجي في تمييز نفسها، وسط بيئة عمل تشهد مزيدا من المزاحمة. فمع ارتفاع حدة المنافسة داخل المنطقة، ونضوج أسواق رأس المال، ووصول مجموعة جديدة من المنافسين، بات في إمكان الشركات القابضة القادرة على الإجابة على هذا السؤال الرئيسي تحقيق الازدهار. وهذه الشركات هي التي تقر بالوقائع الجديدة في السوق وتتكيف معها.
ويقول رائد اسطفان، مدير في 'بوز ألن هاملتون'، وهي شركة تنتشر مكاتبها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن 'العديد من الشركات القابضة في هذه المنطقة تجد صعوبة في إدارة نموها، فهي تتوسع وتنوع عملياتها، لكنها تستمر في العمل كما لو أنها ما زالت مؤسسات ذات حجم أصغر'.
العمود الفقري
شكلت الشركات القابضة لفترة طويلة، شأنها بذلك شأن الحكومات، العمود الفقري للنمو الاقتصادي في منطقة مجلس التعاون الخليجي. إذ كان العديد من الشركات القابضة في الخليج شركات فردية وعائلية تحولت إلى شركات كبرى، لا سيما من خلال الاندماج العمودي وتنويع النشاطات.
ويرى اسطفان في هذا الإطار أن 'الشركات القابضة العائلية في المنطقة استمدت ميزاتها التنافسية بشكل أساسي من الشبكات العائلية المترابطة والموسعة، ما مكنها من الحصول على المعلومات ورأس المال. وقد ساهمت إلى حد بعيد في التنمية الاقتصادية لبلدانها من خلال ملء الفراغ الذي تركته أسواق رأس المال التي هي في طور النمو، إذ اضطلعت بالدور الذي تؤديه عادة المصارف والأسواق المالية في البلدان ذات الاقتصاد المتطور'.
حالة التغيير
وحققت الشركات القابضة في مجلس التعاون قيما مرتفعة لمساهميها، لكنها بقيت في منأى عن المنافسة بسبب الملكية في الشركات وقوانين التمثيل التجاري. نتيجة لذلك، تقلصت حوافز العديد من الشركات القابضة لتبديل نهجها الموروث في إدارة عملها. واليوم، يواجه العديد من هذه الشركات صعوبة في التكيف مع تزايد حجمها وتنوع نشاطاتها، نتيجة النقص في الهياكل والإجراءات ونهج النمو القائم على استغلال الفرص المتاحة.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه الشركات القابضة حاليا منافسة متصاعدة على جبهتين رئيسيتين. بعد تحقيقها أرباحا نقدية كبيرة خلال فترات الازدهار الاقتصادي، تبحث الشركات الكبرى العائلية عن فرص نمو خارج أسواقها المحلية. ومع توسيع عملياتها الأساسية في اتجاه البلدان المجاورة، باتت المنافسة داخل المنطقة تشكل صعوبة إضافية لهذه الشركات في إيجاد فرص الاستثمار الجديدة والإفادة منها، والمنافسة في مجال عملها في الوقت عينه.
استراتيجية التوسع
ودفع النمو والضغوط التنافسية العديد من الشركات القابضة إلى إعادة التفكير في استراتجياتها الخاصة بإحداث القيمة ونماذجها التشغيلية. ويرى أحمد يوسف، مدير مشروع في 'بوز ألن هاملتون'، أنه 'من المهم أن تحدد الشركات القابضة استراتيجيتها لإحداث القيمة لشركاتها واستثماراتها. وللقيام بذلك يتوجب على هذه الشركات أن تطرح على نفسها السؤال التالي: ما الذي يمكنها تأمينه إلى جانب رأس المال؟ هل هي قدرتها في استقطاب فرص استثمار جاذبة؟ هل توجه استراتيجيات إحداث القيمة لشركات الحوافظ المالية من خلال الملكية الفعلية؟ هل بإمكانها تفعيل التناغم بين الشركات التي تستثمر فيها؟'.
يجب أن تقوم استراتيجية إحداث القيمة على أساس الميزات التنافسية للشركات القابضة وأن تساهم في تعزيزها وتوسيعها. يكون لهذه الاستراتيجية تأثيرها المباشر في اختيار النشاطات الاستثمارية المتنوعة والمتعددة لهذه الشركات. وأدى غياب الاستراتيجيات الواضحة لإحداث القيمة لدى العديد من الشركات القابضة في مجلس التعاون الخليجي إلى طغيان الاستثمارات المالية غير الأساسية والمدرجة في الأسواق المالية على الأصول التشغيلية الأساسية، ما عرضها إلى التقلبات غير المجدية للأسواق المالية. نورد في هذا الإطار الحالة التاريخية للانخفاض الكبير في قيمة الأصول الصافية لبعض الشركات القابضة خلال انكماش الأسواق المالية في عام 2006.
إلى ذلك، يتعين على الشركات القابضة إعادة النظر في هياكل رأس المال وسياسات أرباح الأسهم الخاصة بها، لتصبح أكثر تنافسية في الأسواق المتغيرة. ويشير يوسف في هذا الإطار إلى 'عدم تلاؤم بين توقعات المساهمين في العديد من الشركات القابضة والقواعد الأساسية لعملهم. فعلى سبيل المثال، لا يتحقق جزء كبير من مداخيلها على شكل إيرادات نقدية نظرا إلى طبيعة استثماراتها. غير أن مساهميها يتوقعون تحقيق أرباح نقدية موزعة أعلى للأسهم، كما لو كانت الشركات تحقق إيرادات نقدية ثابتة في قطاعات ناضجة، مع عدد قليل من مشاريع الاستثمار الجذابة. بيد أنه من الصعب إعادة تكييف سياسات توزيع الأرباح النقدية للأسهم الخاصة بها لأن عدم رضا المساهمين يترك وقعا سلبيا على أسعار الأسهم. وعليه سيكون على هذه الشركات أن تعيد ضبط توقعات مساهميها بتمهل'.
تصبح هذه المهمة أكثر سهولة مع تطور أسواق رأس المال الإقليمية واستقطاب المزيد من الشركات المستثمرة التي يعتبر مديروها المحترفون إيرادات المساهمين الإجمالية مقياسا لأداء الشركات.
بالإضافة إلى إعادة النظر في استراتيجيتها لإحداث القيمة وترشيد حوافظها المالية، يتعين على الشركات القابضة تعزيز نماذجها التشغيلية وتنسيقها. وبرأي ألبرت معدي، مستشار في 'بوز ألن هاملتون'، أنه 'مع نمو العديد من الشركات القابضة وتنوعها، فإنها تهمل مسألة إعادة الهيكلة مما يؤدي إلى تداخل بين النشاطات ويحدث تعارضا بين المديرين. وعليه يجب أن يفصل الهيكل التنظيمي السليم بوضوح بين النشاطات والحدود غير المتداخلة للسوق لتبين مصدر تحقيق الإيرادات'.
إعادة الهيكلة
ويجب أن تؤدي إعادة الهيكلة إلى إعادة النظر في إجراءات الإدارة الرئيسية، بما في ذلك التخطيط الاستراتيجي، وتخطيط العمل، وإعداد الموازنة، وإجراءات إدارة الأداء لشركات الحوافظ المالية. ويمكن أن يبدو هذا الأمر مهمة شاقة، خصوصا للشركات التي لم تمأسس قط إجراءات من هذا القبيل، لكن الفوائد تتخطى المخاطر إلى حد بعيد.
ويعتبر معدي أن 'العديد من الشركات القابضة لا تحدد البيانات التي تحتاجها لإدارة أدائها، بل تركز تخطيطها على مسار نموها الماضي بدلا من تركيزه على النمو المحتمل. لذلك تفاجأ في غالبية الأحيان من القيمة التي يمكن رفع النقاب عنها عندما تدرك قدراتها على النمو والفعالية التشغيلية التي يمكن تحقيقها'.
ويتعين النظر بشكل خاص في الإجراءات الاستثمارية للشركات القابضة. ففي حين ان بعض الشركات القابضة في مجلس التعاون الخليجي ما زالت تتابع استثماراتها بصورة غير منظمة وانتهازية، تعتمد الشركات الرائدة إجراءات استثمارية صريحة تضمن استخدام رأس المال بالشكل الأمثل وتلاؤمه مع الأهداف الاستراتيجية والمالية للمساهمين. ويستتبع إجراء من هذا القبيل مبادئ توجيهية محددة وواضحة تتناول أنواع الاستثمارات التي يجب متابعتها، فضلا عن المخرجات الواضحة ومستويات الصلاحية في كل مرحلة من مراحل الإجراءات. كما ستضفي الشركات القابضة الرائدة صرامة كبيرة على التفاوض في شأن الاتفاقات وهيكلتها للتخفيف من المخاطر وزيادة الإيرادات بأفضل صورة ممكنة.
ضبابية في الفصل
كما يتعين على الشركات القابضة إعادة النظر في أطر حوكمتها، التي تعاني من انعدام الفصل بين أعضاء مجلس الإدارة والإدارة عينها. في شكل خاص، تعاني بعض الشركات القابضة المملوكة للعائلات من ضبابية في الفصل بين مصالح العمل والمصالح العائلية، ما أدى إلى تفاقم مشاكل تخطيط التعاقب، مع اقتراب مؤسسي هذه الشركات، والذين كانوا على رأسها طوال عقود، من سن التقاعد. وعليه تحتاج هذه الشركات إلى إطار متين للحوكمة يسمح لجيل جديد من المسؤولين التنفيذيين بتولي المسؤولية تحت إدارة قاعدة أوسع من أفراد العائلات. ويتعين على الشركات القابضة، التي تسعى إلى تمويل نموها من خلال الاكتتابات العامة، تجديد أطر حوكمتها لاستقطاب المستثمرين وتلبية المتطلبات التنظيمية.
تقف الشركات القابضة في منطقة الخليج العربي عند مفترق طرق، إذ انها تتمتع بفوائض نقدية وبإمكان الوصول إلى أسواق سريعة النمو في المنطقة. وفي الوقت عينه، تواجه خطرا مستمرا نتيجة النزاعات الإقليمية وحساسية السوق حيال أسعار النفط المتقلبة. ويرى إبراهيم الحسيني، نائب الرئيس في بوز ألن هاملتون، أن 'الميزات الهيكلية وتلك المرتبطة بالسوق التي استفادت منها شركات الاستثمار القابضة في ما مضى تتراجع مع ارتفاع حدة المنافسة'. وفي هذا الجو الجديد، يتعين على الشركات القابضة في مجلس التعاون الخليجي إعادة النظر في استراتيجياتها الخاصة بإحداث القيمة، وترشيد محافظها الاستثمارية، بالإضافة إلى تعديل هياكلها التنظيمية وإجراءات الإدارة الخاصة بها وأطر حوكمتها لزيادة النمو والأرباح المستقبلية بشكل أكبر.
منافسة حامية الوطيس تقلص ميزات 'القابضة'
تواجه الشركات القابضة منافسة جديدة من شركات المساهمة الخاصة والشركات القابضة المدعومة حكوميا. إذ حصدت شركات المساهمة الخاصة أكثر من 10 مليارات دولار في عام 2006 وحده، وقد تخطى عددها 70 شركة. ويمكن لهذه الشركات تأمين فرص العمل من خلال مجالسها ذات النفوذ القوي وشركائها محدودي العدد. علاوة على ذلك، تمكنت هذه الشركات، وبفضل منح حصص من الأسهم لأفراد الإدارة العليا، من إعطاء حوافز أكبر مقابل تحسن أداء الشركات. كما بدأ النمو في سوق الأسهم الخاصة بجذب اهتمام شركات الاستثمار العالمية، التي أعلنت أخيرا عن استثمارات في المنطقة. وتواجه الشركات القابضة أيضا منافسة من الشركات القابضة والشركات الاستثمارية المدعومة من الدولة، والتي توظف بتوظيف مديرين محترفين وتتابع الفرص في عدد كبير من القطاعات، مثل العقارات والخدمات المالية والنقل والتربية والتعليم والرعاية الصحية. وأدى وصول هؤلاء المنافسين إلى تقلص الميزات التنافسية للشركات القابضة التقليدية، ما نقل البعد التنافسي فعليا من الحصول على رأس المال إلى الاستخدام الفعال له ومن الوصول إلى الفرص إلى القدرة على إضافة قيمة إلى استثمارات الشركة القابضة، ومن الوصول إلى المعلومات إلى الاستخدام المتفوق للمعلومات في الوقت المناسب.
معايير ترشيد المحافظ المالية
مع ترشيد الشركات القابضة محافظها المالية، لا بد من أن تحدد بوضوح التركيبة المستهدفة لحوافظها، وتضع المبادئ التوجيهية التي تحدد الاستثمارات التي يجب متابعتها وتلك التي يجب التخلي عنها تدريجيا. ويتعين على الشركات القابضة تحديد مجموعة من المعايير المتشعبة، بما في ذلك الموقع الجغرافي المستهدف والقطاع وحالة الشركة والمستوى المرغوب من المشاركة والملكية، وحجم الاستثمار، والمدة الزمنية للاستثمار. ويعني هذا القبول بالتسويات لكن بما يمكن الشركات القابضة من التركيز بصورة أفضل والبحث عن الفرص بفاعلية.
من هي 'بوز ألن هاملتون'؟
تحتل بوز ألن هاملتون، منذ 90 سنة خلت، أحد المراكز المتقدمة في ميدان الاستشارات الإدارية للشركات والمؤسسات والحكومات. وهي تجمع في نهجها بين الاستراتيجية والتكنولوجيا وعمق النظر والفعالية، فتوفر لعملائها حلولا ونتائج تستمر مفاعيلها في المستقبل. تستخدم الشركة أكثر من 16 ألف موظف في القارات الست وتفوق مبيعاتها 3 مليارات دولار سنويا. وتقدم خدمات في ميدان الاستراتيجية والتنظيم ومنهجيات العمل ونظم المعلومات والتقنية لكبرى الشركات العالمية والحكومات وما عداها من المؤسسات العامة والشركات الناشئة.
الشركات القابضة الخليجية تعمل بصورة غير منظمة.. وانتهازية
17/04/2007 كتب المحرر الاقتصادي:
أجرت الشركة الاستشارية العالمية في مجال الإدارة بوز ألن هاملتون أخيرا دراسة تناولت المعضلة التي تواجهها الشركات القابضة في بلدان مجلس التعاون الخليجي في تمييز نفسها، وسط بيئة عمل تشهد مزيدا من المزاحمة. فمع ارتفاع حدة المنافسة داخل المنطقة، ونضوج أسواق رأس المال، ووصول مجموعة جديدة من المنافسين، بات في إمكان الشركات القابضة القادرة على الإجابة على هذا السؤال الرئيسي تحقيق الازدهار. وهذه الشركات هي التي تقر بالوقائع الجديدة في السوق وتتكيف معها.
ويقول رائد اسطفان، مدير في 'بوز ألن هاملتون'، وهي شركة تنتشر مكاتبها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن 'العديد من الشركات القابضة في هذه المنطقة تجد صعوبة في إدارة نموها، فهي تتوسع وتنوع عملياتها، لكنها تستمر في العمل كما لو أنها ما زالت مؤسسات ذات حجم أصغر'.
العمود الفقري
شكلت الشركات القابضة لفترة طويلة، شأنها بذلك شأن الحكومات، العمود الفقري للنمو الاقتصادي في منطقة مجلس التعاون الخليجي. إذ كان العديد من الشركات القابضة في الخليج شركات فردية وعائلية تحولت إلى شركات كبرى، لا سيما من خلال الاندماج العمودي وتنويع النشاطات.
ويرى اسطفان في هذا الإطار أن 'الشركات القابضة العائلية في المنطقة استمدت ميزاتها التنافسية بشكل أساسي من الشبكات العائلية المترابطة والموسعة، ما مكنها من الحصول على المعلومات ورأس المال. وقد ساهمت إلى حد بعيد في التنمية الاقتصادية لبلدانها من خلال ملء الفراغ الذي تركته أسواق رأس المال التي هي في طور النمو، إذ اضطلعت بالدور الذي تؤديه عادة المصارف والأسواق المالية في البلدان ذات الاقتصاد المتطور'.
حالة التغيير
وحققت الشركات القابضة في مجلس التعاون قيما مرتفعة لمساهميها، لكنها بقيت في منأى عن المنافسة بسبب الملكية في الشركات وقوانين التمثيل التجاري. نتيجة لذلك، تقلصت حوافز العديد من الشركات القابضة لتبديل نهجها الموروث في إدارة عملها. واليوم، يواجه العديد من هذه الشركات صعوبة في التكيف مع تزايد حجمها وتنوع نشاطاتها، نتيجة النقص في الهياكل والإجراءات ونهج النمو القائم على استغلال الفرص المتاحة.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه الشركات القابضة حاليا منافسة متصاعدة على جبهتين رئيسيتين. بعد تحقيقها أرباحا نقدية كبيرة خلال فترات الازدهار الاقتصادي، تبحث الشركات الكبرى العائلية عن فرص نمو خارج أسواقها المحلية. ومع توسيع عملياتها الأساسية في اتجاه البلدان المجاورة، باتت المنافسة داخل المنطقة تشكل صعوبة إضافية لهذه الشركات في إيجاد فرص الاستثمار الجديدة والإفادة منها، والمنافسة في مجال عملها في الوقت عينه.
استراتيجية التوسع
ودفع النمو والضغوط التنافسية العديد من الشركات القابضة إلى إعادة التفكير في استراتجياتها الخاصة بإحداث القيمة ونماذجها التشغيلية. ويرى أحمد يوسف، مدير مشروع في 'بوز ألن هاملتون'، أنه 'من المهم أن تحدد الشركات القابضة استراتيجيتها لإحداث القيمة لشركاتها واستثماراتها. وللقيام بذلك يتوجب على هذه الشركات أن تطرح على نفسها السؤال التالي: ما الذي يمكنها تأمينه إلى جانب رأس المال؟ هل هي قدرتها في استقطاب فرص استثمار جاذبة؟ هل توجه استراتيجيات إحداث القيمة لشركات الحوافظ المالية من خلال الملكية الفعلية؟ هل بإمكانها تفعيل التناغم بين الشركات التي تستثمر فيها؟'.
يجب أن تقوم استراتيجية إحداث القيمة على أساس الميزات التنافسية للشركات القابضة وأن تساهم في تعزيزها وتوسيعها. يكون لهذه الاستراتيجية تأثيرها المباشر في اختيار النشاطات الاستثمارية المتنوعة والمتعددة لهذه الشركات. وأدى غياب الاستراتيجيات الواضحة لإحداث القيمة لدى العديد من الشركات القابضة في مجلس التعاون الخليجي إلى طغيان الاستثمارات المالية غير الأساسية والمدرجة في الأسواق المالية على الأصول التشغيلية الأساسية، ما عرضها إلى التقلبات غير المجدية للأسواق المالية. نورد في هذا الإطار الحالة التاريخية للانخفاض الكبير في قيمة الأصول الصافية لبعض الشركات القابضة خلال انكماش الأسواق المالية في عام 2006.
إلى ذلك، يتعين على الشركات القابضة إعادة النظر في هياكل رأس المال وسياسات أرباح الأسهم الخاصة بها، لتصبح أكثر تنافسية في الأسواق المتغيرة. ويشير يوسف في هذا الإطار إلى 'عدم تلاؤم بين توقعات المساهمين في العديد من الشركات القابضة والقواعد الأساسية لعملهم. فعلى سبيل المثال، لا يتحقق جزء كبير من مداخيلها على شكل إيرادات نقدية نظرا إلى طبيعة استثماراتها. غير أن مساهميها يتوقعون تحقيق أرباح نقدية موزعة أعلى للأسهم، كما لو كانت الشركات تحقق إيرادات نقدية ثابتة في قطاعات ناضجة، مع عدد قليل من مشاريع الاستثمار الجذابة. بيد أنه من الصعب إعادة تكييف سياسات توزيع الأرباح النقدية للأسهم الخاصة بها لأن عدم رضا المساهمين يترك وقعا سلبيا على أسعار الأسهم. وعليه سيكون على هذه الشركات أن تعيد ضبط توقعات مساهميها بتمهل'.
تصبح هذه المهمة أكثر سهولة مع تطور أسواق رأس المال الإقليمية واستقطاب المزيد من الشركات المستثمرة التي يعتبر مديروها المحترفون إيرادات المساهمين الإجمالية مقياسا لأداء الشركات.
بالإضافة إلى إعادة النظر في استراتيجيتها لإحداث القيمة وترشيد حوافظها المالية، يتعين على الشركات القابضة تعزيز نماذجها التشغيلية وتنسيقها. وبرأي ألبرت معدي، مستشار في 'بوز ألن هاملتون'، أنه 'مع نمو العديد من الشركات القابضة وتنوعها، فإنها تهمل مسألة إعادة الهيكلة مما يؤدي إلى تداخل بين النشاطات ويحدث تعارضا بين المديرين. وعليه يجب أن يفصل الهيكل التنظيمي السليم بوضوح بين النشاطات والحدود غير المتداخلة للسوق لتبين مصدر تحقيق الإيرادات'.
إعادة الهيكلة
ويجب أن تؤدي إعادة الهيكلة إلى إعادة النظر في إجراءات الإدارة الرئيسية، بما في ذلك التخطيط الاستراتيجي، وتخطيط العمل، وإعداد الموازنة، وإجراءات إدارة الأداء لشركات الحوافظ المالية. ويمكن أن يبدو هذا الأمر مهمة شاقة، خصوصا للشركات التي لم تمأسس قط إجراءات من هذا القبيل، لكن الفوائد تتخطى المخاطر إلى حد بعيد.
ويعتبر معدي أن 'العديد من الشركات القابضة لا تحدد البيانات التي تحتاجها لإدارة أدائها، بل تركز تخطيطها على مسار نموها الماضي بدلا من تركيزه على النمو المحتمل. لذلك تفاجأ في غالبية الأحيان من القيمة التي يمكن رفع النقاب عنها عندما تدرك قدراتها على النمو والفعالية التشغيلية التي يمكن تحقيقها'.
ويتعين النظر بشكل خاص في الإجراءات الاستثمارية للشركات القابضة. ففي حين ان بعض الشركات القابضة في مجلس التعاون الخليجي ما زالت تتابع استثماراتها بصورة غير منظمة وانتهازية، تعتمد الشركات الرائدة إجراءات استثمارية صريحة تضمن استخدام رأس المال بالشكل الأمثل وتلاؤمه مع الأهداف الاستراتيجية والمالية للمساهمين. ويستتبع إجراء من هذا القبيل مبادئ توجيهية محددة وواضحة تتناول أنواع الاستثمارات التي يجب متابعتها، فضلا عن المخرجات الواضحة ومستويات الصلاحية في كل مرحلة من مراحل الإجراءات. كما ستضفي الشركات القابضة الرائدة صرامة كبيرة على التفاوض في شأن الاتفاقات وهيكلتها للتخفيف من المخاطر وزيادة الإيرادات بأفضل صورة ممكنة.
ضبابية في الفصل
كما يتعين على الشركات القابضة إعادة النظر في أطر حوكمتها، التي تعاني من انعدام الفصل بين أعضاء مجلس الإدارة والإدارة عينها. في شكل خاص، تعاني بعض الشركات القابضة المملوكة للعائلات من ضبابية في الفصل بين مصالح العمل والمصالح العائلية، ما أدى إلى تفاقم مشاكل تخطيط التعاقب، مع اقتراب مؤسسي هذه الشركات، والذين كانوا على رأسها طوال عقود، من سن التقاعد. وعليه تحتاج هذه الشركات إلى إطار متين للحوكمة يسمح لجيل جديد من المسؤولين التنفيذيين بتولي المسؤولية تحت إدارة قاعدة أوسع من أفراد العائلات. ويتعين على الشركات القابضة، التي تسعى إلى تمويل نموها من خلال الاكتتابات العامة، تجديد أطر حوكمتها لاستقطاب المستثمرين وتلبية المتطلبات التنظيمية.
تقف الشركات القابضة في منطقة الخليج العربي عند مفترق طرق، إذ انها تتمتع بفوائض نقدية وبإمكان الوصول إلى أسواق سريعة النمو في المنطقة. وفي الوقت عينه، تواجه خطرا مستمرا نتيجة النزاعات الإقليمية وحساسية السوق حيال أسعار النفط المتقلبة. ويرى إبراهيم الحسيني، نائب الرئيس في بوز ألن هاملتون، أن 'الميزات الهيكلية وتلك المرتبطة بالسوق التي استفادت منها شركات الاستثمار القابضة في ما مضى تتراجع مع ارتفاع حدة المنافسة'. وفي هذا الجو الجديد، يتعين على الشركات القابضة في مجلس التعاون الخليجي إعادة النظر في استراتيجياتها الخاصة بإحداث القيمة، وترشيد محافظها الاستثمارية، بالإضافة إلى تعديل هياكلها التنظيمية وإجراءات الإدارة الخاصة بها وأطر حوكمتها لزيادة النمو والأرباح المستقبلية بشكل أكبر.
منافسة حامية الوطيس تقلص ميزات 'القابضة'
تواجه الشركات القابضة منافسة جديدة من شركات المساهمة الخاصة والشركات القابضة المدعومة حكوميا. إذ حصدت شركات المساهمة الخاصة أكثر من 10 مليارات دولار في عام 2006 وحده، وقد تخطى عددها 70 شركة. ويمكن لهذه الشركات تأمين فرص العمل من خلال مجالسها ذات النفوذ القوي وشركائها محدودي العدد. علاوة على ذلك، تمكنت هذه الشركات، وبفضل منح حصص من الأسهم لأفراد الإدارة العليا، من إعطاء حوافز أكبر مقابل تحسن أداء الشركات. كما بدأ النمو في سوق الأسهم الخاصة بجذب اهتمام شركات الاستثمار العالمية، التي أعلنت أخيرا عن استثمارات في المنطقة. وتواجه الشركات القابضة أيضا منافسة من الشركات القابضة والشركات الاستثمارية المدعومة من الدولة، والتي توظف بتوظيف مديرين محترفين وتتابع الفرص في عدد كبير من القطاعات، مثل العقارات والخدمات المالية والنقل والتربية والتعليم والرعاية الصحية. وأدى وصول هؤلاء المنافسين إلى تقلص الميزات التنافسية للشركات القابضة التقليدية، ما نقل البعد التنافسي فعليا من الحصول على رأس المال إلى الاستخدام الفعال له ومن الوصول إلى الفرص إلى القدرة على إضافة قيمة إلى استثمارات الشركة القابضة، ومن الوصول إلى المعلومات إلى الاستخدام المتفوق للمعلومات في الوقت المناسب.
معايير ترشيد المحافظ المالية
مع ترشيد الشركات القابضة محافظها المالية، لا بد من أن تحدد بوضوح التركيبة المستهدفة لحوافظها، وتضع المبادئ التوجيهية التي تحدد الاستثمارات التي يجب متابعتها وتلك التي يجب التخلي عنها تدريجيا. ويتعين على الشركات القابضة تحديد مجموعة من المعايير المتشعبة، بما في ذلك الموقع الجغرافي المستهدف والقطاع وحالة الشركة والمستوى المرغوب من المشاركة والملكية، وحجم الاستثمار، والمدة الزمنية للاستثمار. ويعني هذا القبول بالتسويات لكن بما يمكن الشركات القابضة من التركيز بصورة أفضل والبحث عن الفرص بفاعلية.
من هي 'بوز ألن هاملتون'؟
تحتل بوز ألن هاملتون، منذ 90 سنة خلت، أحد المراكز المتقدمة في ميدان الاستشارات الإدارية للشركات والمؤسسات والحكومات. وهي تجمع في نهجها بين الاستراتيجية والتكنولوجيا وعمق النظر والفعالية، فتوفر لعملائها حلولا ونتائج تستمر مفاعيلها في المستقبل. تستخدم الشركة أكثر من 16 ألف موظف في القارات الست وتفوق مبيعاتها 3 مليارات دولار سنويا. وتقدم خدمات في ميدان الاستراتيجية والتنظيم ومنهجيات العمل ونظم المعلومات والتقنية لكبرى الشركات العالمية والحكومات وما عداها من المؤسسات العامة والشركات الناشئة.