الصارم المسلول
17-04-2007, 09:31 AM
شروط الصلاة- المواقيت
بارك الله فيكم السائل يقول فضيلة الشيخ تعلمون أن هناك أجزاء من الأرض لا تطلع الشمس عليها إلا وقتاً يسيراً ثم تحتجب فبماذا يكون ميقات الصلاة والفطر للصائم الذي يذهب إلى هناك مع العلم بأن أهل تلك البلاد كفرة لا يعرفون المواقيت وتحركات الشمس في الأيام التي تظهر فيها عليهم وجهونا مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى:
نعم هؤلاء القوم لهم حكم من يأتي عليهم زمن الدجال فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حدث أصحابه عن الدجال وقال إنه يمكث في الأرض أربعين يوماً يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كأسبوع وسائر أيامه كأيامكم فبدأ الصحابة رضي الله عنهم يسألون عن الأمر الديني المتعلق بهذا الاختلاف في جريان الشمس فقالوا يا رسول الله أرأيت اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم واحد قال لا اقدروا له قدره وعلى هذا فيكون اليوم الذي كسنة فيه صلاة سنة كاملة ويقدر له قدره بحسب السنة التي يكون فيها الليل والنهار أربعا وعشرين ساعة وعلى هذا فنقول لهؤلاء القوم الذين أشار إليهم السائل اقدروا قدر الصلوات والشهور المعتادة ثم ابنوا عباداتكم على هذا التقدير ولكن على أي شيء يقدرون على خط مكة أو على خط الاستواء بحيث يقدرون الليل اثنتي عشرة ساعة والنهار اثنتي عشرة ساعة أو على خط أقرب البلاد إليهم مما يكون فيها ليل ونهار كل هذا قال به بعض العلماء فمن العلماء من قال يقدرون حسب خط الاستواء الذي يكون فيه الليل والنهار اثنتي عشرة ساعة لكل منهما في كل السنة ومنهم من يقول يعتبرون بخط مكة لأن مكة أم القرى وهي وسط الأرض ومنهم من يقول يقدرون بأقرب البلاد إليهم سواء طال ليلها أم قصر مادام يوجد فيها ليل ونهار خلال أربع وعشرين ساعة وهذا القول عندي أقرب لأنه أقرب لطبيعة الأرض فإن من حولهم أقرب إلى ميقاتهم ممن كان بعيدا منهم ثم إني أقف لأبين الفرق بين منهج الصحابة رضي الله عنهم في تلقي الشرع وبين منهج من بعدهم فإن الصحابة رضي الله عنهم لما حدثهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الدجال يبقى في الأرض أربعين يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كأسبوع لم يفكر أحد منهم في أن يسأل كيف يكون جريان الشمس في هذا اليوم وهل الشمس تحبس أو يضعف سيرها أم ماذا مع أنه ربما ينقدح في أذهان كثير من الناس هذا السؤال قبل السؤال الذي سأله الصحابة ولكن الصحابة رضي الله عنهم لم يهتموا بهذا الأمر اهتموا بالأمر المهم الأهم وهو السؤال عن دينهم ولهذا ينبغي للإنسان في هذه الأمور وأشباهها أن يكون موقفه منها موقف المسلم المستسلم بدون إيراد ولا تشكيك.
ثانيا
الصحابة رضي الله عنهم لما حدثهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث لم يشكوا في ذلك طرفة عين وصار كأنه أمر واقع بين أيديهم الآن ولهذا سألوا عن الصلاة ولم يستبعدوا وقوع هذا بل جعلوه كأنه رأي عين فدل ذلك على قوة استسلام الصحابة رضي الله عنهم لأمر الشرع وأنهم رضي الله عنهم لا يتوقفون في تنفيذ أمر الله ورسوله ولا يهتمون بشيء كاهتمامهم بأمور دينهم واعتبر هذا أيضا بما جرى لنساء الصحابة رضي الله عنهم حيث وعظهم النبي صلى الله عليه وسلم ذات عيد وقال (يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار) فماذا فعلن جعلن يتصدقن بحليهن الذي بأيديهن وأذانهن وصدورهن فجعلت الواحدة تخلع خاتمها أو خرصها أو قرطها ثم تلقيه في ثوب بلال رضي الله عنه فنسأل الله تعالى أن يرزقنا اتباع هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم والأخذ بمنهجهم القويم فإنه الصراط المستقيم.
والخلاصة أن الجواب على سؤال السائل أن نقول لهؤلاء القوم اقدروا قدر الأيام والليالي في أقرب بلاد إليكم يكون فيها ليل ونهار في خلال أربع وعشرين ساعة.
***
ماهي الصلاة الوسطى؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر ثبت ذلك في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه قال يوم الخندق (شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر) الصلاة الوسطى هي صلاة العصر بلا ريب ومعنى الوسطى ليس معناها من توسط العدد بل المراد بها الفضلى كما قال الله تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) يعني عدلاً خياراً بين الأمم فالمراد بالصلاة الوسطى الصلاة الفضلى.
***
أحسن الله إليكم وبارك فيكم فضيلة الشيخ هل الأذان الأول للصلاة يعتبر دخولاً لوقتها علماً بأن النساء عند سماع الأذان الأول يصلىن الصلاة؟
فأجاب رحمه الله تعالى:
إذا كان المؤذن الأول للصلوات موثوقاً يغلب على الظن أنه لا يؤذن إلا على الوقت فإنه معتبر أذانه تحل به الصلاة وإذا كان أذان المغرب حل به الفطر أما إذا كان ليس ثقة بمعنى أن نعلم أن الرجل يؤذن على الساعة ولا يضبط الساعة فإنه لا يؤخذ بأذانه والمرجع كله للثقة ثم إنه لا ينبغي للمؤذنين أن يبادروا من حين أن يدخل الوقت يؤذنون بل ينبغي التأخير لا سيما في أذان الفجر فإن من رأى التقويم الذي بين أيدي الناس وراقب الفجر يتبين أن فيه تقديم خمس دقائق والحمد لله إذا أخر الإنسان خمس دقائق لم يضر حتى في الصيام لا يضر ما دام الفجر لم يتبين لأن الله تعالى قال (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ) (البقرة: من الآية187) والفقهاء رحمهم الله قالوا لو وصى اثنين يطالعان الفجر فقال أحدهما طلع الفجر وقال الثاني لم يطلع الفجر أخذ بقول الثاني وحل له أن يأكل حتى يتفقا على طلوع الفجر هذا إذا كان كلٌ منهما ثقة في بصره ونظره ومعرفته.
***
يقول السائل في إحدى المرات صلىت صلاة الظهر قبل موعدها بخمس دقائق لعدم علمي بالوقت فهل صلاتي مقبولة أم لا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الصلاة قبل وقتها لا تجزئ حتى ولو كانت قبل الوقت بدقيقة واحدة ولو كبر للإحرام قبل الوقت فإنه لا تصح الصلاة لأن الله تعالى يقول (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) يعني موقتاً محدداً فلا تصح الصلاة قبل وقتها وعلى هذا فيجب عليك إعادة الصلاة التي صلىتها قبل الوقت بخمس دقائق.
***
تقول السائلة في أحد الأيام صلىت العصر قبل الأذان وأنا لا أدري لأني كنت قلقة جداً بسبب أني مريضة وفي التحيات الأخيرة سمعت الأذان فهل تصح صلاتي أم أعيدها وفقكم الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان الأذان على أول وقت الصلاة فإن صلاتك لا تصح والواجب عليك إعادتها ويكون ما وقع منك نفلاً تزيد به حسناتك وإن كان المؤذن يتأخر بعض الوقت فلا يؤذن في أوله فإن صلاتك صحيحة حيث تعلمين أو يغلب على ظنك أنك صلىت بعد دخول الوقت على أنك إذا كنت مريضة فإنه يجوز لك أن تجمعي بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إذا كان يلحقك مشقة في إفراد كل صلاة في وقتها.
***
إذا صلى الإنسان قبل وقت الصلاة بعشر دقائق أو أقل مثلاً مع العلم أنه لم يكن يعلم أنه تقدم الوقت فهل تبطل صلاته وهل عليه الإعادة بعد علمه بمخالفته للوقت أم لا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: صلاته التي صلاها قبل الوقت لا تجزئه عن الفريضة لأن الله تعالى يقول (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) وبين النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأوقات في قوله (وقت الظهر إذا زالت الشمس) إلى آخر الحديث وعلى هذا فمن صلى الصلاة قبل وقتها فإن صلاته لا تجزئه عن الفريضة لكنها تقع نفلاً بمعنى أنه يثاب عليها ثواب نفل وعليه أن يعيد الصلاة بعد دخول الوقت.
فضيلة الشيخ: إذا استمر جهله بأنه صلى في غير الوقت هل تجزئه الصلاة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان حين أداها قبل الوقت شاكاً في دخول الوقت فإنها لا تجزئه ولو لم يتبين له أما إذا كان قد غلب على ظنه دخول الوقت فإنها تجزئه ولكن ينبغي للإنسان أن يحتاط ولا يتعجل حتى يتبين له الأمر.
***
يقول السائل إذا صلت المرأة في بيتها قبل أذان المؤذن بدقائق أو وافقت المؤذن في منتصف الصلاة هل تعيد صلاتها أم لا أفتونا في ذلك جزاكم الله خيرا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: العبرة في الصلاة بدخول الوقت لا بأذان المؤذن وذلك لأن بعض المؤذنين قد يتقدم قليلاً بعض الوقت لظنه أن الوقت قد دخل إما بالنظر إلى الساعة أو لغير ذلك من العلامات وهو لم يدخل وبعض المؤذنين قد يتأخر بعد الوقت بدقيقتين أو ثلاث أو خمس أو عشر كما هو مسموعٌ الآن فالعبرة بدخول الوقت وإذا صلت المرأة أو الرجل قبل دخول الوقت ولو بدقيقة واحدة فصلاته غير مقبولة أي لا يسقط بها الفرض حتى لو أنه كبر للإحرام ثم دخل الوقت بعد تكبيرة الإحرام مباشرة فإن الصلاة لا تنعقد فرضاً ولا تبرأ بها الذمة مثال ذلك رجل يشاهد الشمس عند الغروب وقد غرب أكثر قرصها فقام يصلى المغرب فلما كبر تكبيرة الإحرام غاب بقية القرص فنقول لهذا الرجل إن صلاتك لا تقبل لا فريضة ولا نافلة أما كونها لا تقبل فريضة فلأنه كبر للإحرام قبل دخول الوقت وأما كونها لا تقبل نافلة فلأنه كبر لنافلةٍ في وقت النهي فلا تقبل لأن أوقات النهي لا يصح فيها النفل المطلق الذي لا سبب له هذا إذا كان عن جهل أما إذا كان متعمداً يعني يعلم أنه لا تصح صلاة المغرب إلا إذا غاب قرص الشمس كله ثم كبر تكبيرة الإحرام لصلاة المغرب قبل أن يغيب القرص كله فإن هذا يكون آثماً لأن في هذا استهزاء بالله عز وجل أي بشريعة الله وخلاصة الجواب أن نقول لهذه المرأة انتظري لا تصلى قبل أن يؤذن ولا تعتدّي بأذان يكون قبل الوقت وإذا شككتي في كون هذا الأذان قبل الوقت أو في الوقت فانتظري حتى تتيقني أو يغلب على ظنك أن الوقت قد دخل.
***
هذه رسالة وصلت من الأردن من الأخوات المستمعات أم أمامة وأم البراء المستمعات يسألن ويقلن في رسالتهنّ توجد في مدينتا ثلاثة مساجد والحمد لله وعند رفع الأذان لا يكون هناك التزام في الوقت الواحد فكثيراً ما نصلى مباشرة بعد رفع الأذان من المسجد القريب منا وبعد أن ننتهي بفترة نسمع النداء من مسجد آخر فهل علينا إعادة الصلاة وما حكم الصلاة في هذه الحالة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً ننصح إخواننا المؤذنين في أي بلد من بلاد الإسلام أن يعتنوا بضبط الوقت لأنهم مسئوولون أمام الله عز وجل عن هذه الأمانة التي جعلهم الله من رعاتها فلا يؤذن قبل الوقت ولا يتأخر عن الوقت أي عن دخوله لأن أذانه قبل الوقت قد يقتدي به من يقتدي من الناس فيصلى وتقع صلاته قبل الوقت والصلاة قبل الوقت باطلة غير مقبولة لا تصح إلا نفلاًَ ولا تبرأ بها الذمة عن الفرض والمصلى صلاها على أنها فرض ولكنها لا تقبل منه على أنها فرض لأنها في غير وقتهِ بل تكون نفلاً وإن تأخر المؤذن عن الأذان في أول الوقت حبس الناس عن الصلاة في أول الوقت لأن كثيراً من الناس ينتظرون أذان المؤذن وربما يكون هذا الأذان أذان الفجر في أيام الصوم فيبقى الناس يأكلون وقد طلع الفجر والمهم أن المؤذن عليه مسؤولية كبيرة عظيمة فعليه أن يتقي الله تعالى في أداء مسؤوليته ويؤذن فور دخول الوقت حتى لا يَغُرّ الناس إن أذن قبله ولا يؤخر الناس إن أذن متأخراً عن دخول الوقت وإذا كان في البلد مؤذنان فأكثر وصار أحدهما يتأخر والثاني يتقدم فالمتبع منهما من عرف بالمحافظة وقوة أداء الأمانة فإن لم يعلم أيهما أشد محافظة وأقوى في أداء الأمانة فإن المعتبر المتأخر منهما ذلك لأن الرجلين إذا اختلفا في شيء فقال أحدهما حصل وقال الثاني لم يحصل فإن المقدم قول النافي لأن الأصل عدم ذلك وقد نص أهل العلم على أنه إذا وكل الرجل رجلين يرقبان الفجر له فقال الأول طلع الفجر وقال الثاني لم يطلع فإنه يقدم قول من يقول إن الفجر لم يطلع لأن الأصل معه.
***
المستمعة الأخت ن. ع. ن. من المزاحمية لها سؤال تقول فيه عندما أستمع للأذان وينتهي المؤذن أقوم لأداء الصلاة وبعد ذلك أسمع مؤذناً آخر وبعد ذلك أسمع الإقامة والصلاة في مسجدٍ مجاور وأنا قد سمعت بأنه لا يجوز للنساء أن يصلىن قبل صلاة الرجال فهل صلاتي هذه جائزة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما ما سمعت هذه المرأة من أنه لا يصح للنساء صلاة حتى يصلى الرجال فإن هذا الذي سمعته ليس بصحيح أي أنه يجوز للنساء أن يصلىن وإن لم يصلِ الرجال ولا حرج عليهن في ذلك ولكن مبادرة المرأة بالصلاة من حين أن تسمع المؤذن هو الذي ينبغي للإنسان أن يحتاط فيه وأن لا يبادر لأن بعض المؤذنين قد يؤذن قبل الوقت إما جهلاً منه وإما أن ساعته غرته أو لغير ذلك من الأسباب فالذي ينبغي للإنسان أن يتأنى قليلاً بعد الأذان حتى يتيقن أو يغلب على ظنه أنه على صوابٍ فيما لو صلى لأنه كما قالت السائلة نرى بعض المؤذنين يؤذن قبل الوقت وبهذه المناسبة أود أن أنصح إخواني المؤذنين عن هذا العمل الذي يكون فيه إضاعةٌ للأمانة وتغريرٌ بالمسلمين وأحذرهم من أن يتسرعوا في الأذان فإن المؤذن لو أذن قبل دخول الوقت بدقيقة واحدة لم يصح أذانه بل لو كبر تكبيرةً واحدة قبل أذان الوقت لم يصح أذانه لأن من شروط صحة الأذان أن يكون في الوقت فجعله .
النبي صلى الله عليه وسلم إذا حضرت الصلاة أي إذا دخل وقتها أما إذا أذن بعد دخول الوقت ولو بدقيقتين أو ثلاث أو خمس فإنه يصح أذانه لهذا نقول للإخوة المؤذنين احتاطوا لأنفسكم ولإخوانكم المسلمين ولا تتعجلوا في الأذان قبل الوقت.
بارك الله فيكم السائل يقول فضيلة الشيخ تعلمون أن هناك أجزاء من الأرض لا تطلع الشمس عليها إلا وقتاً يسيراً ثم تحتجب فبماذا يكون ميقات الصلاة والفطر للصائم الذي يذهب إلى هناك مع العلم بأن أهل تلك البلاد كفرة لا يعرفون المواقيت وتحركات الشمس في الأيام التي تظهر فيها عليهم وجهونا مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى:
نعم هؤلاء القوم لهم حكم من يأتي عليهم زمن الدجال فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حدث أصحابه عن الدجال وقال إنه يمكث في الأرض أربعين يوماً يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كأسبوع وسائر أيامه كأيامكم فبدأ الصحابة رضي الله عنهم يسألون عن الأمر الديني المتعلق بهذا الاختلاف في جريان الشمس فقالوا يا رسول الله أرأيت اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم واحد قال لا اقدروا له قدره وعلى هذا فيكون اليوم الذي كسنة فيه صلاة سنة كاملة ويقدر له قدره بحسب السنة التي يكون فيها الليل والنهار أربعا وعشرين ساعة وعلى هذا فنقول لهؤلاء القوم الذين أشار إليهم السائل اقدروا قدر الصلوات والشهور المعتادة ثم ابنوا عباداتكم على هذا التقدير ولكن على أي شيء يقدرون على خط مكة أو على خط الاستواء بحيث يقدرون الليل اثنتي عشرة ساعة والنهار اثنتي عشرة ساعة أو على خط أقرب البلاد إليهم مما يكون فيها ليل ونهار كل هذا قال به بعض العلماء فمن العلماء من قال يقدرون حسب خط الاستواء الذي يكون فيه الليل والنهار اثنتي عشرة ساعة لكل منهما في كل السنة ومنهم من يقول يعتبرون بخط مكة لأن مكة أم القرى وهي وسط الأرض ومنهم من يقول يقدرون بأقرب البلاد إليهم سواء طال ليلها أم قصر مادام يوجد فيها ليل ونهار خلال أربع وعشرين ساعة وهذا القول عندي أقرب لأنه أقرب لطبيعة الأرض فإن من حولهم أقرب إلى ميقاتهم ممن كان بعيدا منهم ثم إني أقف لأبين الفرق بين منهج الصحابة رضي الله عنهم في تلقي الشرع وبين منهج من بعدهم فإن الصحابة رضي الله عنهم لما حدثهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الدجال يبقى في الأرض أربعين يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كأسبوع لم يفكر أحد منهم في أن يسأل كيف يكون جريان الشمس في هذا اليوم وهل الشمس تحبس أو يضعف سيرها أم ماذا مع أنه ربما ينقدح في أذهان كثير من الناس هذا السؤال قبل السؤال الذي سأله الصحابة ولكن الصحابة رضي الله عنهم لم يهتموا بهذا الأمر اهتموا بالأمر المهم الأهم وهو السؤال عن دينهم ولهذا ينبغي للإنسان في هذه الأمور وأشباهها أن يكون موقفه منها موقف المسلم المستسلم بدون إيراد ولا تشكيك.
ثانيا
الصحابة رضي الله عنهم لما حدثهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث لم يشكوا في ذلك طرفة عين وصار كأنه أمر واقع بين أيديهم الآن ولهذا سألوا عن الصلاة ولم يستبعدوا وقوع هذا بل جعلوه كأنه رأي عين فدل ذلك على قوة استسلام الصحابة رضي الله عنهم لأمر الشرع وأنهم رضي الله عنهم لا يتوقفون في تنفيذ أمر الله ورسوله ولا يهتمون بشيء كاهتمامهم بأمور دينهم واعتبر هذا أيضا بما جرى لنساء الصحابة رضي الله عنهم حيث وعظهم النبي صلى الله عليه وسلم ذات عيد وقال (يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار) فماذا فعلن جعلن يتصدقن بحليهن الذي بأيديهن وأذانهن وصدورهن فجعلت الواحدة تخلع خاتمها أو خرصها أو قرطها ثم تلقيه في ثوب بلال رضي الله عنه فنسأل الله تعالى أن يرزقنا اتباع هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم والأخذ بمنهجهم القويم فإنه الصراط المستقيم.
والخلاصة أن الجواب على سؤال السائل أن نقول لهؤلاء القوم اقدروا قدر الأيام والليالي في أقرب بلاد إليكم يكون فيها ليل ونهار في خلال أربع وعشرين ساعة.
***
ماهي الصلاة الوسطى؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر ثبت ذلك في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه قال يوم الخندق (شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر) الصلاة الوسطى هي صلاة العصر بلا ريب ومعنى الوسطى ليس معناها من توسط العدد بل المراد بها الفضلى كما قال الله تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) يعني عدلاً خياراً بين الأمم فالمراد بالصلاة الوسطى الصلاة الفضلى.
***
أحسن الله إليكم وبارك فيكم فضيلة الشيخ هل الأذان الأول للصلاة يعتبر دخولاً لوقتها علماً بأن النساء عند سماع الأذان الأول يصلىن الصلاة؟
فأجاب رحمه الله تعالى:
إذا كان المؤذن الأول للصلوات موثوقاً يغلب على الظن أنه لا يؤذن إلا على الوقت فإنه معتبر أذانه تحل به الصلاة وإذا كان أذان المغرب حل به الفطر أما إذا كان ليس ثقة بمعنى أن نعلم أن الرجل يؤذن على الساعة ولا يضبط الساعة فإنه لا يؤخذ بأذانه والمرجع كله للثقة ثم إنه لا ينبغي للمؤذنين أن يبادروا من حين أن يدخل الوقت يؤذنون بل ينبغي التأخير لا سيما في أذان الفجر فإن من رأى التقويم الذي بين أيدي الناس وراقب الفجر يتبين أن فيه تقديم خمس دقائق والحمد لله إذا أخر الإنسان خمس دقائق لم يضر حتى في الصيام لا يضر ما دام الفجر لم يتبين لأن الله تعالى قال (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ) (البقرة: من الآية187) والفقهاء رحمهم الله قالوا لو وصى اثنين يطالعان الفجر فقال أحدهما طلع الفجر وقال الثاني لم يطلع الفجر أخذ بقول الثاني وحل له أن يأكل حتى يتفقا على طلوع الفجر هذا إذا كان كلٌ منهما ثقة في بصره ونظره ومعرفته.
***
يقول السائل في إحدى المرات صلىت صلاة الظهر قبل موعدها بخمس دقائق لعدم علمي بالوقت فهل صلاتي مقبولة أم لا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الصلاة قبل وقتها لا تجزئ حتى ولو كانت قبل الوقت بدقيقة واحدة ولو كبر للإحرام قبل الوقت فإنه لا تصح الصلاة لأن الله تعالى يقول (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) يعني موقتاً محدداً فلا تصح الصلاة قبل وقتها وعلى هذا فيجب عليك إعادة الصلاة التي صلىتها قبل الوقت بخمس دقائق.
***
تقول السائلة في أحد الأيام صلىت العصر قبل الأذان وأنا لا أدري لأني كنت قلقة جداً بسبب أني مريضة وفي التحيات الأخيرة سمعت الأذان فهل تصح صلاتي أم أعيدها وفقكم الله؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان الأذان على أول وقت الصلاة فإن صلاتك لا تصح والواجب عليك إعادتها ويكون ما وقع منك نفلاً تزيد به حسناتك وإن كان المؤذن يتأخر بعض الوقت فلا يؤذن في أوله فإن صلاتك صحيحة حيث تعلمين أو يغلب على ظنك أنك صلىت بعد دخول الوقت على أنك إذا كنت مريضة فإنه يجوز لك أن تجمعي بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إذا كان يلحقك مشقة في إفراد كل صلاة في وقتها.
***
إذا صلى الإنسان قبل وقت الصلاة بعشر دقائق أو أقل مثلاً مع العلم أنه لم يكن يعلم أنه تقدم الوقت فهل تبطل صلاته وهل عليه الإعادة بعد علمه بمخالفته للوقت أم لا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: صلاته التي صلاها قبل الوقت لا تجزئه عن الفريضة لأن الله تعالى يقول (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) وبين النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأوقات في قوله (وقت الظهر إذا زالت الشمس) إلى آخر الحديث وعلى هذا فمن صلى الصلاة قبل وقتها فإن صلاته لا تجزئه عن الفريضة لكنها تقع نفلاً بمعنى أنه يثاب عليها ثواب نفل وعليه أن يعيد الصلاة بعد دخول الوقت.
فضيلة الشيخ: إذا استمر جهله بأنه صلى في غير الوقت هل تجزئه الصلاة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان حين أداها قبل الوقت شاكاً في دخول الوقت فإنها لا تجزئه ولو لم يتبين له أما إذا كان قد غلب على ظنه دخول الوقت فإنها تجزئه ولكن ينبغي للإنسان أن يحتاط ولا يتعجل حتى يتبين له الأمر.
***
يقول السائل إذا صلت المرأة في بيتها قبل أذان المؤذن بدقائق أو وافقت المؤذن في منتصف الصلاة هل تعيد صلاتها أم لا أفتونا في ذلك جزاكم الله خيرا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: العبرة في الصلاة بدخول الوقت لا بأذان المؤذن وذلك لأن بعض المؤذنين قد يتقدم قليلاً بعض الوقت لظنه أن الوقت قد دخل إما بالنظر إلى الساعة أو لغير ذلك من العلامات وهو لم يدخل وبعض المؤذنين قد يتأخر بعد الوقت بدقيقتين أو ثلاث أو خمس أو عشر كما هو مسموعٌ الآن فالعبرة بدخول الوقت وإذا صلت المرأة أو الرجل قبل دخول الوقت ولو بدقيقة واحدة فصلاته غير مقبولة أي لا يسقط بها الفرض حتى لو أنه كبر للإحرام ثم دخل الوقت بعد تكبيرة الإحرام مباشرة فإن الصلاة لا تنعقد فرضاً ولا تبرأ بها الذمة مثال ذلك رجل يشاهد الشمس عند الغروب وقد غرب أكثر قرصها فقام يصلى المغرب فلما كبر تكبيرة الإحرام غاب بقية القرص فنقول لهذا الرجل إن صلاتك لا تقبل لا فريضة ولا نافلة أما كونها لا تقبل فريضة فلأنه كبر للإحرام قبل دخول الوقت وأما كونها لا تقبل نافلة فلأنه كبر لنافلةٍ في وقت النهي فلا تقبل لأن أوقات النهي لا يصح فيها النفل المطلق الذي لا سبب له هذا إذا كان عن جهل أما إذا كان متعمداً يعني يعلم أنه لا تصح صلاة المغرب إلا إذا غاب قرص الشمس كله ثم كبر تكبيرة الإحرام لصلاة المغرب قبل أن يغيب القرص كله فإن هذا يكون آثماً لأن في هذا استهزاء بالله عز وجل أي بشريعة الله وخلاصة الجواب أن نقول لهذه المرأة انتظري لا تصلى قبل أن يؤذن ولا تعتدّي بأذان يكون قبل الوقت وإذا شككتي في كون هذا الأذان قبل الوقت أو في الوقت فانتظري حتى تتيقني أو يغلب على ظنك أن الوقت قد دخل.
***
هذه رسالة وصلت من الأردن من الأخوات المستمعات أم أمامة وأم البراء المستمعات يسألن ويقلن في رسالتهنّ توجد في مدينتا ثلاثة مساجد والحمد لله وعند رفع الأذان لا يكون هناك التزام في الوقت الواحد فكثيراً ما نصلى مباشرة بعد رفع الأذان من المسجد القريب منا وبعد أن ننتهي بفترة نسمع النداء من مسجد آخر فهل علينا إعادة الصلاة وما حكم الصلاة في هذه الحالة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً ننصح إخواننا المؤذنين في أي بلد من بلاد الإسلام أن يعتنوا بضبط الوقت لأنهم مسئوولون أمام الله عز وجل عن هذه الأمانة التي جعلهم الله من رعاتها فلا يؤذن قبل الوقت ولا يتأخر عن الوقت أي عن دخوله لأن أذانه قبل الوقت قد يقتدي به من يقتدي من الناس فيصلى وتقع صلاته قبل الوقت والصلاة قبل الوقت باطلة غير مقبولة لا تصح إلا نفلاًَ ولا تبرأ بها الذمة عن الفرض والمصلى صلاها على أنها فرض ولكنها لا تقبل منه على أنها فرض لأنها في غير وقتهِ بل تكون نفلاً وإن تأخر المؤذن عن الأذان في أول الوقت حبس الناس عن الصلاة في أول الوقت لأن كثيراً من الناس ينتظرون أذان المؤذن وربما يكون هذا الأذان أذان الفجر في أيام الصوم فيبقى الناس يأكلون وقد طلع الفجر والمهم أن المؤذن عليه مسؤولية كبيرة عظيمة فعليه أن يتقي الله تعالى في أداء مسؤوليته ويؤذن فور دخول الوقت حتى لا يَغُرّ الناس إن أذن قبله ولا يؤخر الناس إن أذن متأخراً عن دخول الوقت وإذا كان في البلد مؤذنان فأكثر وصار أحدهما يتأخر والثاني يتقدم فالمتبع منهما من عرف بالمحافظة وقوة أداء الأمانة فإن لم يعلم أيهما أشد محافظة وأقوى في أداء الأمانة فإن المعتبر المتأخر منهما ذلك لأن الرجلين إذا اختلفا في شيء فقال أحدهما حصل وقال الثاني لم يحصل فإن المقدم قول النافي لأن الأصل عدم ذلك وقد نص أهل العلم على أنه إذا وكل الرجل رجلين يرقبان الفجر له فقال الأول طلع الفجر وقال الثاني لم يطلع فإنه يقدم قول من يقول إن الفجر لم يطلع لأن الأصل معه.
***
المستمعة الأخت ن. ع. ن. من المزاحمية لها سؤال تقول فيه عندما أستمع للأذان وينتهي المؤذن أقوم لأداء الصلاة وبعد ذلك أسمع مؤذناً آخر وبعد ذلك أسمع الإقامة والصلاة في مسجدٍ مجاور وأنا قد سمعت بأنه لا يجوز للنساء أن يصلىن قبل صلاة الرجال فهل صلاتي هذه جائزة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما ما سمعت هذه المرأة من أنه لا يصح للنساء صلاة حتى يصلى الرجال فإن هذا الذي سمعته ليس بصحيح أي أنه يجوز للنساء أن يصلىن وإن لم يصلِ الرجال ولا حرج عليهن في ذلك ولكن مبادرة المرأة بالصلاة من حين أن تسمع المؤذن هو الذي ينبغي للإنسان أن يحتاط فيه وأن لا يبادر لأن بعض المؤذنين قد يؤذن قبل الوقت إما جهلاً منه وإما أن ساعته غرته أو لغير ذلك من الأسباب فالذي ينبغي للإنسان أن يتأنى قليلاً بعد الأذان حتى يتيقن أو يغلب على ظنه أنه على صوابٍ فيما لو صلى لأنه كما قالت السائلة نرى بعض المؤذنين يؤذن قبل الوقت وبهذه المناسبة أود أن أنصح إخواني المؤذنين عن هذا العمل الذي يكون فيه إضاعةٌ للأمانة وتغريرٌ بالمسلمين وأحذرهم من أن يتسرعوا في الأذان فإن المؤذن لو أذن قبل دخول الوقت بدقيقة واحدة لم يصح أذانه بل لو كبر تكبيرةً واحدة قبل أذان الوقت لم يصح أذانه لأن من شروط صحة الأذان أن يكون في الوقت فجعله .
النبي صلى الله عليه وسلم إذا حضرت الصلاة أي إذا دخل وقتها أما إذا أذن بعد دخول الوقت ولو بدقيقتين أو ثلاث أو خمس فإنه يصح أذانه لهذا نقول للإخوة المؤذنين احتاطوا لأنفسكم ولإخوانكم المسلمين ولا تتعجلوا في الأذان قبل الوقت.