المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترابط الأسواق المالية العالمية



ROSE
19-04-2007, 02:18 AM
ترابط الأسواق المالية العالمية

بعدما اتضح اتجاه السوق في شنغهاي اضطربت الاسواق المالية الدولية في آسيا وأوروبا ولحقتها اسواق امريكا الشمالية، واتجهت المؤشرات نحو الجنوب “هبوطاً” ويبدو أن المستثمرين والمتعاملين توصلوا الى قناعات بأن أسعار أدوات الاستثمار، وخصوصا أسهم حقوق الملكية، في الصين ارتفعت الى مستويات لا يمكن تبريرها فنياً واقتصادياً ولذلك جرت عمليات بيع واسعة دفعت الاسعار الى الانخفاض ومن ثم اندفع المؤشر نحو الهبوط بنسبة مالية مهمة. ومما لا شك فيه أن ردود الافعال في الاسواق المالية الأخرى أكدت ترابط الاقتصادات والأسواق المالية وعززت ظاهرة العولمة بحيث لا يمكن أن تعزل الأضرار أو المكاسب، في سوق واحد من دون أن تتأثر الاسواق المالية الأخرى. ومن جهة أخرى تؤكد الأحداث التي جرت في الأسواق المالية أن الصين، اقتصاديا، أصبحت جزءا أساسيا من الاقتصاد الرأسمالي العالمي، ولم تعد ذلك الاقتصاد الشمولي او الموجه المعزول عن الحركة الطبيعية للأسواق، ولذلك وعلى الرغم من الأضرار التي حدثت والخسائر التي تكبدها المستثمرون والمتعاملون، إلا أن هذا الترابط الاقتصادي بين الأسواق المالية الرئيسية سوف يعزز التطور الاقتصادي العالمي ويمكن من قدرة المستثمرين على التعامل مع مختلف الاسواق المالية الأساسية على أسس اقتصادية وفنية واضحة.ان التحولات الهيكلية التي جرت في الصين خلال العقدين المنصرمين أدت الى قيام الكثير من الشركات ذات البعد المؤسسي والتي اضطلعت بأعمال في مختلف القطاعات الاقتصادية الرئيسية، وخصوصا في قطاع الصناعات التحويلية والتي أسهمت في تعزيز صادرات الصين الى مختلف بلدان العالم. والأهم من ذلك ولوج الكثير من المستثمرين في اعمال تلك القطاعات واقتناء الكثير من المؤسسات والصناديق الاستثمارية للأصول المالية المدرجة في الاسواق المالية الرئيسية في الصين. وتقدر التدفقات الرأسمالية الى الصين على شكل استثمارات مباشرة أو غير ذلك بأكثر من خمسين مليار دولار سنويا، وهي استثمارات تنمو عاما بعد آخر، وقد تأسس الكثير من الصناديق الاستثمارية في بلدان عديدة، حتى في منطقة الخليج العربي، تتخصص بالاستثمار في الاصول المالية المدرجة في البورصات الصينية، ويمثل الاستثمار في الصين مخاطرة محسوبة وقد تأتي بثمارها ولو بعد حين لكن ما حدث في الاسواق المالية من ارتفاع، أو تضخم، في اسعار الأسهم والأدوات المدرجة يعكس الاندفاع التقليدي من المتعاملين والمضاربين في سوق ناشئة، ولا بد أن تحدث عمليات تصحيح اعتيادية. لكن يجب على المستثمرين التحوط واتخاذ تدابير للحماية من مثل هذه العمليات التصحيحية، الموجعة احيانا.تمكنت الصين من تطوير اقتصادياتها بشكل سريع وانتعش الاستهلاك بين أوساط الطبقة الوسطى النامية وبرزت طبقة الأثرياء، بيد أن البلاد ذاتها أصبحت ثرية بإمكاناتها وارتفعت احتياطياتها المالية الى حوالي التريليون دولار امريكي، وذلك يعزز قدرتها على مواجهة التزاماتها المتنوعة ويمكنها من توظيف تلك الأموال في أدوات استثمارية في مختلف الأدوات الاستثمارية الأجنبية ايضا. وارتفعت احتياجات البلاد وارتفعت المتطلبات الاستهلاكية المحلية، ما دفع الى زيادة حصة الصين من الاستيراد، وخصوصا من النفط الخام لمواجهة متطلبات الطاقة بكافة أنواعها واستخداماتها، إلا أن الزيادة في الاستيراد لا تزال دون ما تحققه الصين من نمو في الصادرات السلعية المختلفة الى العديد من بلدان العالم، وخصوصا الولايات المتحدة.

ويهدف الشركاء التجاريون للصين الى رفع سعر صرف اليوان من اجل التمكن من تحقيق منافسة للسلع الصينية في الاسواق العالمية إلا أن السلطات النقدية في الصين تظل غير مكترثة بهذه المتطلبات،

حتى الآن على الأقل.ان الخبرة المكتسبة في التعامل مع حركة الاسواق المالية في بلدان الاتحاد الأوروبي وفي الولايات المتحدة لا بد أن يستفيد منها الصينيون وهم، لا ريب يملكون قدرات ذهنية مهمة تعزز إمكاناتهم وخبراتهم المهنية، كما أن الكثير من المديرين في الاسواق المالية الصينية قد كسبوا خبراتهم في البلدان المتقدمة، وربما يمثل التراجع الأخير في الاسواق المالية فرصة جيدة للاستثمار للكثير من الصناديق الاستثمارية وفي ذات الوقت يدفع المسؤولين في الصين وغيرها من بلدان لمراجعة الاستراتيجيات من أجل الوقاية من أي تطورات غير مواتية في المستقبل!

* باحث اقتصادي كويتي