تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ارتفاع أسعار النفط وتحسين سياسات المالية العامة في الدول النفطية



أبوتركي
20-04-2007, 01:20 PM
المقال
ارتفاع أسعار النفط وتحسين سياسات المالية العامة في الدول النفطية



صالح السلطان
منذ عام 2003، شهدت أسعار النفط زيادات كبيرة غير متوقعة.
ارتفاع الأسعار زاد إيرادات حكومات الدول المصدرة للنفط زيادات كبيرة. وبما أن طبائع البشر تدفع إلى زيادة الإنفاق والاستهلاك تبعا لزيادة الدخل، فان ارتفاع الدخل النفطي يدفع إلى زيادة الانفاق. السؤال الآن: إلى أي حد؟

ثورة أسعار النفط خلال عقد السبعينات من القرن الماضي جعلت عامة الدول المصدرة للنفط تتصرف كما لو أن أسعار النفط المرتفعة آنذاك ستستمر عقودا طويلة، وقد ظهر تصرفها جليا في جانب المصروفات من الميزانية، حيث زادت المصروفات لتسابق زيادة الإيرادات. ومن ثم واجهت تلك الدول عجزا في ميزانيتها منذ عقد الثمانينات الميلادي، وهو ما واجهته قبلها عامة دول العالم وبالأخص الدول النامية الأخرى.

العجز تم تمويله غالبا بالاقتراض، والذي نتج منه مع مرور السنين وجود ديون كبيرة على الخزانة العامة، تسبب في انخفاض الاستثمارات (العامة والخاصة).

الظروف الآن ظروف فائض، إلا أنه ينبغي الحد من التوسع الانفاقي الحكومي ذي الطبيعة الاستهلاكية، لأكثر من سبب:

1- زيادة الانفاق الاستهلاكي والنفقات التي بدون مقابل (مثل الإعانات وما شابهها من عطايا والتي تسمى في أدبيات الاقتصاد بالمدفوعات المنتقلة أو المحولة) يعني زيادة المصروفات فقط، دون أن يصاحب ذلك تعزيز للقدرة الانتاجية المعتمدة على نفسها، والتي يتوقع أن تسهم مستقبلا في زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية. زيادة المصروفات الاستهلاكية والاعانات وما إليها سيشكل عبئا على الحكومة، يقلل من قدرة الحكومة على تمويل أوجه انفاق أخرى لا شك أن لها أولوية في الانفاق، لأنها تعزز قدرة الاقتصاد الانتاجية مثل الانفاق على تحسين البنية الأساسية، للقطاعات الانتاجية خاصة، ومثل الانفاق على تعليم وتطوير اليد العاملة المحلية.

2- برامج التنمية في تلك الدول تؤكد على وجوب التخفيف من الاعتماد على النفط كمصدر للدخل والرزق. من الأهداف الأولى لبرامج إعادة البناء الاقتصادي على المدى البعيد التخفيف من الاعتماد على النفط مصدرا للدخل أي التخفيف من الإدمان على دخل النفط، ويتبع ذلك تخفيف أثر تقلبات أسعار النفط على الاقتصاد الوطني.

3- أحداث الماضي بينت أن أسعار النفط سريعة التقلب، يؤثر فيها عوامل كثيرة يصعب التحكم فيها، ومن البعيد أن تستمر أسعار النفط مرتفعة لمدة طويلة. ومن جهة أخرى، لا يخفى إن مصالح الدول المصدرة للنفط في الأسعار وفي الانتاج ليست متشابهة، وهذا الاختلاف هو أحد العوامل المساعدة على تقلب الأسعار. دول الخليج بصفة عامة لا ترى أن مصلحتها على المدى البعيد في استمرار أسعار مرتفعة كثيرا.

التقلب الكبير في أسعار النفط ليس خيرا محضا، بل له أضرار، والحديث هنا مقتصر على المالية الحكومية. من أهم هذه الأضرار كونها عاملا قويا في تهيئة الأجواء لحصول عجز في الميزانية، لأن الدول عند ارتفاع الأسعار تميل عادة إلى زيادة الانفاق، وهذه الزيادة في الانفاق يصعب جدا إلغاؤها فيما بعد عند انخفاض الأسعار، ونقص الموارد المالية، مما يدفع الحكومات إلى الاقتراض.

كيف يمكن التخفيف من الأضرار الاقتصادية المصاحبة لتقلب أسعار النفط أو ارتفاع أسعاره؟ بمعنى آخر كيف يمكن التصرف في هذه الأحوال خاصة مع وجود أموال إضافية ناجمة من ارتفاع الأسعار ما كانت متوقعة أصلا؟

موضوع طويل جدا، وهذه نقاط:

@ اتباع سياسة العزل قدر المستطاع بين الدخل الإضافي الناجم من تقلب أو ارتفاع أسعار النفط، والإنفاق خاصة على الاستهلاك الحكومي والاعانات وما شابهها.

@ تخطيط الميزانيات على أساس سعر معتدل للنفط.

*متخصص في الاقتصاد

الكلي والحكومي - دكتوراه