المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «الوطني» يرصد تراجعاً لمخاطر القروض الحكومية في البنوك الخليجية



أبوتركي
22-04-2007, 11:32 AM
البنك يستعرض تطورات ومتغيرات القطاع المصرفي السعودي
«الوطني» يرصد تراجعاً لمخاطر القروض الحكومية في البنوك الخليجية


إعداد محمود عبدالرزاق:

يعتبر القطاع المصرفي السعودي اكبر القطاعات المصرفية في منطقة الخليج، الا انه بالمقارنة مع حجم الاقتصاد السعودي والامكانات الكامنة فيه، يعتبر اصغر هذه القطاعات. كما ان هذا الوضع الذي يدلل على عدم توفر الخدمات المصرفية لكافة النواحي والمناطق الاقتصادية في البلاد على نحو كاف، يوحي بان ثمة امكانات هائلة للنمو في مختلف جوانب هذا القطاع.
وجاء ذلك في دراسة اعدها مؤخرا بنك الكويت الوطني عن القطاعات المصرفية في دول مجلس التعاون الخليجي، وقال فيها ان تعرض البنوك الخليجية للمخاطر الناجمة عن الاقراض للجهات الحكومية قد تقلص في السنوات القليلة الماضية، وان ذلك التناقص مثل ظاهرة ملحوظة واصلت نموها، حيث باتت الاصول الحكومية تتراجع في الميزانيات العمومية لهذه البنوك.

وقال الوطني ان التراجع اكثر ما يبدو كبيرا في كل من السعودية وقطر، حيث الاصول الحكومية في تلك الدولتين ضمن اجمالي الاصول المصرفية تشهد تراجعا سريعا وتصبح قاب قوسين او ادنى من المستويات المعقولة. ومع ذلك فان هذه المستويات ما زالت اعلى مما هي عليه في دول اخرى في مجلس التعاون.

جملة من الاسباب

وعزا البنك هذا التراجع الى جملة من الاسباب من اهمها ان الحكومات باتت الان اقل حاجة لاقتراض الاموال، وذلك بفضل الفوائض القياسية الضخمة التي تدفقت على خزائنها بسبب ارتفاع اسعار النفط العالمية والنمو الاقتصادي القوي. ففي السعودية مثلا، بلغت الفوائض في الميزانية 265 مليار ريال سعودي، ما مكن السلطات السعودية من تحقيق المزيد من تخفيض الدين القومي الذي كان مقدرا في نهاية عام 2006 بما يعادل %28 من الناتج المحلي الاجمالي، مقارنة مع %40 قبل عام مضى. وبالاضافة الى ذلك فان الفوائض النفطية الضخمة مكنت السلطات السعودية من الانفاق بسخاء على المشاريع الراسمالية، التي تلقت مخصصات بلغت 140 مليار ريال في ميزانية عام 2007، وهي اضخم ميزانية قومية في تاريخ المملكة. وهناك سبب اخر لتراجع اقتراض القطاعات الحكومية من النظام المصرفي، ويتمثل في ان الحكومة تبذل قصارى جهدها لتحرير الاقتصاد وتطبيق استراتيجيات هادفة لتنويع مصادر الاقتصاد، وهذا الامر يمثل احد الحقائق المتوقع ان تعزز مشاركة القطاعات غير الحكومية في العملية الاقتصادية في البلاد ككل.

مناخ اقتصادي مستديم

وتناول بحث البنك الوطني عشرة بنوك سعودية هي البنك الاهلي التجاري، ومؤسسة سامبا المالية، وبنك الراجحي، وبنك الرياض، والبنك السعودي البريطاني، والبنك السعودي الفرنسي، والبنك العربي الوطني، والبنك السعودي الهولندي، وبنك الاستثمار السعودي، وبنك الجزيرة.
وقال البنك ان المناخ الاقتصادي المناسب في السعودية، والذي يتوقع ان يستديم لوقت طويل، على الاقل على المدى المتوسط، يحمل فرصا واعدة للقطاع المصرفي، حيث ان ثمة ترابطا وثيقا بين حجم هذا القطاع، وبين حجم الاقتصاد الكلي. وخلال السنوات الست الماضية، تراوحت نسبة الاصول الى الناتج المحلي الاجمالي بين %65 و %72. وبناء على ذلك فان تقديرات وحدة الايكونوميست انتلجنس البريطانية بان يحقق الاقتصاد السعودي نموا حقيقيا بواقع %5.4 و%5.1 خلال عامي 2007 و2008 على التوالي، تحمل في طياتها انباء سارة للقطاع المصرفي، بالرغم من ان قطاعات اخرى ليست لديها نفس الدرجة من التفاؤل بالنمو الاقتصادي القوي.

الإقراض في مرحلة الجمود

في عام 2006، بلغ معدل نمو الاقراض مرحلة الجمود تقريبا، بعد ان شهد نموا قويا خلال السنوات الخمس السابقة، وليساهم بنسبة بالغة الاهمية في اجمالي الائتمان المصرفي. وكان من شان الارتفاع المتصاعد في الاقراض للقطاع الخاص والفوائض الضخمة في الميزانية اثر كبير في تقليص القروض والائتمان المصرفي المقدم للقطاع الحكومي.
وتشهد السعودية في الوقت الحاضر طلبا يتصف بالنهم ولا يعرف الحدود على الخدما ت المالية والمصرفية الاسلامية. ويتزايد تحول اغلبية العمليات المصرفية المتفرقة الى النظام الاسلامي، كما ان جانبا كبيرا من اجمالي الفروع تم تحويله للعمل وفق مقتضيات الشريعة الاسلامية.
ومنذ عام 2005، شهد القطاع المصرفي نموا حادا في تكلفة الاموال، والذي استمد قوة من الارتفاع في اسعار الفائدة. كما ساهم في زيادة ارتفاع تكلفة الاقتراض، الزيادة المضطردة في الودائع المدرة للفوائد.

خبرات البنوك الأجنبية

يتألف القطاع المصرفي السعودي من 16 مصرفا، خمسة منها هي فروع لبنوك اجنبية تعمل في المملكة، كما ان اربعة بنوك سعودية تعمل بالمشاركة مع مصارف اجنبية عالمية كبرى من خلال حصص مشاركة وملكية تصل الى %40. وتستفيد هذه البنوك الاربعة وهي البنك السعودي البريطاني، والبنك العربي الوطني، والبنك السعودي الفرنسي، والبنك السعودي الهولندي من الخبرات المهنية والادارية والتشغيلية للبنوك الاجنبية المشاركة لها، كما دخل البعض منها في اتفاقية خدمات مع هذه البنوك.
وتعمد مؤسسة النقد العربي السعودي - ساما - الى فتح ابواب القطاع المصرفي بالتدريج امام المصارف الاجنبية. وقد رخص لعدد قليل من البنوك الاجنبية الاخرى الا انها لم تبدا عملياتها بعد في المملكة. وبالاضافة الى ذلك، فان الاصدار الاولي العام البالغة قيمته 2.8 مليار دولار لصالح بنك الانماء، والمتوقع ان يطرح في النصف الاول من هذا العام، سيخلق اكبر مصرف سعودي من حيث راس المال المدفوع. وتركز البنوك الاجنبية، وخصوصا تلك التي لا تنتمي الى دول مجلس التعاون الخليجي، على تقديم خدماتها للشركات بدلا من تقديم الخدمات المصرفية المتفرقة للمستهلكين الافراد، وذلك في ظل شبكة الفروع المحدودة، والامتيازات القوية التي تتمتع بها بعض البنوك الكبرى السعودية من الوزن الثقيل.

سقف الملكية الأجنبية

ومن غير المتوقع ان يكون لانضمام السعودية الى منظمة التجارة العالمية في ديسمبر من عام 2005 اثر دراماتيكي على القطاع المصرفي. اما التغيير الرئيسي فسيتمثل في رفع سقف الملكية الاجنبية في البنوك من %40 الى %60.
وقد تناول الوطني في تقريره البنوك السعودية العشرة عالية التنظيم، والمدرجة جميعها - باستثناء البنك الاهلي التجاري - في سوق الاوراق المالية السعودي ( تداول). وتسيطر هذه العينة على ما نسبته %95 من اجمالي اصول البنوك السعودية كما في ديسمبر 2006. اما البنوك التسعة المدرجة فانها تستحوذ على نسبة %35 من القيمة السوقية للشركات المتداولة في سوق الاوراق المالية السعودي.

حجم القطاع مقابل حجم الاقتصاد

يعتبر القطاع المصرفي السعودي الاكبر في الخليج، حيث بلغت اصوله الاجمالية 861 مليار ريال سعودي كما في نهاية عام 2006، وبلغ عدد فروع البنوك المنتشرة في المملكة في التاريخ المذكور 1289 فرعا، وهي مزودة باجهزة الصرف الالي البالغ عددها 6079 جهازا.
وقال الوطني انه بالرغم من ضخامة القطاع المصرفي السعودي الا انه يعتبر من حيث القيمة المطلقة مقارنة مع دول الخليج الاخرى واحدا من اصغرها. كما يبدو ان انتشار الخدمات المصرفية ومعدل الاختراق غير كافيين، ويدلل على ذلك النسب المتدنية للقروض الى الناتج المحلي الاجمالي، وللودائع الى الناتج المحلي الاجمالي، مقارنة مع دول الخليج الاخرى، باستثناء عمان التي تتخلف وراء السعودية في هذا المضمار.

حصة القطاع المصرفي

لا يمكن القول ان ثمة مؤسسة مصرفية وحيدة تسيطر على القطاع المصرفي في السعودية. ويعود الفضل في هذا الوضع الى وجود العديد من المؤسسات المالية ذات التنظيم العالي والامتيازات المرموقة. ولكن مع ذلك فان البنوك الاربعة الكبرى في السعودية من حيث حجم الاصول تساهم بما نسبته %59 من اجمالي العينة موضوع هذا البحث. ويعتبر البنك الاهلي التجاري اكبر البنوك السعودية، وبلغت حصته %19 من اجمالي الاصول والودائع في العينة كما في نهاية عام 2006.
ومما يثير الاستغراب ان البنك الاهلي التجاري لا يزال غير مدرج على سوق الاوراق المالية السعودي بالرغم من الخطط التي وضعت لادراجه خلال الاعوام القليلة الماضية. اما بنك الراجحي فقد احتل المرتبة الاولى بين البنوك السعودية من حيث صافي الارباح ليقترب من %21 من اجمالي ارباح العينة، متجاوزا بذلك البنك الاهلي التجاري في هذا الشان.

نوعية الأصول عالية

بعد تحسن واضح في نوعية الاصول، ابدت البنوك السعودية نتائج مختلطة في نهاية عام 2006. فقد شهدت نصف بنوك العينة موضوع هذا البحث زيادة في نسب القروض المتعثرة الى اجمالي القروض في عام 2006.
وبالاجمال، فان المتوسط المرجح لهذه النسبة يعتبر مرضيا جدا، اذ تراجع من %2.4 في عام 2004 الى %1.7 في عام 2006، مشيرا بذلك الى تحسن عام في نوعية الاصول.
كما تراجعت القروض المتعثرة من حيث القيمة المطلقة، حيث سجل اجمالي هذه القروض لدى القطاع المصرفي في نهاية عام 2006 تراجعا بنسبة %26 عما كان عليه في عام 2003. على ان بنك الراجحي كان الاستثناء في هذا الشان حيث لوحظ ارتفاع حاد في القروض المتعثرة في عام 2005 وبلغت نسبتها %23 من اجمالي الديون المتعثرة لدى العينة في نهاية عام 2006. كما يلاحظ ارتفاع نسبة هذه الديون لدى بنك الجزيرة.

التمويل الإسلامي مدعوم بالعقار

غير ان الوطني اشار الى ان المعدلات المرتفعة نسبيا لدى الراجحي والجزيرة يمكن تلافيها او التقليل من شانها نظرا لان التمويل الاسلامي يعتبر بطبيعته تمويلا يتمتع بالدعم العقاري، الامر الذي يقلل من مخاطر معدلات متدنية ظاهريا لنوعية الاصول مقارنة مع البنوك الاخرى في المملكة. ويقف الاقتصاد القوي سببا قويا وراء تحسن نوعية الاصول المصرفية، ومن الدلائل على ذلك ان انهيار سوق الاوراق المالية السعودي لم يحدث اضرارا كبيرة في نوعية الاصول الخاصة بالقروض الشخصية. ان القروض المتعثرة المصنفة في خانة الاقراض الهامشي، بالرغم من ان الافصاح بشانها لم يكن كافيا، الا انه لم يطرا عليها تغيير كبير في عام 2006 وذلك بسبب الطريقة التي تحكم عمليات الاقراض الهامشي.

مخصصات عالية جداً

اما التغطية، التي يمكن تعريفها بانها نسبة اجمالي المخصصات الى القروض المتعثرة، فهي كافية جدا، ويبلغ المتوسط المرجح لها %177 بالنسبة للعينة موضوع البحث كما في نهاية عام 2006.
ومع ذلك فان ثمة تفاوتا كبيرا بين البنوك، حيث تتراوح النسبة بين الانخفاض الى %114 بالنسبة للبنك السعودي الهولندي الى ارتفاع صاروخي يصل الى %358 بالنسبة لبنك الاستثمار السعودي. اما بنك الراجحي فقد شهد تراجعا في عام 2005، في حين كان تدهور المعدل في بنك الرياض مستمدا الدفع من زيادة حادة في القروض المتعثرة لدى البنك، وخصوصا فيما يتعلق بالمحفظة التجارية.

ربحية البنوك مرضية

سجلت ارباح البنوك السعودية نموا سريعا، حيث بلغ معدل النمو السنوي المركب %41 خلال السنوات الثلاث المنتهية في عام 2006. فبعد تحقيق نمو بلغ %16 و%35 في عامي 2003 و2004 على التوالي، ارتفعت ارباح البنوك الى ذروتها في عام 2005 لتصل الى %61 ولكنها ما لبثت ان تباطأت الى %30 في عام 2006.