أبوتركي
22-04-2007, 08:18 PM
سـوق الأسهم المحلية.. لم ينجح أحد!!
عبدالحميد العمري
تلك آخر النتائج التي أظهرتها أروقة الاختبارات (النهائية) في مدرسة/سوق الأسهم المحلية، وليست بنتائج مفاجئة كما قد يعتقد البعض، فقد (بانتْ من عصاريها) في تاريخٍ قديمٍ مضى، مع الإشارة إلى أن من ظنَّ نفسه قد نجح في مدرسة/سوق ما قبل الابتدائية بالغش والتلاعب والتدليس وإرعاب الآخرين بالمضاربات المحمومة التي لا تُبقي ولا تذر؛ فليعلم أنه أول (الراسبين) وإن كانت شهادة (محفظته) ترصّعت بالنسب الكاملة! وسيعلم ذلك يقيناً في القادم من الأيام، حينما يكتشف أن ما جنى مكاسبه في غفلة من الرقيب (الغائب) سيُسلَّط عليه من لا يُبقي له ريالاً واحداً في حسابه، وتلك الأيام نداولها بين الناس، وكما تدين تُدان. إنك ستقتنع تماماً بحيادية وموضوعية تلك النتائج قياساً على واقع هذه المدرسة/السوق المرير، بدءاً من هشاشة المناهج المقررة (الشركات والبنوك)، مروراً بمعظم كوادرها القيادية والتنفيذية الذين حملتهم إلى مدرستنا/سوقنا أجنحةُ "معروفٌ لدينا والواسطة"، لنقف في تأملٍ أمام ملايين من طلاب/مستثمرين اكتشفوا فجأةً مدرسةً/سوقاً ظنّوا ألا رسوب/خسارة فيها على الإطلاق، وإنما نجاحٌ مستمر ومنقطع النظير، وديمومة أبدية في قائمة العشرة الأوائل! أضف إلى كل ما سبق حشوداً من المدرسين الخصوصين/طاقم المحللين جاؤوا من كل حدبٍ وصوب ينسلون، حتى أصبحنا نرى معلّم القراءة والكتابة في المرحلة الابتدائية (خبيراً فنياً) لا يُشق لتصريحاته غبار، وموظف "التسويق" بتقدير مقبول يتربّع (مستشاراً) لإدارة الأموال والثروات، وسلسلةٍ من جوقةٍ أتحفتْ شاشات الفضائيات بالضرب على الصدر مرة أن المؤشر صاعد إلى السماء لن يتوقف هديره، وأخرى (عابسةً) تبث الرعب في قلوب (المتعلقين). وبين هذا وذاك تحت سقفِ مدرسة/سوقٍ بهذه الفوضى العارمة في أغلب أرجائها وأروقتها، ماذا كنت تنتظر يا سيدي يا سيدتي غير أن تأتيكما النتائج بسقوط الجميع، وألا أحد نجح في السوق مع نسبٍ متدحرجة إلى الأسفل لم تتوقف إلى الآن.
قالوها لنا آبائنا وأمهاتنا قديماً حينما برر من رسب في مدرسته (عذر البليد مسح السبورة)، تلك هي الحلقة المفرغة التي ندور فيها اليوم كالتائهين
الجميع تحت مجهر (الامتحان النهائي) أثبتْ فشله بنسبٍ متفاوتة، وليست حقيقةً مرّة بقدر ما أنها (فرصة أخيرة) للاعتراف بهذا الفشل، والاستعداد من ثمَّ بطريقةٍ أكثر جدية، وأكثر إحترافية، لخوض التجربة مجدداً والاستعداد لامتحانات الدور الثاني! الذي يجب اجتيازه بشروطٍ جديدة ووسائل حديثة، مع التأكيد على عدم تكرار أخطاء الماضي، وتجنّبها قدر المستطاع. أما في حال وقفت تلك الجموع السابقة موقف الرافض من هذه الحقيقة المفزعة أعلاه، فهذا مؤداه أن امتحانات الأدوار القادمة ستأتي وتذهب كنسماتْ الهواء العليل لا ولن نشعر بها، وأن نتائج الامتحانات ستستمر حمراء اللون على جبين الجميع، لن تغير اتجاه (مؤشراتها) الهابطة إلى أن يأذن الله بأمرٍ كان عنده معلوماً.
قالوها لنا آبائنا وأمهاتنا قديماً حينما برر من رسب في مدرسته (عذر البليد مسح السبورة)، تلك هي الحلقة المفرغة التي ندور فيها اليوم كالتائهين، كلٌ يقذف ببلائه على غيره، أما أن يعترف أحدنا بشيء من المسؤولية أو حتى بجزءٍ منها تجاه ما أصابه من فشل، فتلك أول المستحيلات لخلو أنسجة ثقافتنا المحلية من خيوط الاعتراف بالأخطاء، وكيف يمكن الاعتراف بها إذا كانت ثقافة البعض تعتقد جازمةٍ أن مثل هذا (التهور) إهانة وانتقاص للمرء الذي يُقدم على هذا الاعتراف؟! وانظروا يا قومي في الأرض كم تريليوناً ذهب أدراج الرياح، ثمناً لمكابرةٍ زائفة تمنع اعتراف أيٌّ منّا باخطاءه المرتكبة. وكم هو عجيبٌ وغريبٌ جداً إلى أقصى حدود الذهول، أن تستمع وتظل تستمع طويلاً إلى هذا الضجيج من حولك؛ كلٌ ينفي عن نفسه الوقوع في الخطأ، فيما يُراكم أمامك (ردميات) لا نهاية لها من التبريرات حتى يستحيل عليك رؤيته في أتربة وغبار الحجج الواهية، يزيد من ثوران غبارها في عنان السماء الاتهامات المتبادلة بين المتخاصمين في ساحة المدرسة/السوق؛ كلٌ يدّعي الوصل بليلى/الفهم والمعرفة، وما عرفوا أن ليلى نائمة هانئة في عالم النسيان. قد ننجح مؤقتاً في (تطنيش) الدروس المستخرجة من أحد أقسى التجارب التي مرّت على المجتمع السعودي المعاصر! ولكنَّ (عين) و(قلم) التاريخ تؤكد أن هذا طريقٌ مسدودةٌ نهايته، وأن لا محيص عن مواجهة حقائقه المرّة ذات يوم، طال الزمن أم قصر.
إننا بحاجةٍ ماسّة إلى إحداث تفكيكٍ كبير في طريقة التفكير والمعالجة تجاه كثيرٍ من قضايانا المشتركة، وحتى تلك الخاصة في حياة كلٍّ منّا، ذلك شرطٌ أساسي في البناء الحضاري لأي مجتمع وأي مجالٍ في الحياة، وهل هناك اليوم في عالمنا المعاصر أهم من الجانب الاقتصادي؟! الجانب الأكثر تغلغلاً في بقية جوانب الحياة المعاصرة للبشرية اليوم وغداً. ليست القضية سهماً شريته اليوم وغداً تبيعه بربح، وليست القضية أبداً (ملهى) أو (ملعب) نتلاعب فيه بمدخرات أبنائنا وبناتنا كأنها (كرة) نصفّق فيه للرابح ونوبخ فيه الخاسر، ليست أبداً كما كشفت لنا تجربتنا الحديثة والأخيرة مع أدوات الأسواق المالية، إنها بعيدةٌ كل البعد عن هذه السلوكيات غير المدركة وغير المسؤولة أبداً. الأمر بيدنا جميعاً، إمّا أن يستمر بعضنا في التسمّر أمام الشاشات الحمراء انتظاراً لمعجزة، والبعض الآخر في معالجة الداء بغير علاجه لعل وعسى أن يفيق هذا المريض من غيبوبة الموت القريب، أؤكد إمّا ما سبق وعليه تبقى لائحة النتائج النهائية (لم ينجح أحد)، وإما الاستفاقة من غيبوبة الوهم والاعتزاز بالخطأ الفادح، واتباع الطريق الأسلم مهما بلغت تكاليفه التي لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن تتجاوز واحد في المليون من ثروةٍ ذهبت أدراج الرياح، أعيد قيمتها آسفاً أكثر من تريليوني ريال.
عبدالحميد العمري
تلك آخر النتائج التي أظهرتها أروقة الاختبارات (النهائية) في مدرسة/سوق الأسهم المحلية، وليست بنتائج مفاجئة كما قد يعتقد البعض، فقد (بانتْ من عصاريها) في تاريخٍ قديمٍ مضى، مع الإشارة إلى أن من ظنَّ نفسه قد نجح في مدرسة/سوق ما قبل الابتدائية بالغش والتلاعب والتدليس وإرعاب الآخرين بالمضاربات المحمومة التي لا تُبقي ولا تذر؛ فليعلم أنه أول (الراسبين) وإن كانت شهادة (محفظته) ترصّعت بالنسب الكاملة! وسيعلم ذلك يقيناً في القادم من الأيام، حينما يكتشف أن ما جنى مكاسبه في غفلة من الرقيب (الغائب) سيُسلَّط عليه من لا يُبقي له ريالاً واحداً في حسابه، وتلك الأيام نداولها بين الناس، وكما تدين تُدان. إنك ستقتنع تماماً بحيادية وموضوعية تلك النتائج قياساً على واقع هذه المدرسة/السوق المرير، بدءاً من هشاشة المناهج المقررة (الشركات والبنوك)، مروراً بمعظم كوادرها القيادية والتنفيذية الذين حملتهم إلى مدرستنا/سوقنا أجنحةُ "معروفٌ لدينا والواسطة"، لنقف في تأملٍ أمام ملايين من طلاب/مستثمرين اكتشفوا فجأةً مدرسةً/سوقاً ظنّوا ألا رسوب/خسارة فيها على الإطلاق، وإنما نجاحٌ مستمر ومنقطع النظير، وديمومة أبدية في قائمة العشرة الأوائل! أضف إلى كل ما سبق حشوداً من المدرسين الخصوصين/طاقم المحللين جاؤوا من كل حدبٍ وصوب ينسلون، حتى أصبحنا نرى معلّم القراءة والكتابة في المرحلة الابتدائية (خبيراً فنياً) لا يُشق لتصريحاته غبار، وموظف "التسويق" بتقدير مقبول يتربّع (مستشاراً) لإدارة الأموال والثروات، وسلسلةٍ من جوقةٍ أتحفتْ شاشات الفضائيات بالضرب على الصدر مرة أن المؤشر صاعد إلى السماء لن يتوقف هديره، وأخرى (عابسةً) تبث الرعب في قلوب (المتعلقين). وبين هذا وذاك تحت سقفِ مدرسة/سوقٍ بهذه الفوضى العارمة في أغلب أرجائها وأروقتها، ماذا كنت تنتظر يا سيدي يا سيدتي غير أن تأتيكما النتائج بسقوط الجميع، وألا أحد نجح في السوق مع نسبٍ متدحرجة إلى الأسفل لم تتوقف إلى الآن.
قالوها لنا آبائنا وأمهاتنا قديماً حينما برر من رسب في مدرسته (عذر البليد مسح السبورة)، تلك هي الحلقة المفرغة التي ندور فيها اليوم كالتائهين
الجميع تحت مجهر (الامتحان النهائي) أثبتْ فشله بنسبٍ متفاوتة، وليست حقيقةً مرّة بقدر ما أنها (فرصة أخيرة) للاعتراف بهذا الفشل، والاستعداد من ثمَّ بطريقةٍ أكثر جدية، وأكثر إحترافية، لخوض التجربة مجدداً والاستعداد لامتحانات الدور الثاني! الذي يجب اجتيازه بشروطٍ جديدة ووسائل حديثة، مع التأكيد على عدم تكرار أخطاء الماضي، وتجنّبها قدر المستطاع. أما في حال وقفت تلك الجموع السابقة موقف الرافض من هذه الحقيقة المفزعة أعلاه، فهذا مؤداه أن امتحانات الأدوار القادمة ستأتي وتذهب كنسماتْ الهواء العليل لا ولن نشعر بها، وأن نتائج الامتحانات ستستمر حمراء اللون على جبين الجميع، لن تغير اتجاه (مؤشراتها) الهابطة إلى أن يأذن الله بأمرٍ كان عنده معلوماً.
قالوها لنا آبائنا وأمهاتنا قديماً حينما برر من رسب في مدرسته (عذر البليد مسح السبورة)، تلك هي الحلقة المفرغة التي ندور فيها اليوم كالتائهين، كلٌ يقذف ببلائه على غيره، أما أن يعترف أحدنا بشيء من المسؤولية أو حتى بجزءٍ منها تجاه ما أصابه من فشل، فتلك أول المستحيلات لخلو أنسجة ثقافتنا المحلية من خيوط الاعتراف بالأخطاء، وكيف يمكن الاعتراف بها إذا كانت ثقافة البعض تعتقد جازمةٍ أن مثل هذا (التهور) إهانة وانتقاص للمرء الذي يُقدم على هذا الاعتراف؟! وانظروا يا قومي في الأرض كم تريليوناً ذهب أدراج الرياح، ثمناً لمكابرةٍ زائفة تمنع اعتراف أيٌّ منّا باخطاءه المرتكبة. وكم هو عجيبٌ وغريبٌ جداً إلى أقصى حدود الذهول، أن تستمع وتظل تستمع طويلاً إلى هذا الضجيج من حولك؛ كلٌ ينفي عن نفسه الوقوع في الخطأ، فيما يُراكم أمامك (ردميات) لا نهاية لها من التبريرات حتى يستحيل عليك رؤيته في أتربة وغبار الحجج الواهية، يزيد من ثوران غبارها في عنان السماء الاتهامات المتبادلة بين المتخاصمين في ساحة المدرسة/السوق؛ كلٌ يدّعي الوصل بليلى/الفهم والمعرفة، وما عرفوا أن ليلى نائمة هانئة في عالم النسيان. قد ننجح مؤقتاً في (تطنيش) الدروس المستخرجة من أحد أقسى التجارب التي مرّت على المجتمع السعودي المعاصر! ولكنَّ (عين) و(قلم) التاريخ تؤكد أن هذا طريقٌ مسدودةٌ نهايته، وأن لا محيص عن مواجهة حقائقه المرّة ذات يوم، طال الزمن أم قصر.
إننا بحاجةٍ ماسّة إلى إحداث تفكيكٍ كبير في طريقة التفكير والمعالجة تجاه كثيرٍ من قضايانا المشتركة، وحتى تلك الخاصة في حياة كلٍّ منّا، ذلك شرطٌ أساسي في البناء الحضاري لأي مجتمع وأي مجالٍ في الحياة، وهل هناك اليوم في عالمنا المعاصر أهم من الجانب الاقتصادي؟! الجانب الأكثر تغلغلاً في بقية جوانب الحياة المعاصرة للبشرية اليوم وغداً. ليست القضية سهماً شريته اليوم وغداً تبيعه بربح، وليست القضية أبداً (ملهى) أو (ملعب) نتلاعب فيه بمدخرات أبنائنا وبناتنا كأنها (كرة) نصفّق فيه للرابح ونوبخ فيه الخاسر، ليست أبداً كما كشفت لنا تجربتنا الحديثة والأخيرة مع أدوات الأسواق المالية، إنها بعيدةٌ كل البعد عن هذه السلوكيات غير المدركة وغير المسؤولة أبداً. الأمر بيدنا جميعاً، إمّا أن يستمر بعضنا في التسمّر أمام الشاشات الحمراء انتظاراً لمعجزة، والبعض الآخر في معالجة الداء بغير علاجه لعل وعسى أن يفيق هذا المريض من غيبوبة الموت القريب، أؤكد إمّا ما سبق وعليه تبقى لائحة النتائج النهائية (لم ينجح أحد)، وإما الاستفاقة من غيبوبة الوهم والاعتزاز بالخطأ الفادح، واتباع الطريق الأسلم مهما بلغت تكاليفه التي لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن تتجاوز واحد في المليون من ثروةٍ ذهبت أدراج الرياح، أعيد قيمتها آسفاً أكثر من تريليوني ريال.