أبوتركي
23-04-2007, 01:19 AM
المصارف الخليجية في مواجهة التحديات
عامر ذياب التميمي
سيواجه النظام المصرفي في دول الخليج العربية تحديات مهمة خلال السنوات المقبلة في ظل تنامي المنافسة والانفتاح الاقتصادي وتمكن الكثير من المؤسسات المالية العالمية من الولوج الى بلدان المنطقة والتعامل مع المستثمرين ورجال الأعمال بشكل مباشر، سواء من أجل توفير التمويل أو الائتمان المصرفي أو تقديم أدوات استثمارية جديدة أو الترويج لصناديق الاستثمار في الخارج. وإذا كانت البنوك الوطنية التقليدية تمكنت من تعزيز أوضاعها المالية خلال السنوات الأخيرة وحققت نتائج طيبة على رؤوس الأموال ووسعت من رقعة الأنشطة إلا انها باتت تواجه منافسة من المؤسسات والبنوك الإسلامية التي تتعامل بأدوات مالية متنوعة ومن خلال آليات أكثر يسراً ومرونة في الوقت الذي تواجه البنوك التقليدية تحديات العولمة وتطبيقات أنظمة بازل المتجددة والمشددة.
إن من أهم الأمور التي تواجه البنوك التقليدية في هذه المنطقة من العالم هي مشكلة الحجم حيث تعتبر البنوك الوطنية من المؤسسات المالية ذات الحجم الصغير سواء من ناحية رأس المال أو قيمة الأصول، لذلك يتوجب عليها التفكير ملياً بقضية الاندماج لتأسيس مؤسسات مالية ذات حجم مناسب لمواجهة الاشتراطات المتوجب عليها اتباعها حسب أنظمة البنوك المركزية وقيود بازل وكذلك للتعامل مع المنافسة الإقليمية والدولية.
وإذا أخذنا الكويت نموذجاً في المنطقة فإننا نجد أن هناك سبعة بنوك ذات ملكية وطنية (ستة بنوك كويتية + بنك البحرين والكويت) أضيفت لها مؤخراً فروع لبنوك خليجية وأجنبية (أربعة بنوك)، بالإضافة الى البنوك والشركات المالية ذات الصبغة الإسلامية، والتي أخضعت أخيراً لرقابة بنك الكويت المركزي.. وكما هو معلوم فإن سوق الائتمان في الكويت يعتبر صغيراً وتنحصر أنشطة الائتمان بحدود القروض الشخصية وبعض القروض لأنشطة قطاعية، ولا يوجد سوق للسندات بشكل جاد كما هو متعارف عليه في الاقتصادات الرأسمالية المتقدمة.. وإذا كانت هناك مؤسسات متخصصة في الائتمان النوعي مثل بنك العقاري أو بنك الكويت الصناعي فإن أدوات التمويل النوعية لا تزال غير مجدية مما يضطر هذه البنوك الى البحث عن أدوات تحقق لها العوائد الملائمة، وربما ذلك ما دفع البنك العقاري الى التحول الى بنك يتعامل مع أدوات التمويل الإسلامية.
إذاً فإن الساحة المصرفية، أو الائتمانية، تعج بالعديد من الوحدات أو المؤسسات التي تحاول أن تشغل حيزاً مهماً في السوق الذي يعاني من محدودية الفرص. ولذلك فإن التوسع في الأسواق الاقليمية وغيرها يظل أمراً ملحاً للمؤسسات المالية والبنوك في الكويت وتلك العاملة في بلدان الخليج. وقد يكون من المفيد أن تضع مجالس الإدارات لهذه المؤسسات استراتيجية واضحة المعالم لتطوير وتعزيز أعمالها وتعمل من أجل دمج عدة بنوك في الساحات المحلية ثم تعمل على دمج بنوك مخترقة الحدود الوطنية، مثل دمج بنك كويتي مع آخر سعودي أو خليجي آخر، لكي تستطيع مواجهة متطلبات المنافسة المقتدرة.. وإذا كانت عمليات الاندماج بين البنوك في الولايات المتحدة أو في اليابان أو ألمانيا قد خلقت مؤسسات مصرفية تملك قاعدة من الأصول تزيد وتقترب من التريليون دولار أمريكي، فمن المتوقع أن تؤدي عمليات الاندماج في منطقة الخليج إلى تأسيس ذات قاعدة تزيد قيمة أصولها على 250-300 مليار دولار.. ولا شك في أن نتيجة الاندماج ستؤدي الى تحولات نوعية في مقدرة البنوك الوطنية أو الاقليمية، وتعزز القدرة على تحسين الكفاءة وتعزيز الإيرادات. كما أن ذلك سوف يساهم في الوصول الى أرباح صافية مواتية على حقوق المساهمين.
إن مثل هذا لا بد أن يعزز، أيضاً، القدرة على التفاعل بين المؤسسات الخليجية ويمكن من تحسين فرص التكامل الاقتصادي. ولا ريب في أن الأسواق المالية في منطقة الخليج قد تساهم في تحقيق عمليات الاندماج من خلال عمليات الاقتناء المباشرة وغير المباشرة بعدما تمكنت أخيراً من تمليك أطراف خليجية لمؤسسات في بلدان عديدة في المنطقة. ولذلك فإن تطوير إدارة هذه الأسواق وتبسيط الإجراءات وتفعيل الإفصاح والشفافية ستؤدي الى التفاعل بين المستثمرين بشكل أفضل. يضاف الى ذلك ان البنوك المركزية يجب أن تعمل على إقناع ملاك وإدارات المصارف بأهمية عمليات الدمج لزيادة كفاءة النظام المصرفي. وبذل بنك الكويت المركزي جهوداً كبيرة من أجل إقناع البنوك بأهمية الاندماج في هذا العالم من دون أن تلاقي التجاوب الملائم من ملاك البنوك، وربما ستمكن التطورات في السوق المالي من القدرة على تحويل هذه البنوك من بنوك عائلية الى مؤسسات اقتصادية ذات قاعدة واسعة من الملاك الأساسيين من مؤسسات استثمارية، مما يحسن من كفاءة الإدارة. وأخيراً، هل يمكن لنا أن نرى تحولات في النظام المصرفي باتجاه ما أشرت اليه خلال هذا العام؟
* باحث اقتصادي كويتي
عامر ذياب التميمي
سيواجه النظام المصرفي في دول الخليج العربية تحديات مهمة خلال السنوات المقبلة في ظل تنامي المنافسة والانفتاح الاقتصادي وتمكن الكثير من المؤسسات المالية العالمية من الولوج الى بلدان المنطقة والتعامل مع المستثمرين ورجال الأعمال بشكل مباشر، سواء من أجل توفير التمويل أو الائتمان المصرفي أو تقديم أدوات استثمارية جديدة أو الترويج لصناديق الاستثمار في الخارج. وإذا كانت البنوك الوطنية التقليدية تمكنت من تعزيز أوضاعها المالية خلال السنوات الأخيرة وحققت نتائج طيبة على رؤوس الأموال ووسعت من رقعة الأنشطة إلا انها باتت تواجه منافسة من المؤسسات والبنوك الإسلامية التي تتعامل بأدوات مالية متنوعة ومن خلال آليات أكثر يسراً ومرونة في الوقت الذي تواجه البنوك التقليدية تحديات العولمة وتطبيقات أنظمة بازل المتجددة والمشددة.
إن من أهم الأمور التي تواجه البنوك التقليدية في هذه المنطقة من العالم هي مشكلة الحجم حيث تعتبر البنوك الوطنية من المؤسسات المالية ذات الحجم الصغير سواء من ناحية رأس المال أو قيمة الأصول، لذلك يتوجب عليها التفكير ملياً بقضية الاندماج لتأسيس مؤسسات مالية ذات حجم مناسب لمواجهة الاشتراطات المتوجب عليها اتباعها حسب أنظمة البنوك المركزية وقيود بازل وكذلك للتعامل مع المنافسة الإقليمية والدولية.
وإذا أخذنا الكويت نموذجاً في المنطقة فإننا نجد أن هناك سبعة بنوك ذات ملكية وطنية (ستة بنوك كويتية + بنك البحرين والكويت) أضيفت لها مؤخراً فروع لبنوك خليجية وأجنبية (أربعة بنوك)، بالإضافة الى البنوك والشركات المالية ذات الصبغة الإسلامية، والتي أخضعت أخيراً لرقابة بنك الكويت المركزي.. وكما هو معلوم فإن سوق الائتمان في الكويت يعتبر صغيراً وتنحصر أنشطة الائتمان بحدود القروض الشخصية وبعض القروض لأنشطة قطاعية، ولا يوجد سوق للسندات بشكل جاد كما هو متعارف عليه في الاقتصادات الرأسمالية المتقدمة.. وإذا كانت هناك مؤسسات متخصصة في الائتمان النوعي مثل بنك العقاري أو بنك الكويت الصناعي فإن أدوات التمويل النوعية لا تزال غير مجدية مما يضطر هذه البنوك الى البحث عن أدوات تحقق لها العوائد الملائمة، وربما ذلك ما دفع البنك العقاري الى التحول الى بنك يتعامل مع أدوات التمويل الإسلامية.
إذاً فإن الساحة المصرفية، أو الائتمانية، تعج بالعديد من الوحدات أو المؤسسات التي تحاول أن تشغل حيزاً مهماً في السوق الذي يعاني من محدودية الفرص. ولذلك فإن التوسع في الأسواق الاقليمية وغيرها يظل أمراً ملحاً للمؤسسات المالية والبنوك في الكويت وتلك العاملة في بلدان الخليج. وقد يكون من المفيد أن تضع مجالس الإدارات لهذه المؤسسات استراتيجية واضحة المعالم لتطوير وتعزيز أعمالها وتعمل من أجل دمج عدة بنوك في الساحات المحلية ثم تعمل على دمج بنوك مخترقة الحدود الوطنية، مثل دمج بنك كويتي مع آخر سعودي أو خليجي آخر، لكي تستطيع مواجهة متطلبات المنافسة المقتدرة.. وإذا كانت عمليات الاندماج بين البنوك في الولايات المتحدة أو في اليابان أو ألمانيا قد خلقت مؤسسات مصرفية تملك قاعدة من الأصول تزيد وتقترب من التريليون دولار أمريكي، فمن المتوقع أن تؤدي عمليات الاندماج في منطقة الخليج إلى تأسيس ذات قاعدة تزيد قيمة أصولها على 250-300 مليار دولار.. ولا شك في أن نتيجة الاندماج ستؤدي الى تحولات نوعية في مقدرة البنوك الوطنية أو الاقليمية، وتعزز القدرة على تحسين الكفاءة وتعزيز الإيرادات. كما أن ذلك سوف يساهم في الوصول الى أرباح صافية مواتية على حقوق المساهمين.
إن مثل هذا لا بد أن يعزز، أيضاً، القدرة على التفاعل بين المؤسسات الخليجية ويمكن من تحسين فرص التكامل الاقتصادي. ولا ريب في أن الأسواق المالية في منطقة الخليج قد تساهم في تحقيق عمليات الاندماج من خلال عمليات الاقتناء المباشرة وغير المباشرة بعدما تمكنت أخيراً من تمليك أطراف خليجية لمؤسسات في بلدان عديدة في المنطقة. ولذلك فإن تطوير إدارة هذه الأسواق وتبسيط الإجراءات وتفعيل الإفصاح والشفافية ستؤدي الى التفاعل بين المستثمرين بشكل أفضل. يضاف الى ذلك ان البنوك المركزية يجب أن تعمل على إقناع ملاك وإدارات المصارف بأهمية عمليات الدمج لزيادة كفاءة النظام المصرفي. وبذل بنك الكويت المركزي جهوداً كبيرة من أجل إقناع البنوك بأهمية الاندماج في هذا العالم من دون أن تلاقي التجاوب الملائم من ملاك البنوك، وربما ستمكن التطورات في السوق المالي من القدرة على تحويل هذه البنوك من بنوك عائلية الى مؤسسات اقتصادية ذات قاعدة واسعة من الملاك الأساسيين من مؤسسات استثمارية، مما يحسن من كفاءة الإدارة. وأخيراً، هل يمكن لنا أن نرى تحولات في النظام المصرفي باتجاه ما أشرت اليه خلال هذا العام؟
* باحث اقتصادي كويتي