أبوتركي
23-04-2007, 01:20 AM
مستقبل العلاقات بين أوروبا وروسيا في مجال الطاقة
عبدالعظيم محمود حنفي
بدأ الاتحاد الأوروبي وروسيا بحث إمكان توقيع اتفاقية تعاون بينهما في مجال الطاقة في النصف الأول من العام 2007. وتنتهي اتفاقية الشراكة والتعاون بين الاتحاد الأوروبي وروسيا التي أصبحت نافذة في العام 1997، في نهاية العام 2007. وأعلنت المفوضية الأوروبية أنه ستحل محل الاتفاقية المنتهية مدتها اتفاقيتان جديدتان تخص إحداهما التعاون في مجال الطاقة. ولاحظ المراقبون تنامي المنافسة بين روسيا والاتحاد الأوروبي. وظهرت اختلافات كبيرة بين الجانبين في مجال الطاقة وتزود روسيا أوروبا بنحو ربع احتياجاتها من الغاز. وتمر 80 في المائة من الصادرات عبر أوكرانيا والبقية عن طريق روسيا البيضاء.
وتعتبر سياسة موسكو للطاقة مصدر توتر بالفعل في علاقاتها مع الغرب وبعض الجمهوريات السوفييتية السابقة. وتعرضت روسيا لانتقادات قوية لرفعها أسعار صادرات الغاز خصوصاً إلى جارتها جمهورية جورجيا السوفييتية السابقة ومازالت موسكو ترفض حتى الآن الطلب الأوروبي بالتصديق على ميثاق دولي لتحرير المنافسة في قطاع النفط والغاز.
ويقول محللون إن الرئيس الروسي بوتين يشعر بالقلق من اعتزام الاتحاد الأوروبي وضع فصل خاص بالطاقة في أي معاهدة تجارية منتظرة بين روسيا والاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة حاليا. والروس لهم تحفظات على السياسات الأوروبية اولا، لأن الاتحاد الأوروبي ينوي توسيع نطاق العضوية في مجموعة الدول التي تتبع إستراتيجية الاتحاد الأوروبي للطاقة والتي يراد لها أن تتحدى روسيا كمصدر لموارد الطاقة، بضم بلدان تشحن روسيا صادراتها من النفط والغاز عبرها - أوكرانيا ومولدافيا وتركيا وأيضا بيلوروسيا - إلى “جبهة الطوق” المحيط بروسيا. ثانيا، أن الاتحاد الأوروبي رفض الموافقة على إنشاء ممر خاص لسفر الرعايا الروس ونقل السلع بين منطقة كالينينجراد الروسية وباقي روسيا، وبعد قيام الثورة في جورجيا وأوكرانيا مما جعل القيادة الروسية تنظر إلى الاتحاد الأوروبي كخصم سياسي جديد يريد مد نفوذه إلى الساحة السوفييتية سابقا. ثالثا، رفض الاتحاد الأوروبي قبول ما ساقته روسيا من حجج عرقلت شحن نفطها وغازها إلى أوروبا عبر أوكرانيا وبيلوروسيا. رابعا، حاولت الشركات الروسية دخول الأسواق الأوروبية في العام 2006، ولكن مسعى الشركات الروسية لقي مقاومة الاتحاد الأوروبي. خامساً، يتهم الروس دول الاتحاد الأوروبي بإقامة تحالف مع الولايات المتحدة ضدها حيث يسوق المحللون الروس لحجة مفادها أنه لا يروق للأمريكيين أن تصبح روسيا القوة الأعظم في مجال الطاقة. ويدللون على ذلك بأن مبعوثي الولايات المتحدة في العام الماضي كانوا يحاولون إقناع قادة بلدان أوروبا وبعض الجمهوريات السوفييتية السابقة برفض إنشاء خطوط أنابيب لنقل النفط والغاز من وعبر روسيا.
ونجح الأمريكيون في منع تنفيذ مشروع مد خط أنابيب لنقل النفط الروسي إلى الأسواق العالمية عبر بلغاريا واليونان حتى الآن لأن اليونانيين والبلغاريين لم يريدوا اغضاب واشنطن. ولم يتمكن الرئيس الروسي بوتين من إبعاد المخاوف عنهم إلا قبل اسابيع حينما زار اليونان. وان ذلك أثار حفيظة الأمريكيين حتى أنهم أقدموا على خطوة من شأنها إن لم تكن تتيح للولايات المتحدة استعادة المواقع المفقودة فعلى الأقل تمنع روسيا من احتلال المواقع الجديدة، فقبل ايام معدودة وقعت الولايات المتحدة وأذربيجان اتفاقية خاصة بأمن الطاقة في منطقة بحر قزوين ستدعم الولايات المتحدة بموجبها مشاريع إنشاء خطوط أنابيب جديدة لنقل النفط والغاز من آسيا الوسطى إلى تركيا وأوروبا عبر باكو وتبليسي. والمقصود إزاحة روسيا من موقع قوة الطاقة، فمن يسيطر على نقل النفط والغاز من آسيا الوسطى فهو يلعب دورا رئيسيا في تزويد العالم بموارد الطاقة. وان اتفاق الأمريكيين مع أذربيجان قد ينذر بإحباط اتفاق روسيا وبلغاريا واليونان على مد خط أنابيب النفط من بورغاس إلى الكسندروبوليس.
بينما يحاجج الأوروبيون بأنه توجد اتفاقية للطاقة تم التفاوض حولها قبل عشرة أعوامٍ بين بروكسل وموسكو، ترفض موسكو إبرامها، وهي تتبنى مبادئ “الانفتاح والشفافية” ويعني ذلك أن على روسيا الموافقة على فتح شبكة أنابيب الغاز والنفط الضخمة التابعة لمجموعة “ترانسنفت”، وهي احتكارٌ للدولة، أمام الشركات الأجنبية. وأن بإمكان تركمانستان، مثلاً، المضطرة اليوم لبيع غازها بأسعارٍ بخسة إلى “غازبروم” الروسية، أن تصبح قادرةً على إيصاله إلى الأسواق الأوروبية مقابل رسم مرورٍ تدفعه إلى “ترانسنفت”، لتقوم هي ببيعه مباشرةً إلى شركات الغاز الألمانية أو الإيطالية. ولذلك هناك مشروع أوروبي يهدف إلى تقليل تبعية أوروبا لروسيا كمصدر للنفط والغاز. ويتضمن المشروع الذي اصطلح على تسميته ب”نابوكو” إنشاء خط أنابيب بطول 3300 كيلومتر لنقل الغاز من منطقة بحر قزوين وجنوب إيران إلى جنوب أوروبا عبر تركيا. وتتوجه البلدان الأوروبية للاستقلال عن روسيا كمصدر للغاز، واقترح نائب وزير الخارجية الأذربيجاني (اراز عظيموف) على بلدان الاتحاد الأوروبي أن تشتري الغاز الطبيعي التركماني في تركمانيا مباشرة لا في روسيا (الآن تشحن تركمانيا غازها إلى غرب أوروبا عبر روسيا). وتنتج تركمانيا 60 مليار متر مكعب من الغاز في السنة الآن وتوجه أكثر من 10 مليارات منها للاستهلاك المحلي وتبيع نحو 42 مليارا إلى شركة الغاز الروسية “غاز بروم” وتصدر البقية إلى إيران ويرى الكثير من المحللين أن الاتحاد الأوروبي تأهب لتبني قرار كهذا لاسيما وأن من المتوقع أن يتم الانتهاء من إنشاء خط أنابيب لنقل الغاز من تركمانيا إلى أوروبا عبر بحر قزوين وأذربيجان وجورجيا وتركيا في عام 2008. وتم قبل أيام افتتاح ما يسمى “خط الغاز الجنوب قوقازي” الذي يربط باكو (أذربيجان) بأرزروم (تركيا) عبر تبليسي (جورجيا). يضاف الى ذلك أن بولندا أعلنت اعتراضها على إجراء المباحثات المتعلقة بإعداد الاتفاقية قبل قيام روسيا برفع الحظر المفروض على استيراد اللحوم البولندية.
* خبير اقتصادي مصري
عبدالعظيم محمود حنفي
بدأ الاتحاد الأوروبي وروسيا بحث إمكان توقيع اتفاقية تعاون بينهما في مجال الطاقة في النصف الأول من العام 2007. وتنتهي اتفاقية الشراكة والتعاون بين الاتحاد الأوروبي وروسيا التي أصبحت نافذة في العام 1997، في نهاية العام 2007. وأعلنت المفوضية الأوروبية أنه ستحل محل الاتفاقية المنتهية مدتها اتفاقيتان جديدتان تخص إحداهما التعاون في مجال الطاقة. ولاحظ المراقبون تنامي المنافسة بين روسيا والاتحاد الأوروبي. وظهرت اختلافات كبيرة بين الجانبين في مجال الطاقة وتزود روسيا أوروبا بنحو ربع احتياجاتها من الغاز. وتمر 80 في المائة من الصادرات عبر أوكرانيا والبقية عن طريق روسيا البيضاء.
وتعتبر سياسة موسكو للطاقة مصدر توتر بالفعل في علاقاتها مع الغرب وبعض الجمهوريات السوفييتية السابقة. وتعرضت روسيا لانتقادات قوية لرفعها أسعار صادرات الغاز خصوصاً إلى جارتها جمهورية جورجيا السوفييتية السابقة ومازالت موسكو ترفض حتى الآن الطلب الأوروبي بالتصديق على ميثاق دولي لتحرير المنافسة في قطاع النفط والغاز.
ويقول محللون إن الرئيس الروسي بوتين يشعر بالقلق من اعتزام الاتحاد الأوروبي وضع فصل خاص بالطاقة في أي معاهدة تجارية منتظرة بين روسيا والاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة حاليا. والروس لهم تحفظات على السياسات الأوروبية اولا، لأن الاتحاد الأوروبي ينوي توسيع نطاق العضوية في مجموعة الدول التي تتبع إستراتيجية الاتحاد الأوروبي للطاقة والتي يراد لها أن تتحدى روسيا كمصدر لموارد الطاقة، بضم بلدان تشحن روسيا صادراتها من النفط والغاز عبرها - أوكرانيا ومولدافيا وتركيا وأيضا بيلوروسيا - إلى “جبهة الطوق” المحيط بروسيا. ثانيا، أن الاتحاد الأوروبي رفض الموافقة على إنشاء ممر خاص لسفر الرعايا الروس ونقل السلع بين منطقة كالينينجراد الروسية وباقي روسيا، وبعد قيام الثورة في جورجيا وأوكرانيا مما جعل القيادة الروسية تنظر إلى الاتحاد الأوروبي كخصم سياسي جديد يريد مد نفوذه إلى الساحة السوفييتية سابقا. ثالثا، رفض الاتحاد الأوروبي قبول ما ساقته روسيا من حجج عرقلت شحن نفطها وغازها إلى أوروبا عبر أوكرانيا وبيلوروسيا. رابعا، حاولت الشركات الروسية دخول الأسواق الأوروبية في العام 2006، ولكن مسعى الشركات الروسية لقي مقاومة الاتحاد الأوروبي. خامساً، يتهم الروس دول الاتحاد الأوروبي بإقامة تحالف مع الولايات المتحدة ضدها حيث يسوق المحللون الروس لحجة مفادها أنه لا يروق للأمريكيين أن تصبح روسيا القوة الأعظم في مجال الطاقة. ويدللون على ذلك بأن مبعوثي الولايات المتحدة في العام الماضي كانوا يحاولون إقناع قادة بلدان أوروبا وبعض الجمهوريات السوفييتية السابقة برفض إنشاء خطوط أنابيب لنقل النفط والغاز من وعبر روسيا.
ونجح الأمريكيون في منع تنفيذ مشروع مد خط أنابيب لنقل النفط الروسي إلى الأسواق العالمية عبر بلغاريا واليونان حتى الآن لأن اليونانيين والبلغاريين لم يريدوا اغضاب واشنطن. ولم يتمكن الرئيس الروسي بوتين من إبعاد المخاوف عنهم إلا قبل اسابيع حينما زار اليونان. وان ذلك أثار حفيظة الأمريكيين حتى أنهم أقدموا على خطوة من شأنها إن لم تكن تتيح للولايات المتحدة استعادة المواقع المفقودة فعلى الأقل تمنع روسيا من احتلال المواقع الجديدة، فقبل ايام معدودة وقعت الولايات المتحدة وأذربيجان اتفاقية خاصة بأمن الطاقة في منطقة بحر قزوين ستدعم الولايات المتحدة بموجبها مشاريع إنشاء خطوط أنابيب جديدة لنقل النفط والغاز من آسيا الوسطى إلى تركيا وأوروبا عبر باكو وتبليسي. والمقصود إزاحة روسيا من موقع قوة الطاقة، فمن يسيطر على نقل النفط والغاز من آسيا الوسطى فهو يلعب دورا رئيسيا في تزويد العالم بموارد الطاقة. وان اتفاق الأمريكيين مع أذربيجان قد ينذر بإحباط اتفاق روسيا وبلغاريا واليونان على مد خط أنابيب النفط من بورغاس إلى الكسندروبوليس.
بينما يحاجج الأوروبيون بأنه توجد اتفاقية للطاقة تم التفاوض حولها قبل عشرة أعوامٍ بين بروكسل وموسكو، ترفض موسكو إبرامها، وهي تتبنى مبادئ “الانفتاح والشفافية” ويعني ذلك أن على روسيا الموافقة على فتح شبكة أنابيب الغاز والنفط الضخمة التابعة لمجموعة “ترانسنفت”، وهي احتكارٌ للدولة، أمام الشركات الأجنبية. وأن بإمكان تركمانستان، مثلاً، المضطرة اليوم لبيع غازها بأسعارٍ بخسة إلى “غازبروم” الروسية، أن تصبح قادرةً على إيصاله إلى الأسواق الأوروبية مقابل رسم مرورٍ تدفعه إلى “ترانسنفت”، لتقوم هي ببيعه مباشرةً إلى شركات الغاز الألمانية أو الإيطالية. ولذلك هناك مشروع أوروبي يهدف إلى تقليل تبعية أوروبا لروسيا كمصدر للنفط والغاز. ويتضمن المشروع الذي اصطلح على تسميته ب”نابوكو” إنشاء خط أنابيب بطول 3300 كيلومتر لنقل الغاز من منطقة بحر قزوين وجنوب إيران إلى جنوب أوروبا عبر تركيا. وتتوجه البلدان الأوروبية للاستقلال عن روسيا كمصدر للغاز، واقترح نائب وزير الخارجية الأذربيجاني (اراز عظيموف) على بلدان الاتحاد الأوروبي أن تشتري الغاز الطبيعي التركماني في تركمانيا مباشرة لا في روسيا (الآن تشحن تركمانيا غازها إلى غرب أوروبا عبر روسيا). وتنتج تركمانيا 60 مليار متر مكعب من الغاز في السنة الآن وتوجه أكثر من 10 مليارات منها للاستهلاك المحلي وتبيع نحو 42 مليارا إلى شركة الغاز الروسية “غاز بروم” وتصدر البقية إلى إيران ويرى الكثير من المحللين أن الاتحاد الأوروبي تأهب لتبني قرار كهذا لاسيما وأن من المتوقع أن يتم الانتهاء من إنشاء خط أنابيب لنقل الغاز من تركمانيا إلى أوروبا عبر بحر قزوين وأذربيجان وجورجيا وتركيا في عام 2008. وتم قبل أيام افتتاح ما يسمى “خط الغاز الجنوب قوقازي” الذي يربط باكو (أذربيجان) بأرزروم (تركيا) عبر تبليسي (جورجيا). يضاف الى ذلك أن بولندا أعلنت اعتراضها على إجراء المباحثات المتعلقة بإعداد الاتفاقية قبل قيام روسيا برفع الحظر المفروض على استيراد اللحوم البولندية.
* خبير اقتصادي مصري