الصارم المسلول
30-04-2007, 09:25 AM
أحكام الصفوف
قول الإمام قبل أن يكبر استووا واعتدلوا وتراصوا هل هذا وارد؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم وارد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولكن يجب أن نعلم أن هذه الكلمات لها معناها ومدلولها بمعنى أن الإمام لا يقولها إلا إذا رآهم لم يستووا ولم يتراصوا أما إذا رآهم متراصين متساوين فلا حاجة أن يقولها هذه واحدة
ثانيا على الإمام أن يلتفت إلى المأمومين لينظر هل استووا أم لا فإذا لم يكونوا استووا فليسوهم ولو بيده لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يمسح مناكب أصحابه وصدورهم ويقول استووا ولما كثر المسلمون صار الخلفاء الراشدون يوكلون رجالا ينظرون إلى الصفوف فإذا أتوا وقالوا إنها مستقيمة مستوية كبروا وغالب الأئمة اليوم لا يقيمون لهذه الكلمات وزنا وإنما هي كلمات تقال حتى لو كان الصف من أقوم ما يكون كلمات تقال ولا يعقب عليها إذا كان الصف معوجا أو كان متباعدا ولذلك تجد المأمومين لا يقيمون لها وزنا ولا يهتمون بقوله استووا أو اعتدلوا أو تراصوا لكن لو أن الإمام اعتبر معنى هذه الكلمات وسوى الصفوف بيده إذا لم تستو لكان لها فائدة ثم إن بعض الأئمة لا يصبر على أذى المأمومين إذا رآهم قد أحدقوا به نظرا شزرا خاف ومباشرة كبَّر وهذا يعتبر جبنا فالواجب أن يكون الإنسان شجاعا في دين الله عز وجل لا يهمه أحد ويصبر لا يكبر للإحرام حتى يراهم استووا تماما وهو إذا عود المأمومين هذا ألفوه ولم يقع منهم منكر وقد جربنا هذا ورأينا أن الناس والحمد لله يحبون الخير لكنهم يحتاجون إلى عمل جد وليعلم الإمام أن من أعظم مسؤوليته هذه المسألة أن يأمر بإقامة الصفوف وتسويتها والتراص فيها والتقارب بينها.
***
إذا انتهى المؤذن من الإقامة للصلاة فهل للإمام البقاء واقفاً يدعو بما شاء قبل الأمر بتسوية الصفوف والشروع في الصلاة وأيهما الأولى والأحسن في حقه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا أعلم في ذلك دعاءً مشروعاً للإمام ولا لغيره بعد انتهاء إقامة الصلاة وإنما المشروع للإمام أن يحرص على تسوية الصفوف وإقامتها على الوجه المشروع بالتراص وتكميل الصف الأول فالأول وبهذه المناسبة أود أن أبين أن كثيراً من الأئمة نسأل الله لنا ولهم الهداية قد فرطوا في هذه المسألة فتجد الكثير منهم يلتفت يميناً وشمالاً استووا يقولها كلمةً عابرة كأنها ليس لها معنى فهو يقول هذه الكلمة ولو كان الصف مستوياً وهو يقولها ولا يحاول تعديل الصف المعوج إذا رآهم معوجين وإنما يكتفي بها وهذا من التفريط وعدم الحرص على اتباع السنة في ذلك وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرص على تسوية الصفوف حتى كأنما يسوي بها القداح عليه الصلاة والسلام حتى إنه رأى رجلاً بادياً صدره ذات يوم فغضب وقال (عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) وكان عليه الصلاة والسلام يمسح صدور أصحابه ومناكبهم ليسووا صفوفهم وكان يكبر إذا رآهم قد استووا كل هذه الأشياء التي ثبتت عن الرسول صلى الله عليه وسلم نرى كثيراً من الأئمة يهملونها فيكبرون وهم لا يرون أن الصف قد اعتدل أو استوى كما ينبغي ونصيحتي لهم أن يحرصوا على هذه الأمور وغيرها مما يتعلق بالصلاة ليكونوا أئمةً وقادة وموجهين وناصحين.
فضيلة الشيخ: إذاً ليس للإمام الوقوف بمقدار الفاتحة يدعو فيها بينه وبين نفسه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا أعلم في هذا سنة والذي ينبغي كما أشرنا إليه أن يحرص في هذا المقام على تسوية الصفوف ثم يكبر.
فضيلة الشيخ: لكن هل له أن يكل إلى بعض الجماعة أن يساعدوه في تسوية الصفوف؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم له أن يفعل ذلك لأن هذا ثبت عن عمر وعثمان رضي الله عنهما أنهما قد وكلا أحداً بتسوية الصفوف لا سيما مع كثرتها مثل صلاة الجمعة أو ما أشبه ذلك.
***
إذا كنت أصلى النافلة وأقيمت الصلاة وصار هناك فراغ بيني وبين الصف هل يجوز أن أتزحزح حتى ألتصق بالصف أم أبقى في مكاني حتى لا أكثر الحركة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس أن يتقدم الإنسان الذي يصلى النافلة إلى الصف الذي أمامه أو أن يذهب يمينا أو شمالا إذا تقلص الصف عنه ولكن يجب أن يلاحظ أنه إذا أقيمت الصلاة وهو في الركعة الأولى فليقطع الصلاة النافلة وليدخل مع الإمام وإن كانت الركعة الثانية فليتمها خفيفة.
***
يقول السائل عبدالرحمن السيف إن بعض الناس يجيء إلى المسجد ويضع نعاله أو عصاه أو أي حاجة ليحمي له محلاً في الصف الأول لا سيما في يوم الجمعة فهل هذا جائز أم لا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: قبل الجواب على هذا السؤال أحب أن نقول إن التقدم في الصف الأول فالأول هو المشروع الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته وحثهم على ذلك وقال (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى) أي العقول البالغون ولكن المقصود من التقدم هو تقدم الإنسان بنفسه إلى المسجد حتى يحصل على فضيلة التقدم ثم من المهم أيضاً أن يحرص الناس على تكميل الصف الأول فالأول فإن الإنسان إذا أكمل الصف الأول فالأول صار كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم عن الملائكة وهي تصف عند الله عز وجل ومن المهم أيضاً في هذا المقام تسوية الصفوف بمحاذاة المناكب والأكعب وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على تسويتها حتى خرج ذات يوم وقد عقل الصحابة عنه ذلك فرأى رجلاً بادياً صدره فقال صلى الله عليه وسلم (عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) أي بين قلوبكم ووجهات نظركم وهذا وعيد شديد فيمن لم يسوِ الصفوف ومن المهم أيضاً في هذا الباب التراص بحيث لا يكون في الصف خلل وفرج فإن الشياطين تدخل من بين المصلىن إذا كان في الصف خلل وفرج وكل هذه الأمور يخل بها الناس وذلك لقلة الوعي وقلة الإرشاد وقلة ملاحظة الأئمة ذلك فإن كثيراً من الأئمة نسأل الله لنا ولهم الهداية لا يعدو أن يكرر كلمة عابرة بقوله استووا اعتدلوا استقيموا وما أشبه ذلك من غير أن يتفقد الصف بنظره ويسويه تسوية حقيقية إذا رأى متقدماً قال تأخر أو متأخراً قال تقدم ومن غير أن ينظر إلى إتمام الناس للصف الأول فالأول ومن أجل هذا صارت هذه الكلمة لا تحرك في المأمومين ساكناً ولا تهمهم وكأنها كلمة تقال حتى أني بلغني أن رجلاً أراد أن يصلى بشخص وليس معهما سواهما فلما أقيمت الصلاة التفت هذا الرجل وقال استووا اعتدلوا مع أنه ليس وراءه أحد لكنها كانت كلمة تقال ومن هذا أيضاً أنه إذا كان إمام ومأموم ليس معهما غيرهما فإن السنة أن يقف المأموم على يمين الإمام وأن يكون محاذياً له لا متأخراً عنه خلافاً لما يفهمه بعض الناس من أنه ينبغي أن يتأخر المأموم عن الإمام قليلاً فيما إذا كان اثنين وليس هذا بصواب لأنهما إذا كان اثنين صارا صفاً والصف ينبغي فيه التسوية هذه الأمور نبهت عليها وإن لم ترد في سؤال الأخ عبد الرحمن لإنها مهمة جداً وأول من يخاطب بها في الحقيقة الإمام أما بالنسبة لوضع العصا والحذاء وما أشبهها في مكان الإنسان فهذا إن كان الإنسان يضعها ثم يخرج إلى بيته أو إلى سوقه ويبقى إلى قرب الصلاة ثم يأتي فهذا محرم عليه ولا يجوز له لأن الأماكن المعدة للعبادة إنما هي لمن سبق بنفسه ولهذا يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له ألا نبني لك يعني خيمة في منى فقال صلى الله عليه وسلم (منى مناخ من سبق) فدل هذا على أن الأماكن المعدة للعبادة الناس فيها سواء ولا يجوز لأحد أن يحتجر منها شيئاً أما إذا كان الذي وضع العصا أو الحذاء أو المنديل أو السجادة موجود في المسجد لكنه يحب أن يبتعد لأجل أن يراجع كتاباً أو يدرس أو يقرأ أو يصلى ثم إذا رأى أن الصفوف قد وصلت إلى مكانه تقدم إليه وجلس فيه فإن هذا لا بأس به ولكن يُلاحظ الحذر من فعل بعض الناس في هذه الحال فإنه يضع حذاءه أو عصاه في هذا المكان ويذهب في ناحية من المسجد ويتأخر إلى قرب مجيء الإمام بحيث لما يجيء إلى مكانه يتخطى رقاب الناس وهذا أمر يجب الحذر منه لأنه أذية فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يتخطى رقاب الناس فقال (اجلس فقد آذيت) إذاً خلاصة الجواب أن نقول إن وضع الإنسان هذه الأشياء وهو في المسجد فلا حرج عليه لكنه يجب أن يُلاحظ عدم تخطي الناس وإن كان وضعها وخرج فإن ذلك لا يجوز.
***
إذا كان الصف الأول من المصلىن في المسجد يفصله عن بعضه منبر الخطيب فهل يعتبر صفاً أولاً في الصلاة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم الصف الأول هو الذي يلي الإمام فإذا كان هذا الصف الذي يفصله المنبر هو الذي يلي الإمام كان هو الصف الأول على كل حال والصف الثاني ما بعده وهكذا حتى تنتهي الصفوف لكن ينبغي إذا كان المسجد واسعاً أن يتأخر الإمام حتى يكون الصف الذي خلفه متصلاً بعضه ببعض غير مفصول بالمنبر لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتقون الصف بين السواري أي بين الأعمدة لأنها تقطع الصف فأما إذا لم يمكن بأن كان العدد كثيراً ولا بد من تقدم الإمام فحينئذ يكون قطع الصف بالمنبر لحاجة ولا بأس به .
***
أيهما أفضل أن أجلس على يمين الإمام في الجهة اليمنى من المسجد في الصف الثاني أم على يسار الإمام في الصف الأول وذلك قبل إقامة الصلاة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الأفضل الصف الأول فهو أفضل من الثاني سواء كنت في اليسار منه أو في اليمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها) قالوا كيف ذلك يا رسول الله قال (يتراصون ويكملون الأول فالأول) وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا) فالصف الأول أفضل من الثاني مطلقا ولكن في الصف الواحد هل الأفضل اليمين وإن بعد أو الأقرب الجواب أن يقال الأقرب أولى إلا إذا تساويا اليمين والشمال في القرب فيكون اليمين أفضل وعلى هذا فالأقرب في اليسار أفضل من الأبعد في اليمين ويدل لذلك أن الناس يبدؤون الصف من وسطه ويتمونه من الجوانب جميعا وليسوا يتمون الأيمن أولا ثم يبدؤون بالأيسر ويدل لهذا أيضا أن المشروع في أول الأمر في صف الثلاثة أن يكون الإمام وسطهم أي بينهم أحد المأمومين عن يمينه والثاني عن يساره ولو كان الأيمن أفضل مطلقا ولو بعد لكان المأمومان كلاهما عن يمينه ومن المعلوم أن كون الإمام مع الاثنين بينهما قد نسخ وصارت السنة أن يكون الإمام متقدما.
***
أحسن الله إليكم السائل عبد الله من الرياض يقول إذا وجدت شخصين في طرف الصف هل أصف معهما أم أقف وسط الصف أم أجذبهما لوسط الصف؟
فأجاب رحمه الله تعالى: المشروع أن يبدأ الصف من وراء الإمام لأنه كلما كان الإنسان أقرب إلى الإمام كان أفضل فإذا وجدنا شخصين في أطراف الصفوف جذبناهما إلى وسط الصف ليدنوا من الإمام ومن المعلوم أنك إذا وجدت اثنين في طرف الصف ووجدت وسط الصف خالياً أنك لو وقفت وسط الصف صرت منفرداً لطول المسافة بينك وبين الاثنين لكن اجذبهما إلى وسط الصف وتصفون جميعاً ثم إني في الواقع أعجب من هذين الرجلين اللذين وقفا في جانب الصف ما الذي يحملهما على هذا أيحملهما العجز والتكاسل لكون طرف الصف مما يلي باب المسجد أم ماذا إن كان الأول فسبحان الله يأتيان من بيوتهما إلى المسجد ويعجزان أن يخطوا خطواتٍ حتى يصلا إلى وسط الصف ما هذا إلا من توهين الشيطان لبني آدم حتى لا يكون هناك ما هو أكمل.
***
إذا كان يوجد صف كامل قد فاتته بعض الركعات فهل بعد سلام الإمام يجب عليهم أن يسووا الصف مثل ما كان عليه حال الجماعة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجب عليهم أن يسووا الصف لأن كل واحد منهم سيصلى وحده فإن المسبوقين إذا قاموا لقضاء ما فاتهم فالمشروع أن يصلى كل إنسانٍ وحده وإذا كان كل إنسان يصلى وحده فإنه لا حاجة إلى تساويهم.
***
بارك الله فيكم هل البلوغ شرطٌ لمصافة الصبي؟ فأجاب رحمه الله تعالى: البلوغ ليس شرطاً لمصافة الصبي في صلاة النفل فمثلاً لو صلى ناسٌ جماعة في قيام رمضان وكان خلف الصف رجلٌ بالغ وصبي فإن هذه المصافة صحيحة لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى بأنس بن مالك فوقف أنس ويتيم وراء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهل يصح هذا في الفريضة اختلف فيه العلماء فمنهم من قال إنه لا يصح وذلك لأن صلاة الصبي نفل وصلاة البالغ فرض فيكون هذا الرجل المفترض قد صاف متنفلاً فلا تصح مصافته إياه ولكن الصحيح أنه يصح أن يصاف الرجل البالغ صبياً فيصلىا جميعاً خلف الصف ودليل ذلك ما ذكرناه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه فإن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل ثم إنه قد ثبت في صحيح البخاري أن عمرو بن سلمة الجرمي رضي الله عنه صلى بقومه وهو ابن ست أو سبع سنين صلى بهم إماماً وهم بالغون فإذا صحت إمامة الصبي في الفريضة فصحة مصافته فيها من باب أولى فالصواب أن الصبي تصح مصافته في الفريضة وفي النافلة كما يصح أن يكون إماماً في الفريضة وفي النافلة وهنا مسألة أحب أن أتعرض لها بهذه المناسبة وهي أن بعض الناس إذا رأى الصبيان في الصف الأول طردهم منه وهذا خطأ لأن الصبي إذا لم يكن منه إساءة على المصلىن أو على المسجد وجلس في مكان كان أحق به من غيره لأن المساجد لمن سبق وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم الرجل أخاه من مكانه فيصلى فيه ولا شك أن هذا العمل سوف يؤثر في نفسية الصبي وسوف يكره الذي أقامه ويكره المجيء إلى المسجد ويؤثر ذلك في قلبه في المستقبل وأما قول الرسول عليه الصلاة والسلام (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى) فإن هذا أمرٌ لأولي الأحلام والنهى أن يتقدموا حتى يكونوا هم الذين يلونه ولم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام (لايلني منكم إلا أولو الأحلام والنهى) لو قال لا يلني إلا هؤلاء لكان ربما حجة لمن يطرد الصبيان من الصف الأول وإنما قال ليلني وهذا أمرٌ موجه للكبار العقلاء أن يتقدموا حتى يكونوا هم الذين يلونه ثم إن العبرة بالأكثر ومعلومٌ أنه لن يكون أكثر الصف صبياناً لا يفهمون ولا يعقلون فإن قال قائل لو مكناهم للعبوا فشوشوا على الناس نقول بل لو جمعناهم في صفٍ واحد خلف الصف لكانوا أقرب إلى التشويش وأقرب إلى اللهو ولكن إذا أبقيناهم في أمكنتهم وفرقنا بينهم زال هذا المحظور.
***
هذا السائل أ أ من القصيم يقول ما حكم مصافة الطفل غير المميز في الصف وعمره أقل من خمس سنوات وإذا كان لا يجوز فهل يعتبر قاطع للصف وإذا كان قاطعاً للصف هل على الإمام أن يؤخره إلى مؤخرة المسجد أفيدونا حفظكم الله حيث إن ذلك يكثر عندنا في المساجد؟
فأجاب رحمه الله تعالى: تضمن هذا السؤال مسألتين:
المسألة الأولى مصافة هذا الصبي الذي لا يميز وجوابها أن مصافته لا تصح لأن صلاته لا تصح ومن لا تصح صلاته لا تصح مصافته وعلى هذا فلو كان رجلان تقدم أحدهما ليكون إماما وتأخر الثاني مع هذا الطفل الذي لم يميز فإنه يعتبر مصلىا منفردا لا تصح صلاته ويجب عليه أن يصف مع الإمام
أما المسألة الثانية فهو قطع الصف فلا يعتبر وقوف هذا الطفل قاطعا للصف لأن مسافته قصيرة فلا يكون قاطعا للصف لكن ينبغي لأولياء الأمور ألا يأتوا بمثل هذا الطفل الصغير لأنه يشغل المصلىن فإما أن يعبث حال وجوده في الصف فيشغل من حوله وإما ألا يعبث ولكن يشغل ولي أمره نعم إن دعت الضرورة إلى ذلك مثل ألا يكون في البيت أحد مع هذا الطفل الصغير أو ليس معه إلا أطفال لا يعتمد الإنسان على حفظهم له ويخشى وليه أن يعبث هذا الطفل بنار أو غيرها فهذه ضرورة لا بأس أن يحضره ولكن عليه أن يكف أذاه عن المصلين.
***
ماحكم إذا وجد شخص طفلاً صغيراً في الصف الأول وقام هذا الشخص بإخراج الطفل ودخل مكانه هل يجوز له ذلك أم لا وهل الأطفال من الأفضل أن يصلوا في الخلف أم ماذا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان الطفل مميزا وقد جلس في مكان في الصف الأول أو فيما سواه فإنه لا يجوز لأحد أن يخرجه من الصف لأن ذلك جناية عليه وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل أن يقيم أخاه من مكانه ويجلس فيه ما لم يكن من الصبي حدث من لعب أو نحوه فحينئذٍ يتكلم مع وليه ويشير عليه أن لا يأتي به لأنه يؤذي المصلىن ويشوش عليهم فإن منعه وليه فهذا المطلوب وإن لم يمنعه فللقائم على المسجد أن يمنع هذا الطفل وأما مع أدب الطفل وعدم أذيته فإنه كغيره من المصلىن له الحق في المكان الذي يجلس فيه لما ذكرنا من الحديث ولأن إخراج الطفل من مكانه يجعل في نفسه عقدة لكراهة المسجد والحضور إليه وكراهة الشخص المعين الذي أقامه وكل هذا أمر لا ينبغي أن يحدث وأما حشر الأطفال في صف واحد وراء الكبار فهذا يؤدي إلى أن يتأذى المصلون منهم أكثر فأكثر لأنهم إذا اجتمعوا في صف واحد حصل منهم الكلام واللعب فيتأذى المصلون بهم ولا ينافي ما ذكرته الآن قول النبي صلى الله عليه وسلم (ليلني منكم أولي الأحلام والنهى) فإن هذا الحديث فيه الحث على تقدم البالغين ذوي العقول وليس فيه منع من دونهم من التقدم ولو أراد النبي صلى الله عليه وسلم منع من دونهم من التقدم لقال لا يلني إلا ذو الأحلام والنهى ومن المعلوم الفرق بين الصيغتين يعني قوله ليلني منكم ذوو الأحلام والنهى وقوله لا يليني منكم إلا أولو الأحلام والنهى.
***
ما حكم وضع المولود أمام أمه وهي تصلى في المسجد وذلك بحجة تراص الصف حتى لا يفصل بينها وبين التي بجوارها وذلك في صلاة الجماعة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا خطأ لأن وضع الصبي أمامها يشغلها ويشغل غيرها من النظر إليه وإذا كان بينها وبين المصلىة الأخرى فإنه لا يقطع الصلاة لأن المساحة التي يأخذها يسيرة وإذا كان مميزاً صلى مع الناس.
***
قول الإمام قبل أن يكبر استووا واعتدلوا وتراصوا هل هذا وارد؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم وارد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولكن يجب أن نعلم أن هذه الكلمات لها معناها ومدلولها بمعنى أن الإمام لا يقولها إلا إذا رآهم لم يستووا ولم يتراصوا أما إذا رآهم متراصين متساوين فلا حاجة أن يقولها هذه واحدة
ثانيا على الإمام أن يلتفت إلى المأمومين لينظر هل استووا أم لا فإذا لم يكونوا استووا فليسوهم ولو بيده لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يمسح مناكب أصحابه وصدورهم ويقول استووا ولما كثر المسلمون صار الخلفاء الراشدون يوكلون رجالا ينظرون إلى الصفوف فإذا أتوا وقالوا إنها مستقيمة مستوية كبروا وغالب الأئمة اليوم لا يقيمون لهذه الكلمات وزنا وإنما هي كلمات تقال حتى لو كان الصف من أقوم ما يكون كلمات تقال ولا يعقب عليها إذا كان الصف معوجا أو كان متباعدا ولذلك تجد المأمومين لا يقيمون لها وزنا ولا يهتمون بقوله استووا أو اعتدلوا أو تراصوا لكن لو أن الإمام اعتبر معنى هذه الكلمات وسوى الصفوف بيده إذا لم تستو لكان لها فائدة ثم إن بعض الأئمة لا يصبر على أذى المأمومين إذا رآهم قد أحدقوا به نظرا شزرا خاف ومباشرة كبَّر وهذا يعتبر جبنا فالواجب أن يكون الإنسان شجاعا في دين الله عز وجل لا يهمه أحد ويصبر لا يكبر للإحرام حتى يراهم استووا تماما وهو إذا عود المأمومين هذا ألفوه ولم يقع منهم منكر وقد جربنا هذا ورأينا أن الناس والحمد لله يحبون الخير لكنهم يحتاجون إلى عمل جد وليعلم الإمام أن من أعظم مسؤوليته هذه المسألة أن يأمر بإقامة الصفوف وتسويتها والتراص فيها والتقارب بينها.
***
إذا انتهى المؤذن من الإقامة للصلاة فهل للإمام البقاء واقفاً يدعو بما شاء قبل الأمر بتسوية الصفوف والشروع في الصلاة وأيهما الأولى والأحسن في حقه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا أعلم في ذلك دعاءً مشروعاً للإمام ولا لغيره بعد انتهاء إقامة الصلاة وإنما المشروع للإمام أن يحرص على تسوية الصفوف وإقامتها على الوجه المشروع بالتراص وتكميل الصف الأول فالأول وبهذه المناسبة أود أن أبين أن كثيراً من الأئمة نسأل الله لنا ولهم الهداية قد فرطوا في هذه المسألة فتجد الكثير منهم يلتفت يميناً وشمالاً استووا يقولها كلمةً عابرة كأنها ليس لها معنى فهو يقول هذه الكلمة ولو كان الصف مستوياً وهو يقولها ولا يحاول تعديل الصف المعوج إذا رآهم معوجين وإنما يكتفي بها وهذا من التفريط وعدم الحرص على اتباع السنة في ذلك وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرص على تسوية الصفوف حتى كأنما يسوي بها القداح عليه الصلاة والسلام حتى إنه رأى رجلاً بادياً صدره ذات يوم فغضب وقال (عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) وكان عليه الصلاة والسلام يمسح صدور أصحابه ومناكبهم ليسووا صفوفهم وكان يكبر إذا رآهم قد استووا كل هذه الأشياء التي ثبتت عن الرسول صلى الله عليه وسلم نرى كثيراً من الأئمة يهملونها فيكبرون وهم لا يرون أن الصف قد اعتدل أو استوى كما ينبغي ونصيحتي لهم أن يحرصوا على هذه الأمور وغيرها مما يتعلق بالصلاة ليكونوا أئمةً وقادة وموجهين وناصحين.
فضيلة الشيخ: إذاً ليس للإمام الوقوف بمقدار الفاتحة يدعو فيها بينه وبين نفسه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا أعلم في هذا سنة والذي ينبغي كما أشرنا إليه أن يحرص في هذا المقام على تسوية الصفوف ثم يكبر.
فضيلة الشيخ: لكن هل له أن يكل إلى بعض الجماعة أن يساعدوه في تسوية الصفوف؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم له أن يفعل ذلك لأن هذا ثبت عن عمر وعثمان رضي الله عنهما أنهما قد وكلا أحداً بتسوية الصفوف لا سيما مع كثرتها مثل صلاة الجمعة أو ما أشبه ذلك.
***
إذا كنت أصلى النافلة وأقيمت الصلاة وصار هناك فراغ بيني وبين الصف هل يجوز أن أتزحزح حتى ألتصق بالصف أم أبقى في مكاني حتى لا أكثر الحركة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا بأس أن يتقدم الإنسان الذي يصلى النافلة إلى الصف الذي أمامه أو أن يذهب يمينا أو شمالا إذا تقلص الصف عنه ولكن يجب أن يلاحظ أنه إذا أقيمت الصلاة وهو في الركعة الأولى فليقطع الصلاة النافلة وليدخل مع الإمام وإن كانت الركعة الثانية فليتمها خفيفة.
***
يقول السائل عبدالرحمن السيف إن بعض الناس يجيء إلى المسجد ويضع نعاله أو عصاه أو أي حاجة ليحمي له محلاً في الصف الأول لا سيما في يوم الجمعة فهل هذا جائز أم لا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: قبل الجواب على هذا السؤال أحب أن نقول إن التقدم في الصف الأول فالأول هو المشروع الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته وحثهم على ذلك وقال (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى) أي العقول البالغون ولكن المقصود من التقدم هو تقدم الإنسان بنفسه إلى المسجد حتى يحصل على فضيلة التقدم ثم من المهم أيضاً أن يحرص الناس على تكميل الصف الأول فالأول فإن الإنسان إذا أكمل الصف الأول فالأول صار كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم عن الملائكة وهي تصف عند الله عز وجل ومن المهم أيضاً في هذا المقام تسوية الصفوف بمحاذاة المناكب والأكعب وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على تسويتها حتى خرج ذات يوم وقد عقل الصحابة عنه ذلك فرأى رجلاً بادياً صدره فقال صلى الله عليه وسلم (عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) أي بين قلوبكم ووجهات نظركم وهذا وعيد شديد فيمن لم يسوِ الصفوف ومن المهم أيضاً في هذا الباب التراص بحيث لا يكون في الصف خلل وفرج فإن الشياطين تدخل من بين المصلىن إذا كان في الصف خلل وفرج وكل هذه الأمور يخل بها الناس وذلك لقلة الوعي وقلة الإرشاد وقلة ملاحظة الأئمة ذلك فإن كثيراً من الأئمة نسأل الله لنا ولهم الهداية لا يعدو أن يكرر كلمة عابرة بقوله استووا اعتدلوا استقيموا وما أشبه ذلك من غير أن يتفقد الصف بنظره ويسويه تسوية حقيقية إذا رأى متقدماً قال تأخر أو متأخراً قال تقدم ومن غير أن ينظر إلى إتمام الناس للصف الأول فالأول ومن أجل هذا صارت هذه الكلمة لا تحرك في المأمومين ساكناً ولا تهمهم وكأنها كلمة تقال حتى أني بلغني أن رجلاً أراد أن يصلى بشخص وليس معهما سواهما فلما أقيمت الصلاة التفت هذا الرجل وقال استووا اعتدلوا مع أنه ليس وراءه أحد لكنها كانت كلمة تقال ومن هذا أيضاً أنه إذا كان إمام ومأموم ليس معهما غيرهما فإن السنة أن يقف المأموم على يمين الإمام وأن يكون محاذياً له لا متأخراً عنه خلافاً لما يفهمه بعض الناس من أنه ينبغي أن يتأخر المأموم عن الإمام قليلاً فيما إذا كان اثنين وليس هذا بصواب لأنهما إذا كان اثنين صارا صفاً والصف ينبغي فيه التسوية هذه الأمور نبهت عليها وإن لم ترد في سؤال الأخ عبد الرحمن لإنها مهمة جداً وأول من يخاطب بها في الحقيقة الإمام أما بالنسبة لوضع العصا والحذاء وما أشبهها في مكان الإنسان فهذا إن كان الإنسان يضعها ثم يخرج إلى بيته أو إلى سوقه ويبقى إلى قرب الصلاة ثم يأتي فهذا محرم عليه ولا يجوز له لأن الأماكن المعدة للعبادة إنما هي لمن سبق بنفسه ولهذا يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له ألا نبني لك يعني خيمة في منى فقال صلى الله عليه وسلم (منى مناخ من سبق) فدل هذا على أن الأماكن المعدة للعبادة الناس فيها سواء ولا يجوز لأحد أن يحتجر منها شيئاً أما إذا كان الذي وضع العصا أو الحذاء أو المنديل أو السجادة موجود في المسجد لكنه يحب أن يبتعد لأجل أن يراجع كتاباً أو يدرس أو يقرأ أو يصلى ثم إذا رأى أن الصفوف قد وصلت إلى مكانه تقدم إليه وجلس فيه فإن هذا لا بأس به ولكن يُلاحظ الحذر من فعل بعض الناس في هذه الحال فإنه يضع حذاءه أو عصاه في هذا المكان ويذهب في ناحية من المسجد ويتأخر إلى قرب مجيء الإمام بحيث لما يجيء إلى مكانه يتخطى رقاب الناس وهذا أمر يجب الحذر منه لأنه أذية فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يتخطى رقاب الناس فقال (اجلس فقد آذيت) إذاً خلاصة الجواب أن نقول إن وضع الإنسان هذه الأشياء وهو في المسجد فلا حرج عليه لكنه يجب أن يُلاحظ عدم تخطي الناس وإن كان وضعها وخرج فإن ذلك لا يجوز.
***
إذا كان الصف الأول من المصلىن في المسجد يفصله عن بعضه منبر الخطيب فهل يعتبر صفاً أولاً في الصلاة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم الصف الأول هو الذي يلي الإمام فإذا كان هذا الصف الذي يفصله المنبر هو الذي يلي الإمام كان هو الصف الأول على كل حال والصف الثاني ما بعده وهكذا حتى تنتهي الصفوف لكن ينبغي إذا كان المسجد واسعاً أن يتأخر الإمام حتى يكون الصف الذي خلفه متصلاً بعضه ببعض غير مفصول بالمنبر لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتقون الصف بين السواري أي بين الأعمدة لأنها تقطع الصف فأما إذا لم يمكن بأن كان العدد كثيراً ولا بد من تقدم الإمام فحينئذ يكون قطع الصف بالمنبر لحاجة ولا بأس به .
***
أيهما أفضل أن أجلس على يمين الإمام في الجهة اليمنى من المسجد في الصف الثاني أم على يسار الإمام في الصف الأول وذلك قبل إقامة الصلاة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الأفضل الصف الأول فهو أفضل من الثاني سواء كنت في اليسار منه أو في اليمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها) قالوا كيف ذلك يا رسول الله قال (يتراصون ويكملون الأول فالأول) وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا) فالصف الأول أفضل من الثاني مطلقا ولكن في الصف الواحد هل الأفضل اليمين وإن بعد أو الأقرب الجواب أن يقال الأقرب أولى إلا إذا تساويا اليمين والشمال في القرب فيكون اليمين أفضل وعلى هذا فالأقرب في اليسار أفضل من الأبعد في اليمين ويدل لذلك أن الناس يبدؤون الصف من وسطه ويتمونه من الجوانب جميعا وليسوا يتمون الأيمن أولا ثم يبدؤون بالأيسر ويدل لهذا أيضا أن المشروع في أول الأمر في صف الثلاثة أن يكون الإمام وسطهم أي بينهم أحد المأمومين عن يمينه والثاني عن يساره ولو كان الأيمن أفضل مطلقا ولو بعد لكان المأمومان كلاهما عن يمينه ومن المعلوم أن كون الإمام مع الاثنين بينهما قد نسخ وصارت السنة أن يكون الإمام متقدما.
***
أحسن الله إليكم السائل عبد الله من الرياض يقول إذا وجدت شخصين في طرف الصف هل أصف معهما أم أقف وسط الصف أم أجذبهما لوسط الصف؟
فأجاب رحمه الله تعالى: المشروع أن يبدأ الصف من وراء الإمام لأنه كلما كان الإنسان أقرب إلى الإمام كان أفضل فإذا وجدنا شخصين في أطراف الصفوف جذبناهما إلى وسط الصف ليدنوا من الإمام ومن المعلوم أنك إذا وجدت اثنين في طرف الصف ووجدت وسط الصف خالياً أنك لو وقفت وسط الصف صرت منفرداً لطول المسافة بينك وبين الاثنين لكن اجذبهما إلى وسط الصف وتصفون جميعاً ثم إني في الواقع أعجب من هذين الرجلين اللذين وقفا في جانب الصف ما الذي يحملهما على هذا أيحملهما العجز والتكاسل لكون طرف الصف مما يلي باب المسجد أم ماذا إن كان الأول فسبحان الله يأتيان من بيوتهما إلى المسجد ويعجزان أن يخطوا خطواتٍ حتى يصلا إلى وسط الصف ما هذا إلا من توهين الشيطان لبني آدم حتى لا يكون هناك ما هو أكمل.
***
إذا كان يوجد صف كامل قد فاتته بعض الركعات فهل بعد سلام الإمام يجب عليهم أن يسووا الصف مثل ما كان عليه حال الجماعة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجب عليهم أن يسووا الصف لأن كل واحد منهم سيصلى وحده فإن المسبوقين إذا قاموا لقضاء ما فاتهم فالمشروع أن يصلى كل إنسانٍ وحده وإذا كان كل إنسان يصلى وحده فإنه لا حاجة إلى تساويهم.
***
بارك الله فيكم هل البلوغ شرطٌ لمصافة الصبي؟ فأجاب رحمه الله تعالى: البلوغ ليس شرطاً لمصافة الصبي في صلاة النفل فمثلاً لو صلى ناسٌ جماعة في قيام رمضان وكان خلف الصف رجلٌ بالغ وصبي فإن هذه المصافة صحيحة لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى بأنس بن مالك فوقف أنس ويتيم وراء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهل يصح هذا في الفريضة اختلف فيه العلماء فمنهم من قال إنه لا يصح وذلك لأن صلاة الصبي نفل وصلاة البالغ فرض فيكون هذا الرجل المفترض قد صاف متنفلاً فلا تصح مصافته إياه ولكن الصحيح أنه يصح أن يصاف الرجل البالغ صبياً فيصلىا جميعاً خلف الصف ودليل ذلك ما ذكرناه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه فإن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل ثم إنه قد ثبت في صحيح البخاري أن عمرو بن سلمة الجرمي رضي الله عنه صلى بقومه وهو ابن ست أو سبع سنين صلى بهم إماماً وهم بالغون فإذا صحت إمامة الصبي في الفريضة فصحة مصافته فيها من باب أولى فالصواب أن الصبي تصح مصافته في الفريضة وفي النافلة كما يصح أن يكون إماماً في الفريضة وفي النافلة وهنا مسألة أحب أن أتعرض لها بهذه المناسبة وهي أن بعض الناس إذا رأى الصبيان في الصف الأول طردهم منه وهذا خطأ لأن الصبي إذا لم يكن منه إساءة على المصلىن أو على المسجد وجلس في مكان كان أحق به من غيره لأن المساجد لمن سبق وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم الرجل أخاه من مكانه فيصلى فيه ولا شك أن هذا العمل سوف يؤثر في نفسية الصبي وسوف يكره الذي أقامه ويكره المجيء إلى المسجد ويؤثر ذلك في قلبه في المستقبل وأما قول الرسول عليه الصلاة والسلام (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى) فإن هذا أمرٌ لأولي الأحلام والنهى أن يتقدموا حتى يكونوا هم الذين يلونه ولم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام (لايلني منكم إلا أولو الأحلام والنهى) لو قال لا يلني إلا هؤلاء لكان ربما حجة لمن يطرد الصبيان من الصف الأول وإنما قال ليلني وهذا أمرٌ موجه للكبار العقلاء أن يتقدموا حتى يكونوا هم الذين يلونه ثم إن العبرة بالأكثر ومعلومٌ أنه لن يكون أكثر الصف صبياناً لا يفهمون ولا يعقلون فإن قال قائل لو مكناهم للعبوا فشوشوا على الناس نقول بل لو جمعناهم في صفٍ واحد خلف الصف لكانوا أقرب إلى التشويش وأقرب إلى اللهو ولكن إذا أبقيناهم في أمكنتهم وفرقنا بينهم زال هذا المحظور.
***
هذا السائل أ أ من القصيم يقول ما حكم مصافة الطفل غير المميز في الصف وعمره أقل من خمس سنوات وإذا كان لا يجوز فهل يعتبر قاطع للصف وإذا كان قاطعاً للصف هل على الإمام أن يؤخره إلى مؤخرة المسجد أفيدونا حفظكم الله حيث إن ذلك يكثر عندنا في المساجد؟
فأجاب رحمه الله تعالى: تضمن هذا السؤال مسألتين:
المسألة الأولى مصافة هذا الصبي الذي لا يميز وجوابها أن مصافته لا تصح لأن صلاته لا تصح ومن لا تصح صلاته لا تصح مصافته وعلى هذا فلو كان رجلان تقدم أحدهما ليكون إماما وتأخر الثاني مع هذا الطفل الذي لم يميز فإنه يعتبر مصلىا منفردا لا تصح صلاته ويجب عليه أن يصف مع الإمام
أما المسألة الثانية فهو قطع الصف فلا يعتبر وقوف هذا الطفل قاطعا للصف لأن مسافته قصيرة فلا يكون قاطعا للصف لكن ينبغي لأولياء الأمور ألا يأتوا بمثل هذا الطفل الصغير لأنه يشغل المصلىن فإما أن يعبث حال وجوده في الصف فيشغل من حوله وإما ألا يعبث ولكن يشغل ولي أمره نعم إن دعت الضرورة إلى ذلك مثل ألا يكون في البيت أحد مع هذا الطفل الصغير أو ليس معه إلا أطفال لا يعتمد الإنسان على حفظهم له ويخشى وليه أن يعبث هذا الطفل بنار أو غيرها فهذه ضرورة لا بأس أن يحضره ولكن عليه أن يكف أذاه عن المصلين.
***
ماحكم إذا وجد شخص طفلاً صغيراً في الصف الأول وقام هذا الشخص بإخراج الطفل ودخل مكانه هل يجوز له ذلك أم لا وهل الأطفال من الأفضل أن يصلوا في الخلف أم ماذا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان الطفل مميزا وقد جلس في مكان في الصف الأول أو فيما سواه فإنه لا يجوز لأحد أن يخرجه من الصف لأن ذلك جناية عليه وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل أن يقيم أخاه من مكانه ويجلس فيه ما لم يكن من الصبي حدث من لعب أو نحوه فحينئذٍ يتكلم مع وليه ويشير عليه أن لا يأتي به لأنه يؤذي المصلىن ويشوش عليهم فإن منعه وليه فهذا المطلوب وإن لم يمنعه فللقائم على المسجد أن يمنع هذا الطفل وأما مع أدب الطفل وعدم أذيته فإنه كغيره من المصلىن له الحق في المكان الذي يجلس فيه لما ذكرنا من الحديث ولأن إخراج الطفل من مكانه يجعل في نفسه عقدة لكراهة المسجد والحضور إليه وكراهة الشخص المعين الذي أقامه وكل هذا أمر لا ينبغي أن يحدث وأما حشر الأطفال في صف واحد وراء الكبار فهذا يؤدي إلى أن يتأذى المصلون منهم أكثر فأكثر لأنهم إذا اجتمعوا في صف واحد حصل منهم الكلام واللعب فيتأذى المصلون بهم ولا ينافي ما ذكرته الآن قول النبي صلى الله عليه وسلم (ليلني منكم أولي الأحلام والنهى) فإن هذا الحديث فيه الحث على تقدم البالغين ذوي العقول وليس فيه منع من دونهم من التقدم ولو أراد النبي صلى الله عليه وسلم منع من دونهم من التقدم لقال لا يلني إلا ذو الأحلام والنهى ومن المعلوم الفرق بين الصيغتين يعني قوله ليلني منكم ذوو الأحلام والنهى وقوله لا يليني منكم إلا أولو الأحلام والنهى.
***
ما حكم وضع المولود أمام أمه وهي تصلى في المسجد وذلك بحجة تراص الصف حتى لا يفصل بينها وبين التي بجوارها وذلك في صلاة الجماعة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا خطأ لأن وضع الصبي أمامها يشغلها ويشغل غيرها من النظر إليه وإذا كان بينها وبين المصلىة الأخرى فإنه لا يقطع الصلاة لأن المساحة التي يأخذها يسيرة وإذا كان مميزاً صلى مع الناس.
***