المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أين الشفافية في أسواق المال؟



فتى البورصة
30-04-2007, 01:18 PM
قطعت الإمارات شوطاً طويلاً في طريق النمو بفضل قيادتها التي وضعت مصلحة الشعب في سلم أولوياتها.. إلا أننا نلاحظ أن أسواق المال في الدولة ظلّت تغرّد خارج السرب، فهي لم ترتقِ إلى مستوى شفافية وأداء أهل الحكم؛ فلماذا لم تُستكمل إلى الآن التشريعات لملء الثغرات العديدة المتعلّقة بتداولات المطّلعين من أعضاء مجالس الإدارة وأقربائهم؟ ولماذا يسمح للشركات المساهمة العامة بالدعوة إلى اجتماع الجمعية العمومية العادية في نهاية نيسان/ أبريل، أي عقب 119 يوماً من نهاية السنة المالية. واحتمال التأجيل لعدم اكتمال النصاب القانوني وارد، وربما توزيع الأرباح يصل في الربع الأخير من العام التالي للسنة المالية المنتهية.. فمَن يعلم؟
الحقيقة أن السلوك الفعلي لبعض أعضاء مجالس الإدارة، ولبعض الشركات، هو خرق متواصل لروح القانون والشفافية. وعندما يتحدث المتنفِّذون في الجمعيات العمومية لهذه الشركات يظهرون وكأنهم أصحاب مبادئ. ولكن عند التنفيذ والتطبيق هم أصحاب مصالح، لا غير.
لقد شجّعت قلّة الأيدي العاملة على استخدام الميكنة على أوسع نطاق، عندما كان المزارعون الأمريكيون في القرن التاسع عشر يستقرون في أراضي الغرب الأمريكي الشاسعة الخصبة. فلماذا لا نستفيد من تجارب الشعوب الأخرى، ونبدأ من حيث انتهى الآخرون؟ وفي هذا الصدد نطالب هيئة الأسواق المالية بإجبار شركات الوساطة المالية على إتاحة التداول الإلكتروني لكل من يرغب من المستثمرين، ومعاقبة شركات الوساطة التي لا تطوّر أداءها في هذا الاتجاه.
إن الشفافية ليست مجرّد سياسة تتبناها هيئة الأسواق أو ترفضها؛ إنها مرحلة ضرورية وحتمية من مراحل تطوّر الأسواق، ودورنا جميعاً أن نعمل على إنضاج الظروف الموضوعية للوصول إلى تلك المرحلة المهمة، بأسرع وقت وبأقل تكلفة.
إن فرصتنا حالياً، وفي ظل الطفرة النفطية الثالثة، تكمن في العمل على تحسين كفاءة العمال الذين أصبحت مهاراتهم من الطراز القديم، واستقدام عمالة ماهرة لرفد القطاعات الاقتصادية والمالية، ما سينعكس إيجاباً، وبشكل حاسم، على النمو والتنمية.
وفي الوقت الذي تتقلّص فيه أحجام التداول فإن إفصاح الشركات عن بياناتها المالية، في المواعيد المحدّدة وبشفافية، قد يكون أفضل وسيلة لخدمة مصالح الأسواق. وهنا، نورد مثالاً حيّاً جرى على أرض الواقع: فقد أقدمت هيئة الأسواق المالية وفي ظروف لا تخلو من المثالية على تعديل المواعيد الممنوحة للشركات للإعلان عن نتائجها المالية. وبدلاً من أن تكون المهلة المحدّدة خلال ثلاثين يوماً بعد نهاية الميزانية، أصبحت خمسة وأربعين يوماً من تاريخ إقفال الميزانية، وهذا يفتح الباب واسعاً لتسريب المعلومات الداخلية والإشاعات. لقد كنا نأمل باعتبارنا مستثمرين أن تُعدَّل تلك المواعيد إلى أسبوعين فقط بعد إقفال الميزانية، أسوة بما هو معمول به في الأسواق العالمية.
إن الشفافية تؤدّي إلى مشاركة عدد أوسع من قطاع المستثمرين، فإذا علم المستثمرون بتفاصيل ما يجري حول صفقة معينة ستترتب عن ذلك أسئلة واقتراحات، قد تؤدّي إلى التأثير في القرارات الخاصة بهذه الصفقة. وبالتأكيد ستكون المشاركة لمصلحة جموع المستثمرين، فلماذا لا نتمثل بالشفافية، وهي الوجه الآخر لمكافحة الفساد؟
إن تمسّكنا بنظم الاقتصاد الحر الذي يسعى وراء الربح في ظل قوانين المنافسة أصبح سنّة الحياة، لكن هذه المنافسة لا تستقيم إلاّ بالتوزيع العادل للمعلومات، وبقوانين تجعل وسائل الثراء مشروعة، فالمخاطرة هي جزء من النجاة، ولكن في ظل بيئة تشريعية منضبطة.. وكما قال النفري: «تغرق السفن وتسلم الألواح».