المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يا سـلام سلـِّم، الحائـط بيتكلـم!



abo rashid
19-08-2005, 04:39 PM
في شهر رجب من سنة سبعمائة وواحد وثمانين هجرية، اتفقت حادثة مستغربة: وهي أن رجلاً يـُعرف بابن الفيشي دخل إلى منزله بالقرب من الجامع الأزهر، فسمع صوتـاً من جدار بيته يقول له:‏ ‏ اتـَّقِ الله وعاشر زوجتـَك بالمعروف!‏ ‏ فظنَّ أن هذا من الجان، فإنه لم ير شيئـاً. وحدّث أصحابه بذلك، فصاروا معه إلى بيته، فسمعوا عما بدا لهم، فأجابهم المتلكم من غير أن يروا شيئـاً. فغلب على ظنهم أن هذا من الجان، وأشاعوه في الناس، فارتجـَّت القاهرة ومصر، وأقبل الناس من كل جهة إلى بيت ابن الفيشي لسماع كلام الحائط، وصاروا يحادثون الحائط ويحادثهم. فكثر بين الناس قولهم:‏ ‏ يا سلام سلـِّم، الحائط بيتكلم!‏ ‏ وكاد الناس أن يفتتنوا بهذا، وجلبوا إلى ذلك الجدار من المال شيئـاً كثيراً.‏ ‏ فركب محتسب القاهرة محمود العجمي إلى بيت ابن الفيشي هذا ليختبر ما يقال، ووَكـَّلَ بابن الفيشي أحدَ أعوانه. ووقف عند الحائط وحدّثه فحادثه. فأمر بهدم الحائط. فلما هـُدم لم ير شيئـاً. فعاد إلى بيته وقد كثر تعجـّبه.‏ ‏ وازدادت فتنة الناس بالحائط. وبعث المحتسب من يكشف له الخبر: هل انقطع الكلام بعد تخريب الحائط؟ فوجده الرجلُ يتكلم كما كان قبل خرابه.‏ ‏ فتحيـّر من ذلك. وكان هذا المحتسب شهمـاً جريئـاً، قد مارس الأمور، وحلب الدهر أشطـُره. وكان لا يتحرك حركة إلا حـُمد عليها، ولا باشر جهة وَقـْفٍ إلا عـَمـُر خرابـُه، وإذا باشر حسبة القاهرة رخصت الأسعار، فإذا عـُزِل ارتفعت، فتقف العامة وتطلب إعادته ليـُمـْن إقباله.‏ ‏ فلما عاد قاصده إليه، وأخبره بأن الكلام مستمرّ، قام من فوره ومعه عدة من أصحابه حتى جلسوا عند الجدار، وأخذوا في قراءة شيء من القرآن. ثم طلب صاحب البيت وقال له:‏ ‏ قل لهذا المتكلم، القاضي العجمي يسلم عليك.‏ ‏ فقال: يا سيدي، الشيخ القاضي يسلم عليك.‏ ‏ فقال الجدار: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته.‏ ‏ فقال المحتسب: قل له، إلى متى هذا الفساد؟‏ ‏ فأجابه: إلى أن يريد الله تعالى.‏ ‏ فقال: قل له، هذا الذي تفعله فتنة للناس، وما هو جيد.‏ ‏ فأجابه:‏ ‏ ما بقي بعد هذا الكلام.‏ ‏ وسكت، وهم يقولون له: يا سيدي الشيخ! فلم يكلمهم بعدها.‏ ‏ وكان في صوته غلظة يوحي بأنه ليس بكلام إنس. فلما أيس الشيخ العجمي من مكالمته، قام عنه وقد اشتدت فتنة الناس بالحائط حتى كادوا يتخذوه معبوداً لهم. وغلوا فيه كعادتهم، وزعموا له ما شاءوا من تـُرَّهاتهم، وحمل إليه الأمراء والأعيان المأكل وغيره، والمحتسب يدبـّر في كشف الحيلة.‏ ‏ ثم ركب المحتسب يومـاً إلى دار ابن الفيشي، وقبض عليه وعلى امرأته، وعاد بهما إلى داره. وما زال يستدرجهما حتى اعترفت المرأة بأنها هي التي كانت تتكلم، وأن الذي دعاها إلى ذلك أن زوجها كان يسيء عشرتها، فاحتالت عليه بهذه الحيلة لتوهمه بأن الجان توصيه بها. فتمت حيلتها عليه، وانفعل لها، فأعلمته بما كان منها، فرأى زوجها أن تستمر على ذلك لينالا به جاهـاً ومالاً، فوافـَقـَتـْه.‏ ‏ فركب المحتسب إلى الأمير الكبير وأعلمه بقول المرأة، فضرب الأمير الكبير ابن الفيشي بالمقارع، وضرب المرأة بالعصيّ نحوًا من ستمائة ضربة، وأمر بهما فسـُمِّرا على جملين، وشُهـِّرا بالقاهرة. فكان يومـاً شنيعـاً، عظم فيه بكاء الناس على المرأة، وكثـُر دعاؤهم على المحتسب! ‏ من كتاب "السلوك لمعرفة دول الملوك" للمقريزي. ‏

حكيم زمانه
19-08-2005, 08:03 PM
إن كيدهن عظيم

شرقاوي
19-08-2005, 08:34 PM
قصة رائعه نتعلم منها ان ليس كل مايلمع ذهبا


فيجب علينا التحري وترقب الحقائق


اشكرك ابو راشد على الموضوع

لكن لي طلب عندك وانا اخوك

لاعاد تكتب بهاللون تعبت عيوني وانا اقرا


.

abo rashid
19-08-2005, 08:50 PM
إن كيدهن عظيم
شاكر لك مرورك الكريم

abo rashid
19-08-2005, 08:51 PM
قصة رائعه نتعلم منها ان ليس كل مايلمع ذهبا


فيجب علينا التحري وترقب الحقائق


اشكرك ابو راشد على الموضوع

لكن لي طلب عندك وانا اخوك

لاعاد تكتب بهاللون تعبت عيوني وانا اقرا


.

ترا مب اللون نوع الخط مع اللون هو السبب

البرنس
21-08-2005, 01:11 PM
انا اشهد ان كيدهن عظيم ...

يعطيك العافيه يا ابو راشد ..

:)

abo rashid
21-08-2005, 01:31 PM
انا اشهد ان كيدهن عظيم ...

يعطيك العافيه يا ابو راشد ..

:)
شاكر لك مرورك الكريم