تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تصاعد الجدل حول صفقة "سابك" وسط مطالب بمزيد من الإفصاح عن تفاصيلها



مغروور قطر
24-05-2007, 08:39 AM
بعد اقتناء الشركة لوحدة البلاستيك في "جنرال إليكتريك" بحوالي 12 مليار دولار
تصاعد الجدل حول صفقة "سابك" وسط مطالب بمزيد من الإفصاح عن تفاصيلها


ثلاث وجهات نظر
صفقة وطنية
مفارقة
خوف على المؤشر






الرياض - نضال حمادية

منذ أن تم الإعلان عن فوز الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك" بصفقة الاستحواذ على وحدة البلاستيك التابعة لـ"جنرال إليكتريك"، لم تهدأ وتيرة الجدل والنقاشات في أوساط المهتمين حول مختلف جوانب هذه الصفقة، بدءا من ظروف المنافسة عليها مرورا بقيمتها اللافتة وسبل تمويلها، وانتهاء بأثرها على مركز الشركة محليا ودوليا.

وكانت "سابك" قد أعلنت يوم الإثنين الماضي 21-5-2007 عن موافقة "جنرال إليكتريك" بيع قطاع البلاستيك لديها بمبلغ يعادل 11.6 مليار دولار (الدولار يساوي 3.75 ريالا)، في واحدة من أكبر عمليات الاستحواذ التي تقوم بها شركة من منطقة الشرق الأوسط. ويضم القطاع 44 منشأة صناعية وتقنية، إضافة لمشاريع مشتركة في 21 بلداً حول العالم، بعدد موظفين إجمالي يفوق 11 ألف موظف.


ثلاث وجهات نظر

وفي هذا السياق قال الكاتب الاقتصادي فضل البوعينين إن الكلام عن هذه الصفقة الضخمة يتطلب التطرق إلى ثلاث وجهات نظر قد تكون مختلفة فيما بينها بدرجات متفاوتة، الأولى هي وجهة نظر "سابك" التي أكد رئيس مجلس إدارتها على "استراتيجية الصفقة"، ما يحمل في جعبته عدة معان تدل على أهمية الاستحواذ لتعزيز موقع سابك عالميا، وضمان التقدم في إكمال خططها التوسعية القادمة، وعلى حاجتنا لسنوات عديدة حتى تتضح الآثار الفعلية للصفقة، والأهم من ذلك حق "سابك" في استثمار جميع التقنيات وبراءات الاختراع التابعة للوحدة المشتراة، لاسيما إذا ما تذكرنا أن الشركة دخلت قبل أكثر من سنتين في خلاف مع إحدى الشركات الأمريكية حول براءة الاختراع المستخدمة في إنتاج "البولي إثيلين"، الأمر الذي رتب عليها غرامات ومصاريف محاكمات، إلى أن تمت تسوية النزاع قبل حوالي سنة.

أما وجهة النظر الأمريكية فاعتبر البوعينين أنها تتمتع في مجملها بصفة عدم التجرد، التي تصل إلى حد العنصرية أحيانا، خصوصا إذا ما تعلقت المسألة بصفقة مؤثرة لإحدى الشركات العربية، كما حصل مسبقا مع "موانئ دبي العالمية" التي منعت من الفوز بعرض لإدارة عدد من المرافئ الأميركية لدواع أمنية، وفق ما صدر من تبريرات حينها، ومن هنا جاء تركيز بعض وسائل الإعلام الأمريكية على الصفقة وكأنها مطب كبير وقعت فيه "سابك"، بدفعها مبلغا أعلى من قيمة الوحدة.


صفقة وطنية

وعن وجهة نظر السوق السعودية ومتداوليها، رأى البوعينين أن التساؤلات تتركز على ارتفاع قيمة الصفقة ومخاوف من تأثيرها على أرباح "سابك"، إضافة للتشكيك بمقدرة الشركة على تأمين التمويل المطلوب لصفقة بهذا الحجم، قائلا إن المفترض في أي عملية استحواذ حيوية تؤثر على ربحية الشركة أو ملاءتها أن تمرر عبر الجمعية العامة، غير أن درجة السرية والديناميكية المطلوبة لعقد بعض الصفقات قد تحولان دون ذلك.

وذهب البوعينين أبعد من ذلك حين أكد أن الصفقات التي تندرج تحت مسمى "الصفقات الوطنية" غالبا ما تخضع لنقاش عام في وسائل الإعلام لدى الغربيين، على عكس السائد في ثقافة مجتمعات وشركات أخرى لازالت بعيدة عن هذا الاتجاه.

وحول ما نقل عن الرئيس التنفيذي لـ"جنرال إليكتريك" بأن الصفقة جاءت ضمن استراتيجية الشركة للتخلص من القطاعات بطيئة النمو، علق البوعينين قائلا بأن وحدة البلاستيك المباعة قد تكون بطيئة النمو بل ومتعثرة بالنسبة لـ"جي إيه"، نتيجة ارتفاع تكلفة المواد الخام اللازمة في عملية الإنتاج، كالفينول والأسيتول وغيرها من المشتقات، والتي تعد "سابك" أحد منتجيها الرئيسين في العالم، ما يمنحها فرصة كبيرة في خفض تكاليف الإنتاج لأدنى حد ممكن، مشيرا من جانب آخر إلى عدم استبعاده لاستغلال "جنرال إليكتريك" هذه الميزة، التي جعلت "سابك" من أحرص الشركات على اقتناء وحدة البلاستيك المعروضة؛ لأن من حق البائع في النهاية أن يحصل على أفضل عرض وأعلى سعر.


مفارقة

وخلافا للمعتاد رفض اثنان من الخبراء الاقتصاديين الإدلاء بأي رأي حول قيمة الصفقة وانعكاساتها المرتقبة على "سابك"، طالبين "إعفاءهما من هذه المهمة"، في حين أوضح المحلل المالي محمد الرعوجي أن الجدل الدائر بين المتداولين في السوق، هو حول أحقيتهم في معرفة المزيد عن هذه الصفقة، رغم أن كثيرا منهم لا يمتلك في "سابك" أو أن حصته فيها متواضعة، باعتبار أن الحكومة السعودية هي من تمتلك نصيب الأسد في الشركة بنسبة تقارب 70%.

وأشار الرعوجي إلى أن "سابك" لم تقصر في الإفصاح عن عدة جوانب من الصفقة عبر تصريحات مسؤوليها، لكنها لا زالت مطالبة بالمزيد من الإيضاحات التي تكفل حسم "القيل والقال"، فمن الثابت أنه كلما زادت الشفافية كلما قل حجم التكهنات وانحسر تأثيرها.

ووصف الرعوجي التباين بين رد فعل السوقين الأمريكية والسعودية على الصفقة بالمفارقة، مؤكدا أن سهم "جنرال إليكتريك" ارتفع عقب الإعلان عن إتمام الاستحواذ حوالي 15 سنتاً، في حين فقد سهم "سابك" أكثر من 3 ريالات، أو ما يقارب 2.5% من قيمته.

ولفت الرعوجي إلى أن البحث في قيمة الصفقة أمر مهم، لكن الأهم منه النظر في قضية تمويلها، التي تؤكد مصادر "سابك" أن 70% منه سيتم عن طريق إصدار سندات وقروض بنكية بضمان الشركة الجديدة، مع تحمل "سابك" لدفع ربع قيمة الصفقة نقدا، ما يعادل حوالي 3 مليارات دولار، وهي نقطة إيجابية وفقا لرواية المشتري، حيث إن الأنباء المنقولة عن الشركة البائعة تقول أن كامل قيمة الشراء سيدفع نقدا مع تحمل "سابك" للالتزامات القائمة على وحدة إنتاج البلاستيك.

وأكد الرعوجي أن الفرق بين عرض "سابك" ومنافستها والمتمثل بـ700 مليون دولار، يمكن أن يكون منطقيا إذا ما أحسنت "سابك" الاستفادة من رخص ما يسمونه اللقيم لضغط تكاليف الإنتاج وتوسيع هوامش الربحية، ما يتيح الفرصة للتعويض عن هذا الفارق، لاسيما أن أرباح وحدة البلاستيك وصلت إلى 675 مليون دولار سنة 2006، رغم أنها تراجعت عن السنة التي قبلها بحوالي 22%.


خوف على المؤشر

وفيما تمنى معظم المتداولين الذين التقتهم "الأسواق نت" على شركة سابك تقديم إيضاحات "شافية وكافية"، كان لافتا قيام عدد من المستثمرين السعوديين بتفريغ أنفسهم لمتابعة أنباء الصفقة في بعض وسائل الإعلام الأجنبية، من مواقع وصحف ومحطات، سواء عندما كانت الصفقة في مراحلها الأولية، أو بعدما تم الاتفاق على إنفاذها، مبررين تصرفهم بقلة اهتمام الإعلام المحلي بالصفقة قياسا إلى حجمها وتأثيرها الحقيقي، على حد قولهم.

وأعرب المستثمر بدر العمر عن استغرابه لما سماه تكتم شركة سابك بشأن المفاوضات التي دامت أكثر من ثلاثة أشهر، رغم أن أنباء الصفقة كانت منتشرة في الصحف والمواقع الأجنبية، وتتم متابعتها لحظة بلحظة.

وأضاف العمر أن معظم من اطلع على تلك الموضوعات المتعلقة بالصفقة، كان يجزم بأن "سابك" لن تدفع أعلى من قيمة الاستحواذ التي ثمّنها خبراء عالميون بما يتراوح بين 8 و10 مليارات دولار على أبعد تقدير، لكن "سابك" فاجأت الجميع بما دفعته، دون أن تقدم تبريرا مقنعا لذلك.

وعلى النقيض من موقف العمر قال المتداول مطلق الحربي إنه ليس هناك في السوق السعودية شركة أكثر موثوقية من "سابك"، لاسيما من ناحية جدية الدراسات التي تبني عليها استثماراتها وتوسعاتها، ما يجنبها الدخول في مشاريع خاسرة، معتبرا أن الصفقة شكلت مكسبا بكل المقاييس لشركة "سابك"، لأن دخولها إلى السوق الأمركية بهذه القوة وتملكها لأحد أعرق مصانع الشركة العملاقة "جنرال إليكتريك" لا يقدر بثمن.

أما المتداول ساعد محمد فأبدى تخوفه من استمرار "تشكيك" البعض بجدوى صفقة الاستحواذ، ما قد يفتح المجال لهبوط متواصل لسهم سابك، قد يعود به إلى ما دون 100 ريال، الأمر الذي يعني استنزاف المؤشر المعتمد في احتساب ثلث نقاطه على سهم عملاق القطاع الصناعي.