المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صناديق الاستثمار المشتركة في قطر بين النظرية والتطبيق



Love143
22-08-2005, 11:54 PM
صناديق الاستثمار المشتركة في قطر بين النظرية والتطبيق

إعداد: عبدالرحيم بن علي الهور : إنه ورغم التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي منذ عام 1998 إلا أن هناك اقتصاديات دول أو تجمعات اقتصادية دولية حافظت علي مستوي ثابت أو استطاعت أن تستوعب الأوضاع الاقتصادية السائدة، وإذا نظرنا إلي اقتصاديات دولة قطر من الناحية الاستراتيجية بعيدة الأمد لوجدنا أن كل المؤشرات الاقتصادية الحيوية تشير إلي تقدم اقتصادي مضطرد ومتسارع في ظل ضمور الاقتصاديات المجاورة أو وصولها إلي حالة الإشباع الاقتصادي، وأهم تلك المؤشرات هو مستوي الدخل القومي إذا ما قورن بحجم الانفاق الحكومي يضاف إليه حجم الاستقرار السياسي الذي تتمتع به دولة قطر مما يجعلها محط أنظار المستثمرين الكبار لاسيما الشركات الاستثمارية الانتاجية والتي تحتاج إلي مصادر الطاقة بشكل كبير مثل شركات توليد وتحويل الطاقة ومصانع الحديد والصلب والسيارات ومعدات النقل البحري وما إلي ذلك من شركات تعتبر الطاقة مصدراً مهماً لاستمراريتها، ولما كانت قطر من أكبر الدول المصدرة للغاز الطبيعي علي مستوي العالم فإنها ستكون محط أنظار مستثمري الطاقة.

تبرز هنا الحاجة للنظر إلي كيفية استفادة المواطن القطري مما يدور حوله من نهضة اقتصادية عارمة تجتاح كل القطاعات الحيوية في الدولة، كما أن المستثمر الصغير دائماً محكوم بعدة قواعد ومحجمات للعمل الأمر الذي لابد فيه من الحذر، هنا يبرز السؤال وهو كيف يمكن لنا توفير فرص استثمارية مضمونة وبفوائد جيدة وبتكلفة إدارية متدنية لكل مستثمر يود المشاركة؟

والجواب هو خلق محافظ استثمارية مشتركة لإدارة الأموال والاستثمارات داخل الدولة.

وهنا لابد لي من ذكر أن هذه الصناديق هي جائزة شرعاً علي معظم المذاهب كما سبق وتبينت من مجمع الفقه الإسلامي في المملكة العربية السعودية.


الفكرة الأساسية لصناديق الاستثمار المشتركة

إن الفكرة الأساسية للصناديق الاستثمارية تنطلق من كونه وعاء مالياً لتجميع مدخرات الأفراد واستثمارها في الأوراق المالية من خلال جهة متخصصة ذات خبرة في إدارة محافظ الأوراق المالية مثل الأسهم والسندات والعملات والعقارات وتجارة السلع والمعادن ضمن معايير محددة.

فالاشتراك في أحد تلك الصناديق يتيح الفرصة للمستثمر الصغير للمشاركة الجماعية للحصول علي أسعار تفضيلية للأصول التي يستثمر فيها الصندوق أمواله بالإضافة إلي أن المشاركة في هذه الصناديق تخفف من المخاطر التي قد تنشأ من الاستثمار المنفرد وهذا يعكس خاصية التنويع الكفء في الصناديق الاستثمارية المشتركة.

ومن الأهمية بمكان ذكر أن إنشاء هذه الصناديق محلياً هو وسيلة لتأمين عمليات تحويل الاقتصاد الوطني عن طريق ربط المدخرات الوطنية بأسواق المال بما يحقق حماية المستثمرين وينمي أسواق المال المحلية.

يتضح مما سبق أن الفكرة الأساسية لصناديق الاستثمار تدور حول امكانية خلق حجم كبير من السيولة تمول من قبل صغار المستثمرين وتوجه إلي جهات متخصصة في إدارتها بهدف ضمان نمو تلك الأموال لكلا الطرفين.


فوائد صناديق الاستثمار

أ- تنشيط السوق المالي:

إن تدوير محافظ الأوراق المالية للشركات المتخصصة في هذا النوع من الاستثمار أو البنوك التي تمتلك محافظ استثمارية علي شكل صناديق استثمار تحقق ربحية عالية لتلك المؤسسات وكذلك تزيد من فاعلية الصناديق الاستثمارية التي تمتلكها تلك المؤسسات.

حيث أن تحريك المحفظة سوف يؤدي إلي بيع الأوراق المالية وشراء غيرها مما يؤدي في نهاية هذه العمليات إلي تنشيط السوق المالي بكافة قطاعاته سواء علي صعيد السوق نفسه والشركات العاملة به السمسرة أو علي صعيد الشركات التي يتم التعامل بأسهمها أو سنداتها.


ب- تجميع أموال المدخرين وتوجيهها للمجالات الاستثمارية غير البنكية:

في حالة خلق صناديق استثمارية محلية وتوجيهها لمجال استثمار غير بنكي يؤدي أولاً إلي زيادة نشاط وفاعلية السوق المالي، وثانياً حماية المدخرات الوطنية سواء للمقيمين أو العاملين في الخارج.

حيث أن التوجه إلي مجالات غير بنكية من خلال صناديق الاستثمار يعني أن هذه الأموال بدلاً من أن توضع في البنوك علي شكل ودائع إنما توجه إلي الاستثمار في أسهم وسندات الشركات المحلية وبالتالي إلي رفع قيمة هذه الشركات، حيث أن الاستثمار في أوراق الشركات الوطنية هو استثمار حقيقي يعمل علي دعم الاقتصاد الوطني.


ت- زيادة العوائد لجميع الأطراف:

إن زيادة الربحية والعوائد لجميع الأطراف المتعاملين مع صناديق الاستثمار مضمونة، فبالنسبة للأفراد فإن العائد الذي سيحصلون عليه يتشكل من قيمة الكوبون أو العائد علي الأسهم المقدرة قيمته في وثيقة استثمار بالإضافة إلي الأرباح الرأسمالية التي تتمثل في الفرق بين القيمة الإسمية للأسهم والقيمة السوقية لها، وهذا يختلف عما يحصل عليه المدخر من عوائد بنكية تتمثل في العائد عن قيمة الوديعة فقط ولا يحصل علي أية أرباح رأسمالية بل إن قيمة الوديعة تتأكد بفعل التضخم مما يؤدي علي المدي الطويل إلي رفع المستوي المعيشي لطبقة صغار المدخرين والوصول بالمجتمع إلي حالة من الرفاه.

أما المؤسسات المتخصصة بصناديق الاستثمار فإنها ستحصل علي عوائد متمثلة في قيمة الفروق الرأسمالية التي ستحصل عليها من بيع جزئي من محفظة الأوراق المالية ومن خلال العمولات والأتعاب التي ستجنيها مقابل عمله في المراحل المختلفة لأداء الصندوق.


ث- إيجاد فرص لصغار المستثمرين للدخول إلي أسواق المال:

يؤدي انتشار صناديق الاستثمار إلي وجود منفذ لصغار المستثمرين للتعامل مع أسواق المال والذين حرموا لسنوات طويلة من التعامل مع سوق الأوراق المالية الذي كان حكراً علي كبار المدخرين.

وذلك من خلال أن تكون الحصة الاستثمارية متدنية مما يتيح لصغار المستثمرين فرصة الاستثمار بها وبالتالي دخول الأسواق المالية.


ج- مراعاة اعتبارات الأمان تقليل المخاطر :

حيث أن منهج وأسلوب عمل صناديق الاستثمار يهدف تماماً إلي تقليل وتوزيع مخاطر الاستثمار من خلال تعدد منافذ الاستثمار وقيام المستثمر باختيار المدي الزمني المناسب له إذا كان طويل الأجل وفقاً لاحتياجاته. فرغبات المستثمر تحدد الأوراق المالية التي سيتعامل معها من خلال صندوق الاستثمار. وكلما زادت رغبة المستثمر في تحقيق ربح مرتفع زادت درجة تقبله للمخاطر High Return High Risk.

وكلما توزعت أوراقه وتنوعت بين أسهم شركات وسندات وأذونات خزانة أمكن تقليل المخاطر المحتملة فالصناديق تتناول محفظتها أوراقاً مالية للعديد من الشركات مما يحقق تشكيلة متوازنة قد لا تتواجد لكثير من المستثمرين.

وهنا جدير بالذكر أن الاستثمار في الأسهم يكون عادة مرتفع المخاطر، أما في الصناديق التي تتعامل في تشكيلة متنوعة الأوراق من سندات وأسهم وأوراق مالية أخري تكون ذات مستوي مخاطر أقل بوجه عام.


ح- التحول نحو العالمية من خلال تدويل البورصة:

إن تنشيط البورصة محلياً وتقويتها ما هو إلا خطوة بداية نحو هدف أكبر وهو تدويل البورصة بعد اتقان التجربة ونجاحها محلياً.

حيث أن التوجه نحو العولمة من خلال تدويل البورصة يتيح الفرصة أمام المستثمرين المحليين بالاستثمار في الأسهم الأجنبية دون عناء. ولكن ذلك يتطلب أن تكون الشركات المحلية علي مستوي من النجاح يسمح لها بالدخول للأسواق العالمية.


خ- مرونة التحول بين الأوراق المالية:

تحقيق مرونة الانتقال بين الأوراق الاستثمارية المختلفة من صندوق لآخر وفقاً لما يتوافق وأوضاع المستثمر حيث أن تعدد الصناديق الاستثمارية يتيح للمستثمر الانتقال من صندوق إلي آخر وذلك حسب قدراته المالية أو حسب رغباته حيث أن هناك صناديق متخصصة مثلاً في الأوراق المالية الخطرة أسهم الأوراق المالية غير الخطرة سندات خزانة ، أو حسب مستويات السيولة مثل عالية السيولة صناديق أسواق النقد ، أو منخفضة السيولة مثل صناديق رأس المال.

إن ما أردت الوصول إليه من خلال هذه الدراسة المتواضعة هو أن امكانيةخلق فرص لرفع مستوي الرفاه الاجتماعي للمجتمع القطري موجودة وعالية وفي حال تطبيقها فإنها ستكون إن شاء الله ثابتة مدروسة واستراتيجية بمعني أنها لن تكون فقط انعكاساً مرحلياً أو طفرة غير مدروسة.

كما نقول دائماً فإن الثروة الاستثمارية الحقيقية لأي بلد هي أبناء هذا البلد، من هنا تنبع مسؤولية كل ذي علاقة بتطوير المجتمع.