جديييد
30-05-2007, 01:12 PM
بدأت الدعوة لهدم اللغة العربية سنة 1881م ، حين اقترح (( المقتطف )) كتابة العلوم بلغة الحديث ، ودعا رجال الفكر إلى بحث اقتراحه ومناقشته ، ثم هاجت المسألة مرة أخرى سنة 1902م ؛ حين ألّف ( ولمور ) أحد قضاة محكمة الاستئناف الأهلية في مصر ، من الإنجليز ، كتاباً عما سماه لغة القاهرة ، وضع لها فيه قواعد ، واقترح اتخاذها لغة للعلم والأدب ؛ كما اقترح كتابتها بالحروف اللاتينية ، فحملت عليه الصحف ؛ مشيرة إلى موضع الخطر من هذه الدعوة التي لا تقصد إلا محاربة الإسلام في لغته .
وفي هذه السَّنة كتب حافظ إبراهيم قصيدته المشهورة التي مطلعها :
رَجَعتُ لِنَفسي فَاتَّهَمتُ حَصَاتي ** وَنَادَيتُ قَومي فَاحتَ سَبتُ حَياتِي
واشتعل أُوار الدعوة من جديد ؛ سنة 1926م ، حين دعا إنجليزي آخر ، كان يعمل مهندساً للريّ في مصر ؛ وهو السير وليم ولكوكس ، إلى هجر اللغة العربية ، وخطا بهذا الاقتراح خطوة عملية ، فترجم أجزاء من الإنجيل لما سماه (( اللغة المصرية )) ، وأشاد سلامة موسى بالسير ولكوكس ، وأيده ، فثارت لذلك ثائرة الناس من جديد ، وعادوا امهاجمة الفكرة ، والتنديد بما يكمن وراءها من الدوافع السياسية .
ولكن الدعوة استطاعت أن تجتذب نفراً من دعاة الجديد هذه المرة ، وبخاصة عند الحديث عن الكماليين ( نسبة إلى كمال أتاتورك – صانع تركيا الحديثة -) وصنيعهم من استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية ، وترجمة القرآن للغة التركية والزام الناس بالتعبد به ، وتحريم تدريس العربية في غير معاهد دينية محددة ، وضُِعَت تحت الرقابة الشديدة ، وقد مضوا من بعد في مطاردة الكلمات العربية الأصل ينفونها من اللغة التركية كلمة كلمة ، وقد انتشرت هذه الدعوة ؛ حتى تسربت إلى المسرح باتخاذ اللهجة السوقيّة ، واستطاعت الدعوة أن تتسلل إلى (( مجمع اللغة العربية )) في القاهرة ، فكتب عضو المجمع عيسى إسكندر المعلوف – المعروف بعدائه الصريح للعربية – مقالات عن اللهجة العربية العامية .
وقد انتحلوا حججاً واهية من بينها : أن قواعدها صعبة ، والكتابة فيها غير ميسرة ، وأن التطور قد أصاب اللغات الأوروبية ، فَلِمَ لا تتطور لغتنا كما تطورت لغاتهم ؟ وقد كتبت مقالات المعلوف في (( مجلة مجمع اللغة العربية )) بين سنتي : شعبان 1353هـ = تشرين الأول ( أكتوبر ) 1934م ، وشعبان 1356هـ تشرين الأول ( أكتوبر ) 1937م .
وفي هذا الوقت استنطق الجهابذة التراث ، وبحثوه بحثاً جادّاً ، لينهضوا بالأمة ، ومن بينهم محمد محيي الدين عبد الحميد ؛ إذ ألف كتابه (( التُّحفة السَّنيَّة بِشَرحِ المُقَدِّمةِ الآجُرُّومِيةِ )) وفرغ من تأليفه ؛ ليلة القدر ( ليلة الخمس ) من شهر رمضان 1353 من الهجرة .
================
منقول نصاً من مقدمة المحقق د. شوكت علي درويش لكتاب ( التحفة السَّنيَّة بِشَرحِ المقدِّمَة الآجُرُّوميَّة تأليف محمد محيي الدين عبد الحميد ) .
وفي هذه السَّنة كتب حافظ إبراهيم قصيدته المشهورة التي مطلعها :
رَجَعتُ لِنَفسي فَاتَّهَمتُ حَصَاتي ** وَنَادَيتُ قَومي فَاحتَ سَبتُ حَياتِي
واشتعل أُوار الدعوة من جديد ؛ سنة 1926م ، حين دعا إنجليزي آخر ، كان يعمل مهندساً للريّ في مصر ؛ وهو السير وليم ولكوكس ، إلى هجر اللغة العربية ، وخطا بهذا الاقتراح خطوة عملية ، فترجم أجزاء من الإنجيل لما سماه (( اللغة المصرية )) ، وأشاد سلامة موسى بالسير ولكوكس ، وأيده ، فثارت لذلك ثائرة الناس من جديد ، وعادوا امهاجمة الفكرة ، والتنديد بما يكمن وراءها من الدوافع السياسية .
ولكن الدعوة استطاعت أن تجتذب نفراً من دعاة الجديد هذه المرة ، وبخاصة عند الحديث عن الكماليين ( نسبة إلى كمال أتاتورك – صانع تركيا الحديثة -) وصنيعهم من استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية ، وترجمة القرآن للغة التركية والزام الناس بالتعبد به ، وتحريم تدريس العربية في غير معاهد دينية محددة ، وضُِعَت تحت الرقابة الشديدة ، وقد مضوا من بعد في مطاردة الكلمات العربية الأصل ينفونها من اللغة التركية كلمة كلمة ، وقد انتشرت هذه الدعوة ؛ حتى تسربت إلى المسرح باتخاذ اللهجة السوقيّة ، واستطاعت الدعوة أن تتسلل إلى (( مجمع اللغة العربية )) في القاهرة ، فكتب عضو المجمع عيسى إسكندر المعلوف – المعروف بعدائه الصريح للعربية – مقالات عن اللهجة العربية العامية .
وقد انتحلوا حججاً واهية من بينها : أن قواعدها صعبة ، والكتابة فيها غير ميسرة ، وأن التطور قد أصاب اللغات الأوروبية ، فَلِمَ لا تتطور لغتنا كما تطورت لغاتهم ؟ وقد كتبت مقالات المعلوف في (( مجلة مجمع اللغة العربية )) بين سنتي : شعبان 1353هـ = تشرين الأول ( أكتوبر ) 1934م ، وشعبان 1356هـ تشرين الأول ( أكتوبر ) 1937م .
وفي هذا الوقت استنطق الجهابذة التراث ، وبحثوه بحثاً جادّاً ، لينهضوا بالأمة ، ومن بينهم محمد محيي الدين عبد الحميد ؛ إذ ألف كتابه (( التُّحفة السَّنيَّة بِشَرحِ المُقَدِّمةِ الآجُرُّومِيةِ )) وفرغ من تأليفه ؛ ليلة القدر ( ليلة الخمس ) من شهر رمضان 1353 من الهجرة .
================
منقول نصاً من مقدمة المحقق د. شوكت علي درويش لكتاب ( التحفة السَّنيَّة بِشَرحِ المقدِّمَة الآجُرُّوميَّة تأليف محمد محيي الدين عبد الحميد ) .