المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «بخصوص ما نشر في إحدى الصحف»: إدارة السوق ليس بيدها إلا... جريدة!



مغروور قطر
09-06-2007, 05:39 AM
«بخصوص ما نشر في إحدى الصحف»: إدارة السوق ليس بيدها إلا... جريدة!
كتب المحرر الاقتصادي : تشهد البورصة هذه الأيام فوضى لم يسبق أن شهدتها في ملف الشفافية. توقف أسهم عن التداول لسبب تقليدي جداً: «بخصوص ما نشر في احدى الصحف المحلية»، وغالباً ما تعاد الى التداول الى أن الشركة المعنية أرسلت الى ادارة السوق رسالة بالفاكس، لا قيمة فيها ولا معلومة، لكن يكفي أنها أرسلت الرسالة لتسارع ادارة البورصة الى نشر الاعلان التالي، مذيلاً بعبارة «وعليه سوف تعاد الشركة الى التداول بعد عشر دقائق من نشر هذا الاعلان».
قد لا يذكر أي من المتداولين مرة واحدة اعلاناً عن طلب ايضاح «بخصوص ما أذيع في احدى الفضائيات»، أو في احدى المنتديات، أو في الصحف الأسبوعية، أو حتى في الصحف اليومية الجديدة.
أصبحت طلبات الايضاح من الشركات مزحة باهتة وممجوجة، لا تحكمها قاعدة، لكن لايمكن القاء اللوم على جهاز اداري صغير مكلف بمتابعة أخبار 185 شركة مدرجة في وسائل اعلامية يتزايد عددها بشكل مضطرد. فما الحل؟
يفترض أن الجهاز المنوط به متابعة ما ينشر في الصحف (في الصحف فقط!) عن الشركات المدرجة، هو جهاز مهمته تأمين المساواة والعدالة في الوصول الى المعلومة بين جميع المتداولين في سوق الأسهم، وليست مهمته قراءة الصحف صباح كل يوم. انقلب الأمر، وبات الأصل قراءة الصحف، والفرع تأمين العدالة في الوصول للمعلومة، والا كيف يفسر اهمال مصادر المعلومات الأخرى التي تشكل أرضاً خصبة لترويج الدعايات؟
عود الى أصل الموضوع؛ حصلت خلال الأشهر الماضية أحداث عدة قدمت نماذج لا متباينة الى حد يجعل من الصعب التصديق أنها حدثت في سوق واحد. ففي حين توقف شركة عن التداول تترك أخرى في حالة مشابهة تماماً. والأنكى كيفية التعامل مع «شفافية» الشركات، التي قد يتهمها البعض بأنها تتخذ من البورصة مطية لترويج شائعاتها.
احدى الشركات مثلاً، أرسلت الى ادارة السوق معلنة أنها تلقت عرضاً لبيع حصتها في شركة زميلة، وبالطبع لم تذكر من هي الجهة المتقدمة ولا قيمة العرض، ولا مدى تقدم المفاوضات، والحجة في ذلك أن «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان» لكي لا تفسد الصفقة. وصعد السهم الى أقصى ما يمكنه الصعود، ليتبين لاحقاً ان الأمر لا يعدو كونه «جعجعة بلا طحين»، ولتخرج الشركة وتقول انها رفضت العرض، بعد أن ضرب من ضرب وهرب من هرب. لم تكلف الادارة المعنية نفسها التحقيق في جدية العرض المقدم الى الشركة، بل وضعت شاشاتها العملاقة وموقعها على البورصة في خدمة «افصاح شفاف» من الشركة، قد يكون صادقاً في مقاصده وقد لا يكون أكثر من شائعة لتصعيد السهم. لكن هل تم التحقق مما اذا كان أحد قد استفاد من الاعلان- أو الشائعة- على نحو مريب؟ لا يهم طالما أن اجراءات «رفع العتب» تمت.
تكرر الأمر مع سهم آخر، ولم يعلن حتى الساعة شيء عن الأصل الذي بدا للجميع أن بيعه مسألة وقت لا أكثر. وآخر صرعات التذاكي، أن الشركات باتت تعلن بمناسبة ومن غير مناسبة عن تلقيها عروضاً «شفهية» لبيع أصول، لماذا؟ لأن ادارة البورصة لا تلتقط أذنها كلمة «شفهية».
حسناً، لنفترض أن احدى الشركات أمامها عرض مهم، أو صفقة قيد الانجاز، ولم يتسن لأي من الصحافيين الكتابة عنها، ما تفعل ادارة البورصة؟ هل لديها وسيلة أخرى لاستقاء الخبر؟ هل تعاقب الشركة اذا أعلنت عن الصفقة في وقت لاحق قبل أن تتسرب الى الاعلام، وتطلب البورصة ايضاحها المعتاد، وتعيد السهم الى التداول بعد عشر دقائق من نشرها الايضاح...
ليس لدى البورصة حول ولا قوة الا قراءة الصحف، وكأن البلاد خالية من أي وسيلة أخرى لترويج الشائعات أو كشف المعلومات. فلا من يراقب التداولات غير المعتادة، ولا من يلاحظ أن سهماً نام لعام كامل واستيقظ من دون مقدمات، ولا من يتتبع الشائعات التي تسري سريان النار في هشيم المتداولين الصغار، ولا من يراقب أعمال الشركات من الداخل.
حصيلة كل ذلك، أن ليس في ادارة سوق الكويت للأوراق المالية جهاز معني بتطبيق الشفافية وضمان التساوي في الوصول الى المعلومات، بل هناك جهاز صغير جداً مكلف بما تنوء به عصبة من الأجهزة، عليه كل يوم أن يقرأ الصحف ويتابع سطورها، لأن الصحف اليومية الخمس- عدا الصحف الثلاث الجديدة- هي مصيبة الشفافية في هذا البلد، وهي من ينشر الشائعات، مع أن هذه الصحف ربما تكون المصدر الأكثر قدرة على الوصول الى المعلومة، والأكثر مصداقية في تناول أخبار البورصة، مقارنة بالمصادر الأخرى من منتديات ووسائل اعلامية هامشية.
حصيلة الأمر أن في البورصة جهازا عاجزا ليس بيده أكثر من قراءة الجرائد.