مغروور قطر
30-06-2007, 05:13 AM
اختلال موازين العرض والطلب على السلع والخدمات يساهم في ارتفاعه
التضخم.. كبوة حصان الاقتصاد القطري
عدد القراء: 17
ارتفاع أسعار العقارات أبرز مسببات التضخم في قطر
30/06/2007
الدوحة - القبس:
نمو الاقتصاد القطري في السنوات الثلاث الاخيرة بمعدل 33.5% حسب ارقام رسمية لمصرف قطر المركزي، وضع قطر في مأزق اقتصادي، اذ اقترن هذا النمو غير المسبوق، بارتفاع غير مسبوق ايضا في معدل التضخم 11.4%.
هذا التضخم اصبح بمنزلة الشبح الذي يطارد الاقتصاد القطري، وتطارده الجهات الرسمية وحتى غير الرسمية، في محاولة للحد من اتجاهه التصاعدي، فتشكلت - بقرار من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني- لجنة حكومية مهمتها السيطرة على التضخم وكبح جماحه، وعقدت اللجنة أكثر من اجتماع بحضور الأمير شخصيا.
تشكيل اللجنة لم يكن اولى الخطوات التي عبرت عن اهتمام رأس الدولة شخصيا بموضوع التضخم، فالامير دق ناقوس الخطر عندما اعلن في خطابه امام مجلس الشورى في نوفمبر 2006، بأنه لا بد من مواجهة التضخم من خلال إجراءات حكومية على ارض الواقع، موضحا - أي الامير- ان الارتفاع التصاعدي للتضخم منذ 2004 سببه الزيادة العالمية في اسعار الواردات، ومعدل النمو المرتفع للاقتصاد القطري، مما أدى الى اختناقات لم يتمكن فيها العرض من الاستجابة الكاملة للطلب المتزايد، فارتفعت اسعار المساكن- احد اهم مكونات التضخم - وانعكس ذلك على قطاعات اخرى كالمواد الغذائية والخدمات والفنادق.
الاجراءات التي اتخذتها الحكومة قبل خطاب الامير، اقتصرت على تشريع قانون مؤقت للايجارات نص على حد أعلى للزيادة السنوية في الايجارات السكنية لا تتجاوز نسبته 10%، لكن هذا الاجراء لم يكن كافيا بنظر رجل الاعمال يوسف الكواري، ويقول ان العديد من ملاك العقارات تحايلوا على القانون، كما ان القانون جاء بعدما كانت اسعار الايجارات قد حلقت في السماء، ووصلت الى ارقام فلكية.
دور الدولة
ويرى الكواري ان للدولة دور غير مباشر في تحديد أسعار الايجارات السكنية، حيث أن الحكومة ومؤسساتها والشركات التابعة لها تستأثر بنسبة 50% من سوق الايجارات، 'فاذا حددت اسعار تعاقدها مع الملاك بسعر مناسب، فسوف يساعد ذلك على استقرار اسعار ايجارات الوحدات السكنية'.
اذا كانت الايجارات السكنية تستحوذ على 20% من مؤشر أسعار المستهلك الذي يقيس التضخم - حسب ارقام مصرف قطر المركزي، فان ارتفاعها بنسبة 64% خلال عام 2006 حسب وزارة الاقتصاد، يجعلها السبب الرئيسي في ارتفاع التضخم الى هذا المستوى، خاصة ان ارقام المصرف المركزي تبين ان نسبة التضخم في الاقتصاد القطري تقف عند 3.4% خارج قطاع البناء والتشييد.
بالنسبة لاحد الخبراء الاقتصاديين، فان ارتفاع نسبة التضخم في قطر لم ينتج عن انخفاض في سعر صرف العملة الوطنية (الريال)، مثلما يحدث عادة في دول عديدة، مؤكدا أن سعر صرف الريال مستقر، وإن كان يتأثر بين حين وآخر بتراجع الدولار، ولكن هذا التأثير محدود، موضحا أن المصرف المركزي الذي يقوم على إدارة السياسة النقدية لتحقيق سياسة الأسعار، يعمل بشكل متواصل للمحافظة على استقرار سعر الريال واستقرار الاسعار في السوق من خلال التأثير في سعر الفائدة.
اختلال العرض والطلب
ويعتقد الخبير الاقتصادي الذي طلب إغفال اسمه أن السبب الاساسي لارتفاع نسبة التضخم، يتمثل في وجود اختلال واضح في موازين العرض والطلب على السلع والخدمات، اما سبب هذا الاختلال -كما يؤكد، فيرجع الى النمو المتسارع للاقتصاد القطري بمعدل 33.5 في المائة سنويا بالاسعار الجارية في السنوات الثلاث الماضية، ويتابع: 'هذا النمو ادى الى خلق طلب شديد على جميع السلع والخدمات، بما يفوق المعروض، خاصة في ظل الزيادة السكانية المرتبطة باستقدام مزيد من العمالة الوافدة لتغطية جزء كبير من الوظائف الجديدة'.
ويرى أن خطة تطوير الدوحة وما رافقها من هدم لأعداد كبيرة من المباني القديمة، احدث خللا في ميزان العرض والطلب بالنسبة للوحدات السكنية، 'فالفترة الواقعة ما بين هدم تلك المباني وتشييد مباني جديدة، تستغرق من سنتين الى ثلاث سنوات على اقل تقدير'، واصفا تلك الفترة بأنها فترة الذروة بالنسبة لارتفاع معدل التضخم.
هذه المسألة عبر عنها وزير المالية يوسف كمال عندما أعلن في حديث متلفز، عن تعليمات حكومية بعدم اخلاء وهدم العقارات المستملكة للدولة الا بعد توفير البديل من المباني الجديدة، حتى لا تتفاقم ازمة المساكن، مؤكدا تشديد الاجراءات المتعلقة بقانون الايجارات المؤقت، بحيث لا يستطيع المالك رفع قيمة الايجار باكثر من النسبة المحددة ب 10% سنويا، 'واذا اراد عكس ذلك فمن حق المستاجر ان يودع قيمة الايجار لدى المحكمة'.
سد الثغرات
حمى الطلب على مواد البناء خلال فترة اعداد وتشييد المباني المتعلقة بدورة الالعاب الآسيوية التي استضافتها قطر في ديسمبر 2006، كانت عاملا حاسما في ارتفاع اسعار مواد البناء، وساهم الى حد كبير في زيادة التضخم في قطاع الاسكان لكن الخبير الاقتصادي، يرى ان هذا العامل اصبح معطلا الآن، 'فالالعاب انتهت، والضغط الكبير على القطاع العقاري هدأ الى حد ما، مما يجعلنا متفائلين بانفراج قريب في ازمة المساكن، خاصة ان بعض المباني التي تم شغلها خلال الدورة الآسيوية اصبحت متاحة الآن في سوق الايجارات'.
ويرى الخبير الاقتصادي ان علاج التضخم ياتي عن طريق زيادة المعروض من السلع والخدمات بكافة اشكالها، مبديا تفاؤله باللجنة التي شكلها امير دولة قطر للسيطرة على التضخم، ومؤكدا ان اللجنة ستنجح في سد الثغرات الناتجة عن الخلل في ميزان ا لعرض والطلب. كلام الخبير الاقتصادي ينسجم مع ما اعلنه وزير المالية يوسف كمال، بان الدولة تقوم باجراءات عملية لوقف التضخم، من بينها زيادة عدد مصانع الرمل واستيراد بعض مواد البناء من الخارج، وانشاء مصنع جديد للصلب، وهي عوامل- بنظر الوزير، سوف تساعد في تقليل اسعار مواد البناء.
زيادة الرواتب
تحاول الحكومة القطرية من خلال هذه الاجراءات، تقليص ارتفاع التضخم ليصل الى 6% قبل نهاية العام الجاري، وتخفيف الآثار السلبية للتضخم الحالي على المواطنين والمقيمين، حيث أنه في هذا السياق جاء القرار الاميري في ديسمبر 2006 بزيادة رواتب الموظفين المدنيين والمتقاعدين بنسبة 4%.
بعض المحللين الاقتصادين فسروا هذه الزيادة بانها الاجراء الحكومي الاول لمواجهة التضخم، بعد خطاب الامير في مجلس الشورى، لكنهم حذروا من استغلال التجار لهذه الزيادة في زيادة اسعار المواد الاستهلاكية.
تحذير المحللين جاء في مكانه، فقد ارتفعت اسعار السلع بعد قرار زيادة الرواتب، بأكثر من 20% حسب احصائيات غير رسمية: فارتفع سعر كيلو اللحم الاسترالي من 20 ريالا الى 23 ريالا، كما ارتفعت الرسوم الدراسية للطالب الواحد من 3500 ريالا الى 4500 ريالا للفصل الدراسي الواحد، ليصبح موظفو القطاع الخاص هم اكبر المتضررين من زيادة رواتب موظفي الحكومة، فاسعار السلع ارتفعت، في حين بقيت رواتبهم كما هي، ما اوجد حالة من الضغط على اصحاب الشركات لزيادة رواتب العاملين لديهم.
امام هذا الضغط، يقول رجل الاعمال عبد الهادي الشهواني ان بعض الشركات زادت رواتب المديرين ومسؤولي المشاريع واهملت بقية الموظفين، لكنه في الوقت نفسه، لا يرى حاجة ملحة لزيادة رواتب العاملين في القطاع الخاص اسوة بموظفي الحكومة، ويقول ان غالبية العاملين في القطاع الخاص جاءوا الى قطر بعقود مبرمة بينهم وبين جهات العمل التي تؤمن لهم السكن والمواصلات والتأمين الصحي، وبالتالي فإنهم - كما يعتقد - لم يتأثروا بارتفاع التضخم.
ظاهرة ظرفية
ارتفاع التضخم اصبح من الاسباب الرئيسية التي تعيق جلب الاستثمارات الخارجية، لكن رجل الاعمال محمد بن طوار، يعتقد ان ظاهرة ارتفاع التضخم هي ظاهرة ظرفية وان تأثيرها على التدفقات الاستثمارية نحو قطر محدود، نظرا للامكانات الاستثمارية الكبرى التي يقدمها الاقتصاد القطري في جميع المجالات وخصوصا الصناعة والسياحة.
ويرى بن طوار وهو عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة قطر، ان التضخم يعود الى ارتفاع أسعار مواد البناء والغلاء العالمي، ويضيف أن استيراد مواد البناء بأسعار أقل من السوق المحلي سوف يخفض تكلفة البناء، ما سيقود بالتالي الى تخفيض نسبة التضخم.
ولا يؤيد بن طوار تعويم العملة القطرية أو ربطها بسلة عملات، 'لأن الدولار لا يزال عملة عالمية مدعومة من أكبر اقتصاد في العالم، إلى جانب أن النفط لا يزال يسعر بالدولار' يقول: 'حتى لو جاءنا التضخم بسبب انخفاض الدولار، فهذا لا يعني أن الدولار سيظل عند مستوياته المتدنية امام العملات الرئيسية إلى الأبد'.
الربط بين ارتفاع اسعار الايجارات وارتفاع اسعار السلع والخدمات، على اعتبار ان الاول يؤدي الى الثاني، دفع رجل الاعمال محمد كاظم الانصاري الى الدعوة لبناء مزيد من الوحدات السكنية لتحقيق زيادة في العرض، وفقا لفلسفة السوق: كلما زاد المعروض قل السعر.
تسهيل القروض
لكن الأنصاري وهو أحد أبرز المستثمرين العقاريين في قطر، يرى من الأهمية بمكان ضرورة الاهتمام بتنوع الوحدات السكنية الجديدة، بحيث لا تكون موجهة فقط للطبقات الغنية والقادرة على دفع القيم الايجارية المرتفعة، 'مثلما يحصل الان، حيث معظم المباني الجديدة هي ابراج وفلل من النوع الفاخر والباهظ الثمن'، يقول: 'من المهم أيضا أن تكون سياسة البناء مدروسة، بحيث تحقق حلا لمشكلة ارتفاع الإيجارات من دون أن تسبب آثارا سلبية على قطاع العقار الذي اجتذب في السنوات القليلة الماضية نسبة كبيرة من مدخرات المواطنين'.
عندما تراجعت بورصة الدوحة في 2006 الى مستويات متدنية، وفقدت الاسهم اكثر من 50% من قيمتها، اتجه عدد كبير من المواطنين الى القطاع العقاري لتعويض خسائرهم في الاسهم، ما زاد من الضغط على القروض العقارية.
يرى الانصاري إن تسهيل القروض العقارية قد يسهم فى زيادة ونمو القطاع العقاري، لكنه ليس الحل الأمثل، 'فزيادة القروض العقارية قد تأتي على حساب ودائع العملاء لدى البنوك أو قد تأتي على حساب القطاع التجارى والائتماني' يقول مفسرا: 'عندما حدد المصرف المركزى سقف ال 15% للإقراض العقاري، كانت لديه نظرة شاملة للقطاعات الاقتصادية والإنتاجية ككل وليس لقطاع بعينه'، ورغم ذلك، فالانصاري يؤيد زيادة سقف القروض العقارية، ولكن بنسبة تتناسب مع حجم الطفرة العمرانية الحاصلة الآن، وشريطة ألا يضر ذلك بالقطاعات الأخرى.
التضخم.. كبوة حصان الاقتصاد القطري
عدد القراء: 17
ارتفاع أسعار العقارات أبرز مسببات التضخم في قطر
30/06/2007
الدوحة - القبس:
نمو الاقتصاد القطري في السنوات الثلاث الاخيرة بمعدل 33.5% حسب ارقام رسمية لمصرف قطر المركزي، وضع قطر في مأزق اقتصادي، اذ اقترن هذا النمو غير المسبوق، بارتفاع غير مسبوق ايضا في معدل التضخم 11.4%.
هذا التضخم اصبح بمنزلة الشبح الذي يطارد الاقتصاد القطري، وتطارده الجهات الرسمية وحتى غير الرسمية، في محاولة للحد من اتجاهه التصاعدي، فتشكلت - بقرار من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني- لجنة حكومية مهمتها السيطرة على التضخم وكبح جماحه، وعقدت اللجنة أكثر من اجتماع بحضور الأمير شخصيا.
تشكيل اللجنة لم يكن اولى الخطوات التي عبرت عن اهتمام رأس الدولة شخصيا بموضوع التضخم، فالامير دق ناقوس الخطر عندما اعلن في خطابه امام مجلس الشورى في نوفمبر 2006، بأنه لا بد من مواجهة التضخم من خلال إجراءات حكومية على ارض الواقع، موضحا - أي الامير- ان الارتفاع التصاعدي للتضخم منذ 2004 سببه الزيادة العالمية في اسعار الواردات، ومعدل النمو المرتفع للاقتصاد القطري، مما أدى الى اختناقات لم يتمكن فيها العرض من الاستجابة الكاملة للطلب المتزايد، فارتفعت اسعار المساكن- احد اهم مكونات التضخم - وانعكس ذلك على قطاعات اخرى كالمواد الغذائية والخدمات والفنادق.
الاجراءات التي اتخذتها الحكومة قبل خطاب الامير، اقتصرت على تشريع قانون مؤقت للايجارات نص على حد أعلى للزيادة السنوية في الايجارات السكنية لا تتجاوز نسبته 10%، لكن هذا الاجراء لم يكن كافيا بنظر رجل الاعمال يوسف الكواري، ويقول ان العديد من ملاك العقارات تحايلوا على القانون، كما ان القانون جاء بعدما كانت اسعار الايجارات قد حلقت في السماء، ووصلت الى ارقام فلكية.
دور الدولة
ويرى الكواري ان للدولة دور غير مباشر في تحديد أسعار الايجارات السكنية، حيث أن الحكومة ومؤسساتها والشركات التابعة لها تستأثر بنسبة 50% من سوق الايجارات، 'فاذا حددت اسعار تعاقدها مع الملاك بسعر مناسب، فسوف يساعد ذلك على استقرار اسعار ايجارات الوحدات السكنية'.
اذا كانت الايجارات السكنية تستحوذ على 20% من مؤشر أسعار المستهلك الذي يقيس التضخم - حسب ارقام مصرف قطر المركزي، فان ارتفاعها بنسبة 64% خلال عام 2006 حسب وزارة الاقتصاد، يجعلها السبب الرئيسي في ارتفاع التضخم الى هذا المستوى، خاصة ان ارقام المصرف المركزي تبين ان نسبة التضخم في الاقتصاد القطري تقف عند 3.4% خارج قطاع البناء والتشييد.
بالنسبة لاحد الخبراء الاقتصاديين، فان ارتفاع نسبة التضخم في قطر لم ينتج عن انخفاض في سعر صرف العملة الوطنية (الريال)، مثلما يحدث عادة في دول عديدة، مؤكدا أن سعر صرف الريال مستقر، وإن كان يتأثر بين حين وآخر بتراجع الدولار، ولكن هذا التأثير محدود، موضحا أن المصرف المركزي الذي يقوم على إدارة السياسة النقدية لتحقيق سياسة الأسعار، يعمل بشكل متواصل للمحافظة على استقرار سعر الريال واستقرار الاسعار في السوق من خلال التأثير في سعر الفائدة.
اختلال العرض والطلب
ويعتقد الخبير الاقتصادي الذي طلب إغفال اسمه أن السبب الاساسي لارتفاع نسبة التضخم، يتمثل في وجود اختلال واضح في موازين العرض والطلب على السلع والخدمات، اما سبب هذا الاختلال -كما يؤكد، فيرجع الى النمو المتسارع للاقتصاد القطري بمعدل 33.5 في المائة سنويا بالاسعار الجارية في السنوات الثلاث الماضية، ويتابع: 'هذا النمو ادى الى خلق طلب شديد على جميع السلع والخدمات، بما يفوق المعروض، خاصة في ظل الزيادة السكانية المرتبطة باستقدام مزيد من العمالة الوافدة لتغطية جزء كبير من الوظائف الجديدة'.
ويرى أن خطة تطوير الدوحة وما رافقها من هدم لأعداد كبيرة من المباني القديمة، احدث خللا في ميزان العرض والطلب بالنسبة للوحدات السكنية، 'فالفترة الواقعة ما بين هدم تلك المباني وتشييد مباني جديدة، تستغرق من سنتين الى ثلاث سنوات على اقل تقدير'، واصفا تلك الفترة بأنها فترة الذروة بالنسبة لارتفاع معدل التضخم.
هذه المسألة عبر عنها وزير المالية يوسف كمال عندما أعلن في حديث متلفز، عن تعليمات حكومية بعدم اخلاء وهدم العقارات المستملكة للدولة الا بعد توفير البديل من المباني الجديدة، حتى لا تتفاقم ازمة المساكن، مؤكدا تشديد الاجراءات المتعلقة بقانون الايجارات المؤقت، بحيث لا يستطيع المالك رفع قيمة الايجار باكثر من النسبة المحددة ب 10% سنويا، 'واذا اراد عكس ذلك فمن حق المستاجر ان يودع قيمة الايجار لدى المحكمة'.
سد الثغرات
حمى الطلب على مواد البناء خلال فترة اعداد وتشييد المباني المتعلقة بدورة الالعاب الآسيوية التي استضافتها قطر في ديسمبر 2006، كانت عاملا حاسما في ارتفاع اسعار مواد البناء، وساهم الى حد كبير في زيادة التضخم في قطاع الاسكان لكن الخبير الاقتصادي، يرى ان هذا العامل اصبح معطلا الآن، 'فالالعاب انتهت، والضغط الكبير على القطاع العقاري هدأ الى حد ما، مما يجعلنا متفائلين بانفراج قريب في ازمة المساكن، خاصة ان بعض المباني التي تم شغلها خلال الدورة الآسيوية اصبحت متاحة الآن في سوق الايجارات'.
ويرى الخبير الاقتصادي ان علاج التضخم ياتي عن طريق زيادة المعروض من السلع والخدمات بكافة اشكالها، مبديا تفاؤله باللجنة التي شكلها امير دولة قطر للسيطرة على التضخم، ومؤكدا ان اللجنة ستنجح في سد الثغرات الناتجة عن الخلل في ميزان ا لعرض والطلب. كلام الخبير الاقتصادي ينسجم مع ما اعلنه وزير المالية يوسف كمال، بان الدولة تقوم باجراءات عملية لوقف التضخم، من بينها زيادة عدد مصانع الرمل واستيراد بعض مواد البناء من الخارج، وانشاء مصنع جديد للصلب، وهي عوامل- بنظر الوزير، سوف تساعد في تقليل اسعار مواد البناء.
زيادة الرواتب
تحاول الحكومة القطرية من خلال هذه الاجراءات، تقليص ارتفاع التضخم ليصل الى 6% قبل نهاية العام الجاري، وتخفيف الآثار السلبية للتضخم الحالي على المواطنين والمقيمين، حيث أنه في هذا السياق جاء القرار الاميري في ديسمبر 2006 بزيادة رواتب الموظفين المدنيين والمتقاعدين بنسبة 4%.
بعض المحللين الاقتصادين فسروا هذه الزيادة بانها الاجراء الحكومي الاول لمواجهة التضخم، بعد خطاب الامير في مجلس الشورى، لكنهم حذروا من استغلال التجار لهذه الزيادة في زيادة اسعار المواد الاستهلاكية.
تحذير المحللين جاء في مكانه، فقد ارتفعت اسعار السلع بعد قرار زيادة الرواتب، بأكثر من 20% حسب احصائيات غير رسمية: فارتفع سعر كيلو اللحم الاسترالي من 20 ريالا الى 23 ريالا، كما ارتفعت الرسوم الدراسية للطالب الواحد من 3500 ريالا الى 4500 ريالا للفصل الدراسي الواحد، ليصبح موظفو القطاع الخاص هم اكبر المتضررين من زيادة رواتب موظفي الحكومة، فاسعار السلع ارتفعت، في حين بقيت رواتبهم كما هي، ما اوجد حالة من الضغط على اصحاب الشركات لزيادة رواتب العاملين لديهم.
امام هذا الضغط، يقول رجل الاعمال عبد الهادي الشهواني ان بعض الشركات زادت رواتب المديرين ومسؤولي المشاريع واهملت بقية الموظفين، لكنه في الوقت نفسه، لا يرى حاجة ملحة لزيادة رواتب العاملين في القطاع الخاص اسوة بموظفي الحكومة، ويقول ان غالبية العاملين في القطاع الخاص جاءوا الى قطر بعقود مبرمة بينهم وبين جهات العمل التي تؤمن لهم السكن والمواصلات والتأمين الصحي، وبالتالي فإنهم - كما يعتقد - لم يتأثروا بارتفاع التضخم.
ظاهرة ظرفية
ارتفاع التضخم اصبح من الاسباب الرئيسية التي تعيق جلب الاستثمارات الخارجية، لكن رجل الاعمال محمد بن طوار، يعتقد ان ظاهرة ارتفاع التضخم هي ظاهرة ظرفية وان تأثيرها على التدفقات الاستثمارية نحو قطر محدود، نظرا للامكانات الاستثمارية الكبرى التي يقدمها الاقتصاد القطري في جميع المجالات وخصوصا الصناعة والسياحة.
ويرى بن طوار وهو عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة قطر، ان التضخم يعود الى ارتفاع أسعار مواد البناء والغلاء العالمي، ويضيف أن استيراد مواد البناء بأسعار أقل من السوق المحلي سوف يخفض تكلفة البناء، ما سيقود بالتالي الى تخفيض نسبة التضخم.
ولا يؤيد بن طوار تعويم العملة القطرية أو ربطها بسلة عملات، 'لأن الدولار لا يزال عملة عالمية مدعومة من أكبر اقتصاد في العالم، إلى جانب أن النفط لا يزال يسعر بالدولار' يقول: 'حتى لو جاءنا التضخم بسبب انخفاض الدولار، فهذا لا يعني أن الدولار سيظل عند مستوياته المتدنية امام العملات الرئيسية إلى الأبد'.
الربط بين ارتفاع اسعار الايجارات وارتفاع اسعار السلع والخدمات، على اعتبار ان الاول يؤدي الى الثاني، دفع رجل الاعمال محمد كاظم الانصاري الى الدعوة لبناء مزيد من الوحدات السكنية لتحقيق زيادة في العرض، وفقا لفلسفة السوق: كلما زاد المعروض قل السعر.
تسهيل القروض
لكن الأنصاري وهو أحد أبرز المستثمرين العقاريين في قطر، يرى من الأهمية بمكان ضرورة الاهتمام بتنوع الوحدات السكنية الجديدة، بحيث لا تكون موجهة فقط للطبقات الغنية والقادرة على دفع القيم الايجارية المرتفعة، 'مثلما يحصل الان، حيث معظم المباني الجديدة هي ابراج وفلل من النوع الفاخر والباهظ الثمن'، يقول: 'من المهم أيضا أن تكون سياسة البناء مدروسة، بحيث تحقق حلا لمشكلة ارتفاع الإيجارات من دون أن تسبب آثارا سلبية على قطاع العقار الذي اجتذب في السنوات القليلة الماضية نسبة كبيرة من مدخرات المواطنين'.
عندما تراجعت بورصة الدوحة في 2006 الى مستويات متدنية، وفقدت الاسهم اكثر من 50% من قيمتها، اتجه عدد كبير من المواطنين الى القطاع العقاري لتعويض خسائرهم في الاسهم، ما زاد من الضغط على القروض العقارية.
يرى الانصاري إن تسهيل القروض العقارية قد يسهم فى زيادة ونمو القطاع العقاري، لكنه ليس الحل الأمثل، 'فزيادة القروض العقارية قد تأتي على حساب ودائع العملاء لدى البنوك أو قد تأتي على حساب القطاع التجارى والائتماني' يقول مفسرا: 'عندما حدد المصرف المركزى سقف ال 15% للإقراض العقاري، كانت لديه نظرة شاملة للقطاعات الاقتصادية والإنتاجية ككل وليس لقطاع بعينه'، ورغم ذلك، فالانصاري يؤيد زيادة سقف القروض العقارية، ولكن بنسبة تتناسب مع حجم الطفرة العمرانية الحاصلة الآن، وشريطة ألا يضر ذلك بالقطاعات الأخرى.