المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لبـنان وفلـسطين والـعراق : سـنة كـبيسة



معاند جروووحه
02-07-2007, 10:23 PM
:o :o
لبـنان وفلـسطين والـعراق : سـنة كـبيسة

علاقة للسنة الميلادية بالسياسة. وهي ليست سنة سياسية كما السنة المالية أو السنة الدراسية. لا يبدأ حدث سياسي مع بدايتها، ولا ينتهي حدث على رأس السنة، أي عند أخمص قدم السنة الجديدة، أو عند قاعها (يتوقف اختيار مفردة تدل على عكس الـ«رأس» على مزاج القائل أو الكاتب).

أو نبدأ السنة بالعكس من الرأس نزولا، فما أن يحل يوم 31 من كانون الأول ديسمبر إلا ونحن في أسفل العام... على كل حال، مهما فردنا السنوات التي في جعبة هذا العمر وتفحصناها فلن نجد بداية أو نهاية لحدث يرتبط بها إلا ملايين التعساء أو المتلهين الذين قرروا أنهم سوف يبدؤون يوم 1 كانون الثاني يناير نظاما غذائيا لتنزيل الوزن، أو سيقلعون عن التدخين، الملايين ممن سوف يعيدون الكرّة في العام المقبل.

تبدأ سنة ذات معنى للملايين، هي السنة الدراسية، مع بداية أيلول. ونقصد هناك حيث يقف الناس على أرجلهم شمال الكرة الأرضية، أما في جنوبها حيث يقفون على رؤوسهم فحسناً تبدأ السنة الدراسية في يوم آخر في استراليا والبرازيل وغيرها، وبقية العام كرنفال. ويعرف من يقرأ هذا الكاتب، الذي يصر على لقب مستهجن هو «كاتب عربي» متحملاً السؤالين الثقيلي الظل: «لماذا يقول عربي؟ ولماذا لا يقول فلسطيني؟»، إنه يتشاءم من أيلول، ليس فقط لأنه لم يحب اليوم الأول في المدرسة مهما تذكر باحثاً عن «ثقافة الفرح» فيه، بل أيضاً لأن السياسيين يميلون لارتكاب الحماقات في أيلول، لا لسبب إلا عودتهم من العطلة الصيفية، ولأن كثيرين ممن يحبهم ماتوا في أيلول، رغم أن بعض من يحبهم ولدوا فيه، ولأن 11 أيلول ومجزرة صبرا وشاتيلا مثل أيلول الأسود وقعت في أيلول، ولأن افتتاح الهيئة العامة للأمم المتحدة تجمع كل متوسطي الذكاء في العالم في قاعة واحدة غير متوسطة في أيلول، ويخطب فيهم بداية رئيس الولايات المتحدة. ولأن الموعد قريب من 11 أيلول لا بد أن نسمع نظرياته عن الديموقراطية والإرهاب والإسلام... وغيرها من القضايا التي سوف تحدد مفردات طلبات جمعيات كثيرة في «بلاد العرب أوطاني من الشام لتطوان» للتمويل من السوق الأوروبية للعام المقبل.

أما الظاهرة السياسية الثقافية التي قلما ينتبه إلى توقيتها أحد بارتباطها بعشية رأس السنة فهو تزايد عدد المؤتمرات. والسبب انه يجب أن تصرف ميزانيات مرصودة في بعض المؤسسات ولم تصرف، وأفضل طريقة لصرف سريع هو عقد مؤتمر سريع يدعونك للحديث فيه قبل أسبوع أو أسبوعين من انعقاده. يصعب أن نجد سببا أوجه لعقد مؤتمر... أو لديك ظاهرة معكوسة هي شحة الميزانية، فمؤسسات أخرى صرفت كل ما لديها، فتأخر دفع راتب شهرين. ويقع هذا التأخير عشية الأعياد «الكبيسة» التي سوف تكبس على جيب الناس طيلة أسبوعين يحتويان الطواف حول الكعبة والطواف حول بيت لحم مهد المسيح عليه السلام (بسبب الجدار)، كلهم حُشروا أو كُبسوا سوية هذا العام لا فضل على رأسه لمسيحي على مسلم إلا بالشكوى.

ولذلك فعندما توجه إلي الصديق رئيس التحرير لنظرة «بانورامية» (يا لطيف ملا بانوراما!! باللبناني) في هذه المناسبة التي يختلط فيها «ليلة عيد» و«جنجل بيلز» مع «لبيك اللهم لبيك»، وددت لو أقول له إنها مجرد «روزنامة غريغورية». وحتى اعتمادها كانت غالبية أوروبا المسيحية تعتبر يوم 25 آذار (يوم البشارة) بداية العام، وقد عاش الناس في بريطانيا من دون هذه «الروزنامة» حتى عام 1715 وفي الأجزاء البروتستانتية من ألمانيا حتى عام 1700 واعتمدتها روسيا فقط بعد الثورة أي عام ,1918 خذ إذاً بعداً ثورياً أيضاً للسنة التي باتت سنة مدنية وليست ميلادية. وترددت أن انصحه بالاستمرار في التدخين في ذلك اليوم الفاتح من لا شيء، والإقلاع بدلاً عن ذلك عن عادة السياسة، فهذه وحدها كفيلة بتحويل السنة الميلادية إلى سنة سياسية له ولعائلته ولصحته على الأقل.

كانت هذه مقدمة لا بد منها لكي أبرر رفضي الكتابة الموسمية التي لا أتقنها، ولكي ادخل في موضوع غير موسمي يرافقنا منذ ما قبل رأس السنة السابقة وسوف يتجاوز على ما يبدو أخمص السنة القادمة أيضا.