مغروور قطر
02-09-2005, 04:37 AM
تجارة الأسهم والهوس الاجتماعي
د. محمد رمادي
يبدو ان الناس تنسى مع الزمن بعض الاحداث الهامة والمؤثرة مع ان مثل هذه الاحداث قد سببت الكثير من الالام والمتاعب الاقتصادية في حينها. ولعل من اهم هذه الاحداث سلسلة النتائج المأساوية التي نتجت عن انهيار سوق الاوراق المالية الرسمي وغير الرسمي في الكويت والذي عرف بـ (سوق المناخ) في بداية عقد الثمانينيات من القرن الماضي. وقد استمرت النتائج المأساوية لانهيار سوق المناخ لسنوات لاحقة عديدة تمثلت في افلاس العديد من الشركات والعائلات الكبيرة, وظهور العديد من المشاكل الاجتماعية وحتى انهيار بعض الافراد عقليا وعصبيا.
فقد وجد الكثير من الافراد انفسهم مفلسين وتراكمت عليهم الديون والمتاعب بعد ان كونوا ثروات طائلة على الورق نتيجة الاتجار بالاسهم في سوق المناخ.
وقد تعرض الاقتصاد الكويتي لمخاطر عديدة نتيجة لهذه الاحداث تمثلت فيما قيمته 70 مليار دينار شيكات مؤجلة بدون رصيد تهدد الشركات الشرعية القائمة وتلك الشركات الوهمية التي انشئت على الورق فقط دون وجود سجل عملي لها على ارض الواقع.
لقد كان العامل الاساسي المحرك لهذه الاحداث هو توافر السيولة المحلية للمجتمع ككل, واندفاع الناس لتحقيق ارباح سهلة بالاتجار في الاسهم.
ومع ان الاتجار في الاسهم في المملكة لم يصل الى مستوى سوق المناخ, ووجود فروقات جوهرية بين الحالتين اهمها ان الشركات التي يجري الاتجار في اسهمها في السعودية حاليا هي شركات حقيقية وليست وهمية ويشرف عليها مدققون مستقلون قبل ادراجها في السوق المالي, الا ان الاتجاه العام خلال السنتين الماضيتين قد يؤدي الى حدوث بعض المتاعب في المدى الطويل.
من الناحية الاقتصادية فان الرغبة في تحقيق ارباح سريعة من تجارة الاسهم تؤدي الى ضخ الاموال في هذا القطاع على حساب القطاعات الاقتصادية الاخرى كالقطاع الصناعي او مشاريع البنية التحتية وغيرها التي لا تحقق عوائد مالية سريعة كالاستثمار في القطاع المالي, وعادة ما تكون مخاطر الاستثمار فيها اعلى. لكن مثل هذه المشاريع يعتمد عليها المجتمع في بناء قاعدة انتاجية واقتصادية متنوعة وقابلة للاستمرار وقادرة على تحقيق فرص عمل وتوليد الدخل لسنوات عديدة لاحقة.
لكن يبدو ان الجميع في عجلة من امره لتحقيق مكاسب مالية سريعة, حيث ان هناك قلة من المتعاملين في سوق الاسهم تلجأ الى تقييم قراراتها الاستثمارية على اسس اقتصادية وعلمية مدروسة تتعلق بتقييم مخاطر وعوائد الشركات, ودراسة ربحية الشركات, ونسبة السعر الى العائد لاسهمها وغيرها من الاساسيات الاقتصادية الاخرى التي قد تفيد في الاشارة الى مقدار المخاطر التي يمكن ان يتحملها المستثمر نتيجة الاتجار في اسهم بعض الشركات.
ولم يقتصر الامر هنا على الافراد بل ان بعض المؤسسات المالية الكبيرة انجذبت هي الاخرى الى فخ تحقيق الارباح الكبيرة والسريعة, حيث قامت بالتوسع في تقديم التسهيلات للمستثمرين في الاسهم, والحصول على عمولات كبيرة من صفقات الاتجار بالاسهم التي تتم من خلالها فاصبحت نتيجة لذلك تتردد في تقديم الائتمان الى المشاريع الاقتصادية والاستثمارية الاخرى ذات المخاطر العالية والتي لا تتحقق نتائجها المالية الا في المدى الطويل.
ان التاريخ قد يعيد نفسه حيث توجد شواهد عديدة على فترات انتعاش في سوق الاسهم تلتها انهيارات مدوية وكارثية ولعل اشهر حادثة هنا ما يعرف بفقاعة بحر الجنوب في العام 1720م وحادثة يوم الاثنين في اكتوبر 1987م حيث انهارت اسواق المال العالمية انهيارا صاعقا ومدويا.
الفرق الوحيد اليوم هو ان حجم تجارة الاسهم والقيمة السوقية لها اكبر بكثير وبالتالي فان انخفاضا مقداره 5 الى 10 بالمائة في اسعار الاسهم في يوم واحد والذي كان يمكن ان يؤدي الى حدوث ارباكات كبيرة في الماضي, يتم التعامل معه حاليا بحذر في الوقت الحالي من المستثمرين في الاسهم حيث يقوم اللاعبون الاساسيون في السوق بالضغط على الاسعار لتعاود الصعود في الفترة التالية
د. محمد رمادي
يبدو ان الناس تنسى مع الزمن بعض الاحداث الهامة والمؤثرة مع ان مثل هذه الاحداث قد سببت الكثير من الالام والمتاعب الاقتصادية في حينها. ولعل من اهم هذه الاحداث سلسلة النتائج المأساوية التي نتجت عن انهيار سوق الاوراق المالية الرسمي وغير الرسمي في الكويت والذي عرف بـ (سوق المناخ) في بداية عقد الثمانينيات من القرن الماضي. وقد استمرت النتائج المأساوية لانهيار سوق المناخ لسنوات لاحقة عديدة تمثلت في افلاس العديد من الشركات والعائلات الكبيرة, وظهور العديد من المشاكل الاجتماعية وحتى انهيار بعض الافراد عقليا وعصبيا.
فقد وجد الكثير من الافراد انفسهم مفلسين وتراكمت عليهم الديون والمتاعب بعد ان كونوا ثروات طائلة على الورق نتيجة الاتجار بالاسهم في سوق المناخ.
وقد تعرض الاقتصاد الكويتي لمخاطر عديدة نتيجة لهذه الاحداث تمثلت فيما قيمته 70 مليار دينار شيكات مؤجلة بدون رصيد تهدد الشركات الشرعية القائمة وتلك الشركات الوهمية التي انشئت على الورق فقط دون وجود سجل عملي لها على ارض الواقع.
لقد كان العامل الاساسي المحرك لهذه الاحداث هو توافر السيولة المحلية للمجتمع ككل, واندفاع الناس لتحقيق ارباح سهلة بالاتجار في الاسهم.
ومع ان الاتجار في الاسهم في المملكة لم يصل الى مستوى سوق المناخ, ووجود فروقات جوهرية بين الحالتين اهمها ان الشركات التي يجري الاتجار في اسهمها في السعودية حاليا هي شركات حقيقية وليست وهمية ويشرف عليها مدققون مستقلون قبل ادراجها في السوق المالي, الا ان الاتجاه العام خلال السنتين الماضيتين قد يؤدي الى حدوث بعض المتاعب في المدى الطويل.
من الناحية الاقتصادية فان الرغبة في تحقيق ارباح سريعة من تجارة الاسهم تؤدي الى ضخ الاموال في هذا القطاع على حساب القطاعات الاقتصادية الاخرى كالقطاع الصناعي او مشاريع البنية التحتية وغيرها التي لا تحقق عوائد مالية سريعة كالاستثمار في القطاع المالي, وعادة ما تكون مخاطر الاستثمار فيها اعلى. لكن مثل هذه المشاريع يعتمد عليها المجتمع في بناء قاعدة انتاجية واقتصادية متنوعة وقابلة للاستمرار وقادرة على تحقيق فرص عمل وتوليد الدخل لسنوات عديدة لاحقة.
لكن يبدو ان الجميع في عجلة من امره لتحقيق مكاسب مالية سريعة, حيث ان هناك قلة من المتعاملين في سوق الاسهم تلجأ الى تقييم قراراتها الاستثمارية على اسس اقتصادية وعلمية مدروسة تتعلق بتقييم مخاطر وعوائد الشركات, ودراسة ربحية الشركات, ونسبة السعر الى العائد لاسهمها وغيرها من الاساسيات الاقتصادية الاخرى التي قد تفيد في الاشارة الى مقدار المخاطر التي يمكن ان يتحملها المستثمر نتيجة الاتجار في اسهم بعض الشركات.
ولم يقتصر الامر هنا على الافراد بل ان بعض المؤسسات المالية الكبيرة انجذبت هي الاخرى الى فخ تحقيق الارباح الكبيرة والسريعة, حيث قامت بالتوسع في تقديم التسهيلات للمستثمرين في الاسهم, والحصول على عمولات كبيرة من صفقات الاتجار بالاسهم التي تتم من خلالها فاصبحت نتيجة لذلك تتردد في تقديم الائتمان الى المشاريع الاقتصادية والاستثمارية الاخرى ذات المخاطر العالية والتي لا تتحقق نتائجها المالية الا في المدى الطويل.
ان التاريخ قد يعيد نفسه حيث توجد شواهد عديدة على فترات انتعاش في سوق الاسهم تلتها انهيارات مدوية وكارثية ولعل اشهر حادثة هنا ما يعرف بفقاعة بحر الجنوب في العام 1720م وحادثة يوم الاثنين في اكتوبر 1987م حيث انهارت اسواق المال العالمية انهيارا صاعقا ومدويا.
الفرق الوحيد اليوم هو ان حجم تجارة الاسهم والقيمة السوقية لها اكبر بكثير وبالتالي فان انخفاضا مقداره 5 الى 10 بالمائة في اسعار الاسهم في يوم واحد والذي كان يمكن ان يؤدي الى حدوث ارباكات كبيرة في الماضي, يتم التعامل معه حاليا بحذر في الوقت الحالي من المستثمرين في الاسهم حيث يقوم اللاعبون الاساسيون في السوق بالضغط على الاسعار لتعاود الصعود في الفترة التالية