مغروور قطر
05-07-2007, 04:59 AM
القطاع المصرفي القطري حقق نتائج ممتازة وخبرات واسعة
الدكتور أديب ميالة حاكم مصرف سوريا المركزي يتحدث لالراية:
دخول المصارف القطرية إلي سوريا فرصة كبيرة لتطور القطاع المصرفي فيها
مؤتمر الريادة والإدارة الرشيدة شكل فرصة ثمينة لتبادل الخبرات وتلاقي العقول
القطاع المصرفي السوري لم يتأثر أبداً بالضغوط الخارجية
عازمون علي فك ارتباط الليرة السورية بالدولار الأمريكي .. ولا تعويم
هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب تطبق المعايير الدولية
ارتفاع أسعار العقارات في سوريا لا يرتبط بعمليات غسل الأموال
دمشق - الراية - شادي جابر :
أكد الدكتور أديب ميالة حاكم مصرف سوريا المركزي أن القطاع المصرفي في دولة قطر حقق نتائج ممتازة من جميع النواحي وبالمقاييس كافة، مشيراً إلي أن تطور هذا القطاع هو نتيجة طبيعية لتطور الاقتصاد القطري في مختلف القطاعات منذ العام 2002.
وأثني في حوار مع "الراية" علي التجربة العريقة والخبرة الواسعة للمصارف الإسلامية والتقليدية في دولة قطر، منوهاً بأن دخول هذه المصارف إلي السوق السورية يشكل فرصة كبيرة أمام القطاع المصرفي السوري للتطور.
ويُعتبر الدكتور ميالة من الشخصيات الاقتصادية البارزة في سوريا. عهد إليه مهمة إجراء إصلاحات في القطاع المصرفي السوري، ونجح خلال فترة عمله كحاكم لمصرف سوريا المركزي في تحقيق نقلة نوعية شملت العديد من مجالات العمل المصرفي في سوريا.
"الراية" التقت الدكتور "أديب ميالة" حاكم مصرف سوريا المركزي وكان الحوار التالي:
نبدأ من مشاركتكم في مؤتمر الريادة والإدارة الرشيدة في القطاع المصرفي الذي عقد مؤخراً في قطر.. كيف وجدتم هذا المؤتمر.. وما هي أبرز المحاور التي استوقفتكم فيه؟
-لقد شكل مؤتمر الريادة والإدارة الرشيدة فرصة ثمينة أتاحت إمكانية تبادل الخبرات في مجال الحوكمة وتلاقي العقول في المجال المصرفي، لتبادل الأفكار والتجارب بما يُفعّل التواصل الإيجابي بين الجهات المصرفية المختلفة.
أما عن أبرز المحاور التي تداولها المؤتمر فيمكن الحديث عن النقاش الذي دار حول الركائز الأساسية للحوكمة والمتمثلة في الشفافية والإفصاح، إضافة إلي مكافحة الفساد الإداري والمالي وضرورة تطبيق المعايير المحاسبية الدولية، سواء في مجال كفاية رأس المال أو في مجال مكافحة غسل الأموال والإرهاب، وبالتالي التشديد علي أهمية السلطات الرقابية المصرفية ذات الدور الأساسي في لفت انتباه المسؤولين في الإدارات الرئيسية للمؤسسات المالية حول أي قصور تحتاج هذه المؤسسات إلي تلافيه.
ومن أهم النقاط التي طرحها المؤتمر أيضاً تلك المتعلقة بمجلس إدارة المؤسسات المالية ورئاسة هذا المجلس، بما في ذلك الأسس المتبعة في اختيار أعضاء مجلس الإدارة، والذي يجب أن يتكون من أشخاص يمثلون المساهمين تمثيلاً جيداً، إضافة إلي منع الازدواجية بين مهام المدير العام وعضوية مجلس الإدارة أو رئاسته.. إلي جانب الحرص علي تجنب تضارب المصالح خاصة بين عضوية مجلس الإدارة في المؤسسات المالية وعضوية هيئات الرقابة والإشراف.
وأضاف: تمت مناقشة العديد من الجوانب المتعلقة بالحوكمة والإدارة الرشيدة، علي صعيد أسواق المال، بما في ذلك التنويع للمنتجات الاستثمارية وتطوير أسواق أدوات الدين، وبالذات أسواق السندات، وضرورة تفعيل التكنولوجيا الحديثة والوسائل التقنية التي تتضمن المؤهلات والكفاءات والبني التحتية والمؤسساتية.
وفي النهاية أود أن أشير إلي أن مصرف سوريا المركزي في سعي مستمر للوصول إلي تطبيق كامل وسليم لمبادئ الحوكمة والإدارة الرشيدة عن طريق الشفافية في السياسات المتبعة مع السوق المالي، وتطوير عملية الرقابة المصرفية بما يتناسب ومعايير "بازل" والأعراف المحاسبية الدولية، هذا إلي جانب الجهد الكبير المبذول علي صعيد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والذي كلل أخيرا بانضمام سوريا إلي مجموعة "إيغمونت"، إضافة إلي السعي المستمر لتطوير القوانين الناظمة لعمل السوق المالي وفقاً لركائز الإدارة الرشيدة والحوكمة.
القطاع المصرفي القطري
من خلال زياراتك المتكررة لدولة قطر وتواصلك مع الشخصيات والمؤسسات المصرفية فيها.. كيف وجدت القطاع المصرفي والمالي في هذا البلد؟
- لا شك أن النتائج التي حققها القطاع المصرفي القطري هي نتائج ممتازة من جميع النواحي وبكافة المقاييس، سواء من ناحية زيادة معدلات نمو الودائع والتسليفات أو من حيث ارتفاع نسبة الأرباح أو من ناحية قدرة السوق القطرية علي اجتذاب مزيد من المصارف الإسلامية والتقليدية. ويأتي تطور القطاع المصرفي القطري كنتيجة طبيعية لتطور الاقتصاد القطري، والذي تشهده جميع القطاعات منذ العام 2002. ويقف وراء تطور القطاع المصرفي القطري مجموعة من العوامل، لعل أهمها تطور التشريعات والقوانين التي تحكم العمل المصرفي. وهناك ناحية هامة أخري وهو ما يقوم به مصرف قطر المركزي من أجل تقوية القطاع المصرفي وتنظيم أعماله وفق مبادئ "بازل 2" ومثال ذلك التعليمات المتعلقة باعتماد المقياس المعياري في حساب نسبة كفاية رأس المال وفقا لمبادئ "بازل 2".
التعاون المصرفي بين سوريا وقطر
أين وصلت العلاقات الاقتصادية بين سوريا و قطر، لا سيما في قطاع البنوك والمصارف الإسلامية.. وهل ثمة مشاريع جديدة مشتركة في المستقبل القريب بعد تأسيس مصرف سوريا الدولي الإسلامي؟
-في ظل الانفتاح الاقتصادي وضمن توجهات الخطة الخمسية العاشرة في الجمهورية العربية السورية، ونهج جذب الاستثمارات الدولية والعربية إلي سوريا بشكل عام، وبهدف تطوير العلاقات السورية القطرية، كان هناك مبادرات جادة من الجانب القطري للاستثمار في القطاع المالي والمصرفي في سوريا، وقد يكون علي رأس هذه المبادرات مساهمات شخصيات اعتبارية وطبيعية قطرية في تأسيس بنك سوريا الدولي الإسلامي خلال عام 2006، والذي يعتبر من أوائل المصارف الإسلامية التي دخلت السوق السورية، حيث بلغت نسبة مساهمة الجانب القطري "49% من رأس مال البنك الإسلامي البالغ 5 مليارات ليرة سورية وفق القوانين والأنظمة المصرفية المطبقة في سوريا، وتم طرح 51% من رأس المال للاكتتاب العام للمواطنين السوريين، وتجدر الإشارة هنا إلي ما تتمتع به الشخصيات الاعتبارية القطرية من خبرة رائدة في المجال المصرفي والمالي والتجاري "بنك قطر الدولي الإسلامي ، شركة البروق التجارية ، الشركة الإسلامية القطرية للتأمين ، شركة المشاريع الخاصة"، إلي جانب الوضع المالي والسمعة الجيدة للشخصيات الطبيعية القطرية، ويعتبر ذلك الخطوة الأولي علي صعيد جذب الاستثمارات القطرية إلي سوريا، فهناك اليوم استفسارات كثيرة من جانب مستثمرين قطريين بهدف التوجه نحو استثمارات مستقبلية في سوريا، وعلي سبيل المثال تقدم بنك قطر مؤخراً للحصول علي ترخيص للعمل كبنك تقليدي.
في ظل التجربة القطرية الرائدة في هذا المجال.. هل بحثتم تفعيل التعاون من أجل تطوير القطاع المصرفي في سوريا؟
- إن دخول المصارف القطرية الإسلامية منها أو التقليدية إلي السوق السورية، حاملة معها نتاج تجربتها العريقة وخبرتها الواسعة، هو فرصة كبيرة أمام القطاع المصرفي السوري للتطور، سواء من حيث المنافسة التي سيخلقها دخول مثل هذه المصارف إلي السوق السورية أو من حيث الخبرة الرائدة لهذه المصارف والتي سيتم توطينها لدي المصارف السورية.
سعر الصرف وتعويم الليرة
نجح مصرف سوريا المركزي في المحافظة علي سعر صرف الليرة مقابل العملات الأخري لاسيما الدولار الأمريكي، وأدي تدخل المصرف إلي استقرار ملموس في أسعار الصرف.. هل هذا الاستقرار الحاصل يعني صرف النظر عن خطط تعويم الليرة التي كانت مطروحة في السابق في إطار الانفتاح الاقتصادي الذي تنتهجه الحكومة السورية، خاصة مع الإعلان عن الرغبة بفك ارتباط الليرة السورية بالدولار الأمريكي؟
- بداية لا بد من التأكيد علي أن استقرار سعر صرف الليرة السورية يمثل الهدف المعلن للسياسة النقدية علي الأمد المتوسط، وقد نجحت السياسة النقدية في تحقيق هذا الهدف خلال الفترة المنصرمة من منظورين اثنين منظور السياسات الإسعافية ومنظور السياسات الوقائية.
فمن منظور السياسات الإسعافية: نجحت السياسة النقدية خلال الفترة المنصرمة في مواجهة أزمة سعر الصرف التي عصفت بالليرة السورية خلال عام 2005، حيث قام مجلس النقد والتسليف برفع معدلات الفائدة الدائنة علي الودائع بالليرة السورية لمرتين متتاليتين، مما أدي إلي الحد من حركة السحوبات بالليرة السورية خارج الجهاز المصرفي، كما قام المجلس أيضاً في ذات الفترة باتخاذ قرار يقضي بالسماح للمصارف بإصدار شهادات إيداع مصرفية حيث يساعد ذلك في امتصاص مزيد من السيولة بالليرة السورية من السوق.
إلي جانب ذلك، ونظراً لكون أثر رفع معدلات الفوائد بحاجة إلي فترة زمنية أطول ليأخذ مفعوله المطلوب، فقد كان لابد من تدخل المصرف المركزي ليقوم بتصحيح دورة القطع الأجنبي في سوريا عن طريق السماح ببيع القطع الأجنبي إلي السوق، وبث مزيد من الثقة في نفوس المتعاملين. لقد نجحت السياسات السابقة مجتمعة في إعادة سعر الصرف إلي مستويات ما قبل الأزمة، كما تمكنت السياسة النقدية أيضاً من إبقاء سعر الصرف عند مستويات منخفضة، علي الرغم من تفاقم حدة الظروف السياسية في المنطقة لاسيما خلال فترة العدوان الإسرائيلي علي لبنان الشقيق.
أما من منظور السياسات الوقائية: فيمكن الحديث عن نجاح السياسة النقدية خلال الفترة الماضية بتأمين المناخ الملائم لتأمين استقرار سعر صرف الليرة السورية، والوصول تدريجياً إلي تطبيق نظام سعر صرف مرن وفعال في الوقت المناسب.
لقد اتسم نظام الصرف في سوريا منذ فترة طويلة، بكونه نظام صرف ثابت متعدد مصحوب بالعديد من القيود علي عمليات الصرف، إضافة إلي وجود هوة بين الموارد والاستخدامات الرسمية للقطع، وقد أدي ذلك إلي نشوء سوق سوداء للقطع الأجنبي والمضاربة علي قيمة الليرة السورية. هذا الواقع وضع خطوات إصلاح السياسة النقدية أمام تحدٍّ كبير يتمثل في الحفاظ علي استقرار سعر الصرف والوصول إلي نظام صرف يتلاءم ومعطيات المرحلة التي تمر بها سوريا نحو اقتصاد السوق الاجتماعي، وقد تمكنت السياسة النقدية من إحراز خطوات كبيرة وجدية في سبيل تحقيق ذلك ويمكن إجمال هذه الخطوات بالتالي:
أولاً: توحيد سعر صرف الليرة السورية واعتماد سعر صرف موحد اعتبارا من بداية عام 2007.
وثانياً: إعادة تنظيم دورة القطع الأجنبي في سوريا عن طريق التحرير الكامل للحساب الجاري من ميزان المدفوعات والترخيص لمهنة الصيرفة وتنظيم مراكز القطع لدي المصارف.
أما فيما يتعلق بموضوع التعويم فقد أعلنا في أكثر من مناسبة بأنه ليس هناك أية نية لدي سوريا لتعويم الليرة السورية. ما تحدثنا عنه هو محاولة الوصول إلي نظام سعر صرف يضمن إدارة فعالة لسعر الصرف. كما أننا أعلنا أننا عازمون خلال الفترة المقبلة علي فك ارتباط الليرة السورية بالدولار الأمريكي، وربطها بوحدة حقوق السحب الخاصة وهذا بعيد كل البعد عن مفهوم تعويم الليرة السورية، ويعود السبب في فك الارتباط لدوافع اقتصادية تتعلق ببنية وهيكل ميزان المدفوعات والشركاء التجاريين لسوريا، وضرورة تأمين مستوي أكبر من الاستقرار في القيمة الخارجية لليرة السورية من خلال ربطها بسلة من العملات التي تتناسب وهيكل ميزان المدفوعات السوري، الأمر الذي يضمن الحد من أثر تقلبات الدولار الأمريكي تجاه العملات الأخري علي قيمة الليرة السورية تجاه هذه العملات.
الدكتور أديب ميالة حاكم مصرف سوريا المركزي يتحدث لالراية:
دخول المصارف القطرية إلي سوريا فرصة كبيرة لتطور القطاع المصرفي فيها
مؤتمر الريادة والإدارة الرشيدة شكل فرصة ثمينة لتبادل الخبرات وتلاقي العقول
القطاع المصرفي السوري لم يتأثر أبداً بالضغوط الخارجية
عازمون علي فك ارتباط الليرة السورية بالدولار الأمريكي .. ولا تعويم
هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب تطبق المعايير الدولية
ارتفاع أسعار العقارات في سوريا لا يرتبط بعمليات غسل الأموال
دمشق - الراية - شادي جابر :
أكد الدكتور أديب ميالة حاكم مصرف سوريا المركزي أن القطاع المصرفي في دولة قطر حقق نتائج ممتازة من جميع النواحي وبالمقاييس كافة، مشيراً إلي أن تطور هذا القطاع هو نتيجة طبيعية لتطور الاقتصاد القطري في مختلف القطاعات منذ العام 2002.
وأثني في حوار مع "الراية" علي التجربة العريقة والخبرة الواسعة للمصارف الإسلامية والتقليدية في دولة قطر، منوهاً بأن دخول هذه المصارف إلي السوق السورية يشكل فرصة كبيرة أمام القطاع المصرفي السوري للتطور.
ويُعتبر الدكتور ميالة من الشخصيات الاقتصادية البارزة في سوريا. عهد إليه مهمة إجراء إصلاحات في القطاع المصرفي السوري، ونجح خلال فترة عمله كحاكم لمصرف سوريا المركزي في تحقيق نقلة نوعية شملت العديد من مجالات العمل المصرفي في سوريا.
"الراية" التقت الدكتور "أديب ميالة" حاكم مصرف سوريا المركزي وكان الحوار التالي:
نبدأ من مشاركتكم في مؤتمر الريادة والإدارة الرشيدة في القطاع المصرفي الذي عقد مؤخراً في قطر.. كيف وجدتم هذا المؤتمر.. وما هي أبرز المحاور التي استوقفتكم فيه؟
-لقد شكل مؤتمر الريادة والإدارة الرشيدة فرصة ثمينة أتاحت إمكانية تبادل الخبرات في مجال الحوكمة وتلاقي العقول في المجال المصرفي، لتبادل الأفكار والتجارب بما يُفعّل التواصل الإيجابي بين الجهات المصرفية المختلفة.
أما عن أبرز المحاور التي تداولها المؤتمر فيمكن الحديث عن النقاش الذي دار حول الركائز الأساسية للحوكمة والمتمثلة في الشفافية والإفصاح، إضافة إلي مكافحة الفساد الإداري والمالي وضرورة تطبيق المعايير المحاسبية الدولية، سواء في مجال كفاية رأس المال أو في مجال مكافحة غسل الأموال والإرهاب، وبالتالي التشديد علي أهمية السلطات الرقابية المصرفية ذات الدور الأساسي في لفت انتباه المسؤولين في الإدارات الرئيسية للمؤسسات المالية حول أي قصور تحتاج هذه المؤسسات إلي تلافيه.
ومن أهم النقاط التي طرحها المؤتمر أيضاً تلك المتعلقة بمجلس إدارة المؤسسات المالية ورئاسة هذا المجلس، بما في ذلك الأسس المتبعة في اختيار أعضاء مجلس الإدارة، والذي يجب أن يتكون من أشخاص يمثلون المساهمين تمثيلاً جيداً، إضافة إلي منع الازدواجية بين مهام المدير العام وعضوية مجلس الإدارة أو رئاسته.. إلي جانب الحرص علي تجنب تضارب المصالح خاصة بين عضوية مجلس الإدارة في المؤسسات المالية وعضوية هيئات الرقابة والإشراف.
وأضاف: تمت مناقشة العديد من الجوانب المتعلقة بالحوكمة والإدارة الرشيدة، علي صعيد أسواق المال، بما في ذلك التنويع للمنتجات الاستثمارية وتطوير أسواق أدوات الدين، وبالذات أسواق السندات، وضرورة تفعيل التكنولوجيا الحديثة والوسائل التقنية التي تتضمن المؤهلات والكفاءات والبني التحتية والمؤسساتية.
وفي النهاية أود أن أشير إلي أن مصرف سوريا المركزي في سعي مستمر للوصول إلي تطبيق كامل وسليم لمبادئ الحوكمة والإدارة الرشيدة عن طريق الشفافية في السياسات المتبعة مع السوق المالي، وتطوير عملية الرقابة المصرفية بما يتناسب ومعايير "بازل" والأعراف المحاسبية الدولية، هذا إلي جانب الجهد الكبير المبذول علي صعيد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والذي كلل أخيرا بانضمام سوريا إلي مجموعة "إيغمونت"، إضافة إلي السعي المستمر لتطوير القوانين الناظمة لعمل السوق المالي وفقاً لركائز الإدارة الرشيدة والحوكمة.
القطاع المصرفي القطري
من خلال زياراتك المتكررة لدولة قطر وتواصلك مع الشخصيات والمؤسسات المصرفية فيها.. كيف وجدت القطاع المصرفي والمالي في هذا البلد؟
- لا شك أن النتائج التي حققها القطاع المصرفي القطري هي نتائج ممتازة من جميع النواحي وبكافة المقاييس، سواء من ناحية زيادة معدلات نمو الودائع والتسليفات أو من حيث ارتفاع نسبة الأرباح أو من ناحية قدرة السوق القطرية علي اجتذاب مزيد من المصارف الإسلامية والتقليدية. ويأتي تطور القطاع المصرفي القطري كنتيجة طبيعية لتطور الاقتصاد القطري، والذي تشهده جميع القطاعات منذ العام 2002. ويقف وراء تطور القطاع المصرفي القطري مجموعة من العوامل، لعل أهمها تطور التشريعات والقوانين التي تحكم العمل المصرفي. وهناك ناحية هامة أخري وهو ما يقوم به مصرف قطر المركزي من أجل تقوية القطاع المصرفي وتنظيم أعماله وفق مبادئ "بازل 2" ومثال ذلك التعليمات المتعلقة باعتماد المقياس المعياري في حساب نسبة كفاية رأس المال وفقا لمبادئ "بازل 2".
التعاون المصرفي بين سوريا وقطر
أين وصلت العلاقات الاقتصادية بين سوريا و قطر، لا سيما في قطاع البنوك والمصارف الإسلامية.. وهل ثمة مشاريع جديدة مشتركة في المستقبل القريب بعد تأسيس مصرف سوريا الدولي الإسلامي؟
-في ظل الانفتاح الاقتصادي وضمن توجهات الخطة الخمسية العاشرة في الجمهورية العربية السورية، ونهج جذب الاستثمارات الدولية والعربية إلي سوريا بشكل عام، وبهدف تطوير العلاقات السورية القطرية، كان هناك مبادرات جادة من الجانب القطري للاستثمار في القطاع المالي والمصرفي في سوريا، وقد يكون علي رأس هذه المبادرات مساهمات شخصيات اعتبارية وطبيعية قطرية في تأسيس بنك سوريا الدولي الإسلامي خلال عام 2006، والذي يعتبر من أوائل المصارف الإسلامية التي دخلت السوق السورية، حيث بلغت نسبة مساهمة الجانب القطري "49% من رأس مال البنك الإسلامي البالغ 5 مليارات ليرة سورية وفق القوانين والأنظمة المصرفية المطبقة في سوريا، وتم طرح 51% من رأس المال للاكتتاب العام للمواطنين السوريين، وتجدر الإشارة هنا إلي ما تتمتع به الشخصيات الاعتبارية القطرية من خبرة رائدة في المجال المصرفي والمالي والتجاري "بنك قطر الدولي الإسلامي ، شركة البروق التجارية ، الشركة الإسلامية القطرية للتأمين ، شركة المشاريع الخاصة"، إلي جانب الوضع المالي والسمعة الجيدة للشخصيات الطبيعية القطرية، ويعتبر ذلك الخطوة الأولي علي صعيد جذب الاستثمارات القطرية إلي سوريا، فهناك اليوم استفسارات كثيرة من جانب مستثمرين قطريين بهدف التوجه نحو استثمارات مستقبلية في سوريا، وعلي سبيل المثال تقدم بنك قطر مؤخراً للحصول علي ترخيص للعمل كبنك تقليدي.
في ظل التجربة القطرية الرائدة في هذا المجال.. هل بحثتم تفعيل التعاون من أجل تطوير القطاع المصرفي في سوريا؟
- إن دخول المصارف القطرية الإسلامية منها أو التقليدية إلي السوق السورية، حاملة معها نتاج تجربتها العريقة وخبرتها الواسعة، هو فرصة كبيرة أمام القطاع المصرفي السوري للتطور، سواء من حيث المنافسة التي سيخلقها دخول مثل هذه المصارف إلي السوق السورية أو من حيث الخبرة الرائدة لهذه المصارف والتي سيتم توطينها لدي المصارف السورية.
سعر الصرف وتعويم الليرة
نجح مصرف سوريا المركزي في المحافظة علي سعر صرف الليرة مقابل العملات الأخري لاسيما الدولار الأمريكي، وأدي تدخل المصرف إلي استقرار ملموس في أسعار الصرف.. هل هذا الاستقرار الحاصل يعني صرف النظر عن خطط تعويم الليرة التي كانت مطروحة في السابق في إطار الانفتاح الاقتصادي الذي تنتهجه الحكومة السورية، خاصة مع الإعلان عن الرغبة بفك ارتباط الليرة السورية بالدولار الأمريكي؟
- بداية لا بد من التأكيد علي أن استقرار سعر صرف الليرة السورية يمثل الهدف المعلن للسياسة النقدية علي الأمد المتوسط، وقد نجحت السياسة النقدية في تحقيق هذا الهدف خلال الفترة المنصرمة من منظورين اثنين منظور السياسات الإسعافية ومنظور السياسات الوقائية.
فمن منظور السياسات الإسعافية: نجحت السياسة النقدية خلال الفترة المنصرمة في مواجهة أزمة سعر الصرف التي عصفت بالليرة السورية خلال عام 2005، حيث قام مجلس النقد والتسليف برفع معدلات الفائدة الدائنة علي الودائع بالليرة السورية لمرتين متتاليتين، مما أدي إلي الحد من حركة السحوبات بالليرة السورية خارج الجهاز المصرفي، كما قام المجلس أيضاً في ذات الفترة باتخاذ قرار يقضي بالسماح للمصارف بإصدار شهادات إيداع مصرفية حيث يساعد ذلك في امتصاص مزيد من السيولة بالليرة السورية من السوق.
إلي جانب ذلك، ونظراً لكون أثر رفع معدلات الفوائد بحاجة إلي فترة زمنية أطول ليأخذ مفعوله المطلوب، فقد كان لابد من تدخل المصرف المركزي ليقوم بتصحيح دورة القطع الأجنبي في سوريا عن طريق السماح ببيع القطع الأجنبي إلي السوق، وبث مزيد من الثقة في نفوس المتعاملين. لقد نجحت السياسات السابقة مجتمعة في إعادة سعر الصرف إلي مستويات ما قبل الأزمة، كما تمكنت السياسة النقدية أيضاً من إبقاء سعر الصرف عند مستويات منخفضة، علي الرغم من تفاقم حدة الظروف السياسية في المنطقة لاسيما خلال فترة العدوان الإسرائيلي علي لبنان الشقيق.
أما من منظور السياسات الوقائية: فيمكن الحديث عن نجاح السياسة النقدية خلال الفترة الماضية بتأمين المناخ الملائم لتأمين استقرار سعر صرف الليرة السورية، والوصول تدريجياً إلي تطبيق نظام سعر صرف مرن وفعال في الوقت المناسب.
لقد اتسم نظام الصرف في سوريا منذ فترة طويلة، بكونه نظام صرف ثابت متعدد مصحوب بالعديد من القيود علي عمليات الصرف، إضافة إلي وجود هوة بين الموارد والاستخدامات الرسمية للقطع، وقد أدي ذلك إلي نشوء سوق سوداء للقطع الأجنبي والمضاربة علي قيمة الليرة السورية. هذا الواقع وضع خطوات إصلاح السياسة النقدية أمام تحدٍّ كبير يتمثل في الحفاظ علي استقرار سعر الصرف والوصول إلي نظام صرف يتلاءم ومعطيات المرحلة التي تمر بها سوريا نحو اقتصاد السوق الاجتماعي، وقد تمكنت السياسة النقدية من إحراز خطوات كبيرة وجدية في سبيل تحقيق ذلك ويمكن إجمال هذه الخطوات بالتالي:
أولاً: توحيد سعر صرف الليرة السورية واعتماد سعر صرف موحد اعتبارا من بداية عام 2007.
وثانياً: إعادة تنظيم دورة القطع الأجنبي في سوريا عن طريق التحرير الكامل للحساب الجاري من ميزان المدفوعات والترخيص لمهنة الصيرفة وتنظيم مراكز القطع لدي المصارف.
أما فيما يتعلق بموضوع التعويم فقد أعلنا في أكثر من مناسبة بأنه ليس هناك أية نية لدي سوريا لتعويم الليرة السورية. ما تحدثنا عنه هو محاولة الوصول إلي نظام سعر صرف يضمن إدارة فعالة لسعر الصرف. كما أننا أعلنا أننا عازمون خلال الفترة المقبلة علي فك ارتباط الليرة السورية بالدولار الأمريكي، وربطها بوحدة حقوق السحب الخاصة وهذا بعيد كل البعد عن مفهوم تعويم الليرة السورية، ويعود السبب في فك الارتباط لدوافع اقتصادية تتعلق ببنية وهيكل ميزان المدفوعات والشركاء التجاريين لسوريا، وضرورة تأمين مستوي أكبر من الاستقرار في القيمة الخارجية لليرة السورية من خلال ربطها بسلة من العملات التي تتناسب وهيكل ميزان المدفوعات السوري، الأمر الذي يضمن الحد من أثر تقلبات الدولار الأمريكي تجاه العملات الأخري علي قيمة الليرة السورية تجاه هذه العملات.