كحيلان
12-07-2007, 08:12 AM
داء من أدواء العصر، أفسد الدنيا و أشغل الناس، أمرض القلوب و آذى الجيوب! إنه... داء "المظاهر".
صحيحٌ أن الله جميل يحب الجمال، و لا مراء أيضاً في كون الإنسان ميالاً بطبعه إلى حب التميز، و لكن أليس حقيقاً كذلك أن الله تعالى نهى عن الإسراف و المخيلة، و أنه سبحانه ينظر إلى القلوب و ما في الصدور؛ لا إلى الأشكال و الصور، و أن المرء مأمور بأخذ الزينة عند كل مسجد، و بالتحلي بصفات التواضع و الصدق ، منهي عن صفات الكبر و الخيلاء و الكذب.
مهما يكن من أمر؛ هل ترى أيها القارئ الكريم أننا نقسو على أنفسنا حين نتساءل:
- لماذا يَحرصُ أحدُنا -بكَلَفٍ شديدٍ- على صَرفِ الأموالِ الطائلةِ في شراءِ سيارةٍ من طرازٍ فاره، و لا نرتضي إلا آخرَ "موديل"؟
- لماذا يعاملُ بعضُ أفرادِ الأمنِ أحياناً الناسَ حسب سياراتهم و فخامتها!!! و بعضُ الموظفين المراجعين حسب هندامهم و طراوتها!!!
- لماذا نجتهدُ في البحث عن "الماركات"المشهورة حين نبتاع "اكسسواراتٍ" خاصةٍ بنا كساعةٍ أو نظارة؟
-لماذا تَصرِفُ بعضُ نسائنا على أدوات الزينة، أو ما يسمى بـ"الماكياج" الآلاف المؤلفة دون أدنى شعور بالحرج أو تأنيب الضمير؟ و لماذا يولين وجهتهن شطر الموضة و يلاحقنها حيثما سارت دون بصر أو تفكير؟ فهل صدق القائل: (إذا أردت أن تصيب المرأة بالجنون، ضعها في غرفةٍ مغلقةٍ بملابسَ جديدةٍ بلا مرآة)؟
- لماذا يصرف بعضنا أكثر من راتبه فيتحمل الأسلاف و الديون ليهلكها في أغراض ثانوية، و في أحسن الأحوال يصرف ما يدخل جيبه فيكون كمن يراوح مكانه (مكانك سر!).
- لماذا يُبَرِّرُ بعضُنا لنفسه كثرةَ إسرافِه و تبذيرِه بدعوى كونِه من مستو اجتماعي بعينِه، أو أنَّه يُجاري مَنْ حولَه؛ فهم هكذا يَصرِفون، و بهذا يَتَصَرَّفون، أو رُبما أوهمَ نَفسَه بأنَّ "الإتيكيت" و "البرستيج" يستدعيان ذالك! يقول المتنبي في رجل أجاد فن "التمظهر":
كنا نظن دياره مملوءةً ذهباً فمات وكل دارٍ بَلْقَعُ
قال صاحبي: أعرف شخصاً كان وقت شبابه مولعاً بالمظاهر الكاذبة فكان من فرط ولعه بها لا يدع لبس مشلحه حتى و هو غر صغير، و كان يداوم على لبسه أثناء ما كان طالباً في الكلية في أول الطلب، و ذاك ما دعى بعض من يعرفه للتندر عليه بالقول: (هل يخلع هذا مشلحه؟ أم يلبسه على الدوام، في اليقضة و المنام ، في المأكل و الذهاب للحمام! أكرم الله السامعين الكرام!). أقول: و أحسن ما يقال لهذا و أمثاله ما قيل من قبل: ارتداء الأطفال حذاء الكبار، لا يوسع خطواتهم؛ بل يعرقل سيرهم، و الحكمة المشهورة: إذا نفش الديك ريشه، سهل نتفه.
و ما أخيب أن يجمع المرء بين الغرور و المظاهر! يقول عبيد الله بن طاهر:
يقول أنا الكبير فعظموني ألا ثكلتك أمك من كبير
إذا كان الصغير أعم نفعاً وأجلد عند نائبة الأمور
و لم يأتِ الكبير بيوم خير فما فضل الكبير على الصغير
شخصٌ آخرُ أكثرَ ولوعاً بالمظاهر، لا تطيبُ له نفسٌ، و لا تقرُّ له عينٌ حتى يُجدِّدَ سيارتَه كلَّ حينٍ و تكونَ لوحتُها ذاتَ رقمٍ مميزٍ، كما يزعمون، و يبذلَ في ذلك مالَه و ماءَ وجهِه حتَّى و لو كان دُونَ ذلك خَرْطُ القَتَاد. الطامةُ الكبرى أنَّه قد يكون محسوباً على فئةٍ يُتوقعُ منها نقيضُ ذلك.
و في طرف آخر هناك أناس جمَّلَهم الله بهندام التواضع و اللين، ملكوا به قلوب الناس فصار ذكرُهم لهم حَسَناً و حبُهم لهم جِبِلَّةً، و لقد صدق العباس بن مرداس حين قال:
ترى الرجل النحيف فتزدريه وفي أثوابه أسد هصورُ
و يعجبك الطرير فتبتليه فيخلف ظنك الرجل الطرير
بغاث الطير أطولها جسوماً ولم تطل البزاة ولا الصقور
أفلا يتذكرُ اللاهثُ خلفَ سرابِ المظاهرِ أنَّ الحياةَ قصيرةٌ، و أنَّ إنعامَ اللهِ عليه بالمالِ أسمى من أن يُطّرَحَ في التُرّهات.
ألا يدركُ أنَّه كائنٌ بعدَ قليلٍ أو بعدَ حينٍ إلى قبرٍ ضيق، مجرداً مِنْ كلِّ شيئٍ سوى قطعةِ قماشٍ باليةٍ لا تساوي شيئا، و هو مسؤولٌ آنئذٍ عن تلك المظاهرِ التي قضى عُمرَه بحثاً عنها فملئتْ قلبَه وأخذتْ لُبَّه!
فأينَ عقلُ العقلاءِ و بَصَرُ المستبصرين؟ أم أننا انطبق علينا المثل السائر: (للذكاء حدود و لكن لا حدود للغباء)؟
نحن -و لا شكَّ- في حاجةٍ ماسةٍ إلى مزيدٍ من النظرِ و التأملِ في هذا الداءِ العُضالِ، و استكشافِ نماذجَ أخرى بديلةٍ، و اقتراحِ سبلٍ ناجعةٍ للعلاجِ و التحصين.
د/ فهد بن عبدالله التركي
بصراحة ساعات رولكس تفتن ويضعف قدامها الإنسان
هذا الموديل يمكن يكون سعرها حوالي عشرين ألف ريال .. يازينها
http://www.otamat.com/images/rolex%20on%20mirror.jpg
صحيحٌ أن الله جميل يحب الجمال، و لا مراء أيضاً في كون الإنسان ميالاً بطبعه إلى حب التميز، و لكن أليس حقيقاً كذلك أن الله تعالى نهى عن الإسراف و المخيلة، و أنه سبحانه ينظر إلى القلوب و ما في الصدور؛ لا إلى الأشكال و الصور، و أن المرء مأمور بأخذ الزينة عند كل مسجد، و بالتحلي بصفات التواضع و الصدق ، منهي عن صفات الكبر و الخيلاء و الكذب.
مهما يكن من أمر؛ هل ترى أيها القارئ الكريم أننا نقسو على أنفسنا حين نتساءل:
- لماذا يَحرصُ أحدُنا -بكَلَفٍ شديدٍ- على صَرفِ الأموالِ الطائلةِ في شراءِ سيارةٍ من طرازٍ فاره، و لا نرتضي إلا آخرَ "موديل"؟
- لماذا يعاملُ بعضُ أفرادِ الأمنِ أحياناً الناسَ حسب سياراتهم و فخامتها!!! و بعضُ الموظفين المراجعين حسب هندامهم و طراوتها!!!
- لماذا نجتهدُ في البحث عن "الماركات"المشهورة حين نبتاع "اكسسواراتٍ" خاصةٍ بنا كساعةٍ أو نظارة؟
-لماذا تَصرِفُ بعضُ نسائنا على أدوات الزينة، أو ما يسمى بـ"الماكياج" الآلاف المؤلفة دون أدنى شعور بالحرج أو تأنيب الضمير؟ و لماذا يولين وجهتهن شطر الموضة و يلاحقنها حيثما سارت دون بصر أو تفكير؟ فهل صدق القائل: (إذا أردت أن تصيب المرأة بالجنون، ضعها في غرفةٍ مغلقةٍ بملابسَ جديدةٍ بلا مرآة)؟
- لماذا يصرف بعضنا أكثر من راتبه فيتحمل الأسلاف و الديون ليهلكها في أغراض ثانوية، و في أحسن الأحوال يصرف ما يدخل جيبه فيكون كمن يراوح مكانه (مكانك سر!).
- لماذا يُبَرِّرُ بعضُنا لنفسه كثرةَ إسرافِه و تبذيرِه بدعوى كونِه من مستو اجتماعي بعينِه، أو أنَّه يُجاري مَنْ حولَه؛ فهم هكذا يَصرِفون، و بهذا يَتَصَرَّفون، أو رُبما أوهمَ نَفسَه بأنَّ "الإتيكيت" و "البرستيج" يستدعيان ذالك! يقول المتنبي في رجل أجاد فن "التمظهر":
كنا نظن دياره مملوءةً ذهباً فمات وكل دارٍ بَلْقَعُ
قال صاحبي: أعرف شخصاً كان وقت شبابه مولعاً بالمظاهر الكاذبة فكان من فرط ولعه بها لا يدع لبس مشلحه حتى و هو غر صغير، و كان يداوم على لبسه أثناء ما كان طالباً في الكلية في أول الطلب، و ذاك ما دعى بعض من يعرفه للتندر عليه بالقول: (هل يخلع هذا مشلحه؟ أم يلبسه على الدوام، في اليقضة و المنام ، في المأكل و الذهاب للحمام! أكرم الله السامعين الكرام!). أقول: و أحسن ما يقال لهذا و أمثاله ما قيل من قبل: ارتداء الأطفال حذاء الكبار، لا يوسع خطواتهم؛ بل يعرقل سيرهم، و الحكمة المشهورة: إذا نفش الديك ريشه، سهل نتفه.
و ما أخيب أن يجمع المرء بين الغرور و المظاهر! يقول عبيد الله بن طاهر:
يقول أنا الكبير فعظموني ألا ثكلتك أمك من كبير
إذا كان الصغير أعم نفعاً وأجلد عند نائبة الأمور
و لم يأتِ الكبير بيوم خير فما فضل الكبير على الصغير
شخصٌ آخرُ أكثرَ ولوعاً بالمظاهر، لا تطيبُ له نفسٌ، و لا تقرُّ له عينٌ حتى يُجدِّدَ سيارتَه كلَّ حينٍ و تكونَ لوحتُها ذاتَ رقمٍ مميزٍ، كما يزعمون، و يبذلَ في ذلك مالَه و ماءَ وجهِه حتَّى و لو كان دُونَ ذلك خَرْطُ القَتَاد. الطامةُ الكبرى أنَّه قد يكون محسوباً على فئةٍ يُتوقعُ منها نقيضُ ذلك.
و في طرف آخر هناك أناس جمَّلَهم الله بهندام التواضع و اللين، ملكوا به قلوب الناس فصار ذكرُهم لهم حَسَناً و حبُهم لهم جِبِلَّةً، و لقد صدق العباس بن مرداس حين قال:
ترى الرجل النحيف فتزدريه وفي أثوابه أسد هصورُ
و يعجبك الطرير فتبتليه فيخلف ظنك الرجل الطرير
بغاث الطير أطولها جسوماً ولم تطل البزاة ولا الصقور
أفلا يتذكرُ اللاهثُ خلفَ سرابِ المظاهرِ أنَّ الحياةَ قصيرةٌ، و أنَّ إنعامَ اللهِ عليه بالمالِ أسمى من أن يُطّرَحَ في التُرّهات.
ألا يدركُ أنَّه كائنٌ بعدَ قليلٍ أو بعدَ حينٍ إلى قبرٍ ضيق، مجرداً مِنْ كلِّ شيئٍ سوى قطعةِ قماشٍ باليةٍ لا تساوي شيئا، و هو مسؤولٌ آنئذٍ عن تلك المظاهرِ التي قضى عُمرَه بحثاً عنها فملئتْ قلبَه وأخذتْ لُبَّه!
فأينَ عقلُ العقلاءِ و بَصَرُ المستبصرين؟ أم أننا انطبق علينا المثل السائر: (للذكاء حدود و لكن لا حدود للغباء)؟
نحن -و لا شكَّ- في حاجةٍ ماسةٍ إلى مزيدٍ من النظرِ و التأملِ في هذا الداءِ العُضالِ، و استكشافِ نماذجَ أخرى بديلةٍ، و اقتراحِ سبلٍ ناجعةٍ للعلاجِ و التحصين.
د/ فهد بن عبدالله التركي
بصراحة ساعات رولكس تفتن ويضعف قدامها الإنسان
هذا الموديل يمكن يكون سعرها حوالي عشرين ألف ريال .. يازينها
http://www.otamat.com/images/rolex%20on%20mirror.jpg