المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لهذا السبب رفع «المركزي» الدينار



مغروور قطر
14-07-2007, 04:45 AM
تحليل / ... لهذا السبب رفع «المركزي» الدينار
كتب فراس ياسين: لم تكن خطوة البنك المركزي برفع جديد لقيمة الدينار مقابل الدولار مفاجئة، بل كانت متوقعة على نطاق واسع، لاسيما وان الدولار لم يتعاف بعد، او ربما لم يرد له التعافي بعد، من رحلة هبوطه امام العملات العالمية الرئيسية، والتي بلغت مستويات قياسية في الاسبوع الماضي.
القول انه لم يرد للدولار التعافي بعد ليس فيه شيء من التظلم، لأن التراجع يشكل منفسا، ولو محدودا، للعجز التجاري الأميركي التاريخي، فتخفيض هذا العجز بات يشكل تحديا امام الادارة الاميركية، وهو تحد سياسي بقدر ما هو اقتصادي في ظل الانتقادات المتفاقمة للبيت الابيض، الذي اعلن اول من امس تراجع عجز الميزانية الاميركية للسنة المالية الحالية الى 205 مليارات دولار من 248 مليارا في العام الماضي. بالطبع لا يجوز انكار مساهمة العجز التجاري في اجمالي العجز في الميزانية، كما لا يجوز انكار مساهمة سعر صرف الدولار في قيمة هذا العجز، لاسيما في ظل ترجيح كفة الانتاجية الصينية (خصوصا) مقابل تلك الاميركية، ولو ان انخفاض العجز العام قد لا يعود بشكل مباشر الى تراجع الدولار.
ليس العجز التجاري الاميركي وخطوات مجلس الاتحاد الفيديرالي من يحدد السياسة النقدية للبنك المركزي الكويتي، ولكنه يشكل مؤشرا على مستوى سعر صرف الدولار في المدى القصير، ما قد يعزز بدوره التوقعات بان تستمر رحلة الدولار الحالية في المدى القصير، او على الأقل، مؤشرا على ان الدولار لن يرتفع الى مستويات قياسية قريبا.
ليس البنك المركزي بعيدا عن هذه التوقعات، واذ اتخذ القرار بفك ربط الدينار بالدولار، فهو اتاح امامه مجالا، أو بمعنى ادق مرونة، للتحكم بالسياسة النقدية، وبالتالي مؤشراتها. لذلك جاءت خطوته في رفع قيمة الدينار مجددا 0.4 في المئة مقابل الدولار، استكمالا لسلسة من الاجراءات والقرارات خلال الفترة الماضية، وترجمة فعلية لتلك المرونة.
ومن اهم تلك الاجراءات وقف الاقتراض من البنوك المحلية لآجال قصيرة، بالاضافة الى تخفيض عائد السندات لاجل عام الى 5.375 في المئة من 5.5 في المئة، والتي من شأنها ان ترفع من السيولة النقدية في السوق، وبدورها الضغوط التضخمية، لكن في المقابل من شأن رفع قيمة الدينار ان يواجه تلك الضغوط، لاسيما مع ارتفاع سعر صرف اليورو، الشريك التجاري الرئيسي للكويت. وتكفي الإشارة إلى أن الجنيه الاسترليني استقر خلال الأسبوع الماضي فوق مستوى الدولارين، كما اخترق اليورو حاجز الـ1.38 دولار امس. وعلى الرغم من أن البنك المركزي يبقي تكوين سلة العملات ســـــــراً لا يفـــــصــــــح عــــــنه، لكنه من المؤكد أن الجنيه الاسترليني واليورو يــــــــــشــــكلان جــــــزءاً مهماً من الــــســــــلــــــة، لــــــــذلك كان خــــــطــــــوة جــــديـــــدة لرفع الدينار منتظرة في الاوساط الاقتــــصادية.
يستبعد ان يترجم رفع قيمة الدينار، بالنسبة الحالية التي بلغت 0.77 في المئة منذ قرار فك الربط بالدولار، تراجعا في معدلات التضخم بشكل ميكانيكي، وتحديدا في المدى القصير، الا انه يساهم بالسيطرة على هذه المعدلات وسط التغيرات النقدية التي يحاول البنك اجراءها، وذلك في اطار الرسالة التي «يجاهد» البنك المركزي في ايصالها الى المضاربين على العملة، والصناديق الاجنبية التي تبني مراكزها على هذه التوقعات، من دون ان يخدش صورة الاستقرار النقدي للكويت، سوية بباقي البنوك المركزية الخليجية التي تحجم عن اتخاذ اجراءات مماثلة باعتبار ان اثار هذه التقلبات «القصيرة المدى» محدودة على اقتصاداتها.
واذا اعتبرنا ان قرار «المركزي» فك ربط الدينار بالدولار، وثم رفع قيمته مرتين على التوالي، يعود الى مواجهة التضخم كما كان قد اعلن، الا ان معظم الخبراء الاقتصاديين يتفق على ان معدل التضخم الحالي في الكويت لا يدعو الى القلق، فهو بلغ في الربع الاول من العام الحالي 3.2 في المئة بحسب بيانات «المركزي»، وبالتالي، ليست المعدلات الحالية ما يدفع البنك الى رفع الدينار، بل احتواء انعكاسات الاجراءات النقدية التي يتخذها البنك والتي ينوي اتخاذها في المستقبل، ولاسيما تلك المتعلقة بالسيولة، لذلك، فالتوقعات برفع جديد لقيمة العملة تبدو منطقية، طالما ان المركزي يسير بمبدأ عدم الالتزام باستيعاب فائض السيولة.
وعلى الرغم من اهمية تقلبات اسعار صرف العملات الرئيسية، وقرارات البنوك المركزية العالمية ومؤشراتها الاقتصادية، الا انها لا تلعب الدور الحاسم في تحديد سعر صرف الدينار، انما العوامل الداخلية، وبالتحديد تلك التي في اروقة «المركزي»، اذ انه بات اليوم قادرا على مواجهة المضاربين و«توجيه» فائض السيولة بشكل اكبر، من دون الخوف من انعكاسات ذلك على التضخم، وهذا تماما ما تعنيه «المرونة» في تحديد السياسة النقدية، وهي مرونة مكتسبة، او بشكل ادق مستعادة، جراء فك ربط الدينار بالدولار.