مغروور قطر
21-07-2007, 04:35 AM
دول «التعاون» تستورد %30 من احتياجاتها من أمريكا و%70 من آسيا وأوروبا
تخلص الدينار من الدولار الضعيف يربك السوق النقدي المحلي ويزيح الكويت من العملة الخليجية الموحدة
إعداد سعيد حبيب:
لم تكن توقعات بنك ستاندارد تشارترد البريطاني اول أمس المتعلقة باقتراب موعد رفع اضافي للدينار للمرة الثالثة منفصلة عن المشهد الاقتصادي العام في أعقاب قيام بنك الكويت المركزي بفك ارتباط الدينار بالدولار الضعيف، إلى جانب استمرار تراجع سعر الدولار بدرجة اكبر امام اليورو متجاوزا مستوى 1.4 دولار لليورو علما بأن سعر الدولار تراجع بنسبة %4.77 أمام اليورو هذا العام.
وكانت الكويت قد سمحت للدينار بالارتفاع أمام الدولار في ثاني زيادة لسعر صرف الدينار هذا العام بعد أن فاقم هبوط العملة الامريكية من الضغوط على أسعار الصرف المرتبطة بالدولار في شتى انحاء أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم.
وقال بنك الكويت المركزي انه سيجري تداول الدينار بسعر 0.28690 دينار للدولار بزيادة %0.4 عن السعر السابق ليؤكد بذلك التوقعات بانه سيرد على هبوط الدولار الى مستويات قياسية أمام اليورو.
وارتفعت العملة الكويتية %0.77 منذ 20 مايو عندما تخلى البنك المركزي عن ربط الدينار بالدولار وتبنى في المقابل سلة عملات.
وقال البنك المركزي ان الدولار يمثل نسبة كبيرة من سلة العملات ولكنه امتنع عن الكشف عن التركيب المحدد للسلة.
وفي المقابل انخفضت الاصول الاجنبية للبنك المركزي الكويتي في يونيو الماضي الى أدنى مستوياتها منذ فبراير الماضي مع انحسار موجة المضاربات على رفع قيمة الدينار.
وقال البنك المركزي في موقعه على الانترنت ان الاصول الاجنبية انخفضت بنسبة %5.1 الى 5.6 مليارات دينار في يونيو بالمقارنة مع 5.9 مليارات دينار في مايو في الوقت الذي بلغ فيه إجمالي العملة الكويتية المصدرة بجميع الفئات (الدينار والفلس) مع نهاية العام الماضي نحو 804.9 ملايين دينار منها 791.1 مليون دينار للعملة الورقية والباقي عملة معدنية.
ورغم أن فك ارتباط الدينار بالدولار جاء مفاجئاً الا انه افرز تكهنات حول اقتفاء عدد من الدول الخليجية لأثر الكويت في الارتباط بسلة عملات والتخلي عن الدولار الضعيف الأمر الذي سيشكل ضربة قاصمة للوحدة النقدية والعملة الخليجية الموحدة والمقرر اطلاقها -بحسب المعلنـ في 2010.
«الوطن» تنشر نص دراسة صادرة عن المركز الدبلوماسي للدراسات حول تداعيات فك ارتباط الدينار بالدولار وفيما يلي التفاصيل:
يمكن التأكيد على أن انخفاض أسعار الصرف الحقيقية للعملات الخليجية بنسبة %12.5 خلال الفترة من 2003 إلى 2006 بسبب ربط العملات الخليجية بالدولار ساهم في زيادة التوقعات بشأن اتباع الدول الخليجية خطوة مماثلة لما قامت به الكويت من رفع لقيمة العملة وفك ربطها بالدولار، حيث تكبدت دول الخليج خسائر كبيرة مما دفع بعض محافظي البنوك الخليجية الى التفكير في فك ربط عملاتهم بالدولار، والدليل على ذلك تقليل دول الخليج نسبة ايداعاتها المقومة بالدولار الامريكي بأكثر من %13 خلال السنوات الثلاثة الماضية (2003 : 2006) متحولة عنه في المقام الاول الى اليورو الاوروبي.
كما انخفضت الايداعات المقومة ضمن اجمالي ايداعات الدول الاعضاء في منطقة «اوبك» من %75 في الربع الثالث من عام 2001 الى %61.5 في الربع الثاني من عام 2004، وفي المقابل زادت الايداعات المقومة باليورو خلال الفترة نفسها من %12 الى %20، هذا الى جانب ان انخفاض العملات الخليجية جاء مقابل عملات مثل: اليورو والاسترليني والين وهم اهم الشركاء التجاريين بالنسبة لدول الخليج، وتظهر المشكلة في ان دول الخليج تستورد %30 من حاجاتها فقط من امريكا و%70 من وارداتها من آسيا واوروبا، ولذلك فان قيمة عائداتها البترولية تتراجع بضعف نسبة تراجع الدولار. وبما ان الدولار انخفض خلال الاشهر من فبراير حتى مايو 2007 بمقدار ربع قيمته تقريبا امام اليورو والاسترليني، واقل من ذلك بالنسبة للين، يكون تراجع قيمة عائدات الدول المصدرة للنفط اكبر من الثلث ويقترب من النصف في بعض الاحيان.
وعلى الرغم من كل هذه العوامل المساعدة التي تشجع دول الخليج على اتخاذ قرار مماثل للكويت، خاصة وان الاخيرة قامت بذلك للتقليل من التضخم، ولرفع قيمة العملة وهي المشكلات التي تواجه بقية الدول، فان هذا الاجراء من جانب الكويت لم يؤثر في السياسة النقدية لبقية دول المجلس حتى الان، والتي اكدت التزاماتها بربط الدرهم بالدولار وانها ملتزمة بقرار دول وقادة الخليج الابقاء على ربط عملاتهم بالدولار عند سعر ثابت.
وبررت الامارات موقفها من الابقاء على فك الارتباط بالدولار ان معظم تجارتها الخارجية الاماراتية مقومة بالدولار، حيث ان %70 من واردات الامارات بالدولار او بعملات مرتبطة بالدولار، اما واردات الامارات باليورو فتبلغ %20 فقط، كما ان تراجع الدولار ليس هو السبب وراء التضخم في الامارات كما في الكويت، وانما السبب هو ارتفاع اسعار العقارات بسبب ارتفاع الطلب، وهي ظاهرة مؤقتة ستنتهي في الاشهر المقبلة من دخول آلاف الوحدات الى السوق، ومن ثم فان ذلك لايستدعي فك ربط الدرهم بالدولار كرد فعل للخطوة الكويتية.
الريال السعودي
وفيما يتعلق بالريال السعودي، فبعد الزيادة الكبيرة في عوائد النفط في السنوات الاربع الاخيرة، وارتفاع فائض ميزان المدفوعات السعودي، واستمرار تراجع سعر صرف الدولار، اثرت هذه التطورات على سعر صرف الريال مع الدولار، بخاصة وان نحو ثلثي واردات المملكة مسعرة اما باليورو او بالين، وتشير بعض الدراسات الخليجية الى استمرار انخفاض الدولار تجاه بقية العملات، فبعد ان كان الدولار يعادل 0.9 تجاه اليورو في عام 2002، اصبح في عام 2006 يعادل نحو 1.27، ويتوقع ان تستمر قيمة الدولار في الانخفاض، وهو الامر الذي سيخلق مشكلات للدول التي تستورد جزءاً كبيرا في وارداتها باليورو والين وتبيع صادراتها بالدولار، كما ان ربط الريال ربطا مباشرا بالدولار الامريكي جعل السياسة النقدية خاضعة للسياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي الامريكي دونما مبرر، ومن المعروف ان الاخير يتخذ السياسات النقدية التي تحقق صالح الولايات المتحدة، والذي ليس بالضرورة يحقق صالح المملكة او يناسب اقتصادها، فضلا عن ان انخفاض الدولار قد خلق ضغوطا تضخمية مستوردة مستمرة على الاقتصاد، لان هبوط الدولار معناه هبوط الريال، وحيث ان ثلث واردات المملكة من الاتحاد الاوروبي، فان هبوط الدولار وثبات سعر صرف الريال تجاهه، يعني تخفيض القوة الشرائية للمواطنين السعوديين بمقدار الثلث تقريبا، وقد يزيد اذا ارتفع سعر العملة الصينية بعد فك ارتباطها بالدولار عام 2006، واستمر نمو واردات المملكة منها.
الخطوة الكويتية
وعلى الرغم من كل هذه العوامل ايضا، فلم يختلف رد الفعل السعودي عن رد فعل الامارات تجاه الخطوة الكويتية، واكدت هي الاخرى استمرار سياسة الصرف الخاص بها، وارتباط عملاتها بالدولار مباشرة، وبررت موقفها بالتزامها بالجدول الزمني الذي تم وضعه لاقرار الوحدة النقدية، لان اي تغيير في الجدول الزمني لاطلاق الوحدة النقدية والعملة الموحدة يتعين ان يكون بقرار قمة مجلس التعاون الخليجي، فضلا عن ان الاقدام على خطوة مثل التي قامت بها الكويت، يتطلب تنويع مصادر الدخل ام لا، ثم يكون من المنطقي ان تتم المطالبة بفصل الريال عن الدولار، فالربط بسلة من العملات ستكون منافعه قليلة اذا كانت اغلب تعاملات المملكة مع الدول الاخرى بالدولار، حيث سيكون الوزن النسبي في سلة العملات كبيراً للدولار بالمقارنة بالعملات الاخرى، ليس فقط بسبب واردات المملكة من الولايات المتحدة، ولكن ايضا بسبب العقود الدولارية مع دول اخرى في اوروبا واسيا، ومن ثم فان مساوئ ربط الريال بالدولار ستبقى عند ربط الريال بسلة من العملات، والميزة الاساسية في النظام الاخير ان اليورو ارتفع في مقابل الدولار في السنوات الاخيرة، الامر الذي لا يصلح مبررا كافيا لتغيير السياسة النقدية، لان هذا الارتفاع قد يتحول الى انخفاض في المستقبل.
كما تذهب بعض الاراء الى انه لا يوجد حتى تأثير سلبي لربط الريال بالدولار على التضخم، حيث ان التضخم تسببه عوامل مثل: الانفاق الحكومي وارتفاع اسعار العقارات والاسمنت عن طريق بعض الشركات بسبب زيادة حجم الطلب على الاسمنت، بالاضافة الى ذلك فان معدل التضخم السعودي انخفض الى %2.86 بنهاية مارس 2007 من %3 في فبراير 2007 وكان من المقدر ان ينخفض اكثر في ابريل ومايو من العام ذاته، على عكس ما حدث في الكويت ودفعها لاتخاذ مثل هذا القرار، نظرا لاختلاف ظروف كلتا الدولتين فقد يؤثر في الكويت ولا يؤثر في السعودية، كما ان الاخيرة لا تجد ضغوطا من اجل فك ربط عملتها بالدولار.
الموقف القطري
وعلى الصعيد القطري فان رد فعلها لم يختلف من حيث الالتزام بالوحدة النقدية والجدول الزمني الموضوع لتحقيقها، وعدم تغيير سياستها النقدية لتحقيق الاتساق المطلوب بين السياسات النقدية الخليجية من اجل الوصول الى الوحدة النقدية، بحلول عام 2010، وذلك على الرغم من ان معدل التخضم في قطر ثلاثة امثال معدل التضخم في الكويت في اخر مارس عام 2007، حيث بلغ التضخم %15 في هذا الوقت مع اتجاه الدولة الى تحرير القطاع العقاري، فان هذا التضخم مؤقت ويقوده قطاع واحد وهو القطاع العقاري الذي من المنتظر ان تخف حدة ارتفاع الاسعار فيه في غضون عامين او ثلاثة اعوام، ومن ثم فانه من المتوقع ان ينخفض التضخم ما بين 8 و%9 بالتدرج حتى لا تؤثر على نوعية الأصول.
البحرين
اما البحرين فان وجهة النظر السائدة ان ارتباط العملة بالدولار يعطي درجة من التأكد من عنصر الايرادات ويجعلها قابلة للتوقع بدقة، الامر الذي يقلل من احتمالات التحول نحو ربط العملة بسلة من العملات وفقا للشركاء التجاريين بعد نحو عشرين عاما ظلت فيها العملة البحرينية مرتبطة بالدولار ولم تتأثر خلالها السياسة النقدية سلبا، كما ان دفع الكويت لهذه الخطوة ان ارتفاع التضخم يرجع الى ربط العملة بالدولار، في حين ان هذا السبب لا ينطبق على البحرين، حيث ان هناك اسبابا اخرى للتضخم في البحرين اكثر تأثيرا من ربط العملة بالدولار.
سلطنة عُمان
وفيما يتعلق بسلطنة عمان فانها اما ستمتنع نهائيا عن الانضمام الى العملة الخليجية الموحدة او ستنضم الى الوحدة النقدية، في موعد غير الموعد المحدد لاعتمادها في عام 2010، ولكن القرار حتى الآن هو عدم المشاركة في الاتحاد النقدي لان ذلك سيقيد من السياسة المالية والنقدية لتتواءم مع متطلبات الوحدة النقدية، كما ان الاقتصاد العُماني اقتصاد لايزال ناشئا ولا يستطيع الوفاء بمتطلبات الوحدة النقدية، ومن ثم فانه لا يهم ما اذا كان عمان سوف تتبع خطوة مماثلة لما قامت به الكويت من عدمه، ولكن يمكن استنتاج ان عمان لن تتخذ مثل هذه الخطوة لانها سترفع قيمة العملة العُمانية ومن المعروف ان العملة العُمانية هي الادنى قيمة بين عملات دول المجلس وتقوم الدولة باستغلال هذه الميزة من اجل جذب السياحة وتعزيز فرص الصادرات غير النفطية للدول الاخرى، وبالتالي فهي لن ترفع قيمة عملتها حتى لا تفقد ميزتها التنافسية.
الوحدة النقدية
ولذا يمكن القول ان قرار المركزي الكويتي في 20 مايو 2007 بفك الارتباط بين الدينار والدولار وذلك في محاولة لرفع قيمة الدينار امام الدولار، وتجنب الانخفاض الذي يشهده الدولار في هذه الايام والذي اثر سلبا على القوة الشرائية للدينار، ومن ثم ارتفاع اسعار الواردات، وعدم الاستقرار على صعيد التجارة الخارجية.
وقد أدى هذا القرار بفك ارتباط الدينار بالدولار وربطه بسلة من العملات حسب الوزن النسبي للتبادل التجاري مع الدول صاحبة هذه العملات الى اعادة تقييم الدينار بمقدار %0.37 ليفك الارتباط بالدولار، وهو الهدف الذي كانت تسعى اليه الكويت حيث بنت قرارها على توقعات دقيقة باستمرار انخفاض الدولار امام اليورو في الاسواق العالمية.
تخلص الدينار من الدولار الضعيف يربك السوق النقدي المحلي ويزيح الكويت من العملة الخليجية الموحدة
إعداد سعيد حبيب:
لم تكن توقعات بنك ستاندارد تشارترد البريطاني اول أمس المتعلقة باقتراب موعد رفع اضافي للدينار للمرة الثالثة منفصلة عن المشهد الاقتصادي العام في أعقاب قيام بنك الكويت المركزي بفك ارتباط الدينار بالدولار الضعيف، إلى جانب استمرار تراجع سعر الدولار بدرجة اكبر امام اليورو متجاوزا مستوى 1.4 دولار لليورو علما بأن سعر الدولار تراجع بنسبة %4.77 أمام اليورو هذا العام.
وكانت الكويت قد سمحت للدينار بالارتفاع أمام الدولار في ثاني زيادة لسعر صرف الدينار هذا العام بعد أن فاقم هبوط العملة الامريكية من الضغوط على أسعار الصرف المرتبطة بالدولار في شتى انحاء أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم.
وقال بنك الكويت المركزي انه سيجري تداول الدينار بسعر 0.28690 دينار للدولار بزيادة %0.4 عن السعر السابق ليؤكد بذلك التوقعات بانه سيرد على هبوط الدولار الى مستويات قياسية أمام اليورو.
وارتفعت العملة الكويتية %0.77 منذ 20 مايو عندما تخلى البنك المركزي عن ربط الدينار بالدولار وتبنى في المقابل سلة عملات.
وقال البنك المركزي ان الدولار يمثل نسبة كبيرة من سلة العملات ولكنه امتنع عن الكشف عن التركيب المحدد للسلة.
وفي المقابل انخفضت الاصول الاجنبية للبنك المركزي الكويتي في يونيو الماضي الى أدنى مستوياتها منذ فبراير الماضي مع انحسار موجة المضاربات على رفع قيمة الدينار.
وقال البنك المركزي في موقعه على الانترنت ان الاصول الاجنبية انخفضت بنسبة %5.1 الى 5.6 مليارات دينار في يونيو بالمقارنة مع 5.9 مليارات دينار في مايو في الوقت الذي بلغ فيه إجمالي العملة الكويتية المصدرة بجميع الفئات (الدينار والفلس) مع نهاية العام الماضي نحو 804.9 ملايين دينار منها 791.1 مليون دينار للعملة الورقية والباقي عملة معدنية.
ورغم أن فك ارتباط الدينار بالدولار جاء مفاجئاً الا انه افرز تكهنات حول اقتفاء عدد من الدول الخليجية لأثر الكويت في الارتباط بسلة عملات والتخلي عن الدولار الضعيف الأمر الذي سيشكل ضربة قاصمة للوحدة النقدية والعملة الخليجية الموحدة والمقرر اطلاقها -بحسب المعلنـ في 2010.
«الوطن» تنشر نص دراسة صادرة عن المركز الدبلوماسي للدراسات حول تداعيات فك ارتباط الدينار بالدولار وفيما يلي التفاصيل:
يمكن التأكيد على أن انخفاض أسعار الصرف الحقيقية للعملات الخليجية بنسبة %12.5 خلال الفترة من 2003 إلى 2006 بسبب ربط العملات الخليجية بالدولار ساهم في زيادة التوقعات بشأن اتباع الدول الخليجية خطوة مماثلة لما قامت به الكويت من رفع لقيمة العملة وفك ربطها بالدولار، حيث تكبدت دول الخليج خسائر كبيرة مما دفع بعض محافظي البنوك الخليجية الى التفكير في فك ربط عملاتهم بالدولار، والدليل على ذلك تقليل دول الخليج نسبة ايداعاتها المقومة بالدولار الامريكي بأكثر من %13 خلال السنوات الثلاثة الماضية (2003 : 2006) متحولة عنه في المقام الاول الى اليورو الاوروبي.
كما انخفضت الايداعات المقومة ضمن اجمالي ايداعات الدول الاعضاء في منطقة «اوبك» من %75 في الربع الثالث من عام 2001 الى %61.5 في الربع الثاني من عام 2004، وفي المقابل زادت الايداعات المقومة باليورو خلال الفترة نفسها من %12 الى %20، هذا الى جانب ان انخفاض العملات الخليجية جاء مقابل عملات مثل: اليورو والاسترليني والين وهم اهم الشركاء التجاريين بالنسبة لدول الخليج، وتظهر المشكلة في ان دول الخليج تستورد %30 من حاجاتها فقط من امريكا و%70 من وارداتها من آسيا واوروبا، ولذلك فان قيمة عائداتها البترولية تتراجع بضعف نسبة تراجع الدولار. وبما ان الدولار انخفض خلال الاشهر من فبراير حتى مايو 2007 بمقدار ربع قيمته تقريبا امام اليورو والاسترليني، واقل من ذلك بالنسبة للين، يكون تراجع قيمة عائدات الدول المصدرة للنفط اكبر من الثلث ويقترب من النصف في بعض الاحيان.
وعلى الرغم من كل هذه العوامل المساعدة التي تشجع دول الخليج على اتخاذ قرار مماثل للكويت، خاصة وان الاخيرة قامت بذلك للتقليل من التضخم، ولرفع قيمة العملة وهي المشكلات التي تواجه بقية الدول، فان هذا الاجراء من جانب الكويت لم يؤثر في السياسة النقدية لبقية دول المجلس حتى الان، والتي اكدت التزاماتها بربط الدرهم بالدولار وانها ملتزمة بقرار دول وقادة الخليج الابقاء على ربط عملاتهم بالدولار عند سعر ثابت.
وبررت الامارات موقفها من الابقاء على فك الارتباط بالدولار ان معظم تجارتها الخارجية الاماراتية مقومة بالدولار، حيث ان %70 من واردات الامارات بالدولار او بعملات مرتبطة بالدولار، اما واردات الامارات باليورو فتبلغ %20 فقط، كما ان تراجع الدولار ليس هو السبب وراء التضخم في الامارات كما في الكويت، وانما السبب هو ارتفاع اسعار العقارات بسبب ارتفاع الطلب، وهي ظاهرة مؤقتة ستنتهي في الاشهر المقبلة من دخول آلاف الوحدات الى السوق، ومن ثم فان ذلك لايستدعي فك ربط الدرهم بالدولار كرد فعل للخطوة الكويتية.
الريال السعودي
وفيما يتعلق بالريال السعودي، فبعد الزيادة الكبيرة في عوائد النفط في السنوات الاربع الاخيرة، وارتفاع فائض ميزان المدفوعات السعودي، واستمرار تراجع سعر صرف الدولار، اثرت هذه التطورات على سعر صرف الريال مع الدولار، بخاصة وان نحو ثلثي واردات المملكة مسعرة اما باليورو او بالين، وتشير بعض الدراسات الخليجية الى استمرار انخفاض الدولار تجاه بقية العملات، فبعد ان كان الدولار يعادل 0.9 تجاه اليورو في عام 2002، اصبح في عام 2006 يعادل نحو 1.27، ويتوقع ان تستمر قيمة الدولار في الانخفاض، وهو الامر الذي سيخلق مشكلات للدول التي تستورد جزءاً كبيرا في وارداتها باليورو والين وتبيع صادراتها بالدولار، كما ان ربط الريال ربطا مباشرا بالدولار الامريكي جعل السياسة النقدية خاضعة للسياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي الامريكي دونما مبرر، ومن المعروف ان الاخير يتخذ السياسات النقدية التي تحقق صالح الولايات المتحدة، والذي ليس بالضرورة يحقق صالح المملكة او يناسب اقتصادها، فضلا عن ان انخفاض الدولار قد خلق ضغوطا تضخمية مستوردة مستمرة على الاقتصاد، لان هبوط الدولار معناه هبوط الريال، وحيث ان ثلث واردات المملكة من الاتحاد الاوروبي، فان هبوط الدولار وثبات سعر صرف الريال تجاهه، يعني تخفيض القوة الشرائية للمواطنين السعوديين بمقدار الثلث تقريبا، وقد يزيد اذا ارتفع سعر العملة الصينية بعد فك ارتباطها بالدولار عام 2006، واستمر نمو واردات المملكة منها.
الخطوة الكويتية
وعلى الرغم من كل هذه العوامل ايضا، فلم يختلف رد الفعل السعودي عن رد فعل الامارات تجاه الخطوة الكويتية، واكدت هي الاخرى استمرار سياسة الصرف الخاص بها، وارتباط عملاتها بالدولار مباشرة، وبررت موقفها بالتزامها بالجدول الزمني الذي تم وضعه لاقرار الوحدة النقدية، لان اي تغيير في الجدول الزمني لاطلاق الوحدة النقدية والعملة الموحدة يتعين ان يكون بقرار قمة مجلس التعاون الخليجي، فضلا عن ان الاقدام على خطوة مثل التي قامت بها الكويت، يتطلب تنويع مصادر الدخل ام لا، ثم يكون من المنطقي ان تتم المطالبة بفصل الريال عن الدولار، فالربط بسلة من العملات ستكون منافعه قليلة اذا كانت اغلب تعاملات المملكة مع الدول الاخرى بالدولار، حيث سيكون الوزن النسبي في سلة العملات كبيراً للدولار بالمقارنة بالعملات الاخرى، ليس فقط بسبب واردات المملكة من الولايات المتحدة، ولكن ايضا بسبب العقود الدولارية مع دول اخرى في اوروبا واسيا، ومن ثم فان مساوئ ربط الريال بالدولار ستبقى عند ربط الريال بسلة من العملات، والميزة الاساسية في النظام الاخير ان اليورو ارتفع في مقابل الدولار في السنوات الاخيرة، الامر الذي لا يصلح مبررا كافيا لتغيير السياسة النقدية، لان هذا الارتفاع قد يتحول الى انخفاض في المستقبل.
كما تذهب بعض الاراء الى انه لا يوجد حتى تأثير سلبي لربط الريال بالدولار على التضخم، حيث ان التضخم تسببه عوامل مثل: الانفاق الحكومي وارتفاع اسعار العقارات والاسمنت عن طريق بعض الشركات بسبب زيادة حجم الطلب على الاسمنت، بالاضافة الى ذلك فان معدل التضخم السعودي انخفض الى %2.86 بنهاية مارس 2007 من %3 في فبراير 2007 وكان من المقدر ان ينخفض اكثر في ابريل ومايو من العام ذاته، على عكس ما حدث في الكويت ودفعها لاتخاذ مثل هذا القرار، نظرا لاختلاف ظروف كلتا الدولتين فقد يؤثر في الكويت ولا يؤثر في السعودية، كما ان الاخيرة لا تجد ضغوطا من اجل فك ربط عملتها بالدولار.
الموقف القطري
وعلى الصعيد القطري فان رد فعلها لم يختلف من حيث الالتزام بالوحدة النقدية والجدول الزمني الموضوع لتحقيقها، وعدم تغيير سياستها النقدية لتحقيق الاتساق المطلوب بين السياسات النقدية الخليجية من اجل الوصول الى الوحدة النقدية، بحلول عام 2010، وذلك على الرغم من ان معدل التخضم في قطر ثلاثة امثال معدل التضخم في الكويت في اخر مارس عام 2007، حيث بلغ التضخم %15 في هذا الوقت مع اتجاه الدولة الى تحرير القطاع العقاري، فان هذا التضخم مؤقت ويقوده قطاع واحد وهو القطاع العقاري الذي من المنتظر ان تخف حدة ارتفاع الاسعار فيه في غضون عامين او ثلاثة اعوام، ومن ثم فانه من المتوقع ان ينخفض التضخم ما بين 8 و%9 بالتدرج حتى لا تؤثر على نوعية الأصول.
البحرين
اما البحرين فان وجهة النظر السائدة ان ارتباط العملة بالدولار يعطي درجة من التأكد من عنصر الايرادات ويجعلها قابلة للتوقع بدقة، الامر الذي يقلل من احتمالات التحول نحو ربط العملة بسلة من العملات وفقا للشركاء التجاريين بعد نحو عشرين عاما ظلت فيها العملة البحرينية مرتبطة بالدولار ولم تتأثر خلالها السياسة النقدية سلبا، كما ان دفع الكويت لهذه الخطوة ان ارتفاع التضخم يرجع الى ربط العملة بالدولار، في حين ان هذا السبب لا ينطبق على البحرين، حيث ان هناك اسبابا اخرى للتضخم في البحرين اكثر تأثيرا من ربط العملة بالدولار.
سلطنة عُمان
وفيما يتعلق بسلطنة عمان فانها اما ستمتنع نهائيا عن الانضمام الى العملة الخليجية الموحدة او ستنضم الى الوحدة النقدية، في موعد غير الموعد المحدد لاعتمادها في عام 2010، ولكن القرار حتى الآن هو عدم المشاركة في الاتحاد النقدي لان ذلك سيقيد من السياسة المالية والنقدية لتتواءم مع متطلبات الوحدة النقدية، كما ان الاقتصاد العُماني اقتصاد لايزال ناشئا ولا يستطيع الوفاء بمتطلبات الوحدة النقدية، ومن ثم فانه لا يهم ما اذا كان عمان سوف تتبع خطوة مماثلة لما قامت به الكويت من عدمه، ولكن يمكن استنتاج ان عمان لن تتخذ مثل هذه الخطوة لانها سترفع قيمة العملة العُمانية ومن المعروف ان العملة العُمانية هي الادنى قيمة بين عملات دول المجلس وتقوم الدولة باستغلال هذه الميزة من اجل جذب السياحة وتعزيز فرص الصادرات غير النفطية للدول الاخرى، وبالتالي فهي لن ترفع قيمة عملتها حتى لا تفقد ميزتها التنافسية.
الوحدة النقدية
ولذا يمكن القول ان قرار المركزي الكويتي في 20 مايو 2007 بفك الارتباط بين الدينار والدولار وذلك في محاولة لرفع قيمة الدينار امام الدولار، وتجنب الانخفاض الذي يشهده الدولار في هذه الايام والذي اثر سلبا على القوة الشرائية للدينار، ومن ثم ارتفاع اسعار الواردات، وعدم الاستقرار على صعيد التجارة الخارجية.
وقد أدى هذا القرار بفك ارتباط الدينار بالدولار وربطه بسلة من العملات حسب الوزن النسبي للتبادل التجاري مع الدول صاحبة هذه العملات الى اعادة تقييم الدينار بمقدار %0.37 ليفك الارتباط بالدولار، وهو الهدف الذي كانت تسعى اليه الكويت حيث بنت قرارها على توقعات دقيقة باستمرار انخفاض الدولار امام اليورو في الاسواق العالمية.