المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مصر: جدل بين الاقتصاديين حول حقيقة سعر الجنيه



مغروور قطر
23-07-2007, 04:06 AM
مصر: جدل بين الاقتصاديين حول حقيقة سعر الجنيه

مع طرح السندات الدولية وزيادة الاحتياطي وتدفق الاستثمار الأجنبي

القاهرة: هبة القدسي
أثار إعلان وزارة المالية عن طرح سندات دولية بقيمة 6 مليارات جنيه (أكثر من مليار دولار) لمدة خمس سنوات في أسواق بريطانيا والولايات المتحدة، تساؤلات حول تأثير ذلك الإصدار على سعر صرف الجنيه أمام الدولار على المدى القريب والمتوسط، خاصة أن المشترين حولوا قيمة السندات بالدولار، وفقا لشروط الطرح المصرى، كما جاء التحويل في وقت تجاوزت فيه الاحتياطيات الدولية بالبنك المركزي المصري 28 مليار دولار، وهو أعلى رصيد احتياطي في تاريخ مصر النقدي.
واعتبر الخبراء أن الإقدام علي طرح السندات بالجنيه ودفع قيمتها بالدولار مقابل فائدة 8.75% بالجنيه المصري، خطوة جريئة تشير إلى ثقة الأسواق العالمية في الجنيه كعملة قابلة للتداول، على الرغم من أنه غير معوم بشكل كامل، أي غير مسموح بتداوله فى الأسواق الخارجية.

فيما اعتبر البعض الآخر إنها تحمل الخزانة المصرية فائدة بالجنيه المصري أعلى بكثير من الفائدة بالدولار، وأن المستثمر سيأخذ استحقاق هذه السندات بالدولار من دون مخاطرة، كما ستمثل دينا ثقيلا لو كان سعر الصرف لغير صالح الجنيه المصري. وتخطط وزارة المالية لإصدار سندات أخرى في الأشهر المقبلة لفترات تتراوح بين سبع وعشر سنوات، بما يعد بداية قوية لإيجاد منحنى عائد دولي للأوراق المالية الحكومية، خاصة السندات لتوسيع قاعدة المستثمرين الدوليين في السوق المصرية.

وزاد التفاؤل في أسواق الصرف بسبب قوة التدفق الاستثماري، حيث استقطبت البلاد أكثر من عشرة مليارات دولار فى العام المالي 2006/2007، لكن بدأت الأوساط الاقتصادية، تتحدث عن خشيتها من وجود دفاع حكومي خفي عن سعر صرف الدولار أمام الجنيه، حيث لا يزال الدولار متماسكا عند منطقة 5.69 جنيه، منذ أشهر بالرغم من كل التغيرات السابقة، فما هي القيمة الحقيقية للجنيه الآن، وهل هو مقوم بأقل من قيمته أمام وفرة هذا المعروض الدولاري وماذا عن المستقبل؟ من جهتها أثنت بسنت فهمي المدير العام ببنك مصر الدولي، على قرار الطرح واعتبرته قرارا ذكيا، وأن الإقبال على شراء هذه السندات يدل على الثقة الدولية في الاقتصاد المصري والثقة في قيمة العملة المصرية، وهو مؤشر جيد في سوق الصرف يدل علي أن قيمة الجنيه ستظل قوية، فالسندات تعد أداه جيدة للدلالة على ثقة المستثمرين الأجانب، خاصة أن أسعار الصرف عادة ما تتأثر بعوامل سياسية، وهو اتجاه ايجابي في حد ذاته، خاصة أن الاكتتاب تم تغطيته بالكامل.

في المقابل تشكك الخبير المصرفي شريف دلاور في قدر الشفافية التي تمت بها عملية طرح السندات، بما يجعل الحكم عليها صعبا، متسائلا عن الهدف من هذه السندات، وقال «إن الحكومة أعلنت منذ ثلاث أشهر عن طرحها للسندات بالجنيه المصري، وهو ما اعتبرناه نوعا من التقوية للجنيه المصري ومقدمة لتداوله في الأسواق العامية، بما يدل على الثقة في الاقتصاد المصري، لكننا فوجئنا بأقوال أخرى تسير في اتجاه أن السندات بالجنيه المصري، لكن استحقاقها وفوائدها بالدولار، وهذا معناه أن المستثمر الذي اشترى في هذه السندات سيأخذ استحقاقها بالعملة الصعبة من دون مخاطرة تذكر، كما يأخذ نفس فائدة الجنيه المصري، وهي أعلى من فائدة الدولار، أي أن مصر تتحمل فائدة على الجنيه أكبر بكثير من الفائدة على الدولار». وأشار دلاور إلى أن خطورة هذه السندات تتمثل في أنها تعد نوعا من الاقتراض، فإذا واجه سوق الصرف عوامل مفاجئة لغير صالح الجنيه، فسوف يكون هذا الطرح دينا ثقيلا ونسبة المخاطرة فيه عالية علي الحكومة المصرية.

وفسر دلاور الإقبال على هذه السندات بأنها «شطارة» من المستثمر، الذي يبحث عن فائدة أعلى لأمواله في أي مكان في العالم، بعيدا عما يسمى بالثقة في الاقتصاد المصري، وهاجم التصريحات المتضاربة من وزير المالية، واعتبره «حاوي» اقتصادا ممتازا.

وأشار عبد الرحمن بركة عضو مجلس إدارة بنك بلوم مصر ووكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب، إلى وجود عجز في الموازنة العامة للدولة منذ فترة طويلة، وهذا العجز يمكن تمويله من خلال الادخار أو الاستثمار أو الاقتراض من الخارج، فمنذ فترة طويلة يقوم البنك المركزي بطرح أذون خزانة لمدد بسيطة، لكن لا يمكن أن يتم عن طريقها تمويل عجز الخزانة أو تمويل المشروعات الحكومية الكبيرة، كما قامت الحكومة بطرح سندات للمصريين، وتم الاكتتاب فيها بنجاح.

وأضاف أنه عندما حققت الحكومة استقرارا اقتصاديا في الفترة الأخيرة، وأعطت المؤسسات العالمية تقييمات ايجابية الاقتصاد المصري، أدى ذلك إلى جذب استثمارات أجنبية مباشرة بلغت 10 مليارات دولار، فرأت الحكومة أن تطرح سندات تمول بالجنيه، وأشار إلى أن معنى هذه الخطوة تعزيز لوضع الجنيه المصري، ليصبح العملة الأساسية في التعامل، إضافة إلى زيادة ثقة المتعاملين مع الاقتصاد المصري، ويدل على القدرة على رسم سياسة تمويلية طويلة الأجل، والقدرة على تمويل العجز في الموازنة عن طريق الاستثمارات. ودافع بركة عن سعر الفائدة العالي، الذي تم طرح السندات به، موضحا أنه نفس السعر الذي يتم التعامل به في سوق السندات المصري، بل يعد سعر فائدة أقل من سعر الشهادات التي تطرح في مصر، كما أنه يتم تحويل الدولار إلى الجنيه، من دون أعباء على السعر المعلن من البنك المركزي.

من ناحيته قال محمد الأبيض رئيس شعبة الصرافة في اتحاد الغرف التجارية، إن طرح السندات أتى بنتائج ايجابية واضحة تمثلت في تناقص قيمة الدولار منذ أواخر الأسبوع الماضي، مع زيادة الاحتياطي النقدي ووفرة المعروض من العملة الأجنبية في السوق وزيادة التدفق من الاستثمارات الأجنبية.