مغروور قطر
25-07-2007, 04:02 AM
دراسة / غرفة التجارة: عدم استقرار الرأي أخر هيئة السوق وإنشاؤها يجب أن يتزامن مع خصخصة البورصة
كتب علاء السمان: يمكن وصف الوثيقة التي قدمتها غرفة تجارة وصناعة الكويت إلى سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح أول من أمس عن «أطروحات وتوصيات المؤتمر الثاني للقطاع الخاص في الكويت»، بأنها مقالة تتخطى المطالب التقليدية للقطاع الخاص بشأن الإصلاح الاقتصادي وتحرير السوق، لتشكل طرحاً تأسيسياً لتجديد العقد الاجتماعي بين «السلطة» بما هي مؤسسات سياسية، والقطاع الخاص، بما هو محرك لديناميكية الإنتاج في البلاد، آخذا في الاعتبار مكانة القوى الأخرى في هذه العلاقة (العمالة، المواطن المستفيد من الخدمة... الخ).
ولعل الدراسة التي قدمتها «الغرفة»، والتي هي خلاصة لمؤتمر «الإصلاح الاقتصادي: كلام مكرر وقرار مؤخل»، تحاول أن تطرح نمطاً بديلاً للتعاقد، عوضاً عن الشكل التقليدي للعلاقة الاقتصادية بين السلطة والمجتمع والقائمة على الرعاية الريعية، بعد أن وصل هذا النمط الأخير إلى حقيقة انه لا يوفر بديلاً عن مواجهة التحديات التنموية في عالم يزداد عولمة، ومنطقة تزداد تنافسية.
وتحاول الدراسة التصدي للأسئلة الصعبة عن علاقة السياسة بالاقتصاد، وتوجه نقداً عالي اللهجة لما تصفه بـ «الجرعة السياسية المفرطة في القرار الاقتصادي». ولا توفر نقداً لوضع الإدارة العامة التي هي مسؤولة عن غزارة الجزء الأكبر من الاقتصاد الوطني، وتسلط الضوء على «الضغوط السياسية والقبلية والطائفية»، منتقدة العلاقة الدائمة التأزمة بين مجلس الأمة والحكومة، والقائمة على «ثقافة الشك» التي تقع البلاد أسيرة لها، وبدلاً من ثقافة الثقة.
أما الشق الاقتصادي البحت، فلا تدخر الدراسة جهداً في تحديد الحاجات والمواجع والمطالب. ففي «المواجع» أن الكويت تحتاج إلى 50 مليار دينار للمشاريع التنموية الرئيسية حتى العام 2021 في حين أن صافي الفوائض المتوقعة لا تتجاوز 6.4 مليار دينار حتى هذا التاريخ، ومما يعني ذلك من صعوبة الاستمرار في «الخلل الهيكلي المعروف» والمتمثل بالاعتماد المفرط على النفط في الاقتصاد.
لا توفر الدراسة ملفاً اقتصادياً ساخناً إلا وتخوض فيه، من الخصخصة التي هي «ذات أهمية مركزية»، ولكن «من حق المواطن التخوف من آثارها على العمالة والأسعار والاستئثار»، إلى كفاءة الإدارة، إلى الفساد الذي يترعرع في ظل هيمنة القطاع العام على النشاط الاقتصادي، إلى تعزيز تنافسية الاقتصاد. ومن بين الملفات الساخنة التي تطرقها ملف إنشاء هيئة سوق المال الذي تعتبر أنه «تأجل بسبب عدم استقرار الرأي»، وتشير إلى أن إنجازها يجب أن يتزامن مع خصخصة البورصة، داعية إلى «العمل على تدارك النقص التشريعي في تنظيم عمليات الاستحواذ والاندماج وحماية صغار المساهمين».
لعل أهم ما في الدراسة أنها تؤسس لذهنية جديدة في التعاطي مع المؤتمرات الاقتصادية، التي يبدو أنها للمرة الأولى لم تعد كلاماً في الهواء وحبراً على الورق، بل فكراً يدور بين أطراف العقد الاجتماعي ويؤسس لشيء ما... ربما!
في ما يلي الجزء الثاني والأخير من الدراسة، التي حصلت عليها «الراي»:
تضخم الحجم وندرة الكفاءات:
تعتبر الإدارة العامة (الجهاز الحكومي) بوضعها الحالي من أخطر المعيقات التنموية للاقتصاد الكويتي، إذ تتعايش في مكاتبها ظاهرتان سلبيتان ومتناقضتان: التضخم في الحجم. والندرة في الكفاءات. فنسبة عدد الموظفين إلى عدد السكان من أعلى النسب في العالم، وندرة الكفاءات واضحة في كل وزارة وإدارة. وهاتان الظاهرتان تشكلان معاً عنق الزجاجة الذي يجهض كل الجهود الانمائية.
وفي التقرير الذي صدر عن فريق العمل المكلف بدراسة ظاهرة الفساد الإداري في الكويت، والذي سبق الاشارة اليه، جاء ان «التضخم الكبير في حجم الجهاز الحكومي نتيجة للربط بين التعيين في الوظائف العامة واعتبارات المساعدة الاجتماعية لم يؤد فقط إلى اضعاف كفاءة هذا الجهاز، واطالة وتعقيد الروتين في كافة الوزارات والمؤسسات العامة، بل ادى أيضاً إلى ايجاد بيئة مشجعة على الفساد الإداري. فهذا التضخم نجم عنه تضخم مماثل في بند الرواتب والأجور بالميزانية العامة، وأدى - بالتالي - إلى عجز الدولة عن ربط الرواتب بالانتاجية وبمعدل ارتفاع تكاليف المعيشة من جهة، وعن اجتذاب الكفاءات العالية والاحتفاظ بها من جهة ثانية»، وهذه الحقيقة تفسر إلى حد بعيد سبب انتشار الرشوة باعتبارها مخرجاً «شبه مبرر» للحصول على «دخل تعويضي» ان صح التعبير.
أهم أسباب تدني كفاءة الإدارة العامة في الكويت:
طوال العقود الثلاثة الماضية، اتبعت الكويت في معالجة التحديات والصعوبات أسلوب التعامل مع الظواهر بدل معالجة الأسباب، واسلوب المسكنات والمهدئات بدل البحث عن العلة، وفي ميدان الإدارة العامة، أدى هذا الأسلوب إلى «تفريخ» مجالس وهيئات ومؤسسات مستقلة. بحجة التخلص من المركزية والروتين، فإذا بهذا الروتين يلحق بمعظم هذه الوحدات الإدارية المستقلة مصحوباً بظواهر التضخم والترهل وندرة الكفاءات. مما يؤكد على حقيقة بالغة الأهمية ملخصها ان «إعادة الهيكلة» لا يمكن ان تحقق أهدافها ما لم تعالج الأمراض الكثيرة المستحكمة بالجهاز الحكومي. وبالتالي. فإن الإصلاح الإداري يجب ان يبدأ أساسا بمعالجة الأسباب الحقيقية لتدني كفاءة الإدارة العامة في الكويت، وأهمها:
أ - ثقافة الحصانة: وهي ثقافة تجعل الموظف العام (أياً كان موقعه او درجة مسؤوليته) محصناً ضد الرقابة والمساءلة والعقوبة. وحصانته هذه، عائلية كانت او قبلية او طائفية او حزبية، تجعل حمايته أهم من احترام القانون والأنظمة المؤسسية. تعبير «ثقافة الحصانة» هنا يدل على ان المفاهيم الاجتماعية ذاتها تجعل من هذه الحصانة او الحماية غير المعلنة واجباً اجتماعياً.
ب - ضبابية الاجراءات وعدم كفاية او وضوح اللوائح، وعدم توافر المعلومات، وضعف آليات التظلم ومتابعته. فضلاً عن ان كثيراً من القوانين واللوائح تفسح مجالاً كبيرا للاستثناءات مما يفرغ القانون من مضمونه ويترك شعوراً عاماً بالغبن والشك.
جـ - التسيب الناجم عن غياب الرقابة والمساءلة وندرة العقوبة المكافئة للخطأ او الخطيئة.
د - اعتبار الشهادة الجامعية تأشيرة دخول للوظيفة العامة والاستقرار فيها بصرف النظر عن الكفاءة.
هـ - تواضع مستويات التعليم العام وانعكاساته الخطيرة على الأجهزة الحكومية.
منع الجمع بين الوظيفة العامة والعمل التجاري:
اعتمدت جميع دول العالم على اختلاف انظمتها مبدأ منع الجمع بين الوظيفة العامة والعمل التجاري لأسباب لا تخفى على أحد. وقد طبقت الكويت بعد تردد طويل هذا المبدأ نظرياً، وتركت ثغرات كثيرة للالتفاف حوله والتحايل عليه. وبالتالي، يجب ان نلتزم باحترام هذا المبدأ ونحول دون اي اختراق له، فلم يعد مقبولاً ان تمول الميزانية العامة موظفين يعملون بالتجارة على حساب فرص القادمين الجدد إلى سوق العمل. ولم يعد مقبولاً ان يستمر الاعتقاد السائد والخاطئ بأن القطاع الخاص الكويتي لا يستوعب الا 5 في المئة من قوة العمل الوطنية لمجرد ان عدداً غير قليل من اصحاب الأعمال والمهن الحرة يعمل ايضاً في القطاع العام ومسجل ضمن هذا القطاع فقط.
3 - إصلاح الوضع المالي للدولة
السمات الرئيسية للهيكل الحالي للمالية العامة:
أ - بعد مرور ستين عاما على انضمام الكويت الى نادي الدول المصدرة للنفط، ما زالت ايرادات تصدير النفط تمثل نحو 90 في المئة من الايرادات العامة (متوسط السنوات المالية العشر المنتهية 2005 - 2006). وانخفاض الايرادات العامة غير النفطية يعكس مدى ضعف وضع المالية العامة حيال التقلبات المحتملة في اسعار النفط، كما يحرم المخطط المالي والاقتصادي من أهم أدوات توجيه وتعديل النشاطات الاقتصادية.
ب - في الفترة الزمنية ذاتها، لم يتجاوز مستوى الانفاق الرأسمالي الى اجمالي الانفاق العام نسبة 12 في المئة ويعزى ذلك الى ضغوط الانفاق على المرتبات والدعم والتحويلات الأخرى. اذ بلغت نسبة المرتبات والأجور للوزارات والادارات الحكومية 30.4 في المئة من اجمالي الانفاق العام. وترتفع هذه النسبة الى حدود 59 في المئة في حال احتساب ما يسمى بالمرتبات الشاملة التي تشمل مرتبات كل أجهزة الحكومة والقطاع العام بما فيها مساهمة الخزانة العامة في التأمينات الاجتماعية. اما نسبة الانفاق على الدعم والتحويلات الأخرى فبلغ متوسطها في الفترة المذكورة (26 في المئة) من الانفاق العام و(10 في المئة) من الناتج المحلي الاجمالي.
جـ - من المقدر ان يصل اجمالي الفوائض المالية في 31 مارس 2008 الى 60.4 مليار دينار. وينخفض هذا الرقم الى 34.5 مليار بعد خصم الالتزامات المالية على الدولة.
د - خلال العقود الثلاثة مجتمعة (1975/1976 - 2005/2006)، سجلت ايرادات الدولة عجزا تراكميا قدره 7.4 مليار دينار. بمعنى ان الفوائض المالية المتحققة بين مارس 2001 ومارس 2006 والبالغة 8.4 مليار دينار لم تكن فائضا بالمعنى المطلق بل كانت بمثابة تخفيض للعجز المتراكم على مدى ثلاثة عقود من 15.8 إلى 7.4 مليار دينار.
هـ - من المتوقع ان يكون حجم صافي الفوائض المالية في مارس 2021 في حدود 6.4 مليار دينار. بينما تقدر حاجة الكويت الحقيقية لتمويل مشاريعها التنموية حتى ذلك التاريخ بأكثر من 50 مليار دينار.
كتب علاء السمان: يمكن وصف الوثيقة التي قدمتها غرفة تجارة وصناعة الكويت إلى سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح أول من أمس عن «أطروحات وتوصيات المؤتمر الثاني للقطاع الخاص في الكويت»، بأنها مقالة تتخطى المطالب التقليدية للقطاع الخاص بشأن الإصلاح الاقتصادي وتحرير السوق، لتشكل طرحاً تأسيسياً لتجديد العقد الاجتماعي بين «السلطة» بما هي مؤسسات سياسية، والقطاع الخاص، بما هو محرك لديناميكية الإنتاج في البلاد، آخذا في الاعتبار مكانة القوى الأخرى في هذه العلاقة (العمالة، المواطن المستفيد من الخدمة... الخ).
ولعل الدراسة التي قدمتها «الغرفة»، والتي هي خلاصة لمؤتمر «الإصلاح الاقتصادي: كلام مكرر وقرار مؤخل»، تحاول أن تطرح نمطاً بديلاً للتعاقد، عوضاً عن الشكل التقليدي للعلاقة الاقتصادية بين السلطة والمجتمع والقائمة على الرعاية الريعية، بعد أن وصل هذا النمط الأخير إلى حقيقة انه لا يوفر بديلاً عن مواجهة التحديات التنموية في عالم يزداد عولمة، ومنطقة تزداد تنافسية.
وتحاول الدراسة التصدي للأسئلة الصعبة عن علاقة السياسة بالاقتصاد، وتوجه نقداً عالي اللهجة لما تصفه بـ «الجرعة السياسية المفرطة في القرار الاقتصادي». ولا توفر نقداً لوضع الإدارة العامة التي هي مسؤولة عن غزارة الجزء الأكبر من الاقتصاد الوطني، وتسلط الضوء على «الضغوط السياسية والقبلية والطائفية»، منتقدة العلاقة الدائمة التأزمة بين مجلس الأمة والحكومة، والقائمة على «ثقافة الشك» التي تقع البلاد أسيرة لها، وبدلاً من ثقافة الثقة.
أما الشق الاقتصادي البحت، فلا تدخر الدراسة جهداً في تحديد الحاجات والمواجع والمطالب. ففي «المواجع» أن الكويت تحتاج إلى 50 مليار دينار للمشاريع التنموية الرئيسية حتى العام 2021 في حين أن صافي الفوائض المتوقعة لا تتجاوز 6.4 مليار دينار حتى هذا التاريخ، ومما يعني ذلك من صعوبة الاستمرار في «الخلل الهيكلي المعروف» والمتمثل بالاعتماد المفرط على النفط في الاقتصاد.
لا توفر الدراسة ملفاً اقتصادياً ساخناً إلا وتخوض فيه، من الخصخصة التي هي «ذات أهمية مركزية»، ولكن «من حق المواطن التخوف من آثارها على العمالة والأسعار والاستئثار»، إلى كفاءة الإدارة، إلى الفساد الذي يترعرع في ظل هيمنة القطاع العام على النشاط الاقتصادي، إلى تعزيز تنافسية الاقتصاد. ومن بين الملفات الساخنة التي تطرقها ملف إنشاء هيئة سوق المال الذي تعتبر أنه «تأجل بسبب عدم استقرار الرأي»، وتشير إلى أن إنجازها يجب أن يتزامن مع خصخصة البورصة، داعية إلى «العمل على تدارك النقص التشريعي في تنظيم عمليات الاستحواذ والاندماج وحماية صغار المساهمين».
لعل أهم ما في الدراسة أنها تؤسس لذهنية جديدة في التعاطي مع المؤتمرات الاقتصادية، التي يبدو أنها للمرة الأولى لم تعد كلاماً في الهواء وحبراً على الورق، بل فكراً يدور بين أطراف العقد الاجتماعي ويؤسس لشيء ما... ربما!
في ما يلي الجزء الثاني والأخير من الدراسة، التي حصلت عليها «الراي»:
تضخم الحجم وندرة الكفاءات:
تعتبر الإدارة العامة (الجهاز الحكومي) بوضعها الحالي من أخطر المعيقات التنموية للاقتصاد الكويتي، إذ تتعايش في مكاتبها ظاهرتان سلبيتان ومتناقضتان: التضخم في الحجم. والندرة في الكفاءات. فنسبة عدد الموظفين إلى عدد السكان من أعلى النسب في العالم، وندرة الكفاءات واضحة في كل وزارة وإدارة. وهاتان الظاهرتان تشكلان معاً عنق الزجاجة الذي يجهض كل الجهود الانمائية.
وفي التقرير الذي صدر عن فريق العمل المكلف بدراسة ظاهرة الفساد الإداري في الكويت، والذي سبق الاشارة اليه، جاء ان «التضخم الكبير في حجم الجهاز الحكومي نتيجة للربط بين التعيين في الوظائف العامة واعتبارات المساعدة الاجتماعية لم يؤد فقط إلى اضعاف كفاءة هذا الجهاز، واطالة وتعقيد الروتين في كافة الوزارات والمؤسسات العامة، بل ادى أيضاً إلى ايجاد بيئة مشجعة على الفساد الإداري. فهذا التضخم نجم عنه تضخم مماثل في بند الرواتب والأجور بالميزانية العامة، وأدى - بالتالي - إلى عجز الدولة عن ربط الرواتب بالانتاجية وبمعدل ارتفاع تكاليف المعيشة من جهة، وعن اجتذاب الكفاءات العالية والاحتفاظ بها من جهة ثانية»، وهذه الحقيقة تفسر إلى حد بعيد سبب انتشار الرشوة باعتبارها مخرجاً «شبه مبرر» للحصول على «دخل تعويضي» ان صح التعبير.
أهم أسباب تدني كفاءة الإدارة العامة في الكويت:
طوال العقود الثلاثة الماضية، اتبعت الكويت في معالجة التحديات والصعوبات أسلوب التعامل مع الظواهر بدل معالجة الأسباب، واسلوب المسكنات والمهدئات بدل البحث عن العلة، وفي ميدان الإدارة العامة، أدى هذا الأسلوب إلى «تفريخ» مجالس وهيئات ومؤسسات مستقلة. بحجة التخلص من المركزية والروتين، فإذا بهذا الروتين يلحق بمعظم هذه الوحدات الإدارية المستقلة مصحوباً بظواهر التضخم والترهل وندرة الكفاءات. مما يؤكد على حقيقة بالغة الأهمية ملخصها ان «إعادة الهيكلة» لا يمكن ان تحقق أهدافها ما لم تعالج الأمراض الكثيرة المستحكمة بالجهاز الحكومي. وبالتالي. فإن الإصلاح الإداري يجب ان يبدأ أساسا بمعالجة الأسباب الحقيقية لتدني كفاءة الإدارة العامة في الكويت، وأهمها:
أ - ثقافة الحصانة: وهي ثقافة تجعل الموظف العام (أياً كان موقعه او درجة مسؤوليته) محصناً ضد الرقابة والمساءلة والعقوبة. وحصانته هذه، عائلية كانت او قبلية او طائفية او حزبية، تجعل حمايته أهم من احترام القانون والأنظمة المؤسسية. تعبير «ثقافة الحصانة» هنا يدل على ان المفاهيم الاجتماعية ذاتها تجعل من هذه الحصانة او الحماية غير المعلنة واجباً اجتماعياً.
ب - ضبابية الاجراءات وعدم كفاية او وضوح اللوائح، وعدم توافر المعلومات، وضعف آليات التظلم ومتابعته. فضلاً عن ان كثيراً من القوانين واللوائح تفسح مجالاً كبيرا للاستثناءات مما يفرغ القانون من مضمونه ويترك شعوراً عاماً بالغبن والشك.
جـ - التسيب الناجم عن غياب الرقابة والمساءلة وندرة العقوبة المكافئة للخطأ او الخطيئة.
د - اعتبار الشهادة الجامعية تأشيرة دخول للوظيفة العامة والاستقرار فيها بصرف النظر عن الكفاءة.
هـ - تواضع مستويات التعليم العام وانعكاساته الخطيرة على الأجهزة الحكومية.
منع الجمع بين الوظيفة العامة والعمل التجاري:
اعتمدت جميع دول العالم على اختلاف انظمتها مبدأ منع الجمع بين الوظيفة العامة والعمل التجاري لأسباب لا تخفى على أحد. وقد طبقت الكويت بعد تردد طويل هذا المبدأ نظرياً، وتركت ثغرات كثيرة للالتفاف حوله والتحايل عليه. وبالتالي، يجب ان نلتزم باحترام هذا المبدأ ونحول دون اي اختراق له، فلم يعد مقبولاً ان تمول الميزانية العامة موظفين يعملون بالتجارة على حساب فرص القادمين الجدد إلى سوق العمل. ولم يعد مقبولاً ان يستمر الاعتقاد السائد والخاطئ بأن القطاع الخاص الكويتي لا يستوعب الا 5 في المئة من قوة العمل الوطنية لمجرد ان عدداً غير قليل من اصحاب الأعمال والمهن الحرة يعمل ايضاً في القطاع العام ومسجل ضمن هذا القطاع فقط.
3 - إصلاح الوضع المالي للدولة
السمات الرئيسية للهيكل الحالي للمالية العامة:
أ - بعد مرور ستين عاما على انضمام الكويت الى نادي الدول المصدرة للنفط، ما زالت ايرادات تصدير النفط تمثل نحو 90 في المئة من الايرادات العامة (متوسط السنوات المالية العشر المنتهية 2005 - 2006). وانخفاض الايرادات العامة غير النفطية يعكس مدى ضعف وضع المالية العامة حيال التقلبات المحتملة في اسعار النفط، كما يحرم المخطط المالي والاقتصادي من أهم أدوات توجيه وتعديل النشاطات الاقتصادية.
ب - في الفترة الزمنية ذاتها، لم يتجاوز مستوى الانفاق الرأسمالي الى اجمالي الانفاق العام نسبة 12 في المئة ويعزى ذلك الى ضغوط الانفاق على المرتبات والدعم والتحويلات الأخرى. اذ بلغت نسبة المرتبات والأجور للوزارات والادارات الحكومية 30.4 في المئة من اجمالي الانفاق العام. وترتفع هذه النسبة الى حدود 59 في المئة في حال احتساب ما يسمى بالمرتبات الشاملة التي تشمل مرتبات كل أجهزة الحكومة والقطاع العام بما فيها مساهمة الخزانة العامة في التأمينات الاجتماعية. اما نسبة الانفاق على الدعم والتحويلات الأخرى فبلغ متوسطها في الفترة المذكورة (26 في المئة) من الانفاق العام و(10 في المئة) من الناتج المحلي الاجمالي.
جـ - من المقدر ان يصل اجمالي الفوائض المالية في 31 مارس 2008 الى 60.4 مليار دينار. وينخفض هذا الرقم الى 34.5 مليار بعد خصم الالتزامات المالية على الدولة.
د - خلال العقود الثلاثة مجتمعة (1975/1976 - 2005/2006)، سجلت ايرادات الدولة عجزا تراكميا قدره 7.4 مليار دينار. بمعنى ان الفوائض المالية المتحققة بين مارس 2001 ومارس 2006 والبالغة 8.4 مليار دينار لم تكن فائضا بالمعنى المطلق بل كانت بمثابة تخفيض للعجز المتراكم على مدى ثلاثة عقود من 15.8 إلى 7.4 مليار دينار.
هـ - من المتوقع ان يكون حجم صافي الفوائض المالية في مارس 2021 في حدود 6.4 مليار دينار. بينما تقدر حاجة الكويت الحقيقية لتمويل مشاريعها التنموية حتى ذلك التاريخ بأكثر من 50 مليار دينار.