المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عدم استقرار الرأي أخر هيئة السوق وإنشاؤها يجب أن يتزامن مع خصخصة البورصة



مغروور قطر
25-07-2007, 04:02 AM
دراسة / غرفة التجارة: عدم استقرار الرأي أخر هيئة السوق وإنشاؤها يجب أن يتزامن مع خصخصة البورصة
كتب علاء السمان: يمكن وصف الوثيقة التي قدمتها غرفة تجارة وصناعة الكويت إلى سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح أول من أمس عن «أطروحات وتوصيات المؤتمر الثاني للقطاع الخاص في الكويت»، بأنها مقالة تتخطى المطالب التقليدية للقطاع الخاص بشأن الإصلاح الاقتصادي وتحرير السوق، لتشكل طرحاً تأسيسياً لتجديد العقد الاجتماعي بين «السلطة» بما هي مؤسسات سياسية، والقطاع الخاص، بما هو محرك لديناميكية الإنتاج في البلاد، آخذا في الاعتبار مكانة القوى الأخرى في هذه العلاقة (العمالة، المواطن المستفيد من الخدمة... الخ).
ولعل الدراسة التي قدمتها «الغرفة»، والتي هي خلاصة لمؤتمر «الإصلاح الاقتصادي: كلام مكرر وقرار مؤخل»، تحاول أن تطرح نمطاً بديلاً للتعاقد، عوضاً عن الشكل التقليدي للعلاقة الاقتصادية بين السلطة والمجتمع والقائمة على الرعاية الريعية، بعد أن وصل هذا النمط الأخير إلى حقيقة انه لا يوفر بديلاً عن مواجهة التحديات التنموية في عالم يزداد عولمة، ومنطقة تزداد تنافسية.
وتحاول الدراسة التصدي للأسئلة الصعبة عن علاقة السياسة بالاقتصاد، وتوجه نقداً عالي اللهجة لما تصفه بـ «الجرعة السياسية المفرطة في القرار الاقتصادي». ولا توفر نقداً لوضع الإدارة العامة التي هي مسؤولة عن غزارة الجزء الأكبر من الاقتصاد الوطني، وتسلط الضوء على «الضغوط السياسية والقبلية والطائفية»، منتقدة العلاقة الدائمة التأزمة بين مجلس الأمة والحكومة، والقائمة على «ثقافة الشك» التي تقع البلاد أسيرة لها، وبدلاً من ثقافة الثقة.
أما الشق الاقتصادي البحت، فلا تدخر الدراسة جهداً في تحديد الحاجات والمواجع والمطالب. ففي «المواجع» أن الكويت تحتاج إلى 50 مليار دينار للمشاريع التنموية الرئيسية حتى العام 2021 في حين أن صافي الفوائض المتوقعة لا تتجاوز 6.4 مليار دينار حتى هذا التاريخ، ومما يعني ذلك من صعوبة الاستمرار في «الخلل الهيكلي المعروف» والمتمثل بالاعتماد المفرط على النفط في الاقتصاد.
لا توفر الدراسة ملفاً اقتصادياً ساخناً إلا وتخوض فيه، من الخصخصة التي هي «ذات أهمية مركزية»، ولكن «من حق المواطن التخوف من آثارها على العمالة والأسعار والاستئثار»، إلى كفاءة الإدارة، إلى الفساد الذي يترعرع في ظل هيمنة القطاع العام على النشاط الاقتصادي، إلى تعزيز تنافسية الاقتصاد. ومن بين الملفات الساخنة التي تطرقها ملف إنشاء هيئة سوق المال الذي تعتبر أنه «تأجل بسبب عدم استقرار الرأي»، وتشير إلى أن إنجازها يجب أن يتزامن مع خصخصة البورصة، داعية إلى «العمل على تدارك النقص التشريعي في تنظيم عمليات الاستحواذ والاندماج وحماية صغار المساهمين».
لعل أهم ما في الدراسة أنها تؤسس لذهنية جديدة في التعاطي مع المؤتمرات الاقتصادية، التي يبدو أنها للمرة الأولى لم تعد كلاماً في الهواء وحبراً على الورق، بل فكراً يدور بين أطراف العقد الاجتماعي ويؤسس لشيء ما... ربما!
في ما يلي الجزء الثاني والأخير من الدراسة، التي حصلت عليها «الراي»:
تضخم الحجم وندرة الكفاءات:
تعتبر الإدارة العامة (الجهاز الحكومي) بوضعها الحالي من أخطر المعيقات التنموية للاقتصاد الكويتي، إذ تتعايش في مكاتبها ظاهرتان سلبيتان ومتناقضتان: التضخم في الحجم. والندرة في الكفاءات. فنسبة عدد الموظفين إلى عدد السكان من أعلى النسب في العالم، وندرة الكفاءات واضحة في كل وزارة وإدارة. وهاتان الظاهرتان تشكلان معاً عنق الزجاجة الذي يجهض كل الجهود الانمائية.
وفي التقرير الذي صدر عن فريق العمل المكلف بدراسة ظاهرة الفساد الإداري في الكويت، والذي سبق الاشارة اليه، جاء ان «التضخم الكبير في حجم الجهاز الحكومي نتيجة للربط بين التعيين في الوظائف العامة واعتبارات المساعدة الاجتماعية لم يؤد فقط إلى اضعاف كفاءة هذا الجهاز، واطالة وتعقيد الروتين في كافة الوزارات والمؤسسات العامة، بل ادى أيضاً إلى ايجاد بيئة مشجعة على الفساد الإداري. فهذا التضخم نجم عنه تضخم مماثل في بند الرواتب والأجور بالميزانية العامة، وأدى - بالتالي - إلى عجز الدولة عن ربط الرواتب بالانتاجية وبمعدل ارتفاع تكاليف المعيشة من جهة، وعن اجتذاب الكفاءات العالية والاحتفاظ بها من جهة ثانية»، وهذه الحقيقة تفسر إلى حد بعيد سبب انتشار الرشوة باعتبارها مخرجاً «شبه مبرر» للحصول على «دخل تعويضي» ان صح التعبير.
أهم أسباب تدني كفاءة الإدارة العامة في الكويت:
طوال العقود الثلاثة الماضية، اتبعت الكويت في معالجة التحديات والصعوبات أسلوب التعامل مع الظواهر بدل معالجة الأسباب، واسلوب المسكنات والمهدئات بدل البحث عن العلة، وفي ميدان الإدارة العامة، أدى هذا الأسلوب إلى «تفريخ» مجالس وهيئات ومؤسسات مستقلة. بحجة التخلص من المركزية والروتين، فإذا بهذا الروتين يلحق بمعظم هذه الوحدات الإدارية المستقلة مصحوباً بظواهر التضخم والترهل وندرة الكفاءات. مما يؤكد على حقيقة بالغة الأهمية ملخصها ان «إعادة الهيكلة» لا يمكن ان تحقق أهدافها ما لم تعالج الأمراض الكثيرة المستحكمة بالجهاز الحكومي. وبالتالي. فإن الإصلاح الإداري يجب ان يبدأ أساسا بمعالجة الأسباب الحقيقية لتدني كفاءة الإدارة العامة في الكويت، وأهمها:
أ - ثقافة الحصانة: وهي ثقافة تجعل الموظف العام (أياً كان موقعه او درجة مسؤوليته) محصناً ضد الرقابة والمساءلة والعقوبة. وحصانته هذه، عائلية كانت او قبلية او طائفية او حزبية، تجعل حمايته أهم من احترام القانون والأنظمة المؤسسية. تعبير «ثقافة الحصانة» هنا يدل على ان المفاهيم الاجتماعية ذاتها تجعل من هذه الحصانة او الحماية غير المعلنة واجباً اجتماعياً.
ب - ضبابية الاجراءات وعدم كفاية او وضوح اللوائح، وعدم توافر المعلومات، وضعف آليات التظلم ومتابعته. فضلاً عن ان كثيراً من القوانين واللوائح تفسح مجالاً كبيرا للاستثناءات مما يفرغ القانون من مضمونه ويترك شعوراً عاماً بالغبن والشك.
جـ - التسيب الناجم عن غياب الرقابة والمساءلة وندرة العقوبة المكافئة للخطأ او الخطيئة.
د - اعتبار الشهادة الجامعية تأشيرة دخول للوظيفة العامة والاستقرار فيها بصرف النظر عن الكفاءة.
هـ - تواضع مستويات التعليم العام وانعكاساته الخطيرة على الأجهزة الحكومية.
منع الجمع بين الوظيفة العامة والعمل التجاري:
اعتمدت جميع دول العالم على اختلاف انظمتها مبدأ منع الجمع بين الوظيفة العامة والعمل التجاري لأسباب لا تخفى على أحد. وقد طبقت الكويت بعد تردد طويل هذا المبدأ نظرياً، وتركت ثغرات كثيرة للالتفاف حوله والتحايل عليه. وبالتالي، يجب ان نلتزم باحترام هذا المبدأ ونحول دون اي اختراق له، فلم يعد مقبولاً ان تمول الميزانية العامة موظفين يعملون بالتجارة على حساب فرص القادمين الجدد إلى سوق العمل. ولم يعد مقبولاً ان يستمر الاعتقاد السائد والخاطئ بأن القطاع الخاص الكويتي لا يستوعب الا 5 في المئة من قوة العمل الوطنية لمجرد ان عدداً غير قليل من اصحاب الأعمال والمهن الحرة يعمل ايضاً في القطاع العام ومسجل ضمن هذا القطاع فقط.
3 - إصلاح الوضع المالي للدولة
السمات الرئيسية للهيكل الحالي للمالية العامة:
أ - بعد مرور ستين عاما على انضمام الكويت الى نادي الدول المصدرة للنفط، ما زالت ايرادات تصدير النفط تمثل نحو 90 في المئة من الايرادات العامة (متوسط السنوات المالية العشر المنتهية 2005 - 2006). وانخفاض الايرادات العامة غير النفطية يعكس مدى ضعف وضع المالية العامة حيال التقلبات المحتملة في اسعار النفط، كما يحرم المخطط المالي والاقتصادي من أهم أدوات توجيه وتعديل النشاطات الاقتصادية.
ب - في الفترة الزمنية ذاتها، لم يتجاوز مستوى الانفاق الرأسمالي الى اجمالي الانفاق العام نسبة 12 في المئة ويعزى ذلك الى ضغوط الانفاق على المرتبات والدعم والتحويلات الأخرى. اذ بلغت نسبة المرتبات والأجور للوزارات والادارات الحكومية 30.4 في المئة من اجمالي الانفاق العام. وترتفع هذه النسبة الى حدود 59 في المئة في حال احتساب ما يسمى بالمرتبات الشاملة التي تشمل مرتبات كل أجهزة الحكومة والقطاع العام بما فيها مساهمة الخزانة العامة في التأمينات الاجتماعية. اما نسبة الانفاق على الدعم والتحويلات الأخرى فبلغ متوسطها في الفترة المذكورة (26 في المئة) من الانفاق العام و(10 في المئة) من الناتج المحلي الاجمالي.
جـ - من المقدر ان يصل اجمالي الفوائض المالية في 31 مارس 2008 الى 60.4 مليار دينار. وينخفض هذا الرقم الى 34.5 مليار بعد خصم الالتزامات المالية على الدولة.
د - خلال العقود الثلاثة مجتمعة (1975/1976 - 2005/2006)، سجلت ايرادات الدولة عجزا تراكميا قدره 7.4 مليار دينار. بمعنى ان الفوائض المالية المتحققة بين مارس 2001 ومارس 2006 والبالغة 8.4 مليار دينار لم تكن فائضا بالمعنى المطلق بل كانت بمثابة تخفيض للعجز المتراكم على مدى ثلاثة عقود من 15.8 إلى 7.4 مليار دينار.
هـ - من المتوقع ان يكون حجم صافي الفوائض المالية في مارس 2021 في حدود 6.4 مليار دينار. بينما تقدر حاجة الكويت الحقيقية لتمويل مشاريعها التنموية حتى ذلك التاريخ بأكثر من 50 مليار دينار.

مغروور قطر
25-07-2007, 04:03 AM
و - يمثل حجم الانفاق الاستهلاكي النهائي 75 في المئة من حجم الناتج المحلي الاجمالي، بينما لا يتجاوز صافي الانفاق الاستثماري نسبة 10 في المئة من هذا الناتج. وهذه نسبة متدنية جدا في دولة يشكل عدد مواطنيها دون سن 21 عاما أكثر من نصف مجموع السكان. ما يعني ان الاقتصاد الكويتي في ظل المعطيات الحالية - غير قادر على توليد فرص عمل كافية ومنتجة للقادمين الجدد الى سوق العمل.
الكويت، إذاً، لا تملك فوائض مالية تزيد عن احتياجاتها، بل تمر حاليا بمرحلة سيولة مالية ناجمة عن ارتفاع أسعار النفط بالدرجة الأولى، وعن ضعف معدلات الاستثمار التنموي بالدرجة الثانية. واهدار فرصة «السيولة المالية» هذه في انفاق استهلاكي عقيم سيؤدي حتما الى نقص خطير في مناعة الكويت الاقتصادية والسياسية والامنية. ولسنا بحاجة هنا الى التذكير بصدمات هبوط أسعار النفط. كما اننا لسنا بحاجة الى التنبيه من اننا نعيش في قلب منطقة يتفاعل حولها وتحت رمالها وميض نذير.
إصلاح الأوضاع المالية، خطوط عريضة:
أ - اعتماد آليات أكثر فاعلية في الرقابة على الميزانية العامة، وخاصة من حيث الأخذ بميزانيات البرامج والأداء، التي يتم اعدادها على أساس الاهداف الواجب تحقيقها وليس على أساس قائمة النفقات المطلوبة، ما يقتضي تبرير المبالغ المطلوب رصدها لكل سلعة او خدمة من جهة، ويساعد في تقييم الاداء وتحديد المسؤولية والمساءلة من جهة أخرى.
ب - اعادة النظر كليا في «شبكة الامان الاجتماعي» بحيث تتسع خدماتها ومساندتها للمواطنين المستحقين الذين يحتاجون اليها وتضيق حيال غيرهم. على عكس النظام الحالي الذي يخدم الفئات المقتدرة أكثر مما يخدم الفئات محدودة الدخل، وهو ما يتناقض مع الهدف الاساسي لسياسات الدعم ويجرح عدالتها. فاعادة النظر بهذا الاتجاه يؤدي بالضرورة الى الحد من الاسراف غير المبرر في استهلاك السلع والخدمات العامة ويخفف من الاعباء التي يتحملها المال العام نتيجة هذا الاسراف.
جـ - ان عملية الاصلاح الاقتصادي يجب ألا تنعكس سلبا على مستوى معيشة ذوي الدخل المحدود. ويجب ان تسير بالتوازي مع تعزيز قواعد العدل الاجتماعي الذي ضمنه الدستور وذلك من خلال خطين اثنين: أولهما اقرار برنامج لدعم ذوي الدخل المحدود، على ان يوجه هذا الدعم نقدا ومباشرة الى مستحقيه الحقيقيين من دون غيرهم. وثانيهما، اقرار نظام ضريبي حديث وعادل يراعي اعتبارات التنمية والمرونة والسهولة أكثر من اعتبارات الجباية والحصيلة.
د - ضرورة وقف ورفض كل أشكال الهدر المتمثلة بمقترحات خفض أو الغاء الديون، وتقديم المنح، واسقاط فواتير السلع والخدمات العامة... وفي الوقت ذاته، يجب سحب مقترح الحكومة باستغلال نسبة من الفوائض المالية في اقامة مشاريع توزع اسهمها على المواطنين مجانا، وتحتفظ الدولة بحق ادارتها بالكامل. ذلك لان هذه المشاريع كانت بمثابة رد فعل سياسي غير مدروس على مقترحات اسقاط الديون، فجاءت بمثابة نكوص على جهود الاصلاح الاقتصادي الهادف الى تقليص هيمنة القطاع العام.
4 - تغيير النظام التربوي لتطوير رأس المال البشري
بفعل الثورة العلمية والتكنولوجية الشاملة، هبت رياح التغيير المتسارع لتعتري كل ناحية من نواحي الحياة المعاصرة، وفي طليعتها نظام التعليم بكل أركانه، فلم يعد الحديث يقف عند حدود تحسين هذا النظام وتطويره، بل اضحى الحديث يتناول «تغيير التربية» في مفهومهاوبنيتها، وفي اساليبها ومؤسساتها ومناهجها. واذا كان هذا ما تقر به الدول الأكثر تقدما، يصبح من المسلم به القول ان النظام التعليمي في الكويت يحتاج الى «تغيير» جذري يتناول فلسفته ومناهجه ومؤسساته، ويشمل كل مراحله وأنواعه وأطرافه، ليقضي على بطالة الخريجين السافرة منها والمقنعة. وينهي أزمة ندرة الاختصاصيين والمهنيين. وهما الظاهرتان اللتان تتعايشان جنبا الى جنب في مخرجات نظامنا التعليمي، فتعمقان مشكلة اختلال هيكل العمالة.
5 - تحظى ظاهرة الفساد الإداري باهتمام عالمي متزايد، ولم تتخلف الكويت عن ركب الدول الواعية للمخاطر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لهذه الظاهرة، فانضمت إلى الاتفاقية الدولية لمحاربة الفساد، واعتمدت تقارير ودراسات ميدانية جريئة في هذا الصدد وتأسست جمعية الشفافية الكويتية في اطار منظمات المجتمع المدني. ومع الاقرار التام بأن ظاهرة الفساد الإداري أعم وأعمق واعقد من ان تكون قاصرة على الجانب الاقتصادي، فإن اهتمامنا في هذا التقرير يقتصر على توضيح العلاقة الوثيقة والمتبادلة بين الفساد الإداري والأداء الاقتصادي. بقي ان نذكر في هذا المجال ان ثمة علاقة عكسية قوية بين الفساد والديموقراطية: فكلما ارتفع مستوى الممارسة الديموقراطية والشفافية والمشاركة الشعبية ازدادت القدرة على محاربة الفساد. غير ان الاشكالية الحقيقية هنا ليست في اختيار الديموقراطية باعتبارها النظام السياسي الأفضل لمحاربة الفساد. بل هي في حماية الديموقراطية ذاتها من الفساد.
ثالثاً: احتياجات أساسية
لتعزيز تنافسية الاقتصاد الكويتي
يمثل الاصلاح الاقتصادي - بقواعده الأساسية الخمس التي تم بحثها - البوابة الوحيدة لتعزيز تنافسية الكويت الاقتصادية على المستويين الاقليمي والعالمي. غير ان هذه القواعد تحتاج إلى تشريعات واجراءات كثيرة تدعم قوتها وتشكل آليات ضرورية لعملها. ويعنى هذا الجزء من التقرير بتقديم عرض موجز لنماذج من هذه «الاحتياجات» تم بحثها ضمن محاور المؤتمر وجلساته.
البنية الأساسية المادية:
في «تقرير الكويت للتنافسية» دراسة مقارنة بين الكويت وتسع دول اخرى ذات اقتصادات مشابهة بالدخل او الحجم او الهيكلية (الإمارات، البحرين، قطر، قبرص، سنغافورة، سلوفانيا، سلوفاكيا، استونيا، والنرويج). ومن أهم نتائج هذه الدراسة، ان الكويت تأتي في المرتبة التاسعة بين الدول العشر من حيث البنية الأساسية المادية (الدولة العاشرة هي سلوفاكيا). كما تأتي الكويت في المرتبة الثامنة بين هذه الدول بمقياس التنافسية الاعمالية ومقياس التنافسية العالمية على حد سواء (تأتي بعدها البحرين وقبرص).
تطوير الموانئ
رغم ما حققته حمولة موانئ الكويت خلال السنوات الخمس الأخيرة من نمو قياسي يصعب ان يستمر او يتكرر، فان هذه الحمولة لم تتجاوز عام 2006 حجم 750 ألف حاوية، مقابل أربعة اضعاف هذا الحجم لميناء جدة، وقرابة ذلك لمينائي خورفكان والشارقة مجتمعين، بينما استقبل ميناءا راشد ودبي معا عشرة أضعاف حمولة موانئ الكويت الثلاثة.
ومن جهة أخرى، ادرج التقرير العالمي للتنافسية (2004/2005) موانئ الكويت في المرتبة 79 بين موانئ 125 دولة شملها التقرير. وبرر هذه المرتبة المتأخرة جدا بالروتين، وافتقاد المهنية، وكون تكاليف الخدمة هي الأعلى بين موانئ المنطقة. أما «تقرير الكويت للتنافسية» فقد أكد - بدوره - ان الموانئ الكويتية تحتاج الى استثمارات جديدة وكافية لتطوير معداتها وتحسين خدماتها، كما تحتاج الى دعوة شركات متخصصة وذات خبرة للمشاركة في تشغيلها وادارتها.
رفع كفاءة الخدمات الجمركية
في ظل الاتحاد الجمركي الخليجي، اصبحت المنافذ الحدودية لكل دول مجلس التعاون منافذ متنافسة على اجتذاب مستوردات المنطقة. وأصبحت لزيادة كفاءة الجمارك الكويتية وتخفيض تكاليف خدماتها اهمية مضاعفة. وقد وصف تقرير وضعته جهة دولية بتكليف الحكومة الكويتية، وصف الادارة العامة للجمارك بانها «ادارة متضخمة في عدد الموظفين غير المؤهلين، بطيئة في تجهيز المعاملات، تعمل وفق اطار قانوني وتنظيمي لا يرتقي الى معايير بروتوكول كيوتو الجمركي، ولا يفي بالتزامات الكويت في اطار منظمة التجارة العالمية...».
ولعل في النقاط التالية ما يلخص أهم احتياجات الصناعة الكويتية في الوقت الراهن:
- ضرورة توفير المناطق الصناعية الكافية مساحة وتجهيزا. ذلك ان آخر منطقة صناعية انشئت في الكويت تعود الى اكثر من ربع قرن مضى، ما جعل عدم توافر الأراضي يشكل اختناقا حقيقيا للنمو الصناعي في البلاد.
- لا بد من وجود نظام واضح ومعلن لتوزيع القسائم الصناعية بالاستناد الى معاييره وشروطه، بما يحقق العدالة والكفاءة في هذا التوزيع، ويقضي على ما أحاط بهذه العملية خلال السنوات الاخيرة من شكوك وتساؤلات، ويحررها من كل أنواع الضغوط.
- توفير الطاقة الكهربائية اللازمة. والاستفادة من امكانات القطاع الخاص في ذلك، وفي تنظيم المناطق والقسائم الصناعية.
- معالجة «المسؤولية الصناعية التائهة» نظرا لتعدد الجهات المسؤولة، والعودة في هذا الصدد لاحياء مركز الخدمات المتكاملة (أو النافذة الواحدة). والذي لا بد وان يضم الهيئة العامة للبيئة التي نجم عن ضعف امكاناتها الفنية تعقيدات جديدة في اصدار التراخيص وانشاء المناطق الصناعية.
- تشجيع الصادرات، من خلال التسهيلات الائتمانية للمصدرين، وضمان حقوقهم لدى عملائهم، والاستفادة من القروض الائتمانية والمعونات الخارجية التي تقدمها دولة الكويت. وبشكل عام اقرار كل ما من شأنه زيادة الطلب على المنتجات الصناعية الوطنية لكسر الحلقة المفرغة التي تدور بين الطاقة المعطلة وارتفاع التكلفة. على ان يتم ذلك بما لا يرهق المستهلك المحلي، وبما لا يتعارض مع التزامات الكويت الخليجية والعربية والعالمية.
المناطق الحرة
إلى جانب أسباب قانونية واجرائية عديدة، يعزى تعثر اداء المنطقة التجارية الحرة الى عدم وضوح مفهوم «المنطقة الحرة» ودورها وأهدافها من جهة، والى ضعف آليات الرقابة والاشراف في القانون رقم 26/95 بشأن المناطق الحرة من جهة أخرى. ان المنطقة التجارية الحرة ليست مجرد مساحة محددة داخل الحدود الجغرافية والسياسية وخارج الحدود الجمركية للدولة، بل هي مشروع تنموي وطني يمثل جزءا من استراتيجية اقتصادية شاملة. ونظرا للدور الذي تلعبه المنطقة الحرة في تحول الكويت الى مركز مالي وتجاري، وفي اجتذاب الاستثمارات الاجنبية، لا بد من اعادة النظر في القانون المشار اليه بشكل يحدد مفهومها وطبيعتها، ويبين آليات الرقابة والاشراف عليها.

مغروور قطر
25-07-2007, 04:03 AM
لقد كان اسناد إدارة وتشغيل المنطقة الحرة الى القطاع الخاص بمثابة خطوة في الطريق الصحيح، واملنا كبير في استمرار هذا التوجه وعدم النكوص عنه.
النظام الضريبي
من حيث المبدأ، تعتبر الضريبة المباشرة على الدخل رافدا مهما للايرادات العامة، وأداة اساسية لتوجيه الانشطة الاقتصادية بما ينسجم مع المقتضيات التنموية، ووسيلة لتحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي وتعزيز الرقابة الشعبية على الانفاق العام. وليس هناك من الأسباب ما يبرر استثناء الكويت من هذا المبدأ العام.
ومن حيث التطبيق، ان القانون الحالي لضريبة الدخل في الكويت (المرسوم 3/55) قانون معيب ومعيق، لا يمكن الاستمرار فيه لانه يحول دون اجتذاب اي استثمارات اجنبية طالما انه يفرض ضريبة دخل على ارباحها بنسبة 55 في المئة، ولانه صدر أصلا لغايات لا علاقة لها بضريبة الدخل. وبالتالي، لا بد من العمل على وضع نظام ضريبي حديث يتصف بالعدل والشمول والمرونة، ويعنى بالانعكاسات الاقتصادية وتعزيز التنافسية. ولا بد لمثل هذا النظام الضريبي من أن يأتي متزامنا مع الاصلاحات المالية التي تمنع الهدر بكل اشكاله، ومصاحبا للانتقال من نظام الدعم غير المباشر وغير العادل لاسعار السلع والخدمات العامة الى نظام الدعم المباشر لمستحقيه فقط.
هيئة سوق المال
الهدف الأساسي لانشاء هيئة سوق المال هو الفصل بين وظائف التشريع والرقابة والتأديب من جهة وعملية تنظيم التداول اليومي من جهة ثانية. ورغم ان اقرار هذا الاتجاه أصبح امرا محسوما منذ مدة غير قصيرة، فان ملابسات ادارية قد عرقلت صياغة التشريع اللازم لانشاء الهيئة وتحديد نظامها ومهامها. وفي هذا الصدد، ترد التوصيات التالية:
- ان قانون هيئة سوق المال يجب ان يتضمن بذاته، او ان يواكبه بشكل مستقل، ما ينقل ملكية وإدارة السوق بالكامل الى القطاع الخاص، وبصيغة مدروسة تتفق مع الاتجاه العالمي الحديث في هذا الشأن. فلا يجوز ان يبقى السوق بهويته الحالية الحائرة. كما ان نقله ملكية وادارة الى القطاع العام ينفي مبرر ايجاد الهيئة.
- ريثما يصدر قانون الهيئة، يجب العمل على تدارك النقص التشريعي في تنظيم عمليات الاستحواذ والاندماج وحماية حقوق صغار المساهمين (الأقلية)، خصوصا وان السوق ستشهد - كما يبدو - نشاطا متزايدا في هذا المجال المهم.
- ان تسييس التعامل مع المؤسسات الاقتصادية العامة ذات الدور الرقابي، وفي طليعتها بنك الكويت المركزي وهيئة سوق المال والبورصة، يشكل منزلقاً بالغ الخطورة، وفادح الضرر بالمصلحة العامة ومصلحة المواطنين جميعاً دون استثناء. وهذا ما يفرض على الحكومة وعلى القوى السياسية النأي بهذه المؤسسات عن التجاذب السياسي.
رابعاً: الكويت مركز مالي وتجاري:
المنهج والهدف
من المعروف ان أعمق وأصعب الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الكويتي هو اعتماده شبه الكامل على النفط، الأمر الذي زاد من تبعيته وانكشافه، ومن هشاشته تجاه الصدمات، كما أدى إلى ضعف الروابط بين قطاعاته وانشطته المختلفة، ومن هنا استأثرت قضية توسيع القاعدة الانتاجية وتنويع مصادر الدخل باهتام كبير منذ الستينات حتى الآن. فكانت الهدف الأول لكل خطط التنمية، ولكل البرامج الحكومية بلا استثناء. ومع ذلك، يمكن القول ان الكويت لم تحقق تقدماً يذكر على هذا الصعيد، بل ان العكس هو الصحيح.
وواقع الحال، ان تنويع مصادر الدخل، وتوظيف الايرادات النفطية جسر للانتقال نحو اقتصاد انتاجي متوازن، ظل هدفاً بلا استراتيجية. وأملاً تحبطه هيمنة القطاع العام، وتبعده السياسات غير الموفقة والأحداث المحلية والاقليمية، إلى ان اعاد حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، في اكتوبر 2004 (وكان رئيس مجلس الوزراء آنذاك) اطلاق الرؤية التنموية الهادفة إلى جعل الكويت مركزاً مالياً وتجارياً، وهو الاطلاق الذي اصبح بمثابة التزام رسمي بعدما أكد ا لخطاب الأميري والبرنامج الحكومي على هذا المنهج، وبعد ان شكل مجلس الوزراء فريق عمل يتولى دراسة كافة متطلبات «المركز» ومقومات نجاحه. وبالفعل تم تكليف جهة استشارية عالمية بهذه الدراسة.
والرؤية التنموية الجديدة تتيح توظيفاً ذكياً للمزايا الاقتصادية النسبية لدولة الكويت. وفي طليعتها، الموقع الجغرافي، النظام الديموقراطي والاستقرار السياسي، الملاءة المالية، العلاقات التجارية، البنية الأساسية والمؤسسية، فضلاً عن التصنيف الائتماني المتميز، والقطاع المصرفي المتقدم، والقطاع الاستثماري المتنوع، والسوق المالية النشطة. ومن جهة اخرى، ان قطاعي المال والتجارة يعتبران بحكم طبيعتهما ومتطلباتهما من أنشطة القطاع الخاص بامتياز. كما يعتبران من الأنشطة التي تعتمد على عمالة قليلة الحجم عالية الاختصاص، مما يتيح الاستفادة القصوى من الحجم السكاني الصغير لدولة الكويت، وتوجيهها نحو اعمال ذات قيمة مضافة مرتفعة.
غير ان حماسنا لهذه الرؤية التنموية يجب الا ينسينا ان نجاحنا في تحقيقها يتطلب درجة عالية جداً من التنافسية على الصعيدين الاقليمي والعالمي، وهي تنافسية يجب ان تحشد لبنائها جهود ضخمة وتغييرات جذرية في المفاهيم والمنطلقات، وفي السياسات والتشريعات، والبنى والمؤسسات، وفي الثقافة والسلوكيات. خاصة وأننا نبدأ من راهن يضعنا، حسب «التقرير العالمي للتنافسية»، في المرتبة الأخيرة بين الدول التي شملها التقرير من حيث حرية التملك لغير المواطنين (المرتبة 125 من أصل 125) وفي المرتبة 119 من حيث البيئة الجاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر، غير ان الرؤية قابلة للتنفيذ اذا ما عقدنا العزم وأحسنا التخطيط، وعملنا بسرعة على توفير شروط النجاح، وفي مقدمها:
• تحرير أنشطة المصارف والاستثمار والتأمين، وبيوت الاستشارات القانونية والمالية والمحاسبية ومكاتب التمثيل.
• تؤكد التجارب العالمية ان ثمة ارتباطاً وثيقاً بين نمو المراكز المالية والنشاط التجاري، بمعنى ان تطوير الكويت كمركز مالي يرتبط إلى حد بعيد بتطويرها لتكون مركزاً تجارياً وبالتالي، فإن الانفتاح التجاري وما يرتبط به من سياسات ومفاهيم هو المدخل الصحيح لايجاد مركز مالي فاعل.
• ان اعطاء الاقتصاد الكويتي هوية مالية وتجارية تنسجم مع واقعه وتستثمر مزاياه النسبية، لا يعني ابداً ولا يتناقض مطلقاً مع ضرورات تنمية وتطوير القطاعات والأنشطة الاخرى. فعندما نقول ان الاقتصاد الاميركي أو الألماني اقتصاد صناعي لا نقلل ابداً من اهمية قطاعه الزراعي او الخدمي. وعندما نقول ان اقتصاد سنغافورة تجاري خدمي لا نتجاهل مطلقاً قطاعه المالي والتقني.
• توفير البيئة التشريعية والتنظيمية المشجعة والمستقرة. بما في ذلك اصدار التشريعات المنسجمة مع التوجهات العالمية وخاصة قوانين الخصخصة وضريبة الدخل، والشركات والعمل، واعادة النظر بشكل جذري في قانون تشجيع الاستثمار الاجنبي، وفي نظام الاقامات والكفاءة، وايجاد اجهزة قضائية متخصصة بالمنازعات المالية والتجارية.
• تعزيز مبادئ الإدارة والممارسات السليمة (الحوكمة) في القطاعين العام والخاص. وتكثيف المساعي الرامية إلى ايجاد بيئة رافضة للفساد المالي والإداري وخاصة من حيث تخفيف البيروقراطية، وتنفيذ الحكومة الاليكترونية وإطلاق الحق في الاطلاع.
• السعي لجعل الكويت محطة أساسية اقليمية لخطوط الطيران العالمية، وتطوير مطارها وموانئها ومراكزها الحدودية.
• الانفتاح الفكري والثقافي والاجتماعي دون التضحية بخصوصيتنا وهويتنا.
• إطلاق حملات وآليات الترويح للكويت وبرنامجها الاقتصادي ومشاريعها التنموية وانفتاحها الدولي. على ان تكون حملات قائمة على الحقيقة والواقع والقرار المتخذ والتشريع الصادر، وليس على سين وسوف ندرس ونتطلع.
خلاصة القول: ان تحول الكويت إلى مركز مالي وتجاري هو في حقيقته صياغة الإصلاح الاقتصادي في اطار برنامج تنفيذي، وبتعبير آخر ان الاصلاح الاقتصادي الذي يهدف الي الانتقال من اقتصاد ريعي يحكمه القطاع العام إلى اقتصاد انتاجي يحركه القطاع الخاص على أسس قوى السوق والمنافسة والعدل، وهو الشرط اللازم والكافي لتحقيق الرؤية التنموية بتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري وبالتالي، ان هذه الرؤية التنموية - مثلها مثل الاصلاح الاقتصادي ذاته - اضحت قدراً ولم تعد خياراً.