المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يحاصر المضاربين في معركة الرهانات



مغروور قطر
28-07-2007, 04:54 AM
المركزي» يحاصر المضاربين في معركة الرهانات
كتب فراس ياسين: سجل البنك المركزي اول من امس هدفا في مرمى المضاربين، بل في مرمى المحللين الذين ظنوا ان «الأمور انتهت بالنسبة للكويت، والانظار تتوجه حاليا الى الدرهم الإماراتي»، ولاسيما اولئك الذين رسموا اتجاها واحدا لسعر صرف الدينار.
ربما كان من البديهي ان يسري في الاوساط الإقتصادية، محليا واقليميا على حد سواء، الشعور بأن «المركزي» يتجه نحو انجاز مهمته في اعادة تقييم الدينار الى قيمته «العادلة»، وذلك لان نسبة الرفع التي حددها المركزي بواقع 1.7 في المئة كانت مفاجئة، اكثر بكثير من قرار الرفع نفسه، بحيث اقتربت نسبة الرفع الاجمالية البالغة 2.44 في المئة (قبل خطوة اول من امس) من الـ3 في المئة التي تكهن بها بنك «ستاندرد شارترد»، والتي وجدت صداها بين تلك الاوساط، لذلك رأى البعض ان هامشا مازال متاحا امام «المركزي» برفع جديد للدينار.
لكن ما كان مفاجئا اكثر، هو قيام «المركزي» اول من امس بخفض سعر صرف الدينار 0.11 في المئة. مفاجئا لسببين، الاول هو القرار نفسه الذي جاء مغايرا لتيار التوقعات، والثاني هو سرعة القرار الذي جاء بعد يوم واحد فقط من قرار الرفع. لذلك جاءت ردة فعل السوق اسرع، اذ انه في اليوم نفسه ارتفعت اسعار الفائدة في سوق ما بين البنوك محليا لاجل شهر واحد الى 4.1250 في المئة من 3.875 في المئة قبل الاعلان، نتيجة توجه المستثمرين عن الدينار.
ولكن نظرا الى الفارق الزمني الذي يفصل بين القرارين (يوم واحد فقط)، قد تبدو قيمة الرفع الثالث (1.7 في المئة) مبررة، اي ان «المركزي» اتاح بذلك مجالا له للخفض الذي قام به، وربما لخفض جديد في المستقبل.
ولو ان قيمة الخفض اقل بكثير من الرفع قبل يوم، الا ان الحديث عن ان «المركزي» فرض نفسه لاعبا رئيسا في حركة الدينار المستقبلية وبالتالي توجه المضاربين، ليس من باب الصدفة، اذ ان سعر صرف العملة الوطنية بات ساحة لـ«نظرية اللعبة» الاقتصادية (game Theory)، التي تحددت اطرافها منذ قرار فك الربط بالدولار في 20 مايو الماضي، اي «المركزي» والمضاربين، والتي تقوم على تحديد توجه كل من الطرفين نظرا الى توقعاته حول خطوة الاخر. «نظرية اللعبة» ليست جديدة، الا انها باتت اكثر فعالية بعد قرار الخفض، لان «المركزي» بعث بالرسالة التي كان يخشاها المضاربون: الرهان على حركة الدينار ليس احادي الاتجاه.
بالطبع ليس من الموضوعي حصر قرار «المركزي» خفض سعر صرف الدينار مقابل الدولار كرسالة الى المضاربين والاسواق عموما، او اظهاره كمحاولة لابراز عضلاته فقط، اذ ان مؤشرات عدة تحتم على «المركزي» سياسته، منها تحرك اسعار صرف العملات الرئيسية، اذ ان الدولار كان قد لملم بعضا من خسائره في التعاملات الصباحية اول من امس، ولو في نطاق ضيق، بالاضافة الى حجم فائض السيولة وغيرها، لكن ما يعزز من هذه النظرة هو بالتحديد الفارق الزمني الذي يفصل بين القرارين، اذ انه ليس كافيا لمراقبة استجابة الاسواق على قرار الرفع، وفعلا لم تكن ردة فعل السوق على القرار الاول بالحجم الذي كانت عليه بالنسبة للقرار الثاني.
احدث «المركزي» في قراره اول من امس شقا في باب الاحتمالات، حتى بات التساؤل عن انتهاء المنحى الصعودي لسعر الصرف مشروعا، ولكن نظرا الى نسبة الخفض التي حددها «المركزي»، قد تجد من يقول ان الدينار بات يتحرك قريبا من قيمته العادلة، ولو ان كثيرا من الضباب مازال يلف تلك القيمة، لكننا قد نشهد في الايام القليلة المقبلة تحركات في سعر صرف الدينار في الاتجاهين نحو تحديد سعر يومي يستجيب عن كثب لخطى اسواق الصرف العالمية، لكن تلك التحركات ستبقى في نطاق ضيق، الا في حال «هزة» ما ضربت تلك الاسواق، اما اذا اراد «المركزي» ان يتحكم بفائض السيولة في السوق مثلا، فنطاق التحرك سيكون اوسع، اي بمعنى اخر، نطاق تحرك سعر صرف الدينار في الايام المقبلة ستحدده الاجراءات التي ينوي «المركزي» تنفيذها، اي كأداة احتوائية لانعكاسات سياسة نقدية محددة. والكلام عن التضخم هنا ليس في سياقه، اذ ان مؤشرات التضخم تقاس في فترة زمنية اكبر، لكنه بالطبع يبقى محركا رئيسا لتحديد سعر الصرف في المدى المتوسط.