المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الارتباط بالدولار وارتفاع الإيجارات وعوامل نقدية وراء تزايد التضخم في دول «التعاون»



مغروور قطر
02-08-2007, 04:10 AM
التصاعد الصاروخي للقيم الإيجارية خاصة في دبي وقطر ثاني أهم المحركات لارتفاع الأسعار
الارتباط بالدولار وارتفاع الإيجارات وعوامل نقدية وراء تزايد التضخم في دول «التعاون»




وفقاً للدراسة الصادرة عن بنك دبي الوطني يعتقد الاقتصاديون المتشددون في دول مجلس التعاون الخليجي بأن على منطقة دول المجلس العيش تحت وطأة منحنى تصاعدي للتضخم (أقل من 3% ما بين 1994 و2004 إلى 8 ـ 10% تقريباً في 2005) لسنوات قادمة.


وهناك ثلاثة عوامل رئيسية محركة للتضخم في منطقة دول المجلس:


ـ ربط عملات دول مجلس التعاون الخليجي بالدولار الأميركي، والانخفاض المستمر في قيمة الدولار الأميركي مقابل العملات الرئيسية الأخرى هو أحد العوامل الأساسية المسببة لتضخم أعلى مستقدم من الخارج، باعتبار أن واردات المنطقة هي أوروبية وآسيوية المنشأ في معظمها.


ـ الارتفاع الصاروخي لمعدلات القيم الإيجارية مع تغذيتها التأثيرية على جميع القطاعات الأخرى، لاسيما في دبي وقطر، وهي ثاني أهم العوامل المحركة لارتفاعات الأسعار.


ـ عوامل نقدية ومالية، مثل ارتفاع السيولة، وانخفاض معدلات الفائدة (فائدة حقيقية سالبة في الإمارات وقطر)، وتوسع الإنفاق الحكومي، ونمو العرض النقدي بقوة في دول مجلس التعاون الخليجي، وكلها عوامل إضافية على ضغط التضخم.


تأثيرات التضخم


قد يتباطأ نمو الاقتصاد الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي بسبب التضخم المتسارع، وعلى وجه الخصوص في دولة الإمارات وقطر، جوهرياً، يؤثر تزايد التضخم عكسياً على القدرة التنافسية في اقتصاد منطقة دول المجلس، ويعيق التنوع في الاقتصادات بسبب الصعوبات التي تكتنف اجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.


إن أي تضخم مرتفع من المرجح أن يؤثر على التوقعات الدائرة عن تحول منطقة مجلس التعاون الخليجي الناشئة إلى مركز صناعي رئيسي. ولهذا، فإن أكبر تحد يواجه حكومات دول المجلس هو قدرتها على التحكم في ضغط التضخم المتصاعد.


إن مستوى التضخم العالي يرفع من تكلفة المعيشة في منطقة دول المجلس وبشكل أكبر في كل من الإمارات وقطر. في مسح ميداني أجرته «ميرسر» للموارد البشرية عن تكلفة المعيشة في عام 2006 جاء تصنيف دبي في المرتبة 25 كأغلى مدينة في العالم (في 2005 كانت في المرتبة 73) من بين 144 مدينة صنفها المسح.


من المرجح أن تصبح القطاعات المتنوعة النشاط كالسياحة والخدمات المالية أقل قدرة على المنافسة، أما الشركات والمؤسسات الصغيرة فإما أن تتوقف عن النشاط بسبب التكلفة المرتفعة جداً لإدارة النشاط، أو أن تهاجر بعيداً عن منطقة دول المجلس لأماكن أقل كلفة في منطقة الشرق الأوسط. يضاف إلى ذلك، أن المغتربين ذوو المهارات (الذين يمثلون الغالبية في سوق العمل) قد يغادرون منطقة دول المجلس بسبب الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة.


عودة الآن إلى القطاع المصرفي، حيث يعتمد استقراره وثباته بقوة على تضخم منخفض ومستقر بالإضافة إلى العوامل الأخرى. كما أشرنا آنفاً، فإننا نلاحظ أن العائد على الأصول والعائد على حقوق المساهمين المتعلقين بالمصارف، هما أعلى في المملكة العربية السعودية والكويت حيث التضخم المعتدل، مقارنة بدول ذات تضخم أعلى مثل دولة الإمارات وقطر.


إن المصارف المركزية تستنبط السياسات الائتمانية والنقدية وتطبقها لضمان استقرار الأسعار ولتدعم استقرار الاقتصاد والقطاع المالي. والدلائل تزداد تأكيداً على أن التضخم ضار ولو كان بمعدلات مقبولة ومتواضعة، لأن الطريقة التي تؤثر بها على القطاع المصرفي والاستثمارات عكسية. إن تحقيق نمو اقتصادي ثابت وعمليات قابلة للنمو في القطاع المصرفي لا يمكن تحقيقها إلا مع استقرار الأسعار.


استهداف تحجيم التضخم


ومن التجارب السابقة يتضح أن استهداف تحجيم التضخم قد خلق سياسة مرنة وذات مصداقية، مخلّفة وراءها تضخماً منخفضاً ومستقراً، ويرسي توقعات أدق للتضخم ونمواً أفضل للاقتصاد مع مرونة مرتفعة ضد الصدمات. مع الابتكارات الجديدة في أسواق المال، أصبحت السياسة النقدية التقليدية أقل تعويلاً عليها.


ولذلك، فإن سياسة استهداف تحجيم التضخم تعتبر أكثر عملية، أو أقل مخاطرة وبديلاً عن السياسة النقدية ككل، كما أثبتت كذلك قدرتها كسياسة على التحكم في التضخم في أماكن أخرى، ولهذا يتوجب على أقطار دول مجلس التعاون الخليجي إبداء المحاولة، كإجراءات ونشاطات تمهيدية لسن سياسة لاستهداف تحجيم التضخم، يجب على دول المجلس إجراء تغييرات في سياسة معدل الصرف وضمان استقلالية المصارف المركزية.


هذه الشروط المسبقة في غاية الضرورة لتحقيق نتائج أفضل. وبموجب النظام الحالي لربط معدل الصرف فإن السياسة النقدية لدول مجلس التعاون الخليجي تتبع سياسة معدل صرف للمحافظة على ربط العملة.


ربما تكون هناك حاجة للانتقال بعيداً عن نظام معدل الصرف الحالي ليتسنى للسياسة النقدية لدى المصارف المركزية في المنطقة استهداف تحجيم التضخم بفاعلية مباشرة ومن دون متغيرات شكلية أو اعتبارية أخرى. كحلول بديلة، هناك أشكال متنوعة من نظام معدل الصرف الثابت مثل أسعار صرف زاحفة مربوطة، أو اختيار سلة عملات رئيسية (كما في مبادرة الكويت)، كي يتمكن سعر الصرف الموجه نظرياً من أن يتزامن مع استهداف تحجيم التضخم لفترة طويلة طالما كان واضحاً،


وتظهر تدابير المصرف المركزي أن الأخير له الأولوية عند حدوث التعارض. حتى يومنا هذا، تعتمد المصارف المركزية على معدل الصرف كمرتكز اسمي للسياسة أما الآن فعليها التحول لاستهداف تحجيم التضخم.


إن المصارف المركزية في المنطقة بحاجة للتمتع بالاستقلالية لممارسة مؤسسية صريحة لتحقيق تضخم منخفض ومستقر. إن المصارف المركزية يجب أن يكون لديها كذلك أدوات فعّالة، وقدرة تحليلية وفهم معقول لكيفية تأثير السياسة النقدية على التضخم بغرض الاستجابة لضغوطات التضخم في الوقت المناسب.


عناصر سياسات الصرف


بهذه المحددات والتحضيرات، يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أن تختار سياسة استهداف تحجيم التضخم، وأن تضع إطار عمل للسياسة النقدية مع توافر أربعة عناصر ضرورية:


ـ استهداف صريح لتحجيم التضخم، وليكن ما بين 3 و 9% كبداية ولفترة من 3 إلى 5 سنوات.


ـ أن يكون بلوغ استهداف تحجيم التضخم هذا هو هدف السياسة النقدية.


ـ نموذج للاقتصاد الموزون للتنبؤ بالتضخم باستخدام متغيرات ذات صلة.


ـ نظام إدارة يتطلع قدما ويضع أدوات الخطة بناءً على قياس ضغوطات التضخيم، والتي تستخدم توقعات التضخم كهدف وسيط رئيسي في السياسة النقدية.


مثل هذه السياسة النقدية الشفافة والطموحة الأهداف سوف تمهد لإدارة أفضل في التعاطي مع ضغوطات التضخم في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي.


يجب على دول مجلس التعاون الخليجي تقييم سياسة استهداف تحجيم التضخم كاختيار لإدارة ضغوطات التضخم المتعاظمة الآن وفي جميع الأوقات. في حال اتخاذ قرار بتطبيق سياسة استهداف تحجيم التضخم، فإن نظام معدل الصرف سيصبح عندها بحاجة للمراجعة والتنقيح، كما يجب أن تأتي استقلالية المصارف المركزية على رأس الأولويات.


ومتى ما تم تطبيق سياسة استهداف تحجيم التضخم بكفاءة، فإن القطاع المصرفي سيتمكن من تخطيط أنشطته، وأن تحقق المصارف أرباحاً أعلى بفاعلية وبدرجة أعلى من التيقن. وقد لا يكون الائتمان والادخار شديدي التذبذب في السوق المالية، ولهذا سوف يكون القطاع المصرفي أكثر تنافسية.


وبالرغم من ذلك، يجب الاعتراف بأن الخيارات المتوافرة أمام السياسة ستكون محدودة عندما يكون التضخم مدفوعاً بقوى العناصر الهيكلية كنقص العقارات السكنية. كذلك فإن مرونة أكبر لمعدل الصرف، مثل مراقبة عملات دول مجلس التعاون مقابل سلة تجارية مرجحة، سيكون لها عدد من المزايا، من بينها تزويد المصرف المركزي بأدوات نقدية أوسع.