مغروور قطر
04-08-2007, 04:47 AM
بنك 'يو بي أس' يرسم 'طريق الحرير' بين الخليج وآسيا
دول الخليج لم تنفق إلا 30 % فقط من فوائضها
عدد القراء: 19
04/08/2007 إعداد: رزان عدنان
أخذ طريق الحرير مسماه الحديث من الجيولوجي والمكتشف الألماني بارون مانفرد فون ريتشوفن. وفي الآونة الأخيرة أحيا الصحافيون هذا المصطلح لوصف الروابط الاقتصادية المزدهرة بين الشرق الأوسط وآسيا.
وبدلا من النفط والبهارات، تتدفق الآن رؤوس الأموال والنفط على هذا الطريق التجاري القديم. وتجتذب المضامين الجديدة أنظار مديري الأصول والمصرفيين حول العالم، خصوصا أن البنوك المركزية في الدول الآسيوية والمنتجة للنفط تستحوذ على نصف احتياطيات العالم الرسمية من السيولة والتي يبلغ اجماليها 5 آلاف مليار دولار. ومن شأن هذا النمو السريع في مخزون السيولة أن يدعم النظام المالي العالمي أو يفقده استقراره، حسب تقرير حديث لبنك 'يو بي أس' السويسري. ودرس التقرير آثار عوائد النفط القوية على دول الخليج. وقال البنك في التقرير الذي حمل عنوان 'طريق الحرير الجديد' ان 'المد الاقتصادي الذي تعيشه المنطقة يجب أن يكون اكثر قوة من فترات الرخاء السابقة، والفضل يعود الى النمو التجاري بين دول آسيا والاستثمار المميز داخل المنطقة'. لكن ما المقصود بطريق الحرير الجديد؟
يرى بنك 'يو بي أس' أن العلاقات الاستراتيجية بين الشرق الأوسط وآسيا المرتكزة على المزايا المقارنة تحمل الصيغة الحديثة لهذا المسمى، ويعززه تدفق الهيدروكربونات والبترودولارات لآسيا من جهة، وتصنيع البضائع في الجهة المقابلة.
وهذا التحول الجيو سياسي لا يتضمن فقط الديناميكية التجارية بل الفوائد الاقتصادية والمالية والثقافية.
على الصعيد ذاته لم يعد العمال الهنود وحدهم من يشتغلون في أسواق الطاقة والبناء بدول الخليج، اذ بات العمال الصينيون الذين تبعوا شركاتهم المستثمرة في المنطقة يشاركونهم المجالات ذاتها.
وباتت الصين والهند وباكستان وماليزيا تستثمر بقوة في قطاع البنية التحتية لدعم نموها الاقتصادي، وأضحت دول الخليج تنوع استثماراتها بعيدا عن الولايات المتحدة وأوروبا.
هذا وتمول الشركات الصينية الناشطة في السعودية وفي بلدان الخليج الأخرى دراسات الطلاب السعوديين في الصين، الأمر الذي يعزز الروابط الثقافية بين المنطقتين. وسيستمر هذا الاتجاه مستقبلا كما هو حاليا، بالنظر الى الدور النامي لآسيا في الاقتصاد العالمي، وفورة أسعار النفط، وصعود منطقة الخليج بين الأسواق الناشئة. خاصة أن الوضع الاقتصادي النامي المرتبط لآسيا يعد ظاهرة معروفة في الاقتصاد العالمي.
ويمكن مقارنة تراكم رؤوس الأموال الانتاجية في آسيا بالدور الاقتصادي المهيمن لأوروبا في نهاية القرن التاسع عشر.
احتياطيات النفط
ارتبطت قوة وضع آسيا الاقتصادي بارتفاع أسعار النفط في الآونة الأخيرة. وتعد الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، وستمثل آسيا ثلثي نمو الطلب العالمي على النفط في العقود القليلة القادمة.
ويعزز من ناحيته سوق الطاقة العالمي من التداخل الاستراتيجي بين الخليج وآسيا. ومن أصل 18 مليون برميل نفط يوميا حجم صادرات الخليج الحالية ، تستهلك آسيا حوالي ثلثه. وتساهم المنطقة ايضا بنسبة 42 في المائة من احتياطيات العالم المؤكدة من النفط. وستزود بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا المنتجة للنفط الكثير من متطلبات آسيا مستقبلا على الذهب الأسود، خاصة أن المنطقة تستثمر وبقوة في قطاعي الطاقة والبنية التحتية لديها.
والى جانب الاصلاحات، يساهم هذا الاستثمار في توسع اقتصادي دراماتيكي. والنتيجة أن دول مجلس التعاون الخليجي تترأس حاليا أكبر سبعة اقتصادات ضمن الأسواق الناشئة. ومنذ فورة أسعار النفط الحالية في 2003, تضاعف اجمالي الناتج المحلي لدول الشرق الأوسط من 632 مليار دولار الى 1,21 تريليون دولار. كما ضاعفت في الوقت ذاته دول مجلس التعاون من انتاجها الاقتصادي. وبين عام 2003 و2006، ارتفع نمو اجمالي الناتج المحلي 6 في المائة في كل سنة وبلغ 733 مليار دولار في نهاية العام الماضي.ومن المتوقع أن يكون النمو الاقتصادي معتدلا هذا العام مع فتور أسعار النفط وحد منظمة أوبك للانتاج. ومع ذلك يجب أن يبقى النمو فوق 5 في المائة.
العجز
رغم أن أسعار النفط المرتفعة هي العامل الرئيسي وراء هذا الأداء الاقتصادي، فإن هذه الفورة تبدو مختلفة عن غيرها سابقا. ففي السبعينات والثمانينات اندفعت الواردات والانفاقات فيما ارتفعت أسعار النفط، الأمر الذي خلف عجزا في الحساب الجاري وديونا بعدما هبطت الأسعار. لكن هذه المرة، يتبع النمو مرحلة قابلة للتعزيز بشكل أكبر والفضل يعود الى الاستغلال الحكيم لمداخيل البترول، وارتفاع نسبة الاستثمار المحلي، ونمو القطاع الخاص. واستخدمت الحكومات الخليجية معظم فوائض الحساب الجاري التراكمية حتى الآن لايفاء ديونها وبناء احتياطيات. ولم ينفق حتى الآن سوى 25 الى 30 في المائة من الفوائض التراكمية في حين أنفق حوالي 75 في المائة منها في الحقبات الماضية.
ويعكس النمو البطيء في الانفاق العام أيضا الدور المتغير للقطاع الحكومي في اقتصادات الخليج. ومع ارتفاع معدلات النمو السكاني اذ تعتبر المنطقة واحدة من أسرع بلدان العالم في معدلات النمو السكاني وتبلغ النسبة حوالي 3 في المائة، ومع وجود تركيبة سكانية كبيرة من الشباب، أدركت الحكومات أن القطاع العام غير قادر على استيعاب قوة العمل النامية. وأوضح مثال على ذلك القطاع الخاص في السعودية الذي قد يحتاج الى أن ينمو على الأقل 6 في المائة سنويا لتأمين وظائف كافية للسعوديين الذين يدخلون سوق العمل.
أسواق المال
واحد مظاهر الفورة الاقتصادية الجديدة هو الثروة التي تتدفق بازدياد الى أسواق المنطقة المالية. ويلفت حجم هذه الثروة الاهتمام.
من ناحيتها ارتفعت فوائض الحساب الجاري التراكمية خلال عامي 2003 و6200 الى 536 مليارا، وتقريبا تمثل خمسة أضعاف الفوائض التي تراكمت في عامي 1996 و2002.
واذا ما استمرت أسعار النفط على المستويات الحالية، فان فوائض الحساب الجاري التراكمي قد تصل الى 700 مليار دولار لعامي 2003 و2007.
وجرت العادة من المستثمرين الخليجيين أن يستثمروا حصة كبيرة من ثرواتهم في الخارج بواسطة قطاع المصارف العالمية. لكن ستتشكل في المقابل ثلاثة اتجاهات خلال الطفرة الحالية وهي استثمار جزء كبير من الأموال محليا، ووجود سلسلة أوسع من فئات الأصول التي تجتذب البترودولارات، وارتفاع نسبة الفرص التي ستنشأ في طريق الحرير الجديد. ويعود الفضل في ذلك الى جملة الاصلاحات الاقتصادية، وتزايد خيارات الاستثمار بين دول مجلس التعاون والشرق الأوسط. وبناء عليه تجتذب خصخصة الشركات التابعة للحكومة غير النفطية وأنماط الشراكات الجديدة في العمل حصة نامية من الصناديق الخاصة.
وصعد عدد الادراجات الجديدة تدريجيا وأدرجت في الأعوام القليلة الماضية أسهم 150 شركة في سوق الأوراق المالية بالخليج. وارتفعت القيمة السوقية للبورصات 40 في المائة بين عامي 2000 و2006.
وهكذا ستجذب الأسهم المحلية حصة نامية من الثروة التراكمية في الأعوام القليلة القادمة.
من ناحيته، يعتبر سوق تمويل المشاريع في الشرق الأوسط الآن احد اكبر الأسواق في العالم، حيث ارتفع رأسمال الدين فيه الى أكثر من 33 مليون دولار حسب الأشهر التسعة الأولى من 2006.
أما سوق الصكوك فهو ينمو بسرعة وتمول الاستثمارات المحلية أو استحواذ الشركات الأجنبية بازدياد بوساطة اصدار صناديق اسلامية، وغالبا ما تخصص لمستثمرين غير مسلمين. فعلى سبيل المثال أصدرت شركة سابك عملاق البتروكيماويات السعودية أول صكوك لها في 2006 والاستحواذ الأخير لشركة موانئ دبي على P&o تم تمويله باصدار صكوك قابلة للتحول بقيمة 3.5 مليارات دولار.
وبشكل عام باتت الفرص الاستثمارية المحلية متوافرة للمستثمرين الخليجيين والدوليين حاليا والتي لم تكن موجودة في الأعوام القليلة الماضية.
وأخذت صناديق التحوط والأسهم الخاصة والاستثمار الأجنبي المباشر تجتذب حصة أكبر من الثروة المستثمرة في الخارج. وبشكل خاص بدأت حصة نامية من الأصول بالتدفق نحو الأسواق الناشئة مع تركيز قوي على آسيا.
وأعلنت دول الخليج في 2005 و2006 عن حجم استثماراتها في آسيا والذي بلغ 156 مليار دولار. ومعظم هذه الاستثمارات حكومية أو تابعة للقطاع العام.
التدفقات المالية
مع الاهتمام المتزايد بالاستثمارات في المحافظ، اندفع مؤخرا المستثمرون الخليجيون نحو سوق العقار في آسيا. وقد ترتفع قيمة الصناديق الخليجية المخصصة للاستثمار بالمحافظ في آسيا من 20 مليار دولار في 2005 الى حوالي 70 مليار دولار في ،2007 ومن شأن هذا التدفق الاضافي للصناديق في آسيا أن يعزز الروابط المالية للمنطقة مع الشرق الأوسط.
على سبيل المثال، بدأت تظهر دبي كمحور مالي يربط بين الخليج وآسيا. في غضون ذلك، ستجتذب مراكز آسيا المالية وبشكل لافت هونغ كونغ وسنغافورة حصة أكبر من رأسمال الاستثمارات الخليجية المتدفقة من الشرق الأوسط على طول طريق الحرير الجديد.
114 مليار دولار حجم التجارة بين الخليج وآسيا في 5 أعوام
تضاعفت التجارة الثنائية في الفترة ما بين عامي 2000 و2005 بين دول الخليج وآسيا ماعدا اليابان وكوريا الجنوبية إلى 114 مليار دولار بعد أن كانت 46 مليار دولار. ويعود جزء من هذا النمو إلى ارتفاع أسعار النفط. وتظهر الأرقام التجارية أن الصادرات من آسيا إلى الخليج ارتفعت بقوة ايضا.
ولعل أكثر ما يلفت النظر هو العلاقة التجارية بين دول الخليج والصين التي تضاعفت بشكل خاص في الفترة ما بين عامي 2000 و2005 وتخطت الصين اليابان من حيث أكبر مصدر لمنطقة الخليج. والجدير ذكره، أن العلاقات التجارية الخليجية - الصينية متوازنة بشكل واضح على عكس العجز المتزايد بسرعة في التجارة بين الصين والولايات المتحدة. ومن المتوقع أن يستمر النمو التجاري بين آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي بالنظر إلى الطلب المستقبلي على النفط، حيث ستستهلك دول آسيا والصين الحصة الأكبر من هذا الطلب. وبالنسبة لدول الخليج، فإن الواردات الرخيصة من آسيا تحل محل وارداتها من أوروبا وأميركا بشكل تدريجي. الأمر الذي سيساعد على خفض التضخم وبالتالي دعم الفورة الاقتصادية الحالية.
السعودية والاعتماد على دور القطاع الخاص
في نهاية التسعينات، وضعت الحكومة السعودية سياسات لتحفيز نمو القطاع الخاص. وعلى إثرها ستكون ميزانية الحكومة مسؤولة عن 30 في المائة من إجمالي الاستثمار المخطط له في قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات والبنية التحتية. وترعى الحكومة مشاريع الاستثمار، لكنها تسند للقطاع الخاص دور تزويد كمية من رأس المال عبر الشراكة بين العام والخاص، مما يجعل هذه الطفرة الحالية مختلفة هو تحديدا التركيز على دور القطاع الخاص.واستطاعت دول الخليج أن تعزز من وضع الاقتصاد الذي جذب أيضا استثمارات أجنبية مباشرة أكثر. التي ارتفعت من 5 مليارات دولار في 2003 إلى 26 مليار دولار العام الماضي تبعا للأرقام الصادرة عن الأنكتاد.
دول الخليج لم تنفق إلا 30 % فقط من فوائضها
عدد القراء: 19
04/08/2007 إعداد: رزان عدنان
أخذ طريق الحرير مسماه الحديث من الجيولوجي والمكتشف الألماني بارون مانفرد فون ريتشوفن. وفي الآونة الأخيرة أحيا الصحافيون هذا المصطلح لوصف الروابط الاقتصادية المزدهرة بين الشرق الأوسط وآسيا.
وبدلا من النفط والبهارات، تتدفق الآن رؤوس الأموال والنفط على هذا الطريق التجاري القديم. وتجتذب المضامين الجديدة أنظار مديري الأصول والمصرفيين حول العالم، خصوصا أن البنوك المركزية في الدول الآسيوية والمنتجة للنفط تستحوذ على نصف احتياطيات العالم الرسمية من السيولة والتي يبلغ اجماليها 5 آلاف مليار دولار. ومن شأن هذا النمو السريع في مخزون السيولة أن يدعم النظام المالي العالمي أو يفقده استقراره، حسب تقرير حديث لبنك 'يو بي أس' السويسري. ودرس التقرير آثار عوائد النفط القوية على دول الخليج. وقال البنك في التقرير الذي حمل عنوان 'طريق الحرير الجديد' ان 'المد الاقتصادي الذي تعيشه المنطقة يجب أن يكون اكثر قوة من فترات الرخاء السابقة، والفضل يعود الى النمو التجاري بين دول آسيا والاستثمار المميز داخل المنطقة'. لكن ما المقصود بطريق الحرير الجديد؟
يرى بنك 'يو بي أس' أن العلاقات الاستراتيجية بين الشرق الأوسط وآسيا المرتكزة على المزايا المقارنة تحمل الصيغة الحديثة لهذا المسمى، ويعززه تدفق الهيدروكربونات والبترودولارات لآسيا من جهة، وتصنيع البضائع في الجهة المقابلة.
وهذا التحول الجيو سياسي لا يتضمن فقط الديناميكية التجارية بل الفوائد الاقتصادية والمالية والثقافية.
على الصعيد ذاته لم يعد العمال الهنود وحدهم من يشتغلون في أسواق الطاقة والبناء بدول الخليج، اذ بات العمال الصينيون الذين تبعوا شركاتهم المستثمرة في المنطقة يشاركونهم المجالات ذاتها.
وباتت الصين والهند وباكستان وماليزيا تستثمر بقوة في قطاع البنية التحتية لدعم نموها الاقتصادي، وأضحت دول الخليج تنوع استثماراتها بعيدا عن الولايات المتحدة وأوروبا.
هذا وتمول الشركات الصينية الناشطة في السعودية وفي بلدان الخليج الأخرى دراسات الطلاب السعوديين في الصين، الأمر الذي يعزز الروابط الثقافية بين المنطقتين. وسيستمر هذا الاتجاه مستقبلا كما هو حاليا، بالنظر الى الدور النامي لآسيا في الاقتصاد العالمي، وفورة أسعار النفط، وصعود منطقة الخليج بين الأسواق الناشئة. خاصة أن الوضع الاقتصادي النامي المرتبط لآسيا يعد ظاهرة معروفة في الاقتصاد العالمي.
ويمكن مقارنة تراكم رؤوس الأموال الانتاجية في آسيا بالدور الاقتصادي المهيمن لأوروبا في نهاية القرن التاسع عشر.
احتياطيات النفط
ارتبطت قوة وضع آسيا الاقتصادي بارتفاع أسعار النفط في الآونة الأخيرة. وتعد الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، وستمثل آسيا ثلثي نمو الطلب العالمي على النفط في العقود القليلة القادمة.
ويعزز من ناحيته سوق الطاقة العالمي من التداخل الاستراتيجي بين الخليج وآسيا. ومن أصل 18 مليون برميل نفط يوميا حجم صادرات الخليج الحالية ، تستهلك آسيا حوالي ثلثه. وتساهم المنطقة ايضا بنسبة 42 في المائة من احتياطيات العالم المؤكدة من النفط. وستزود بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا المنتجة للنفط الكثير من متطلبات آسيا مستقبلا على الذهب الأسود، خاصة أن المنطقة تستثمر وبقوة في قطاعي الطاقة والبنية التحتية لديها.
والى جانب الاصلاحات، يساهم هذا الاستثمار في توسع اقتصادي دراماتيكي. والنتيجة أن دول مجلس التعاون الخليجي تترأس حاليا أكبر سبعة اقتصادات ضمن الأسواق الناشئة. ومنذ فورة أسعار النفط الحالية في 2003, تضاعف اجمالي الناتج المحلي لدول الشرق الأوسط من 632 مليار دولار الى 1,21 تريليون دولار. كما ضاعفت في الوقت ذاته دول مجلس التعاون من انتاجها الاقتصادي. وبين عام 2003 و2006، ارتفع نمو اجمالي الناتج المحلي 6 في المائة في كل سنة وبلغ 733 مليار دولار في نهاية العام الماضي.ومن المتوقع أن يكون النمو الاقتصادي معتدلا هذا العام مع فتور أسعار النفط وحد منظمة أوبك للانتاج. ومع ذلك يجب أن يبقى النمو فوق 5 في المائة.
العجز
رغم أن أسعار النفط المرتفعة هي العامل الرئيسي وراء هذا الأداء الاقتصادي، فإن هذه الفورة تبدو مختلفة عن غيرها سابقا. ففي السبعينات والثمانينات اندفعت الواردات والانفاقات فيما ارتفعت أسعار النفط، الأمر الذي خلف عجزا في الحساب الجاري وديونا بعدما هبطت الأسعار. لكن هذه المرة، يتبع النمو مرحلة قابلة للتعزيز بشكل أكبر والفضل يعود الى الاستغلال الحكيم لمداخيل البترول، وارتفاع نسبة الاستثمار المحلي، ونمو القطاع الخاص. واستخدمت الحكومات الخليجية معظم فوائض الحساب الجاري التراكمية حتى الآن لايفاء ديونها وبناء احتياطيات. ولم ينفق حتى الآن سوى 25 الى 30 في المائة من الفوائض التراكمية في حين أنفق حوالي 75 في المائة منها في الحقبات الماضية.
ويعكس النمو البطيء في الانفاق العام أيضا الدور المتغير للقطاع الحكومي في اقتصادات الخليج. ومع ارتفاع معدلات النمو السكاني اذ تعتبر المنطقة واحدة من أسرع بلدان العالم في معدلات النمو السكاني وتبلغ النسبة حوالي 3 في المائة، ومع وجود تركيبة سكانية كبيرة من الشباب، أدركت الحكومات أن القطاع العام غير قادر على استيعاب قوة العمل النامية. وأوضح مثال على ذلك القطاع الخاص في السعودية الذي قد يحتاج الى أن ينمو على الأقل 6 في المائة سنويا لتأمين وظائف كافية للسعوديين الذين يدخلون سوق العمل.
أسواق المال
واحد مظاهر الفورة الاقتصادية الجديدة هو الثروة التي تتدفق بازدياد الى أسواق المنطقة المالية. ويلفت حجم هذه الثروة الاهتمام.
من ناحيتها ارتفعت فوائض الحساب الجاري التراكمية خلال عامي 2003 و6200 الى 536 مليارا، وتقريبا تمثل خمسة أضعاف الفوائض التي تراكمت في عامي 1996 و2002.
واذا ما استمرت أسعار النفط على المستويات الحالية، فان فوائض الحساب الجاري التراكمي قد تصل الى 700 مليار دولار لعامي 2003 و2007.
وجرت العادة من المستثمرين الخليجيين أن يستثمروا حصة كبيرة من ثرواتهم في الخارج بواسطة قطاع المصارف العالمية. لكن ستتشكل في المقابل ثلاثة اتجاهات خلال الطفرة الحالية وهي استثمار جزء كبير من الأموال محليا، ووجود سلسلة أوسع من فئات الأصول التي تجتذب البترودولارات، وارتفاع نسبة الفرص التي ستنشأ في طريق الحرير الجديد. ويعود الفضل في ذلك الى جملة الاصلاحات الاقتصادية، وتزايد خيارات الاستثمار بين دول مجلس التعاون والشرق الأوسط. وبناء عليه تجتذب خصخصة الشركات التابعة للحكومة غير النفطية وأنماط الشراكات الجديدة في العمل حصة نامية من الصناديق الخاصة.
وصعد عدد الادراجات الجديدة تدريجيا وأدرجت في الأعوام القليلة الماضية أسهم 150 شركة في سوق الأوراق المالية بالخليج. وارتفعت القيمة السوقية للبورصات 40 في المائة بين عامي 2000 و2006.
وهكذا ستجذب الأسهم المحلية حصة نامية من الثروة التراكمية في الأعوام القليلة القادمة.
من ناحيته، يعتبر سوق تمويل المشاريع في الشرق الأوسط الآن احد اكبر الأسواق في العالم، حيث ارتفع رأسمال الدين فيه الى أكثر من 33 مليون دولار حسب الأشهر التسعة الأولى من 2006.
أما سوق الصكوك فهو ينمو بسرعة وتمول الاستثمارات المحلية أو استحواذ الشركات الأجنبية بازدياد بوساطة اصدار صناديق اسلامية، وغالبا ما تخصص لمستثمرين غير مسلمين. فعلى سبيل المثال أصدرت شركة سابك عملاق البتروكيماويات السعودية أول صكوك لها في 2006 والاستحواذ الأخير لشركة موانئ دبي على P&o تم تمويله باصدار صكوك قابلة للتحول بقيمة 3.5 مليارات دولار.
وبشكل عام باتت الفرص الاستثمارية المحلية متوافرة للمستثمرين الخليجيين والدوليين حاليا والتي لم تكن موجودة في الأعوام القليلة الماضية.
وأخذت صناديق التحوط والأسهم الخاصة والاستثمار الأجنبي المباشر تجتذب حصة أكبر من الثروة المستثمرة في الخارج. وبشكل خاص بدأت حصة نامية من الأصول بالتدفق نحو الأسواق الناشئة مع تركيز قوي على آسيا.
وأعلنت دول الخليج في 2005 و2006 عن حجم استثماراتها في آسيا والذي بلغ 156 مليار دولار. ومعظم هذه الاستثمارات حكومية أو تابعة للقطاع العام.
التدفقات المالية
مع الاهتمام المتزايد بالاستثمارات في المحافظ، اندفع مؤخرا المستثمرون الخليجيون نحو سوق العقار في آسيا. وقد ترتفع قيمة الصناديق الخليجية المخصصة للاستثمار بالمحافظ في آسيا من 20 مليار دولار في 2005 الى حوالي 70 مليار دولار في ،2007 ومن شأن هذا التدفق الاضافي للصناديق في آسيا أن يعزز الروابط المالية للمنطقة مع الشرق الأوسط.
على سبيل المثال، بدأت تظهر دبي كمحور مالي يربط بين الخليج وآسيا. في غضون ذلك، ستجتذب مراكز آسيا المالية وبشكل لافت هونغ كونغ وسنغافورة حصة أكبر من رأسمال الاستثمارات الخليجية المتدفقة من الشرق الأوسط على طول طريق الحرير الجديد.
114 مليار دولار حجم التجارة بين الخليج وآسيا في 5 أعوام
تضاعفت التجارة الثنائية في الفترة ما بين عامي 2000 و2005 بين دول الخليج وآسيا ماعدا اليابان وكوريا الجنوبية إلى 114 مليار دولار بعد أن كانت 46 مليار دولار. ويعود جزء من هذا النمو إلى ارتفاع أسعار النفط. وتظهر الأرقام التجارية أن الصادرات من آسيا إلى الخليج ارتفعت بقوة ايضا.
ولعل أكثر ما يلفت النظر هو العلاقة التجارية بين دول الخليج والصين التي تضاعفت بشكل خاص في الفترة ما بين عامي 2000 و2005 وتخطت الصين اليابان من حيث أكبر مصدر لمنطقة الخليج. والجدير ذكره، أن العلاقات التجارية الخليجية - الصينية متوازنة بشكل واضح على عكس العجز المتزايد بسرعة في التجارة بين الصين والولايات المتحدة. ومن المتوقع أن يستمر النمو التجاري بين آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي بالنظر إلى الطلب المستقبلي على النفط، حيث ستستهلك دول آسيا والصين الحصة الأكبر من هذا الطلب. وبالنسبة لدول الخليج، فإن الواردات الرخيصة من آسيا تحل محل وارداتها من أوروبا وأميركا بشكل تدريجي. الأمر الذي سيساعد على خفض التضخم وبالتالي دعم الفورة الاقتصادية الحالية.
السعودية والاعتماد على دور القطاع الخاص
في نهاية التسعينات، وضعت الحكومة السعودية سياسات لتحفيز نمو القطاع الخاص. وعلى إثرها ستكون ميزانية الحكومة مسؤولة عن 30 في المائة من إجمالي الاستثمار المخطط له في قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات والبنية التحتية. وترعى الحكومة مشاريع الاستثمار، لكنها تسند للقطاع الخاص دور تزويد كمية من رأس المال عبر الشراكة بين العام والخاص، مما يجعل هذه الطفرة الحالية مختلفة هو تحديدا التركيز على دور القطاع الخاص.واستطاعت دول الخليج أن تعزز من وضع الاقتصاد الذي جذب أيضا استثمارات أجنبية مباشرة أكثر. التي ارتفعت من 5 مليارات دولار في 2003 إلى 26 مليار دولار العام الماضي تبعا للأرقام الصادرة عن الأنكتاد.