المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خبراء يؤكدون أن دول الخليج لن تغير سعر صرف عملاتها أمام الدولار الضعيف



مغروور قطر
05-08-2007, 04:49 AM
خبراء يؤكدون أن دول الخليج لن تغير سعر صرف عملاتها أمام الدولار الضعيف

تقرير اقتصادي: احتمال ضئيل أن تتبع دول المجلس خطوة الحكومة الكويتية



أبوظبي: سلمان الدوسري مسقط: جهان المصري
أربك قرار الحكومة الكويتية بتغيير سعر صرف عملتها مقابل الدولار، جاراتها دول الخليج الخمس التي ما زالت تثبت سعر صرف عملاتها دون أي تغيير مقابل الدولار. وفيما كانت الخطوة الكويتية متوقعة إلى حد ما، فإن اقتصاديين توقعوا أن لا تجاري دول الخليج الخطوة الكويتية.
ووفقا لمحللين، فإن دول الخليج الخمس، السعودية والإمارات والبحرين وقطر وعمان، ستبقي على أسعار صرف عملتها مقابل الدولار «دون تغيير» في الفترة القصيرة المقبلة على الأقل، معللة ذلك باختلاف الظروف الاقتصادية الكويتية عنها في دول مجلس التعاون الأخرى.

ولا شك في أن تذبذب سعر صرف الدولار في الأسواق العالمية وانخفاضه على النحو الذي حدث مؤخراً يرفع من وتيرة القلق لدى الكثير من حكومات المنطقة وواضعي السياسات الاقتصادية، ولاسيما في دول الخليج العربي بالنظر الى تأثيره المباشر وغير المباشر على الخطط التنموية المستقبلية لهذه الدول وعلى الدخل الحقيقي للفرد. هذا بالإضافة الى ان استمرار تراجع سعر صرف الدولار أمام العملات الرئيسية الاخرى سيؤدي الى ارتفاع معدلات التضخم في هذه الدول وتأكل عائداتها الفعلية من الصادرات النفطية.

وفي الوقت الذي تستبعد فيه بعض دول مجلس التعاون فك ارتباط عملاتها الوطنية بالدولار الاميركي، تتعالى فيه من جهة أخرى دعوات لاستبدال هذا الربط الأحادي بسلة عملات لتخفيف آثار تراجع سعر الدولار على أداء الاقتصادات الخليجية. وبالرغم من أن الاتحاد النقدي الخليجي يفرض على الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، بأن تكون مثل هذه القرارات مشتركة، وبالتنسيق فيما بينها. إلا أن ذلك لم يثن الكويت عن اتخاذ خطوة منفردة في هذا الاتجاه. كما أن هذه الخطوة من الكويت أضافت غموضا، ليس جديدا، على مصير العملة الخليجية الموحدة المفترض إطلاقها عام 2010.

وذكر لـ«الشرق الأوسط» مسؤول حكومي خليجي كبير، تحفظ عن ذكر هويته، «أن التقارير تأتي وتذهب في شأن تغيير سعر صرف دول الخليج ولا تتوقف. لكن الواقع يشير إلى أن دول الخليج لن تتخذ مثل هذه الخطوة قريبا». وبحسب المسؤول الخليجي، فإن الارتباط الخليجي بالدولار كعملة رئيسية، بالإضافة إلى أن الدولار هي العملة التي يسعر بها النفط، الذي بدوره السلعة الرئيسية لهذه الدول «لا يجعل من الناحية العملية تغيير سعره».

وما يزيد من ضعف إمكانية مجاراة الخطوة الكويتية، أن معظم الاحتياطيات النقدية لعملات الدول الخليجية هي من الدولار الأميركي، وهو أمر يختلف عن احتياطي الدينار الكويتي. أضف إلى ذلك أن الكويت هي الوحيدة خليجيا، التي ترتبط بسلة من العملات العالمية، بعكس الدول الخليجية الخمس التي لا زالت متمسكة بالدولار فقط.

من جانبه، يشير طلال الزين الرئيس التنفيذي لبنك افتستكورب الاستثماري، إلى أن «الكثير يقولون إن على دول الخليج تغيير سعر صرف عملاتها، بسبب الانخفاض المتتالي في سعر الدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى. لكن عمليا ذلك لن يكون في صالحها»؛ إذ يعتقد الزين أن الدول الخليجية لن تكون لها قرارات قريبة في هذا الشأن، وسيبقى سعر الصرف كما هو دون تغيير، وفقا للمعطيات الاقتصادية الحالية.

من جانبه، يقول الدكتور جاسم حسين وهو خبير اقتصادي وعضو اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب البحريني "انه لا يُعرف على وجه الدقة حجم التأثير الحقيقي لانخفاض سعر صرف الدولار ولكن المعروف ان الدولار خسر نحو 30 بالمئة من قيمته امام اليورو منذ طرح العملة الأوروبية العام 2002".

ويضيف حسين في حديث مع "الشرق الاوسط" "ليس هناك الكثير مما يمكن للحكومات في المنطقة ان تقوم به في الوقت الحاضر بسبب الرغبة الواضحة لديها في استمرار تبني سياسات اقتصادية محافظة مع وجود استثناء هو الكويت التي اتجهت في الفترة الاخيرة لتبني سياسة جديدة تقوم على فك ارتباط العملة بالدولار وربطها بالمقابل في سلة من العملات".

وإذا كانت الكويت عللت تغيير سعر صرفها لعملتها أمام الدولار بسبب الضغوط التضخمية. فإن الاقتصاديين يرون أن الضغوط التضخمية التي تتزايد في دول الخليج خلال العامين الماضيين، هي ذات منشأ عالمي وليس محليا لارتباط العملات بالدولار، وبالتالي فإن أي تعديل لسعر صرف الدولار لن ينشأ معه أي تغيير في نسب التضخم.

ومسالة ارتفاع نسبة التضخم لا تنطبق فقط على الكويت، بل على دول الخليج مجتمعة؛ إذ ان تداول النفط الذي يتبوأ صدارة الصادرات الخليجية مرتبط بالدولار، وبالتالي فان حكومات دول مجلس التعاوني تجمع ايراداتها وتنفقها بالدولار في الدرجة الاولى. وازاء تباين وجهات النظر حول ضرورة فك دول الخليج لارتباط عملتها بالدولار، يعتبر الدكتور جاسم حسين «ان دول المجلس بحاجة الى نوع من الاستقرار في هذه الفترة الحرجة؛ أي قبل تنفيذ مشروع الاتحاد النقدي المقرر في عام 2010». لكنه يطالب بأن يكون موضوع الارتباط بسلة العملات مطروحا على بساط البحث كخيار ولكن عند إقرار الوحدة النقدية».

وأشار إلى أنه يؤيد صدور تعليقات من محافظي البنوك المركزية بين الحين والآخر بخصوص عدم الرغبة في فك الارتباط ولكن يبدو بأن هذا الأمر ليس كافيا نظرا لرغبة المؤسسات الاستثمارية في التكهن بأسعار الصرف لأغراض تجارية بحتة." وكانت الحكومة الكويتية قد سمحت الأسبوع الماضي، للدينار بالانخفاض أمام الدولار لأول مرة منذ أعوام. وقد انخفضت قيمة الدينار الكويتي بواقع 0.11 في المائة ليبلغ 0.28235 بعد ارتفاع قيمته بنسبة 1.7 في المائة في الـ 25 من الشهر الماضي. وهذا يعني أن الكويت قد بدأت أخيرا العمل بسلة العملات والتي سيرتبط بها الدينار الكويتي.

يذكر أن الكويت تخلت عن ربط عملتها بالدولار الأميركي في 20 مايو (أيار) الماضي. ويقول محللون إن رفع البنك المركزي قيمة الدينار بنسبة 1.7 في المائة أواخر الشهر الماضي، كان الهدف منه تحريك قيمة السلة الى المستوى المطلوب. كما أنها مقدمة لتعديل يومي لسعر الصرف الكويتي، الذى إذا ما تم بالفعل، فإن خطوات تعديل هذا السعر فيما بعد ستكون صغيرة، وهو ما حدث بالفعل.

المضاربة على العملة تؤدي إلى إصلاحات على نطاق واسع: بينما ستنخفض عمليات المضاربة على الدينار الكويتى، فإن التركيز سيعود إلى العملات الأخرى في دول المنطقة. فعقب ارتفاع قيمة الدينار الكويتي في 25 يوليو (تموز) الماضي، زادت التكهنات بأن دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى ستقتفي أثر الكويت وتعيد تقييم عملاتها في مواجهة الدولار الأميركي وقد انعكست آثار تلك التكهنات على الارتفاع الأخير في قيمة الدرهم الإماراتي والريال السعودي.

من جهته، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور محمد العسومي، إن دول الخليج كانت قد اتفقت على أن يكون تثبيت سعر صرف الدولار كمثبت مشترك، هو القاعدة الرئيسية التي تسبق العملة الخليجية الموحدة. ويضيف «إلا أن الكويت اتخذت قرارا مختلفا بالرغم من أن هذه القاعدة كانت أمرا ضروريا للوصول للعملة الخليجية». ويشير العسومي إلى الخطوة الكويتية بأنها ربما رأت ألا تلتزم بمثبت مشترك، مستبعدا تماما أن تقدم الدول الخليجية الأخرى على هذه الخطوة، خاصة أن أكثر من 90 في المائة من صادرات دول الخليج، ومن ضمنها الكويت، هي صادرات نفطية أو مشتقات نفطية مقيمة بالدولار. لكن العسومي يلفت إلى أن الموقف الخليجي ربما يتغير «ولكن ليس قبل معرفة الموقف الجديد من العملة الخليجية، والذي بالتأكيد سيؤثر في قرار الدول الخمس في تثبيت عملاتها». ويسير في نفس اتجاه عدم اتخاذ دول الخليج لخطوة تغيير سعر صرف عملاتها، تقرير صادر عن المجموعة المالية (هيرميس)، حصلت عليه «الشرق الأوسط»، ويشير إلى أن الدول الأخرى في مجلس التعاون الخليجي لن تتبع نفس النهج الذي أتبعته الكويت، «ومع ذلك فإننا نؤكد على وجهة نظرنا بوجود احتمال ضئيل في أن تتبع الدول الأخرى في مجلس التعاون الخليجي نفس النهج الذي اتبعته الكويت وذلك في الأجل القريب».

وبحسب التقرير، فلقد كانت كل من دولة الإمارات وقطر أكثر الدول ترجيحا لاقتفاء أثر الكويت في وضع نظام أكثر مرونة للعملة، وذلك لارتفاع مستويات التضخم فيهما. «إلا أن العوامل الرئيسية المحركة للتضخم في هاتين الدولتين هي عوامل محلية وأي محاولة لإعادة تقييم عملاتها لن تسفر إلا عن آثار محدودة. هذا ولا زالت دولة الإمارات تؤكد أنها لن تحرك عملاتها إلا بالتنسيق مع دول خليجية أخرى».

في المقابل يجد الدكتور جمعة الغيلاني، الخبير بشؤون النفط وعميد كلية مزون في سلطنة عمان، أن فك الارتباط بالدولار قد يكون افضل وسيلة لدول المجلس لمواجهة تأثيرات انخفاض سعر صرف الدولار، واصفا هذه الخطوة بأنها تحتاج الى قرار سياسي واقتصادي جريء وشجاع. وأكد الغيلاني في حديث مع «الشرق الاوسط»، ان اعتماد دول المجلس لسلة من العملات هو افضل الحلول التي يمكن ان تلجأ اليها في الوقت الراهن، فيما لم يغفل حلولا اقتصادية أخرى، إلا أنه أشار إلى أنها تحتاج الى بعض الوقت.

ويعتبر الغيلاني ان «دول المجلس استفادت من ارتفاع اسعار النفط ولكن ارتباطها بالدولار والوضع الاقتصادي الراهن حيث السيولة الكبيرة والمشاريع الاقتصادية العملاقة التي ُتنفذ حاليا، خلقت اوضاعا اقتصادية غير مريحة ومكلفة على موازناتها وعلى المواطن ايضا، إذ ان دول المجلس تدفع اليوم فاتورة كبيرة نتيجة استمرار ارتباطها بالدولار». ويرى خبراء انه ربما تقدم جهود طرح العملة الخليجية الموحدة لدول الخليج مزيدا من الدوافع للتخلي عن ربط عملاتها بالدولار؛ حيث يتيح الانفصال مواجهة الضغوط المستوردة من خلال السماح بتغيير سعر الصرف. ويتفق هؤلاء على ان أي هبوط في سعر الدولار يعني في واقع الأمر هبوطا مماثلا في القيمة الشرائية لإيرادات النفط الخليجية عند تقييمها او تحويلها لعملات عالمية أخرى. وقياسا على ذلك فان إيرادات دول الخليج من صادرات النفط قد خسرت أكثر من 15 في المائة من قيمتها منذ بداية العام كانعكاس لخسارة الدولار، لكن هذه الخسائر لا تقف عند حدود الإيرادات العامة للدول بل تتعداها الى ما شهدته أسعار السلع الاستهلاكية والأساسية من ارتفاعات متتالية خلال الفترة الماضية. ولكن على الرغم من حقيقة هذه الصورة يجد الدكتور جاسم حسين «ان كل دول المجلس بلا استثناء حققت فوائض مالية في موازناتها في السنوات القليلة الماضية، لكن ربما بدرجة أقل في حال عدم تدني قيمة الدولار، كما أن المشاريع التنموية التي تقام على قدم وساق تعد من أحد أهم أسباب التضخم في المنطقة». ويُبدي حسين تحفظا من إقدام الكويت على فك ربط عملتها بالدولار ويقول «أعتقد أن الكويت أخطأت في حساباتها بدليل تكرار تجربة رفع قيمة الدينار مقابل الدولار. ويخشى حسين أن تؤدي هذه الخطوة إلى المزيد من الضغوط والتكهنات بقيمة الدينار». وحول توقعاته عن استمرار وضع الدولار الضعيف على ما هو عليه اليوم يقول حسين «ان هذا الوضع سيستمر في المستقبل المنظور، وذلك على خلفية العجز في الميزان التجاري الأميركي؛ فحسب مكتب الإحصاء الأميركي بلغ حجم العجز التجاري للولايات المتحدة العام الماضي تحديدا 818 مليار دولار».

ويشير إلى أن الظروف الاقتصادية العالمية تمنح الولايات المتحدة فرصة الاستمرار في السياسة الحالية، حيث يعد الدولار أقوى عملة صعبة في العالم، وهو شكل نحو 65 في المائة من الاحتياطي العالمي، حسب بيانات البنك الدولي.