المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تأخير التشريعات الجديدة لسوق المال الكويتي فرصة ذهبية لمستغلي الوضع الحالي



مغروور قطر
05-08-2007, 04:57 AM
تأخير التشريعات الجديدة لسوق المال الكويتي فرصة ذهبية لمستغلي الوضع الحالي
في حمى الاستحواذ.. قل وداعا لصغار المستثمرين!
عدد القراء: 175

الى متى يترك المستثمرون العقار تحت رحمة تضييع حقوقهم؟


05/08/2007 بقلم: ناجي عبدالعزيز الإبراهيم المعود
أشعر بالأسى نحو مساهمي الاقلية في احدى الشركات المساهمة الذين لم يتمكنوا من بيع اسهمهم (للشركة التي استحوذت على اسهم كبار المساهمين) بسعر سهم كبار المساهمين، ويبدو ان هذا الشعور سوف يمتد (ان لم يكن بالفعل امتد) ليشمل كثيرا من صغار المساهمين من شركات مساهمة أخرى على لائحة الاستحواذات.
المشكلة تكمن من قصور التشريعات المحلية وعدم قدرتها على حماية صغار المستثمرين. واذا ما استمرت الحال على ما هي عليه الان فإن قدرة كبار المستثمرين سوف تحيل صغار المستثمرين الى مجموعة لا حول لها ولا قوة تقبل بالسعر الادنى اليوم وبسعر اقل من السعر الادنى غدا ليتكرر هذا المشهد على الاسهم الخاضعة للاستحواذ على فترات متباينة.
غبن.. وغبن أكبر
ان الغبن الذي يلحق بصغار المستثمرين لعدم قدرتهم على بيع اسهمهم بسعر 'الصفقة الكبرى' قد يلحقه غبن اكبر عندما يجدون شركاتهم تجرد من اصولها الثمينة مستقبلا وتتهاوى اسعارها. وهذا يبدو امرا طبيعيا في الاسواق الناشئة.
بين عامي 2001/1999 فقدت سوق الاسهم البلغارية حوالي ثلثي الشركات المدرجة البالغ عددها حينذاك 1040 شركة، وذلك بعدما تمكنت شركات ومساهمون كبار من الاستحواذ على ما يقارب 690 شركة واخراجها من سوق الاوراق المالية. لقد تمكن كبار المساهمين من شراء اسهم الاقلية بمعدل 25% من قيمتها العادلة وذلك باستخدام اساليب الحفر المالي والعمل Financiel+operatianal method الذي بدأت تتضح بعض ملامحه في سوق الكويت للأوراق المالية، وقد تتعاظم مستقبلا.. ابسط امثلة الحفر العملي هو تدخل كبار المساهمين من اختيار العملاء او الموردين ذوي الصلة بكبار المساهمين، ومن ثم نقل الارباح بشكل مبطن ومستتر. ان الادارة لا تستطيع تبرير تلك العمليات التي تذهب من دون منافسة الى شركات ذات علاقة بكبار المساهمين. أما ابسط امثلة الحفر المالي، فهو زيادة رأس المال بصورة كبيرة غير مبررة بما لا يمكن صغار المستثمرين من الاكتتاب وذلك لعظم العبء المالي وبالتالي اقتناص كبار المساهمين لهذه الاسهم غير المكتتبه (خصوصا اذا كانت باسعار متدنية) مما يؤدي الى تخفيف تركيز الاسهم Dilution وزيادة سيطرة كبار المساهمين على الشركة والتحكم بمقدراتها.. وقس على ذلك امثلة عديدة اخرى، كالمبالغة في دفع بعض الرواتب والمزايا وبيع الاصول الملموسة وغير الملموسة باسعار متدنية لاطراف ذات صلة باسعار متدنية.. وكلها تؤدي في النهاية الى افراغ الشركة تدريجيا من ارباحها وتدني سعر سهمها، واخيرا افلاسها او تملكها بسعر بخس وربما اخراجها من السوق المدرجة.
كانت تلك هي الاسباب وراء انحسار سوق الاوراق المالية في بلغاريا بعد تحولها الى النظام الرأسمالي الحر.
مثال آخر
إن انهيار العديد من الشركات الاسبانية المساهمة مع بداية التسعينات يعود الى عوامل عدة، من بينها ما يسمى بالهندسة المالية Financial engineering وهو عامل لايعدو كونه تلاعبا محاسبيا تبيع فيه شركات ذات صلة اصولا معينة فيما بينها، وتعود لتشتريها مرة أخرى وذلك باسعار عالية غير حقيقية متفق عليها مما يؤدي الى تضخم الارباح المحققة ومن ثم ارتفاع اسعار اسهم هذه الشركات على ضوء الارباح الوهمية بمباركة كبار المساهمين لتنهار بعد ذلك فوق رؤوس صغار المستثمرين دون احترام لمبدأ عمليات ذات صلة Arms length operahian.
إن ضعف التشريعات القانونية في الاسواق الناشئة كانت ولا تزال وراء ازمات هذه الاسواق. واذا كان موضوع الشفافية (وهو ذو اهمية كبيرة) يطغى حاليا في اسواق الخليج الناشئة، فان موضوع حماية صغار المستثمرين لايزال طي النسيان.
المثال الكويتي
في الكويت بدأت حمى الاستحواذ تنتشر هذه السنة في ظل عدم جاهزية قوانين سوق الاوراق المالية الجديدة، ولربما هذه هي فرصة الشركات الكبرى وكبار المساهمين للاستحواذ على شركات اخرى دون وجود عوائق قانونية.. ولكن من الذي يضمن لنا حماية صغار المستثمرين حاليا لتمكينهم من الحصول على سعر 'الصفقة الكبرى' نفسه، او حتى لا تندثر اسهمهم مستقبلا لا سمح الله؟ في اكثر من صفقة كبرى تمت في سوق الكويت للاوراق المالية ضاعت فرصة صغار المستثمرين في البيع.
وفي احدى الصفقات التي لم تتم بعد جري الحديث عن ثمة معاملة خاصة لاسهم 'الولاء' من صغار المستثمرين وهذا امر طيب من ادارة وكبار مساهمي هذه الشركة، الا ان الطيبة والكرم ليستا قانونا ملزما. في كل صفقات الاستحواذ التي تمت او التي تطبخ على نار هادئه ليس ثمة ضمان يكبح جماح المستثمرين الجدد. ذلك ليس تشكيكا في قوى الاستحواذ ولكن كما يقال 'المال السائب يعلم السرقة'. ان وجود القانون ليس تشكيكا في الذمة ولكنه بمنزلة حزام الامان لمجتمع السوق. ان ما يحدث من غبن لصغار المستثمرين في هذه الصفقات الكبرى للاستحواذ ليس خرقا للقانون لان القانون غائب او قاصر بكل بساطة والمفاجآت التي قد تأتي مستقبلا على رؤوس صغار المستثمرين هي بلاشك قانونية لا تشوبها شائبة.
ما يجري في الدول المتقدمة
في اسواق المال المتقدمة هناك ما يسمى بمحافظ او صناديق الاقتناص Arbitrage مهمتها اكتشاف الشركات المؤهلة للاستحواذ والتملك والاندماج وشراء اسهمها، حتى يتم بيعها مستقبلا على قوى التملك والاستحواذ. الا انه حتى هذه الصناديق المحترفة لا تستطيع العمل في سوق الكويت وفقا للقانون السائد حاليا، لانه ليس ثمة ضمان من ان هذه الاسهم المشتراة سوف تباع مستقبلا بسعر 'الصفقة الكبرى'. إن معظم قوانين سوق المال في العالم تفرض على المستثمر الذي تتجاوز ملكيته نسبة 25% او 50% او 67% من اسهم الشركة المدرجة في السوق، ان يتقدم بعرض ذي شروط محددة وغير مجحفة لشراء اسهم بقية المساهمين.
ماذا لو ان القانون نفسه كان موجودا في الكويت؟.. بلا شك سوف يفكر المستثمر الجديد كثيرا قبل الاقدام على خطوة الاستملاك، وسوف يتمكن صغار المستثمرين من بيع اسهمهم بصورة مرضية. ما الذي يمنع شركة ما تملك حصة الاغلبية من تقليص الشركة المشتراة ونقل اصولها الى حيث تشاء؟ اليس ذلك هو حق الاغلبية في حدود القانون؟ وحتى لو ان حكومة الكويت تملك نسبة اقلية عالية من اسهم الشركة المشتراة، فان ذلك لا يعطي الحق لحكومة الكويت في تعطيل قرارات الاغلبية وفق القانون. ولعله من دواعي السخرية ان تستطيع حكومة سنغافورة مثلا، وهي تملك سهما واحدا من احدى شركاتها المخصصة 'وهو ما يطلق عليه اسم السهم الذهبي Golden share ان تعترض على كل خطوة تراها غير مناسبة في مجلس الادارة ومن ثم تعطيلها.. في حين لا تستطيع حكومة الكويت فعل ذلك حتى لو تملكت نسبة مؤثرة. يبدو هنا فرق القانون واضحا بشكل جيد!
عون للصغار وعينهم
ان العديد من الحكومات وضعت في تشريعاتها بأن يكون هناك ممثل لصغار المستثمرين في مجلس ادارة الشركات المساهمة ذو كفاءة وسمعة طيبة، ويكون بمثابة عين وعون لهم، وهذا ايضا ما لا تجده في الاسواق الناشئة، وحتى ان تواجد فان هدايا ومزايا اعضاء مجلس الادارة لربما تلهيه عن لعب دوره المؤتمن عليه. ومن هنا، فان البعض يذهب الى ان يكون هناك ممثلون ذوو هيئة اعتبارية قد يلعبون دورا فائق الاهمية بحكم خبرتهم، وافضل من العضو المستقل. ولعل ابرز الامثلة في ذلك الدور الذي لعبه احد الصناديق الاستثمارية مؤoرا في تملكه لحصة مؤثرة في بنك اي بي ان امرو ABN-AMRO ما ساهم في ارغام البنك وادارته على تحقيق افضل العوائد الاستثمارية عن طريق تقبله لفكرة استملاكه من قبل بنوك عالمية اخرى وهذا ما رفع اسهم البنك في البورصات الدولية.
محاولات حكومية
وفي محاولة للحد من زيادات رأس المال الكبيرة غير المبررة، التي قد تضر بصغار المستثمرين فان ثمة جهات حكومية تشترط ان تصاحب هذه الزيادات اصدارات لحقوق الشراء Warrants تسمح لصغار المستثمرين ببيع هذه الحقوق بدلا من تركها لكبار المساهمين للاكتتاب بالاسهم بسعر متدن نيابة عن صغار المستثمرين الذين لا يرغبون في الاكتتاب.
وتذهب القوانين الاميركية الى حدود اخرى اكثر تطرفا، وبمساعدة من جمهور المحامين، الى حد محاصرة كبار المساهمين بطرق متعددة ما يؤدي في بعض الاحيان الى التخلي عن عملية الاستحواذ بالكامل نتيجة لارتفاع تكلفتها وذلك من خلال ما يسمى 'خيار السم' Poison Put بحيث يلزم المستثمر الجديد بشراء كل الاسهم بنسبة قد تصل الى 100% فوق متوسط السعر السائد اذا ما تعدت نسبة المستثمر الجديد 30% مثلا، وذلك من خلال تسهيل القانون الاميركي للشركات بوضع مادة بهذا الشأن ضمن مواد تأسيس الشركة او قانونها الاساسي. لقد اصبحت مكاتب المحاماة الاميركية شركاء لصغار المستثمرين في تقاسم كعكة الاستحواذ.
سد الثغرات
ان دافعي الضرائب في كل دول العالم يحاولون دائما استغلال الثغرات القانونية لتخفيض ضرائبهم، وهو اسلوب قانوني سليم حتى تدرك الحكومات قصور تشريعاتها لتعود وتضع قوانين جديدة وتشريعات مناسبة لسد هذه الثغرات. ان كبار المساهمين وقوى الاستحواذ في سوق الاوراق المالية كدافعي الضرائب، لا يستطيع احد ان يلومهم في سلوكهم عندما يتجهون نحو الاستحواذ وفرص الربح الوفيرة في ظل قصور التشريع.
جوانب ايجابية
لا شك ان التشريعات الجديدة لسوق الاوراق المالية في الكويت، المقترحة من الفريق الفني والمهني في وزارة التجارة والصناعة تحمل في طياتها جوانب ايجابية تعالج العديد من الثغرات القائمة، وان لم يكن جميعها. لكن التأخير في الانجاز والتطبيق يعطي فرصة ذهبية لشركات التملك والاستحواذ والاندماج كي تحقق ارباحا خيالية في ظل غياب التشريع الوقائي.. ان قراءة متأنية لما يحدث في الاسواق الناشئة تعطي افكارا 'مبدعة' في كيفية استغلال القصور القانوني وزيادة الارباح.. اما صغار المستثمرين فنتركهم بحفظ الله ورعايته في مساحة غير محددة من الزمن حتى تصدر القوانين ويتقدم احد مكاتب المحاماة ليتقوت على ظهورهم. ان حفلة الاستحواذ مازالت مستمرة على انغام القانون السائد ونأمل الا تطول ولادة التشريعات الجديدة لتأتي بعد ان تنتهي الحفلة وتكون الصحون خاوية.
يقول لي احد صغار المستثمرين اذا كانت التشريعات الجديدة المقترحة من وزارة التجارة والصناعة تضع في اعتبارها حلا للمشكل القائم مما يعتبر اعترافا ضمنيا بالغبن السائد لصغار المستثمرين، فلماذا لا يتم ايقاف الحفلة بتعطيل بعض من بنود التشريع الحالي قبل ان تنتهي الحفلة؟ بكل صراحة وبساطة اقول لا اعرف.. ربما انه قانون اقوى من الدستور!

--------------------------------------------------------------------------------