المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تقرير: الاقتصاد السعودي غير مهيأ حاليا لفك ارتباط الريال بالدولار



ROSE
22-08-2007, 07:49 AM
"الاقتصادية" تنشر تقريرا موسعا عن العملة السعودية أعدته شركة جدوى للاستثمار
تقرير: الاقتصاد السعودي غير مهيأ حاليا لفك ارتباط الريال بالدولار



- "الاقتصادية" من الرياض - 09/08/1428هـ
أكد تقرير اقتصادي حديث أن أفضل خيار للسعودية حاليا هو إبقاء عملتها (الريال) مرتبطة بالدولار وعدم إجراء أي تعديل في سعر صرفها. وقال التقرير الذي أصدرته شركة جدوى للاستثمار, إنه من الطبيعي أن يأتي يوم يكون فيه القرار الصائب بالنسبة للسعودية هو التخلي عن الربط بالدولار, وهناك سببان للجوء لذلك الخيار هما، أولاً، أن يكون الاقتصاد قد تنوع بدرجة كبيرة تبعده عن نفوذ الدولار. وثانياً، أن الدولة تحتاج إلى أدوات مستقلة لتحديد سعر الفائدة وذلك عندما ترتفع مديونية الشركات والأفراد بأعلى مما هي عليه.
لكن التقرير يستبعد حدوث أي من تلك الشروط الأساسية خلال السنوات المقبلة القريبة، حيث إن تنويع الاقتصاد يعتبر عملية متدرجة ومن المرجح أن يظل سوق النفط مُقوما بالدولار لسنوات عديدة مقبلة. ويؤيد التقرير أن تكاليف تغيير سعر الصرف تفوق حسناتها كثيرًا, خصوصاً أن التضخم المستورد لا يشكل إلا قدراً ضئيلاً من موجة التضخم الحالية في السعودية.

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

هناك رأي متنام أن الوقت قد حان لتعديل سعر صرف الريال (برفع قيمته) بل وربما اقتفاء أثر الكويت والتخلي عن سياسة الربط بالدولار الأمريكي. ويتم إلقاء اللوم على الدولار المتهالك على أنه وراء ارتفاع التضخم وجعل العطلات الصيفية في الخارج أكثر تكلفة. إضافة إلى ذلك، تحوم أسعار النفط قرب أعلى مستوياتها على الإطلاق ويشهد الاقتصاد حالة ازدهار مما يمثل ضغطا طبيعيا لتعزيز قوة الريال. وفي رأينا فإن تكاليف تغيير سعر الصرف تفوق حسناتها كثيرًا خصوصاً أن التضخم المستورد لا يشكل إلا قدراً ضئيلاً من موجة التضخم الحالية في السعودية، أما أكبر المتضررين من إجراء رفع قيمة الريال فهم كما يلي:

الدولة
يتم تسلم عائدات النفط بالدولار ومن ثم تحويلها إلى الريال للإنفاق على الميزانية. ومن شأن إجراء تعديل على سعر الصرف التسبب في إضعاف قيمة الريال وانعكاس ذلك على واردات النفط مما يؤدي بالتالي إلى خفض حجم الفوائض المالية للدولة وتسريع اليوم الذي تتراجع فيه الميزانية إلى خانة العجز. أما احتياطي الدولة من الموجودات الأجنبية المقوم بالدولار في معظمه، الذي يفوق حجمه حالياً 240 مليار دولار فستنخفض قيمته بمجرد تحويله إلى الريال.

مؤسسة النقد (ساما): أكدت مؤسسة النقد مراراً أنه لا نية لديها لتعديل سياسة ربط سعر الصرف مع الدولار، القائمة منذ 21 عاما. لذا ستتضرر مصداقية ساما وتتراجع الثقة في العملة إذا ما تدهورت أسعار النفط أو ارتفع سعر الدولار. علاوة على ذلك، لا تحبذ البنوك المركزية في العادة إجراء تغييرات مفاجئة أو حادة في أسعار الصرف، خصوصاً أن التعديلات الطفيفة قد لا تؤتي إلا أثراً محدوداً بالنسبة لمن تضرر من ضعف الدولار.

المستثمر الأجنبي
إضافة عامل التخوف من تغيير سعر الصرف إلى الريال الأكثر تكلفة ستثبط من همة الاستثمارات الأجنبية وتؤدي لتقويض مبادرة اقتصادية رئيسية.

الشركات المحلية
ستشهد الشركات السعودية المصدرة ارتفاعاً في أسعارها في الأسواق الخارجية بينما تقل تنافسيتها. أما تلك التي تتنافس منتجاتها مع الواردات مثل المواد الغذائية ومواد البناء والأثاث فستعاني الواردات الأقل تكلفة.
ربما يكون من الصواب إجراء تغيير في سياسة الربط بالدولار على المدى الطويل وذلك عندما يتنوع الاقتصاد وتتضح حاجة مؤسسة النقد لتطوير أدوات سياسة نقدية أكثر استقلالية للتحكم في سعر الفائدة. لكن الوقت لذلك لم يحن بعد، كما أن تغيير سعر الصرف لمجرد ملاحقة تحركات الدولار يشكل سياسة قد تفوق سيئاتها حسناتها في هذا الوقت. والاحتمال الوحيد لتعديل سعر صرف الريال في ظل الظروف الحالية حسبما نعتقد ربما يأتي من الرغبة في توزيع أرباح عوائد النفط المرتفعة على المواطنين الذين تأثرت مداخيلهم من ارتفاع التضخم.

سعر الصرف المستقر
ظل ربط الريال السعودي عند معدل 3.75 مقابل الدولار سارياً منذ عام 1986. وكانت سياسة الربط هذه قد تم تبنيها بغرض الحفاظ على استقرار قيمة العملة داخلياً وخارجياً، وتم اختيار الدولار دون غيره باعتباره العملة المستخدمة في تقييد تعاملات تجارة النفط الدولية، الوضع الذي لا يزال قائماً حتى اليوم. يهيمن النفط على السواد الأعظم من إيرادات الميزانية والصادرات عند مستوى 91 في المائة و88 في المائة على التوالي. وحتى تتمكن من دعم سياسة الربط تحتفظ مؤسسة النقد (ساما) بموجب النظام برصيد كاف من "العملات الأجنبية القابلة للتحويل إلى ذهب" وهي أدوات مالية قصيرة الأجل بالدولار الأمريكي من أجل تغطية كامل قيمة العملة الورقية المتداولة من الريال السعودي، أي ذلك الجزء من عرض النقود الذي يطلق عليه اصطلاحاً "ن-0". وفي الواقع تحتفظ مؤسسة النقد اليوم برصيد من العملات الأجنبية يتعدى كثيراً ما هو مطلوب لتوفير التغطية الكاملة للعملة المحلية.
وحتى اليوم فقد استوفى الربط أغراضه داعماً للأداء الاقتصادي في البلاد. ويستخدم التضخم في قياس مدى استقرار قيمة العملة داخلياً، حيث يؤدي ارتفاعه إلى تآكل القدرة الشرائية للريال. وقد راوح معدل التضخم في السعودية بين عامي 1986 و2006 عند مستوى 0.5 في المائة في المتوسط. أما الاستقرار الخارجي فيتم قياسه باستخدام "سعر الصرف الساري الفعلي"، الذي يأخذ في الاعتبار قيمة الريال السعودي مقابل عملات الشركاء التجاريين الرئيسيين للسعودية. وحسب تقارير صندوق النقد الدولي فقد ظل سعر الصرف الفعلي للريال مستقراً نسبياً باستثناء الفترات التي وهنت فيها قوة الدولار بصورة كبيرة بين عامي 1986و1987 وعامي 2002 و2005.
وشكلت تطورات أسواق النفط ضغوطاً على سياسة الربط في بعض الأحيان، ففي عام 1993 أدى تضافر أسعار النفط المتدهورة مع المخاوف بشأن العجز في الميزانية والميزان التجاري إلى خلق موجة من المضاربات راهنت على انخفاض قيمة الريال في أسواق العملات. كما حدثت موجات مضاربة مشابهة في أواخر عام 1998 وأوائل عام 1999 تزامنت مع تراجع أسعار النفط والأزمة الاقتصادية في آسيا التي نتج عنها انخفاض كبير في أسعار صرف معظم العملات في المنطقة. وقد أصابت مؤسسة النقد حينها عندما تدخلت في أسواق العملات للحفاظ على استقرار الريال بتوظيف احتياطياتها الضخمة من الموجودات الأجنبية. أما الآن فإن الضغط لا يأتي من أسواق العملات بقدر ما يأتي من الآراء السائدة التي تدعو لرفع قيمة الريال أو حتى إنهاء سياسة ربط سعر الصرف.

لماذا هناك ضغط من أجل التغيير؟
أحد الأسباب هو الاعتقاد السائد أن علاقة العملتين قد اختلت، حيث إن الارتفاع المطرد في سعر النفط إضافة لحالة الرواج الاقتصادي من شأنهما العمل على تعزيز قيمة الريال، لكن الدولار الضعيف يتسبب في تدهور قيمة الريال في الخارج، بينما يضعف التضخم من قيمته في الداخل. كما عملت العوامل العالمية والإقليمية على إزكاء حالة التخمينات بشأن تعديل سعر الصرف.
إن عملية تحديد مدى توافق عملة ما مع قيمتها العادلة تشوبها صعوبات كثيرة. مثال ذلك لا يوجد إجماع واضح بين الاقتصاديين على كيفية التوصل إلى "القيمة العادلة" لعملة ما، خصوصاً إذا كانت العملة غير معومة بالكامل وبالتالي لا علاقة لقوى السوق في تحديد سعر صرفها. لكن رغم ذلك، وكما يشرح الرسم البياني، يبدو أن هناك تغيرات هيكلية في أسعار النفط لم تنعكس على سعر الصرف. كما أن فائض الحساب الجاري الضخم بما يتعدى إمكانية استمراره على هذا النحو إلى ما لا نهاية (تخطى الفائض 20 في المائة من الناتج الإجمالي في كُلٍ من الأعوام الثلاثة الماضية) يعتبر أيضاً وبصورة عامة إشارة إلى أن قيمة العملة تعتبر منخفضة. أخيرا، هناك ما يطلق عليه "مؤشر بيج ماك" الذي تشرف عليه مجلة "إيكونوميست"، والذي يلمح إلى أن قيمة الريال تعتبر أقل بواقع 30 في المائة مقابل الدولار (يقوم هذا المؤشر على فرضية أن أسعار أي منتج متطابق من حيث المواد والعمالة والخدمات المطلوبة لتركيبه وتوزيعه ينبغي أن تكون متساوية في كل الدول). عليه يعزي المؤشر أي فروقات في الأسعار إلى الخلل في توازن سعر الصرف. وقد توصل إلى نتائج مشابهة محللون آخرون يستخدمون أساليب أكثر تعقيداً.
وهناك عامل آخر يدعم فكرة أن قيمة الريال دون مستواها حاليا وهو تراجعه أمام بعض العملات العالمية الرئيسية الأخرى، خصوصا اليورو والجنيه الاسترليني. ومما لا شك فيه أن التدفق الضخم من العملات الأجنبية في ظل نظام حر لسعر الصرف كان سيؤدي بالتأكيد إلى ارتفاع قيمة الريال. لكن بدلا من ذلك، وبسبب ضعف قيمة الدولار، انخفض الريال. ويوضح الرسم البياني في الصفحة السابقة أن "سعر الصرف الفعلي للريال السعودي" قد انخفض بواقع 21 في المائة منذ نهاية عام 2001.

الجدول أدناه يوضح أن عملات جميع الشركاء التجاريين الرئيسيين للسعودية قد تعززت أمام الريال منذ نهاية عام 2005.





لذا فإن الجدل أن سعر الصرف غير متسق حالياً يعتبر مقبولاً، لكن هل يعني ذلك أن إجراء تغيير على الربط بعد 21 عاما من ثبات سعر الصرف يعتبر سياسة سليمة؟ نعتقد أن الإجابة بالنفي، على الأقل في الوقت الراهن. وكما تعلمت الدول الآسيوية التي تعتمد على الصادرات فإن العملة ذات القيمة المنخفضة نوعاً ما تدعم التنافسية والنمو من خلال تحفيز الصادرات بينما تعمل على الحد من الواردات. عليه فإن الاقتصاد السعودي يعتبر مستفيداً من سعر الصرف الحالي. كما أن أسواق العملات تتحرك بسرعة أكبر من حركة صانعي السياسات الحكومية، لذا فإن إجراء تعديل منفرد في سعر صرف الريال بسبب ضعف الدولار قد يأتي بنتائج سلبية إذا ما اشتدت قوة الدولار فجأة. والآن وبعد عقود من ربط سعر الصرف فإن أي مبرر للتغيير ينبغي أن يرتكز على الحجج الاقتصادية الهيكلية وليست مجرد الحركة في أسواق العملات الأجنبية. ونتطرق فيما يلي إلى تلك الحجج.
التضخم وسعر الصرف
إحدى أكثر الحجج الاقتصادية تردداً في الوقت الراهن فيما يتعلق بتعديل سعر الصرف هي أن الريال الضعيف يتسبب في التضخم المستورد. وقد كان ذلك أحد أكبر المبررات التي طرحتها الكويت في سياق رفعها سعر صرف الدينار.
وحدث أن هبوط الريال قد تزامن مع فترة من الارتفاع في التضخم في السعودية، حيث ارتفع التضخم من متوسط 0.3 في المائة عام 2003 إلى 3.1 في المائة بحلول حزيران (يونيو) 2007. لكن من شأن ضعف الريال أن يؤدي إلى ارتفاع قيمة الواردات بالعملات الأخرى وليس بالدولار. وتواصل الحجة في أن رفع قيمة الريال ستؤدي في خفض فاتورة الواردات مما يخفف بالتالي من التضخم المستورد. لكننا لا نعتقد أن للتضخم أية علاقة كانت أو ستكون بارتفاع الأسعار في السعودية للأسباب التالية:

.

ROSE
22-08-2007, 07:51 AM
التضخم يتركز في قطاعات معينة لا علاقة لها في أغلب الأحيان بأسعار السلع المستوردة. رغم أن ارتفاع أسعار السلع عالمياً كان السبب وراء ارتفاع التضخم، إلا أن الاختناقات المحلية الناجمة عن النمو الاقتصادي المتسارع أضحت تشكل ضغطاً كبيراً لدفع الأسعار إلى أعلى.
وتأتي مجموعة الأغذية على رأس مصادر التضخم حتى الآن هذا العام، حيث إن أسعارها قد ارتفعت عالمياً ومحلياً، لكن لا علاقة لذلك بسعر الصرف. كما أن الزيادة في أسعار المجوهرات ضمن مجموعة "المصاريف والخدمات الأخرى" في الجدول التالي ذات صلة بالارتفاع في أسعار الذهب والفضة وكلاهما مقومان بالدولار ولا تتأثر أسعارهما كثيراً بالتغير في سعر الصرف. وكانت أسعار الذهب والفضة قد وصلت إلى أعلى مستوياتها طيلة 26 عاما السنة الماضية. وفيما يتعلق بالإيجارات فقد تسببت موجة من العاملين الأجانب الذين اجتذبتهم الطفرة الاقتصادية إضافة إلى معدل النمو السريع بين المواطنين من السكان إلى دفع الأسعار إلى أعلى. وحيث أن بناء مساكن جديدة استجابة لحالة النقص يستغرق وقتاً، نتوقع أن تظل مجموعة الإيجارات تشكل المصدر الرئيسي للتضخم حتى عام 2010. وعموماً لا تتأثر الإيجارات بالتغير في أسعار صرف العملات.

اختيار العديد من تجار التجزئة عدم تمرير تكلفة الاستيراد الأعلى إلى المستهلك بغرض الحفاظ على الحصة السوقية. يوضح الجدول التالي الواردات الرئيسية من تلك الدول التي ارتفعت قيمة عملتها بصورة كبيرة مقابل الدولار (منطقة اليورو وبريطانيا وكوريا الجنوبية والهند). أهم الواردات من هذه الدول تضم السيارات وأجهزة الهاتف المحمول والدواجن المجمدة من فرنسا والأرز من الهند والطائرات من بريطانيا. ويبدو في حالة استيراد السيارات أن الوكالات لم تعكس قيمة اليورو المرتفعة بالكامل على الأسعار بل لجأت إلى امتصاصها إلى حد كبير من خلال تقليص هامش أرباح كل من الوكلاء المحليين والشركات الأوروبية المصنعة. وليست للطائرات الحربية المستوردة من إنجلترا أثر في حساب مستوى التضخم المحلي. ويتصف سوق أجهزة الهاتف المحمول بحدة المنافسة وقد انخفضت الأسعار فيه في واقع الأمر بمعدل 33.8 في المائة خلال فترة الـ 18 شهراً الماضية حسب بيانات مؤشر تكلفة المعيشة.

وبإلقاء نظرة فاحصة على مؤشر تكلفة المعيشة يتضح أن أسعار الصرف ليست هي المشكلة في هذا الصدد، حيث يحتوي المؤشر على أسعار 14 سلعة مختلفة (بصورة عامة مواد غذائية ومشروبات وأثاث) تنتج محليا ويتم استيرادها في الوقت نفسه. وقد اتضح لنا أن الأسعار المحلية لست منها ارتفعت بمعدل أعلى من أسعار مثيلاتها المستوردة؛ وكان العكس صحيحا في حال ست سلع أخرى بينما كان معدل التضخم السنوي شبه متطابقا في حالة سلعتين.

البيانات التجارية تقلل من أثر الدولار. قيمة الواردات المسعرة بالدولار أكبر بكثير من تلك التي يتم جلبها من الولايات المتحدة، حيث إن معظم التجارة السلعية الدولية مقومة بالدولار كما إن الأسواق الناشئة ذات العملات المتذبذبة تميل إلى تسعير صادراتها بالدولار.


دور الصين المتعاظم كمصدر للواردات. ارتفع نصيب الصين من الواردات بأكثر من ثلاثة أضعاف منذ عام 2002 وتحولت إلى ثالث أكبر مورد إلى السعودية بحصة قدرها 9 في المائة من إجمالي الواردات عام 2006 (ضعفي قيمة حصتها منذ أربعة أعوام فقط). ويعكس ذلك بروز الصين كمركز للتصنيع منخفض التكلفة، مما كان له أثر في الحفاظ على التضخم متدنياً عالمياً بما في ذلك السعودية.

الاعتبارات الاقتصادية الأخرى


إضافة إلى كونها ليست الأسلوب اللازم أو الأمثل في مكافحة التضخم، ينضوي تعديل سعر الصرف السائد على عدد من التكاليف الأخرى، نورد منها ما يلي:
خفض قيمة الإيرادات الأجنبية والاحتياطيات: من شأن رفع قيمة الريال خفض قيمة واردات النفط إضافة إلى قيمة الموجودات المقومة بالدولار عند تحويلها إلى العملة المحلية. فإذا تم رفع قيمة الريال بواقع 20 في المائة على سبيل المثال، تتراجع قيمة مشتريات الدولة بالريال من إيرادات النفط بواقع 20 في المائة. ونتوقع أن تبلغ إيرادات النفط في ميزانية الدولة 135 مليار دولار عام 2007. وبناء على سعر الصرف الحالي توفر تلك الإيرادات ما يكفي لتمويل 505 مليارات ريال من المصروفات. لكن في حال رفع قيمة الريال بواقع 20 في المائة فإن المستوى نفسه من الإيرادات يكفي لاستيفاء 404 مليارات ريال فقط من الإنفاق الحكومي. وإذا لم يتغير مستوى الإنفاق فإن الإيرادات الأقل ستؤدي إلى ظهور فائض في الميزانية يبلغ 1.4 في المائة فقط من الناتج الإجمالي مقارنة بـتقديراتنا الحالية البالغة 9.5 في المائة من الناتج الإجمالي.
ونتوقع أن تتراجع الفوائض في ميزانية الدولة خلال الأعوام القليلة المقبلة تمشياً مع استقرار إيرادات النفط وتواصل الزيادة في الإنفاق. ونتوقع أن تتعادل كفتي الميزانية بحلول عام 2010. لكن القضاء على كل فوائض الميزانية سيأتي في تاريخ أقرب في حالة إجراء تعديل كبير في سعر الصرف.
وإذا افترضنا فيما يتعلق بالاحتياطيات الأجنبية، أن مؤسسة النقد تمسك بما يعادل 75 في المائة من أرصدتها بالدولار فإن من شأن رفع قيمة الريال بما يعادل 20 في المائة أن يؤدي إلى خسارة تعادل 36 مليار دولار (أي 10 في المائة من الناتج الإجمالي) عندما يتم تحويل تلك الأرصدة إلى الريال.
وسيتعرض القطاع المصرفي أيضاً إلى متاعب فيما يتعلق بقيمة موجوداته. وقد بلغ صافي موجودات البنوك التجارية من الأرصدة الأجنبية 89.6 مليار ريال في نهاية حزيران (يونيو) 2007. وبما أن البنوك تعلن عن أرباحها بالريال فإن أي أرباح من موجوداتها الأجنبية تدفع بالدولار، مثل أرباح السندات أو الصكوك، ستكون ذات قيمة أقل عند تحويلها إلى الريال.
وهناك عدد كبير آخر من الشركات وقطاعات أخرى في الاقتصاد لديها موجودات كبيرة أو إيرادات كلاهما بالدولار. وبما أن الشركات المحلية تعد قوائمها المالية بالريال فإن أية موجودات ممسوكة بالدولار أو إيرادات مُتحصلة بالدولار ستتضرر في حال الإقدام على رفع قيمة الريال. ولا نعلم عن أي شركة سعودية قد تستفيد من حيث قيمة موجوداتها أو دخلها لأنها تمسك حساباتها أو تعد قوائمها المالية بالدولار.

التناقض مع السياسة الرسمية: عبرت مؤسسة النقد بوضوح وباستمرار عن التزامها بسياسة سعر الصرف القائمة وأن لديها السبل الكفيلة بالدفاع عنها ضد المضاربات على الريال. وقد بلغ إجمالي الاحتياطيات الأجنبية لمؤسسة النقد 243 مليار دولار في نهاية حزيران (يونيو) الماضي، أي ما يعادل 130 في المائة من معيار الكتلة النقدية أو عرض النقود الشامل (ن-3). بعبارة أخرى، تستطيع مؤسسة النقد بسهولة شراء آخر ريال متداول في السعودية إذا ما تعرضت سياسة الربط لأي ضغوط. وإذا ما حدث وقررت مؤسسة النقد أن تعديل سعر الصرف هو الصواب نعتقد أنها ستسبق تلك الخطوة بخطة إعلامية تُهيأ فيها الأسواق والجمهور بهدوء وبالتدريج. وبما أن ذلك لم يحدث نعتقد أن موقف مؤسسة النقد هو استمرار سياسة سعر الصرف الحالية كما هي.

الإضرار بالمصداقية: إدارة توقعات السوق باتجاه سعر الصرف أمر على قدر كبير من الأهمية للقائمين على السياسات المالية، ودون تلك المصداقية يفقد المستهلكون والشركات ثقتهم في العملة، حيث تنتابهم حالة شك حول قيمتها واتجاهاتها وينعكس ذلك سلباً على الاستثمار وعلى الأداء الاقتصادي بمجمله. وتتمتع السعودية حالياً بنظام سعر صرف يتصف بالقوة والمصداقية. فإذا ما تم تغيير الربط فجأة عقب ما يربو على العشرين عاماً من دورات أسواق النفط وأسعار الصرف فإن هذه المصداقية قد تتضرر. فإذا حان وقت تدهور، بل عندما تتدهور أسعار النفط، وترتفع قوة الدولار في الأسواق العالمية، فسوف تكون هناك توقعات قوية في السوق بخفض قيمة الريال.

تقويض القوة التنافسية للقطاع غير النفطي: من شأن رفع قيمة الريال رفع أسعار الصادرات المقومة بغير الدولار في الأسواق الأجنبية وتخفيض أسعار الواردات المقومة بغير الدولار إلى السعودية. وأثر كلتا الحالتين هو تقويض تنافسية السلع المنتجة محليا. ويعتبر تنويع الاقتصاد المحلي أحد أهم أركان السياسة الاقتصادية في السعودية وأحد أهم عناصر هذه السياسة هو تشجيع الصادرات غير النفطية. وقد شكلت الصادرات غير النفطية (البتروكيماويات بصورة أساسية) في 2006 ما يعادل 12 في المائة من إجمالي الصادرات. ومن المؤكد أن يختل نمو الصادرات غير النفطية في حال رفع قيمة الريال بصورة كبيرة تؤدي إلى زيادة تكلفة الاستيراد على المشترين الأجانب.
فيما يتعلق بالواردات، كنا قد توقعنا سلفاً نموها بصورة حادة خلال الأعوام القليلة المقبلة عندما يدخل العمل في المشاريع الاقتصادية العملاقة مرحلة التنفيذ وتتحسن الثقة في الاقتصاد بصورة عامة. ومن شأن رفع قيمة الريال زيادة تدفق الصادرات. ونتوقع أن يتراجع الفائض في الحساب الجاري بصورة مطردة على مدى الأعوام القليلة المقبلة من 95 مليار دولار في عام 2006 إلى 37 مليار دولار عام 2010. كما نرجح أن يتسارع معدل التناقص في فائض الحساب الجاري في حال رفع قيمة الريال، حيث تصبح الواردات أقل تكلفة وترتفع تكلفة الصادرات.

تراجع الاستثمارات الأجنبية: طرح ريال أكثر تكلفة للمستثمرين الأجانب إضافة إلى حالة الشك التي يتسبب فيها تعديل سياسة الربط ستعملان بمثابة عائق أمام الاستثمارات الأجنبية. حتى وفي ظل ارتفاع مستويات أسعار النفط وعوائد العملات الأجنبية تواصل السعودية سياسة تشجيع الاستثمارات الأجنبية التي تلعب الهيئة العامة للاستثمار دور رأس الرمح فيها. وقد وضعت السعودية لنفسها هدفا يتمثل في احتلالها أحد مواقع الريادة العشرة عالمياً من حيث جاذبيتها الاستثمارية بحلول عام 2010. لكن ربما تتسبب رفع قيمة الريال وحالة عدم الثقة المرتبطة بتعديل سعر الصرف في تقويض هذه المبادرة.

ارتفاع درجة التذبذب: تركز أسواق العملات انتباهها على السعودية من وقت لآخر كمرشح محتمل لتذبذب أسعار الصرف بسبب اعتماد السعودية على صناعة النفط التي تتعرض بدورها لدورات حادة من الصعود والهبوط والتذبذب في الأسعار. وقد دافع القائمون على صناعة القرار في السعودية ضد محاولات المضاربة تلك من خلال الاحتفاظ برصيد ضخم من الاحتياطيات بالدولار والثبات على موقف الدفاع عن سياسية ربط سعر الصرف. ومن الأسباب الرئيسية لعدم تأهُل الريال بعد للتعويم الكامل في أسواق العملات أن ذلك إذا تم فقد يؤدي إلى حركة الريال في اتجاه أسعار النفط العالمية نفسها التي تتصف بالتذبذب المرتفع. مثال ذلك تراجع أسعار النفط من 78 دولار للبرميل إلى 52 دولارا للبرميل، أي هبوط قدره 33 في المائة على مدى أشهر معدودة العام الماضي، ثم ارتدادها إلى 77 دولارا للبرميل منذ تلك الفترة بارتفاع نسبته 48 في المائة. ونتيجة لمثل هذا التذبذب في أسواق النفط والشعور في الخارج أنه يجب أن يحدد النفط قيمة الريال في سوق العملات فإن أي تغير في سياسة الربط يجب إدارته بتأن وعناية من أجل احتواء إمكانية التذبذب الحاد. وقد طُرحت العديد من الحجج الاقتصادية لتبرير تعديل نظام سعر الصرف، اشتملت على التالي:

ROSE
22-08-2007, 07:51 AM
العملة الخليجية الموحدة: هناك خطط لتوحيد العملة الخليجية بحلول عام 2010. ورغم أن الإعداد لتلك المرحلة قد اصطدم بعدد من العقبات أخيرا لكن لم يتم المساس بالجدول الزمني. وحيث إن السعودية سيكون واجبا عليها تعديل سعر صرفها بصورة نهائية عند الانضمام إلى مشروع العملة الموحدة (على الأقل مع العملات الخليجية الأخرى أو مع الدولار أو سلة من العملات) فإن هناك تخمينات بأن تعديل سعر صرف الريال السعودي مقبل في الطريق.

الاختلالات العالمية: أصبح الريال جزءا من جدل أوسع حول "الاختلالات العالمية" بين الدول التي يُعتقد أنها تدخر بصورة مفرطة (أي لديها فوائض ضخمة في ميزان الحساب الجاري) والدول التي تنفق بصورة مفرطة (أي لديها عجز كبير في ميزان الحساب الجاري). فإذا عدل المدخرين (الصين ومصدري النفط الرئيسيين) أسلوبهم في استثمار فوائضهم فإن ذلك من شأنه إضعاف مكانة المنفقين (الولايات المتحدة بصورة رئيسية). أحد أساليب جسر الهوة بين المدخرين والمقترضين هو رفع قيمة سعر صرف الريال، حيث يؤدي ذلك لتشجيع السعودية على الإنفاق أكثر على وارداتها مما يؤدي إلى خفض فائض الحساب الجاري لديها (شريطة أن تكون الولايات المتحدة هي مصدر الواردات) وبالتالي خفض العجز في ميزان الحساب الجاري الأمريكي.

الخيارات السياسية

بالنظر إلى جميع الحجج المؤيدة وتلك التي تعارض تعديل سعر الصرف نعتقد أن أفضل خيار في الوقت الراهن هو عدم فعل أي شيء. لكن من الطبيعي أن يأتي يوم يكون فيه القرار الصائب بالنسبة للسعودية هو التخلي عن الربط مع الدولار. أما السببين الرئيسيين للجوء لذلك الخيار فهما، أولاً، أن يكون الاقتصاد قد تنوع بدرجة كبيرة تبعده عن نفوذ الدولار، وثانياً، أن الدولة تحتاج إلى أدوات مستقلة لتحديد سعر الفائدة وذلك عندما ترتفع مديونية الشركات والأفراد بأعلى مما هي عليه.

لكن لا نتوقع حدوث أي من تلك الشروط الأساسية لعدد من السنين، حيث إن تنويع الاقتصاد يعتبر عملية متدرجة ومن المرجح أن يظل سوق النفط مُقوم بالدولار لسنوات عديدة مقبلة.
قلما يتم التطرق إلى حاجة السوق إلى الاستقلالية في تحديد أسعار الفائدة في نهاية المطاف، حيث إن سياسة الربط الحالية لا توفر لمؤسسة النقد المرونة الكافية في تحديد أسعار الفائدة خارج نطاق تلك التي يحددها البنك المركزي الأمريكي. فإذا سمحت مؤسسة النقد لأسعار الفائدة بالانحراف عن الفائدة الأمريكية نجد أن سماسرة أسواق العملات يقفزون مباشرة لاستغلال فرصة المراجحة الناشئة (فرصة لتحقيق أرباح دون تحمل مخاطر بالاتجار في فروق أسعار الصرف) التي تنتج عن هذا الوضع وبالتالي تعيد آلية السوق أسعار الفائدة إلى النطاق الذي يتمشى تقريبا مع أسعار الفائدة الأمريكية.
تمثل المقدرة على تحديد أسعار الفائدة الأساسية باستقلالية إحدى أهم أدوات السياسة النقدية في احتواء التضخم في الدول النامية. لكن ولكي تأتي هذه السياسة بنتائج لا بد أن يكون مستوى المديونية على الشركات والأفراد من الضخامة بحيث يمكن التحكم في عاداتهم الاستهلاكية والاقتراضية من خلال تعديل أسعار الفائدة. السعودية لم تصل إلى هذه المرحلة بعد، حيث إن مديونية الشركات والأفراد كنسبة من الناتج الإجمالي تقل كثيراً عن مثيلتها في الدول النامية. مثال ذلك تبلغ مديونية الأفراد في السعودية نحو 12 في المائة من الناتج الإجمالي بينما تبلغ في الولايات المتحدة 100 في المائة من الناتج الإجمالي. ويبلغ إجمالي المديونية في السعودية 37 في المائة فقط من الناتج الإجمالي. ومن شأن تعديل سعر الصرف في الولايات المتحدة أن ينعكس مباشرة على مستوى السيولة في الاقتصاد وعلى سلوك المستهلك. لكن الوضع في السعودية ليس على هذا المنوال بعد. لذا حتى وإن احتفظت السعودية بحرية كاملة في تحديد أسعار الفائدة الأساسية فلن يكون ذلك أداة مؤثرة في الإطلاق في السيطرة على التضخم. إضافة، وكما تطرقنا سابقا، فإن أسباب الضغوط التضخمية الحالية تعود إلى الاختناقات المحلية خصوصا في مجال العقار ولا علاقة لها بالسيولة. وعندما يحين الوقت للتخلي عن سياسة الربط مع الدولار ستتوفر لمؤسسة النقد الحرية في تعديل أسعار الفائدة حسبما تراه لائقاً بالنسبة للأوضاع الاقتصادية المحلية