آخر العشاق
28-08-2007, 10:08 PM
http://www.arabiancreativity.com/images/mattar.jpg
احمد مطر
ولد أحمد مطر في مطلع الخمسينات،في قرية (التنومة)، إحدى نواحي (شط العرب)
بدأ يكتب الشعر، ولم تخرج قصائده الأولى عن نطاق الغزل والرومانسية، لكن سرعان ما تكشّفت له خفايا الصراع بين السُلطة والشعب، فألقى بنفسه، في فترة مبكرة من عمره، في دائرة النار، حيث لم تطاوعه نفسه على الصمت، كانت هذه القصائد في بداياتها طويلة، تصل إلى أكثر من مائة بيت
مشحونة بقوة عالية،الأمر الذي اضطرالشاعر، في النهاية، إلى توديع وطنه ومرابع صباه والتوجه إلى الكويت، هارباً من مطاردة السُلطة.
وفي الكويت عمل في جريدة (القبس) محرراً ثقافياً، وكان آنذاك في منتصف العشرينات من عمره، حيث مضى يُدوّن قصائده التي أخذ نفسه بالشدّة من أجل ألاّ تتعدى موضوعاً واحداً، وإن جاءت القصيدة كلّها في بيت واحد.
وفي رحاب (القبس) عمل الشاعر مع الفنان ناجي العلي، ليجد كلّ منهما في الآخر توافقاً نفسياً واضحاً، فكان يبدأالجريدة بلافتته في الصفحة الأولى، وكان ناجي العلي يختمها بلوحته الكاريكاتيرية في الصفحة الأخيرة.
ثم صدر قرار نفيهما معاً ، وترافقا إلى لندن
ومنذ عام 1986، استقر أحمد مطر في لندن، ليُمضي الأعوام الطويلة، بعيداً عن الوطن
وهذه اخر قصيده نشرة له
عراقـي
--------------------------------------------------------------------------------
يَسألُني رِفاقي :
مَتى نَراكَ عائِداً لرؤيةِ العراقِ ؟
أقولُ : ماذا سأرى
غيرَ عَمايَ يا تُرى
في ساعةِ التّلاقي ؟!
ما تَسكُنونَهُ لكم
ولي أنا
هذا الّذي يَسكُنُ في أعماقي .
هذا الّذي يَسكُنُني
أجملُ ألفَ مَرّةٍ
مِن ذلكَ السّاكنِ
في الشّاشاتِ والأوراقِ .
حَمَلْتُهُ طِفلاً عَفِيّاً حالِماً
يَنضَحُ بالفتنةِ والإشراقِ .
حَمَلْتُهُ تعويذةً من لَوعةِ الفراقِ .
وَسَّدْتُهُ روحي
وأوقَدْتُ لَهُ قلبي
وأرخيتُ على غَفْوتِهِ أحداقي .
أطبقتُ فوقَهُ اليَدا
وَصُنْتُهُ من الرَّدى
فآبَ مِثلَما غَدا..
مُؤتَلِفَ الخِلْقَةِ والأخلاقِ .
فكيفَ لي بَعْدَ بَقائِهِ مَعي
مُؤتَمَناً وآمِناً
أن أستحِلَّ فَقْـدَهُ
في زَحمةِ الأسواقِ ؟
**
إنّي على تباعُدِ الأزمانِ والآفاقِ
رأيتُ في عِراقِكُمْ
ما يُطفىءُ الأشواقَ في أشواقي .
حظيتُ مِن عِراقِكُم
برؤيةِ الشِّيعيِّ والسُّنيِّ
والمُسلمِ والصابيِّ والكُلْدِيِّ
والعُرْبيِّ والكُرديِّ والتُركيِّ
والباقينَ من مُستوطِني
مَمالكِ الأديانِ والأعراقِ .
لكنّني.. لمْ أحظَ في زحمَتِهمْ
برؤية (العراقي) !
كيفَ، إذن، في سجنِكُمْ
سوف أرى انعتاقي ؟!
وكيفَ أَخبِطُ الذُّرا،
طَوعاً، على وجه الثَّرى
أو أحفَظُ الأصيلَ عِندَ المُفتَرى
أو أُسلِمُ البَريءَ للأفّاقِ ؟
**
معذِرةً رفاقي ..
إنّي سأبقى هاهُنا
مُعَوَّذاً مِن عَفَنِ الفاني
بطُهْرِ الباقي .
عِراقُكمْ ذاكَ لَكُـمْ
وَلي أنا عِراقي !
أحمد مطر
* عن جريدة (الرايـة) القطريـة
يـوم السبت 12 -5 -2007
احمد مطر
ولد أحمد مطر في مطلع الخمسينات،في قرية (التنومة)، إحدى نواحي (شط العرب)
بدأ يكتب الشعر، ولم تخرج قصائده الأولى عن نطاق الغزل والرومانسية، لكن سرعان ما تكشّفت له خفايا الصراع بين السُلطة والشعب، فألقى بنفسه، في فترة مبكرة من عمره، في دائرة النار، حيث لم تطاوعه نفسه على الصمت، كانت هذه القصائد في بداياتها طويلة، تصل إلى أكثر من مائة بيت
مشحونة بقوة عالية،الأمر الذي اضطرالشاعر، في النهاية، إلى توديع وطنه ومرابع صباه والتوجه إلى الكويت، هارباً من مطاردة السُلطة.
وفي الكويت عمل في جريدة (القبس) محرراً ثقافياً، وكان آنذاك في منتصف العشرينات من عمره، حيث مضى يُدوّن قصائده التي أخذ نفسه بالشدّة من أجل ألاّ تتعدى موضوعاً واحداً، وإن جاءت القصيدة كلّها في بيت واحد.
وفي رحاب (القبس) عمل الشاعر مع الفنان ناجي العلي، ليجد كلّ منهما في الآخر توافقاً نفسياً واضحاً، فكان يبدأالجريدة بلافتته في الصفحة الأولى، وكان ناجي العلي يختمها بلوحته الكاريكاتيرية في الصفحة الأخيرة.
ثم صدر قرار نفيهما معاً ، وترافقا إلى لندن
ومنذ عام 1986، استقر أحمد مطر في لندن، ليُمضي الأعوام الطويلة، بعيداً عن الوطن
وهذه اخر قصيده نشرة له
عراقـي
--------------------------------------------------------------------------------
يَسألُني رِفاقي :
مَتى نَراكَ عائِداً لرؤيةِ العراقِ ؟
أقولُ : ماذا سأرى
غيرَ عَمايَ يا تُرى
في ساعةِ التّلاقي ؟!
ما تَسكُنونَهُ لكم
ولي أنا
هذا الّذي يَسكُنُ في أعماقي .
هذا الّذي يَسكُنُني
أجملُ ألفَ مَرّةٍ
مِن ذلكَ السّاكنِ
في الشّاشاتِ والأوراقِ .
حَمَلْتُهُ طِفلاً عَفِيّاً حالِماً
يَنضَحُ بالفتنةِ والإشراقِ .
حَمَلْتُهُ تعويذةً من لَوعةِ الفراقِ .
وَسَّدْتُهُ روحي
وأوقَدْتُ لَهُ قلبي
وأرخيتُ على غَفْوتِهِ أحداقي .
أطبقتُ فوقَهُ اليَدا
وَصُنْتُهُ من الرَّدى
فآبَ مِثلَما غَدا..
مُؤتَلِفَ الخِلْقَةِ والأخلاقِ .
فكيفَ لي بَعْدَ بَقائِهِ مَعي
مُؤتَمَناً وآمِناً
أن أستحِلَّ فَقْـدَهُ
في زَحمةِ الأسواقِ ؟
**
إنّي على تباعُدِ الأزمانِ والآفاقِ
رأيتُ في عِراقِكُمْ
ما يُطفىءُ الأشواقَ في أشواقي .
حظيتُ مِن عِراقِكُم
برؤيةِ الشِّيعيِّ والسُّنيِّ
والمُسلمِ والصابيِّ والكُلْدِيِّ
والعُرْبيِّ والكُرديِّ والتُركيِّ
والباقينَ من مُستوطِني
مَمالكِ الأديانِ والأعراقِ .
لكنّني.. لمْ أحظَ في زحمَتِهمْ
برؤية (العراقي) !
كيفَ، إذن، في سجنِكُمْ
سوف أرى انعتاقي ؟!
وكيفَ أَخبِطُ الذُّرا،
طَوعاً، على وجه الثَّرى
أو أحفَظُ الأصيلَ عِندَ المُفتَرى
أو أُسلِمُ البَريءَ للأفّاقِ ؟
**
معذِرةً رفاقي ..
إنّي سأبقى هاهُنا
مُعَوَّذاً مِن عَفَنِ الفاني
بطُهْرِ الباقي .
عِراقُكمْ ذاكَ لَكُـمْ
وَلي أنا عِراقي !
أحمد مطر
* عن جريدة (الرايـة) القطريـة
يـوم السبت 12 -5 -2007