المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صفقات الاستحواذ الضخمة تثير في أمريكا المخاوف من "التأميم عبر الحدود"



ROSE
29-08-2007, 01:47 AM
واشنطن تضغط للتدقيق في مناهج صناديق الاستثمار السيادية
صفقات الاستحواذ الضخمة تثير في أمريكا المخاوف من "التأميم عبر الحدود"



ترجمة : عبير أبو شمالة


بدأت تتنامى المخاوف في الآونة الأخيرة من صفقات الحيازة الضخمة التي تبرمها صناديق الاستثمار السيادية الكبرى التي تدير اليوم استثمارات تقدر بما يزيد على 5ر2 تريليون دولار. واللافت في الأمر أن مخاوف الحمائية برزت بالدرجة الأولى في الولايات المتحدة أكبر دعاة الخصخصة والانفتاح في العالم، الدولة التي طالما حثت دول العالم الثالث على فتح اقتصاداتها أمام الاستثمارات الأجنبية وتحريرها من قيود الحمائية.



أكد تقرير حديث لصحيفة “نيويورك تايمز” أن الإدارة الأمريكية تضغط على صندوق النقد والبنك الدوليين للقيام بتدقيق ومتابعة مناهج الاستثمار التي تطبقها صناديق الاستثمار السيادية هذه، وتحثهما كذلك على وضع وتطوير إطار عمل لإرشاد وتوجيه صناديق الاستثمار السيادية، شريطة أن يتضمن إطار العمل المذكور قواعد تلزم الصندوق بالإفصاح عن منهاج الاستثمار الذي يتبع وعدم التدخل في سياسات الدولة المضيفة لاستثماراته.

وبحسب معهد بيترسون للاقتصادات الدولية يأتي جهاز أبوظبي للاستثمار في المرتبة الأولى بين الصناديق السيادية على مستوى العالم إذ يدير أصولاً خارجية تتراوح قيمتها بين 500 و875 مليار دولار.

وبحسب الصحيفة، فإن الولايات المتحدة التي تجاهلت في السابق مخاوف الخبراء من تراكم ديون الدولة بمليارات الدولارات للصين واليابان والدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط، تشعر اليوم بالقلق في ظل حالة الاختلال الحالي في التوازن الاقتصادي العالمي من قيام الحكومات الأجنبية بتحويل حيازاتها من الدولارات إلى صناديق الاستثمار التابعة لها لتوظفها بدورها في صفقات حيازة حصص من شركات أو بنوك أمريكية أو لشراء عقارات في الولايات المتحدة نفسها، وتخشى إدارة بوش من قدرة هذه الصناديق المتنامية على التأثير في الأسواق الأمريكية، كما تتخوف من التأثيرات السياسية لصفقات الحيازة الضخمة.

ومن جانبه يقول هنري بولسون وزير الخزانة إن الولايات المتحدة ترحب بكافة أنواع الاستثمارات باستثناء تلك التي يمكن أن تهدد امن الدولة القومي، وأضاف: “من الطبيعي أن تستقطب الولايات المتحدة باقتصادها الضخم الاستثمارات العالمية، وأنا عن نفسي أرحب تماماً بالمزيد من هذه الاستثمارات، إلا أنني أتفهم مخاوف البعض من قيام هذه الصناديق بشراء أمريكا”.

وتقول النيويورك تايمز إن بروز صناديق الاستثمار السيادية الضخمة على ساحة الاستثمارات العالمية في الآونة الأخيرة جعل الكثير من الخبراء يتخوفون مما يمكن أن نطلق عليه اسم “التأميم عبر الحدود”، فهم يتخوفون من عودة الحكومات مرة أخرى للهيمنة على الاقتصاد الحر، لكن خارج حدودها هذه المرة.

وبالإضافة إلى ذلك يشعر الخبراء أيضاً بالقلق من ضخامة حجم الصناديق السيادية الكبرى والذي يقدر إجماليه اليوم بحوالي 5ر2 تريليون دولار، بل ويتوقع بنك “مورجان ستانلي” في دراسة حديثة له أن يصل حجم هذه الصناديق إلى ما يزيد على 5ر17 تريليون دولار في غضون الأعوام العشرة المقبلة.

وعلى الرغم من أن استثمارات هذه الصناديق على الأرجح لم يكن لها أي دور في الأزمة التي لحقت مؤخراً بالأسواق العالمية إلا أن الخبراء يقولون إن تأثيرها من الممكن أن يكون أكبر في المستقبل، سواء كان ذلك التأثير سلبياً أو إيجابياً. ويتركز التأثير المتوقع لهذه الصناديق في قيامها ببيع الأصول المملوكة لها في دولة ما بشكل مفاجئ لتفجر بذلك أزمة في الأسواق، أو من خلال تقديم التمويل اللازم لحل مشاكل شركات على شفير الإفلاس.

وقال ادوين إم. ترومان كبير المحللين لدى معهد بيترسون للاقتصادات الدولية أن بإمكان هذه الصناديق أن تكون مصدر المشكلة كما يمكنها كذلك أن تكون جزءا من الحل، وأضاف أن تملك الصناديق السيادية الكبرى لحصص من الأسهم والسندات في أي دولة يفرض على الدولة المضيفة لهذه الاستثمارات أن تطرح هذا السؤال: هل ستسهم هذه الصناديق في ترسية قواعد استقرار الأسواق؟ أم أنها ستؤدي إلى تفجير حالة من اختلال التوازن؟

وبحسب ترومان فإن وزير الخزانة الأمريكي لن يضطر فقط في حال تفجرت أزمة عالمية جديدة في المستقبل لإجراء مكالمات هاتفية مع رؤساء البنوك المركزية الكبرى في العالم، وإنما سيحتاج أيضاً للاتصال برؤساء صناديق الاستثمار السيادية الكبرى، بل وأضاف إنه ربما يضطر إلى القيام بهذه الخطوة في ظل الأزمة الراهنة.

وتقول الصحيفة إن غالبية صناديق الاستثمار السيادية الكبرى هذه هي في الأساس نتاج قيام الولايات المتحدة نفسها على مدى السنوات الماضية في استيراد ما يفوق حجم صادراتها بكثير، فأسعار النفط العالمية المرتفعة على مدى السنوات القليلة الماضية درت على الدول المنتجة للنفط مثل النرويج وروسيا ودول الشرق الأوسط عائدات بالمليارات، في الوقت ذاته الذي أدى فيه النهم الأمريكي للواردات المختلفة من السلع والخدمات إلى تراكم الاحتياطيات الدولارية في الصين واليابان وغيرها من الدول المصدرة في القارة الآسيوية.

بيد أن القلق الدولي إزاء تنامي استثمارات الصناديق السيادية في مختلف أنحاء العالم مازال محدوداً إلى حد كبير، ولم تواجه بتدابير الحمائية سوى صفقات معدودة وأهمها صفقة موانئ دبي العالمية لشراء شركة تشغيل موانئ الحاويات البريطانية العملاقة “بي أند أو” لما تضمنته هذه الصفقة من حيازة مرافق تابعة للشركة في الولايات المتحدة.

كما حذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مؤخراً، بعد عرض تقدمت به روسيا لشراء مرافق بنية تحتية في قطاع الطاقة في أوروبا بهدف تحقيق مكاسب سياسية، من مخاطر دخول الحكومات الأجنبية في صفقات لشراء شركات تابعة للحكومات الأوروبية. وقالت ميركل خلال مؤتمر صحافي عقدته الشهر الماضي: “كيف يمكننا أن نتعامل مع صناديق استثمار مملوكة لحكومات أخرى، هذه الظاهرة على الرغم من أنها لم تبرز بعد بحجم كبير لكن سيتعين علينا مواجهتها في المستقبل”.