المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : @___ الأحكام الشرعية المتعلقة برؤية هلال شهر رمضان ___@



سيف قطر
29-08-2007, 04:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين


أما بعد هذا شريط للشيخ عبد العزيز الريس حفظه الله بعنوان الأحكام الشرعية المتعلقة برؤية هلال شهر رمضان

الرابط :
http://islamancient.com/#detailOfAudio::13

منقول.

سيف قطر
29-08-2007, 05:04 PM
الأحكام المتعلقة بالهلال *الجمعة 29 / شعبان / 1427 هـ


معالي الشيخ / صالح بن محمد اللحيدان


الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين، وقائد الغر المحجلين، وإمام المتقين أنصح الخلق وأبرهم وأزكاهم وأتقاهم وأعلمهم بمراد الله سبحانه وتعالى وأشدهم في أمر ربه جل وعلا اختاره الله للرسالة الخالدة والشريعة الخاتمة المهيمنة وأعطاه من كمال البيان مالم يعط غيره من الناس ، وبعد : فقد كانت صحفنا المحلية وبعض مجلاتنا قد نشرت لي مقالاً عن الهلال متى تثبت رؤيته وماذا يجب على الناس في عباداتهم المنوطة بالهلال صياما وحجاً وبماذا يكون دخوله واعتمادهم أعلى الرؤية أم على الحساب وأقوال العارفين به؟
وقد كثر الحديث عن ذلك وتعدد القائلون فيه من منتسب لطلب العلم الشرعي ومدع علم الفلك وكثر الخوض في ذلك وتعمد بعض الكتاب إثارة المشاعر في كل وقت يكون الناس في استقبال عبادة تتعلق بالهلال [/COLOR].وقد أثر على هؤلاء الكتاب ما رأوه من تقدم العلم الفلكي في هذه العصور ومعرفة كواكب قد لايكون الناس في السابق عرفوها وتأثر بعض هؤلاء بمقولة بعض العلماء المتقدمين التي خالفوا فيها الإجماع وربما كانت جرأة بعضهم رحمهم الله أن قرر إبطال الشهادة من العدول إذا خالفها الحساب ظناً منهم رحمهم الله أن الحساب قطعي الدلالة وأن الشهادة ظنية الدلالة وأن الظني لايقاوم القطعي فراح بعض من اطلع على مثل هذا القول المردود من قبل أهل العلم ينادي به ويتعلق به ويجعله حجة ترد بها البينة التي اعتبرها الشارع وبنى عليها الحكم الشرعي دون أن يرد ذلك إلى كلام الله ـ عز وجل ـ أو كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وسلم أو يعرضه على كلام من هم أقعد في العلم من صاحب ذلك القول وأدق فهماً ومعهم إجماع الأمة كما تأثر بعض الكتاب ببعض نشرات [COLOR="Blue"]ندوات فلكية لم يرجع أصحابها في كلامهم إلى أدلة الشريعة وقواعدها ولم يتأملوا ما في أدلة الكتاب والسنة من اليسر والتيسير ولا عرضوا أفكارهم على أهل العلم بأدلة الكتاب والسنة .

وصار أولئك الكتاب عن حسن نية فيما نظن يشككون الناس في عباداتهم وصيامهم وفطرهم وفي حجهم فدعاني ذلك وما ذكرته في مقالي المنشور في آخر رمضان عام 1409 هـ إلى الكتاب التي أسوق الآن نصها مع قليل من التصرف والزيادة في بعض المواضع متعمداً في ذلك الأدلة الشرعية وكلام خيار الأمة بعد نبيها فهم أعرف الناس بمراد الله ومراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومافعلته الآن من التعديل القليل والزيادة اليسيرة .فبقدر ما تدعو الحاجة إليه ، وقد رأيت إعادة نشر المقال استجابة لأمر شيخنا ووالدنا سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد وتلبية لرغبة زميلنا العزيز الدكتور محمد بن سعد الشويعر رئيس تحرير مجلة البحوث الإسلامية لينشره في مجلة البحوث ولاشك أن ما ينشر في مجلة هي بمنزلة كتاب يقتنى ويرجع إليه يحتاج لإجراء تعديل عما كان ينشر في صحف سيارة ومحافظة مني على أصل المقال أسوق نصه مع التعديل الذي أشرت إليه وإضافة للزيادة التي نوهت عنها إما في صلب المقال أو على شكل تعليقات على المقال (1) وأنا لا أشك أن كتابات من كتبوا إنما كان باعثها حب جمع المسلمين ولم شتاتهم ظناً منهم أن ذلك يجمعهم ومثل ذلك لايجمع في الحقيقة وإنما يجمع الأمة اتحاد المسيرة في ظل القرآن الكريم والسنة المطهرة وما قامت عليه الدولة الإسلامية الأولى من صفاء العقيدة وصدق الانقياد لأمر الله وأمر رسوله والرجوع إلى ما قال الله ورسوله في كل الأحوال والرغبات والمقاصد وإليك أيها القارئ الكريم نص الكلمة السابقة مدخلاً فيها ما ذكرته من التصرف الذي لا يخرجها عن مبناها ولا يخل بمعناها إن شاء الله جل جلاله


الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة ورضي لنا الإسلام دينا وبعث إلينا رسوله محمداً هادياً ومعلماً فأقام الحجة وأوضح المحجة وبين للناس ما نزل إليهم من ربهم أكمل بيان وأتمه ولم يمت عليه الصلاة والسلام حتى بين لنا فروع الدين وأصوله فلا يضل عن هديه بعد ذلك إلا هالك وربنا سبحانه وتعالى لم يجعل علينا في ديننا أي حرج بل جعل أموره سهلة مبسطة ميسرة وأقام لأوقات العبادة دلائل واضحة لا يختص بمعرفتها فئة خاصة من الناس وإنما يشترك في معرفتها الخاصة والعامة ولم يقيدها بعلم دقيق غامض بل أناط معرفتها بأمور محسوسة وكواكب سيارة يعرفها المتعلم والعامي ويهتدي بطلوعها وغروبها المكلفون جميعاً وهذا من رحمة الله بعباده وإحسانه إليهم وجميل لطفه بهم فله الحمد والشكر على نعمه التي لا تعد ولا تحصى إذ لم يجعل أمور عباداتنا معلقة على علوم دقيقة تفتقر إلى حساب وحدس وتخمين لما في ذلك من الحرج والعناء وحدوث الغلط والاضطراب وحصول الشك والقلق وبعد فيا أخي المسلم إن الباعث لي على كتابة هذا الحديث هو ما تكرر من كتابات صحفية عند قرب مواسم العبادة الدورية أو قرب خروجها كالصيام والعيد والحج مما أوجد بلبلة وتساؤلات كثيرة وما كنت أرغب الكتابة في ذلك قبل الآن لعلمي أن ما حوته الكتب من علوم القرآن والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة فيه مقنع لطالب الحق وأن العبرة بما جاء عن المعصوم صلوات الله وسلامه عليه ولكن الأمر في الآونة الأخيرة بدأ يتسع خرقة ويتفاقم خطبة وصار الناس يجدون كتابات جازمة بأحكام صادرة عن غير ذوي الشأن المعنيين بالأمر وفيها تحد سافر وتشكيك في العبادة وإعطاء الحساب المبني على الظن حكم القرآن ومتواتر السنة من قطيعة الدلالة ووجوب رد الشهادة إذا خالفته رغم أن حذاق الحساب يجزمونه بأنه لا يمكن أن يتوصل بالحساب إلى أمر قاطع ولا إلى دليل حاسم ومن يطالع أكثر ما كتب باعتناء وتجرد يجد ظاهراً لا لبس فيه وقد كثر القول والتذمر من العامة والخاصة كما كثر ترديد عبارات قوية مثل : أما يوضع لهذا الاندفاع حد؟ أما يوقف الخوض فيما يربك العامة ويؤثر على نفوسهم ؟ وقد يوجد بسبب أمثال هذه الكتابات من الاختلاف والفرقة ما يعم ضرره ويعظم خطره مما أوجب الكتابة فيه مع أن أهل العلم قد تكرر منهم البيان وإيضاح الحكم الشرعي


وتوالت كتابات شيخنا سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز وغيره ثم إنه قد اتصل بي بعض من أرى رأيهم محل تقدير واهتمام ورغب إلى أن أقول شيئاً في هذا الأمر وأكتب كتابة موسعة لعل الله أن ينفع بها وكنت متردداً في ك وأخيراً انشرح صدري للكتابة وفضلت الاستجابة لرأيه وعزمه وبما أن الأمر يتعلق بركن من أركان الإسلام بل بركنين هما الصيام والحج فلا بد من الاهتداء بقول المبلغ عن الله رسالاته الذي لاينطق عن الهوى بل بكلام هو وحي يوحى وهو عليه الصلاة ولا سلام قد أوتي الكتاب ومثله معه وكان أنصح الخلق وإبراهيم فلم يتركنا نتخبط في ظلم الجهل ونتقارع بحجج الهوى بل أعطانا مصابيح كاشفة وهاجة لا يبقى معها شك أو ريبة لمنصف ينشد الحق ويسعى في طلبه وإليك أيها القارئ جملة منها وسأقتصر على مافي الصحيح إذ القصد إعطاء القارئ الذي قد تكون أثرت عليه بعض تلك المقالات ما يبدد عنه غيومها ويزيل عنه آثارها لاسيما وقد اقترنت بذكر بعض أقطاب العلم ممن لهم في النفوس منزلة عالية ولكن على فرض أن في بعض كلام أهل العلم ما يؤيد ما نشر فإن مما لاشك فيه أن العبرة والعمدة على الله سبحانه وتعالى : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه)(2)


والمراد بالشهود رؤية الهلال كما هو المتبادر وبه فسره أهل العلم العارفون بمدلول لغة القرآن وهم القدوة في ذلك لا من خالف إجماع السلف كما سوف يمر بك، إن شاء الله .
ثم تأمل كلام الصادق المصدوق تجده فصلاً في الموضوع واقعاً على المحز ينجلي به عن القلب كل غمة وهاك ما وعدتك به :
قال الإمام البخاري (3) في صحيحه باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا) حدثنا عبدالله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عن رمضان فقال ( لاتصموا حتى تروا الهلال ولاتفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له )
حدثنا عبدالله بن مسلمة حدثنا مالك عن عبدالله بن دينار عن عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وسلم قال ( الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى ترونه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين )

حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم أو قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ( صوموا لرؤيته وأفطرو لرؤيته فإن غبي عليكم فأكملوا عدت شعبان ثلاثين )حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا الأسود بن قيس حدثنا سعيد بن عمرو أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إنا أمة أمية لا نكتب ولانحسب الشهر هكذا يعني مرة تسعة وعشرين مره ومرة ثلاثين ) أ.هـ .
قال الحافظ في الفتح بعد كلام له على معنى الحديث فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك ـ يعني الحساب ـ بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلاً يوضحه قوله في الحديث الماضي فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ولم يقل فاسألوا أهل الحساب والحكمة في كون العدد عند الإغماء يستوي فيه المكلفون فيرتفع الخلاف والنزاع وقال (4) ونقل ابن العربي عن ابن سريج أن قوله : فاقدروا له خطاب لمن خصه الله بهذا العلم وأن قوله فأكملوا العدة خطاب للعامة قال ابن العربي: فصار وجوب رمضان عنده مختلف الحال يجب على قوم بحساب الشمس والقمر وعلى آخرين بحساب العدد قال وهذا بعيد عن النبلاء يعني فكيف برسول رب العالمين وقال ابن الصلاح : معرفة منازل القمر هي معرفة سير الأهلة وأما معرفة الحساب فأمر دقيق يختص بمعرفته الآحاد قال فمعرفة منازل القمر تدرك بأمر محسوس يدركه من يراقب النجوم وهذا هو الذي أراده ابن سريج وقال به في حق العارف بها في خاصة نفسه ونقل الروياني عنه أنه لم يقل بوجوب ك عليه وإنما قال بجوازه ..الخ


وقال (5) عن اعتبار الحساب : وقال ابن بزيزة : وهو مذهب باطل فقد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم لأنها حدس وتخمين ليس فيها قطع ولاظن غالب وقال رحمه الله : وقال ابن بطال : في الحديث يعني حديث إنا أمة أمية ـ رفع لمراعاة النجوم بقوانين التعديل وإنما المعول الرؤية وقد نهينا عن التكلف ولاشك أن في مراعاة ما غمض حتى لايدرك إلا بالظنون غاية التكلف أ.هـ (بعض روايات الحديث في صحيح مسلم (6)
وقال الإمام مسلم (7) : حدثني يحي بن يحي قال : قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رمضان فقال : (لاتصوموا حتى تروا الهلال ولاتفطروا حتى تروه فإن أغمى عليكم فأقدروا له )
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة حدثنا عبيدالله عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فضرب بيديه فقال : الشهر هكذا وهكذا ثم عقد إبهامه في الثالثة صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن أغمى عليكم فاقدروا له ثلاثين وساق أحاديث في هذا المعنى إلى أن قال رحمه الله : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر عن شعبة وساق السند إلى ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إنا أمة أمية لانكتب ولانحسب الشهر هكذا هكذا) يعني تمام الثلاثين

سيف قطر
29-08-2007, 05:06 PM
وقال رحمه الله حدثنا يحي بن يحي أخبرنا إبراهيم بن سعد عن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأطروا فأن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوماً وساق رحمه الله روايات عدة في هذا المعنى.قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم : باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال وأنه وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوماً
قوله صلى الله عليه وسلم ( لاتصوموا حتى تروا الهلال ولاتفطروا حتى تروه فإن أغمي عليكم فاقدروا له ) وفي رواية : ( إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له ) وفي رواية (فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوماً) وفي رواية (فإن غمي عليكم فأكملوا العدد ) وفي رواية ( فإن غمي عليكم الشهر فعدوا ثلاثين ) وفي رواية (فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين ) هذه الروايات كلها في الكتاب على هذا الترتيب . وفي رواية للبخاري (فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ) واختلف العلماء في معنى ( فاقدروا له ) فقالت طائفة من العلماء معناه ضيقوا له وقدروه تحت السحاب وممن قال بهذا أحمد بن حنبل (8) وغيره ممن يجوز صوم يوم ليلة الغيم عن رمضان كما سنذكره إن شاء الله تعالى . وقال ابن يريج وجماعة منهم مطرف بن عبدالله وابن قتيبة وآخرون معناه قدروه بحساب المنازل وذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة وجمهور السلف والخلف إلى أن معناه قدروا له تمام العدد الثلاثين يوماً؟

قال أهل اللغة :
يقال قدرت الشيء أٌقدره وقدرته وأقدرته بمعنى واحد وهو التقدير قال الخطابي ومنه قوله تعالى ( فقدرنا فنعم القدرون )(9) واحتج الجمهور بالروايات المذكورة : فأكملوا العدة ثلاثين وهو تفسير لقوله فدروا له ولهذا لم يجتمعا في رواية بل تارة يذكر هذا وتارة يذكر هذا ويؤكده الرواية السابقة فاقدروا له ثلاثين . قال المازري : حمل جمهور الفقهاء قوله صلى الله عليه وسلم (فاقدروا له ) على أن المراد كمال العدة ثلاثين كما فسره في حديث آخر قالوا ولايجوز أن يكون المراد به كلام المنجمين لأن الناس لو كلفوا به ضاق عليهم لأنه لا يعرفه إلا أفراد والشرع إنما يعرف الناس بما يعرفه جماهيرهم والله أعلم .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم فإن غم عليكم فمعناه حال بينكم وبينه غيم يقال غم وأغمي وغمي بتشديد الميم وتخفيفها والغين مضمومة فيها يقال غبي .. الخ انتهى من شرح النووي على صحيح مسلم وبهذا اكتفى بالنقل من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلاصته من شرح الحافظ في الفتح على البخاري وما أتبعه من أحاديث مسلم ومن شرح الإمام النووي الذي قال فيه السبكي صاحب المقولة الشاذة في ردة الشهادة إذا خالفها الحساب أنه أي النووي محرر المذهب الشافعي وحسبه أنه صاحب المجموع والروضة وشرح صحيح مسلم وتهذيب الأسماء وغيرها .


وقال الحافظ (10) أيضاً بعد نقل الخلاف في خصوص النظر في الحساب والمنازل فقال : وقال ابن الصباغ : أما بالحساب فلا يلزمه بعني الحاسب بلا خلاف بين أصحابنا قلت : ونقل ابن المنذر قبله الإجماع على ذلك فقال في الإشراف : صوم يوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال مع الصحو لا يجب بإجماع الأمة وقد صح عن أكثر الصحابة والتابعين كراهته هكذا أطلق ولم يفرق بين حاسب وغيره فمن فرق بينهما كان محجوجاً بالإجماع قبله أ. هـ
أخي القارئ
بعد هذه المقدمة النفسية من كلام المعصوم صلى الله عليه وسلم يحسن بنا أن نفكر متجردين عن الهوى : ما الذي نجنيه من الكتابة عن الصيام وتكذيب شهود رؤية الهلال لأن الحساب قد دلنا على أن الشهر لن يهل أو أنه لم يولد؟ هل عندنا بذلك أثارة من علم ممن يرد قوله؟ أو أننا صدقنا نتيجة حسابنا إن كنا نحسن الحساب أو أننا وثقنا بخبر حاسب قال لنا ذلك مع افتقار خبره إلى مقومات قبول الخبر من الثقة والأمانة والخبرة الطويلة وتجربة صوابه دائماً.. الخ. وعدم الاستغناء عنه بخبر من أمرنا الله بتصديقه وقبول أمره والوقوف عنه نهيه والرضا بحكمه بدون أي تردد لأن الله عصمه وأيده. أما غيره من أهل الحساب فإن قدماءهم ومحدثيهم لا يدعون لأنفسهم العصمة ولم يسجلوا هذا في كتبهم ولو سجلوه لدر العلماء عليهم فكيف نسبغها عليهم بكل بساطة ودون مراعاة لما كان عليه سلفنا الصالح الذين هم أحرص على جمع الكلمة وتوحيد الأمة وكانوا أتقى لله وأبر وأفقه في العلم من غيرهم, والاقتداء بهم خير وفلاح وبر, وإن ترك قولهم لقول أهل الحساب ضلال وعقوق وإزراء بهم وما كانوا لذلك أهلاً.


أخي القارئ:
إننا قد كفينا الأمر وإن نبينا صلى الله عليه وسلم أمامنا فعلينا أن نوليه ما يستحقه من الاحترام والتقدير على كل قول أو رأي, إن علماء الأمة يقولون إن تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز فهل يليق بنا أن ننسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم إخفاء شيء من شرع الله أو أنه جهل الرد إلى أمر نحن اهتدينا له, إن أمراً وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يجب أن يسعنا وسوف ترى أيها القارئ الكريم تفصيل القول في معنى وصف أمتنا بالأمية إن شاء الله تعالى.
إنني أعلم أن من كتب في صحفنا عن الرؤية وعدم صحتها لا ينسب لنفسه أنه اهتدى لما لم يهتد إليه محمد صلى الله عليه وسلم لأني أحسن الظن بهم من عرفته منهم ومن لم أعرفه. لكني أرى أنهم كلفوا أنفسهم تحمل حملاً ثقيلاً ووقفوا بما كتبوه رادين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بدون قصد إذ لا يعقل أن مسلماً يدين بالإسلام حقاً يرضى أن يرد سنة رسول الله بحساب سوف نقرأ قول أصحابه عنه فيما يأتي إن شاء الله ونعرف بذلك ما تجشمه هؤلاء هداهم الله وإيانا وبصّرنا وإياهم بديننا إذ أن البصيرة في الدين من هدي سنة المرسلين.


إن أمة الإسلام مضى لها أكثر من أربعة عشر قرنا وأجمعت على عدم اعتبار الحساب في إثبات عبادة الصوم والحج وإذا وجد فرد قد شذ (11) ردوا قوله ولم تقل بالحساب إلا طائفة الإسماعيلية الطائفة المعروفة ومن كان قريباً منها من الطوائف كما ذلك حفّاظ الإسلام من القرون الأولى إلى من جاء بعدهم من الحفّاظ وللفائدة وإزاحة لما قد يكون قد علق بالأذهان من جراء النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم في بعض كتابات من كتبوا مدّعين في كتاباتهم بلا دليل شرعي خطأ الشهود الذين شهدوا بالرؤية وعن الكسوف ونعذر ظهور الهلال إذا وجد كسوف أقول: لقد أرشدنا سيد الرسل وخاتمهم إلى ما نعتبره من الكسوف وقال إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة وقد رواه وغيره من أحاديث الكسوف عامة مخرجي السنة في كتاب الكسوف. وسكت عن الاقتران والافتراق, وسبب الكسوف التجلي فلم يرتب على ذلك حكماً سوى الصلاة حتى يكشف عنا. أيليق بنا أن نزيد ونقول ترد بذلك الشهادة ويحكم كذب الشهود العدول الذين لا غرض لهم في ظاهر الأمر بل عليهم من المشقة والتعرض للمتاعب ما يعلمه من يتولى أخذ شهادتهم ومطالباتهم بإحضار من يشهد بعدالتهم وأمانتهم. ألم يقل ربنا جل وعلا: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي" (12) ومع ذلك أيترك الله أمراً في منتهى الخطورة فلا يرشدنا إليه في كتاب ولا سنة إن هذا الظن بالله وبرسوله غير لائق ومن كتب عن الهلال لا أشك أنه لم يرد في ذهنه هذا الظن لكن كتابته تؤدي إليه فهل يرضى لنفسه ذلك؟ ثم تعال معي لقرأ بعض كلام أهل العلم حول هذا الموضوع لتزداد طمأنينة لأن علماءنا الأجلاء بحثوا هذا الأمر بعلم وتعقل وأرسوا لنا فيه قواعد متينة وليس ذلك قول طائفة واحدة منهم بل هو قول عامة علماء الأمة خلفاً عن سلف.

سيف قطر
29-08-2007, 05:10 PM
بعض أقوال أهل العلم:-

ونبدأ بشيخ الإسلام ابن تيمية

لأن بعض من كتب عن الهلال ورد الشهادة لمخالفة الحساب قد شوش على الناس بالنقل عنهم فأحببت البدء به ولو كان من سبقه من أئمة الإسلام ردوا على من قال بالحساب وسفهوا رأيه وعدوه خالف الإجماع, قال رحمه الله بعد مقدمة عظيمة في كمال الدين ووجوب اتباع الصراط الله المستقيم وأن الله أمرنا أن لا نكون كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات وأن الله أمرنا بالاعتصام بالدين وأنه يقع المتنازع في تفصيله فتارة يكون بين العلماء المعتبرين في مسائل الاجتهاد وتارة يتنازع فيه قوم جهال بالدين منافقون أو سماعون للمنافقين يقبلون منه...الخ وبسط الكلام في ذلك بمعان رائعة وألفاظ شائقة (13).

ثم قال وكان مقتضى تقدم هذه المقدمة أني رأيت الناس في صومهم وفي غيره أيضاً منهم من يصغي إلى ما يقوله بعض جهال أهل الحساب من أن الهلال يرى أو لا يرى ويبني على ذلك إما في باطنه وإما في باطنه وظاهره حتى بلغني أن من القضاة من كان يرد شهادة العدد من العدول لقول الحاسب الجاهل الكذاب أنه يرى أو لا يرى فيكون ممن كذب بالحق لما جاءه. ثم قال وفيهم يعني القضاة من لا يقبل قول المنجم لا في الباطن ولا في الظاهر لكن في قلبه حسيكة من ذلك وشبهة قوية من جهة أن الشريعة لم تلتفت إلى ذلك لا سيما إن كان قد عرف شيئاً من حساب النيرين واجتماع القرصين ومفارقة أحدهما الآخر بعدد درجات وسبب الإهلال والإبدار والاستسرار والكسوف والخسوف (14).


ثم قال: فإنا نعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن العمل في رؤية هلال الصوم والحج أو العدة أو الإيلاء أو غير ذلك من الأحكام المعلقة بالهلال بخبر الحاسب أنه يرى أو لا يرى لا يجوز والنصوص المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كثيرة وقد أجمع المسلمون عليه ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلاً ولا خلاف حديث إلا أن بعض المتأخرين من المتفقهة الحادثين بعد المائة الثالثة زعم أنه غم الهلال جاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه بالحساب.. وهذا القول وإن كان مقيداً بالإغمام ومختصاً بالحاسب فهو شاذ مسبوق الإجماع على خلافه, فأما اتباع ذلك في الصحو أو تعليق عموم الحكم العام به فما قاله مسلم وقد يقارب هذا قول من يقول من الإسماعيلية بالعدد دون الهلال وبعضهم يروي عن جعفر الصادق جدولاً يعمل عليه وهو الذي افتراه عليه عبد الله بن معاوية وهذه الأقوال خارجة عن دين الإسلام وقد برأ الله جعفر منها ثم قال: وأنا إن شاء الله أبين ذلك وأوضح ما جاءت به الشريعة دليلاً وتعليلاً شرعاً وعقلاً.

ثم سرد رحمه الله أحاديث كثيرة وقال: فهذه الأحاديث المستفيضة المتلقاة بالقبول دلت على أمور: أحدها أن قوله صلى الله عليه وسلم «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب» هو خبر تضمن نهياً فإنه أخبر أن الأمة التي اتبعته هي الأمة الوسط أمة لا تكتب ولا تحسب فمن كتب أو حسب لم يكن من هذه الأمة في هذا الحكم بل يكون قد اتبع غير سبيل المؤمنين الذين هم هذه الأمة فيكون قد فعل ما ليس من دينها والخروج عنها محرم منهي عنه فيكون الكتاب والحساب المذكوران منهياً عنهما.


وقال رحمه الله: فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنا أيتها الأمة الأمية لا نكتب هذا الكتاب ولا نحسب هذا الحساب فعاد كلامه عليه السلام إلى نفي الحساب والكتاب فيما يتعلق بأيام الشهر الذي يستدل به على استسرار الهلال أو طلوعه ثم قال: لا نحتاج في أمر الهلال إلى كتاب ولا حساب إذ هو تارة كذلك وتارة كذلك –يعني تسعة وعشرين وثلاثين-والفارق بينهما الرؤية فقط ليس بينهما فرق آخر من كتاب ولا حساب كما سنبينه فإن أرباب الكتاب والحساب لا يقدرون على أن يضبطوا الرؤية بضبط مستمر وإنما يقربون ذلك فيصيبون تارة ويخطئون أخرى. وظهر بذلك الأمية المذكورة صفة مدح وكمال من وجوه: فمن جهة الاستغناء عن الكتاب والحساب بما هو أبين منه وأظهر وهو الهلال ومن جهة أن الكتاب والحساب هنا يدخلهما الغلط, وبعد كلام حول الحساب والجداول والتقويم والتعديل قال: ولهذا ما زال العلماء يعدون من خرج إلى ذلك قد أدخل في دين الإسلام ما ليس منه, إلى أن قال وما جاءت به الشريعة هو أكمل الأمور وأحسنها وأبينها وأصحها وأبعدها عن الاضطراب وذلك أن الهلال أمر مشهود مرئي بالإبصار. ومن أصح المعلومات ما شوهد بالإبصار. ثم ذكر أن الطريق لمعرفة الهلال الذي تتعلق به الأحكام مثل صيام رمضان الرؤية فقط بالسمع والعقل وسرد الأدلة على ذلك. أما أهل الحساب فقال عنهم رحمه الله بأن العقل يؤكد عدم انضباط حسابهم فذكر ما نصه: وأما العقل فاعلم أن المحققين من أهل الحساب كلهم متفقون على أنه لا يمكن ضبط الرؤية بحساب بحيث يحكم بأنه يرى لا محالة أو لا يرى البتة على وجه مطرد وإنما قد يتفق ذلك. قال ولهذا كان المعنيون بهذا الفن من الأمم الروم والهند والفرس إلى أن قال: ومثل بطليموس الذي هو مقدم هؤلاء ومن بعدهم قبل الإسلام وبعده لم ينسبوا إليه في الرؤية حرفاً واحداً.


ثم قال فتبين أن قولهم في رؤية الهلال وفي الأحكام من باب واحد ويعلم بأدلة العقل امتناع ضبط ذلك. ويعلم بأدلة الشريعة تحريم ذلك والاستغناء عما نظن منفعته بما بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم من الكتاب والحكمة وقال: والمعتمد على الحساب في الهلال كما أنه ضال في الشريعة مبتدع في الدين, فهو مخطئ في العقل وعلم الحساب, إلى أن قال عن الهلال: وقد يراه بعض الناس لثمان درجات وآخر لا يراه لاثنتي عشرة درجة. ولهذا تنازع أهل الحساب في قوس الرؤية (15) تنازعاً مضطرباً وأئمتهم كبطليموس لم يتكلموا بذلك بحرف لأن ذلك لا يقوم عليه دليل حسابي أ.هـ.
أخي القارئ الكريم..لقد لخصت لك ونقلت من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما بسطه في أكثر من مئة صفحة من كتاب الصيام (16) لنفاسته وليكف اندفاع بعض الكتاب الذين ذكروا أنهم اعتمدوا على بعض كلام شيخ الإسلام رحمه الله ومع تكريري إحسان الزن بهم إلا أني أقول لهم «ما هكذا يا سعد تورد الإبل» احرصوا على الانكفاف عما يثير ويشوش على الناس في عباداتهم وحسبكم سنة نبيكم المعصوم وهبوا أن شيخ الإسلام أو تلميذه ابن القيم أو خلافهما قال: إذا أكد الحساب عدم الرؤية أو حصل كسوف ترد الشهادة لذلك فهل قال من لا يرد قوله المسدد بالوحي النازل عليه من السماء صباح مساء ومع ذلك فإن الشيخين رحمهما الله لم يقولا ترد الشهادة لذلك وقد برأهما الله من الإقدام على رد الشهادة الصحيحة لمجرد الحساب الذي حكى عنه الإمام شيخ الإسلام ما قربت لك بعضه ونقلت لك خلاصته وقد بين أن القول بالحساب قول الطائفة الإسماعيلية ومن نحا نحوها من الفرق التي هي على شاكلتها وإليك بعض كلام الأئمة الأعلام من سائر المذاهب وسوف ألحق ذلك ببعض كلام علماء الفلك المعاصرين إن شاء الله ليعلم أن قدماء الفلكيين ومتأخريهم لم يدعوا قطعية حسابهم فكانوا بذلك منصفين.

سيف قطر
29-08-2007, 05:13 PM
قال الحافظ العراقي

(17) على حديث فإن غم عليكم فاقدروا له وذهبت فرقة ثالثة إلى أن معنى الحديث قدروه بحساب المنازل ونُسب ذلك لمطرف بن عبد الله بن الشخير وابن سريج ورد ذلك الحافظ بن عبد البر وأنه لا يصح عن مطرف وأن من حكاه عن الشافعي فقد غلط, ونفى نسبته إليه وقال البغوي(18) على قوله صلى الله عليه وسلم: «فإن غم عليكم فاقدروا له» معناه التقدير بإكمال العدد ثلاثين يقال قدرت الشيء أقدره قدراً بمعنى قدرته تقديراً ومنه قوله تعالى {فقدرنا فنعم القادرون}(19).
وذكر قول أهل الحساب ورده ثم قال وذهب عامة أهل العلم إلى أنه لا يصوم ولا يفطر إلا برؤية الهلال أو بإكمال العدة ثلاثين.. أ. هـ.
ومثل(20) ذلك أي استنكار العمل بالحساب في عامة كتب فقه الشافعية والمالكية والأحناف والحنابلة قال ابن عابدين: لا عبرة بقول المؤقتين في وجوب الصوم ولا يعتبر قولهم بالإجماع ولا يجوز للمنجم أن يعمل بحساب نفسه ثم ذكر كلام الكبسي في الحساب وهجنه وأن متأخري أصحابه ردوه عليه كابن حجر والرملي وغيرهم ونقل عن ابن دقيق العيد أن الحساب لا يجوز الاعتماد عليه. وفي شرح مسلم للأبي والسنوسي على قوله صلى الله عليه وسلم فاقدروا له قال لا يصح أن يكون حساب المنجمين لأنه حدس وتخمين.


وروى(21) ابن نافع عن مالك في الإمام الذي يعتمد الحساب أنه لا يقتدي به ولا يتابع ونقل في شرح المرشد عن القرافي أنه لو كان إمام يرى الحساب فأثبت به الهلال لم يتبع لإجماع السلف على خلافه ونقل ابن عرفة إنكاره وعن ابن العربي أيضاً.
وفي شرح رسالة ابن أبي زيد(22) على قوله فإن غم الهلال فيعد ثلاثون يوماً من غرة الشهر الذي قبله ثم يصام وكذلك في الفطر. ظاهر كلامه أنه لا يلتفت إلى كلام المنجمين وهو كذلك ثم قال: وقال ابن الحاجب ولا يلتفت إلى قول المنجمين اتفاقاً وسئل عليش عن رجل في زمانه اعتمد على حسابه في ثبوت رمضان وشوال ولم يعتبر رؤية الهلال بالبصر أهو ضلال فقال رحمه الله نعم هو ضلال تحرم موافقتهم فيه ويجب إنكاره والنهي عنه حسب الإمكان إذ هو هدم للدين ومصادم لحديث سيد المرسلين ثم نقل الإجماع على أنه لا يجوز لأحد أن يعّول على صومه وفطره على الحساب ونقل عن ابن رشد الجد الإجماع على ذلك.. أ. هـ(23).


وفي شرح الزرقاني والشرح الصغير أيضاً أنه لا يثبت دخول الشهر بقول الحاسب وأن نفيه من باب أولى لا بحق نفسه ولا بحق غير وقال قبله الأبي في شرح مسلم (24) على قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا أمة أمية...إلخ. لم يصنع ذلك لأجل أنهم لا يكتبون ولا يحسبون لأنهم لا يجهلون الثلاثين والتسع والعشرين وإنما وصفهم بذلك سداً لباب الاعتداد بحساب المنجمين الذي تعتمده العجم في صومها وفطرها وفصولها ومثل ذلك قال السنوسي في شرح مسلم أيضاً.. أ. هـ.

وقال العلامة سليمان الجمل(25) الشافعي عند قول زكريا: يجب صوم رمضان بإكمال شعبان ثلاثين يوماً, فهم من كلامه عدم وجوبه بقول المنجم بل لا يجوز. قال ولو دل الحساب القطعي على عدم الرؤية ففيه اضطراب للمتأخرين, والراجح العمل بشهادة البينة, وقال لو دل الحساب على عدم الرؤية وانضم إلى ذلك أن القمر غاب الليلة الثالثة على مقتضى تلك الرؤية قبل دخول وقت العشاء –يعني لم يعمل بالحساب-لأن الشارع لم يعتمد الحساب بل ألغاه بالكلية وهو كذلك.. أ. هـ. وقال أيضاً لأن الشارع إنما أوجب علينا الصيام بوجود الرؤية لا بوجود الشهر وقال(26) على قول زكريا أو ثبوتها في حق من لم يره..إلخ. شمل كلامه ما لو دل الحساب على عدم إمكان الرؤية وانضم إلى ذلك أن القمر غاب الليلة الثالثة على مقتضى تلك الرؤية قبل دخول وقت العشاء لأن الشارع لم يعتمد الحساب بل ألغاه بالكلية وهو كذلك كما أفتى به الوالد رحمه الله.


وقال أيضاً: ولا يجوز اعتماد قول منجم وهو من يرى أن أول الشهر طلوع النجم الفلاني ولا قول حاسب وهو من يعتمد منازل القمر وتقدير سيره وفي فتاوى الرملي قريب من ذلك.

وقال ابن مفلح الحنبلي في الفروع في كتاب الصوم ومن صام بنجوم أو حساب لم يجزئه وإن أصاب ولا يحكم بطلوع الهلال بهما ولو كثرت إصابتهما ومثله في غير هذا الكتاب من كتب المذهب وما بسطه شيخ الإسلام ابن تيميه فيع كفاية عن بقية كتب المذهب الحنبلي.

ومن المتأخرين الإمام الصنعاني قال رحمه(27) الله: أما حديث الفطر يوم يفطر الناس فما هو إلا إخبار بأنه يتحزب الناس أحزاباً ويخالفون الهدي النبوي فطائفة تعمل بالحساب-يعني الباطنية-حتى دخل عالم من العلماء في ذلك.. إلخ.
وقال(28): إن النص اشترط في لزوم الصوم أحد أمرين: إما الرؤية أو إكمال العدة إلى أن قال على قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا أمة أمية..إلخ. إنما وصفهم بذلك طرحاً للاعتداد بالمنازل وطرق الحساب الذي تعول عليه الأعاجم في صومها وفطرها وفصلها. انتهى نقلاً عن القاضي عياض ثم قال وأغرب ابن السبكي ثم نقل كلامه في الاعتداد بالحساب وأنه قطعي ورد عليه بقوله:


قلت هذه القطيعة المدعاة إن أراد أنها قطعية عند الحاسب وسلمنا له ذلك فهو رجوع إلى قول بعض أكابر الشافعية أنه يختص بالحاسب وإن أراد أنه قطعي عند الحاسب وغيره فهذا باطل: ثم قال وما هذا وأشباهه إلا من شؤم علم الهيئة والنجوم الذي لم يأت عن الشارع حرف بصحته.
والشارع قد أو ضح أوقات العبادات وأناطها بأظهر الواضحات أفترد الشهادة التي أمر الشارع بقبولها بقول الحاسب.. إلخ. أ. هـ.

وقال أبو الطيب صديق خان(29) على قوله صلى الله عليه وسلم: «فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين» قال: ولم يقل فاسألوا أهل الحساب, والحكمة كون العدد عند الإغماء يستوي فيه المكلفون وقد ذهب قوم إلى الرجوع إلى أهل التيسير وهم من الفرق الضالة.. إلخ. أ. هـ.

وقال صاحب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح(30) بعد أن ذكر أن المعول على الرؤية: وذهب قوم إلى الرجوع إلى أهل التسيير في ذلك.. إلخ. فرد كلامهم قال: وقال الباجي وإجماع السلف الصالح حجة عليهم وقال ابن بزيزة: هو مذهب باطل فقد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم لأنه حدس وتخمين ليس فيه قطع ولا ظن غالب.. أ. هـ.

مصدر البحث .. مع متابعة القرائة كاملة للبحث :http://saaid.net/bahoth/49.htm

سيف قطر
29-08-2007, 05:27 PM
اعتبار اختلاف المطالع في ثبوت الأهلة وآراء الفقهاء فيه للشيخ فركوس


اعتبار اختلاف المطالع في ثبوت الأهلة وآراء الفقهاء فيه


الصيام المفروض هو صيام رمضان، ودليل فرضيته : الكتاب والسنة والإجماع، وفضله عظيم،والحكمة منه ظاهرة. ولما كانت أيام شهر رمضان هي التي فرض الله صيامها، فلا بد من معرفة أول الشهر وآخره.

وقد ضبط الشرع طريقتين لثبوت أول الشهر:

برؤية هلاله عند طلوعه، وعند عدم رؤيته يثبت بإكمال عدة شهر شعبان ثلاثين يوما، كما يثبت انتهاء شهر رمضان برؤية هلال شوال أو بإكمال عدة شهر رمضان عند عدم رؤية هلال شوال، إذ الشهر القمري يكون تسعة وعشرين يوما أو ثلاثين يوما قولا واحدا، وهذا من فضل الله تعالى على عباده وتيسيره عليهم حيث جعل العبادات التي تعتمد على المواقيت مرتبطة بالأمور المحسوسة والعلامات الظاهرة التي يستوي في العلم بها العالم والجاهل وأهل البوادي والحواضر.
واللافت للنظر أن الرؤية التي يثبت بها أول شهر رمضان وآخره لا تحصل لكل مسلم، ولهذا اتفق العلماء على أن الإخبار بالرؤية ممن رآه حجة شرعية تلزم المسلمين في ثبوت شهر رمضان ابتداء وانتهاء إذا توفرت الشروط المطلوبة في المخبر أو المخبرين غير أن اختلاف موضع طلوع الهلال يبقى محل نزاع بين الفقهاء واعتباره في ثبوت الشهر من عدمه .
وفي تحرير محل النزاع يخرج اعتبار اختلاف مطالع الشمس في مواقيت العبادات، وأن لكل بلد مواقيته في الصلوات والإفطار والسحور، فتوحيد مواقيتها في البلدان المختلفة غير متصوّر بالنظر إلى اختلاف الأقطار والبلدان على الكرة الأرضية(١) .
كما يخرج من محل النزاع ما إذا ثبتت رؤية الهلال عند الإمام الأعظم وألزم الناس داخل ولايته بما ثبت من رؤية في بلده، سقط أثر اختلاف البلدان المتباعدة، ووجب الصوم على جميعهم حتى لو كان ثبوت رؤية الهلال في مطلع من مطالع تلك الأقطار دون سائرها، ما دام حكم الإمام الأعلى نافذا على جميع هذه الأقطار والبلدان، فهي في حقه كالبلد الواحد اتفاقا(٢) ، ذلك لأن مسألة اختلاف المطالع محل اجتهاد يولّد آراء ووجهات نظر مختلفة، وحكم الحاكم يرفع النزاع ويحسم الخلاف ويرجح به أحد النظرين أو الأنظار المتباينة، اعتقادا منه بأحقية رجحانه، الأمر الذي يوجب إنفاذ حكمه والامتثال له، والعمل بمقتضاه، ولا يجوز مخالفته فيما قطع فيه الخلاف شرعا طاعة لولي أمر المسلمين، وتوحيدا لكلمتهم.
كذلك لا خلاف بين الفقهاء في تحقق اختلاف مطالع القمر(٣) ، وإنما النزاع في اعتبار اختلاف مطالعه في ثبوت الأهلة وما يتعلق بها من أحكام كثبوت بدء الصوم في رمضان، والفطر في شوال، والحج، والإيلاء وعدة المتوفى عنها زوجها وغيرها من الأحكام الشرعية المتعلقة بالأجل والزمن فقد ربطها الله تعالى بالأشهر القمرية في قوله تعالى:" يَسْأّلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالحَجِّ" [البقرة:١٨٩] . هذا فيما إذا كانت الأقطار والبلدان خارجة عن حكم الإمام الأعلى أو وجد من المسلمين في بلاد غير مسلمة، فهل رؤية البعض تعم في حق جميع البلدان في ثبوت الأحكام ولا عبرة باختلاف المطالع، بل يجب العمل بالأسبق رؤية، فلو رُئي في المشرق ليلة الجمعة، وفي المغرب ليلة السبت، وجب على أهل المغرب العمل بما رآه أهل المشرق، أم يستقل كل بلد برؤيته ويكون الاعتبار باختلاف المطالع؟ أي يلزم على كل بلد العمل بمطلعه ولا يلزمه مطلع غيره، فإن لم يروا الهلال أكملوا شهر شعبان ثلاثين.
فالفقهاء في هذه المسألة اختلفوا على مذهبين رئيسين:فالأول: يذهب إلى القول بتوحيد الرؤية ولا يعتبر اختلاف مطالع القمر في ثبوت الأهلة، وبهذا قال الجمهور، وهو المعتمد عند الحنفية، ونسبه ابن عبد البر إلى الإمام مالك فيما رواه عنه ابن القاسم والمصريون، كما عزاه إلى الليث والشافعي والكوفيين وأحمد، وبه قال ابن تيمية والشوكاني وغيرهم من أهل التحقيق، ويترتب على هذا القول وجوب القضاء إذا بدأ أهل بلد صومهم اليوم الذي يلي رؤية الهلال في بلد آخر.
وذهب المعتبرون لاختلاف المطالع أن رؤية الهلال في بلد لا تلزم في حق أهل بلد آخر، بل لكل بلد رؤيتهم مطلقا سواء تقاربت البلدان أم تباعدت وقد حكاه ابن المنذر عن عكرمة والقاسم بن محمد وسالم ابن عبد الله وإسحاق بن راهويه، وعزا ابن عبد البر هذا القول لابن عباس وابن المبارك، كما عزاه إلى مالك فيما رواه المدنيون عنه، وإلى المغيرة وابن دينار وابن الماجشون من أتباع مالك(٥) وحكاه الماوردي وجها للشافعية(٦) .
وفرق آخرون ممن يعتبرون اختلاف المطالع بين البلد القريب والبعيد، ويجعلون تقارب البلدان والأقطار في حكم بلد واحد، أما إذا تباعدت فلا تكون الرؤية ملزمة على أهل البلد الآخر، فأهل كل أفق يستقلون برؤيتهم، وهذا هو المعتمد عند الشافعية وبه قال الشيرازي وصححه الرافعي، وبه قال الزيلعي من الحنفية(٧) .
وقد اختلف فقهاء المذاهب اختلافا شديدا في ضابط القرب والبعد، وما اشترطوه من معيار البعد مبني في حقيقته على استدلال عقلي محض لا يشهد له دليل من الشرع.
وعند التمعن في سبب اختلاف العلماء في اعتبار اختلاف المطالع أو عدم اعتباره في ثبوت الأهلة يظهر رجوعه إلى:
أولا: صلاحية تخصيص عموم الخطاب لسائر المكلفين وتقييد مطلق الرؤية بالدليل العقلي.
ثانيا: في مطلقية مطلع الهلال من نسبيّته .
ثالثا: في تعارض النص والأثر، فهل كان رفض ابن عباس رضي الله عنهما الالتزام برؤية أهل الشام في قصة"كريب"(٨) مبنيا على الرفع أم على الاجتهاد المحض؟
رابعا: في المعنى الذي يفيده حديث ابن عباس في قصة "كريب" هل يدل على معنى مغاير يقيّد به مطلق قوله صلى الله عليه وسلم:" صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" أم معناه مطابق له ؟
فمن رأى أن عموم الخطاب بالصيام والإفطار متجه إلى من تحققت له رؤية الهلال ولمن حضره من أهل البلد والبلدان القريبة قيّد مطلق الرؤية بالدليل العقلي المتمثل في تباعد الأقطار والبلدان الذي يوجب في الواقع اختلاف المطالع دون تقاربها عادة، وأكد هذا المعنى بقياس مطلع القمر على مطلع الشمس باعتبار نسبية مطلعيهما شرقا وغربا، لأن كلا منهما له وضع كوني يؤثر في اختلاف أوقات العبادات وانعقاد الأهلة، أيده بانعقاد الإجماع المنقول عن أبي عمر بن عبد البر، وحصر اعتبار اختلاف المطالع في البلدان البعيدة دون غيرها على اختلاف في ضابط البعد.
ومن سوى في استقلال كل بلدة بالرؤية بنفسها بين تقارب البلدان وتباعدها فضلا عن أنه اعتمد الاجتهاد السابق في البعد، اعتبر أن رفض ابن عباس رضي الله عنهما الالتزام برؤية أهل الشام في قصة "كريب" مبنيّ على الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لعلمه بدليل يحفظه وإن لم يصرح به، وهو يفيد ما أفادته الآية في قوله تعالى:" فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ" [ البقرة:١٨٥] ، وحديث ابن عمر رضي الله عنها في قوله صلى الله عليه وسلم:" لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه" من أن الشارع علق الحكم على رؤية البعض المعتبر الذي ينزّل منزلة الكل، وتبقى سائر البلدان الأخرى التي لم تر الهلال على مقتضى عموم الآية والحديث القاضي بوجوب الصوم منوطا برؤيتهم على انفراد مع انسحاب ذلك كله على سائر الأهلة، أثبت المعنى المغاير وقيّد به مطلق الرؤية الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم:
"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" وجعل الحجة في القرب من جهة الحكم دالة على البعد بالأولوية.
ومن رأى أن عموم الخطاب في قوله صلى الله عليه وسلم:" صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" علقه الشرع بمطلق الرؤية وأن تباعد الأقطار لا يوجب اختلاف المطالع شرعا فلا يتقيد مطلق الرؤية بالدليل العقلي لاستواء القرب والبعد في علة الحكم وهي"مطلق الرؤية" إذ الشهر يثبت برؤية هلاله فلا تتعدد ولادته لتوسطه بين هلالين فولادته مطلقة لا تختلف وضعا كونيا بالنسبة لأهل الأفق فيتعذر إلحاقه بمطالع الشمس لنسبيتها وهو سبب الفرق في عدم إمكانية التسوية بينهما قياسا.
ورأى أن حديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة "كريب" لم يورد ابن عباس فيه لفظ النبي صلى الله عليه وسلم ولا معنى لفظه حتى يمكن النظر في عمومه وخصوصه،وعليه فلا يفيد المرفوع منه سوى مطابقة معناه لحديث:" صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" وما زاد عنه فهو اجتهاد محض في مقابلة النصوص الصريحة، وحال تعارض النص والأثر فالحجة في صريح قوله صلى الله عليه وسلم لا في اجتهاد الصحابي ونظره، فلم يبق مُتمسَّك لهم في حديث "كريب" في تقرير اعتبار المطالع سواء تقاربت البلدان أو تباعدت، فثبت-عندهم- وجوب الصوم على المسلمين كافة لتحقق مناطه وهو مطلق الرؤية.
وفي تقديري أن الأصل العام الثابت الذي نهضت به الأدلة يقضي بوجوب أن يعمل أهل البلدان سواء كانت متقاربة أم متباعدة بعضهم بخبر بعض وشهادته في جميع الأحكام الشرعية كحلول الدَّين ووقوع الطلاق والعتاق ووجوب النذر، والرؤية من جملتها، ذلك لأن العبرة بثبوت الشهر نفسه بمطلق الرؤية في قوله تعالى:" فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ"[البقرة:١٨٥] وأن شهود الشهر والتماس الرؤية فيه على الكفاية وقد علق الشارع عموم حكم الصيام والإفطار أيضا بمطلق الرؤية في قوله صلى الله عليه وسلم:" صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمَّ عليكم فاقدروا له"(١٠) فهو يُجْرَى على إطلاقه ويصدق برؤية البعض،ذلك لأن المطلق يتحقق في أي فرد من أفراده الشائعة في جنسه بمعنى أن عمومه بدلي لا شمولي كما هو مقرَّر أصوليا، فكأن صيغة الحديث وردت بهذا اللفظ :" صوموا وأفطروا إذا تحققت رؤية الهلال" أي مهما كان موقعها من القرب والبعد جريا على قاعدة أن"المطلق يُجْرَى على إطلاقه ما لم يرد ما يقيده"، فاستوى القرب والبعد بين البلدان في مطلق الرؤية التي تُعَدُّ علة الحكم، وعليه فإن اشتراط التباعد بين الأقطار تقييد وزيادة على النص يفتقر إلى دليل يقويه، وإذا انتفى عن الآية والحديث ما يقيدهما وجب العمل بإطلاقه، ومنه يتبين أن لا عبرة في اختلاف المطالع ووجوبُ صومه على الجميع بشهادة البعض المعتبر شرعا، إذ لا يخفى أن انعقاد الشهر إنما يثبت برؤية هلاله، وولادة الشهر لا تتعدد لوجود محله بين هلالين :الأول من ليلة رمضان، والأول من ليلة شوال، فإذا ثبتت ولادة الشهر برؤية الثقات في أول ليلة منه بمطلق الرؤية ثبت-عندئذ-انعقاده وتعلق وجوب الصيام به.

تابع ..

سيف قطر
29-08-2007, 05:32 PM
هذا ولا يمكن التمسك برواية ابن عمر رضي الله عنهما في قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تصوموا حتى تروا الهلال..." في تقييد الإطلاق الوارد في حديث:" صوموا لرؤيته" لأن ذلك إنما يصح التقييد به لو كان الخطاب فيه مختصا بكل قوم في بلدهم وليس الأمر كذلك لأن الخطاب الشرعي عام موجَّه إلى كافة المخاطبين ربطه الشارع بمطلق الرؤية،
فكان محتوى الحديثين متحدا منطوقا ومفهوما لا اختلاف بينهما من حيث الإطلاق، بل الاستدلال بنص رواية ابن عمر مرفوعا:" لا تصوموا حتى تروا الهلال..." على العموم أولى منه على تخصيص الرؤية بكل قوم في بلدهم على انفراد ولا إلى فرد بخصوصه،ذلك لأن معنى شهود الشهر في الآية حضوره والعلم به لا رؤية هلاله، لذلك كان خبر البعض المعتبر الذي رآه ملزما لسائرهم فرؤية البعض رؤية لهم، إذ يلزم على العمل بظاهر الآية والحديث عدمُ الاعتداد برؤية البعض إلا إذا رأى كل فرد بعينه، وهذا الحكم يأباه الشرع والإجماع،إذ من المقرر اتفاقا أن ليس كل فرد من المسلمين مكلفا برؤية الهلال،ولا معلقا بوجوب صومه على رؤيته هو بمفرده، بل التماس الرؤية فرض على الكفاية لا واجب عيني، ولذا يثبت الصوم برؤية البعض المعتبر وشهادته، وعليه فالاستدلال بنصِّ الروايتين المتقدمتين على التعميم أظهر منه على التخصيص.
أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما وقصته مع "كريب" فجوابه من وجوه:
أولا: أنه خبر الواحد وهو غير كاف في شهادة الصوم، فلو تقوّى الخبر بمزيد من الرواة لأخذ به ابن عباس رضي الله عنهما ولاعتمد على رؤية الشام.
وهذا الجواب ليس بالقويّ لأن ما أفصح به "كريب" ليس بشهادة منه حتى يرفض ابن عباس ما أخبره به، وإنما هو خبر عن حكم بشهادة معتبرة واستفاض في الناس حتى بلغ التواتر وخبر الواحد في ذلك مقبول اتفاقا.
ثانيا: إن قول ابن عباس:" هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم" فلا يلزم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بعدم الاعتداد برؤية غيرهم، وليس أيّ منهما موجها إلى كل قوم في بلدهم على ما قرّره الشوكاني، كما أنه من جهة أخرى يمكن أنه أراد بقوله:" هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم" الحديث العام لا حديثا خاصا بهذه المسألة على ما أفاده ابن دقيق العيد(١١) إذ المرفوع منه لا يفيد سوى مطابقة معناه لدليل الجمهور على التزام مطلق الرؤية، وما زاد عنه فهو محض اجتهاد منه لا يصلح حجة تخصص به الأدلة القاضية بتوحيد الرؤية وذلك لأن ابن عباس رضي الله عنهما لم يأت بلفظ النبي صلى الله عليه وسلم ولا بمعنى لفظه حتى يحكم بعمومه وخصوصه إنما جاء بصيغة مجملة أشار إلى قصة هي عدم عمل أهل المدينة برؤية أهل الشام على التسليم أن ذلك هو المراد، وأضاف الشوكاني يقول: "ولم نفهم منه زيادة على ذلك حتى نجعله مخصصا لذلك العموم، فينبغي الاقتصار على المفهوم من ذلك الوارد على خلاف القياس وعدم الإلحاق به"(١٢) .
ثالثا: إن حديث ابن عباس رضي الله عنهما محمول على عدم تمكن أهل المدينة من العلم برؤية أهل الشام في رمضان وفي شوال كذلك فيستبقون على رؤيتهم، بمعنى أنه من صام على رؤية بلده ثم بلغه في أثناء رمضان أن الهلال رُئي في غير بلده قبل ذلك اليوم، ففي هذه الحالة يستمر في الصيام مع بلده حتى يكملوا الثلاثين أو يروا هلالهم، ويبقى ما عدا هذه الحالة على وجوب الصوم على المسلمين كافة عند تحقق مناط الحكم وهو مطلق الرؤية، أي أن يكون الحكم شاملا-بعد إخراج الحالة السابقة- كل من بلغه خبر رؤية الهلال من أي بلد أو إقليم من غير تحديد مسافة أصلا وبه ينتفي التعارض ويتم الجمع ويتحقق. هذا وقول ابن عباس رضي الله عنهما إن حمل على أنه مذهب الصحابي المشتهر الذي لم يعلم له مخالف من الصحابة، فإنما يصير إجماعا عند جماهير العلماء إذا لم يخالف نصا ثابتا، إذ المرفوع أولى من الموقوف مرتبة وحجة وعملا، كما يلزم منه أن يخالفه بعض الصحابة تطبيقا للنص العام الثابت القاضي بوجوب الصيام برؤية الهلال على عموم المخاطبين بمطلق الرؤية، وإن لم ينقل إليناذلك، وحينئذ لا يكون قول بعضهم حجة، إذ كلا القولين يحتمل الصواب ، وعندئذ فالواجب التخير من أقوالهم بحسب الدليل ولا يجوز الخروج عنها.
ولو تمّ التسليم أن قول ابن عباس رضي الله عنهما اشتهر ولم يعرف له مخالف من الصحابة لكونه نطق بالصواب فأمسك بقية الصحابة عن الكلام في المسألة، فإن محل الإجماع إن تقرّر يرد على الاحتمال الأخير من حديث "كريب" الذي يتمثل فيمن صام على رؤية بلده ثم بلغه أثناء رمضان أن الهلال رُئي في غير بلده قبل ذلك اليوم، فيستمر في صيامه مع بلده حتى يكملوا الثلاثين أو يروا هلالهم، وبهذا التوجيه تجتمع الأدلة وتتحد الآراء.
أما استدلال تقي الدين السبكي بما يوميء أن ثمّة إجماعا قديما من الصحابة على اعتبار اختلاف المطالع فلم يرد ما يثبته، إذ لم ينقله إلينا أهل التواتر ولا أهل الآحاد، وكلا القسمين يحتاج إلى النظر من جهة النقل وثبوته، ومن جهة نوع الإجماع ومرتبته، لكن الإجماع المذكور ما هو في الواقع سوى استدلال عقلي على الإجماع بطريق اللزوم، وهذا الاستنتاج العقلي لا يقوى على مقابلة النصوص الثابتة، فضلا عن أنه لو كان ثابتا منعقدا لما اختلف الفقهاء بعده في هذه المسألة اختلافا ظاهرا، وجمهورهم على خلافه
ولو سلمنا صحته وسلامة نقله لكان محمولا على الاحتمال الأخير توفيقا بين الأدلة ودفعا للتعارض جريا على قاعدة:" الجمع أولى من الترجيح" .
أما الاستدلال بالإجماع الذي نقله ابن عبد البر رحمه الله في عدم مراعاة الرؤية فيما أخر من البلدان كالأندلس من خراسان، وكذلك كل بلد له رؤيته إلا ما كان كالمصر الكبير وما تقاربت أقطاره من بلاد المسلمين(١٣) .
فقد تعقب الشوكاني دعوى الإجماع في "النيل"(١٤) بقوله: " ولا يلتفت إلى ما قاله ابن عبد البر من أن هذا القول- أي لزوم الرؤية للجميع- خلاف الإجماع، قال:لأنهم قد أجمعوا على أنه لا تراعى الرؤية فيما بَعُد من البلدان كخراسان والأندلس، وذلك لأن الإجماع لا يتمّ والمخالف هذه الجماعة" أي الجماعة المذكورة في" نيل الأوطار".
أما شيخ الإسلام ابن تيمية فقد حمل كلام ابن عبد البر على وجه حسن وهو عند التعذر من تبليغ خبر رؤية أهل الشرق لأهل الغرب وخاصة إذا كان الخبر لا يصل إلا بعد شهر، قال رحمه الله تعالى(١٥): "فالضابط أن مدار هذا الأمر على البلوغ لقوله صلى الله عليه وسلم:"صوموا لرؤيته" فمن بلغه أنه رُئي ثبت في حقه من غير تحديد بمسافة أصلا، وهذا يطابق ما ذكره ابن عبد البر في أن طرفي المعمورة لا يبلغ الخبر فيها إلا بعد شهر فلا فائدة فيه، بخلاف الأماكن التي يصل الخبر فيها قبل انسلاخ الشهر فإنها محل الاعتبار".
هذا وأما قياس مطلع القمر على مطلع الشمس فهو قياس مع ظهور الفارق، ذلك لأن مطلع الشمس نسبي بالإجماع أي يكون مشرقها وزوالها ومغربها يختلف باختلاف مواقع الأقطار على الأرض لمواجهة الشمس للأرض مباشرة، حيث تقابلها يوميا بالتدريج بينما ولادة القمر إنما تكون على وضع كوني مطلق، أي لا يختلف باختلاف الأقطار، ولا يتأثر باختلاف أقاليم الأرض قربا وبعدا، ويدل على ذلك ويؤكده ما ثبت فَلَكيا في مدة مطلع القمر من أقصى بلد إسلامي إلى أقصاه في بلد آخر لا تتجاوز تسع ساعات، فلو كانت ولادة القمر أمرا نسبيا كمطلع الشمس لما حصل الاختلاف الشديد بين الأئمة والعلماء، لذلك لا يستوي قياسا إلحاق المطلق بالنسبي في تقرير اختلاف المطالع وتأكيد اعتباره للفارق الظاهر بينهما، كما أن الاستدلال بالمعقول لا سند له من الشرع، وإنما هو استنتاج عقلي محض لا تقويه الأدلةبل تعارضه على ما هو معلوم من اختلاف العلماء وشدة تنازعهم في تقرير ضابط التباعد، وعليه فإنه إذا ثبتت ولادة القمر شرعا بالرؤية أي في أيّ مطلع فقد انعقد الشهر في حق المسلمين جميعا.
هذا والذي يمكن ترجيحه فقها واختياره من مذاهب العلماء هو القول بتوحيد الرؤية الذي يوجب التوافق بين أحكام الشرع وأوضاع الكون،ويتفق مع رغبة الشريعة الإسلامية في وحدة المسلمين واجتماعهم في أداء شعائرهم الدينية، لا سيما في عصرنا هذا حيث إن طرق الاتصال ميسرة ووسائل الإعلام المختلفة متوفرة تجعل البعيد قريبا والصعب سهلا، إذ تمكّن إعلام عموم المخاطَبين مهما اختلفت ديارهم وبلادهم برؤية الهلال في البلد الذي رُئي به شريطة تقييده باشتراك هذه البلدان مع بلد الرؤية بليل أو جزء منه كما هو الشأن في البلاد العربية، أما البلاد النائية التي تزيد مسافتها الزمنية عن يوم بحيث تكون في نهار عندما تكون بقية البلدان الإسلامية في جزء من الليل مما يوجب استحالة تحقق توحيد الرؤية وأداء فريضتهم من الصوم والإفطار في حقهم ذلك اليوم، فإنها تختص برؤيتها استثناء ولا يقاس غيرها عليها بالنظر إلى وضعها الكونيّ الخاص على الكرة الأرضية، عملا بقاعدة أن" ما ثبت على خلاف القياس فغيره عليه لا يقاس".
على أن الميزان المقاصدي يقتضي أنه إذا ثبت عند وليّ أمر المسلمين وإمامهم الأعلى أحد النظرين المُجتهد فيهما وأصدر حكما على وفقه لزم على جميع من تحت ولايته الالتزام بصوم أو إفطار لاعتقاده بأحقيته في اجتهاده-كما تقدم- ولو في خصوص بلد إسلامي، ولا تجوز مخالفته شرعا قولا واحدا درءً للتنازع ودفعا للمفسدة سواء عند من اعتبر المطالع في ثبوت الأهلة أو من نازعه في هذا الاعتبار.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلّم تسليما
--------------------------------------------------------------------------------


١) تبيين الحقائق للزيلعي(۱/٣٢١)

٢) تفسير القرطبي(٢/٢٩٦)،مجموعة رسائل ابن عابدين (١/٢٥٣) .

٣) مجموعة ابن عابدين(١/٢٥٠) .

٤) الاستذكار لابن عبد البر (١٠/٢٩)، بداية المجتهد لابن رشد (١/٢٨٧)، أحكام القرآن لابن العربي (١/٨٤)، المغني لابن قدامة (٣/٨٨)، فتح الباري لابن حجر (٤/١٢٣)، مجموع الفتاوى لابن تيمية (٢٥/١٠٥)، المجموع للنووي (٦/٢٧٤)، نيل الأوطار للشوكاني (٥/٢٥٧)، مجموع رسائل ابن عابدين (١/٢٥١) .

٥) الاستذكار لابن عبد البر(١٠/٢٩)، بداية المجتهد لابن رشد(١/٢٨٧)، المجموع للنووي(٦/٢٧٣).

٦) فتح الباري لابن حجر (٤/١٢٣) .

٧) المجموع للنووي (٦/٢٧٣)، تبيين الحقائق للزيلعي (١/٣٢١) .

٨) وقصة كريب رواها الجماعة إلا البخاري وابن ماجه أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهل عليَّ هلال رمضان وأنا بالشام، فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة آخر الشهر، فسألني ابن عباس، ثمّ ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ قلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ قلت: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، فقال: لكنّا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: أوَلا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

٩) متفق عليه .

١٠) متفق عليه .
١١) الإحكام في شرح عمدة الأحكام لابن دقيق(٢/٢٠٧) .

١٢) نيل الأوطار للشوكاني (٥/٢٥٩) .

١٣) الاستذكار (١٠/٣٠)

١٤) (٥/٢٥٩) .

الأشرطة
١٥) المجموع( ٢٥/١٠٧)
منقول من موقع الشيخ.

سيف قطر
29-08-2007, 05:39 PM
فتوى للعلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

لا يجوز اعتماد الحساب في إثبات الأهلة

س في بعض بلاد المسلمين يعمد الناس إلى الصيام دون اعتماد على رؤية الهلال وإنما يكنفون بالتقاويم فما حكم ذلك ؟



جـ : قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين أن " يصوموا لرؤية الهلال ويفطروا لرؤيته فإن غم عليهم أكملوا العدة ثلاثين " متفق عليه وقال عليه الصلاة والسلام "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا وخشن إبهامه في الثالثة وقال الشهر هكذا وهكذا وهكذا وأشار بأصابعه كلها يعني بذلك أن الشهر يكون تسعاً وعشرين ويكون ثلاثين "


وثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين " .


وقال صلى الله عليه وسلم : " لا تصوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ولا تفطروا حتى تروا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة "


والأحاديث في هذا الباب كثيرة وكلها تدل على وجوب العمل بالرؤية أو إكمال العدة عند عدم الرؤية كما تدل على أنه لا يجوز اعتماد الحساب في ذلك


وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية إجماع أهل العلم على أنه لا يجوز الاعتماد على الحساب في إثبات الأهلة ( انتهى ) وهو الحق الذي لا ريب فيه .

والله ولي التوفيق .


الشيخ ابن باز .

==================

فتوى للعلامة الفقيه محمد بن عثيمين رحمه الله



س16: ما هي الطريقة الشرعية التي يثبت بها دخول الشهر؟


وهل يجوز اعتماد حساب المراصد الفلكية في ثبوت الشهر وخروجه؟


وهل يجوز للمسلم أن يستعمل ما يسمى بـ(الدربيل) في رؤية الهلال؟



ج16: الطريقة الشرعية لثبوت دخول الشهر أن يتراءى الناس الهلال،
وينبغي أن يكون ذلك ممن يوثق به في دينه وفي قوة نظره.
فإذا رأوه وجب العمل بمقتضى هذه الرؤية صوماً إن كان الهلال هلال رمضان،
وإفطاراً إن كان الهلال هلال شوال
ولا يجوز اعتماد حساب المراصد الفلكية إذا لم يكن رؤية.


فإن كان هناك رؤية ولو عن طريق المراصد الفلكية فإنها معتبرة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلّم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا».


أما مجرد الحساب فإنه لا يجوز العمل به ولا الاعتماد عليه.



وأما استعمال ما يسمى بـ(الدربيل) وهو المنظار المقرِّب في رؤية الهلال فلا بأس به،


ولكن ليس بواجب؛ لأن الظاهر من السنة أن الاعتماد على الرؤية المعتادة لا على غيرها،


ولكن لو استعمل فرآه من يوثق به فإنه يعمل بهذه الرؤية، وقد كان الناس قديماً يستعملون ذلك لمَّا كانوا يصعدون (المنائر) في ليلة الثلاثين من شعبان أو ليلة الثلاثين من رمضان فيتراءونه بواسطة هذا المنظار.


على كل حال متى ثبتت رؤيته بأي وسيلة فإنه يجب العمل بمقتضى هذه الرؤية لعموم قوله صلى الله عليه وسلّم:

«إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا».

( 48 سؤالاً في الصيام )


=========================

ومن كلام العلامة الألباني رحمه الله


قوله:{أنا مقتنع تماما أن الله عز وجل حينما شرع ما شرع للأمة المسلمة ،فيه الهدى والنور أولا،وفيه اليسر ورفع الحرج والعنت ثانيا ، فحينما قال صلى الله عليه وسلم [ صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته] هو خاطب المسلمين الذين هم على فطرتهم ،ولو كانوا أميين غير مثقفين أو متعلمين ،وهذا من تأكيد رب العالمين لعمومية الإسلام وأنه صالح في كل زمان وفي كل مكان

،فــ[صوموا لرؤيته ...] يستطيع أن يطبقه كل شعب مهما كانت ثقافته أو أميته ،لأنه أعاد الأمر إلى الرؤية البصرية ، أما إذا أعيد الأمر إلى الرؤية البصيرية العلمية فسيصبح هذا الأمر معلق بأفراد من الناس


ثم يا ترى هؤلاء الأفراد هل يشترط فيهم ما يشترطه الفقهاء كلهم في الشاهد إذا ادعى أنه رأى الهلال أن يكون عدلا ؟،أي إذا كان عالما بالفلك من الذي سيحكم عليه من أنه تقبل شهادته أو لا تقبل ؟وبخاصة أن شهادته قائمة على علم هو يدعيه،ولا يستطيع كل الجمهور أن يشاركوه فيه.



وأنا أفهم ــــ والله أعلم أنه هو الحق ــــ أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال [نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ...] لا يعني أنه يفرض على الامة المسلمة أن يظلوا على جهل بالكتابة والقراءة ونحو ذلك ،وإنما هو طبعهم بالأمية فيما يتعلق بهذا الحكم المتعلق بالرؤية البصرية قال:[نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ،الشهر هكذا وهكذا وهكذا ] أي تارة ثلاثون وتارة تسع وعشرون ،وهنا عبرة في الواقع :ــــ ما هي الغاية التي يحرص عليها هؤلاء الفلكيون حينما يرفعون رؤوسهم مع عقيرتهم أنه يجب أن نحكم بعلم الفلك لأن الرؤية البصرية قد تخطئ ؟ما هي الغاية ؟،يقولون: قضاء على الخلاف الواقع بين الشعوب المسلمة.


أنا أعتقد أنه بهذا الطلب وهو تحكيم العلم الفلكي سيظل الخلاف قائما، على الأقل أنه سيقال :يرى القمر في البلد الفلاني ولا يرى في البلد الفلاني ،وهم يجمعون على مثل هذه ! إذن ما هو الخلاص ؟
ليس هناك خلاص إلا بالرجوع إلى حكم الشرع .


ثم إن فيه جرأة فظيعة جدا على مقام النبوة والرسالة ،


هو صلى الله عليه وسلم يقول لنا [نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ...]


وتقول أنت :لا أنا أكتب وأحسب وأعلم علم الفلك ،ولذلك ينبغي إثبات الهلال دخولا أو خروجا بعلم الفلك؟!.


أنا أقرب هذا الموضوع :{إننا إذا أدخلنا علم الفلك في الأحكام الشرعية أصابنا ما أصاب اليهود والنصارى من قبل ...،

فالهدى والراحة هو في اتباع الشريعة وصلى الله على نبينا محمد القائل [ ما تركت شيئا يقربكم إلى الله ويبعدكم عن النار إلا أمرتكم به ولا شيئا يبعدكم عن الله والجنة ويقربكم إلى النار إلا نهيتكم عنه ..]}.انتهى

======================

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الفتوى رقم ( 3127 )

س : لقد أجريت عملية جراحية في شهر رمضان والآن أريد أن أقضي ، مع العلم أن المسلمين في مدينتي انقسموا

إلى قسمين : القسم الأول أفطر اتباعا للسعودية وبعض البلدان الإسلامية الأخرى ( أي 29 يوما ) . والقسم الثاني

أكمل الشهر ( أي 30 يوما ) وهذا اتباعا للجزائر ، مع ملاحظة أن الجزائر تحدد بداية ونهاية الشهور العربية

بواسطة الحساب الفلكي . السؤال هو : كم يوما أقضي 29 أو 30 .

ج1 : لا يعتبر الحساب الفلكي أصلا يثبت به بدء صيام شهر رمضان ونهايته ، بل المعتبر في ذلك رؤية الهلال ،

فإن لم يروا هلال رمضان ليلة ثلاثين من شعبان أكملوا شعبان ثلاثين يوما من تاريخ رؤيته أول الشهر ،

وكذا إذا لم يروا هلال شوال ليلة ثلاثين من رمضان أكملوا عدة رمضان ثلاثين يوما . وعلى هذا يجب عليك صيام 29

يوما قضاء لرمضان الذي عجزت عن صيامه من أجل العملية اتباعا للدول التي صامت لرؤيته وأفطرت بها .

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس عبد العزيز بن عبدالله بن باز

نائب الرئيس عبدالرزاق عفيفي

عضو عبدالله بن غدايان

عضو عبدالله بن قعود

المصدر: من كتاب فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والأفتاء

المجلد العاشر (الزكاة والصيام )

سيف قطر
05-09-2007, 04:36 PM
شهر رمضان عظيم مبارك، أنزل الله فيه القرآن هدى للناس وبيِّنات من الهدى والفرقان، وجعل صومه ركناً من أركان الإسلام، وقيامه نافلة تزداد بها

الحسنات، وتكون سبباً في النجاة من النيران. ففي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن «مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما

تقدَّم من ذنبه، ومَن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه»(1). مَن صام رمضان إيماناً، أي إيماناً بالله عز وجل، وإيماناً بشريعة الله

وقبولاً لها، وإذعاناً واحتساباً لثواب الله الذي رتَّبه على هذا الصيام وكذلك القيام، فمن قام رمضان أو ليلة القدر متصفاً بهذين الوصفين ـ الإيمان

والاحتساب ـ غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وإننا إذا نظرنا إلى الماضي وجدنا أن هذا الشهر المبارك صارت فيه مناسبات عظيمة، يفرح المؤمن بذكراها

ونتائجها الحسنة.

خفايا الروووح
08-09-2007, 01:11 PM
بارك الله فيك على هذا الجهد وعلى هذا الموضوع المتكامل

وف ميزان حسناتك يااارب

سيف قطر
10-09-2007, 01:35 PM
بارك الله فيك على هذا الجهد وعلى هذا الموضوع المتكامل

وف ميزان حسناتك يااارب
الله يسلمك اختي الكريمة .. وشكرا لمرورك .

مشغول
10-09-2007, 03:14 PM
إن أمة الإسلام مضى لها أكثر من أربعة عشر قرنا وأجمعت على عدم اعتبار الحساب في إثبات عبادة الصوم والحج وإذا وجد فرد قد شذ

العام المنصرم حصل بلبلة كبيرة داخل السعودية عن الحساب وو
فاراد الله ان يتم كلمته
فكان 29 يوم للشهر واصاب السماء غيم فمصدقا للحديث اتمو الشهر 30 وخنس المطبلون لهذا الموضوع
لم يسطيعو مشاهدتها باتلسكوب الذى ذكرو بدل العين المجردة

سيف قطر
11-09-2007, 04:55 PM
إن أمة الإسلام مضى لها أكثر من أربعة عشر قرنا وأجمعت على عدم اعتبار الحساب في إثبات عبادة الصوم والحج وإذا وجد فرد قد شذ

العام المنصرم حصل بلبلة كبيرة داخل السعودية عن الحساب وو
فاراد الله ان يتم كلمته
فكان 29 يوم للشهر واصاب السماء غيم فمصدقا للحديث اتمو الشهر 30 وخنس المطبلون لهذا الموضوع
لم يسطيعو مشاهدتها باتلسكوب الذى ذكرو بدل العين المجردة

يعطيك العافية اخوي على الاضافة القيمة .

عبد الرحمن القحطاني
12-09-2007, 10:01 AM
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم وجعل جهودكم خالصة لوجهه الكريم واثابكم عليها جنات النعيم

سيف قطر
13-09-2007, 02:31 PM
ولك بمثل اخي الكريم القحطاني 1000.. وجزاك الله خير على هذا الدعاء الطيب.

بنـ الدحيل ـت
13-09-2007, 02:41 PM
بارك الله في جهودكم

وجعله في ميزان حسناتك

وفقني الله وإياكم لطاعته