المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هجرة الاستثمارات وخسائر الأسواق الناشئة أبرز تأثيرات مشكلة الرهن



ROSE
01-09-2007, 11:19 AM
الأسواق تشهد تقييداً غير مسبوق للسيولة والمحافظ تحقق عائدات مالية
هجرة الاستثمارات وخسائر الأسواق الناشئة أبرز تأثيرات مشكلة الرهن



قال معهد التمويل الدولي إن الأزمة المستمرة في سوق الرهن العقاري الأميركي قد ضربت الأسواق الناشئة من خلال سلسلة من التأثيرات، حيث ظهر بعضها جليا للعيان، إلا ان البعض الآخر سوف يكون طويل الأجل.


وقال المدير العام للمعهد تشارلز دالارا في تقرير أعده حول «أزمة سوق الرهن العقاري الأميركي وتأثيرها على الأسواق الناشئة» بالنسبة للتأثيرات السريعة والمباشرة لأزمة السوق الأميركي اتضحت في أسواق المال والائتمان العالمية، حيث اهتزت المعاملات في تلك الأسواق، كما اتخذت البنوك العالمية الحيطة في تقديم الائتمان.


وبالنسبة للتأثيرات الطويلة الأجل، فان التقرير يحددها في أربعة مصادر هي أولا تأثيرات الأزمة على هجرة المحافظ الاستثمارية العالمية الأسواق الناشئة، وثانيا الخسائر التي قد يتكبدها مستثمرو الأسواق الناشئة في سوق الرهن العقاري، وثالثا التأثيرات على سوق التمويل العالمي للرهن العقاري ورابعا الضرر الذي قد تلحقه بالنمو الاقتصادي في الدول النامية.


ولكن التقرير يلاحظ أن تأثر أسواق المال في الدول الناشئة بأزمة سوق العقار الأميركي ظلت مرنة لحد الآن، وهو يعبر عن قدرة تلك الأسواق على التكيف مع الأزمات العالمية خصوصا إذا ما كانت أساسياتها الاقتصادية لا ترتبط مباشرة بها.


كما أنها تعكس خضوع هذه الأسواق بالدرجة الأساس للعوامل الداخلية في أسواقها، إلا أن ذلك لا ينفي ارتفاع علاوة المخاطر في أسواق الأسهم عبر العالم، كذلك ارتفاع معدل تقلبات أسواق العملات، مع ارتفاع هامش الائتمان. وإن كان تأثر الأسواق الناشئة بهذه العوامل أقل من الأسواق المتقدمة.


وقد سجلت أسواق المال العالمية لاسيما الصينية خسائر كبيرة الشهر الماضي، إلا أن حجم هذه الخسائر لا يزال أقل مما تكبدته الأسواق المتقدمة خاصة عند مقارنتها مع المكاسب التي حققتها خلال النصف الأول من العام. ويعكس المستوى العام لتحسن أداء الأسواق الناشئة التحسن في نموها الاقتصادي خلال النصف الأول من العام، وتحسن ميزان المدفوعات ومعدلات التضخم، مما أدى إلى تحسن تصنيفاتها الائتمانية.


كما أدت تلك العوامل إلى تقليص احتياجاتها للاقتراض الخارجي وتزايد حجم الاحتياطيات بالعملة الأجنبية. لذلك، فإن أساسيات الأسواق الناشئة اليوم هي أفضل بكثير عما كانت عليه قبل عدة أعوام.


ويحدد التقرير أربعة مصادر للتأثير الطويل الأجل لأزمة سوق الرهن العقاري على الأسواق الناشئة، أولها هو المحافظ الاستثمارية العالمية (المتنقلة) الضخمة كما يصفها التقرير، حيث يلاحظ أن هذه المحافظ لجأت خلال النصف الأول من العام للتنقل سريعا بين الأسواق الناشئة استهدافا للعائد الأعلى في هذه الأسواق.


وقد استطاعت هذه المحافظ تحقيق عوائد عالية كونها استهدفت كلا من ارتفاع أسعار الفائدة وكذلك ارتفاع قيمة صرف العملات في هذه الأسواق مقابل الدولار الأميركي عندما تقوم بالاستثمار في الأدوات المالية المحلية المقومة بالعملة المحلية.


وقد تعاظم دور هذه المحافظ في الأسواق الناشئة خلال النصف الأول من العام مما انعكس إيجابا على الاحتياطيات العالمية المقومة بالعملات الأجنبية للدول النامية. فعلى سبيل المثال ارتفعت هذه الاحتياطيات في البرازيل بقيمة 70 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام 2007 على الرغم من أن السلطات النقدية البرازيلية لم تحرك قيمة العملة البرازيلية أمام الدولار سوى بنسبة 15%.


وقد جاء مصدر الزيادة الرئيسية من قيام المستثمرين الأجانب بتكوين مراكز استثمارية ضخمة لهم في الأسواق المالية المحلية. ومصدر القلق الرئيسي الآن هو كم من هذه المحافظ الاستثمارية بقي محافظا على مراكزه في الأسواق المالية الناشئة، وكيف سيكون انعكاس بقائها أو رحيلها على هذه الأسواق.


ففي الأسابيع الأولى من أزمة الرهن العقاري الأميركي ظلت الأسواق المالية الناشئة شبه متكيفة مع تلك الأزمة وبدا كأن هناك انفصالا بين الاثنين، حيث ظلت متأثرة بعواملها الداخلية. ولكن بعد أن أدت أزمة سوق الرهن العقاري الأميركي إلى تقييد السيولة في الاقتصاد العالمي، تأثرت الأسواق الناشئة،


كما بدأت مخاطرة العملة بالازدياد، وارتفعت أسعار الفائدة المحلية وظلت كذلك لغاية قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة يوم 17 أغسطس. ومع ذلك تعتبر هذه التأثيرات محدودة لغاية الآن في الأسواق المالية الناشئة كما يدلل على ذلك حجم المبيعات في هذه الأسواق الذي هو أقل بكثير مما كان عليه خلال عامي 2005 و2006.


وبالنظر لحجم المحافظ الاستثمارية الأجنبية في الأسواق المالية الناشئة ذات العائد العالي، وكذلك استمرار أزمة سوق الرهن العقاري، سوف يكون سابقا لأوانه الحكم أن تلك التأثيرات قد أخذت مدياتها الكاملة. وعلى المستثمرين والمحللين مراقبة الأسواق الناشئة التي تمتلك محافظ استثمارية كبيرة في أسواق السندات المحلية (مثل هنغاريا وتركيا) أو التي لديها عجز تجاري كبير (مثل رومانيا) أو لديها قروض محلية كبيرة (مثل روسيا وأوكرانيا وكازاخستان).


ويضيف التقرير مصدرا ثانيا للتأثيرات المحتملة لأزمة سوق الرهن العقاري على الأسواق الناشئة وهو احتمال تكبد المستثمرين الأجانب في هذه الأسواق خسائر مباشرة من جراء انخفاض قيمة سندات الرهن العقاري. وقد أعلنت مصارف في المانيا وفرنسا وهولندا وكندا واستراليا بالفعل عن خسائر مباشرة تكبدتها في تلك الأسواق.


وعلى الرغم من عدم توفر إحصائيات مباشرة عن هذا الجانب في الأسواق الناشئة، إلا ان إحصائيات معهد التمويل الدولي لعام 2006 توضح أن 56 سوقا ناشئا تمتلك نحو 575 مليار دولار استثمارات وموجودات أجنبية (371 مليار دولار على هيئة احتياطيات رسمية و204 مليارات دولار على شكل قروض عائدة لمستثمرين من القطاعين العام والخاص). ويتوقع أن تكون هذه الاستثمارات قد ارتفعت خلال العام 2007 إلى 753 مليار دولار.


والمصدر الثالث للتأثيرات المحتملة هو تأثير أزمة سوق الرهن العقاري الأميركي على التمويل العالمي للمساكن والعقار خاصة في الأسواق الناشئة حيث تعتبر أسواق الرهن العقاري في هذه الأسواق صغيرة نسبيا، ولكنها تشهد نموا متسارعا في الوقت الحاضر مدعومة بالأساسيات الاقتصادية القوية ونمو الطلب عليها. ومن المستبعد أن يتوقف نمو هذه الأسواق نتيجة الأزمة الأميركية.


ويتوقع أن تتواصل سيطرة أساسيات السوق المحلية على أسواق الرهن العقاري في الدول الناشئة مع تواصل النمو وارتفاع الأسعار. ولكن هناك جوانب معينة قد تؤثر على تلك الأسواق من جراء الأزمة الأميركية تتمثل أولا في احتمال قيام الممولين في الأسواق الناشئة بوضع خسائر أسواق الرهن الأميركية نصب أعينهم مما يدفعهم لتقليل حماسهم لتمويل الرهن العقاري في بلدانهم،


وثانيا العديد من البنوك العالمية المتواجدة في الأسواق الناشئة هي ممن تضرر من السوق الأميركي، وثالثا الأزمة الأميركية سوف ترفع عموما علاوة المخاطرة في سوق تمويل الرهن العقاري عبر العالم وخاصة التمويل من البنوك العالمية مما يرفع تكلفة المساكن وهذا له عدة تأثيرات متبادلة على النمو الاقتصادي في الدول النامية.


جهد جماعي لعلاج المشكلة


قال وزير الخدمات المالية الياباني الجديد يوشيمي واتانابي ان اضطرابات سوق الائتمان اليابانية التي أثارتها مشكلة الرهن العقاري عالي المخاطر في الولايات المتحدة يتعين ان تعالج من خلال جهد مشترك بين المؤسسات المالية الحكومية. وأكد واتانابي الذي عين هذا الأسبوع انه لا يشعر بالقلق في الوقت الراهن من أن مشكلة الرهون العقارية الأميركية قد تؤثر بشكل مباشر على النظام المالي في اليابان ثاني أكبر اقتصاد في العالم.


وحدد واتانابي ـ 55 عاما ـ الذي يتولى الفترة الرابعة في عضوية البرلمان خطة الحكومة لزيادة القدرة التنافسية لليابان كمركز مالي. وقال «إنها ليست مجرد أزمة سيولة هناك كذلك مشكلة مخاطر الائتمان، ويتعين علينا التعامل مع ذلك على المستوى الدولي».


وأضاف «في اليابان اعتقد ان من الضروري ان يتعاون البنك المركزي ووزارة المالية وإدارة الخدمات المالية في التعامل مع هذا الوضع». وعانت المؤسسات المالية على مستوى العالم من خسائر بسبب استثماراتها في قطاع الرهن العقاري الأميركي.


وقال واتانابي إن النظام المالي الياباني من المرجح أن ينجو من الأثر المباشر فيما يرجع جزئياً إلى الموقف المتحفظ للمؤسسات المالية فيما يتعلق بالاستثمار. وأضاف «في الوقت الراهن من الصعب أن نتوقع أن يكون له أثر مباشر على النظام المالي الياباني».


عامان عمر الأزمة


يلاحظ التقرير فيما يخص احتمال تأثير أزمة سوق الرهن العقاري الأميركي على النمو الاقتصادي في الدول النامية، أن تلك الأزمة كانت مستمرة منذ عامين تقريبا، لذلك فإن تأثيراتها على الاقتصاد الأميركي امتدت على مدار ستة فصول تقرييا (الربع الأول من 2006 لغاية الربع الثاني من 2007) حيث يقدر انها خفضت النمو الأميركي بنحو 75. 0% خلال هذه الفترة.


ومع ذلك نما الاقتصاد الأميركي بنحو 4. 2% والاقتصاد العالمي بنحو 2. 3%. ولكن بعد تفاقم أزمة سوق الرهن العقاري الأميركي أبدى عدد من المراقبين خشيتهم من تأثر الاقتصاد العالمي من تلك الأزمة انطلاقاً من عدة مصادر أهمها التراجع في حجم الاستهلاك الأميركي، وانخفاض الثقة في بيئة الأعمال مما يخفض حجم الاستثمارات في الأعمال الجديدة.


ولكن يبقى الانعكاس الأشد على النمو الاقتصادي في الأسواق الناشئة فيما لو أدت هذه التطورات إلى خفض أسعار السلع المصدرة من قبلها سواء في الشرق الأوسط وآسيا أو افريقيا وجمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقاً مما سوف يؤدي إلى تخفيض القدرة الائتمانية لهذه الأسواق، وهذا لم يحدث لغاية الآن.


فعلى سبيل المثال ما زالت أسعار النفط عند مستويات مرتفعة بعكس عما كان الوضع عليه خلال الأزمة الآسيوية عام 1997 وهو ما أدى الى انتشار تأثيرات هذه الأزمة عالمية آنذاك.