المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وجهة نظر .... الأسواق الخليجية.. وأنفلونزا الرهن العقاري العالمية



ROSE
04-09-2007, 02:07 AM
وجهة نظر .... الأسواق الخليجية.. وأنفلونزا الرهن العقاري العالمية

د.حسين العويد

أظهرت “الأنفلونزا” التي أصابت الأسواق المالية العالمية مؤخرا بسبب قضية الرهن العقاري، حجم التداخل الذي باتت تعيشه أسواق المال في مختلف أنحاء العالم، بحيث إن العدوى لا تلبث أن تنتقل من هذه السوق إلى تلك مؤكدة بالدليل العملي أن العالم قرية صغيرة، وأن المرونة التي تنتقل بها رؤوس الأموال حاليا من مكان إلى آخر لها ضريبة علينا أن ندفعها ونقبل بها.

وعلى خلاف ما كان يقوله البعض في بداية أزمة الرهن العقاري فإن أسواقنا لم تكن بعيدة عن المشكلة وإن كنا لا نواجه ما واجهته الأسواق الأمريكية. فقد ظهرت توابع وتداعيات لهذه الأزمة بأشكال مختلفة منها انسحاب بعض الاستثمارات المالية الأجنبية من أسواقنا لمقابلة الضغوط التي يتعرض لها بعض المستثمرين في الأسواق العالمية، ومنها أيضا تأثر استثمارات ومحافظ عقارية خليجية في الخارج بما واجهه المستثمرون في تلك الأسواق وهو ما ينعكس على توقعات أداء بعض الشركات المحلية وعلى حجم التوزيعات التي ينتظرها المستثمرون فيها أو من يحملون أسهمها.

لكن المشكلة التي واجهتها أسواقنا في التعامل مع الأزمة تمثلت في حالة الهلع التي أصابت المستثمرين الذين اندفعوا تحت وطأة المضاربات لتسييل ما لديهم من أسهم، ولتتحول خسائرهم الدفترية إلى خسائر فعلية ولتأخذ الأزمة العابرة شكل الانهيار الكامل.

وقد اظهر تعامل مستثمرينا مع الأزمة أن أسواقنا لم تصل بعد الى مرحلة النضج الكافي للتعامل مع الأزمات، وهي لا تزال ضحية لسياسة “اضرب واهرب” أو “إمعة” للمضاربين الذين يهمهم الربح السريع بأي ثمن خاصة وأن الكثيرين منهم لا يضاربون بأموالهم بل بالتسهيلات قصيرة الأجل التي تمنحها لهم البنوك أو شركات الوساطة التي ينصرف اهتمامها الأول إلى عقد اكبر عدد من الصفقات بغض النظر عمن يربح أو يخسر باعتبار أن العمولات المحققة من هذه الصفقات تغطي ما تتحمله من تكاليف مالية نتيجة كشف حسابات بعض المضاربين.

وتعتبر أسعار الأسهم حاليا منخفضة بدرجة تجعلها اقرب لأن تكون وعاء ممتازا للادخار الطويل الأجل لا الاستثمار السريع المتعجل. وهذا يعني أن الذي يحافظ على ما لديه من أسهم عند هذه الأسعار يضمن في المدى القصير عائدا مجزيا على استثماره ويضمن في المدى الطويل تحسنا جوهريا في قيمة هذه الأسهم.

ومن أبرز ملامح التغيير في طبيعة الاستثمار بالأسهم انه لم يعد معتمدا على التمويل البنكي بل على المدخرات الخاصة، مما يعني أن هذا الاستثمار بات قادرا على الصمود فترة أطول في مواجهة الأزمات.

وحتى المستثمرون الذين تنكشف مراكزهم المالية مقابل الأسهم باتوا اقل من السابق من حيث العدد ومن حيث مستوى الانكشاف. فالبنوك ومؤسسات التمويل أصبحت أكثر حذرا في تقديم التسهيلات، كما أنها أصبحت أكثر تشددا في تأمين الضمانات التي تحفظ حقوقها.

لقد أثبتت التجربة أن من يصاب بالهلع والخوف عند أول منعطف هو من يخسر حتى لو بدا للبعض رابحا أو ناجيا من الخسارة. فما يباع اليوم بسعر منخفض قد يصبح عزيزا في مرحلة تالية. وما يتحقق من ربح نتيجة مضاربة غير واعية اليوم قد يدفع صاحبها خسارة في المستقبل على شكل ضياع فرصة استثمار مناسبة وبسعر جذاب كالسعر الذي تمر به الأسهم هذه الأيام.