المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : @___ سلطان شهوته ومرحه وفرحه ___@



سيف قطر
15-09-2007, 04:58 PM
الشدة بتراء لا دوام لها وإن طالت .




[ إذا ابتلى الله عبده بشيء من أنواع البلايا والمحن ، فإن رده ذلك الابتلاء والمحن إلى ربه وجمعه عليه وطرحه ببابه ، فهو علامة سعادته وإرادة الخير به.

والشدة بتراء لا دوام لها وإن طالت ، فتقلع عنه حين تقلع وقد عوض منها أجل عوض ، وأفضله ، وهو رجوعه إلى الله بعد أن كان شاردا عنه ، وإقباله عليه بعد أن كان نائيا عنه ، وانطراحه على بابه بعد أن كان معرضا ، وللوقوف على أبواب غيره متعرضا ، وكانت البلية في هذا عين النعمة ، وإن ساءته وكرهها طبعه ونفرت منها نفسه ، فربما كان مكروه النفوس إلى محبوبها سببا ما مثله سبب ، وقوله تعالى في ذلك هو الشفاء والعصمة : { وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون }. وإن لم يرده ذلك البلاء إليه ، بل شرد قلبه عنه ورده إلى الخلق ، وأنساه ذكر ربه ، والضراعة إليه ، والتذلل بين يديه والتوبة والرجوع إليه ، فهو علامة شقاوته وإرادته الشرَّ به ، فهذا إذا أقلع عنه البلاء رده إلى حكم طبيعته وسلطان شهوته ومرحه وفرحه ، فجاءت طبيعته عند القدرة بأنواع الأشر والبطر والإعراض عن شكر المنعم عليه بالسراء ، كما أعرض عن ذكره والتضرع إليه في الضراء ، فبلية هذا وبال عليه وعقوبة ونقص في حقه ؛ وبلية الأول تطهير له ورحمة وتكميل.
والله ولي التوفيق ] .


العلامة ابن القيم – رحمه الله تعالى – في كتابه الماتع " طريق الهجرتين "