المتأمل خيرا
16-09-2007, 09:00 AM
طالعت قبل قليل هذه المقالة في جريدة "القدس العربي" الصادرة في لندن "وتاريخها يوم أمس"، ونظراً لأهمية الموضوع رأيت نقله إلى هنا.. وأنقله نقلاً محايداً للإطلاع.. وربما التعقيب من قبل الإخوة والأخوات.. آملاً في من يعقـّب أن يكون مطمئناً لمضمون رأيه.. من حيث الدّقة.
.
================================================== ===
قرار انشاء مفاعلات نووية عربية خطأ كبير
د. سـفـيـان الـتـل
اعلنت كل من الاردن ومصر والامارات والسعودية عن رغبتها في دخول النادي النووي لانتاج الطاقة للاغراض السلمية. وبما ان هذا الاعلان قد تم في ظل التوترات العسكرية التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكية علي المنطقة ودعوتها لمواجهة ايرانٍ فاننا لا نستطيع ان ننظر الي هذا الاعلان بمعزل عن هذا التوتر.
ان موضوع توليد الطاقة الكهربائية من المفاعلات النووية ليس بالموضوع الجديد. فقد سبقنا اليه معظم الدول الغربية التي دخلت في هذه التجربة وخرجت منها بتجربة مرة وصلت بنهايتها الي قرارات لبعض الدول باغلاق مفاعلاتها النووية التي انشئت للاغراض السلمية. كانوا يعتقدون قبل نصف قرن تقريباً ما تعتقده بعض الدول العربية اليوم من ان انتاج الطاقة من المفاعلات النووية عملية سهلة وميسورة وتزود البلد بنسبة لا بأس بها من حاجتها من الطاقة، هذا بالاضافة الي اعتقادهم انها اي الطاقة النووية لا تلوث كما تلوث الطاقة المولدة من الوقود الاحفوري كالنفط ومشتقاته والفحم الحجري.
بعد ذلك حدثت كوارث كثيرة في المفاعلات النووية في الولايات المتحدة واوروبا والاتحاد السوفييتي. ففي الولايات المتحدة حوادث متشعبة وكثيرة منها ما كان مباشراً في المفاعلات النووية مثل (ثري مايل الاند) والتي سببت كارثه بالرغم من القدرات المتفوقة للولايات المتحدة الامريكية في هذا المجال. ومنها ما نتج عن النفايات المشعة التي كانت تدفن بمناطق مختلفة تحت الارض. الا ان الاشعاعات المتسربة منها ادت الي كوارث اصابت قري ومجتمعات سكنية بكاملها بالعقم والسرطانات والتشوهات الخلقية. وتقول تقارير قديمه للامم المتحدة ان هناك 25 الف مركز لتجميع هذه النفايات في الولايات المتحدة يكلف تنظيفها ما بين 23 ـ 100 مليار دولار بينما يكلف تنظيف مكبات المانيا 10 مليارات دولار والدنمارك 1 مليار دولار. لذا عمدت الولايات المتحدة الي نقل هذه النفايات الي دول العالم الثالث لتدفنها هناك. وتدفن الولايات المتحدة نفايتها في كل من المكسيك وزمبابوي وغينيا ونيجيريا والهند والفلبين وكوريا، حسب تقارير التنميه والتعاون.
في السويد
اما في اوروبا فلم يكن الحال افضل فقد حدثت كوارث كثيرة ادت الي قيام حملات شعبية واسعة ضد هذه المفاعلات. ومن ابرز هذه الحملات حملة السويد حيث وصل الضغط الشعبي علي الحكومة الي درجة ارغامها علي اجراء استفتاء شعبي علي مدي قبول او رفض هذه المفاعلات، وكانت نتيجة هذا الاستفتاء ان الشعب قرر انه لا يريد مفاعلات نووية. وبناء علي ذلك اعلنت حكومة السويد انها ستفكك كل المفاعلات النووية لديها بعد انتهاء العمر الافتراضي لكل منها، هذا بالاضافة الي قرار بالتوقف عن انشاء اي مفاعل نووي جديد.
في المانيا
اما في المانيا وبعد موجة احتجاجات شعبية واسعة وصلت الي حد نوم المتظاهرين علي السكك الحديدية لمنع القطارات المحملة بالمواد النووية من المرور اتخذت الحكومة القرار بتفكيك المفاعلات النووية بعد انتهاء عمرها الافتراضي. وكانت المانيا قد باشرت عام (2003)، وحسب ما صرح به الناطق باسم الحكومة الالمانية آنذاك، ان المفاعل الذي بدأ العمل عام (1972) يجب تفكيكه عام (2003) علماً ان الاتفاقيات تحدد عمر المفاعل النووي في المانيا بـ (32) عاماً. ويضاف الي ذلك ان الحكومة الالمانية عقدت في حزيران (يونيو) 2002 اتفاقية مع اهم شركة لانتاج الطاقة لاغلاق (19) مفاعلا بهدف البحث عن مصادر بديلة للطاقة النووية. كما ان احدث مفاعل بني في المانيا سيتم اغلاقه عام 2021.
مفاعل تشرنوبل
يضاف الي ما سبق اننا لم نتحدث عن الكوارث التي الحقها مفاعل تشيرنوبل في الاتحاد السوفييتي السابق والدول المجاورة. والتي استغلتها الولايات المتحدة الامريكية الي ابعد الحدود وحذرت جميع الدول المجاورة من الاشعاعات التي حطت علي الناس والمزروعات وعلي الاغنام والابقار والدجاج ودخلت في السلسلة الغذائية للمنطقة بكاملها. بينما تصمت الولايات المتحدة الآن عن مفاعل ديمونا الذي انتهي عمره الافتراضي وان تسرباته اصبحت مؤكدة. كما وتعلم الولايات المتحدة ان اشعاعات تشيرنوبل وصلت الي الاردن في اليوم السابع من انفجاره. ومن حقنا ان نسال فيما اذا كانت الحملة الاعلامية التي قامت الولايات المتحدة بها ضد تشيرنوبل وتداعياته حملة حقيقية ام مبالغ فيها.
تفكيك المفاعلات النووية
ان تفكيك المفاعل النووي ليس بالعملية السهلة وهذا يعني تفكيك (100.000) مائه الف طن من الفولاذ والكتل الاسمنتية يستغرق تفكيكها من (10 ـ 12) عاماً بعد اغلاق المفاعل. وفي المانيا يتم ابطال مفعول (3000) طن من المواد ذات الاشعاع الضعيف داخل المانيا. اما المواد ذات الاشعاع القوي والتي تعجز المانيا بقوتها وعظمتها عن معالجتها بالرغم من امتلاكها 19 مفاعلا فيتم ارسالها الي فرنسا للمعالجة.
وبقياس ما سبق من المعلومات علي المشروع النووي العربي او الاردني نستطيع القول انه حسب التصريحات الاردنية الرسمية ان بناءَ المفاعل النووي الاردني يحتاج الي عشر سنين واذا ما تم ذلك لا سمح الله فسيبدأ تشغيله لبضع سنوات وستبدا المشاكل والتسريبات التي عجزت امريكا واوروبا والاتحاد السوفييتي عن السيطرة عليها تتكرر في الاردن او الدول العربية الاخري بشكل مستمر كما تتكرر حالياً هذه الحوادث في مفاعل ديمونا في اسرائيل، وتقدم البرامج التلفزيونية الاسرائيلية المعلومات عن خطورتها وتطالب بوقفها كما وبدات المحاكم الاسرائيلية باقرارها. عند ذلك سيبدا التفكير بالاردن والدول العربية بتفكيك هذه المفاعلات وستحتاج الي (10 ـ 12) عاما لتفكيكها اي اننا سنترك الشعب تحت رحمه مخاطر لا حدود لها لفترة (30) عاماً من تاريخ بدء التشغيل الي التفكيك، وعلي ذلك يمكننا ان نقول للقائمين علي هذا المشروع المثل الاردني الشعبي الشهير تحجوا والناس راجعة .
مخاطر اخري
من المخاطر التي تفوق الوصف مخاطر النفايات النووية التي يفرزها اي مفاعل نووي. ولا بد من الاشارة الي ان هذه النفايات المشعة تشكل الآن تجارة عالمية للبطون الجشعة والجرباء التي تتاجر بها وتنقلها من بلد الي آخر لتدفن في اراضي الغير لقاء دولارات تدفع الي المتنفذين في دول العالم الثالث (دول المدفن) حتي لو كان ذلك علي حساب صحة وسلامة شعوبهم.
وليس بخاف علي احد بالاردن والاقليم ان اسرائيل تتخلص من نفاياتها المشعة بشكل عشوائي في الاراضي الفلسطينية والاردنية والسورية واللبنانية وفي سيناء وفي الجولان. كما سبق وان كشفت الصحافة والاعلام عن شحنات من هذه النفايات دخلت الاردن وقد كشف بعضها واعيد والذي لم يكشف ربما يكون اعظم، وحتي هذه الايام ما تزال المعلومات تتوارد من فلسطين المحتلة ومن منطقة الخليل والضيرية عن كميات كبيرة من هذه النفايات لا تزال تدفن هناك.
ص -1-
.
================================================== ===
قرار انشاء مفاعلات نووية عربية خطأ كبير
د. سـفـيـان الـتـل
اعلنت كل من الاردن ومصر والامارات والسعودية عن رغبتها في دخول النادي النووي لانتاج الطاقة للاغراض السلمية. وبما ان هذا الاعلان قد تم في ظل التوترات العسكرية التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكية علي المنطقة ودعوتها لمواجهة ايرانٍ فاننا لا نستطيع ان ننظر الي هذا الاعلان بمعزل عن هذا التوتر.
ان موضوع توليد الطاقة الكهربائية من المفاعلات النووية ليس بالموضوع الجديد. فقد سبقنا اليه معظم الدول الغربية التي دخلت في هذه التجربة وخرجت منها بتجربة مرة وصلت بنهايتها الي قرارات لبعض الدول باغلاق مفاعلاتها النووية التي انشئت للاغراض السلمية. كانوا يعتقدون قبل نصف قرن تقريباً ما تعتقده بعض الدول العربية اليوم من ان انتاج الطاقة من المفاعلات النووية عملية سهلة وميسورة وتزود البلد بنسبة لا بأس بها من حاجتها من الطاقة، هذا بالاضافة الي اعتقادهم انها اي الطاقة النووية لا تلوث كما تلوث الطاقة المولدة من الوقود الاحفوري كالنفط ومشتقاته والفحم الحجري.
بعد ذلك حدثت كوارث كثيرة في المفاعلات النووية في الولايات المتحدة واوروبا والاتحاد السوفييتي. ففي الولايات المتحدة حوادث متشعبة وكثيرة منها ما كان مباشراً في المفاعلات النووية مثل (ثري مايل الاند) والتي سببت كارثه بالرغم من القدرات المتفوقة للولايات المتحدة الامريكية في هذا المجال. ومنها ما نتج عن النفايات المشعة التي كانت تدفن بمناطق مختلفة تحت الارض. الا ان الاشعاعات المتسربة منها ادت الي كوارث اصابت قري ومجتمعات سكنية بكاملها بالعقم والسرطانات والتشوهات الخلقية. وتقول تقارير قديمه للامم المتحدة ان هناك 25 الف مركز لتجميع هذه النفايات في الولايات المتحدة يكلف تنظيفها ما بين 23 ـ 100 مليار دولار بينما يكلف تنظيف مكبات المانيا 10 مليارات دولار والدنمارك 1 مليار دولار. لذا عمدت الولايات المتحدة الي نقل هذه النفايات الي دول العالم الثالث لتدفنها هناك. وتدفن الولايات المتحدة نفايتها في كل من المكسيك وزمبابوي وغينيا ونيجيريا والهند والفلبين وكوريا، حسب تقارير التنميه والتعاون.
في السويد
اما في اوروبا فلم يكن الحال افضل فقد حدثت كوارث كثيرة ادت الي قيام حملات شعبية واسعة ضد هذه المفاعلات. ومن ابرز هذه الحملات حملة السويد حيث وصل الضغط الشعبي علي الحكومة الي درجة ارغامها علي اجراء استفتاء شعبي علي مدي قبول او رفض هذه المفاعلات، وكانت نتيجة هذا الاستفتاء ان الشعب قرر انه لا يريد مفاعلات نووية. وبناء علي ذلك اعلنت حكومة السويد انها ستفكك كل المفاعلات النووية لديها بعد انتهاء العمر الافتراضي لكل منها، هذا بالاضافة الي قرار بالتوقف عن انشاء اي مفاعل نووي جديد.
في المانيا
اما في المانيا وبعد موجة احتجاجات شعبية واسعة وصلت الي حد نوم المتظاهرين علي السكك الحديدية لمنع القطارات المحملة بالمواد النووية من المرور اتخذت الحكومة القرار بتفكيك المفاعلات النووية بعد انتهاء عمرها الافتراضي. وكانت المانيا قد باشرت عام (2003)، وحسب ما صرح به الناطق باسم الحكومة الالمانية آنذاك، ان المفاعل الذي بدأ العمل عام (1972) يجب تفكيكه عام (2003) علماً ان الاتفاقيات تحدد عمر المفاعل النووي في المانيا بـ (32) عاماً. ويضاف الي ذلك ان الحكومة الالمانية عقدت في حزيران (يونيو) 2002 اتفاقية مع اهم شركة لانتاج الطاقة لاغلاق (19) مفاعلا بهدف البحث عن مصادر بديلة للطاقة النووية. كما ان احدث مفاعل بني في المانيا سيتم اغلاقه عام 2021.
مفاعل تشرنوبل
يضاف الي ما سبق اننا لم نتحدث عن الكوارث التي الحقها مفاعل تشيرنوبل في الاتحاد السوفييتي السابق والدول المجاورة. والتي استغلتها الولايات المتحدة الامريكية الي ابعد الحدود وحذرت جميع الدول المجاورة من الاشعاعات التي حطت علي الناس والمزروعات وعلي الاغنام والابقار والدجاج ودخلت في السلسلة الغذائية للمنطقة بكاملها. بينما تصمت الولايات المتحدة الآن عن مفاعل ديمونا الذي انتهي عمره الافتراضي وان تسرباته اصبحت مؤكدة. كما وتعلم الولايات المتحدة ان اشعاعات تشيرنوبل وصلت الي الاردن في اليوم السابع من انفجاره. ومن حقنا ان نسال فيما اذا كانت الحملة الاعلامية التي قامت الولايات المتحدة بها ضد تشيرنوبل وتداعياته حملة حقيقية ام مبالغ فيها.
تفكيك المفاعلات النووية
ان تفكيك المفاعل النووي ليس بالعملية السهلة وهذا يعني تفكيك (100.000) مائه الف طن من الفولاذ والكتل الاسمنتية يستغرق تفكيكها من (10 ـ 12) عاماً بعد اغلاق المفاعل. وفي المانيا يتم ابطال مفعول (3000) طن من المواد ذات الاشعاع الضعيف داخل المانيا. اما المواد ذات الاشعاع القوي والتي تعجز المانيا بقوتها وعظمتها عن معالجتها بالرغم من امتلاكها 19 مفاعلا فيتم ارسالها الي فرنسا للمعالجة.
وبقياس ما سبق من المعلومات علي المشروع النووي العربي او الاردني نستطيع القول انه حسب التصريحات الاردنية الرسمية ان بناءَ المفاعل النووي الاردني يحتاج الي عشر سنين واذا ما تم ذلك لا سمح الله فسيبدأ تشغيله لبضع سنوات وستبدا المشاكل والتسريبات التي عجزت امريكا واوروبا والاتحاد السوفييتي عن السيطرة عليها تتكرر في الاردن او الدول العربية الاخري بشكل مستمر كما تتكرر حالياً هذه الحوادث في مفاعل ديمونا في اسرائيل، وتقدم البرامج التلفزيونية الاسرائيلية المعلومات عن خطورتها وتطالب بوقفها كما وبدات المحاكم الاسرائيلية باقرارها. عند ذلك سيبدا التفكير بالاردن والدول العربية بتفكيك هذه المفاعلات وستحتاج الي (10 ـ 12) عاما لتفكيكها اي اننا سنترك الشعب تحت رحمه مخاطر لا حدود لها لفترة (30) عاماً من تاريخ بدء التشغيل الي التفكيك، وعلي ذلك يمكننا ان نقول للقائمين علي هذا المشروع المثل الاردني الشعبي الشهير تحجوا والناس راجعة .
مخاطر اخري
من المخاطر التي تفوق الوصف مخاطر النفايات النووية التي يفرزها اي مفاعل نووي. ولا بد من الاشارة الي ان هذه النفايات المشعة تشكل الآن تجارة عالمية للبطون الجشعة والجرباء التي تتاجر بها وتنقلها من بلد الي آخر لتدفن في اراضي الغير لقاء دولارات تدفع الي المتنفذين في دول العالم الثالث (دول المدفن) حتي لو كان ذلك علي حساب صحة وسلامة شعوبهم.
وليس بخاف علي احد بالاردن والاقليم ان اسرائيل تتخلص من نفاياتها المشعة بشكل عشوائي في الاراضي الفلسطينية والاردنية والسورية واللبنانية وفي سيناء وفي الجولان. كما سبق وان كشفت الصحافة والاعلام عن شحنات من هذه النفايات دخلت الاردن وقد كشف بعضها واعيد والذي لم يكشف ربما يكون اعظم، وحتي هذه الايام ما تزال المعلومات تتوارد من فلسطين المحتلة ومن منطقة الخليل والضيرية عن كميات كبيرة من هذه النفايات لا تزال تدفن هناك.
ص -1-