تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ما يُفطر الصائم وما لا يُفطره



إنسان
21-09-2007, 09:41 PM
توسع كثير من الفقهاء فيما يفطِّر الصائم توسعًا كبيرًا، فذكر الأحناف، حوالي سبعة وخمسين مُفَطِّرًا، وذكر الشافعية أيضًا أشياء كثيرة، وتفنن المتأخرون في المُفطرات تفننا غريبًا، قعَّدوا له قواعد، ثم بنوا عليها فروعًا لا تحصر. والقواعد نفسها غير مسلمة؛ لأنه لم يقم عليها دليل محكم من القرآن والسنة.

فقد قالوا: إن إيصال عين - وإن قلت كسمسمة، أو لم تؤكل كحصاة - من منفذ مفتوح إلى جوف الصائم يفطِّره.

ثم فسروا الجوف بأنه: ما يسمى جوفًا، وإن لم يكن فيه قوة تحليل الغذاء، أو الدواء، كحلق، ودماغ، وباطن أذن، وبطن وإحليل، ومثانة وهي مجمع البول، فلو كان برأسه مأمومة (إصابة بالدماغ) فوضع عليها دواء، فوصل خريطة الدماغ أفطر، ولو وضع على جائفة (جرح بالجوف) دواء فوصل جوفه أفطر، وإن لم يصل باطن الأمعاء.

وحقيقة الصيام المتفق عليها هي: حرمان النفس من شهواتها، ومعاناة الجوع والعطش والامتناع عن النساء، قصدًا للتقرب إلى الله تعالى.

وهذا ما بينه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. فلم يجيء فيهما منع الصائم من شيء إلا من الأكل والشرب والمباشرة (أي الجماع) وكذلك من الرفث والصخب والجهل والسب والكذب والزور وسائر المعاصي.

أي أن الصائم منع مما يتنافى مع المعنى المادي للصيام، وهو الأكل والشرب والجماع، وهو الذي نتحدث عنه الآن، ومما يتنافى مع المعنى الأدبي له، وهو الجهل والزور وسائر المعاصي والآثام.

وهذا واضح في القرآن والسنة.

ففي القرآن قال تعالى: (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل)(البقرة: 187).

فهذه هي الأشياء الثلاثة المحددة، التي منع منها الصائمون، من تبين الفجر إلى دخول الليل، وذلك بغروب الشمس. كما بينه الحديث.

وأكدت ذلك السنة بما جاء في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع الطعام من أجلي، ويدع الشراب من أجلي، ويدع لذته من أجلي، ويدع زوجته من أجلي" (رواه ابن خزيمة في صحيحه برقم -1897 عن أبي هريرة، وإسناده صحيح).

والحكمة في هذا المنع والحرمان الاختياري واضحة كل الوضوح، فهذا لون من رياضة النفس على ترك الشهوات، وخصوصًا شهوتي البطن والفرج، والتحرر من المألوفات، التي تجعل الناس أسرى لها، كالفطور في ساعة معينة من الصباح، والغداء في ساعة معينة أخرى من الظهيرة، إلخ.. فيأتي الصيام، فيغير عاداته هذه، ويقلبها رأسًا على عقب، كل ذلك طاعة لله، وابتغاء وجهه، فلب الصيام هو كسر الشهوة وتضييق مجاري الشيطان بالجوع والحرمان، وجهاد النفس في ذات الله تعالى وقد قال سبحانه: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) (العنكبوت: 69).

فهذه الثلاثة، وما ألحق بها بالإجماع - مما ذكرناه من تدخين (التبغ) ومضغه ونشوقه.. إلخ، وما هو شر من التبغ من السموم البيضاء والسوداء - هي التي منعتها النصوص واتفقت مع حكمة الصيام.

وجاء في الحديث أمران اختلف الفقهاء في التفطير بهما، وهما: الحجامة والقيء، نظرًا للاختلاف في مدى صحة الأحاديث من ناحية، ودلالتها من ناحية أخرى ومعارضتها لأحاديث أخرى من ناحية ثالثة.

هل الحجامة تفطر الصائم؟

فأما الحجامة - وهي أخذ الدم من الجسم بطريق المص، وكان العرب يتداوون بها - فقد ذهب إلى التفطير بها أحمد وإسحاق وبعض فقهاء الحديث، وهو مروي عن بعض الصحابة والتابعين. وقد قالوا :يفطر الحاجم والمحجوم.

وحجتهم: حديث ثوبان مرفوعًا: "أفطر الحاجم والمحجوم" (قال النووي: رواه أبو داود وابن ماجة بأسانيد صحيحة، وإسناد أبي داود على شرط مسلم المجموع -349/6،350).، وحديث شداد بن أوس: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل بالبقيع، وهو يحتجم، وهو آخذ بيدي، لثماني عشرة خلت من رمضان، فقال: "أفطر الحاجم والمحجوم" (قال النووي: رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بأسانيد صحيحة -نفسه).

وروى مثل ذلك رافع بن خديج وأبو هريرة وأبو موسى (المصدر السابق. وانظر: فتح الباري -79/5 ط. الحلبي).

وجمهور الفقهاء: على أن الحجامة لا تفطر، لا الحاجم ولا المحجوم.

وحجتهم: حديث ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم، احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم (رواه البخاري في صحيحه، كما في المجموع -35/6).

وسُئل أنس: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم. وفي رواية: على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا إلا من أجل الضعف (رواه البخاري، المصدر السابق).

وعن أبي ليلى قال: حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحجامة والمواصلة (مواصلة الصيام) ولم ينه عنهما إلا إبقاء على أصحابه (قال النووي: رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم -نفسه).

وعن أبي سعيد الخدري: رخَّص رسول الله صلى الله عليه وسلم في القُبلة للصائم والحجامة (رواه الدارقطني وقال: رواته كلهم ثقات، ورواه من طريق آخر، وقال: كلهم ثقات -نفسه: 351).

وعن أنس قال: أول ما كُرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "أفطر هذان"، ثم رخَّص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم (رواه الدارقطني، وقال: كلهم ثقات ولا أعلم له علة -نفسه: 351).

قال البيهقي: وروينا في الرخصة في ذلك عن سعد بن أبي وقاص وابن مسعود وابن عباس وابن عمر والحسين بن علي، وزيد بن أرقم وعائشة وأم سلمة رضي الله عنهم (المصدر نفسه).

والظاهر من هذه النقول: أن حديث: "أفطر الحاجم والمحجوم" إن أخذ بظاهره، قد نسخ، بدليل حديث ابن عباس في احتجامه عليه الصلاة والسلام، وهو متأخر، لأنه كان في حجة الوداع وأحاديث الترخيص في الحجامة تدل علي أنها متأخرة، كما في حديث أنس وغيره، وغالب ما يستعمل الترخيص بعد المنع.

كما أن أحاديث الترخيص في الحجامة للصائم أصح وأقوى، وينصرها القياس، كما قال الإمام الشافعي فوجب تقديمها.

وقد تأوَّلوا حديث: "أفطر الحاجم والمحجوم" بأن معناه: تعرضا للفطر. أما الحاجم فلأنه لا يأمن من وصول شيء من الدم إلى جوفه عند المص. وأما المحجوم فلأنه لا يأمن ضعف قوته بخروج الدم، فيؤول أمره إلى أن يفطر.

قال الشافعي: والذي أحفظ عن الصحابة والتابعين وعامة أهل العلم: أن لا يفطر أحد بالحجامة (انظر: الفتح -79/5، 80).

وعلى هذا يعرف حكم أخذ الدم من الجسم في الصيام، فعلى رأي الجمهور: لا يُفطر، ولكن قد يكره من أجل الضعف، أي إذا كان يضعف المأخوذ منه.

وعلى رأي أحمد: إذا قيس على الحجامة يُفطر، وإذا وقف عند النص لم يُفطر.

هل يفطر القىء الصائم؟

وأما القيء فقد جاء فيه حديث أبي هريرة: "من ذرعه القيء وهو صائم فلا قضاء عليه، ومن استقاء فليقض" (قال الحافظ في التلخيص: رواه الدارمي وأصحاب السنن وابن حبان والدارقطني والحاكم من حديث أبي هريرة، قال النسائي: وقفه عطاء عن أبي هريرة، وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث هشام عن محمد عن أبي هريرة، تفرد به عيسى بن يونس، وقال البخاري: لا أراه محفوظًا، وقد روي من غير وجه ولا يصح إسناده. وقال الدارمي: زعم أهل البصرة أن هشامًا أوهم فيه، وقال أبو داود وبعض الحُفاظ لا يراه محفوظًا، وأنكره أحمد وقال في وراية: ليس من ذا شيء، قال الخطابي: يريد أنه غير محفوظ، وقال مهنا عن أحمد: حدث به عيسى بن يونس، وليس هو في كتابه، غلط فيه، وليس هو من حديثه!.

وقال الحاكم: صحيح على شرطهما، وأخرجه من طريق حفص بن غياث أيضًا، وأخرجه ابن ماجه أيضًا. (ا.هـ-. من التلخيص مع المجموع -351/6)

وبهذا نرى أن الذين أوردوه لم يُصححوه، بل ضعَّفوه وأنكروه، فيما عدا الحاكم، وهو كما قالوا: (واسع الخطو متساهل في التصحيح).

وكذلك حديث أبي الدرداء: أنه صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر (قال الحافظ: رواه أحمد وأصحاب السنن الثلاثة، وابن الجارود وابن حبان والدارقطني والبيهقي والطبراني وابن منده والحاكم عن أبي الدرداء، ونقل عن البيهقي، وغيره أن الحديث مختلف في إسناده. وقال البيهقي في موضع آخر: إسناده مضطرب، ولا تقوم به حجة -التلخيص مع المجموع 352/6).

فأما حديث أبي هريرة فيكفي أن أحمد أنكره، وقال: ليس من ذا شيء، أي أنه غير محفوظ وقال البخاري: لا أراه محفوظًا، وقد روي من غير وجه، ولا يصح إسناده.

ومما يدل على عدم صحته: أن أبا هريرة راويه كان يقول بعدم الفطر بالقيء، فقد روى عنه البخاري أنه قال: إذا قاء، فلا يفطر. إنما يخرج ولا يولج، قال: ويذكر عن أبي هريرة أنه يفطر. والأول أصح.أ.هـ. فإن صح موقوفًا: كان رأيًا له رجع عنه.

ونقل ابن بطال عن ابن عباس وابن مسعود عدم الإفطار بالقيء، مطلقًا ذرعه أو تعمده.

وعلَّق البخاري عن ابن عباس وعكرمة قالا: الصوم مما دخل، وليس مما خرج.

وإيراد البخاري لهذه الآثار يدل على أن مذهبه عدم الفطر بالقيء مطلقًا.

وأما حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر. فلا يدل على أن القيء مفطر بذاته، بل كما يقال: مرض فأفطر، أو أصابه جهد ومشقة فأفطر، أي أفطر بأن أكل أو شرب. هكذا فسره الطحاوي رحمه الله.

وإلا فإن لفظ (قاء) لا يدل على التعمد الذي هو المفطِّر عندهم. وإنما الذي يدل على التعمد هو (استقاء).

والحقيقة أن التفطير بالقيء لا يتفق مع مقاصد الصيام.

وقد جاء في حديث مرفوع آخر ما يعارض هذا، وهو ما روي عنه عليه الصلاة والسلام: "ثلاث لا يفطرن: الحجامة والقيء والاحتلام" (قال الحافظ في التلخيص: رواه الترمذي والبيهقي من حديث أبي سعيد، وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف، ورواه الدارقطني من حديث هشام بن سعد عن زيد، وهشام صدوق قد تكلموا في حفظه.. إلخ. انظر تلخيص الحبير -194/2).
حديث: بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا

وهنا حديث آخر، كان له أثره في توسيع دائرة المفطرات، وهو حديث لقيط بن صبرة أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء، فقال: "أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا" (رواه أبو داود في الطهارة برقم (142)، وفي الصوم أيضًا، والترمذي في الصوم (788) وابن ماجه في الطهارة (407) ،والنسائي (66/1) في الطهارة ولم يذكر فيه الاستنشاق، وصححه ابن خزيمة (150)، وابن حبان كما في الموارد (159)، والحاكم في المستدرك (147/1،148) ووافقه الذهبي).

ويلاحظ على هذا الحديث:

أولاً: أنه لم يرد في الصحيحين ولا في أحدهما، مما يدل على أن رتبته دون ما اشترطاه في صحيحيهما.

وقد ذكر البخاري في صحيحه، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا توضأ فليستنشق بمنخره الماء". قال: ولم يميز بين الصائم وغيره (الفتح (62/5) ط. الحلبي).

ثانيًا: سلمنا بصحة الحديث، لكن مما يذكر هنا أنه لم يجيء بلفظ عام، بل جاء خطابًا خاصًا لشخص معين يسأل عن الوضوء.

ثالثًا: أنه لم ينص على أن الماء إذا وصل إلى الجوف من طريق الأنف يفطر، بل كل ما فيه النهي عن المبالغة في حالة الصوم، فقد يدخل الماء عند المبالغة إلى فمه ومن فمه إلى جوفه وقد ينهى عن الشيء وإن لم يفطر، وقد جاء عن بعض السلف في أشياء معينة قالوا: لا تفطر ولكن ينهى عنها.

وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن دخول الماء بعد الاستنشاق وإن بالغ فيه المتوضئ لا يبطل الصوم مطلقًا، ذكر منهم النووي في المجموع: الحسن البصري، وأحمد وإسحاق وأبا ثور (المجموع -327/6).

رابعًا: لو سلمنا بأن وصول الماء إلى الجوف من الأنف يفطر، فلن نسلم بالتوسع في إلحاق أشياء أخرى بهذا، لأن الأصل في العبادات الوقوف عند النص، ولا يتوسع في القياس فيها، ولأن هذا الحديث جاء على خلاف الأصل في أمر الصيام، فيحفظ ولا قياس عليه.

امل الحب
21-09-2007, 09:48 PM
جزااااك الله خير اخوي..

إنسان
21-09-2007, 10:00 PM
حكم أخذ الإبر أو الحقن في الصيام ، ووضع الدواء في الأذن والاكتحال

س: هل يصح للمريض أن يأخذ حقناً في شهر رمضان أو حقناً شرجية ، وهل يصح للمريض وهو صائم وآذانه تؤلمه أن يضع فيها الدواء ، وهل يصح للمرأة أن تكحل عينيها في شهر رمضان صباحاً ؟

ج: نقول لكل من يستفسر عن أخذ الحقن أو الإبر في شهر رمضان بأن الإبر أنواع فمنها ما يؤخذ كدواء وعلاج ، سواء كان في الوريد أو في العضل أو تحت الجلد ، فهذه لا مجال للخلاف فيها ، فهي لا تصل إلى المعدة ، ولا تغذي ، فهي لذلك لا تفطر الصائم ولا مجال للكلام هنا .
إنما هناك نوع من الإبر يصل بالغذاء مصفى إلى الجسم ، كإبر الجلوكوز فهي تصل بالغذاء إلى الدم مباشرة ، فهذه قد اختلف فيها علماء العصر ، حيث أن السلف لم يعرفوا هذه الأنواع من العلاجات والأدوية ، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة ولا عن التابعين ولا عن العصور الأولى شيء في هذا الأمر ، فهذا أمر مستحدث ، ولهذا اختلف فيه علماء العصر ، فمنهم من يرى هذا النوع مفطراً لأنه يصل بالغذاء إلى أقصى درجاته حيث يصل إلى الدم مباشرة ، وبعضهم يقول : إنها لا تفطر أيضاً ، وإن كانت تصل إلى الدم لأن الذي يفطر هو الذي يصل إلى المعدة ، والذي يشعر الإنسان بعده بالشبع ، أو بالري فالمفروض في الصيام هو حرمان شهوة البطن وشهوة الفرج ، أي أن يشعر الإنسان بالجوع وبالعطش ، ومن هنا يرى هؤلاء العلماء أن هذه الإبر المغذية أيضاً لا تفطر .
ومع أني أميل إلى هذا الرأي الأخير أرى أن الأحوط على كل حال أن يمتنع المسلم عن هذه الإبر في نهار رمضان ، فعنده متسع لأخذها بعد الغروب . وإن كان مريضاً فقد أباح الله له الفطر ، فإن هذه الإبر وإن لم تكن تغذي بالفعل ، تغذية الطعام والشراب وإن لم يشعر الإنسان بعدها بزوال الجوع والعطش كالأكل والشرب المباشرين ، فهو على الأقل يشعر بنوع من الانتعاش ، بزوال التعب الذي يزاوله ويعانيه الصائم عادة ، وقد أراد الله من الصيام أن يشعر الإنسان بالجوع والعطش ، ليعرف مقدار نعمة الله عليه ، وليحس بالآم المتألمين وبجوع الجائعين وبؤس البائسين .. فنخشى إذا فتحنا الباب لهذه الإبر أن يذهب بعض القادرين الأثرياء فيتناول هذه الإبر بالنهار لتعطيهم نوعاً من القوة وقدراً من الانتعاش لكي لا يحسوا كثيراً بألم الجوع وبألم الصيام في نهار رمضان ، فالأولى أن يؤجلها الصائم إلى ما بعد الإفطار .
هذا جواب السؤال الأول .
أما السؤال الثاني والثالث أيضاً .. وهو ما يتصل بوضع الدواء في الأذن وكذلك تكحيل العينين في نهار رمضان ، ومثل ذلك الحقنة الشرجية هذه كلها أشياء ربما يصل بعضها إلى الجوف ولكنها لا تصل إلى الجوف من منفذ طبيعي وليس من شأنها أن تغذي ولا أن يشعر الإنسان بعدها بانتعاش أو نحو ذلك ، و قد اختلف العلماء قديماً وحديثاً في شأنها ما بين متشدد وما بين مترخص . فمن العلماء من حكم بأن هذه الأشياء مفطرة . ومن العلماء من قال بأن هذه الأشياء ليست منفذاً طبيعياً إلى الجوف فهي لذلك لا تفطر، والحقيقة أني أختار بأن هذه الأشياء ـ أعنى استعمال الكحل ومثله القطرة في العين ومثل ذلك التقطير في الأذن وكذلك وضع المراهم ونحوها في الدبر لمن عنده مرض البواسير وما شابه ذلك … والحقنة الشرجية أيضاً .. وهي التي يستعملها من يشكو الإمساك ـ كل هذه الأمور أرى أنها لا تفطر ، وهذا الذي أفتى به هو ما اختاره ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاويه فقد ذكر تنازع العلماء في هذه الأشياء ثم قال : والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك فإن الصيام من دين الإسلام الذي يحتاج إلى معرفته الخاص والعام ، فلو كانت هذه الأمور مما حرمه الله ورسوله في الصيام ، ويفسد الصوم بها لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه ، ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة وبلغوه الأمة ، كما بلغوا سائر شرعه ، فلما لم ينقل أحد من أهل العلم في ذلك لا حديثاً صحيحاً ولا ضعيفاً ولا مسنداً ولا مرسلاً ، علم أنه لم يذكر شيئاً من ذلك ، قال : والحديث الذي يروى في الكحل ضعيف ، وقال يحيى بن معين : هذا حديث منكر .
هذه هي فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية وهو مبنية على أصلين :
الأول : أن الأحكام التي تعم بها البلوى ويحتاج إلى معرفتها جمهور الناس يجب على الرسول صلى الله عليه وسلم بيانها للأمة ، فإنه المبين للناس ما نزل إليهم ، قال تعالى : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) النحل : 44 كما يجب على الأمة أن تفعل هذا البيان من بعده . هذا أصل .
والأصل الثاني : أن الاكتحال والتقطير في الأذن ونحوها مما لم يزل الناس يستعملونه من أقدم العصور فهو مما تعم به البلوى ، شأنه شأن الاغتسال والأدهان والبخور والطيب ونحوها ، فلو كان هذا مما يفطر لبينه النبي صلى الله عليه وسلم ، كما بين الإفطار بغيره ، فلما لم يبين ذلك علم أنه من جنس الطيب والبخور والدهن .. أي زيت الشعر ونحوها .. قال ابن تيمية : والبخور قد يتصاعد إلى الأنف ويدخل إلى الدماغ ، وينعقد أجساماً ، والدهن يشربه البدن ، ويدخل إلى داخله ويتقوى به ، وكذلك يتقوى بالطيب قوة جيدة ، فلما لم ينه الصائم عن ذلك ، دل على جواز تطيبه وتبخره ودهنه وكذلك اكتحاله . ومن جملة ما قال ابن تيمية في هذه الفتوى : أن الكحل لا يغذي البتة ، ولا يدخل أحد كحلا إلى جوفه ، لا من أنفه ولا من فمه ، وكذلك الحقنة ( يعني الشرجية ) لا تغذي بل تستفرغ ما في البدن ، كما لو شم شيئاً من المسهلات ، أو فزع فزعاً أوجب استطلاق بطنه ، وهي لا تصل إلى المعدة .. وهذا كلام جيد وفهم عميق لفقه الإسلام ، وهو الذي نختاره ونفتي به .

<<روز>>
21-09-2007, 11:13 PM
جزااااك الله الف خير

إنسان
22-09-2007, 10:45 AM
جزااااك الله خير اخوي..

يجزينا ويجزيك كل خير اختي الكريمه

إنسان
22-09-2007, 10:54 AM
توسع كثير من الفقهاء فيما يفطِّر الصائم توسعًا كبيرًا، وتفنن المتأخرون في المُفطرات تفننا غريبًا، قعَّدوا له قواعد، ثم بنوا عليها فروعًا لا تحصر. والقواعد نفسها غير مسلمة؛ لأنه لم يقم عليها دليل محكم من القرآن والسنة.

ثم فسروا الجوف بأنه: ما يسمى جوفًا، وإن لم يكن فيه قوة تحليل الغذاء، أو الدواء، كحلق، ودماغ، وباطن أذن، وبطن وإحليل، ومثانة وهي مجمع البول، فلو كان برأسه مأمومة (إصابة بالدماغ) فوضع عليها دواء، فوصل خريطة الدماغ أفطر، ولو وضع على جائفة (جرح بالجوف) دواء فوصل جوفه أفطر، وإن لم يصل باطن الأمعاء.

وذكروا هنا أن استعمال الحقنة (الشرجية كما تسمى الآن) يُفطِّر، سواء وصل الدواء إلى الداخل أم لا؟ لأن مجرد وضع الحقنة مُفطِّر.

ولو أدخل في إحليله عودًا أو نحوه، (مثل عملية القسطرة) أفطر.

وكذلك لو أدخل إلى باطن أذنه عمودًا يُفطر.

ومما قاله المتأخرون وسجلوه في كتبهم، وتناقله المهتمون بفقه الجزئيات والفروع المذهبية:.

(وينبغي الاحتراز حالة الاستنجاء، لأنه متى أدخل طرف إصبعه دبره أفطر ولو أدنى شيء من رأس الأنملة، بل لو خرج منه غائط، ولم ينفصل، ثم ضم دبره، فدخل منه شيء إلى داخله يفطر... إلخ. ومثله فرج الأنثى.

ولو طعن بسكين فوصل السكين جوفه أفطر!.

ومما سمعته في دروس المشايخ وأنا صغير، وقرأته في كتب الشافعية وأنا كبير: لو أصبح وفي فمه خيط متصل بجوفه، كأن أكل بالليل كنافة، وبقي منها خيط بفمه، تعارض عليه الصوم والصلاة، لبطلان الصوم بابتلاعه، لأنه أكل عمدًا، ونزعه استقاءة! وبطلان الصلاة ببقائه لاتصاله بنجاسة الباطن!.

وذكروا في الخروج من هذا المأزق حيلاً وأمورًا غريبة، منها: أن يجبره الحاكم على نزعه، فيكون كالمكره، فلا يفطر)!! (انظر في ذلك: حاشية الشرقاوي علي التحرير -433/3-436).

وقد ذكرنا أن الصيام المتعبد به أمر معروف، حتى قبل الإسلام، عند عرب الجاهلية وغيرهم من الأمم، وقد نبه القرآن على ذلك حين قال: (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) (البقرة: 183).

................

هذا ما حذفته من الموضوع لضيق المساحة المتاحة هنا في المنتدى حيث المسموح 10000 كلمة فقط

ولكن انظروا إلى ما توصل إليه المتأخرون من تشدد ومن أحوطيات

الحمدلله الذي أنعم علينا بعلماء مُعاصرين أفتوا بخلاف ما قد سلف فرحموا الامة

فجزاهم الله عنا كل خير

المصدر: http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=3615&version=1&template_id=219&parent_id=12

إنسان
23-09-2007, 12:52 AM
جزااااك الله الف خير

الله يجزينا واياكِ كل خير اختي روز

شاكر لك مرورك الكريم

خاربه خاربه
23-09-2007, 01:13 PM
جزاك ربي الخير وفي ميزان حسناتك يارب

وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

إنسان
23-09-2007, 10:39 PM
جزاك ربي الخير وفي ميزان حسناتك يارب
وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال

الله يتقبل منا ومنك الصيام وسائر العبادات خروبه مياوووووووو

إنسان
28-09-2007, 09:53 AM
ومما سمعته في دروس المشايخ وأنا صغير، وقرأته في كتب الشافعية وأنا كبير: لو أصبح وفي فمه خيط متصل بجوفه، كأن أكل بالليل كنافة، وبقي منها خيط بفمه، تعارض عليه الصوم والصلاة، لبطلان الصوم بابتلاعه، لأنه أكل عمدًا، ونزعه استقاءة! وبطلان الصلاة ببقائه لاتصاله بنجاسة الباطن!.

وذكروا في الخروج من هذا المأزق حيلاً وأمورًا غريبة، منها: أن يجبره الحاكم على نزعه، فيكون كالمكره، فلا يفطر)!! (انظر في ذلك: حاشية الشرقاوي علي التحرير

عندما يتنطع الإنسان في أمور الدين تكون النتائج وخيمة

(احمد)
28-09-2007, 10:14 AM
الله يجزاك خير اخوي نسان

لاكن بغض النظر فقد اتفقت الامه على انه اذا وصل الى جوف الانسان فأنه يفطر واما المخالفة فتعتبر شذوذ فقهي لاتنقض الاجماع

والله اعلم

إنسان
28-09-2007, 04:52 PM
الله يجزاك خير اخوي نسان
لاكن بغض النظر فقد اتفقت الامه على انه اذا وصل الى جوف الانسان فأنه يفطر واما المخالفة فتعتبر شذوذ فقهي لاتنقض الاجماع
والله اعلم

شوف ياخوي أحمد تفسير الجوف:

ثم فسروا الجوف بأنه: ما يسمى جوفًا، وإن لم يكن فيه قوة تحليل الغذاء، أو الدواء، كحلق، ودماغ، وباطن أذن، وبطن وإحليل، ومثانة وهي مجمع البول، فلو كان برأسه مأمومة (إصابة بالدماغ) فوضع عليها دواء، فوصل خريطة الدماغ أفطر، ولو وضع على جائفة (جرح بالجوف) دواء فوصل جوفه أفطر، وإن لم يصل باطن الأمعاء.

وذكروا هنا أن استعمال الحقنة (الشرجية كما تسمى الآن) يُفطِّر، سواء وصل الدواء إلى الداخل أم لا؟ لأن مجرد وضع الحقنة مُفطِّر.

ولو أدخل في إحليله عودًا أو نحوه، (مثل عملية القسطرة) أفطر.

وكذلك لو أدخل إلى باطن أذنه عمودًا يُفطر.

ومما قاله المتأخرون وسجلوه في كتبهم، وتناقله المهتمون بفقه الجزئيات والفروع المذهبية:.

(وينبغي الاحتراز حالة الاستنجاء، لأنه متى أدخل طرف إصبعه دبره أفطر ولو أدنى شيء من رأس الأنملة، بل لو خرج منه غائط، ولم ينفصل، ثم ضم دبره، فدخل منه شيء إلى داخله يفطر... إلخ. ومثله فرج الأنثى.

ومما سمعته في دروس المشايخ وأنا صغير، وقرأته في كتب الشافعية وأنا كبير: لو أصبح وفي فمه خيط متصل بجوفه، كأن أكل بالليل كنافة، وبقي منها خيط بفمه، تعارض عليه الصوم والصلاة، لبطلان الصوم بابتلاعه، لأنه أكل عمدًا، ونزعه استقاءة! وبطلان الصلاة ببقائه لاتصاله بنجاسة الباطن!.

وذكروا في الخروج من هذا المأزق حيلاً وأمورًا غريبة، منها: أن يجبره الحاكم على نزعه، فيكون كالمكره، فلا يفطر)!! (انظر في ذلك: حاشية الشرقاوي علي التحرير