ROSE
07-10-2007, 06:00 AM
السلبيات الاقتصادية للتجنيس في قطر ..سياسات التجنيس غير المدروسة لها انعكاسات خطيرة على الاقتصاد وعامل معرقل للتنمية
التكلفة الأولية لتجنيس 500 شخص تقدر بنحو 1,42 مليار ريال
بقلم: سعود جاسم الجفيري :
حققت بلادنا والحمدالله انجازات اقتصادية متقدمة لأسباب عدة، أهمها الاستراتيجيات السليمة التي تبنتها الدولة لتطوير إنتاج النفط والاستغلال الأمثل لثروة البلاد الطبيعية من الغاز وما تبنته من سياسات طموحة في إقامة مشروعات عملاقة في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات، وهذا ما فرض ضرورة الارتقاء بكفاءة مواردنا البشرية إلى مستوى المعايير العالمية انسجاما مع تلك المتطلبات واستهداء بهذه الاستراتيجية تمكنت الحكومة من تمويل أهدافها الطموحة لزيادة إنتاج النفط في المستقبل القريب ليصل إلى مليون برميل يوميا ونقل دولة قطر إلى مصاف الدول الرائدة في مجال إنتاج وتصدير الغاز المسال وفي نفس الوقت الذي تخلصت فيه الدولة من العجز في الموازنات العامة وتحولت إلى وفورات ساعدت على تقليص حجم الدين العام إلى حد كبير وتكوين فوائض مالية متزايدة خلال السنوات الخمس الأخيرة أدت إلى تكوين احتياطيات مالية واستثمارها من أجل تقليل اعتماد الموازنة العامة للدولة على إيرادات النفط والغاز والتوجه نحو خلق برامج استثمارية -كما أدت النتائج الايجابية لهذه الاستراتيجية إلى ارتفاع الناتج القومي الإجمالي من حوالي 30 مليار ريال سنة 1995 إلى حوالي 192 مليارا في عام 2006
أود التطرق في هذا المقال إلى سياسة التجنيس وهى من أكثر المواضيع إثارة للجدل لماله من انعكاسات وآثار على مستقبل قطر وتطورها الاقتصادي والاجتماعي وأجياله القادمة، وقضية التجنيس قضية وطنية، وهي قضية سيادية، فكل قوانين الدنيا الوطنية المعروفة، الإقليمية منها والدولية، تعطي الحق، كل الحق، لكل بلد يتمتع بسيادة أن يسن ما يراه مناسباً من قوانين، وأنظمة، وتشريعات تتعلق بالتجنيس، أو سحب الجنسية، أو إسقاط الجنسية إلى غير ذلك من المصطلحات المعروفة، حيث تختلف البلدان فيما بينها في منح حق الإقامة والجنسية ولكن كثيرا منها أو معظمها تمنح الأشخاص الذين قدموا خدمات عظيمة للبلد الجنسية ولأصحاب الكفاءات والمؤهلات العلمية العالية طمعا في علمهم واختراعاتهم وأملا في تقدم البلد بقدراتهم وتنميتها بعقولهم، ويفتح الغرب أبوابه لامتصاص أحسن الخبرات العالمية من دول العالم الثالث ليضيف إلى رصيده الحضاري والمدني الكثير وبأثمان بسيطة.
لابد من القول إن نظرة جديدة لمشكلات الجنسية والمواطنة في مجتمعنا القطري يجب أن تطرح للنقاش والمداولة، ليس فقط بين النخب المثقفة، بل وأيضاً في الأوساط الشعبية، على أن يرتكز ذلك النقاش على أفكار عملية تراعي مصالح هذا المجتمع من جهة، وتساير الاتجاه العالمي في هذا الموضوع من جهة أخرى. ولعل حساسية هذا الموضوع نابعة من أن مواطني مجتمعنا يرغبون في المحافظة على المستوى المعيشي الذي يتمتعون به، وبالتالي نجدهم يعارضون أي عملية تجنيس واسعة، رغماً عن اختلال التركيبة السكانية، التي لا يمكن أن تتعدل بالزيادة الطبيعية للسكان الأصليين.
من هذا المنطلق أود ان أبين أننا نعيش طفرة على كافة المستويات سواء الاقتصادية منها أو الاستثمارية وولوج قطر إلى مصاف الدول الأكثر جذباً للاستثمار المباشر، ونحن لا بد ان ننظر بعين أخرى غير العين التي نرى منها وان نستشرف المستقبل بنظرة مستقبلية قادمة غير تلك التي نعيشها حالياً، وسوف أشير إلى المساوئ الاقتصادية من جراء التجنيس في قطر عوضاً عن المساوئ الاجتماعية المترتبة على ذلك التجنيس.
أولا: لو تم تجنيس 500 شخص فقط وهذه عينة بسيطة لاتقارن بالأعداد الهائلة التي تم تجنيسها خلال الأعوام والسنوات الماضية أو تلك التي تنتظر دورها القادم في تسلم الجنسية، هولاء الأشخاص اـ500 الذين حصلوا على الجنسية ولنعتبرهم جامعيين وحملة شهادات رديفة بالشهادات الجامعية، سوف تلتزم الدولة باعتبارهم مواطنين بتوفير وظائف لهم ومنحهم قروضا لإسكان كبار المسؤولين ومنحهم أراضي للبناء وحصولهم على إعفاءات من رسوم الكهرباء والماء ومجانية الصحة والتعليم المجاني لأبنائهم ولنحاول ان نستخدم لغة الارقام لعل وقعها له اثر طيب في إعادة النظر في منح الجنسية.
500 متجنس يستحق 500 قطعة أرض لإسكان كبار الموظفين متوسط الأسعار الحالية للأرض حوالي 2 مليون ريال مجموع قيمة الأراضي مليار ريال
قيمة القروض العقارية لإسكان كبار الموظفين 600 ألف ريال حالياً
قيمة القروض التي يستحقها هولاء 300 مليون ريال متوسط راتب الوظيفة الحالية حوالي 20 ألف ريال
قيمة الرواتب السنوية 120 مليون ريال
التكلفة الأولية للمجنسين الـ 500 شخص = مليار و420 مليون ريال
هذا إذا أضفنا إلى ما سيترتب على تلك المبالغ من إعفاءات رسوم الكهرباء والماء ومجانية التعليم والصحة للأبناء فسنجد ان التكلفة ستزيد تصاعدياً بجانب ما للوظائف من حقوق وترقيات واعتلاء المناصب والوظائف القيادية فإن التكلفة ستتضاعف مع مرور الوقت ومن خلال السنوات القادمة
لذا فإن سياسة التجنيس لا بد أن ترتكز على تجنيس أولئك الذين أمضوا سنوات طويلة وامتزجوا بهذا المجتمع وأصبحوا من نسيجه الاجتماعي، ولكن يجب ان تراعى سياسة التجنيس أوضاع البلاد، والكثافة السكانية المتزايدة، قلة الأراضي وصغر مساحة الدولة، التي تعد من احد بلدان العالم الصغيرة في المساحة وتزايد الكثافة السكانية بالنسبة للكيلو المربع، هناك معايير وشروط وضوابط في موضوع التجنيس وهذا متبع في بلدان مثل استراليا وكندا وامريكا ولديها مساحات واسعة من الأراضي وتشجيع الهجرة إليها، ولكن لا يستطيع أي شخص لمجرد القدوم إليها بإملاء استمارة الطلب والحصول على الجنسية، هناك قوانين وتشريعات دقيقة ومختارة بعناية لذلك الموضوع، من ضمنها اشتراط توفير رصيد مالي كبير في احد البنوك المحلية، بالإضافة إلى المؤهلات ونوعية الأعمال التجارية والاستثمارية التي تنوي القيام بها في بلادهم واشتراطات أخرى، ان استراليا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية لا تمنح مواطنيها أراضي مجانية وقروضا عقارية لبناء مساكن بدون فوائد وبقية الامتيازات التي تمنح للمواطن القطري بل تقوم تلك الدول بشفط جزء من رواتب موظفيها على شكل ضرائب تدفع للدولة بجانب الضرائب الكبيرة على الاستثمار والعقار.
لا مقارنة أبدا بين الوضع عندنا والوضع في الغرب ولسنا بحاجة إلى دروس في المبادئ والقيم من لجان منبثقة من هذه المنظمة أو تلك والمصالح التي تراها الدولة يجب ان تكون في المقام الأول فوق أي اعتبار آخر.
واعتقد في المنظور البعيد وللأجيال القادمة سوف تخلق ظاهرة التجنيس غير المدروسة إشكالات وتنشأ الأزمات والاحتقانات الاجتماعية، ولا تستطيع العلاجات المهدئة أن تخفف الألم والأوجاع بعد أن ينتشر المرض في الجسد، ومن المظاهر السلبية لعملية التجنيس العشوائية التي حصلت خلال السنوات الماضية بأن تلك الفئات، ليست لديهم مؤهلات وإمكانيات إبداعية وعلمية يستفيد منها الوطن بقدر استفادتهم من خبرات ومقدرات هذا الوطن، بالإضافة لاختلاف العادات والتقاليد والسلوكيات، فالشعب القطري عرف عنه التسامح والمحبة والأخلاق العالية مع الآخرين، سوف تنشأ عادات وأخلاقيات أخرى وسط الأجيال الجديدة، قادمة من أولئك المجنسين الجدد، فالشعب القطري يمتلك تاريخا وحضارة عريقة تتداخل وتتواصل مع العديد من الشعوب والبلدان في العالم، ولكن تبقى له سماته و خصوصيته مثل أي شعب من شعوب هذه الأرض، يعتز بها، والحقيقة لا بد من أن تقال، وتوضح أهداف ومآرب التجنيس وما فوائده على المجتمع، إذا كان يحقق نتائج إيجابية أو سلبية، وأن يأخذ بعين الاعتبار الآثار السيئة التي ستنتج عن عملية الاستمرار فيه.
ان سياسات التجنيس غير المدروسة لها انعكاسات خطيرة على الاقتصاد وسوف يكون عاملاً معرقلاً للتنمية الاقتصادية بدلاً من تطويرها، ويخلق عجزاً في ميزانية الدولة مستقبلا وسيمتص الفوائض المالية خصوصاً اذا طرأ انهيار أو انخفاض في أسعار النفط لا سمح الله، مما يؤدي إلى توقف في بناء المشاريع والمرافق الحيوية أو تجميدها في أسوأ الأحوال، فدولة قطر في حاجة مستمرة لتطوير البنية التحتية والفوقية، في مجالات عديدة، الصحة واحتياجاتها من مستشفيات متخصصة ومراكز صحية جديدة تستوعب الأعداد المتزايدة من المرضى، التعليم ومخرجاته، العمل والبطالة، هذا جزء من الوضع الاقتصادي ثانياً: أما الشق الاجتماعي فهو يتصل بالموروث الاجتماعي والعادات والتقاليد والأبعاد النفسية والسيكولوجية لهؤلاء المتجنسين وآثارها على تداخل المجتمع معها وعوامل أخرى تشمل المستويات الثقافية والتعليمية والصحية للمجنسين، والأهم من ذلك تذويب المجتمع بعاداته وتقاليده مع مرور الأيام والسنين بعادات وتقاليد قادمة من مجتمعات أخرى، فالدول المتقدمة التي تعمل على استقطاب مهاجرين جدد أو مواطنين جدد، يهمها بالدرجة الأولى من أولئك القادمين الجدد أصحاب العقول المبدعة الذين يمتلكون مستويات عالية من التعليم والثقافة، فهؤلاء بعقولهم وطاقاتهم الإبداعية يطورون المجتمع، إننا في حاجة لمثل هؤلاء البشر من الناس في ظل المستويات المتفاوتة للتعليم عندنا وهولاء الأشخاص متوافرون بالعقود المالية وموجودون في مؤسساتنا التعليمية المختلفة.
لذا يجب ان يكون التركيز في سياسة التجنيس على حاجة الدولة إلى كفاءة المتجنسين والحقيقة لسنا بحاجة إلى تلك الكفاءات حاليا بأن يتم تجنيسهم بل الأجور التي تتقاضاها تلك الفئة تفوق ما يتقاضاه المواطن وفي النهاية ان العقول التي نريد استقطابها هي متوافرة عن طريق العقود والأجور كما أشرت إلى ذلك. فالدولة ليست في حاجة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة والمستقبلية للمزيد من البشر. بقدر ما تستوجب الحاجة إلى تجنيس حملة المؤهلات العالية وأصحاب الكفاءات النادرة والبارزين في مجالات الإبداع والثقافة والفنون والآداب.. الخ.
بعد دخول دولة قطر منظمة التجارة العالمية فان قضية التجنيس أصبحت غير ضرورية للمقيمين أو غير المقيمين. فالحدود الجغرافية ستكون مفتوحة لمن لديه العلم والمال أو التخصص النادر ليجد له مكاناً مريحاً ليس فقط في قطر، بل في كل بلاد الدنيا، ومع هذا أقول بصراحة: إن بلادنا ليست في حاجة لفتح باب التجنيس، إلا في أضيق نطاق.
التكلفة الأولية لتجنيس 500 شخص تقدر بنحو 1,42 مليار ريال
بقلم: سعود جاسم الجفيري :
حققت بلادنا والحمدالله انجازات اقتصادية متقدمة لأسباب عدة، أهمها الاستراتيجيات السليمة التي تبنتها الدولة لتطوير إنتاج النفط والاستغلال الأمثل لثروة البلاد الطبيعية من الغاز وما تبنته من سياسات طموحة في إقامة مشروعات عملاقة في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات، وهذا ما فرض ضرورة الارتقاء بكفاءة مواردنا البشرية إلى مستوى المعايير العالمية انسجاما مع تلك المتطلبات واستهداء بهذه الاستراتيجية تمكنت الحكومة من تمويل أهدافها الطموحة لزيادة إنتاج النفط في المستقبل القريب ليصل إلى مليون برميل يوميا ونقل دولة قطر إلى مصاف الدول الرائدة في مجال إنتاج وتصدير الغاز المسال وفي نفس الوقت الذي تخلصت فيه الدولة من العجز في الموازنات العامة وتحولت إلى وفورات ساعدت على تقليص حجم الدين العام إلى حد كبير وتكوين فوائض مالية متزايدة خلال السنوات الخمس الأخيرة أدت إلى تكوين احتياطيات مالية واستثمارها من أجل تقليل اعتماد الموازنة العامة للدولة على إيرادات النفط والغاز والتوجه نحو خلق برامج استثمارية -كما أدت النتائج الايجابية لهذه الاستراتيجية إلى ارتفاع الناتج القومي الإجمالي من حوالي 30 مليار ريال سنة 1995 إلى حوالي 192 مليارا في عام 2006
أود التطرق في هذا المقال إلى سياسة التجنيس وهى من أكثر المواضيع إثارة للجدل لماله من انعكاسات وآثار على مستقبل قطر وتطورها الاقتصادي والاجتماعي وأجياله القادمة، وقضية التجنيس قضية وطنية، وهي قضية سيادية، فكل قوانين الدنيا الوطنية المعروفة، الإقليمية منها والدولية، تعطي الحق، كل الحق، لكل بلد يتمتع بسيادة أن يسن ما يراه مناسباً من قوانين، وأنظمة، وتشريعات تتعلق بالتجنيس، أو سحب الجنسية، أو إسقاط الجنسية إلى غير ذلك من المصطلحات المعروفة، حيث تختلف البلدان فيما بينها في منح حق الإقامة والجنسية ولكن كثيرا منها أو معظمها تمنح الأشخاص الذين قدموا خدمات عظيمة للبلد الجنسية ولأصحاب الكفاءات والمؤهلات العلمية العالية طمعا في علمهم واختراعاتهم وأملا في تقدم البلد بقدراتهم وتنميتها بعقولهم، ويفتح الغرب أبوابه لامتصاص أحسن الخبرات العالمية من دول العالم الثالث ليضيف إلى رصيده الحضاري والمدني الكثير وبأثمان بسيطة.
لابد من القول إن نظرة جديدة لمشكلات الجنسية والمواطنة في مجتمعنا القطري يجب أن تطرح للنقاش والمداولة، ليس فقط بين النخب المثقفة، بل وأيضاً في الأوساط الشعبية، على أن يرتكز ذلك النقاش على أفكار عملية تراعي مصالح هذا المجتمع من جهة، وتساير الاتجاه العالمي في هذا الموضوع من جهة أخرى. ولعل حساسية هذا الموضوع نابعة من أن مواطني مجتمعنا يرغبون في المحافظة على المستوى المعيشي الذي يتمتعون به، وبالتالي نجدهم يعارضون أي عملية تجنيس واسعة، رغماً عن اختلال التركيبة السكانية، التي لا يمكن أن تتعدل بالزيادة الطبيعية للسكان الأصليين.
من هذا المنطلق أود ان أبين أننا نعيش طفرة على كافة المستويات سواء الاقتصادية منها أو الاستثمارية وولوج قطر إلى مصاف الدول الأكثر جذباً للاستثمار المباشر، ونحن لا بد ان ننظر بعين أخرى غير العين التي نرى منها وان نستشرف المستقبل بنظرة مستقبلية قادمة غير تلك التي نعيشها حالياً، وسوف أشير إلى المساوئ الاقتصادية من جراء التجنيس في قطر عوضاً عن المساوئ الاجتماعية المترتبة على ذلك التجنيس.
أولا: لو تم تجنيس 500 شخص فقط وهذه عينة بسيطة لاتقارن بالأعداد الهائلة التي تم تجنيسها خلال الأعوام والسنوات الماضية أو تلك التي تنتظر دورها القادم في تسلم الجنسية، هولاء الأشخاص اـ500 الذين حصلوا على الجنسية ولنعتبرهم جامعيين وحملة شهادات رديفة بالشهادات الجامعية، سوف تلتزم الدولة باعتبارهم مواطنين بتوفير وظائف لهم ومنحهم قروضا لإسكان كبار المسؤولين ومنحهم أراضي للبناء وحصولهم على إعفاءات من رسوم الكهرباء والماء ومجانية الصحة والتعليم المجاني لأبنائهم ولنحاول ان نستخدم لغة الارقام لعل وقعها له اثر طيب في إعادة النظر في منح الجنسية.
500 متجنس يستحق 500 قطعة أرض لإسكان كبار الموظفين متوسط الأسعار الحالية للأرض حوالي 2 مليون ريال مجموع قيمة الأراضي مليار ريال
قيمة القروض العقارية لإسكان كبار الموظفين 600 ألف ريال حالياً
قيمة القروض التي يستحقها هولاء 300 مليون ريال متوسط راتب الوظيفة الحالية حوالي 20 ألف ريال
قيمة الرواتب السنوية 120 مليون ريال
التكلفة الأولية للمجنسين الـ 500 شخص = مليار و420 مليون ريال
هذا إذا أضفنا إلى ما سيترتب على تلك المبالغ من إعفاءات رسوم الكهرباء والماء ومجانية التعليم والصحة للأبناء فسنجد ان التكلفة ستزيد تصاعدياً بجانب ما للوظائف من حقوق وترقيات واعتلاء المناصب والوظائف القيادية فإن التكلفة ستتضاعف مع مرور الوقت ومن خلال السنوات القادمة
لذا فإن سياسة التجنيس لا بد أن ترتكز على تجنيس أولئك الذين أمضوا سنوات طويلة وامتزجوا بهذا المجتمع وأصبحوا من نسيجه الاجتماعي، ولكن يجب ان تراعى سياسة التجنيس أوضاع البلاد، والكثافة السكانية المتزايدة، قلة الأراضي وصغر مساحة الدولة، التي تعد من احد بلدان العالم الصغيرة في المساحة وتزايد الكثافة السكانية بالنسبة للكيلو المربع، هناك معايير وشروط وضوابط في موضوع التجنيس وهذا متبع في بلدان مثل استراليا وكندا وامريكا ولديها مساحات واسعة من الأراضي وتشجيع الهجرة إليها، ولكن لا يستطيع أي شخص لمجرد القدوم إليها بإملاء استمارة الطلب والحصول على الجنسية، هناك قوانين وتشريعات دقيقة ومختارة بعناية لذلك الموضوع، من ضمنها اشتراط توفير رصيد مالي كبير في احد البنوك المحلية، بالإضافة إلى المؤهلات ونوعية الأعمال التجارية والاستثمارية التي تنوي القيام بها في بلادهم واشتراطات أخرى، ان استراليا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية لا تمنح مواطنيها أراضي مجانية وقروضا عقارية لبناء مساكن بدون فوائد وبقية الامتيازات التي تمنح للمواطن القطري بل تقوم تلك الدول بشفط جزء من رواتب موظفيها على شكل ضرائب تدفع للدولة بجانب الضرائب الكبيرة على الاستثمار والعقار.
لا مقارنة أبدا بين الوضع عندنا والوضع في الغرب ولسنا بحاجة إلى دروس في المبادئ والقيم من لجان منبثقة من هذه المنظمة أو تلك والمصالح التي تراها الدولة يجب ان تكون في المقام الأول فوق أي اعتبار آخر.
واعتقد في المنظور البعيد وللأجيال القادمة سوف تخلق ظاهرة التجنيس غير المدروسة إشكالات وتنشأ الأزمات والاحتقانات الاجتماعية، ولا تستطيع العلاجات المهدئة أن تخفف الألم والأوجاع بعد أن ينتشر المرض في الجسد، ومن المظاهر السلبية لعملية التجنيس العشوائية التي حصلت خلال السنوات الماضية بأن تلك الفئات، ليست لديهم مؤهلات وإمكانيات إبداعية وعلمية يستفيد منها الوطن بقدر استفادتهم من خبرات ومقدرات هذا الوطن، بالإضافة لاختلاف العادات والتقاليد والسلوكيات، فالشعب القطري عرف عنه التسامح والمحبة والأخلاق العالية مع الآخرين، سوف تنشأ عادات وأخلاقيات أخرى وسط الأجيال الجديدة، قادمة من أولئك المجنسين الجدد، فالشعب القطري يمتلك تاريخا وحضارة عريقة تتداخل وتتواصل مع العديد من الشعوب والبلدان في العالم، ولكن تبقى له سماته و خصوصيته مثل أي شعب من شعوب هذه الأرض، يعتز بها، والحقيقة لا بد من أن تقال، وتوضح أهداف ومآرب التجنيس وما فوائده على المجتمع، إذا كان يحقق نتائج إيجابية أو سلبية، وأن يأخذ بعين الاعتبار الآثار السيئة التي ستنتج عن عملية الاستمرار فيه.
ان سياسات التجنيس غير المدروسة لها انعكاسات خطيرة على الاقتصاد وسوف يكون عاملاً معرقلاً للتنمية الاقتصادية بدلاً من تطويرها، ويخلق عجزاً في ميزانية الدولة مستقبلا وسيمتص الفوائض المالية خصوصاً اذا طرأ انهيار أو انخفاض في أسعار النفط لا سمح الله، مما يؤدي إلى توقف في بناء المشاريع والمرافق الحيوية أو تجميدها في أسوأ الأحوال، فدولة قطر في حاجة مستمرة لتطوير البنية التحتية والفوقية، في مجالات عديدة، الصحة واحتياجاتها من مستشفيات متخصصة ومراكز صحية جديدة تستوعب الأعداد المتزايدة من المرضى، التعليم ومخرجاته، العمل والبطالة، هذا جزء من الوضع الاقتصادي ثانياً: أما الشق الاجتماعي فهو يتصل بالموروث الاجتماعي والعادات والتقاليد والأبعاد النفسية والسيكولوجية لهؤلاء المتجنسين وآثارها على تداخل المجتمع معها وعوامل أخرى تشمل المستويات الثقافية والتعليمية والصحية للمجنسين، والأهم من ذلك تذويب المجتمع بعاداته وتقاليده مع مرور الأيام والسنين بعادات وتقاليد قادمة من مجتمعات أخرى، فالدول المتقدمة التي تعمل على استقطاب مهاجرين جدد أو مواطنين جدد، يهمها بالدرجة الأولى من أولئك القادمين الجدد أصحاب العقول المبدعة الذين يمتلكون مستويات عالية من التعليم والثقافة، فهؤلاء بعقولهم وطاقاتهم الإبداعية يطورون المجتمع، إننا في حاجة لمثل هؤلاء البشر من الناس في ظل المستويات المتفاوتة للتعليم عندنا وهولاء الأشخاص متوافرون بالعقود المالية وموجودون في مؤسساتنا التعليمية المختلفة.
لذا يجب ان يكون التركيز في سياسة التجنيس على حاجة الدولة إلى كفاءة المتجنسين والحقيقة لسنا بحاجة إلى تلك الكفاءات حاليا بأن يتم تجنيسهم بل الأجور التي تتقاضاها تلك الفئة تفوق ما يتقاضاه المواطن وفي النهاية ان العقول التي نريد استقطابها هي متوافرة عن طريق العقود والأجور كما أشرت إلى ذلك. فالدولة ليست في حاجة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة والمستقبلية للمزيد من البشر. بقدر ما تستوجب الحاجة إلى تجنيس حملة المؤهلات العالية وأصحاب الكفاءات النادرة والبارزين في مجالات الإبداع والثقافة والفنون والآداب.. الخ.
بعد دخول دولة قطر منظمة التجارة العالمية فان قضية التجنيس أصبحت غير ضرورية للمقيمين أو غير المقيمين. فالحدود الجغرافية ستكون مفتوحة لمن لديه العلم والمال أو التخصص النادر ليجد له مكاناً مريحاً ليس فقط في قطر، بل في كل بلاد الدنيا، ومع هذا أقول بصراحة: إن بلادنا ليست في حاجة لفتح باب التجنيس، إلا في أضيق نطاق.