مشاهدة النسخة كاملة : مخاوف من تباطؤ محتمل والمخاطر تسير في اتجاه هبوطي ثابت
تقرير صندوق النقد حول آفاق الاقتصاد العالمي:
النمو العالمي لايزال قوياً بدعم الاقتصادات الصاعدة عند 475% في 2008
مخاوف من تباطؤ محتمل والمخاطر تسير في اتجاه هبوطي ثابت
واشنطن “الخليج”:
قال صندوق النقد الدولي في تقريره حول آفاق الاقتصاد العالمي إن الاقتصاد العالمي حقق نمواً قوياً في النصف الأول من عام 2007 رغم اضطرابات الأسواق المالية التي خيمت على الآفاق المنتظرة، ولم يحدث ذلك تغيراً يذكر في تنبؤات عام 2007 ولكن توقعات السيناريو الأساسي للنمو العالمي في عام 2008 انخفضت بنحو نصف نقطة مئوية مقارنة بالتوقعات الواردة في عدد يوليو 2007 من مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي. وتابع: لايزال النمو العالمي قوياً بمعدله البالغ 4،75% تدعمه الأساسيات الاقتصادية السليمة بوجه عام وزخم النشاط القوي في اقتصادات الأسواق الصاعدة، غير أن المخاطر المحيطة بآفاق الاقتصاد العالمي تسير في اتجاه هبوطي ثابت، وتتركز حول المخاوف من أن تؤدي التوترات في الأسواق المالية إلى تعميق التباطؤ الاقتصادي العالمي وزيادة وحدته، ومن ثم ينصب التركيز الآني لصانعي السياسات على استعادة أوضاع أكثر اعتدالاً في الأسواق المالية وحماية التوسع الاقتصادي، ومن المخاطر الأخرى التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي ضغوط التضخم المحتملة، وتقلب أسواق النفط وتأثير تدفقات النقد الأجنبي الداخلة القوية على الأسواق الصاعدة، وفي نفس الوقت هناك قضايا أطول أجلاً تشكل مصدراً للقلق مثل شيخوخة السكان وتزايد مقاومة العولمة وظاهرة الاحترار (الاحتباس الحراري) العالمي وفيما يلي نص التقرير:
واصل الاقتصاد العالمي توسعه القوي في النصف الأول من عام 2007 بمعدل نمو تجاوز 5% (الفصل الأول) واكتسب الاقتصاد الصيني زخماً اضافياً، حيث بلغ معدل نمو 11،5% كما استمر النمو بمعدلات بالغة القوة في الهند وروسيا، وقد أسهمت هذه البلدان الثلاثة وحدها بنصف النمو العالمي على مدار العام الماضي، ولايزال التوسع جارياً في بلدان اسواق صاعدة وبلدان نامية أخرى، بما في ذلك البلدان منخفضة الدخل في افريقيا، وفي الاقتصادات المتقدمة تباطأ النمو في منطقة اليورو واليابان في الربع الثاني من عام 2007 بعد ربعي عام من الزيادة الملحوظة، وفي الولايات المتحدة بلغ متوسط النمو 2،25% في النصف الاول من عام 2007 تحت التأثير الخافض الكبير الذي ترتب على استمرار هبوط النشاط في سوق المساكن.
وظل التضخم قيد السيطرة في الاقتصادات المتقدمة، ولكنه ارتفع في العديد من بلدان الاسواق الصاعدة والبلدان النامية نتيجة ارتفاع اسعار الطاقة والمواد الغذائية ففي الولايات المتحدة حدث بعض الانخفاض التدريجي في معدل التضخم الاساسي ليصل إلى أقل من 2% وفي منطقة اليورو ظل معدل التضخم اقل من 2% هذا العام، وان كانت زيادات اسعار الطاقة والمواد الغذائية قد أسهمت في ارتفاعه في شهر سبتمبر اما في اليابان فقد ظلت الاسعار ثابتة على وجه الاجمال وقد ازدادت الضغوط التضخمية في بعض بلدان الأسواق الصاعدة والبلدان النامية وهو ما يرجع الى قوة النمو وزيادة الوزن الترجيحي لأسعار الاغذية الآخذة في الارتفاع ضمن مؤشرات اسعار المستهلكين في هذه البلدان ويرجع الارتفاع السريع في اسعار المواد الغذائية إلى الضغوط التي نشأت عن تزايد استخدام الذرة وغيرها من المواد الغذائية في انتاج الوقود الحيوي وسوء الاحوال الجوية في بعض البلدان وظلت اسعار النفط والسلع الاساسية الاخرى على ارتفاعها الناتج عن قوة الطلب.
وأصبحت الاسواق المالية في تقلب متزايد فكما يرد بالتحليل في تقرير الاستقرار المالي العالمي الصادر في اكتوبر 2007 أصبحت أوضاع الائتمان أكثر حدة مع تزايد المخاوف من تداعيات الضغوط في الاسواق الامريكية للقروض العقارية منخفضة الجودة وما أفضت اليه من ارتفاع مفاجئ وحاد في العائد على الاوراق المالية المضمونة بهذه القروض وغيرها من الاوراق المالية عالية المخاطر ونظراً لعدم اليقين بشأن توزيع الخسائر وتزايد المخاوف بشأن المخاطر الصرف المقابل، نضبت السيولة في بعض قطاعات الاسواق المالية وقد تراجعت اسواق الاسهم مبدئياً لا سيما مع انخفاض تقييمات المؤسسات المالية، وان كانت الاسعار قد عاودت الارتفاع منذ ذلك الحين وانخفض العائد على السندات الحكومية طويلة الأجل مع بحث المستثمرين عن ملاذات آمنة وتأثرت الاسواق الصاعدة ايضاً، وان كان بدرجة اقل نسبياً مما حدث في فترات الاضطراب السابقة في الاسواق المالية العالمية ولاتزال اسعار الاصول مرتفعة بالمقاييس التاريخية.
وقبل حدوث الاضطرابات الأخيرة كانت البنوك المركزية حول العالم تلجأ عموماً إلى تشديد سياساتها النقدية لدرء ضغوط التضخم الوليدة، غير أن تصاعد اضطرابات الاسواق أدى ببعض البنوك المركزية الكبرى في شهر أغسطس الماضي إلى ضخ السيولة في اسواق المال لتحقيق الاستقرار في اسعار الفائدة قصيرة الاجل وفي شهر سبتمبر قام الاحتياطي الفيدرالي الامريكي بخفض اسعار الفائدة على الاموال الفيدرالية بواقع 50 نقطة اساس، وتتوقع الاسواق المالية تخفيضات اضافية في الشهور المقبلة، ومنذ بداية اضطرابات الاسواق المالية تراجعت توقعات تشديد السياسة النقدية من جانب بنك انجلترا وبنك اليابان والبنك المركزي الأوروبي. وفي الأسواق الصاعدة، لجأت بعض البنوك المركزية الى توفير السيولة لتخفيف حدة الضغوط في أسواق النقد المتداول بين البنوك، ولكن معالجة قضايا التضخم لا تزال هي التحدي الأكبر أمام البنوك المركزية الأخرى.
وعلى وجه العموم، ظلت قيم العملات الأساسية متسقة مع الاتجاه العام المشاهد في مطلع عام 2006. فقد واصل الدولار الأمريكي انخفاضه، وإن كانت التقديرات تشير الى استمرار قيمته الفعلية الحقيقية أعلى من مستواها الأساسي في المدى المتوسط. وارتفع سعر اليورو وإن ظل تداوله في حدود تتسق عموماً مع أساسيات الاقتصاد. وعاد الين الياباني الى الارتفاع بقوة في الشهور الأخيرة وإن ظل أقل من قيمته الصحيحة في ضوء الأساسيات الاقتصادية متوسطة الأجل. أما اليوان فقد استمر الارتفاع التدريجي في سعره الفعلي الحقيقي أمام الدولار الأمريكي، ولكن فائض الحساب الجاري الصيني ازداد توسعاً وبلغت الاحتياطيات الدولية مستوى شديد الارتفاع.
الآفاق والمخاطر
على خلفية الأوضاع المضطربة في الأسواق المالية، أجري تخفيض بسيط في توقعات السيناريو الأساسي للنمو العالمي مقارنة بعدد يوليو من”مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي”، وإن كان لا يزال من المتوقع استمرار النمو بمعدل مرتفع. وتشير التوقعات الى نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 5،2% في عام 2007 و4،8% في عام ،2008 وهو معدل أقل من التوقعات السابقة بواقع 0،4%. وقد تركزت أكبر التعديلات الخافضة للنمو في الولايات المتحدة، التي يتوقع لها الآن معدل نمو مقداره 1،9% في عام ،2008 وفي البلدان المرجح أن تتعرض لأكبر الآثار الانتشارية من الولايات المتحدة، والبلدان المرجح أن تتأثر تأثراً أكثر حدة نسبياً إذا ما استمرت الاضطرابات في الأسواق المالية (الفصل الثاني).
ومن الواضح أن كفة النتائج من دون المستوى المتوقع هي الأرجح في ميزان المخاطر التي تواجه آفاق النمو حسب توقعات السيناريو الأساسي. فقد ازدادت مخاطر النتائج من دون المتوقعة بسبب أوضاع الأسواق المالية والطلب المحلي في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، رغم استمرار أساسيات الاقتصاد الداعمة للنمو والزخم القوي لاقتصادات السوق الصاعدة المتزايدة الأهمية. ويمكن أن تؤدي إعادة تقييم المخاطر التي تمت مؤخراً وزيادة الانضباط في أسواق الائتمان الى ترسيخ ركائز التوسع في المستقبل، ولكنها تعمل في الوقت نفسه على زيادة المخاطر قريبة الأجل على النمو. وسوف يتوقف مدى تأثر النمو على مدى السرعة التي تعود بها السيولة الى مستوى أقرب الى الطبيعي ومدى انكماش النشاط في أسواق الائتمان. وتقوم تنبؤات السيناريو الأساسي الذي وضعه خبراء الصندوق على افتراض عودة سيولة السوق بالتدريج في الشهور المقبلة وعودة سوق المال المتداول بين البنوك الى أوضاع أقرب الى الطبيعة، رغم توقع استمرار الفروق الكبيرة في العائد. ومع ذلك، فمن الواضح أن إمكانية استمرار اضطرابات الأسواق المالية لبعض الوقت لا تزال قائمة. وإذا امتدت حدة الأوضاع الائتمانية لفترة مطولة فسوف يكون لها تأثير خافض للنمو بدرجة ملحوظة، لا سيما من خلال التأثير في أسواق المساكن في الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية. وإذا ضعفت التدفقات الرأسمالية الوافدة فسوف تتأثر سلباً أيضاً بلدان أوروبا الصاعدة ومنطقة كومنولث الدول المستقلة التي تتسم بعجوزات الحساب الجاري الكبيرة وتدفقات التمويل الخارجي الوافدة الضخمة.
وهناك مخاطر عدة أخرى يمكن أن تؤثر بدورها في آفاق الاقتصاد العالمي. فقد شهدت أسعار النفط ارتفاعات قياسية جديدة ولا يستبعد أن تشهد ارتفاعات حادة مفاجئة أخرى بالنظر الى فائض الطاقة الإنتاجية المحدود وذلك بالرغم من بعض التراجع في مخاطر التطورات المعاكسة الناجمة عن مخاوف التضخم. ولا تزال المخاطر المرتبطة باستمرار الاختلالات العالمية مدعاة للقلق.
قضايا السياسات
لا يزال صانعو السياسات على مستوى العالم يواجهون تحدياً آنياً يتمثل في الحفاظ على النمو القوي غير التضخمي، وهو التحدي الذي ازداد جسامة في الآونة الأخيرة بسبب اضطراب الأوضاع المالية العالمية، ففي الاقتصادات المتقدمة، وبعد فترة من التشديد اقتربت بالموقف النقدي من الحياد أو أكثر تشدداً، تصدت البنوك المركزية لمشكلة نضوب السيولة في الأسواق ومخاطر القطاع المالي المصاحبة لها، مع مواصلة الاعتماد في قرارات السياسة النقدية على رؤية المختصين لحالة الأساسيات الاقتصادية. وفي الولايات المتحدة، إذا ظهر ما يشير الى احتمال استمرار النمو دون مستوى الاتجاه العام فسوف يكون ذلك داعياً لإجراء مزيد من الخفض لأسعار الفائدة بشرط مواصلة احتواء مخاطر التضخم. وفي منطقة اليورو، من الممكن أن تظل السياسة النقدية من دون تغيير في الأجل المتوسط، انعكاساً للمخاطر المعاكسة على النمو وارتفاع التضخم على أثر اضطراب الأسواق المالية، غير أن انحسار هذه المخاطر في نهاية المطاف قد يتطلب مزيداً من التشديد للسياسة النقدية. وإذا استمر التباطؤ الاقتصادي المطول، سيتعين النظر في إمكانية تخفيف قيود السياسة النقدية. وفي البيان، بينما ينبغي أن ترتفع أسعار الفائدة في نهاية المطاف لتعود الى مستويات أقرب الى الطبيعية، فإن هذه الزيادة ينبغي ألا تتم قبل ظهور مؤشرات على تحرك التضخم المرتقب تحركاً واضحاً نحو مستويات أعلى وانحسار المخاوف الناشئة عن تقلب الأسواق مؤخراً.
وينبغي استخلاص الدروس في الوقت المناسب من موجة الاضطرابات الحالية التي اجتاحت الأسواق المالية العالمية. وهناك مجموعة من القضايا تتعلق بالمناهج المختلفة التي تستخدمها البنوك المركزية لضخ السيولة في الأسواق بهدف تهدئة التوترات المالية، والصلة بين هذا الدعم بالسيولة وشبكات الأمان المالي. وينبغي تناول سلسلة من القضايا التنظيمية، مثلما ورد في تقرير الاستقرار المالي العالمي الصادر في أكتوبر 2007. وينبغي أيضاً توجيه مزيد من الاهتمام الى التأكد من اعتماد قواعد الشفافية والإفصاح الملائمة في المؤسسات المؤثرة في النظام الاقتصادي. ومن المهم أيضاً النظر في المنهج التنظيمي لمعالجة مخاطر السيولة، والحدود الملائمة حول المؤسسات المالية لأغراض دمج المخاطر، ومنهج تصنيف المنتجات المالية المركبة، وما إذا كان هيكل لحوافز الحالي يكفل تقييم المخاطر على نحو ملائم في جميع الحلقات التي تتألف منها سلسلة عرض المنتجات المهيكلة.
وقد تحقق تقدم ملموس في ضبط الأوضاع المالية العامة خلال فترة التوسع الحالية في البلدان المتقدمة، ولكن الأمر يتطلب مزيداً من الجهد لضمان استمرارية هذه الأوضاع رغم احتياجات شيخوخة السكان. ويأتي معظم التحسن الذي طرأ مؤخراً على المراكز المالية العامة من سرعة نمو الإيرادات الذي أحدثه النمو القوي في الأرباح والدخول العليا، وليس من الواضح مدى استمرارية هذه الزيادة التي طرأت على الإيرادات. وتتوخى خطط الميزانية الجارية تقدماً إضافياً محدوداً في خفض نسب الدين عن المستويات الحالية خلال السنوات القليلة المقبلة. وينبغي أن تعتمد الحكومات خططاً أكثر طموحاً على المدى المتوسط لضبط أوضاع المالية العامة، مع إجراء إصلاحات لمعالجة الضغوط المتصاعدة على الإنفاق في مجالي الصحة والضمان الاجتماعي، وإن كانت الأوضاع في معظم البلدان تسمح بترك أدوات الضبط التلقائي إذا ما حدث هبوط في النشاط الاقتصادي.
ولا يزال عدد من الأسواق الصاعدة يواجه ضغوط النشاط الاقتصادي المحموم وارتفاع أسعار المواد الغذائية مما قد يتطلب مزيداً من التشديد للسياسة النقدية. وعلاوة على ذلك، يرجح أن تظل تدفقات النقد الأجنبي القوية مشكلة أمام صانعي السياسات في تأدية مهامهم، بالرغم من التطورات التي شهدتها الأسواق المالية مؤخراً. وكما يشير الفصل الثالث، لا توجد صيغة بسيطة للتعامل مع هذه التدفقات، وإنما ينبغي أن تتبع البلدان منهجاً عملياً تتوصل من خلاله الى المزيج الصحيح من التدابير الملائمة لظروفها الخاصة وأهدافها الأطول أجلاً. ومن المرجح أن يكون للسياسة المالية العامة دور أساسي في هذا الخصوص. فرغم تحسن مراكز المالية العامة، نجد أن هذا التحسن يرجع الى قوة نمو الإيرادات المتولدة عن ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وهو ارتفاع قد لا يدوم. وفي الوقت نفسه، تسارع الإنفاق الحكومي في كثير من البلدان، مما أضاف الى المصاعب التي تنطوي عليها إدارة تدفقات النقد الأجنبي الداخلة. وباجتناب طفرات الإنفاق العام، وهو ما يكتسب أهمية خاصة في أوروبا الصاعدة وإن كان ينطبق على أمريكا اللاتينية أيضاً، سوف تتيسر إدارة التدفقات الداخلة والاستمرار في خفض مستويات الإنفاق الحكومي. غير أن هناك متسعاً في البلدان المصدرة للوقود لزيادة الإنفاق في حدود الطاقة الاستيعابية وحسب مرحلة الدورة الاقتصادية التي يمر بها البلد المعني. ومن شأن تشديد المعايير الاحترازية في النظم المالية واتخاذ خطوات نحو إزالة القيود على التدفقات الرأسمالية الداخلة أن يسهما بدور إيجابي في هذا الخصوص. وفي بعض الحالات، يمكن أن تتاح فرصة أفضل لتحسين مراقبة النقد إذا تمت زيادة المرونة في أسعار الصرف. وبالنسبة للصين على وجه التحديد، سوف تعمل زيادة المرونة في ارتفاع سعر اليوان مع اتخاذ تدابير لإصلاح نظام سعر الصرف وإعطاء دفعة للاستهلاك على عودة التوازن اللازم للطلب وإزالة الاختلالات العالمية بشكل منظم.
أما القضية التي يشترك فيها جميع البلدان فهي الحاجة الى اغتنام الفرص التي تتيحها العولمة والإنجازات التكنولوجية، مع بذل مزيد من الجهود لضمان توزيع المنافع المتحققة من هذه التغيرات المستمرة توزيعاً كفؤاً على جميع قطاعات السكان. ومن البنود الأساسية في جدول الأعمال ضرورة التأكد من كفاءة عمل الأسواق، مع دعم الإنتاجية في القطاع المالي وقطاع الخدمات في أوروبا واليابان، ومقاومة الضغوط الحمائية في الولايات المتحدة وأوروبا، وتحسين البنية التحتية، وتطوير النظم المالية، وتحسين مناخ الأعمال في بلدان الأسواق الصاعدة والبلدان النامية، باعتبارها جميعاً على رأس الأولويات.
وغالباً ما يلقى اللوم على العولمة في زيادة عدم المساواة الملاحظة في معظم بلدان ومناطق العالم. ويخلص الفصل الرابع من هذا التقرير الى أن الإنجازات التكنولوجية هي أكثر العوامل إسهاماً في زيادة عدم المساواة مؤخراً، ولكن زيادة العولمة المالية والاستثمار الأجنبي المباشر بوجه خاص أسهما بدور في ذلك أيضاً. وعلى عكس الفكرة الشائعة، يلاحظ أن زيادة العولمة في التجارة ترتبط في الواقع بانخفاض عدم المساواة. ومن المهم أن تساعد السياسات على ضمان توزيع مكاسب العولمة والتغير التكنولوجي على قطاعات أوسع من السكان. ومن شأن الإصلاحات الرامية الى تحسين مستوى التعليم والتدريب أن تضمن توافر المهارات اللازمة لدى العاملين بما يتلاءم مع احتياجات الاقتصاد العالمي (القائم على المعرفة). وسوف يساعد في هذا الخصوص انتهاج سياسات تتيح قدراً أكبر من التمويل للفقراء، مثلما يساعد فيه التقدم في التحرير التجاري الداعم للصادرات الزراعية من البلدان النامية.
ويتناول الفصل الخامس من هذا التقرير التوسع العالمي الجاري من منظور تاريخي. ويخلص هذا الفصل الى أن النمو كان أكثر ارتفاعاً من مستواه في الدورات الأخيرة، بل إن المنافع المتولدة عنه أصبحت موزعة على نطاق اوسع في بلدان العالم والتقلب الاقتصادي كان أقل، وبطبيعة الحال، يعني تعزيز السياسات النقدية والمالية وتحسين المؤسسات وزيادة التطور المالي انه من المرجح للدورات الاقتصادية ان تكون مدتها اطول وحجمها اقل مما كانت عليه من قبل، ومع ذلك ينبغي اجتناب المبالغة في تقدير احتمالات الاستقرار المستقبلي، وقد برزت مخاوف عدم استمرار الأوضاع المواتية عند زيادة تقلب الأسواق المالية مؤخرا، ذلك ان الانتهاء المفاجئ لفترة النمو القوي والمستمر في الستينات وأوائل السبعينات من القرن الماضي تعتبر مثالا تحذيريا مفيدا يوضح ما يمكن ان يحدث اذا لم تتكيف السياسات لمعالجة ما ينشأ من مخاطر في الوقت المناسب.
وسوف تكتسب الاجراءات المشتركة بين البلدان اهمية حاسمة في بعض المجالات الرئيسية فالتقدم البطيء في جولة مفاوضات الدوحة التجارية يثير شعوراً عميقاً بخيبة الأمل، وينبغي للبلدان الكبرى ان تبرهن على مركزها القيادي بإعادة تفعيل عملية التحرير التجاري متعدد الاطراف ايضا وكما يرد في الملحق 1 ،2 قد تكون ظاهرة الاحترار العالمي اكبر مشكلة تتطلب اتخاذ اجراءات جماعية يتحمل فيها الآخرون الجانب الأكبر من العواقب السلبية لأنشطة الأطراف المنفردة. ومن المهم ان تتعاون البلدان لوضع اطار قائم على قواعد السوق يحقق التوازن بين التكاليف طويلة الأجل لانبعاثات غاز الكربون والتكاليف الاقتصادية الآنية المطلوبة لتخفيف هذه الانبعاثات، وينبغي ان يقل التركيز في سياسة الطاقة على محاولة تأمين مصادر الطاقة القومية، وان يزيد تركيزها على التأكد من سلامة عمل سوق النفط وغيره من اسواق الطاقة، وتشجع التنوع في مصادرها (بخفض قيود التجارة على الوقود البيولوجي، على سبيل المثال)، وتوجيه مزيد من الاهتمام للحوافز السعرية بغية كبح الزيادة في استهلاك الطاقة.
وقد أحرز تقدم مشجع في وضع منهج مشترك لمعالجة الاختلالات العالمية، وهو ما يتطلب متابعة العمل الى ان تتحقق النتائج المرجوة وتمثل المشاورات متعددة الاطراف التي اجراها الصندوق بشأن الاختلالات العالمية مع البلدان الأساسية اول تطبيق لمنهج مبتكر في معالجة تحديات النظام الاقتصادي العالمي، وكانت المشاورات محفلا لتعزيز الفهم المشترك للقضايا ذات الصلة، واعادة تأكيد الدعم الاستراتيجي للجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية والمعنية بالحفاظ على النمو العالمي مع الحد من الاختلالات واتاحة الفرصة لكل بلد كي يشير الى سياسات محددة تتسق مع هذه الاستراتيجية وكانت نتيجة المشاورات مجموعة من خطط السياسات التي ستسهم، طبقا للتحليل الذي أجراه خبراء الصندوق اسهاما ملموسا في تحقيق اهداف استراتيجية اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية. وباتفاق الأطراف المشاركة في المشاورات سوف يخضع تنفيذ خطط السياسات للرقابة المنتظمة من الصندوق.
إدارة التدفقات الرأسمالية الكبيرة
رغم المنافع طويلة الأجل التي يمكن أن تولدها التدفقات الرأسمالية الداخلة الكبيرة إذا أحسن استخدامها، فمن شأن هذه التدفقات أن تنشئ تحديات جسيمة أيضاً أمام استقرار الاقتصاد الكلي.
وبناء على الخبرة المكتسبة من أكثر من 100 نوبة شهدتها السنوات العشرون الماضية، يخلص هذا الفصل الى أن إبقاء الإنفاق الحكومي على مسار ثابت في فترة التدفقات الرأسمالية الداخلة. بدلاً من الاستغراق في الإنفاق المفرط، عمل على تخفيف الآثار السلبية الناشئة عنها. ويرجع ذلك الى ان مسار الإنفاق الثابت خفف الضغوط على الطلب الكلي وساعد في الحد من ارتفاع اسعار الصرف الحقيقية.
وفي المقابل، نجد أن مقاومة ارتفاع سعر الصرف الاسمي عن طريق التدخل لا يرجح أن يحد عن ارتفاع سعر الصرف الحقيقي في مواجهة الطفرات المتواصلة في التدفقات الرأسمالية الداخلة. وقد يسفر عن عواقب اقتصادية كلية أكثر خطورة عند انتهاء هذه الطفرة في آخر المطاف.
وليست هناك أدلة تذكر على أن تشديد القيود على رأس المال يمكن أن يحد من ارتفاع سعر الصرف الحقيقي أو يخفض مواطن الخطر على الاقتصاد الكلي التي تصاحب التحولات الحادة في اتجاه التدفقات الداخلة.
وتجدد الاهتمامات بالاستجابة الملائمة لسياسة الاقتصاد الكلي حين بدأت موجة التدفقات الرأسمالية التي اجتاحت كثيراً من اقتصادات الأسواق الصاعدة في أوائل الألفينات، ويبحث الفصل الثالث من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي في مدى فعالية الاستجابات المختلفة على صعيد السياسات فيما يزيد على 100 نوبة من التدفقات الرأسمالية الخاصة الصافية الكبيرة في مجموعة من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات المتقدمة منذ عام 1987.
وتختلف موجة التدفقات الرأسمالية الخاصة التي دخلت اقتصادات الأسواق الصاعدة مؤخراً عن الموجة السابقة في منتصف التسعينات، بالنظر الى شمولها مجموعة أكبر من البلدان، واستنادها الى حسابات جارية أقوى بشكل عام (مع استثناء بارز هو البلدان الأوروبية الصاعدة)، وحدوثها في اقتصاد عالمي يتميز بدرجة أكبر من التكامل المالي.
وفي الماضي، كانت عجوزات الحساب الجاري أكبر وارتفاعات الطلب الكلي وسعر الصرف الحقيقي أقوى في معظم البلدان التي تعرضت لتذبذبات أشد على مستوى الاقتصاد الكلي خلال فترة التدفقات الداخلة، بما في ذلك التحولات الحادة في اتجاه التدفقات الرأسمالية الداخلة.
ويبدو أن إبقاء الإنفاق الحكومي على مسار ثابت بدلاً من الاستغراق في الإنفاق المفرط خلال فترات التدفقات الداخلة عمل على تخفيف الآثار السلبية للتدفقات الداخلة الكبيرة. فقد اقترنت حالات “الهبوط العنيف” في النشاط الاقتصادي عقب دخول التدفقات الرأسمالية بارتفاع قوي في الإنفاق الحكومي خلال فترة التدفقات، بينما ساعد كبح الإنفاق على الحد من الضغوط الرافعة للطلب الكلي وسعر الصرف الحقيقي، وسهل تحقيق الهبوط الاقتصادي الهادئ.
وفي المقابل، يبدو أن الاستجابات الشائعة الأخرى إزاء التدفقات الرأسمالية الداخلة، كالتدخل المعقد وقيود رأس المال، لم تتمكن من منع ارتفاع سعر العملة، ولم تنجح عموماً في تحقيق هبوط اقتصادي هادئ. فزيادة مقاومة ضغوط سعر الصف خلال فترة التدفقات الداخلة وارتفاع درجة التعقيم الناتجة عن زيادة عرض النقود لم يقترنا بارتفاع أقل في سعر الصرف الحقيقي أو بنمو أفضل بعد دخول التدفقات. وفي النوبات التي قوبلت بتشديد القيود على التدفقات الداخلة، لم تحدث ارتفاعات في سعر الصرف الحقيقي خلال فترة التدفقات ولم يتحقق نمو أفضل في إجمالي الناتج المحلي بعد دخولها.
العولمة وعدم المساواة
ازدادت حدة عدم المساواة في الدخول على مدار العقدين الماضيين في معظم المناطق والبلدان، وفي نفس الوقت، ارتفع دخل الفرد في كل المناطق تقريباً حتى بالنسبة لأفقر شرائح السكان، مما يشير الى تحسن أحوال الفقراء بالمفهوم المطلق خلال فترة العولمة الحالية، وإن كانت زيادة الدخل أسرع في الشرائح الأفضل حالاً نسبياً.
وكان للإنجازات التكنولوجية أكبر دور في زيادة التفاوت المشاهد مؤخراً. ومما أسهم في ذلك أيضاً زيادة العولمة المالية والاستثمار الأجنبي المباشر على وجه الخصوص وإن كانت العولمة التجارية تقترن بتراجع عدم المساواة على عكس الاعتقاد الشائع.
ومن الأهمية بمكان ضمان انتفاع نسبة أكبر من السكان بالمكاسب المتحققة من العولمة والتقدم التكنولوجي. ومن شأن الإصلاحات الرامية للنهوض بالتعليم والتدريب أن تدعم توافر المهارات اللازمة لدى العمالة بما يتناسب مع اقتصاد عالمي سريع التغير. وسوف تسهم في هذا الصدد أيضاً السياسات المعنية بإتاحة المزيد من التمويل للفقراء، إضافة الى التقدم في تحرير التجارة الذي يدعم الصادرات الزراعية من البلدان النامية. وازدادت حدة عدم المساواة في الدخول على مدار العقدين الماضيين في معظم البلدان والمناطق، وإن تباينت تجارب البلدان في هذا الخصوص. ويقيس هذا الفصل عدم المساواة على أساس معامل جيني الشائع الاستخدام والذي يقارن متوسط فروق الدخل بين السكان. وطبقا لهذا المقياس، ارتفع عدم المساواة في بلدان آسيا النامية، وأوروبا الصاعدة، وأمريكا اللاتينية، الاقتصادات الصناعية الآسيوية، والاقتصادات المتقدمة، بينما انخفض في افريقيا جنوب الصحراء وكومنولث الدول المستقلة.
وارتفعت الدخول بالنسبة لجميع شرائح السكان، حتى الأشد فقراً، رغم الزيادة الملاحظة في تفاوت الدخول. فارتفع دخل الفرد في كل شرائح السكان وجميع المناطق والبلدان تقريبا، مما جعل الفقراء أفضل حالا بالمعنى المطلق خلال فترة العولمة الحالية، وإن كانت الدخول قد ارتفعت بسرعة أكبر في معظم الحالات بالنسبة للشرائح الأفضل حالا في الأصل.
وكان للإنجازات التكنولوجية أكبر دور في زيادة التفاوت المشاهد مؤخراً، ولكن العولمة المالية والتجارية أسهمت فيه بدور أيضا، لاسيما في الاقتصادات المتقدمة. ويفسر التقدم التكنولوجي وحده معظم الزيادة في عدم المساواة منذ أوائل الثمانينات، بما يتسق مع الرأي القائد بأن التكنولوجيا الجديدة في كل من البلدان المتقدمة والنامية تزيد العلاوة على المهارات وتحل محل المدخلات التي تقترن بمهارات منخفضة نسبيا.
وتأتي ضآلة تأثير العولمة مقارنة بالتغير التكنولوجي انعكاسا للتأثيرات المتعارضة للعولمة التجارية والمالية على عدم المساواة. فزيادة التكامل التجاري وتزايد الواردات من الاقتصادات النامية على وجه الخصوص ترتبط بتراجع التفاوت بين الدخول في الاقتصادات المتقدمة. وفي البلدان النامية، يرتبط كل من تزايد الصادرات وتحرير التعريفة الجمركية بتحسن توزيع الدخل. وللاستثمار الأجنبي المباشر اثر مشابه لأثر التغير التكنولوجي على توزيع الدخل، وذلك عن طريق زيادة الطلب النسبي على العمالة الماهرة، وأسهم التطور المالي في تزايد التفاوت ايضا لأن المجموعات مرتفعة الدخل نسبيا تكون أقدر على الاستفادة من زيادة فرص الاقتراض.
وفي الفترة المقبلة، ينبغي إحراز تقدم أكبر في وضع سياسات تساعد المجموعات الأقل مهارة ودخلا على الاستفادة من التقدم التكنولوجي والعولمة. فمن خلال تحسين فرص التعليم وزيادة فرص الحصول على التمويل، يمكن تحسين توزيع الدخل ككل. ومن العوامل المساعدة ايضا السياسات التي تعمل على تيسير حركة العمالة من القطاعات المتراجعة إلى القطاعات المتوسطة في الاقتصاد، وهو ما ينطوي في بعض البلدان على جعل منافع الرعاية الصحية أقل اعتمادا على استمرار العمل. وتظل التكنولوجيا والاستثمار الاجنبي المباشر والتطور المالي أدوات مهمة لدعم النمو الكلي وزيادة متوسط الدخول. ويشير الدور الإيجابي للصادرات الزراعية في تحسين النتائج التوزيعية إلى أن إتاحة فرص أكبر لدخول الصادرات الزراعية من البلدان النامية إلى أسواق البلدان المتقدمة بدعم توزيع الدخل بشكل أكثر عدالة في الاقتصادات النامية والمتقدمة على حد سواء.
تزايد حدة عدم المساواة في دخول الأفراد رغم التحسن النسبي لأحوال الفقراء
وفي الاسبوع الماضي قلص صندوق النقد الدولي توقعاته الخاصة بنمو الاقتصاد العالمي من 5،2 في المائة إلى 4،8 في المائة للعام الحالي. (د.ب.أ)
الديناميكية المتغيرة للدورة الاقتصادية العالمية
تسارع النمو العالمي اعتبارا من عام 2004 متجاوزا كل معدلاته السابقة منذ أوائل السبعينات. وتميز هذا النمو بدرجة غير مسبوقة من الشمول لجميع بلدان العالم، كما شهد تقلب الناتج انخفاضا ملحوظا في معظم البلدان والمناطق.
وهناك عوامل يرجح أن تستمر وهي السبب الرئيسي وراء انخفاض تقلب الناتج وما ارتبط به من توسع أكثر استمرارية. وعلى وجه التحديد، يتوقع أن تؤدي التحسينات في ادارة السياسة النقدية وسياسة المالية العامة، وكذلك تحسن جودة المؤسسات على نطاق واسع إلى الحفاظ على انخفاض تقلب الناتج في الفترة المقبلة.
غير ان انخفاض التقلب لا تنتفي معه احتمالات الركود بين الحين والآخر. فالنهاية المفاجئة لفترة النمو القوي والمستقر في الستينات واوائل السبعينات ثم الأزمات الآسيوية في التسعينات. كلها يمثل قصصا تحذيرية عما يمكن أن يحدث ما لم تصدر السياسات استجابة تتلاءم مع ما يستجد من مخاطر وتحديات.
وشهد النمو العالمي في الفترة بين عامي 2004 و60_B أقوى معدلاته المسجلة منذ أواخر الستينات وأوائل السبعينات. فقد زاد الناتج العالمي بمتوسط 5،2% سنويا في تلك الفترة، ووصل النمو خلال السنوات الثلاث بعيد تحييد زيادات السكان في سن العمل إلى 3،15% أي بانخفاض طفيف عن مستوى الستينات. وفضلاً عن ارتفاع النمو العالمي في الآونة الأخيرة، استمر انخفاض تقلبات الناتج في الوقت الذي تتزايد فيه نسبة النمو العالمي التي تسهم بها بلدان الأسواق الصاعدة والبلدان النامية، وهي بلدان يحتمل أن تكون أكثر عرضة للتقلبات.
واتسم النمو العالمي بالاستقرار من عدة أوجه مهمة في الآونة الأخيرة، متفوقا في ذلك حتى على النمو المشاهد في الستينات، آخر عصر ذهبي للنمو القوي والمستقر. وعلى سبيل التحديد، تراجعت درجة تقلب الناتج في معظم البلدان، حيث انخفضت بمعدل الثلث في متوسط البلدان على مدى العقود الاربعة الماضية. ويتميز النمو أيضا بشموله عدداً من البلدان أكبر مما كان عليه الحال في فترات النمو السابقة، فعلى سبيل المثال، بلغ متوسط النمو في الفترة 2004 2006 أكثر من 4% في ثلثي البلدان، وأقل من 1% في بلد واحد فقط من مجموع عشرين بلدا. وبعبارة أخرى، حقق النمو أداء مواتيا في جميع البلدان تقريبا.
ويشير هذا الفصل إلى أن طول استمرارية التوسع وانخفاض تقلب الناتج يرجعان في الغالب الى عوامل يرجح لها البقاء. فقد أسهم تحسن السياسة النقدية بحوالي ثلث ما تحقق من استقرار في تقلبات الناتج مع مرور الوقت. وساعدت في ذلك أيضا زيادة استقرار سياسة المالية العامة. وكان لانخفاض درجة التقلب في معدلات التبادل التجاري، ربما في “نوبة حظ” مؤقتة وحسب دور مهم وإن لم يكن الأكبر في الحد من تقلب الناتج بما يعادل ثمن التغير الكلي تقريبا.
ومع ذلك، ينبغي ألا ينظر الى الاستقرار مستقبلا على أنه أمر مسلم به، فانخفاض درجة التقلب المتوسط لا يعني بالضرورة استبعاد الركود العارض. وقد تولدت عن العولمة التجارية والمالية مخاطر وجوانب ضعف جديدة.
الصندوق يحذر من انتكاسات جديدة في سوق القروض
حذر صندوق النقد الدولي من أن الاضطراب الذي ساد الاسواق المالية هذا الصيف لم يتم التغلب عليه حتى الآن وأنه سوف يستمر على الارجح في خفض معدلات النمو العالمية.
وأكد خيمي كراونا مدير إدارة الاسواق النقدية والمالية بالصندوق أن احتمال حدوث “انتكاسات” لا يزال قائما نظرا لان السوق تمر بفترة تكيف في أعقاب وجود عدد غير مسبوق من الاشخاص الذين تخلفوا عن دفع أقساط الرهن العقاري في الولايات المتحدة هذا الصيف.
وقال كراونا في واشنطن إنه من المحتمل أن تظل الامور صعبة على مدى الشهور القادمة بالنسبة لكثير من الاسواق والمؤسسات، رغم أنه أضاف أن مؤشر التوقعات قد “تحسن بصورة جوهرية” منذ نقطة الانخفاض التي سجلت في آب /أغسطس الماضي. وفي معرض تقريره نصف السنوي حول الاستقرار المالي في العالم قال كراونا إن “ثقة” البنوك في سوق الاقراض لا تزال متدنية وسوف تستغرق وقتا لكي تتحسن.
وأضاف كراونا أن “النبأ السار” هو أن أزمة القروض تحدث في فترة تشهد نموا اقتصاديا قويا في أنحاء العالم. كما طرأ استقرار على أسواق المال على الرغم من انخفاض أسعار الاسهم الامريكية يوم الاثنين بعد أن نسب سيتي بنك تراجع الارباح بنسبة 57 في المائة خلال الربع الثالث من العام إلى حالة القلق التي تسيطر على سوق الرهن العقاري.
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions Inc. All rights reserved.