العبيـدلي
22-10-2007, 07:29 AM
أسواق الشرق الأوسط
الزميل جون دفتريوس: جنّي الأسعار بالخليج لن يعود إلى القمقم
2035 (GMT+04:00) - 12/10/07
جنّي الأسعار يربض على صدور سكان الخليج
الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" الجديد يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته اسبوعيا، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.
وهذا الأسبوع يكتب جون زاويته من دولة الإمارات العربية فيقول:
(CNN)-- في المعتقدات العربية والإسلامية، يظهر الجنّي على أنه مخلوق خارق للطبيعة، وقد استخدم المصطلح بكثرة في لندن وول ستريت خلال العقد الثامن من القرن العشرين، إبان حقبة الطفرة الاقتصادية، حيث كان خبراء الاقتصاد يلمحون إلى هذا المخلوق لدى سؤالهم عن الأسعار التي كانت ترتفع آنذاك بشكل جنوني قائلين: لم يعد من الممكن إعادة الجنّي إلى القمقم.
وربما قيض للعام 2007 أن يشهد تقاطع مساري الأساطير العربية وول ستريت، فمع ارتفاع أسعار النفط إلى ما يفوق 80 دولاراً مؤخراً، استفادت دول الخليج، وفي مقدمتها قطر والسعودية والإمارات والكويت من تدفق العوائد الخيالية لبيع الذهب الأسود، التي بلغت 185 مليار دولار في السعودية وحدها هذا العام.
ولكن، ومع ازدياد تدفق الأموال، حط التضخم رحاله واستقر في هذه المنطقة.
وتظهر الأرقام الأولية ذلك بوضوح، ففي أبوظبي، إحدى الإمارات السبع المنضوية في ظل دولة الإمارات العربية المتحدة، أعلنت السلطات المعنية أن معدل التضخم خلال الأسبوع الجاري بلغ 11.5 في المائة، فيما سجلت دبي وقطر تضخماً بمعدل 10 في المائة، وحلت خلفهما الكويت والمنامة مع خمسة في المائة.
وخلال عطلة عيد الفطر التي تعقب نهاية شهر رمضان في الدول الإسلامية، ناشدت حكومات المنطقة التجار عدم ابتزاز المستهلكين عبر رفع أسعار السلع.
وإذا نظرنا بعمق إلى طبيعة الجني في المعتقدات العربية والإسلامية، نجد أنه كائن غير مرئي يعيش في عالم مواز لعالمنا، وفي واقع الأمر فإن ارتفاع الأسعار يمثل التجسيد الحقيقي للجني في الشرق الأوسط، فهو يتربع على صدور سكان المنطقة، لكن البعض، وفي مقدمتهم عدد من الوزراء وخبراء الاقتصاد، يختار إخفاء آثاره أو ببساطة.. التغاضي عن رؤيته.
يمكن لرحلة إلى الإمارات أو أي من دول الخليج الأخرى أن تقدم شرحاً وافياً عن هذه الحقيقة، ففي إمارة دبي بالإمارات العربية المتحدة، قفزت إيجارات المساكن 26 في المائة خلال العام الماضي، أما كلفة تجديد المنازل فهي الأكبر في العالم، وقد تبلغ 110 ألاف دولار.
ولا يقتصر الأمر على العقارات، فتكلفة الرحلة الجوية من لندن إلى الخليج تفوق كلفة الرحلة منها إلى نيويورك، على المقلب الآخر من المحيط الأطلسي، وذلك رغم توفر الكثير من الطائرات التي تكون معظمها محجوزة بالكامل.
ويطبق الأمر نفسه على الفنادق، حيث قال أحد اللبنانيين الذين تناولت معهم طعام الغداء الأسبوع الماضي، إن أي مقارنة بين لندن والمدن الخليجية ستجعل العاصمة البريطانية تبدو وكأنها مدينة بخسة التكاليف.
ربما يجدر بي أن أشير هنا إلى أن زميلي اللبناني كان يتحدث خلال وقت مستقطع من رحلة تسوق طويلة يقوم بها برفقة زوجته للتسوق، مستفيداً من الارتفاع الكبير الذي شهده الجنيه الإسترليني أمام الدولار، عملة الربط الأساسية بالنسبة للمصارف المركزية في الخليج.
وكانعكاس لذلك، جاء في تقرير "ميرسير" أن دبي التي كانت تحتل المرتبة 34 على قائمة أغلى مدن العالم فقدت مركزها وانحدرت نزولا، وقد تبعتها أبوظبي التي كانت تحتل المرتبة 45، وذلك بسبب تراجع الدولار الذي جر معه العملة المحلية، الدرهم، نزولاً.
إلا أن حيلة الأرقام لن تنطلي على صناع القرار والمواطنين والوافدين في هذه المنطقة، الذين يعرفون حق المعرفة أن ارتفاع سعر النفط سيرفع الإنفاق الحكومي وهو ما سيعزز فرص النمو و.. نعم التضخم.
يبدو أن هذا الجنّي لن يعود إلى القمقم قريباً.
الزميل جون دفتريوس: جنّي الأسعار بالخليج لن يعود إلى القمقم
2035 (GMT+04:00) - 12/10/07
جنّي الأسعار يربض على صدور سكان الخليج
الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" الجديد يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته اسبوعيا، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.
وهذا الأسبوع يكتب جون زاويته من دولة الإمارات العربية فيقول:
(CNN)-- في المعتقدات العربية والإسلامية، يظهر الجنّي على أنه مخلوق خارق للطبيعة، وقد استخدم المصطلح بكثرة في لندن وول ستريت خلال العقد الثامن من القرن العشرين، إبان حقبة الطفرة الاقتصادية، حيث كان خبراء الاقتصاد يلمحون إلى هذا المخلوق لدى سؤالهم عن الأسعار التي كانت ترتفع آنذاك بشكل جنوني قائلين: لم يعد من الممكن إعادة الجنّي إلى القمقم.
وربما قيض للعام 2007 أن يشهد تقاطع مساري الأساطير العربية وول ستريت، فمع ارتفاع أسعار النفط إلى ما يفوق 80 دولاراً مؤخراً، استفادت دول الخليج، وفي مقدمتها قطر والسعودية والإمارات والكويت من تدفق العوائد الخيالية لبيع الذهب الأسود، التي بلغت 185 مليار دولار في السعودية وحدها هذا العام.
ولكن، ومع ازدياد تدفق الأموال، حط التضخم رحاله واستقر في هذه المنطقة.
وتظهر الأرقام الأولية ذلك بوضوح، ففي أبوظبي، إحدى الإمارات السبع المنضوية في ظل دولة الإمارات العربية المتحدة، أعلنت السلطات المعنية أن معدل التضخم خلال الأسبوع الجاري بلغ 11.5 في المائة، فيما سجلت دبي وقطر تضخماً بمعدل 10 في المائة، وحلت خلفهما الكويت والمنامة مع خمسة في المائة.
وخلال عطلة عيد الفطر التي تعقب نهاية شهر رمضان في الدول الإسلامية، ناشدت حكومات المنطقة التجار عدم ابتزاز المستهلكين عبر رفع أسعار السلع.
وإذا نظرنا بعمق إلى طبيعة الجني في المعتقدات العربية والإسلامية، نجد أنه كائن غير مرئي يعيش في عالم مواز لعالمنا، وفي واقع الأمر فإن ارتفاع الأسعار يمثل التجسيد الحقيقي للجني في الشرق الأوسط، فهو يتربع على صدور سكان المنطقة، لكن البعض، وفي مقدمتهم عدد من الوزراء وخبراء الاقتصاد، يختار إخفاء آثاره أو ببساطة.. التغاضي عن رؤيته.
يمكن لرحلة إلى الإمارات أو أي من دول الخليج الأخرى أن تقدم شرحاً وافياً عن هذه الحقيقة، ففي إمارة دبي بالإمارات العربية المتحدة، قفزت إيجارات المساكن 26 في المائة خلال العام الماضي، أما كلفة تجديد المنازل فهي الأكبر في العالم، وقد تبلغ 110 ألاف دولار.
ولا يقتصر الأمر على العقارات، فتكلفة الرحلة الجوية من لندن إلى الخليج تفوق كلفة الرحلة منها إلى نيويورك، على المقلب الآخر من المحيط الأطلسي، وذلك رغم توفر الكثير من الطائرات التي تكون معظمها محجوزة بالكامل.
ويطبق الأمر نفسه على الفنادق، حيث قال أحد اللبنانيين الذين تناولت معهم طعام الغداء الأسبوع الماضي، إن أي مقارنة بين لندن والمدن الخليجية ستجعل العاصمة البريطانية تبدو وكأنها مدينة بخسة التكاليف.
ربما يجدر بي أن أشير هنا إلى أن زميلي اللبناني كان يتحدث خلال وقت مستقطع من رحلة تسوق طويلة يقوم بها برفقة زوجته للتسوق، مستفيداً من الارتفاع الكبير الذي شهده الجنيه الإسترليني أمام الدولار، عملة الربط الأساسية بالنسبة للمصارف المركزية في الخليج.
وكانعكاس لذلك، جاء في تقرير "ميرسير" أن دبي التي كانت تحتل المرتبة 34 على قائمة أغلى مدن العالم فقدت مركزها وانحدرت نزولا، وقد تبعتها أبوظبي التي كانت تحتل المرتبة 45، وذلك بسبب تراجع الدولار الذي جر معه العملة المحلية، الدرهم، نزولاً.
إلا أن حيلة الأرقام لن تنطلي على صناع القرار والمواطنين والوافدين في هذه المنطقة، الذين يعرفون حق المعرفة أن ارتفاع سعر النفط سيرفع الإنفاق الحكومي وهو ما سيعزز فرص النمو و.. نعم التضخم.
يبدو أن هذا الجنّي لن يعود إلى القمقم قريباً.