المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوطني: خفض الفائدة ظاهره شيء.. وباطنه شيء آخر (1)



ROSE
31-10-2007, 07:51 AM
إجراء المركزي الكويتي في سبتمبر لفت نظر مراقبي السوق من خارج البلاد
الوطني: خفض الفائدة ظاهره شيء.. وباطنه شيء آخر (1)


31/10/2007 تناول بنك الكويت الوطني في موجزه الاقتصادي الاخير (الذي نشر قسمه الاول اليوم) تطورات اسعار الفائدة في الكويت والسياسة النقدية بشكل عام التي كانت قد اثارت جدلا حول اهدافها، بعد ان شهد شهر سبتمبر الماضي قيام بنك الكويت المركزي بتخفيض سعر الفائدة بنحو 75 نقطة اساس.. وقال: لفت هذا الاجراء نظر مراقبي السوق من خارج البلاد الذين رأوا في هذه الخطوة السير في الاتجاه المعاكس لما تمليه حالة الازدهار السائدة في الاقتصاد الكويتي وزيادة الضغوط التضخمية.
واشار الوطني الى ان اهداف السياسة النقدية قد تنجلي بوضوح اكبر في ما لو قام مجلس الاحتياط الفدرالي الاميركي بخفض الفائدة مجددا هذا الاسبوع. اذ قد تحدد ردة فعل بنك الكويت المركزي من حيث تثبيت او تغيير سعر الفائدة على الدينار توجهاته واولوياته. اذ ساد الانطباع بأن مساندة سياسة سعر الصرف كانت وراء التخفيض في سعر الفائدة في شهر سبتمبر. فالدينار الكويتي ما زال عرضة لمضاربات مستمرة في ضوء توقع رفع سعر صرف الدينار، وذلك رغم قيام البنك المركزي في 20 مايو بالتخلي عن سياسة الربط الحصري بالدولار الاميركي، والعودة الى سياسة الربط بسلة من العملات، علما بانه لم يتم الافصاح رسميا عن عملات هذه السلة او اوزانها. وقد جاء قرار مجلس الاحتياط الفدرالي الاميركي في 18 سبتمبر بخفض سعر الفائدة على اداته الرئيسية وبواقع 50 نقطة اساس ليسهم في تنامي الضغوط المحيطة بسعر صرف الدينار.
التخفيض الإضافي
وقال انه ومع ان البنك المركزي كان قد خفض سعر الفائدة بنحو 25 نقطة اساس قبل اسبوع من خفض الفائدة على الدولار في اميركا في سبتمبر الماضي، لكنه قام لاحقا بإجراء تخفيض اضافي وبواقع 50 نقطة اساس في 19 سبتمبر، مما ولد حالة من القلق لدى بعض المحللين حول مسار السياسة النقدية في الكويت، وتحديدا في ما اذا كان البنك المركزي يولي اهتماما بسياسة سعر الصرف يفوق اهتمامه بمتطلبات الاقتصاد الوطني.
وفي الواقع، فقد أسيء وعلى نطاق واسع ملاحظة المغزى الحقيقي من وراء تخفيضات سعر الفائدة التي قام بها البنك المركزي. فبداية، تجدر الاشارة الى ان احد خصائص النشاط المصرفي في الكويت يتمثل في ارتباط اسعار الفائدة على القروض المصرفية المحلية بسعر الخصم الذي يحدده البنك المركزي، في حين ان سعر الفائدة على اتفاقيات اعادة الشراء (الريبو) يعتبر السعر المحوري الذي ترتبط به اسعار الفائدة على الودائع لدى البنوك. كما يذكر بان التخفيضات الاخيرة على سعر الفائدة قد شملت فقط سعر فائدة الريبو الذي تم خفضه الى 4.75%. وفي المقابل، فان البنك المركزي لم يدخل اي تعديل على سعر فائدة الخصم والذي بقي محافظا على المستوى السائد نفسه منذ 15 شهرا والبالغ 6.25%.
التكلفة الفعلية
واشار الوطني الى ان التكلفة الفعلية للودائع او القروض لا تعتمد فقط على اسعار الفائدة التي يحددها البنك المركزي، بل ايضا على هامش سعر الفائدة لدى البنوك، الى جانب درجة التنافسية التي تسود النشاط المصرفي. ومع ذلك، يلاحظ ان التخفيضات الاخيرة في سعر الفائدة لها دلالات واضحة حول سياسة البنك المركزي وتحمل في طياتها رسالة محددة. فعلى الرغم من ان الدافع الاساسي من وراء خفض سعر الفائدة (والمتمثل في الحفاظ على ربط سعر صرف الدينار بسلة من العملات يستأثر فيها الدولار بالاهمية النسبية الاكبر) قد تكون له انعكاسات سلبية على مستوى التضخم في الكويت، لكنه من غير المحتمل ان تولد تغييرات اسعار الفائدة بحد ذاتها ضغوطا تضخمية. بل على النقيض، فان هذه التخفيضات قد تساند جهود البنك المركزي الرامية الى احتواء الضغوط التضخمية عن طريق رفع تكلفة المضاربة على الدينار، ومن ثم الحد من زيادة السيولة المحلية من جراء تدفق ودائع المضاربين من الخارج.
المضاربات.. ودوافعها
وقال: وضمن هذا الاطار، يذكر ان المضاربات على حتمية رفع سعر صرف الدينار كانت قد بدأت منذ عام تقريبا، وتعاظم زخمها منذ مطلع عام ،2007 ومن الدلائل على ذلك ارتفاع احتياطيات البنك المركزي، والتي تتضمن بشكل رئيسي عملات اجنبية، خلال الفترة الممتدة ما بين يوليو 2006 ومارس من العام الحالي بنحو 3.4 مليارات دينار، او ما يعادل ثلاثة اضعاف لمستوى ارتفاعها خلال السنوات الخمس السابقة مجتمعة. وهنا لا بد من التنويه الى ان هذه الزيادة لا تعزى بمجملها الى عمليات المضاربة، حيث ان شهر مارس لوحده على سبيل المثال كان قد شهد قفزة في الموجودات الاجنبية بما قدره 1.9 مليار دينار، منها 1.2 مليار دينار نجمت عن قيام شركة اتصالات قطرية (كيوتل) بشراء حصة في شركة الاتصالات الوطنية. وفي ضوء ذلك، تشير تقديرات الوطني ان ما يناهز نصف الزيادة في حجم الموجودات الاجنبية للبنك المركزي (او ما يعادل 2.4 مليار دينار) خلال الفترة الممتدة ما بين ديسمبر من عام 2006 ومايو من العام الحالي قد ارتبطت بالمضاربات على سعر صرف الدينار.
الصورة الواضحة
ووفقا لتقرير الوطني، فان الصورة تظهر اكثر وضوحا اذا ما تم النظر الى التغيرات في صافي الموجودات الاجنبية للبنوك المحلية والذي يمثل الفرق ما بين موجودات البنوك الاجنبية والتزاماتها تجاه غير المقيمين. ففي السابق، كانت البنوك الكويتية في موقف الدائن تجاه العالم الخارجي وذلك في ضوء تجاوز حجم موجوداتها لالتزاماتها من العملات الاجنبية. وتشير البيانات المتاحة الى ان صافي الموجودات الاجنبية للبنوك المحلية قد ارتفع بشكل ملموس ما بين عامي 2002 و2006، وليصل الى مستوى قياسي خلال شهر نوفمبر من عام 2006 بلغ 2.3 مليار دينار. ولكن الاشهر اللاحقة شهدت تغيرات جذرية في ضوء التزايد الحاد في الالتزامات الاجنبية بحيث اصبح صافي الموجودات الاجنبية للبنوك المحلية تجاه غير المقيمين مدينا خلال النصف الاول من العام الحالي. وهنا ايضا يصعب تحديد درجة مساهمة المضاربات في هذه التطورات.
دور المضاربات
واضاف انه وفي كل الاحوال، ومن دون الحاجة الى تحديد الحجم الدقيق للاموال المتدفقة من خارج الكويت لغايات المضاربة، فان هذه المضاربات لم ينحصر دورها فقط في زيادة صعوبة ادارة سياسة سعر الصرف، بل تعداه عن طريق زيادة صافي الودائع لدى البنوك المحلية وتوسع القاعدة النقدية الى المساهمة في تفاقم حدة الضغوط التضخمية التي اصبحت اكثر حضورا. فقد وصل معدل التضخم خلال الاثني عشر شهرا المنتهية في يوليو من العام الحالي الى 4.1% وذلك مقابل 3% لعام 2006 بأكمله.
تطور إيجابي
ويرى الوطني انه وفي تطور ايجابي مساند لجهود البنك المركزي ويعكس على الاقل درجة من النجاح، فيبدو ان تزامن التراجع في اسعار الفائدة على الودائع مع فك الارتباط الحصري لسعر صرف الدينار بالدولار الاميركي وما تبعه من رفع في سعر صرف الدينار مقابل الدولار قد اسهما في تراجع ملحوظ في حجم المضاربات. فخلال الفترة الممتدة ما بين يونيو واغسطس، انعكست مسيرة التنامي في احتياطيات البنك المركزي بتراجعها بنحو 0.9 مليار دينار، في حين عاد صافي الموجودات الاجنبية للبنوك المحلية ليصبح دائنا تجاه غير المقيمين. كما شهد عرض النقد في شهر اغسطس اول تراجع له منذ شهر يناير وبواقع 0.6% عاكسا بذلك تراخيا اضافيا في حجم المضاربات المرتبطة بسعر صرف الدينار. ومما لا شك فيه ان خفض اسعار الفائدة الذي تم في شهر سبتمبر قد يعزز من هذا النمط، ويوفر المزيد من الدعم لصحة هذا الاجراء.

مسائل جديرة بالملاحظة
قدم بنك الكويت الوطني لتقريره الاخير، بجملة نقاط ووقائع جديرة بالملاحظة، وجاءت كالتالي:
المغزى الحقيقي من وراء التخفيضات الأخيرة في سعر الفائدة التي قام بها البنك المركزي أسيء ملاحظته وعلى نطاق واسع. فقد اقتصرت هذه التخفيضات، التي بلغت 75 نقطة أساس، على سعر فائدة الريبو الذي ترتبط به أسعار الفائدة على الودائع. أما سعر الخصم الذي تتحدد بموجبه أسعار الفائدة على القروض المصرفية، فبقي دون تغيير.
- ليس صحيحا أن هذه التخفيضات ستعزز من نمو القروض وتغذي شعلة التضخم، بل على العكس ستسهم في احتواء الضغوط التضخمية برفع تكلفة المضاربة على سعر صرف الدينار، وبالتالي الحد من تدفقات الأموال من الخارج لغايات المضاربة. وفعليا، هنالك بوادر نجاح وبدرجة ما في هذا المسعى.
من حيث المبدأ، تخفيض سعر فائدة الريبو دون سعر فائدة الخصم يشكل جل السياسة الحالية للبنك المركزي. فالبنك المركزي يستطيع مجاراة التخفيض في أسعار الفائدة الأميركية والمحافظة على سياسة سعر الصرف من جهة، وتلبية متطلبات الاقتصاد الوطني بابقاء أسعار الفائدة على القروض مرتفعة نسبيا من جهة ثانية. وفي الوقت ذاته، فان باستطاعة البنك المركزي استخدام بعض المعايير الكمية كتحديد الحد الأقصى لنسبة القروض الى الودائع لكبح جماح النمو المطرد في القروض.
التعقيدات التي تخلفها هذه الاجراءات على النشاط البنكي المحلي يعني أن هنالك حدا أقصى لحجم الفجوة بين أسعار الفائدة على القروض والودائع لا يحبذ تجاوزه، ناهيك عن النجاح الذي يمكن أن تحققه البنوك في ابتكار الوسائل الكفيلة للحد من تأثرها بالضوابط الكمية التي يفرضها البنك المركزي كما يستشف من تجارب سابقة للبنوك.
البنك المركزي سيكون أمام معضلة في حال حدوث تخفيض جديد في أسعار الفائدة الأميركية. وبالتالي، فان زيادة الفجوة بين أسعار الفائدة المحلية على القروض والودائع قد تستنفد فاعليتها في المستقبل القريب.