إنتعاش
11-11-2007, 10:33 PM
طالبنا في مقالات سابقة في بداية العام الحالي الشركات المساهمة بالإفصاح عن الأداء المستقبلي والأرباح المتوقعة، وطلبنا من مؤسسة النقد العربي السعودي ممارسة نفوذها على البنوك السعودية لتكون الأولى، خصوصا في ظل وضوح أن أرباح عام 2007 لن تكون من مستويات عام 2006، في ظل انتهاء فورة الأسهم وبالتالي كنتيجة طبيعية انخفاض الأرباح الناتجة عن ذلك، والتي أسهمت في زيادة أرباح البنوك لمستويات قياسية في عام 2006. وقد كانت مطالبتنا نتيجة غياب المعلومة عن العديد من صغار المساهمين وغير المختصين، وقد حذرنا من عدم وضوح أساليب البنوك في إعلان أرباحها واختيارها لمقارنة الفترات المالية التي تناسبها من دون مراعاة المعايير المالية والمحاسبية، وقد غضب علينا بعض موظفي البنوك وادعوا بأننا من الحاسدين الحاقدين لنجاحاتهم وتحقيقهم أعلى الأرباح.
ومع أن نجاحات البنوك فعلا محل حسد من الكثير ولكن هذا ليس موضوعنا ولا هو رأينا، ونحن نرى أن الدور المهم الذي تلعبه البنوك هو دورها القيادي في بيئة الأعمال سواء عن طريق دورها كأحد أهم محركات الاقتصاد أو كنموذج للشركات المساهمة في الإفصاح والشفافية وحوكمة الشركات، كما أن إمكاناتها العالية أسهمت في تدريب العديد من "المصرفيين" ليصلوا إلى أعلى المستويات والحرفية العالمية، وبالتالي فهي تكاد تكون الأفضل في هذا المجال ما بين الشركات المساهمة السعودية من ناحية توافر العنصر البشري الفاعل الذين يضاهون أفضل المصرفيين في العالم، ويربطني عديد من الصداقات والقرابة بالعديد منهم والتي أعتز بها. وقد كان استثمار البنوك في العنصر البشري من أهم إنجازات البنوك خلال العشرين عاما الماضية، الذي انعكس على القطاع الخاص عموما وليس فقط القطاع المصرفي.
ولكن مع الأسف يتم استخدام هذه المهارات في الاستخفاف بعقولنا وجيوبنا من دون وجود من يوقف مسلسل "تجميل الحقائق" المتتالي، الذي يصدر مع الأسف من قبل البنوك الوطنية، مثلا أمامي خبر تم نشره في معظم الصحف عن أرباح مصرف وطني من أكبر المصارف المحلية يعلن فيه عن نتائج الأشهر التسعة بخبر يحتوي على 299 كلمة دون أن يكون من بينها إشارة واحدة لا من قريب ولا من بعيد إلى انخفاض أرباح المصرف خلال فترات الأشهر التسعة للعلم الحالي مقارنة بالأشهر التسعة من العام السابق، بل على العكس فالخبر مليء بكافة الإشارات الإيجابية التي تشير إلى تحقيق هذا المصرف نتائج أفضل مثل "نسبة نمو مقارنة بأرباح الربع الثاني" و"زيادة قدرها كذا مليون ريال مقارنة بأرباح الربع الثالث من العام الماضي"، والمصرف واصل تنمية موارده الاستثمارية والمصرفية الأخرى وحقق نتائج طيبة.. ثم النتائج المالية للأشهر التسعة أظهرت ارتفاع صافي إيرادات الاستثمار... إلخ.
هذا الخبر ليس فقط يعطي إشارات إيجابية غير صحيحة لغير المختصين وصغار المساهمين فقط، بل أكثر من ذلك، فقد اتصل بي أحد المصرفيين الاستثماريين أي من المختصين ليناقش هذا الخبر تحديدا لمعرفته باهتمامي بنتائج البنوك، وأن النتائج كانت عكس توقعاتنا السابقة، حيث إنه تحت انطباع أن هذا المصرف حقق نتائج أفضل خلال الأشهر التسعة من العام الحالي مقارنة بالعام الماضي، وهو الأمر غير الصحيح بتاتا!! وللأسف لم يكن البنك الوطني الوحيد الذي قام بتجميل الحقائق، بل توجد بنوك أخرى استخدمت أساليب مختلفة كان الغموض من أبرزها.
ومع الأسف تحت هذا الخبر تحديدا وفي اليوم نفسه في أكثر من جريدة، نجد أن أحد البنوك المختلطة، أي "السعودية" بشراكة أجنبية يعلن عن نتائج الأشهر التسعة للعام الحالي بوضوح تام بأن هناك انخفاضا في النتائج في صدارة الخبر، إذن ما الخلل؟ ولماذا تتم محاولة تجميل الحقائق خصوصا من قبل البنوك الوطنية التي الأجدر بها أن تكون حريصة على إعلان الحقائق أكثر من غيرها، خصوصا في ظل ظروف مفهومة وواضحة للجميع ومن لا يدرك ما حدث في سوق الأسهم السعودي وتبعاته؟! ومَن سيلوم البنوك في العالم، وبكل صراحة عن تحقيقها خسائر مقدارها آلاف مليارات الدولارات نتيجة أزمة الرهن العقاري الأمريكي؟
لماذا يعتبر إخفاء الحقائق أو تجميلها مهارة، بينما لا يتم تقدير الشفافية والإفصاح أم أن هذا جزء من الخصوصية التي نعيش فيها.. يا مؤسسة النقد ويا هيئة سوق المال، هل يرضيكما ما يحدث فينا ومَن المسؤول عن أني "أكذب ولا أتجمل"، وهل سنرى غرامات وعقوبات عن مثل عمليات التجميل هذه غير الشرعية أم على قول المثل "مَن أمن العقوبة أساء الأدب".
عبد الله باجبير
* نقلا عن جريدة "الإقتصادية" السعودية.
ومع أن نجاحات البنوك فعلا محل حسد من الكثير ولكن هذا ليس موضوعنا ولا هو رأينا، ونحن نرى أن الدور المهم الذي تلعبه البنوك هو دورها القيادي في بيئة الأعمال سواء عن طريق دورها كأحد أهم محركات الاقتصاد أو كنموذج للشركات المساهمة في الإفصاح والشفافية وحوكمة الشركات، كما أن إمكاناتها العالية أسهمت في تدريب العديد من "المصرفيين" ليصلوا إلى أعلى المستويات والحرفية العالمية، وبالتالي فهي تكاد تكون الأفضل في هذا المجال ما بين الشركات المساهمة السعودية من ناحية توافر العنصر البشري الفاعل الذين يضاهون أفضل المصرفيين في العالم، ويربطني عديد من الصداقات والقرابة بالعديد منهم والتي أعتز بها. وقد كان استثمار البنوك في العنصر البشري من أهم إنجازات البنوك خلال العشرين عاما الماضية، الذي انعكس على القطاع الخاص عموما وليس فقط القطاع المصرفي.
ولكن مع الأسف يتم استخدام هذه المهارات في الاستخفاف بعقولنا وجيوبنا من دون وجود من يوقف مسلسل "تجميل الحقائق" المتتالي، الذي يصدر مع الأسف من قبل البنوك الوطنية، مثلا أمامي خبر تم نشره في معظم الصحف عن أرباح مصرف وطني من أكبر المصارف المحلية يعلن فيه عن نتائج الأشهر التسعة بخبر يحتوي على 299 كلمة دون أن يكون من بينها إشارة واحدة لا من قريب ولا من بعيد إلى انخفاض أرباح المصرف خلال فترات الأشهر التسعة للعلم الحالي مقارنة بالأشهر التسعة من العام السابق، بل على العكس فالخبر مليء بكافة الإشارات الإيجابية التي تشير إلى تحقيق هذا المصرف نتائج أفضل مثل "نسبة نمو مقارنة بأرباح الربع الثاني" و"زيادة قدرها كذا مليون ريال مقارنة بأرباح الربع الثالث من العام الماضي"، والمصرف واصل تنمية موارده الاستثمارية والمصرفية الأخرى وحقق نتائج طيبة.. ثم النتائج المالية للأشهر التسعة أظهرت ارتفاع صافي إيرادات الاستثمار... إلخ.
هذا الخبر ليس فقط يعطي إشارات إيجابية غير صحيحة لغير المختصين وصغار المساهمين فقط، بل أكثر من ذلك، فقد اتصل بي أحد المصرفيين الاستثماريين أي من المختصين ليناقش هذا الخبر تحديدا لمعرفته باهتمامي بنتائج البنوك، وأن النتائج كانت عكس توقعاتنا السابقة، حيث إنه تحت انطباع أن هذا المصرف حقق نتائج أفضل خلال الأشهر التسعة من العام الحالي مقارنة بالعام الماضي، وهو الأمر غير الصحيح بتاتا!! وللأسف لم يكن البنك الوطني الوحيد الذي قام بتجميل الحقائق، بل توجد بنوك أخرى استخدمت أساليب مختلفة كان الغموض من أبرزها.
ومع الأسف تحت هذا الخبر تحديدا وفي اليوم نفسه في أكثر من جريدة، نجد أن أحد البنوك المختلطة، أي "السعودية" بشراكة أجنبية يعلن عن نتائج الأشهر التسعة للعام الحالي بوضوح تام بأن هناك انخفاضا في النتائج في صدارة الخبر، إذن ما الخلل؟ ولماذا تتم محاولة تجميل الحقائق خصوصا من قبل البنوك الوطنية التي الأجدر بها أن تكون حريصة على إعلان الحقائق أكثر من غيرها، خصوصا في ظل ظروف مفهومة وواضحة للجميع ومن لا يدرك ما حدث في سوق الأسهم السعودي وتبعاته؟! ومَن سيلوم البنوك في العالم، وبكل صراحة عن تحقيقها خسائر مقدارها آلاف مليارات الدولارات نتيجة أزمة الرهن العقاري الأمريكي؟
لماذا يعتبر إخفاء الحقائق أو تجميلها مهارة، بينما لا يتم تقدير الشفافية والإفصاح أم أن هذا جزء من الخصوصية التي نعيش فيها.. يا مؤسسة النقد ويا هيئة سوق المال، هل يرضيكما ما يحدث فينا ومَن المسؤول عن أني "أكذب ولا أتجمل"، وهل سنرى غرامات وعقوبات عن مثل عمليات التجميل هذه غير الشرعية أم على قول المثل "مَن أمن العقوبة أساء الأدب".
عبد الله باجبير
* نقلا عن جريدة "الإقتصادية" السعودية.