إنتعاش
11-11-2007, 11:19 PM
الحمد لله على نعمه وفضله وبرميل النفط بـ90 دولاراً أو يزيد، وقد دخلنا منذ عام أو أكثر طفرة جديدة بفضل تلك العوائد التي تبدو مختلفة هذه المرة عن مثيلاتها، لأن توظيف هذه الدولارات يذهب في مسار تنموي اكثر فعالية، وهكذا يبدو لنا المشهد للوهلة الأولى، لكن من الواضح اننا بحاجة الى نظرة جديدة تتعمق اكثر في هذه الطفرة الاقتصادية، لعلها هذه المرة تمنحنا الميزات التي نفتقدها لصنع تنمية حقيقية لمدى ابعد.
وأنت تقرأ هذا المقال هناك مشاريع لا تتوقف في كل مكان في المملكة، في البر والبحر وحتى الفضاء، مشاريع في التعليم والصحة والسكك الحديد والمطارات والاتصالات والطرق والطاقة. وهناك منشآت عملاقة تحت التنفيذ أو التوسعة. وقد اصبحنا محط انظار كبار المستثمرين والمقاولين العالميين الذين يطمحون لنيل حصة من كعكة النهضة الاقتصادية السعودية الجديدة.
الأمنية هي ألا تتوقف تنميتنا في الاسمنت والحديد والاسفلت والزجاج المصقول، تماماً كما حدث في أزمنة غابرة عندما غاب المواطنون عن الخريطة، وبدلاً من أن تصنع لنا الطفرة جيلاً مهنياً مؤهلاً، منحت دولارات النفط الفرصة لغير المواطنين، ليكونوا دعامة التقدم الاقتصادي واساس خبراته، وما ان انتهت مشاريعنا العملاقة وقتها حتى غادر المقاولون الكبار بأرباحهم، وعاد الموظفون الأجانب الى بلدانهم بمدخراتهم وخبراتهم وتأهيلهم الذي لا يقدر بثمن، وبقينا وحدنا نتأمل خطوط الإنتاج المبهرة وشبكات الحاسب المعقدة، وامتلأت ادراجنا بخرائط وتصاميم لم نفهمها، وابتسمنا ببلاهة لكاميرات التلفزيون توثق مشاريع التنمية، التي كانت تستعين بـ "كومبارس" من المواطنين يرتدون اللبس الوطني، ليبدوا كأنهم يشغلون المعدات ويضغطون على أزرار الأجهزة الحساسة ويملأون قاعات التدريب الفني.
لا نريد لتلك الأيام ان تعود مرة أخرى، وتلك المشاريع التي لا تضيف لرصيد خبراتنا الوطنية شيئاً لسنا بحاجة اليها، والتنمية الحقيقية لا بد من ان تكون في المواطنين ولا شيء غير المواطنين، والرصيد الذي نحن بحاجة الى مضاعفته ليس احتياطياتنا من العملات الصعبة، بل هو رصيدنا من المهارات التقنية والتأهيل الفني، وهذا وحده المقياس الحقيقي للتنمية، وفرس الرهان الرابح في سباقنا مع التحديث والتطوير.
لكل طفرة دورتها تبدأ وتصل الى قمتها ثم تتجه نحو الانحدار، ونحن البلد الذي قدرنا ان يكون اعتمادنا شبه كلي على النفط، على رغم محاولاتنا المستميتة تحفيز النشاطات الاقتصادية غير النفطية، لذا فنحن وباستثناء قد لا يتكرر وجوده في الاقتصاديات العالمية رهن لتلك الطفرات التي تحل عقداً وترحل عقدين، تماماً كمطر الصحراء النادر، فلا حياة في صحرائنا بلا مطر، ولا خصوبة ولا رعي ولا استمرار للإنسان.
هي فرصة لا تدعوها تفلت من ايدينا، وهذه الإصلاحات الاقتصادية التي تبحث عن المناخ الملائم لنمو وازدهار الاقتصاد ليتها تدخل من باب التنمية البشرية وتضع ضمانات كافية لنحتفظ بالخبرات والمهارات مهما كلف الأمر وتضاعفت المصروفات وأثرى المقاولون.
أحمد الشعلان
* نقلا عن جريدة "الحياة" اللندنية
وأنت تقرأ هذا المقال هناك مشاريع لا تتوقف في كل مكان في المملكة، في البر والبحر وحتى الفضاء، مشاريع في التعليم والصحة والسكك الحديد والمطارات والاتصالات والطرق والطاقة. وهناك منشآت عملاقة تحت التنفيذ أو التوسعة. وقد اصبحنا محط انظار كبار المستثمرين والمقاولين العالميين الذين يطمحون لنيل حصة من كعكة النهضة الاقتصادية السعودية الجديدة.
الأمنية هي ألا تتوقف تنميتنا في الاسمنت والحديد والاسفلت والزجاج المصقول، تماماً كما حدث في أزمنة غابرة عندما غاب المواطنون عن الخريطة، وبدلاً من أن تصنع لنا الطفرة جيلاً مهنياً مؤهلاً، منحت دولارات النفط الفرصة لغير المواطنين، ليكونوا دعامة التقدم الاقتصادي واساس خبراته، وما ان انتهت مشاريعنا العملاقة وقتها حتى غادر المقاولون الكبار بأرباحهم، وعاد الموظفون الأجانب الى بلدانهم بمدخراتهم وخبراتهم وتأهيلهم الذي لا يقدر بثمن، وبقينا وحدنا نتأمل خطوط الإنتاج المبهرة وشبكات الحاسب المعقدة، وامتلأت ادراجنا بخرائط وتصاميم لم نفهمها، وابتسمنا ببلاهة لكاميرات التلفزيون توثق مشاريع التنمية، التي كانت تستعين بـ "كومبارس" من المواطنين يرتدون اللبس الوطني، ليبدوا كأنهم يشغلون المعدات ويضغطون على أزرار الأجهزة الحساسة ويملأون قاعات التدريب الفني.
لا نريد لتلك الأيام ان تعود مرة أخرى، وتلك المشاريع التي لا تضيف لرصيد خبراتنا الوطنية شيئاً لسنا بحاجة اليها، والتنمية الحقيقية لا بد من ان تكون في المواطنين ولا شيء غير المواطنين، والرصيد الذي نحن بحاجة الى مضاعفته ليس احتياطياتنا من العملات الصعبة، بل هو رصيدنا من المهارات التقنية والتأهيل الفني، وهذا وحده المقياس الحقيقي للتنمية، وفرس الرهان الرابح في سباقنا مع التحديث والتطوير.
لكل طفرة دورتها تبدأ وتصل الى قمتها ثم تتجه نحو الانحدار، ونحن البلد الذي قدرنا ان يكون اعتمادنا شبه كلي على النفط، على رغم محاولاتنا المستميتة تحفيز النشاطات الاقتصادية غير النفطية، لذا فنحن وباستثناء قد لا يتكرر وجوده في الاقتصاديات العالمية رهن لتلك الطفرات التي تحل عقداً وترحل عقدين، تماماً كمطر الصحراء النادر، فلا حياة في صحرائنا بلا مطر، ولا خصوبة ولا رعي ولا استمرار للإنسان.
هي فرصة لا تدعوها تفلت من ايدينا، وهذه الإصلاحات الاقتصادية التي تبحث عن المناخ الملائم لنمو وازدهار الاقتصاد ليتها تدخل من باب التنمية البشرية وتضع ضمانات كافية لنحتفظ بالخبرات والمهارات مهما كلف الأمر وتضاعفت المصروفات وأثرى المقاولون.
أحمد الشعلان
* نقلا عن جريدة "الحياة" اللندنية